تفسير سورة النصر

التفسير الشامل
تفسير سورة سورة النصر من كتاب التفسير الشامل .
لمؤلفه أمير عبد العزيز . المتوفي سنة 2005 هـ
هذه السورة مدنية، وآياتها ثلاث.

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ١ ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ٢ فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ﴾.
نزلت هذه السورة في منصرف النبي صلى الله عليه وسله من غزوة حنين ١.
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس : لما نزلت ﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعيت إليّ نفسي "، ومن أجل ذلك سميت هذه السورة سورة " التوديع "، وهي آخر سورة نزلت.
وثبت من رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح : " لا هجرة، ولكن جهاد ونية، ولكن إذا استنفرتم فانفروا " ٢.
قوله :﴿ إذا جاء نصر الله والفتح ﴾ النصر معناه الإعانة والتقوية أو الإغاثة٣. والفتح معناه الإظهار على العدو. ومنه نصر الله الأرض أي غاثها، والفتح : فتح البلاد. والمراد بالنصر في الآية هو نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين. والمراد بالفتح : فتح مكة.
١ أسباب النزول للنيسابوري ص ٣٠٨..
٢ تفسير ابن كثير جـ ٤ ص ٥٦٢..
٣ المصباح المنير جـ ٢ ص ٢٧٦..
قوله :﴿ ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ﴾ يعني ورأيت الناس من صنوف قبائل العرب – بعد أن نصرك الله، وفتح عليك مكة - يدخلون في دين الإسلام أفواجا، أي زمرا زمرا. وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب، وأقام بها خمس عشرة ليلة، ثم خرج إلى هوازن. وحين دخلها وقف على باب الكعبة ثم قال : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده " ثم قال : " يا أهل مكة، ما ترون أني فاعل بكم ؟ " قالوا : خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم. قال : " اذهبوا، فأنتم الطلقاء " فأعتقهم رسول الله. فلذلك سمي أهل مكة الطلقاء، ثم بايعوه على الإسلام.
قوله :﴿ فسبح بحمد ربك واستغفره ﴾ فسبح، من التسبيح وهو التنزيه. أي نزهه عما لا يليق بكماله من الصفات ﴿ واستغفره ﴾ أي سله الغفران ﴿ إنه كان توابا ﴾ الله تواب رحيم، يستر على التائبين المستغفرين ذنوبهم وسيئاتهم. وقد روي عن عائشة ( رضي الله عنها ) قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت : " سبحانك الله وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك " ١.
١ الكشاف جـ ٤ ص ٢٩٤ وتفسير القرطبي جـ ٢٠ ص ٢٣١..
Icon