ﰡ
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» «بِسْمِ اللَّهِ» كلمة من ذكرها نال في الدنيا والعقبى بهجته، ومن عرفها بذل فى طلبها مهجته.
كلمة إذا استولت على قلب عطّلته عن كلّ شغل، كلمة إذا واظب على ذكرها عبد أمّنته من كلّ هول.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢)الحاء تشير إلى حقّه والميم تشير إلى محبته. ومعناه: بحقي وبمحبتى لعبادى، وبكتابي العزيز إليهم: إنّى لا أعذّب أهل معرفتى بفرقتى «١».
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣ الى ٤]
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)
«فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ» : قيل هي ليلة القدر، وقيل هي النصف من شعبان وهي ليلة الصّك «٢».
أنزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا كلّ سنة بمقدار ما كان جبريل ينزل به على الرسول ﷺ «٣».
وسمّاها: «لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ» لأنها ليلة افتتاح الوصلة. وأشدّ الليالى بركة ليلة يكون العبد فيها حاضرا بقلبه، مشاهدا لربّه، يتنعّم فيها بأنوار الوصلة، ويجد فيها نسيم القربة.
(٢) من أسماء هذه الليلة: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصك.
(٣) أي على مدى ثلاث وعشرين سنة.
لا أظلم الليل ولا ادّعى... أنّ نجوم الليل ليست تزول
ليلى كما شاءت: قصير إذا... جادت، وإن ضنّت فليلى طويل
«فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» يكتب من أمّ الكتاب في هذه الليلة ما يحصل في السنة كلّها من أقسام الحوادث في الخير والشرّ، فى المحن والمنن، فى النصر والهزيمة، فى الخصب والقحط.
ولهؤلاء القوم (يعنى الصوفية) أحوال من الخصب والجدب، والوصل والفصل، والوفاق والخلاف، والتوفيق والخذلان، والقبض والبسط.. فكم من عبد ينزل له الحكم والقضاء بالبعد والشقاء، وآخر ينزل حكمه بالرّفد والوفاء.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٥ الى ٦]
أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦)
«رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» : وهي الرسول- صلى الله عليه وسلم، قال صلوات الله عليه:
«أنا رحمة مهداة» ويقال: «إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ» رحمة لنفوس أوليائنا بالتوفيق، ولقلوبهم بالتحقيق.
«إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» :«السَّمِيعُ» لأنين المشتاقين، «الْعَلِيمُ» بحنين المحبين.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٧]
رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧)
مالك السماوات والأرضين، ومالك ما بينهما- وتدخل في ذلك أكساب العباد.
وتملّكها بمعنى القدرة عليها، وإذا حصل مقدور في الوجود دلّ على أنه مفعوله لأن معنى الفعل مقدور وجد «٢».
(٢) لا حظ كيف يحاول القشيري أن يدخل في «وما بينهما» أفعال العباد، فحتى أكساب العباد- فى نظر هذا المتكلم داخلة- من حيث هي مقدورة- فى نطاق الخلق المنسوب إلى الله.
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٨]
لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨)
هذه الكلمة فيها نفى ما أثبتوه بجهلهم، وإثبات ما نفوه بجحدهم.
«رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ» : مربّى «١» أصلكم ونسلكم.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٩]
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩)
اللّعب فعل يجرى على غير ترتيب تشبيها باللّعاب الذي يسيل لا «٢» على نظام مخصوص فوصف المنافق باللّعب وذلك لتردّده وتحيّره نتيجة شكّه في عقيدته.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ١٠]
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (١٠)
هذا من أشراط الساعة إذ يتقدم عليها «٣».
وقيامة هؤلاء (يقصد الصوفية) معجّلة (أي تتم هنا في هذه الدنيا) فيومهم الذي تأتى السماء فيه بدخان مبين هو يوم غيبة الأحباب، وانسداد ما كان مفتوحا من الأبواب، أبواب الأنس بالأحباب وفي معناه قالوا:
فما جانب الدنيا بسهل ولا الضّحى | يطلق ولا ماء الحياة ببارد |
[سورة الدخان (٤٤) : آية ١١]
يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (١١).
