تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب التفسير الشامل
.
لمؤلفه
أمير عبد العزيز
.
المتوفي سنة 2005 هـ
بيان إجمالي للسورة
هذه السورة مدنية، وقيل مكية. وعدد آياتها إحدى وثلاثون. وهي مبدوءة بتذكير الإنسان بأصله، إذ خلقه الله ولم يك شيئا ثم خلقه من نطفة من ماء مهين مستقذر، فجعل من عقب مراحل متطورة شتى- بشرا سويا مكتمل الفطرة والهيئة وحسن الصورة.
وفي السورة وعيد للكافرين المكذبين ليعذبهم بالسلاسل والأغلال وعذاب السعير. وفيها بشرى للمؤمنين الأبرار من العباد إذ يتنعمون في الجنة حيث الطيبات والخيرات وكل وجوه الهناء والسعادة وغير ذلك من ألوان العبرة والتذكير والتحذير.
ﰡ
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ١ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ٢ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ﴾.
هل بمعنى قد، وقيل : استفهام بمعنى التقرير. أي نعم أتى، والمراد بالإنسان هنا آدم عليه السلام. واختلفوا في المراد بقوله :﴿ حين من الدهر ﴾ فقد قيل : أربعون سنة مرت بآدم قبل أن ينفخ فيه الروح. وقيل : المراد مدة خلقه من طين ثم من حمأ مسنون ثم من صلصال كالفخار. فإنه خلال هذه المدة لم يكن آدم بعد شيئا مذكورا للخلق، وإن كان مذكورا عند الله.
قوله :﴿ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه ﴾ أي خلق الله الإنسان من بني آدم من ماء ﴿ أمساج ﴾ أي أخلاط ممتزج بعضه ببعض، فقد امتزج الماءان وهما ماء الرجل وماء المرأة ﴿ نبتليه ﴾ أي نختبره بالخير والشر. وقيل : نختبره بالتكاليف، بالعمل والطاعة، وبالأوامر والنواهي.
قوله :﴿ فجعلناه سميعا بصيرا ﴾ أي جعلناه ذا سمع وبصر ليتمكن بهما من الطاعة والتزام التكاليف تحقيقا للابتلاء.
قوله :﴿ إنا هديناه السبيل ﴾ يعني إنا بينا ووضحنا له طريق الحق والصواب. أو بينا له طريق الخير وطريق الشر ليهتدي وينجو فلا يضل أو يتعثر.
قوله :﴿ إما شاكرا وإما كفورا ﴾ شاكرا وكفورا، منصوبان على الحال من الهاء في ﴿ هديناه ﴾ والمعنى : إما شاكرا لأنعم الله بطاعته والإذعان لجلاله بالخضوع والاستسلام، فهو بذلك سعيد. وإما كفورا جاحدا لأنعم الله بعصيانه وفسقه عن أمره، فهو بذلك شقي خاسر. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل الناس يغدو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها " .
قوله تعالى :﴿ إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا ﴾.
ذلك إخبار من الله عما توعّد به المشركين الظالمين من سوء العذاب والنكال، وما وعد به المؤمنين الأبرار من كريم الجزاء في الجنة فقال سبحانه :﴿ إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا ﴾ أرصد الله للجاحدين المكذبين ﴿ سلاسلا ﴾ يعني قيودا يوثقون بها في جهنم ﴿ وأغلالا ﴾ جمع غل وهو ما تغلّ به أيديهم إلى أعناقهم ﴿ وسعيرا ﴾ أي نارا متأججة متسعّرة.
قوله :﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ﴾ الأبرار، أهل الصدق والبر والتقوى. وفي الحديث : " الأبرار الذين لا يؤذون أحدا " فهؤلاء جزاؤهم أنهم ﴿ يشربون من كأس ﴾ وهو إناء فيه شراب ﴿ كان مزاجها كافورا ﴾ أي كان ما تمزج به كافورا. والكافور، اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور ورائحته وبرده.
قوله :﴿ عينا يشرب بها عباد الله ﴾ عينا، بدل من كافور. فالكافور اسم لعين ماء في الجنة ﴿ يشرب بها عباد الله ﴾ أي يشربون بها الخمر. كما تقول شربت الماء بالعسل ﴿ يفجرونها تفجيرا ﴾ أي يجرونها من منالهم حيث شاءوا ﴿ تفجيرا ﴾ أي سهلا غير ممتنع عليهم.
