تفسير سورة الدّخان

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الدخان من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة الدخان
أهداف سورة الدخان
سورة الدخان مكية، نزلت في الفترة الأخيرة من حياة المسلمين بمكة، بعد الإسراء وقبيل الهجرة، وآياتها ٥٩ آية، نزلت بعد سورة الزخرف، وقد سميت سورة الدخان لقوله تعالى فيها :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ﴾. ( الدخان : ١٠ ).
أفكار السورة
قال الفيروزبادي :
معظم مقصود سورة الدخان هو : نزول القرآن في ليلة القدر، وآيات التوحيد، والشكاية من الكفار، وحديث موسى وبني إسرائيل وفرعون، والرد على منكري البعث، وذل الكفار في العقوبة، وعز المؤمنين في الجنة، والمنة على الرسول بتيسير القرآن على لسانه في قوله تعالى :﴿ فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ﴾. ( الدخان : ٥٨ ).
فضل السورة
سورة الدخان سورة يكثر المسلمون قراءتها، خصوصا ليلة النصف من شعبان، وليلة القدر في رمضان، وليلة الجمعة، وهي تبدأ ببيان أن القرآن أنزل من السماء في ليلة مباركة، يحمل الرحمة والهدى من رب العالمين، ثم تنذر المشركين بالعذاب، وتذكر طرفا من قصة موسى مع فرعون، ثم تذكر مشاهد القيامة، وفيها نعيم المتقين، وعقاب المشركين.
ومن السنة قراءة سورة الدخان ليلة الجمعة لتثبيت الإيمان وتقوية اليقين بقدرة الله رب العالمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له )١.
سياق السورة
سورة الدخان سريعة الإيقاع، قصيرة الفواصل، لها سمات السور المكية، إذ تشتمل على صور عنيفة متقاربة، ونذر متكررة، تشبه المطارق التي تقع على أوتار القلب البشري. " ويكاد سياق السورة أن يكون كله وحدة متماسكة ذات محور واحد، تشد إليه خيوطها جميعا، سواء في ذلك القصة، ومشهد القيامة، ومصارع الغابرين، والمشهد الكوني، والحديث المباشر عن قضية التوحيد والبعث والرسالة، فكلها وسائل ومؤثرات لإيقاظ القلب البشري، واستجاشته لاستقبال حقيقة الإيمان حية نابضة، كما يبثها هذا القرآن في القلوب " ٢.
تبدأ السورة بهذه الآيات القصيرة المتلاحقة، المتعلقة بالكتاب والإنذار والرسالة والهداية :﴿ حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم * أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ﴾. ( الدخان : ١-٥ ).
ثم تعريف للناس بربهم، رب السماوات والأرض وما بينهما، وإثبات الوحدانية لله المحيي المميت، رب الأولين والآخرين.
ثم يضرب السياق عن هذا الحديث ليتناول شأن القوم :﴿ بل هم في شك يلعبون ﴾. ( الدخان : ٩ ).
ويعاجلهم بالتهديد المرعب جزاء الشك واللعب :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين * يغشى الناس هذا عذاب أليم ﴾. ( الدخان : ١٠، ١١ ).
ثم ذكر ما يكون من دعائهم لله أن يكشف عنهم العذاب، وإعلانهم الاستعداد للإيمان في وقت لا يقبل منهم فيه إيمان.
وتذكيرهم بأن هذا العذاب لم يأت بعد، وهو الآن عنهم مكشوف، فلينتهزوا الفرصة قبل أن يعودوا إلى ربهم فيكون ذلك العذاب المخيف :﴿ يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ﴾. ( الدخان : ١٦ ).
ومن هذا الإيقاع العنيف بمشهد العذاب، ومشهد البطشة الكبرى والانتقام، ينتقل بهم إلى مصرع فرعون وملئه، يوم جاءهم رسول كريم يدعوهم إلى الإيمان بالله، فأبوا أن يستجيبوا لدعوته، وهموا بالانتقام من موسى فأغرقهم الله، وتركوا وراءهم الجنات والزروع، والفاكهة والمقام الكريم، يستمتع بها سواهم، ويذوقون هم عذاب السعير.
وفي غمرة هذا المشهد الموحى يعود إلى الحديث عن تكذيبهم بالآخرة وإنكارهم للبعث وقولهم :﴿ إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين * فاتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ﴾. ( الدخان : ٣٥، ٣٦ ).
ليذكرهم بأنهم ليسوا أقوى من قوم تُبَّع الذين هلكوا لإجرامهم، ويربط السياق بين البعث وحكمة الله في خلق السماوات والأرض، فلم يخلقهما عبثا وإنما لحكمة سامية، هي أن تكون الدنيا للعمل والابتلاء، والآخرة للبعث والجزاء.
ثم يحدثهم عن يوم الفصل :﴿ ميقاتهم أجمعين ﴾. ( الدخان : ٤٠ ). وهنا يعرض مشهدا عنيفا لعذاب المكذبين، إنهم يأكلون من شجرة مؤلمة، طعامها مثل الزيت المغلي -وهو المهل- يغلى في البطون كغلي الحميم، ويشد المجرم شدا في جفوة وإهانة، ويصب فوق رأسه من الحميم الذي يكوي ويشوي.
ومع الشد والجذب، والدفع والعتل والكي، التأنيب والإهانة، جزاء الشك والتكذيب بالبعث والجزاء :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ).
وفي الجانب الآخر من ساحة القيامة نجد المتقين في مقام أمين، يلبسون الحرير الرقيق وهو السندس، والحرير السميك وهو الإستبرق، ويجلسون متقابلين يسمرون ويتمتعون بالحور العين، و بالخلود في دار النعيم :﴿ فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم ﴾. ( الدخان : ٥٧ ).
ثم يأتي الختام يذكرهم بنعمة الله في تيسير هذا القرآن على لسان الرسول العربي، الذي يفهمون كلامه ويدركون معانيه، ويخوفهم العاقبة والمصير، في تعبير ملفوف ولكنه مخيف. ﴿ فارتقب إنهم مرتقبون ﴾. ( الدخان : ٥٩ ).

