تفسير سورة الفلق

التفسير الحديث
تفسير سورة سورة الفلق من كتاب التفسير الحديث .
لمؤلفه دروزة . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الفلق
في السورة تعليم رباني بالاستعاذة بالله من أسباب المخاوف والهواجس في معرض تدعيم وحدة الله، ونبذ ما سواه.
وبعض الروايات تذكر أنها مكية، وبعضها تذكر أنها مختلف في مكيتها ومدنيتها، ومعظم روايات ترتيب النزول تسلكها في سلك السور المكية المبكرة في النزول، وأسلوبها يسوغ ترجيح مكيتها، وتبكير نزولها.
ولقد روى البخاري ومسلم والترمذي عن عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى يقرأ على نفسه المعوذتين وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح بيده رجاء بركتها )١.
وروى البخاري عنها أيضا :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما ﴿ قل هو الله أحد ﴾ و﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾ و﴿ قل أعوذ برب الناس ﴾، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده. يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات )٢.
وروى مسلم والترمذي عن عقبة بن عامر قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألم تر آيات أنزلت عليّ الليلة لم ير مثلهن قط ؟ ﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾ و﴿ قل أعوذ برب الناس ﴾ " ٣.
وروى أبو داود والنسائي عن عقبة أيضا قال :( كنت أقود لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ناقته، فقال لي : " يا عقبة، ألا أعلمك خير سورتين قرئتا " ؟ فعلمني :﴿ قل أعوذ برب الفلق ﴾ و﴿ قل أعوذ برب الناس ﴾ " ٤.
وروى الاثنان نفسهما عن عقبة كذلك قال :( بينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء إذا غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالمعوذتين ويقول : " يا عقبة تعوذ بهما، فما تعوذ متعوذ بمثلهما ". قال : وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة " ٥. وروى الترمذي بسند حسن عن عقبة أيضا قال : " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة " ٦.
والمتبادر أن ما احتوته السورتان من بث السكينة والطمأنينة في النفس، وتعليم اللجوء إلى الله تعالى وحده، والاستعاذة به في ظروف المخاوف والأزمات النفسية المتنوعة، من الحكمة المنطوية في الأحاديث، وهي حكمة مستمرة الفائدة لاستمرار دواعيها.
١ - التاج جـ ٤ ص ٢٤..
٢ - المصدر نفسه.
٣ - المصدر نفسه..
٤ - التاج جـ٤ ص ٢٤..
٥ - المصدر نفسه ص ٢٤ – ٢٥..
٦ - المصدر نفسه..

( ١ ) أعوذ : أحتمي وألتجئ.
( ٢ ) الفلق : أوجه الأقوال أنه فلق الصبح أو الفجر ؛ حيث ينفلق من ظلمة الليل.
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ قل أعوذ١ برب الفلق٢ ( ١ ) من شر ما خلق( ٢ ) ومن شر غاسق٣ إذا وقب٤ ( ٣ ) ومن شر النفاثات في العقد٥ ( ٤ ) ومن شر حاسد إذا حسد( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
في آيات السورة تعليم رباني بالاستعاذة بالله من شر ما خلق، ومن الظلام إذا انتشر وخيم، ومن السحرة ونفثاتهم، ومن الحاسدين.
والمتبادر أن ما علمته السورة يتصل بالمخاوف التي كان العرب يخافونها حين تنزيلها ممتدا إلى ما قبل ذلك.
فقد كانوا يخافون من الظلام، ويعتقدون أن الجن يظهرون ويتعرضون للناس فيه، حتى إنهم كانوا إذا نزلوا واديا بالليل هتفوا مستعيذين ومستجيرين بسكان الوادي من الجن، ليكونوا في جوارهم وحمايتهم، فتطمئن بذلك قلوبهم١. وكان عندهم سحرة وساحرات يستعين الناس بهم على تحقيق رغباتهم وشهواتهم، وكان مما يفعله هؤلاء عقد العقد في الخيوط، والنفث فيها، وتلاوة التعاويذ عليها، وكان العرب يعتقدون بنفع ذلك وضرره٢.