(٢) سقطت (لا) من ص.. وهي ضرورية كما هو واضح من السياق، وهي موجودة في م، ولا تخفى على القارئ روعة الربط بين «اللعب» و «اللعاب»، ومدى السخرية من دماغ المنافق وقد ماثلت فما تتحرك فيه الشكوك تحرّك اللعاب.
(٣) هناك اتجاهان في معنى «الدخان» فى هذه الآية: أحدهما أنه- كما يذكر القشيري أنه من أشراط الساعة، خرّج الثعلبي عن حذيفة أنه سأل النبي (ص) :«يا نبى الله، ما الدخان في هذه الآية؟ فقال: هو دخان يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين ليلة ويوما، فأما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام، وأمّا الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من فمه ومنخره وعينيه وأذنيه ودبره». وأما الاتجاه الثاني فهو ما أصاب قريشا من الجوع بدعاء النبي عليهم، وقد كشفه الله عنهم. ويؤيد ابن مسعود هذا القول الثاني بهذا الكشف، لأنه لو كان قبل يوم القيامة ما كشفه الله عن الناس.
[سورة الدخان (٤٤) : آية ١٢]
رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢)
وهؤلاء يستزيدون- على العكس من الخلق- العذاب، وفي ذلك يقول قائلهم:
فكلّ مآربى قد نلت منها... سوى ملذوذ وجدي بالعذاب «١»
فهم يسألون البلاء والخلق يستكشفونه، ويقولون:
أنت البلاء فكيف أرجو كشفه... إنّ البلاء إذا فقدت بلائي
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ١٣]
أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣)
إن خالفوا دواعى قلوبهم من الخواطر «٢» التي ترد من الحقّ عليهم عوقبوا- فى الوقت بما لا يتّسع لهم ويسعفهم، فاذا أخذوا في الاستغاثة «٣» يقال لهم: أنّى لكم الذكرى وقد جاءكم الرسول «٤» على قلوبكم فخالفتم؟! قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ١٥]
إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ (١٥).
أريدك، لا أريدك للثواب... ولكنى أريدك للعقاب
(ديوان الحلاج المقطعة السابعة)
(٢) الخواطر من الحق، والهواجس والوساوس من الشيطان. [.....]
(٣) هكذا في م وهي في ص (الاستعانة) وكلاهما مقبول في السياق.
(٤) الرسول هنا- لأن الحديث هنا عن الصوفية- مقصود به ما يرد على قلوبهم من لدن الحقّ من الكشوفات والمواصلات.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ١٧ الى ٢٤]
وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)
فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤)
فتنهم «١» بعد ما أصرّوا على جحودهم ولم يرجعوا إلى طريق الرشد من نفرة عنودهم «٢».
«وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ» : يطالبهم بازالة الظلم عن بنى إسرائيل، وأن يستبصروا، واستنفرهم لله، وأظهر الحجّة من قبل الله.
«فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ» أمره بأن يسرى بعباده المؤمنين، وعرّفهم أنهم سينقذون، وأنّ عدوّهم «جُنْدٌ مُغْرَقُونَ» قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]
كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (٢٧) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨)
ما خلفوه من أحوالهم ومن رياشهم، وما تركوه من أسباب معاشهم استلبناه عنهم.
«كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ» وأسكنّا قوما آخرين في منازلهم ودورهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٢٩]
فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩)
لم يكن لهم من القدر والخطر ما يتحرك في العالم بسببهم ساكن، أو يسكن متحرك
(٢) نفر الجلد: ورم وتجافي عن اللحم، ونفرت المرأة عن زوجها: أعرضت وصدّت، ونفر من الشيء:
فزع منه وانقبض غير راض به.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣٠ الى ٣٢]
وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١) وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٢)
نجّاهم، وأقمى عدوّهم، وأهلكه.
«وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ... » أي علمنا ما يحتقبون من أوزارهم «٢»، فرفعنا- باختيارنا- من أقدارهم ما وضعه فعلهم وتدنسّهم بأوضارهم.
ويقال: «عَلى عِلْمٍ» منا بأحوالهم أنهم يؤثرون أمرنا على كل شىء.
ويقال: «عَلى عِلْمٍ» منا بمحبة قلوبهم لنا مع كثرة ذنوبهم فينا.
ويقال: «عَلى عِلْمٍ» منا بما نودع عندهم من أسرارنا، وما نكاشفهم به من حقائق حقّنا.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٣٣]
وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ (٣٣)
من مطالبته بالشكر عند الرخاء، والصبر عند الكدر والعناء «٣».
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]
إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦)
(٢) في ص (إنذارهم) والسياق يرفضها، والصواب ما في م.
(٣) لأن البلاء يكون بالنعمة والنقمة، قال تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً».
«لتخبرنا: هل أنت صادق أم لا؟» فأخبر الله- سبحانه- أنهم اقترحوا هذا بعد قيام الحجّة عليهم، وإظهار ما أزاح لهم من العذر: ثم قال جلّ ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٣٧]
أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧)
«تُبَّعٍ» هو ملك لليمن، وكان مسلما، وكان في قومه كثرة، وأهلك الله سبحانه قومه على كثرة عددهم، وكمال قوّتهم.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]
وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (٣٨) ما خَلَقْناهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٩)
ما خلقناهما إلا بالحقّ، بالحكم الحقّ وبالأمر الحقّ... «فأنا محقّ في خلقهما» : أي كان لى خلقهما.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٤٠ الى ٤٢]
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢)
وهذا القول من أبى جهل فيه ضعف لأن البعث يكون للجزاء لا للتكليف.
ولا ينالهم نصر إلا من رحمه الله وبفضله ونعمته.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٤٣ الى ٤٦]
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦)
«الْأَثِيمِ» مرتكب الذنوب. «المهل» : النحاس المذاب. «الْحَمِيمِ» : الماء الحار.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]
خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠)
ادفعوا به إلى وسط الحميم. ويقال له:
«ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ» :
أنت كذلك عند قومك، ولكنك عندنا ذليل مهين.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٥١ الى ٥٣]
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (٥١) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٢) يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ (٥٣)
آمنين من المجن من جميع الوجوه، لباسهم من حرير، وفراشهم من سندس وإستبرق، «مُتَقابِلِينَ» : لا يبرحون ولا يبغون عنها حولا.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : آية ٥٤]
كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤)
تباح لهم صحبتهن، ولا يكون في الجنة عقد تزويج ولا طلاق، ويمكّن الوليّ بهذه الأوصاف من هذه الألطاف. ثم قد يختطف قوم من بين هذه الأسباب، فيتحررون عن هذه الجملة فكما أنهم في الدنيا مختطفون عن كلّ العلائق فإنهم في الآخرة تطمع الحور العين فى صحبتهم فيستلبهم الحقّ عن كلّ شىء. «١»
إن ذا الحب لمن يفنى له... لا لدار ذات لهو وطرف
لا ولا الفردوس- لا يألفها... لا ولا الحوراء من فوق غرف
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]
لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٥٦) فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧)
الموتة الأولى هي بقبض أرواحهم في الدنيا، ويقيهم الله في الآخرة العذاب بفضله، وذلك هو الظّفر بالبغية، ونجاح السّؤل.
قوله جل ذكره:
[سورة الدخان (٤٤) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)
يا محمد، ليتذكر به أهلك، فارتقب العواقب تر العجائب. إنهم يرتقبون، ولكن لا يرون إلا ما يكرهون.