قوله :﴿ يوفون بالنّذر ﴾ وهذه بعض خصال المؤمنين الأبرار. فهم لا يخلفون نذورهم بل إنهم يوفون بها. والنذر، ما أوجبه المكلف على نفسه من شيء يفعله أو قول يقوله. أو هو إيجاب المكلف على نفسه من الطاعات ما لو لم يوجبه لم يلزمه كما لو نذر أن يصلي أو يصوم أو يتصدق أو يعتمر أو غير ذلك من وجوه الطاعة أو المباح فما كان من نذر في طاعة أو مباح فقد لزم الوفاء به. أما ما كان في معصية فلا يجب الوفاء به بل يجب اجتنابه. وقد روي عن عائشة ( رضي الله عنها ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ".
قوله :﴿ ويخافون يوما كان شره مستطيرا ﴾ فهم يأتمرون بأوامر الله ويجتنبون نواهيه خشية من سوء الحساب يوم القيامة. وهو اليوم الذي يستطير شره أي يعم ويشيع وينتشر ليعم أكثر العالمين.
قوله :﴿ ويطعمون الطعام على حبّه ﴾ يعني يطعمون المحاويج والعالة ﴿ على حبه ﴾ أي على قلته وحبهم إياه وحاجتهم له.
قوله :﴿ مسكينا ويتيما وأسيرا ﴾ أما المسكين فقد ذكر في حقيقته جملة أقوال، منها : أنه الذي لا شيء له فهو بذلك أسوأ حالا من الفقير. وقيل : المسكين والفقير بمعنى. فهما في القلة وسوء الحال سواء. وقيل غير ذلك.
وأما اليتيم، فهو الطفل الذي مات أبوه ولا شيء له.
وأما الأسير، فهو المأسور من أهل الشرك لدى المسلمين، فإنه يجب الإحسان إليه. ويشهد لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر بتكريم الأسارى فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغداء. وقيل : المراد بهم العبيد أو الأرقاء فقد وصّى النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليهم. فقد روي أن آخر ما وصّى به النبي صلى الله عليه وسلم كان قوله : " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ". والأخبار في وجوب الإحسان إلى الأرقاء كثيرة.
قوله :﴿ إنما نطعمكم لوجه ﴾ يقول الأبرار للمساكين والأيتام والأسارى عند بذل الصدقة أو الطعام لهم : إنما نطعمكم ابتغاء مرضاة الله وطمعا في ثوابه وخوفا من عقابه ﴿ لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ﴾ لا نبتغي بذلك منكم أجرا أو مكافأة ولا ثناءكم علينا أو شكرانكم لنا.
قوله :﴿ إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ﴾ وصف اليوم بالعبوس على سبيل المجاز. والمراد صفة أهله من الأشقياء. ففي هذا اليوم العصيب تعبس الوجوه من شدة الأهوال والكروب. قال ابن عباس : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرق كالقطران. والقمطرير، معناه الطويل. وقيل : الشديد. أو كلا الوصفين يتصف به يوم القيامة. فهو يوم بالغ الطول، عظيم الشدة.
قوله :﴿ فوقاهم الله شر ذلك اليوم ﴾ أي دفع الله عنهم في هذا اليوم الرهيب ما فيه من الشدائد وألوان العذاب، ونجاهم بفضله ورحمته.
قوله :﴿ ولقّاهم نضرة وسرورا ﴾ أي أعطاهم حسنا في وجوههم وحبورا في قلوبهم. فوجوههم حينئذ مسفرة مستبشرة، تعلوها النضرة والوضاءة، وقلوبهم آمنة مطمئنة وقد غمرها الحبور والبهجة.
قوله :﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ﴾ أثابهم الله بصبرهم في الدنيا على طاعته والتزام شرعه وأحكام دينه ﴿ جنة وحريرا ﴾ أي أدخلهم الله الجنة وألبسهم فيها الحرير. وهو اللباس الناعم الفاخر الذي حرم عليهم لبسه في الدنيا.
قوله تعالى :﴿ متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ١٣ ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا ١٤ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا ١٥ قواريرا من فضة قدروها تقديرا ١٦ ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ١٧ عينا فيها تسمى سلسبيلا ١٨ ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ١٩ وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ٢٠ عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ٢١ إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ﴾.
ذلك إخبار من الله عن أهل الجنة وما يرتعون فيه من النعيم والطيبات مما لا يخطر على بال أو خيال. ولا يجد المرء من الكلمات البينات ما يكشف عن أنعم الجنة وطيباتها كالقرآن في آياته العجاب وكلماته المذهلة العذاب. وذلكم هو قوله :﴿ متكئين فيها على الأرائك ﴾ متكئين منصوب على الحال من الهاء والميم في قوله :﴿ وجزاهم ﴾ وذلك من الاتكاء وهو الجلوس أو الاضطجاع على الأرائك، ومفرده أريكة وهي السرير ﴿ لايرون فيها شمسا ولا زمهريرا ﴾ ليس في الجنة حر شديد كحر الدنيا بشمسها الحارقة ﴿ ولا زمهريرا ﴾ وهو البرد المفرط، بل إن هواء الجنة معتدل ظليل. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هواء الجنة سجسج : لا حر ولا برد " والسجسج، الظل الممتد كما بين طلوع القمر وطلوع الشمس.