وكانوا يعتقدون بتأثير الحسد وعيون الحاسدين. فإذا كان لأحدهم ولد أو بستان أو دابة محببة فأصيب بعارض مفاجئ فسروه بعين أصابته، وحسود حسده٣.
وعلى هذا فالمتبادر أن الهدف الذي استهدفته السورة هو تثبيت فكرة القدرة الإلهية وشمولها، وكون الله عز وجل وحده هو النافع والضار، ووجوب عدم الاستعاذة أو الاستعانة بغيره عندما ينبعث في نفوسهم خوف أو هاجس أو اضطراب، وتلقين كون الله هو القادر وحده على تسكين الروع، وإدخال الطمأنينة إلى القلب، ودفع الضرر، وتحقيق النفع، ووجوب الالتجاء إليه وحده، والاستعاذة به وحده. وهذا مما يتصل بمبدأ أساسي من مبادئ الدعوة وهو الإيمان بالله وحده، ونبذ ما سواه خضوعا وعبادة ودعاء ورجاء.
وننبه على أن السورة ليست بسبيل تقرير قدرة النفاثات في العقد على إيراث النفث والضرر، ولا تأثير الحاسد في المال والنفس والولد، ولا يدل مضمونها وأسلوبها على ذلك. وإنما هي كما قلنا بسبيل التعليم والتلقين والتطمين، ومعالجة ما هو مستقر في أذهان الناس من بواعث الخوف، ومعالجة روحية بالاعتماد على الله وحده، والالتجاء إليه وحده.
( ٣ ) غاسق : الليل والظلمة.
( ٤ ) وقب : خيّم أو انتشر.
﴿ قل أعوذ١ برب الفلق٢ ( ١ ) من شر ما خلق( ٢ ) ومن شر غاسق٣ إذا وقب٤ ( ٣ ) ومن شر النفاثات في العقد٥ ( ٤ ) ومن شر حاسد إذا حسد( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
في آيات السورة تعليم رباني بالاستعاذة بالله من شر ما خلق، ومن الظلام إذا انتشر وخيم، ومن السحرة ونفثاتهم، ومن الحاسدين.
والمتبادر أن ما علمته السورة يتصل بالمخاوف التي كان العرب يخافونها حين تنزيلها ممتدا إلى ما قبل ذلك.
فقد كانوا يخافون من الظلام، ويعتقدون أن الجن يظهرون ويتعرضون للناس فيه، حتى إنهم كانوا إذا نزلوا واديا بالليل هتفوا مستعيذين ومستجيرين بسكان الوادي من الجن، ليكونوا في جوارهم وحمايتهم، فتطمئن بذلك قلوبهم١. وكان عندهم سحرة وساحرات يستعين الناس بهم على تحقيق رغباتهم وشهواتهم، وكان مما يفعله هؤلاء عقد العقد في الخيوط، والنفث فيها، وتلاوة التعاويذ عليها، وكان العرب يعتقدون بنفع ذلك وضرره٢.
وكانوا يعتقدون بتأثير الحسد وعيون الحاسدين. فإذا كان لأحدهم ولد أو بستان أو دابة محببة فأصيب بعارض مفاجئ فسروه بعين أصابته، وحسود حسده٣.
وعلى هذا فالمتبادر أن الهدف الذي استهدفته السورة هو تثبيت فكرة القدرة الإلهية وشمولها، وكون الله عز وجل وحده هو النافع والضار، ووجوب عدم الاستعاذة أو الاستعانة بغيره عندما ينبعث في نفوسهم خوف أو هاجس أو اضطراب، وتلقين كون الله هو القادر وحده على تسكين الروع، وإدخال الطمأنينة إلى القلب، ودفع الضرر، وتحقيق النفع، ووجوب الالتجاء إليه وحده، والاستعاذة به وحده. وهذا مما يتصل بمبدأ أساسي من مبادئ الدعوة وهو الإيمان بالله وحده، ونبذ ما سواه خضوعا وعبادة ودعاء ورجاء.
