تفسير سورة الإخلاص

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الإخلاص من كتاب تفسير القشيري المعروف بـلطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ

سورة الإخلاص
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» «بِسْمِ اللَّهِ» كلمة عزيزة عزّ لسان ذكرها، وأعزّ منه قلب عرفها، وأعزّ من هذا روح أحبّها، وأعزّ من هذا سرّ شهدها.
ليس كلّ من قصدها وجدها، ولا كلّ من وجدها بقي معها.
قوله جل ذكره:
[سورة الإخلاص (١١٢) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)
لمّا قال المشركون: أنسب لنا ربّك. أنزل الله تعالى: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» «١» فمعنى «هُوَ» أي: الذي سألتم عنه «هُوَ» الله. ومعنى «أَحَدٌ» أي: هو أحد.
ويقال: «هُوَ» مبتدأ، و «اللَّهُ» خبره و «أَحَدٌ» خبر ثان كقولهم:
هذا حلو حامض.
«اللَّهُ الصَّمَدُ» «الصَّمَدُ» : السيّد الذي يصمد إليه في الحوائج، ويقصد إليه في المطالب. ويقال:
الكامل في استحقاق صفات المدح.
ويرجّح تحقيق قول من قال: إنه الذي لا جوف له إلى أنه واحد لا (... ) «٢»
فى ذاته.
(١) روى الترمذي ذلك عن أبى العالية. وقيل: الآية جواب لسؤال المشركين: صف لنا ربّك...
أمن ذهب هو أم من نحاس أم من صفر؟ [.....]
(٢) مشتبهة.
782
«لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ» ليس بوالد ولا مولود.
«وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ» تقديره. لم يكن أحد كفوا له.
و «أَحَدٌ» أصله وحد، ووحد، وواحد بمعنى، وكونه واحدا: أنه لا قسيم له ولا شبيه له ولا شريك له.
ويقال: السورة بعضها تفسير لبعض من هو الله؟ هو الله. من الله؟ الأحد، من الأحد؟
الصمد، من الصمد؟ الذي لم يلد ولم يولد، من الذي لم يلد ولم يولد؟ الذي لم يكن له كفوا أحد.
ويقال: كاشف الأسرار بقوله: «هُوَ». وكاشف الأرواح بقوله: «اللَّهُ» وكاشف القلوب بقوله: «أَحَدٌ» : وكاشف نفوس المؤمنين بباقي السورة.
ويقال: كاشف الوالهين بقوله: «هُوَ»، والموحّدين بقوله: «اللَّهُ» والعارفين بقوله:
«أَحَدٌ» والعلماء بقوله: «الصَّمَدُ» والعقلاء بقوله: «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ»... إلى آخره.
ويقال: لمّا بسطوا لسان الذمّ في الله أمر نبيّنا بأن يردّ عليهم فقال: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» :
أي ذبّ عنى ما قالوا، فأنت أولى بذلك. وحينما بسطوا لسان الذمّ في النبيّ ﷺ تولّى الحقّ الردّ عليهم، فقال: «ن. وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ. ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ» وقال:
«وَالنَّجْمِ إِذا هَوى. ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى» أي أنا أذبّ عنك فأنا أولى بذلك منك.
ويقال: خاطب الذين هم خاص الخواص بقوله: «هُوَ» فاستقلوا، ثم زاد لمن نزل عنهم فقال: «اللَّهُ»، ثم زاد في البيان لمن نزل عنهم.
فقال: «أَحَدٌ» ثم لمن نزل عنهم فقال: «الصَّمَدُ».
ويقال: الصّمد الذي ليس عند الخلق منه إلا الاسم والصفة
783
ويقال: الصمد الذي تقدّس عن إحاطة علم المخلوق به وعن إدراك بصرهم له، وعن إشراف معارفهم عليه.
ويقال: تقدّس بصمديته عن وقوف المعارف عليه.
ويقال: تنزّه عن وقوف العقول عليه.
784
Icon