إنزال القرآن في ليلة مباركة

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ حم ( ١ ) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ( ٢ ) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ( ٣ ) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ( ٤ ) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ( ٥ ) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( ٦ ) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ( ٧ ) لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ( ٨ ) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ ( ٩ ) ﴾
التفسير :
١- ﴿ حم ﴾.
حروف مفصلّة افتتح الله بها عددا من السور، لتكون بمثابة الجرس الذي يقرع، فيتنبه التلاميذ لدخول المدرسة.
ولأن الكفار كانوا يتواصون بعدم الاستماع للقرآن، فلم قرع أسماعهم ما لم يألفوه أنصتوا، وقيل : هي حروف للتحدي والإعجاز، ذلك أن الله تعالى طلب من المشركين أن يأتوا بمثل القرآن فعجزوا، فطلب الإتيان بعشر سور منه فعجزوا، فطلب الإتيان بسورة منه فعجزوا، ولزمهم العجز الأبدي، وتحداهم القرآن مفتتحا بعض السور بهذه الأحرف المقطعة، مرشدا إلى أن القرآن مكون من حروف عربية تنطقون بها، وقد عجزتم عن الإتيان بمثله، فدل ذلك على أنه من عند الله، وهو وحي إلهي وليس من صنع بشر.
المفردات :
والكتاب المبين : والقرآن الواضح.
ليلة مباركة : كثيرة البركة، وهي ليلة القدر على الأصح.
منذرين : مخوّفين.
التفسير :
٢، ٣- ﴿ والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ﴾.
أقسم الله تعالى بالكتاب الواضح لمن تدبره، على أنه أنزل القرآن الكريم في ليلة مباركة، حتى ينذر عباده ويخوفهم من الإعراض عن الوحي، ويحذرهم من الكفر والإلحاد.
المفردات :
ليلة مباركة : كثيرة البركة، وهي ليلة القدر على الأصح.
منذرين : مخوّفين.
التفسير :
الليلة المباركة
والليلة المباركة على الأرجح هي ليلة القدر، وهي إحدى ليالي شهر رمضان، وفي الصحيح أنها إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان، وقد ابتدأ نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، فسمى الشيء باسم أوله تيمنا به، حيث خاطبت السماء الأرض في هذه الليلة.
ثلاثة تنزلات
ذكر السيوطي في ( الإتقان )، والزركشي في ( البرهان ) أن القرآن الكريم له ثلاث تنزلات :
١- التنزل الأول : من رب العزة جل جلاله إلى اللوح المحفوظ في السماء السابعة، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿ بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ ﴾. ( البروج : ٢١، ٢٢ ).
٢- التنزل الثاني : من اللوح المحفوظ بالسماء السابعة إلى بيت العزة في السماء الدنيا، وإليه الإشارة بقوله تعالى :﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾. ( القدر : ١ ).
وبقوله تعالى :﴿ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان... ﴾ ( البقرة : ١٨٥ ).
٣- التنزل الثالث : من بيت العزة في السماء الدنيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، منجما حسب الوقائع والحوادث، خلال ثلاث وعشرين سنة، منها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنوات في المدينة المنورة، والحكمة في تعدد نزول القرآن الكريم هو التشريف والتكريم لهذا الكتاب الكريم، حيث أنزله الله ثلاثة تنزلات، وأيضا لإلهاب شوق النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يشعر أن القرآن قريب منه بالسماء الدنيا، على حد قول الشاعر :
وأعظم ما يكون الشوق يوما إذا دنت الخيام من الخيام
- فالقرآن الكريم نزل جملة واحدة من عند الله العلي القدير إلى اللوح المحفوظ بالسماء السابعة.
- ثم نزل جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا، قال تعالى :﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾. ( القدر : ١ ).
- ثم نزل مفرقا ومنجما في شهور السنة كلها، خلال ثلاث وعشرين سنة من عمره الشريف صلى الله عليه وسلم.
وبهذا نجمع بين الآثار الواردة التي تفيد أنه نزل في ليلة القدر، وبين الواقع المشاهد الذي يفيد أنه نزل خلال ثلاث وعشرين سنة.
قال تعالى :﴿ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ﴾. ( الإسراء : ١٠٦ ).
عمره الشريف صلى الله عليه وسلم
نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وعمره أربعون سنة، واستمر نزول الوحي عليه ثلاث عشرة سنة في مكة، وهاجر إلى المدينة وعمره الشريف ثلاث وخمسون سنة، ومكث تسع سنوات وبضعة أشهر في المدينة، وانتقل إلى الرفيق الأعلى وعمره اثنان وستون سنة وبضعة أشهر صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن نقابل ذلك بالتاريخ الميلادي فنقول :
- ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم سنة ٥٧٠ ميلادية.
- بدء نزول الوحي عليه سنة ٦١٠ ميلادية.
- هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سنة ٦٢٣ ميلادية.
- لحاقه صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى سنة ٦٣٣ ميلادية ؛ وهو التاريخ الموافق لسنة ١٠ هجرية.
عود إلى التفسير :
قال ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل :
﴿ إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ﴾.
وكيفية إنزاله فيها أنه أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء.
وقيل المعنى : ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر.
وقال القرطبي : ووصف الليلة المباركة لما ينزل الله فيها على عباده من البركات والخيرات والثواب.
وقال ابن كثير :
﴿ إنا كنا منذرين ﴾.
أي : معلمين الناس ما ينفعهم وما يضرهم شرعا، لتقوم حجة الله على عباده.
المفردات :
يفرق : يفصل ويبين.
كل أمر حكيم : كل أمر ذي حكمة، وهو ما قضاه الله من أحوال العباد وحاجاتهم، ومن أعظم ذلك نزول القرآن.
التفسير :
٤- ﴿ فيها يفرق كل أمر حكيم ﴾.
فيها يفرق كل أمر ذي حكمة، من أرزاق العباد وآجالهم وما يتعلق بهم، من ليلة القدر إلى مثلها من العام القادم، حتى إن الرجل ليتزوج ويولد له وقد كتب اسمه في ديوان الموتى.
وقيل : إن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة النصف من شعبان، حيث فيها آجال العباد وأرزاقهم وما يصيبهم، ورفض ذلك المحققون.
وقيل : تبدأ كتابة الآجال والأعمار والأرزاق وشئون الخلق من ليلة النصف من شعبان إلى ليلة القدر من رمضان، وهذا قول يحتاج إلى دليل، وجمهور المفسرين على أن الليلة المباركة هي ليلة القدر من شهر رمضان.
قال ابن عباس : يحكم الله أمر الدنيا إلى السنة القادمة، ما كان من حياة أو موت أو رزق.
التفسير :
٥- ﴿ أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ﴾.
جميع ما نقدره في تلك الليلة، وما نوحي به إلى الملائكة من شئون العباد، هو أمر حاصل من جهتنا، بعلمنا وتدبيرنا، فسبحان من أحاط بكل شيء علما، ومن بيده الخلق والأمر، وهو على كل شيء قدير.
﴿ إنا كنا مرسلين ﴾. نرسل الرسل والأنبياء لهداية البشر وتبليغهم الشرائع، ونظام العبادات والمعاملات.
التفسير :
٦- ﴿ رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ﴾.
إن التشريع والتقدير، وإنزال الوحي، وإرسال الرسل، وإرشاد العباد، وكل ما يتم في هذا الكون، مشتمل على الرحمة والرأفة والفضل من الله تعالى لعباده، فهو السميع لأقوالهم، العليم بأفعالهم، وما أعظم رحمته وفضله على عباده، فهو الرحمان الرحيم.
المفردات :
موقنين : تطلبون اليقين وتريدونه، كما يقال : فلان منجد، أي : يريد نجدا.
التفسير :
٧- ﴿ رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين ﴾.
أي : الله تعالى أنزل القرآن الكريم في ليلة القدر بأمره سبحانه، رحمة بعباده، وأرسل الرسل وأنزل الكتب، وهو سبحانه رب السماوات والأرض، وخالقهما ومالكهما وما فيهما، وما بينهما من الهواء والفضاء والمخلوقات.
﴿ إن كنتم موقنين ﴾. أي : متحققين في اعترافكم بأن خالق الكون هو الله سبحانه وتعالى، أو إن كنتم من أهل الإيمان واليقين، فاعلموا أن الذي أنزل القرآن هو رب السماوات والأرض وما بينهما.
التفسير :
٨- ﴿ لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ﴾.
هو الإله الواحد الأحد، لا رب غيره، ولا معبود سواه، لأنه المتصف بصفات الجلال والكمال، يحيي الأموات، ويميت الأحياء، هو خالقكم وخالق الخلق أجمعين من الأمم الماضية، نعم هو واهب الحياة، وهو الذي يحيي ويميت، وهو الرب سبحانه المتصف بكل كمال، المنزه عن كل نقص، ليس معه إله آخر، هو الباقي بعد فناء الجميع، والملك له وحده يوم القيامة، سبحانه له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون، ومن يتصف بهذا الجلال والكمال، إذا أنزل كتابا كان مشتملا على غاية السمو والرفعة.
المفردات :
في شك يلعبون : في تردد ولعب يعبثون، استهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فدعا عليهم قائلا :( اللهم أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف ).
التفسير :
٩- ﴿ بل هم في شك يلعبون ﴾.
إن كفار مكة قابلوا الرسالة والوحي والإسلام ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالشك فيها والارتياب، وأخذوا هذا الأمر العظيم والرسالة العظمى والقرآن الكريم مأخذ اللعب لا مأخذ الجد، فظلوا في غيهم ولهوهم ولعبهم.
وفي هذا المعنى قوله سبحانه :﴿ أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون * فاسجدوا لله واعبدوا ﴾. ( النجم : ٥٩-٦٢ ).
تهديد المشركين بالعذاب
﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( ١٠ ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ١١ ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( ١٢ ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ١٣ ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( ١٤ ) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( ١٥ ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( ١٦ ) ﴾