وننبه على أن السورة ليست بسبيل تقرير قدرة النفاثات في العقد على إيراث النفث والضرر، ولا تأثير الحاسد في المال والنفس والولد، ولا يدل مضمونها وأسلوبها على ذلك. وإنما هي كما قلنا بسبيل التعليم والتلقين والتطمين، ومعالجة ما هو مستقر في أذهان الناس من بواعث الخوف، ومعالجة روحية بالاعتماد على الله وحده، والالتجاء إليه وحده.
( ٥ ) ﴿ النفاثات في العقد ﴾ : النفث هو : النفخ، واصطلاحا هو تمتمة السحرة ونفثهم. والعقد جمع عقدة، والجملة كناية عن أعمال السحرة والساحرات، حيث كانوا يعقدون عقدا في خط وينفثون عليها وهم يتلون تعاويذهم وتمتماتهم حينما كانوا يريدون أن يصنعوا سحرا لأحد بسبيل منعه من عمل، أو حمله على عمل، أو جعله مريضا إلخ...
﴿ قل أعوذ١ برب الفلق٢ ( ١ ) من شر ما خلق( ٢ ) ومن شر غاسق٣ إذا وقب٤ ( ٣ ) ومن شر النفاثات في العقد٥ ( ٤ ) ومن شر حاسد إذا حسد( ٥ ) ﴾ [ ١-٥ ].
في آيات السورة تعليم رباني بالاستعاذة بالله من شر ما خلق، ومن الظلام إذا انتشر وخيم، ومن السحرة ونفثاتهم، ومن الحاسدين.
والمتبادر أن ما علمته السورة يتصل بالمخاوف التي كان العرب يخافونها حين تنزيلها ممتدا إلى ما قبل ذلك.
فقد كانوا يخافون من الظلام، ويعتقدون أن الجن يظهرون ويتعرضون للناس فيه، حتى إنهم كانوا إذا نزلوا واديا بالليل هتفوا مستعيذين ومستجيرين بسكان الوادي من الجن، ليكونوا في جوارهم وحمايتهم، فتطمئن بذلك قلوبهم١. وكان عندهم سحرة وساحرات يستعين الناس بهم على تحقيق رغباتهم وشهواتهم، وكان مما يفعله هؤلاء عقد العقد في الخيوط، والنفث فيها، وتلاوة التعاويذ عليها، وكان العرب يعتقدون بنفع ذلك وضرره٢.
وكانوا يعتقدون بتأثير الحسد وعيون الحاسدين. فإذا كان لأحدهم ولد أو بستان أو دابة محببة فأصيب بعارض مفاجئ فسروه بعين أصابته، وحسود حسده٣.
وعلى هذا فالمتبادر أن الهدف الذي استهدفته السورة هو تثبيت فكرة القدرة الإلهية وشمولها، وكون الله عز وجل وحده هو النافع والضار، ووجوب عدم الاستعاذة أو الاستعانة بغيره عندما ينبعث في نفوسهم خوف أو هاجس أو اضطراب، وتلقين كون الله هو القادر وحده على تسكين الروع، وإدخال الطمأنينة إلى القلب، ودفع الضرر، وتحقيق النفع، ووجوب الالتجاء إليه وحده، والاستعاذة به وحده. وهذا مما يتصل بمبدأ أساسي من مبادئ الدعوة وهو الإيمان بالله وحده، ونبذ ما سواه خضوعا وعبادة ودعاء ورجاء.
وننبه على أن السورة ليست بسبيل تقرير قدرة النفاثات في العقد على إيراث النفث والضرر، ولا تأثير الحاسد في المال والنفس والولد، ولا يدل مضمونها وأسلوبها على ذلك. وإنما هي كما قلنا بسبيل التعليم والتلقين والتطمين، ومعالجة ما هو مستقر في أذهان الناس من بواعث الخوف، ومعالجة روحية بالاعتماد على الله وحده، والالتجاء إليه وحده.
Icon