تفسير سورة الفلق

التفسير الشامل
تفسير سورة سورة الفلق من كتاب التفسير الشامل .
لمؤلفه أمير عبد العزيز . المتوفي سنة 2005 هـ
هذه السورة مكية، وآياتها خمس.

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ قل أعوذ برب الفلق ١ من شر ما خلق ٢ ومن شر غاسق إذا وقب ٣ ومن شر النفاثات في العقد ٤ ومن شر حاسد إذا حسد ﴾.
هذه السورة وسورة " الناس " تسميان بالمعوذتين. فإنهما يستعاذ بهما من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة. يستعاذ بهما من الحسد والحاسدين، ليدفع الله بفضل قراءتهما الشرور والمكاره عن المستعيذ.
قوله :﴿ أعوذ برب الفلق ﴾ والفلق، معناه الصبح. وقيل : معناه الخلق كله١، فإن الله يأمر نبيه أن يستعيذ بالله مالك الصبح والخلق أجمعين.
١ مختار الصحاح ص ٥١١..
قوله :﴿ من شر ما خلق ﴾ أي من شر كل مخلوق في هذه الدنيا يخشى وقوع شره وأذاه من الإنس والجن.
قوله :﴿ ومن شر غاسق إذا وقب ﴾ الغاسق : الليل إذا هجم ظلامه. ووقب : أي دخل. والمعنى : أعوذ برب كل شيء من شر الليل إذا أقبل على الناس بظلامه. فإنه في مثل هذا الوقت من سواد الليل تخرج السباع من آجامها، والهوام من جحورها، وينفلب الأشرار ليعيثوا في الأرض الفساد. ومن أجل ذلك أمر الله نبيه أن يستعيذ بربه ورب كل شيء مما حواه الليل من أسباب الأذى والشر والمكروه.
قوله :﴿ ومن شر النفاثات في العقد ﴾ يعني السواحر إذا رقين ونفثن في العقد. قال الزمخشري في تأويل النفاثات : النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين. والنفث معناه، النفخ مع ريق.
قوله :﴿ ومن شر حاسد إذا حسد ﴾ الحسد معناه تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها، أما تمني مثلها وإن لم تزل فهذه غبطة، وهي مباحة، لكن الحسد شر مذموم. فهو أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي الله به في الأرض. فقد حسد إبليس آدم، وحسد قابيل أخاه هابيل. لا جرم أن الحسد رذيلة ممقوتة وذميمة ؛ بل إنه من أشد المفاسد شرا وقبحا. وليس الحاسد إلا ممقوتا مبغوضا، قد حاقت به اللعنة، ونزل به الخسار. حفظنا الله من شر الحسد والحساد، ودفع عنا أذاهم وسوء نواياهم١.
١ تفسير الطبري جـ ٣٠ ص ٢٢٦ –٢٢٨ والكشاف جـ ٤ ص ٣٠١..
Icon