تمهيد :

أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمكة، فاشتد تعنت المشركين، وكذبوه وحاربوه، وآذوه وعذبوا أصحابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف )٣.
فأصاب أهل مكة الجدب والجوع حتى أكلوا العهن٤ والجلود والعظام، وكانوا ينظرون إلى السماء فيجدون ما يشبه الدخان، من شدة الجدب وقلة المطر وشدة الجوع، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وناشدوه الرحم، فدعا الله لهم، فأنزل عليهم المطر رجاء أن يؤمنوا ويدخلوا في الإسلام، ثم توعدهم بالعذاب يوم بدر، أو يوم القيامة، حيث ينتقم منهم انتقاما شديدا.
المفردات :
ارتقب : انتظر أيها النبي.
بدخان مبين : واضح بين، ويراد به الغيار المتصاعد بسبب الجدب.
التفسير :
١٠- ﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ﴾.
انتظر يا محمد وترقب نزول العذاب بأهل مكة، جزاء كفرهم وعنادهم، حتى يشاهدوا في السماء كهيئة الدخان، من شدة الجدب والجوع والجفاف وقلة المطر.
أخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما، عن ابن مسعود قال : إن قريشا لما استعصوا على النبي صلى الله عليه وسلم، دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء، فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، فأنزل الله :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ﴾.
فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا : يا رسول الله، استسق الله لمضر فإنها قد هلكت، فاستسقى، فسقوا، فنزلت.
ومن المفسرين من رأى أن الآية تشير إلى دخان سيأتي قبيل القيامة، وهو من علامات الساعة، يصيب الكافرين والمنافقين بمشقة شديدة، حتى يخرج الدخان من فتحات أفواههم وأنوفهم، ولا يصيب المؤمن منه إلا كهيئة الزكام.
وعند التأمل نجد أنه يمكن الجمع بين الآثار والأحاديث الصحيحة الواردة في الموضوع، بأن نقول إن الآية العاشرة من سورة الدخان، وهي :﴿ فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ﴾. تشير إلى وعيد من الله لمشركي مكة، بعذاب قادم فيه قحط وجوع وجدب، حتى يشاهدوا في السماء كهيئة الدخان من شدة الجوع.
أما الآية السادسة عشرة من سورة الدخان، وهي قوله تعالى :﴿ يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ﴾. فهي تشير إلى عذاب المشركين في غزوة بدر الكبرى، أو إلى عذابهم بالنار يوم القيامة.
تهديد المشركين بالعذاب
﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( ١٠ ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ١١ ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( ١٢ ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ١٣ ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( ١٤ ) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( ١٥ ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( ١٦ ) ﴾

تمهيد :

أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمكة، فاشتد تعنت المشركين، وكذبوه وحاربوه، وآذوه وعذبوا أصحابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف )٣.
فأصاب أهل مكة الجدب والجوع حتى أكلوا العهن٤ والجلود والعظام، وكانوا ينظرون إلى السماء فيجدون ما يشبه الدخان، من شدة الجدب وقلة المطر وشدة الجوع، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وناشدوه الرحم، فدعا الله لهم، فأنزل عليهم المطر رجاء أن يؤمنوا ويدخلوا في الإسلام، ثم توعدهم بالعذاب يوم بدر، أو يوم القيامة، حيث ينتقم منهم انتقاما شديدا.
المفردات :
يغشى الناس : يشملهم ويحيط بهم.
التفسير :
١١- ﴿ يغشى الناس هذا عذاب أليم ﴾.
يشمل العذاب جميع الكافرين، فيجهدهم الجوع والقحط وهيئة الدخان، فيقولون : هذا عذاب مؤلم أشد الألم.
قال المفسرون : وكلما اشتد الجدب اشتد الدخان تكاثفا، فكان الرجل يحدث الرجل فيسمعه ولا يراه، وذلك قوله سبحانه :﴿ يغشى الناس... ﴾ أي : يضمهم ويحيط بهم.
﴿ هذا عذاب أليم ﴾.
يحتمل أنه قول الله لهم تهويلا وتقريعا، أي : ذوقوا هذا العذاب الأليم.
ونظير ذلك قوله سبحانه للكافر يوم القيامة :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ).
ويحتمل أن الناس هم القائلون :﴿ هذا عذاب أليم ﴾. حينما يرون الدخان وشدته وأثره في إيلامهم.
تهديد المشركين بالعذاب
﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( ١٠ ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ١١ ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( ١٢ ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ١٣ ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( ١٤ ) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( ١٥ ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( ١٦ ) ﴾

تمهيد :

أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمكة، فاشتد تعنت المشركين، وكذبوه وحاربوه، وآذوه وعذبوا أصحابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف )٣.
فأصاب أهل مكة الجدب والجوع حتى أكلوا العهن٤ والجلود والعظام، وكانوا ينظرون إلى السماء فيجدون ما يشبه الدخان، من شدة الجدب وقلة المطر وشدة الجوع، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وناشدوه الرحم، فدعا الله لهم، فأنزل عليهم المطر رجاء أن يؤمنوا ويدخلوا في الإسلام، ثم توعدهم بالعذاب يوم بدر، أو يوم القيامة، حيث ينتقم منهم انتقاما شديدا.
المفردات :
اكشف عنا : ارفع عنا.
التفسير :
١٢- ﴿ ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ﴾.
عندما اشتد القحط بأهل مكة مشى أبو سفيان ومعه نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يناشدونه الله تعالى والرحم، وواعدوه إن دعا لهم، وزال عنهم ما بهم أن يؤمنوا، أي : إذا كشفت عنا يا ربنا هذا العذاب، فإنا سنؤمن بك وبرسولك، وقد عدلوا عن قولهم :( سنؤمن ). إلى قولهم :﴿ إنا مؤمنون ﴾ إظهارا لمزيد الرغبة في الإيمان.
تهديد المشركين بالعذاب
﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( ١٠ ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ١١ ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( ١٢ ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ١٣ ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( ١٤ ) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( ١٥ ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( ١٦ ) ﴾

تمهيد :

أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمكة، فاشتد تعنت المشركين، وكذبوه وحاربوه، وآذوه وعذبوا أصحابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف )٣.
فأصاب أهل مكة الجدب والجوع حتى أكلوا العهن٤ والجلود والعظام، وكانوا ينظرون إلى السماء فيجدون ما يشبه الدخان، من شدة الجدب وقلة المطر وشدة الجوع، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وناشدوه الرحم، فدعا الله لهم، فأنزل عليهم المطر رجاء أن يؤمنوا ويدخلوا في الإسلام، ثم توعدهم بالعذاب يوم بدر، أو يوم القيامة، حيث ينتقم منهم انتقاما شديدا.
المفردات :
أنى : كيف يكون، ومن أين.
التفسير :
١٣، ١٤- ﴿ أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين * ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ﴾.
كيف يتذكر هؤلاء ربهم، ويصدقون في إيمانهم وجبلتهم وطبيعتهم الإمعان في الكفر والعناد، فقد جاءهم رسول كريم، مؤيد بالوحي والقرآن الذي يزلزل الجبال، ويؤثر في الصم الشداد، وتخشع له الحجارة الصماء، ومع كل ذلك أعرضوا عن القرآن والإيمان والرسول المؤيد بالمعجزات.
وقالوا :﴿ معلم ﴾. يعلمه فتى أعجمي عند أحد بني ثقيف.
﴿ مجنون ﴾. تأتيه نوبة من الجنون، فيهرتق بما لا يعرف، لأنهم رأوا القرآن فوق طاقتهم وفوق طاقة البشر، فنسبوه إلى الشعر وإلى الجنون، ولو أنصفوا لقالوا : إنه وحي السماء، وكلام الله العلي القدير.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير :
إن كفار مكة كان لهم في ظهور القرآن على يد محمد صلى الله عليه وسلم قولان :
منهم من كان يقول : إن محمدا يتعلم هذا الكلام من بعض الناس، ومنهم من كان يقول : إنه مجنون، والجن تلقي عليه هذا الكلام حال تخبطه. اه.
المفردات :
معلم : يعلمه غلام رومي لبعض ثقيف.
مجنون : لا يعي ما يقول.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:تهديد المشركين بالعذاب
﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( ١٠ ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ١١ ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( ١٢ ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ١٣ ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( ١٤ ) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( ١٥ ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( ١٦ ) ﴾

تمهيد :

أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمكة، فاشتد تعنت المشركين، وكذبوه وحاربوه، وآذوه وعذبوا أصحابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف )٣.
فأصاب أهل مكة الجدب والجوع حتى أكلوا العهن٤ والجلود والعظام، وكانوا ينظرون إلى السماء فيجدون ما يشبه الدخان، من شدة الجدب وقلة المطر وشدة الجوع، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وناشدوه الرحم، فدعا الله لهم، فأنزل عليهم المطر رجاء أن يؤمنوا ويدخلوا في الإسلام، ثم توعدهم بالعذاب يوم بدر، أو يوم القيامة، حيث ينتقم منهم انتقاما شديدا.

المفردات :

أنى : كيف يكون، ومن أين.

التفسير :

١٣، ١٤- ﴿ أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين * ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ﴾.
كيف يتذكر هؤلاء ربهم، ويصدقون في إيمانهم وجبلتهم وطبيعتهم الإمعان في الكفر والعناد، فقد جاءهم رسول كريم، مؤيد بالوحي والقرآن الذي يزلزل الجبال، ويؤثر في الصم الشداد، وتخشع له الحجارة الصماء، ومع كل ذلك أعرضوا عن القرآن والإيمان والرسول المؤيد بالمعجزات.
وقالوا :﴿ معلم ﴾. يعلمه فتى أعجمي عند أحد بني ثقيف.
﴿ مجنون ﴾. تأتيه نوبة من الجنون، فيهرتق بما لا يعرف، لأنهم رأوا القرآن فوق طاقتهم وفوق طاقة البشر، فنسبوه إلى الشعر وإلى الجنون، ولو أنصفوا لقالوا : إنه وحي السماء، وكلام الله العلي القدير.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير :
إن كفار مكة كان لهم في ظهور القرآن على يد محمد صلى الله عليه وسلم قولان :
منهم من كان يقول : إن محمدا يتعلم هذا الكلام من بعض الناس، ومنهم من كان يقول : إنه مجنون، والجن تلقي عليه هذا الكلام حال تخبطه. اه.