قوله :﴿ ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا ﴾ أي يستظلون بظلالها الوارفة الظليلة القريبة ﴿ وذللت قطوفها تذليلا ﴾ أي سخرت لأهل الجنة قطوفها وثمارها تسخيرا فيأخذون منها ما طاب لهم في سهولة ويسر ولين.
قوله :﴿ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب ﴾ يعني يدور على أهل الجنة خادمون بأواني الفضة وأكواب يشربون فيها شرابهم. والأكواب جمع كوب وهو الكوز الذي لا أذن له ولا عروة.
قوله :﴿ كانت قواريرا ١٥ قواريرا من فضة ﴾ وصف الآنية والأكواب ببياض الفضة في صفاء القوارير وهي من الزجاج.
قوله :﴿ قدّروها تقديرا ﴾ يعني قدرها لهم السّقاة الذين يطوفون بها عليهم فكانت على قدر شربهم وما يرتوون منه من غير زيادة ولا نقصان.
قوله :﴿ ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ﴾ يسقى المؤمنون في الجنة شرابا ممزوجا بالزنجبيل، لطيب ريحه، وطعمه المستلذ.
قوله :﴿ عينا فيها تسمى سلسبيلا ﴾ عينا، منصوب على أنه بدل من ﴿ كأسا ﴾ يعني يسقون عينا في الجنة اسمها السلسبيل وهو الشراب اللذيذ المستطاب.
قوله :﴿ ويطوف عليهم ولدان مخلدون ﴾ يبين في ذلك أن الخدم الذين يطوفون على المؤمنين في الجنة صغار الأسنان فهم ﴿ ولدان مخلدون ﴾ أي شباب غضاض، باقون على حال واحدة من النضرة والحسن، فهم لا يهرمون ولا يشيبون ولا يكبرون وإنما هم مستديمون على حالهم من الغضاضة وحسن الصّباحة. والولدان أجدر أن يكونوا خادمين للأبرار في الجنة. فهم في ذلك أنفع وأطوع وأسرع من كبار السن الذين لا يمضون أو يسعون في الغالب إلا في تثاقل.
قوله :﴿ إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ﴾ يعني إذا نظرت إليهم في الجنة ظننتهم، في حسن صورهم وجمال هيئاتهم وكثرتهم أنهم لؤلؤ مبثوث مفرق في مجالس الجنة ومواضعها. وقد شبههم باللؤلؤ لبياضهم ونقائهم وصفاء ألوانهم وحسن صباحتهم والولد الوضيء الصبيح في جمال فطرته وبراءة طبعه وصباحة وجهه وطلعته لا جرم يثير في نفس الناظر فيضا من الرحمة والرّقة والبهجة والتحنان.
قوله :﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ﴾ يعني إذا نظرت يا محمد ببصرك ﴿ ثم ﴾ أي هناك في الجنة حيث السعة والنعيم وما فيها من الخيرات والبركات والحبور ﴿ رأيت نعيما وملكا كبيرا ﴾ أي واسعا هنيئا. وقيل : الملك الكبير، يراد به تسليم الملائكة على أهل الجنة واستئذانهم عليهم.
قوله :﴿ عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ﴾ أي فوق هؤلاء الأبرار في الجنة ثياب سندس، أي ثياب من ديباج رقيق حسن ﴿ خضر ﴾ صفة للثياب ﴿ وإستبرق ﴾ معطوف على السندس، وهو ما غلظ من الديباج ﴿ وحلّوا أساور من فضة ﴾ أساور جمع أسورة. والمفرد سوار يعني، يلبسون في الجنة أسورة من فضة ليتحلوا بها، ويبتهجوا بها أيما ابتهاج.
قوله :﴿ وسقاهم ربهم شرابا طهورا ﴾ أي سقى الله هؤلاء الأبرار في الجنة شرابا طهورا. أي يظل في أبدانهم طاهرا فلا ينجس ولا يصير بولا ولكنه يرشح من أبدانهم كرشح المسك. وقيل : يطهر بواطنهم من أدران الغل والحسد والحقد وغير ذلك من الصفات الذميمة.
قوله :﴿ إن هذا لكم جزاء ﴾ أي هذا الذي رزقتموه في الجنة من النعيم الدائم كان ثوابا لكم من الله جزاء إيمانكم بربكم وطاعتكم له ﴿ وكان سعيكم مشكورا ﴾ لقد تقبل الله منكم الطاعة وصالح الأعمال في الدنيا. أو رضي الله منكم أعمالكم وطاعتكم في الدنيا فأثابكم عليها ما أثابكم من التكريم وجزيل النعم.
