ﰡ
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» : اسم عزيز إذا تجلّى لقلب فإن لاطفه بجماله أحياه، وإن كاشفه بجلاله أباده وأفناه فالعبد في حالتى: بقاء وفناء، ومحو وإثبات، ووجد وفقد.
قوله جل ذكره:
[سورة الفلق (١١٣) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤)وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (٥)
أي أمتنع وأعتصم بربّ الفلق. والفلق الصّبح.
ويقال: هو الخلق كلّهم «١». وقيل الفلق واد في جهنم «٢».
«مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ» أي من الشرور كلّها.
«وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ» قيل: الليل إذا دخل. وفي خبر. أنه ﷺ أخذ بيد عائشة ونظر إلى القمر فقال: «يا عائشة، تعوّذى بالله من شرّ هذا فإنه الغاسق إذا وقب «٣» ».
«وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ» وهن السواحر اللواتى ينفخن في عقد الخيط (عند الرّقية) ويوهمنّ إدخال الضرر بذلك.
(٢) تأخر وضع هذه العبارة قليلا فأثبتناه في موضعه.
(٣) رواه الترمذي. وقال أبو عيسى: هو حديث صحيح.
لطائف الإشارات- ج ٣-
وفي السورة تعليم استدفاع الشرور من الله. ومن صحّ توكّله على الله فهو الذي صحّ تحقّقه بالله، فإذا توكّل لم يوفّقه الله للتوكّل إلّا والمعلوم من حاله أنه يكفيه ما توكّل به عليه وإنّ العبد به حاجة إلى دفع البلاء عنه- فإن أخذ في التحرّز من «١» تدبيره وحوله وقوّته، وفهمه وبصيرته في كلّ وقت استراح من تعب تردّد القلب في التدبير، وعن قريب يرقّى إلى حالة الرضا.. كفى مراده أم لا. وعند ذلك الملك الأعظم، فهو بظاهره لا يفتر عن الاستعاذة، وبقلبه لا يخلو من التسليم والرضا. «٢»
(٢) معنى هذا أن تمام التوكّل على الله أعظم مانع للعبد من أن يلم به مكروه نتيجة سحر أو حسد ونحوهما، فلن يصيب العبد إلا ما كتبه الله له.