تهديد المشركين بالعذاب
﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( ١٠ ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ١١ ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( ١٢ ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ١٣ ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( ١٤ ) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( ١٥ ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( ١٦ ) ﴾

تمهيد :

أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمكة، فاشتد تعنت المشركين، وكذبوه وحاربوه، وآذوه وعذبوا أصحابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف )٣.
فأصاب أهل مكة الجدب والجوع حتى أكلوا العهن٤ والجلود والعظام، وكانوا ينظرون إلى السماء فيجدون ما يشبه الدخان، من شدة الجدب وقلة المطر وشدة الجوع، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وناشدوه الرحم، فدعا الله لهم، فأنزل عليهم المطر رجاء أن يؤمنوا ويدخلوا في الإسلام، ثم توعدهم بالعذاب يوم بدر، أو يوم القيامة، حيث ينتقم منهم انتقاما شديدا.
التفسير :
١٥، ١٦- ﴿ إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون * يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ﴾.
عندما استغاث كفار مكة بالنبي صلى الله عليه وسلم، رجاء أن يدعو الله لهم بنزول المطر، استجاب النبي صلى الله عليه وسلم ودعا ربه فأنزل عليهم المطر، وجاء الخصب وذهب القحط، لكنهم لا وفاء لهم، وما إن رأوا الخصب والنماء حتى عادوا إلى كفرهم وتكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فتوعدهم الله تعالى بانتقام شديد وذلك يوم بدر، حيث قتلت صناديدهم، وذل كبرياؤهم، وقتل منهم سبعون، وأسر منهم سبعون وفر الباقون.
ورجح الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، أن البطشة الكبرى هي يوم القيامة.
جاء في ( صفوة التفاسير ) للأستاذ محمد علي الصابوني ما يأتي :
قال ابن مسعود :﴿ البطشة الكبرى ﴾. يوم بدر.
وقال ابن عباس : هي يوم القيامة.
وقال ابن كثير : والظاهر أن ذلك يوم القيامة، وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضا.
وقال الرازي في التفسير الكبير :
القول بأن البطشة الكبرى هي يوم القيامة أصح، لأن يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ الذي يوصف به هذا الوصف العظيم، ولأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة، ولما وصفت البطشة بكونها :﴿ الكبرى ﴾، وجب أن تكون أعظم أنواع البطش على الإطلاق، وذلك إنما يكون يوم القيامة. اه.
المفردات :
نبطش : نعاقب بشدة، والبطش هو الأخذ الشديد في كل شيء، والبأس.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥:تهديد المشركين بالعذاب
﴿ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ( ١٠ ) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ( ١١ ) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ( ١٢ ) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ( ١٣ ) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ( ١٤ ) إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ( ١٥ ) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ( ١٦ ) ﴾

تمهيد :

أرسل الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بمكة، فاشتد تعنت المشركين، وكذبوه وحاربوه، وآذوه وعذبوا أصحابه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف )٣.
فأصاب أهل مكة الجدب والجوع حتى أكلوا العهن٤ والجلود والعظام، وكانوا ينظرون إلى السماء فيجدون ما يشبه الدخان، من شدة الجدب وقلة المطر وشدة الجوع، فاستغاثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وناشدوه الرحم، فدعا الله لهم، فأنزل عليهم المطر رجاء أن يؤمنوا ويدخلوا في الإسلام، ثم توعدهم بالعذاب يوم بدر، أو يوم القيامة، حيث ينتقم منهم انتقاما شديدا.

التفسير :

١٥، ١٦- ﴿ إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون * يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ﴾.
عندما استغاث كفار مكة بالنبي صلى الله عليه وسلم، رجاء أن يدعو الله لهم بنزول المطر، استجاب النبي صلى الله عليه وسلم ودعا ربه فأنزل عليهم المطر، وجاء الخصب وذهب القحط، لكنهم لا وفاء لهم، وما إن رأوا الخصب والنماء حتى عادوا إلى كفرهم وتكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فتوعدهم الله تعالى بانتقام شديد وذلك يوم بدر، حيث قتلت صناديدهم، وذل كبرياؤهم، وقتل منهم سبعون، وأسر منهم سبعون وفر الباقون.
ورجح الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، أن البطشة الكبرى هي يوم القيامة.
جاء في ( صفوة التفاسير ) للأستاذ محمد علي الصابوني ما يأتي :
قال ابن مسعود :﴿ البطشة الكبرى ﴾. يوم بدر.
وقال ابن عباس : هي يوم القيامة.
وقال ابن كثير : والظاهر أن ذلك يوم القيامة، وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضا.

وقال الرازي في التفسير الكبير :

القول بأن البطشة الكبرى هي يوم القيامة أصح، لأن يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ الذي يوصف به هذا الوصف العظيم، ولأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة، ولما وصفت البطشة بكونها :﴿ الكبرى ﴾، وجب أن تكون أعظم أنواع البطش على الإطلاق، وذلك إنما يكون يوم القيامة. اه.

الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
فتنا : اختبرنا وامتحنا.
التفسير :
١٧- ﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾.
في الآيات السابقة اختبار لأهل مكة، حيث رفع الله عنهم العذاب قليلا، فعادوا إلى تكذيبهم، فتوعدهم الله بالبطشة الكبرى يوم بدر أو يوم القيامة أو هما معا، وهذه الآيات تحكي قصة فرعون وملئه، حيث اختبرهم الله بالنعمة، وبإرسال رسول كريم، ومعه عدد من المعجزات والآيات، فقابلوا ذلك بالكنود والعصيان، فعاقبهم الله بالغرق في الماء، والهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة.
والمراد : أن ما فعله أهل مكة من تكذيب الرسول أمر معروف مألوف في تاريخ البشرية.
ومعنى الآية :
ولقد اختبرنا وامتحنا قبل مشركي مكة قوم فرعون من قبط مصر، حيث أرسلنا إليهم رسولا كريما في نفسه وفي حسبه، فالرسل تبعث في أحساب قومها.
وفي الحديث الشريف :( يرحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر )٥.
وأصل الفتنة : وضع الذهب في النار، امتحانا وبيانا لأصله وقيمته، ثم أطلقت على الاختبار والابتلاء، مثل اختبار الإنسان بالنعمة والأولاد أو الجاه والسلطان.
قال تعالى :﴿ إنما أموالكم وأولادكم فتنة... ﴾ ( التغابن : ١٥ ).
أي : إننا عاملنا قبط مصر وفرعون معاملة المختبر، فأغدقنا عليهم النعم والبساتين والعيون وألوان الخيرات، وأرسلنا إليهم رسولا كريما من أولي العزم من الرسل، هو موسى عليه السلام.
الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
أن أدوا إلي عباد الله : أن أسلموا لي بني إسرائيل، أو أجيبوا دعوتي وصدقوا رسالتي.
١٨- ﴿ أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين ﴾.
قال ابن عباس :
إن أدوا إلي الطاعة والإيمان يا عباد الله. اه.
والمعنى : ادخلوا في ديني وآمنوا بالله ربا، وبموسى رسولا، إني لكم رسول من عند الله، أمين على هدى السماء.
وقال مجاهد :
أن ادفعوا إلي عباد الله من بني إسرائيل، حتى أخلصهم من العذاب والذلة، وأخرج بهم من مصر، لأنني لكم رسول أمين.
وأرى أنه يمكن أن تكون الآية محتملة للوجهين معا، والله أعلم.
الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
وأن لا تعلوا على الله : وأن لا تتكبروا على الله، بالاستهانة بوحيه ورسوله.
بسلطان مبين : بحجة واضحة.
التفسير :
١٩- ﴿ وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين ﴾.
لا تتجبروا ولا تتكبروا على الدخول في دين الله، والإيمان برسله، فإني أقدم لكم طائفة من المعجزات والآيات، والوحي والتشريع، والجدال بالتي هي أحسن، فتواضعوا لله وآمنوا به.
الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
وإني عذت بربي : استجرت به، والتجأت إليه، وتوكلت عليه.
أن ترجمون : الرجم هو الضرب بالأحجار.
التفسير :
٢٠- ﴿ وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون ﴾.
التجأت إلى الله وتحصنت به واستجرت به من أن تقتلوني.
قال القرطبي :
كأنهم توعدوه بالقتل فاستجار بالله، ويطلق الرجم على السب والشتم، والإيذاء المعنوي كما قال ابن عباس، كما يطلق على الرمي بالحجارة والقتل كما قال قتادة.
وأرى أنه يمكن أن يطلق على الإيذاء المعنوي، والإيذاء الحسي، أي : أستعيذ بالله أن تشيعوا عني الإشاعات المغرضة، أو تقذفوني بالحجارة.
الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
فاعتزلون : فخلّوني واتركوني.
التفسير :
٢١- ﴿ وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ﴾.
إذا لم تدخلوا في ديني ولم تؤمنوا برسالتي، وظللتم على الكفر، فإني أدعوكم إلى المسالمة والمهادنة، وليمض كل منا في طريقه إلى أن يقضي الله بيننا، وفي هذا المعنى قوله تعالى :﴿ لكم دينكم ولي دين ﴾. ( الكافرون : ٦ ).
أي : نختلف في العبادة والاتجاه والدين، ولكن توجد بيننا مسالمة وحياد مع عدم الإيذاء، وهي أرقى خطة يدعو العالم المتحضر إليها، ويزعم أنها من ابتكاره، خطة حماية الأقليات، واحترام حقوق الإنسان، وعدم العدوان على الضعفاء والمسالمين والمدنيين، وهي خطة رسالات السماء التي دعا إليها الإسلام فقال القرآن :﴿ لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي... ﴾ ( البقرة : ٢٥٦ ).
وقد نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كانت عنده جاريتان، فقال : يا رسول الله، عرضت عليهما الإسلام فأبتا، أفلا أكرههما على الإسلام ؛ فأنزل الله تعالى :﴿ لا إكراه في الدين... ﴾ فامتنع الأنصاري عن إكراههما على الإسلام.
الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
التفسير :
٢٢- ﴿ فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون ﴾.
طال مكث موسى بينهم، وقدم إليهم حجج الله تعالى عليهم، وما زادهم ذلك إلا كفرا وعنادا، فدعا الله أن ينتقم منهم، فاستجاب الله دعاءه فيهم.
كما قال تبارك وتعالى :﴿ وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ( ٨٨ ) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ( ٨٩ ) ﴾. ( يونس : ٨٨، ٨٩ ).
وهكذا كان دعاؤه هنا، ومعناه : إن هؤلاء قوم مجرمون، يستحقون تعجيل العذاب.
الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
فأسر : سر بهم ليلا، والإسراء : السير بالليل، وأما السرى فهو السير بالنهار.
التفسير :
٢٣، ٢٤- ﴿ فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ﴾.
تلك معجزة إلهية كبرى، فقد اشتكى موسى إلى ربه من إجرام فرعون وقومه، فأمره الله أن يسير بمن آمن من بني إسرائيل ليلا، فالليل ستر وظلام للهارب، وفيه يسر للمسافر، حيث يحفظه من شدة الحر، وييسر على الدواب الحركة، بعيدا عن وهج الشمس ومشقة الهجير.
﴿ إنكم متبعون ﴾.
إن فرعون وقومه سيتبعونكم رغبة في الانتقام منكم، وقد سار موسى وقومه ليلا، وأحس فرعون بهربه، فجمع جيشه وخرج وراءه ليدركهم ويعاقبهم، عندئذ قال أصحاب موسى :﴿ إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين ﴾. ( الشعراء : ٦١، ٦٢ ).
فأمره الله أن يضرب البحر بعصاه، فضرب موسى البحر فانفلق، فصار كل فرق كالطود العظيم، أي صارت كل ناحية من الماء كالجبل العظيم المرتفع، وأمره الله أن يسير في طريق يابس مريح آمن، ولما انتقل موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، أمره الله أن يترك البحر على حالته، لأن فرعون وجنوده سيسيرون خلفكم، فنغرقهم عقابا لهم.
﴿ رهوا ﴾ : ساكنا منفرجا على هيئته بعد أن تجاوزه موسى ومن معه.
﴿ إنهم جند مغرقون ﴾.
أي : إن فرعون وقومه سيغرقون فيه.
كما قال تعالى :﴿ ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى ﴾. ( طه : ٧٧ ).
قال ابن كثير وابن جزي وغيرهما :
﴿ واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ﴾.
وذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام لما جاوز هو وبنو إسرائيل البحر، أراد موسى أن يضربه بعصاه حتى يعود كما كان، ليصير حائلا بينهم وبين فرعون فلا يصل إليهم، فأمره الله تعالى أن يتركه على حاله ساكنا، وبشره بأنهم جند مغرقون فيه، وأنه لا يخاف دركا ولا يخشى.
قال ابن عباس :
﴿ واترك البحر رهوا... ﴾ كهيئته وامض.
وقال مجاهد :
﴿ رهوا ﴾. طريقا يابسا كهيئته، يقول : لا تأمره يرجع، اتركه حتى يدخل فيه آخرهم.
المفردات :
رهوا : مفتوحا ذا فجوة واسعة، أو ساكنا على هيئته.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٣:الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.