قوله تعالى :﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ٢٣ فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ٢٤ واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ٢٥ ومن الليل فاسجد له وسبّحه ليلا طويلا ٢٦ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ٢٧ نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ٢٨ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ٢٩ وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ٣٠ يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ﴾.
يمن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم أن نزل عليه القرآن فيحرضه بذلك على الصبر على أذى المشركين وصدهم وجهالتهم وأن يمضي لأمر ربه صابرا لا يلين ولا يتزعزع. وهو قوله سبحانه :﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ﴾ نحن، في موضع نصب على أنه صفة لاسم " إن " ونزلنا جملة فعلية في موضع رفع خبر إن ويخاطب الله بذلك رسوله الكريم مبينا له : أن القرآن تنزيل من رب العالمين وأنه متفرقا، يعني آية بعد آية ولم ينزل جملة واحدة. وذلك مستفاد من قوله :﴿ نزلنا ﴾.
قوله :﴿ فاصبر لحكم ربك ﴾ اصبر على ما ابتليت به من تبليغ الرسالة وأداء الأمانة للعالمين ولا تبتئس مما يصيبك من أذى المشركين وافترائهم عليك وصدهم عن دينك ﴿ ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴾ الآثم، الفاجر المتلبّس بالإثم والخطيئة. والكفور، الجاحد المكذب. نزلت هذه الآية في العدو الأثيم الكفور أبي جهل، إذ قال : إن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه فأنزل الله الآية على رسوله محرضا له على الصبر واحتمال المكاره في سبيل الله وأن يمضي لما أمره الله به من وجيبة التبليغ.
قوله :﴿ واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ﴾ يعني صلّ لربك أول النهار وآخره. والمراد بذلك صلاة الصبح فهي أول النهار ثم صلاة الظهر والعصر فهي آخره.
قوله :﴿ ومن الليل فاسجد له ﴾ أي صل لله من النوافل في بعض الليل. أو المراد بذلك صلاة المغرب والعشاء ﴿ وسبّحه ليلا طويلا ﴾ أي تهجّد له من النوافل في أكثر الليل.
قوله :﴿ إن هؤلاء يحبون العاجلة ﴾ يعني هؤلاء المشركين المعرضين عن عقيدة الحق والتوحيد يحبون الحياة العاجلة الزائلة الفانية وهي الدنيا، ويرغبون في زينتها وشهواتها ومتاعها، ويؤثرون ذلك على دار البقاء في الآخرة.
قوله :﴿ ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ﴾ ويتركون خلف ظهورهم العمل للآخرة حيث النجاة الدائمة والسعادة الأبدية، أو الشقاء المقيم والعذاب الواصب. واستعير الثقل ليوم القيامة لعظيم شدائده وأهواله.
قوله :﴿ نحن خلقناهم وشددنا أسرهم ﴾ الأسر معناه الخلق والمعنى : نحن خلقنا هؤلاء المشركين المكذبين من طين وشددنا خلقهم بتوصيل عظامهم وأعصابهم ومفاصلهم بعضها إلى بعض.
قوله :﴿ وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ﴾ يعني لو نشاء لأهلكناهم وجئنا بأطوع لله منهم. وهو قول ابن عباس. أو لو شئنا لذهبنا بهؤلاء المشركين المكذبين وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم وأمثالهم من الخلق لكنهم مؤمنون بالله مذعنون لجلاله.
قوله :﴿ إن هذه تذكرة ﴾ هذه السورة أو الآيات موعظة للمتعظين وعبرة للمعتبرين ﴿ فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ أي اتخذ طريقا أو وسيلة توصل إلى طاعة الله ورضاه. أو توصل إلى النجاة من العذاب والفوز بالجنة.
قوله :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾ ما تشاءون أن تتخذوا ذلك السبيل المفضي إلى طاعة الله ورضاه، أو إلى النجاة والسعادة والجنة إلا أن يشاء الله لكم ذلك. فالأمر كله بين يديه وما من شيء إلا هو صائر إليه.
قوله :﴿ إن الله كان عليما حكيما ﴾ الله عليم بأعمالكم وأحوالكم، ومصائركم، وهو سبحانه حكيم في تدبيره أموركم.
قوله :﴿ يدخل من يشاء في رحمته ﴾ يدخل الله من يشاء من عباده المؤمنين الطائعين المنيبين إليه في رحمته ليفوزوا برضاه والجنة ﴿ والظالمين أعد لهم عذابا أليما ﴾ الظالمين، منصوب بتقدير فعل، وتقديره : ويعذب الظالمين يعني أعد الله للظالمين عذابا وجيعا.