ﰡ
نزلت بمكة بعد سورة الناس وهي أربع آيات وخمس عشرة كلمة، وسبعة وأربعون حرفا، لا ناسخ ولا منسوخ فيها.
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ»
قال تعالى: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١» أي واحد من حيث العدد بل واحد في الإلهية والربوبية من حيث لا شريك له ولا معين ولا وزير وهو جل شأنه فرد في الكمالية والخالقية، موصوف بصفات العظمة والجلالة، منفرد عن الشريك مبرأ عن الضد والند، منزه عن الشبيه والمثيل والنظير، لا يوصف بالأحدية غيره لأن كلمة أحد من صفاته تعالى استأثر بها نفسه والواحد يدخل في الأحد من غير عكس، ولهذا قال تعالى: إذا أردت يا سيد الرسل أن تنزه ربك الذي اختارك حبيبا، له فقل (هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، روى مسلم عن أبي الدرداء أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ جزءا من القرآن. وروى أبو هريرة ما بمعناه بلفظ اقرأ عليكم ثلث القرآن أي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كما سيأتي وروى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يرددها فلما أصبح جاء الى النبي صلّى الله عليه وسلم فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقللها فقال صلّى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده إنها تعدل ثلث القرآن وذلك أن القرآن أما ارشاد الى معرفة الله أو تقديس أوصافه وأسمائه، أو معرفة أفعاله وسنته مع عباده. ولما اشتملت هذه السورة على التقديس وازنها الرسول بثلث القرآن وسبب نزولها، قال ابن عباس، قالت قريش صف لنا ربك الذي تدعوا اليه فأنزل الله هذه السورة أي أن الذي سألتموني عنه هو الله أحد إلخ «اللَّهُ الصَّمَدُ ٢» الذي يصمد اليه كل مخلوق، الغني عن كل شيء وهو من صفات الكمال، روى البخاري في أفراده عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال الصمد السيد الذي انتهى سؤدده وفي راوية عن ابن عباس السيد الذي كمل فيه جميع أوصاف السؤدد وهو السيد المقصود في جميع الحوائج المرغوب اليه في الرغائب المستعان به عند المصائب وتفريج الكروب. ومعناه لغة هو الذي لا جوف له والشيء
هذه السورة وتلاوتها