المفردات :

فأسر : سر بهم ليلا، والإسراء : السير بالليل، وأما السرى فهو السير بالنهار.

التفسير :

٢٣، ٢٤- ﴿ فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ﴾.
تلك معجزة إلهية كبرى، فقد اشتكى موسى إلى ربه من إجرام فرعون وقومه، فأمره الله أن يسير بمن آمن من بني إسرائيل ليلا، فالليل ستر وظلام للهارب، وفيه يسر للمسافر، حيث يحفظه من شدة الحر، وييسر على الدواب الحركة، بعيدا عن وهج الشمس ومشقة الهجير.
﴿ إنكم متبعون ﴾.
إن فرعون وقومه سيتبعونكم رغبة في الانتقام منكم، وقد سار موسى وقومه ليلا، وأحس فرعون بهربه، فجمع جيشه وخرج وراءه ليدركهم ويعاقبهم، عندئذ قال أصحاب موسى :﴿ إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين ﴾. ( الشعراء : ٦١، ٦٢ ).
فأمره الله أن يضرب البحر بعصاه، فضرب موسى البحر فانفلق، فصار كل فرق كالطود العظيم، أي صارت كل ناحية من الماء كالجبل العظيم المرتفع، وأمره الله أن يسير في طريق يابس مريح آمن، ولما انتقل موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، أمره الله أن يترك البحر على حالته، لأن فرعون وجنوده سيسيرون خلفكم، فنغرقهم عقابا لهم.
﴿ رهوا ﴾ : ساكنا منفرجا على هيئته بعد أن تجاوزه موسى ومن معه.
﴿ إنهم جند مغرقون ﴾.
أي : إن فرعون وقومه سيغرقون فيه.
كما قال تعالى :﴿ ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى ﴾. ( طه : ٧٧ ).

قال ابن كثير وابن جزي وغيرهما :

﴿ واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ﴾.
وذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام لما جاوز هو وبنو إسرائيل البحر، أراد موسى أن يضربه بعصاه حتى يعود كما كان، ليصير حائلا بينهم وبين فرعون فلا يصل إليهم، فأمره الله تعالى أن يتركه على حاله ساكنا، وبشره بأنهم جند مغرقون فيه، وأنه لا يخاف دركا ولا يخشى.

قال ابن عباس :

﴿ واترك البحر رهوا... ﴾ كهيئته وامض.

وقال مجاهد :

﴿ رهوا ﴾. طريقا يابسا كهيئته، يقول : لا تأمره يرجع، اتركه حتى يدخل فيه آخرهم.

الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
جنات : بساتين.
وعيون : جمع عين، والمراد : عين الماء.
التفسير :
٢٥، ٢٦، ٢٧- ﴿ كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين ﴾.
ما أكثر النعم التي كانوا يتمتعون بها، لقد تركوا كثيرا من البساتين والحدائق الغناء، والأنهار والعيون الجارية، والمزارع العديدة فيها أنواع المزروعات، ومجالس ومنازل حسنة، ومحافل خاصة، ونواد خاصة، ومجالس شريفة، وغير ذلك من صنوف النعم التي كانوا يتمتعون بها، مع الحسن والنضارة والرفاهية، وكمال السرور.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير :
بين الله تعالى أنهم بعد غرقهم تركوا هذه الأشياء الخمسة وهي : الجنات، والعيون، والزروع، والمقام الكريم -وهو المجالس والمنازل الحسنة- ونعمة العيش -بفتح النون- وهي حسنه ونضارته. اه.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.

المفردات :

جنات : بساتين.
وعيون : جمع عين، والمراد : عين الماء.

التفسير :

٢٥، ٢٦، ٢٧- ﴿ كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين ﴾.
ما أكثر النعم التي كانوا يتمتعون بها، لقد تركوا كثيرا من البساتين والحدائق الغناء، والأنهار والعيون الجارية، والمزارع العديدة فيها أنواع المزروعات، ومجالس ومنازل حسنة، ومحافل خاصة، ونواد خاصة، ومجالس شريفة، وغير ذلك من صنوف النعم التي كانوا يتمتعون بها، مع الحسن والنضارة والرفاهية، وكمال السرور.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير :
بين الله تعالى أنهم بعد غرقهم تركوا هذه الأشياء الخمسة وهي : الجنات، والعيون، والزروع، والمقام الكريم -وهو المجالس والمنازل الحسنة- ونعمة العيش -بفتح النون- وهي حسنه ونضارته. اه.

المفردات :
ونعمة : وتنعم، والنعمة بالفتح : التنعيم، والنعمة بالكسر : ما أنعم الله به عليك.
فاكهين : متنعمين، يقال : فكه يفكه فكها : كان طيب النفس مزاحا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٥:الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.

المفردات :

جنات : بساتين.
وعيون : جمع عين، والمراد : عين الماء.

التفسير :

٢٥، ٢٦، ٢٧- ﴿ كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين ﴾.
ما أكثر النعم التي كانوا يتمتعون بها، لقد تركوا كثيرا من البساتين والحدائق الغناء، والأنهار والعيون الجارية، والمزارع العديدة فيها أنواع المزروعات، ومجالس ومنازل حسنة، ومحافل خاصة، ونواد خاصة، ومجالس شريفة، وغير ذلك من صنوف النعم التي كانوا يتمتعون بها، مع الحسن والنضارة والرفاهية، وكمال السرور.
قال الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير :
بين الله تعالى أنهم بعد غرقهم تركوا هذه الأشياء الخمسة وهي : الجنات، والعيون، والزروع، والمقام الكريم -وهو المجالس والمنازل الحسنة- ونعمة العيش -بفتح النون- وهي حسنه ونضارته. اه.

الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
كذلك : أي : مثل ذلك الإخراج أخرجناهم.
التفسير :
٢٨- ﴿ كذلك وأورثناها قوما آخرين ﴾.
أي : كذلك فعلنا بهم حيث أهلكناهم، وأورثنا منازلهم وملكهم وديارهم قوما آخرين، فما مضى عليهم إلا وقت يسير، بين أن كانوا في نعمة وملك وزروع، وجنات ومقام كريم، إلى أن صاروا غرقى وقتلى وهلكى، يتعرضون لخزي الدنيا وعذاب الآخرة، ثم صار الملك والنعيم لآخرين، فسبحان المعز المذل.
﴿ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ﴾. ( آل عمران : ٢٦ ).
آراء العلماء فيمن ورث فرعون
( أ ) ذهب بعض المفسرين إلى أن القوم الآخرين الذين ورثوا ملك فرعون وقومه، هم بنو إسرائيل.
قال ابن كثير :
والمراد بهم بنو إسرائيل، فقد استولوا -بعد غرق فرعون وقومه- على الممالك القبطية، والبلاد المصرية، كما قال تعالى :﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ( ١٣٧ ) ﴾. ( الأعراف : ١٣٧ ).
وكما قال سبحانه :﴿ كذلك وأورثناها بني إسرائيل ﴾. ( الشعراء : ٥٩ ).
( ب ) وقال آخرون :
المقصود من الآية أنهم ورثوا ملك فرعون في أرض الشام التي هاجروا إليها، وكانت تابعة لمصر في عهد فرعون٦، ولم يثبت تاريخيا أنهم عادوا إلى مصر بعد أن هاجروا إلى الشام.
( ج ) وذكر الأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن ما يأتي :﴿ كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما آخرين ﴾.
ويبدأ المشهد بصور النعيم الذي كانوا فيه يرفلون : جنات، وعيون، وزروع، ومكان مرموق ينالون فيه الاحترام والتكريم، ونعمة يلتذونها ويطعمونها، ويعيشون فيها مسرورين محبورين، ثم ينزع هذا كله منهم، أو ينزعون منه، ويرثه قوم آخرون.
وفي موضع آخر قال :﴿ كذلك وأورثناها بني إسرائيل ﴾. ( الشعراء : ٥٩ ).
وبنو إسرائيل لم يرثوا ملك فرعون بالذات، ولكنهم ورثوا ملكا مثله في الأرض الأخرى، فالمقصود هو نوع الملك والنعمة الذي زال عن فرعون وملئه، وورثه بنو إسرائيل، ثم ماذا ؟ ثم ذهب هؤلاء الطغاة الذين كانوا ملء الأعين والنفوس في هذه الأرض، ذهبوا فلم يأس على ذهابهم أحد، ولم تشعر بهم سماء ولا أرض٧.
الانتقام من فرعون وقومه
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ ( ١٧ ) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( ١٨ ) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ١٩ ) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ( ٢٠ ) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ( ٢١ ) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ ( ٢٢ ) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ( ٢٣ ) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ( ٢٤ ) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٢٥ ) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ( ٢٦ ) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ( ٢٧ ) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ( ٢٨ ) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ( ٢٩ ) ﴾

تمهيد :

هذه سورة مكية، جابهت كفار مكة بما يستحقون، ثم ذكرتهم بمن سبقهم من المكذبين، حيث اختبر الله القبط في مصر وملكهم فرعون، بأن أرسل إليهم موسى رسولا، يحمل معجزات متعددة ومعها التوراة، فدعاهم إلى توحيد الله والإيمان به، وحذرهم من الكبر ومن عدم طاعة الله تعالى، ومن عدم طاعة رسوله، لكنهم لم يؤمنوا، فاشتكى موسى إلى ربه جرمهم، فأمره الله أن يسير ليلا بمن معه، وعند الشدة عليه أن يضرب البحر بعصاه، فيفرق البحر بطريق يابس آمن، فيسير موسى ومن معه إلى الشاطئ الآخر، وعليه أن يترك البحر على حالته مفتوحا حتى يغرق فيه فرعون، الذي أهلكه الله في ماء البحر، وقد ترك الجنات والعيون والزروع وألوان النعيم، فما حزنت عليه السماء والأرض، وما أمهله الله بل أهلكه مع جنوده الباغين.
المفردات :
منظرين : ممهلين.
التفسير :
٢٩- ﴿ فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ﴾.
لم تحزن عليهم السماء ولا الأرض، لظلمهم وعدوانهم وتجبرهم، حيث كانوا نغمة نشازا في هذا الكون، الذي يخضع لأمر الله ويطيع أمره، أما الظالم المتحير فهو يسير عكس الاتجاه، حيث قال سبحانه للسماء والأرض عندما أراد خلقهما :﴿ ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ﴾. ( فصلت : ١١ ).
فالمؤمن الصالح متوافق مع هذا الكون، تدعو له الملائكة، ويسلم عليه الصالحون في كل تشهد للصلاة، ومن دعاء التشهد :( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ).
وفي الحديث النبوي الشريف :( أن العبد الصالح إذا مات بكاه من الأرض موضع سجوده، ومن السماء مصعد عمله )، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ﴾.
من تفسير القاسمي
﴿ فما بكت عليهم السماء والأرض... ﴾
قال الزمخشري : إذا مات رجل خطير، قالت العرب في تعظيم مهلكه : بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح، وأظلمت له الشمس.
قال جرير في رثاء عمر بن عبد العزيز :
نعى النعاة أمير المؤمنين لنا يا خير من حج بيت الله واعتمروا
حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له وقمت فيه بأمر الله يا عمر
فالشمس كاسفة ليست بطالعة تبكي عليك نجوم الليل والقمر
وقالت ليلى بنت طريف الشيباني الخارجية، ترثي أخاها الوليد بن طريف وقد مات قتيلا :
أيا شجر الخابور مالك مورقا كأنك لم تجزع على ابن طريف
وذلك على سبيل التمثيل والتخييل، مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه.
وعن الحسن : فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون، بل كانوا بهلاكهم مسرورين، يعني فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض.
﴿ وما كانوا منظرين ﴾.
أي : مؤخرين بالعقوبة، بل عوجلوا بها زيادة سخط عليهم٨.
وقال الإمام ابن كثير :
﴿ فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ﴾.
أي : لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد على أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم بقاع في الأرض عبدوا الله فيها ففقدتهم، فلهذا استحقوا ألا ينظروا ولا يؤخروا. اه.
نعم وابتلاء
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ( ٣٠ ) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ( ٣١ ) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ( ٣٢ ) وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ ( ٣٣ ) ﴾

تمهيد :

في أعقاب غرق فرعون، يتحدث القرآن عن أنعم الله على بني إسرائيل، فقد نجاهم الله من العذاب المخزي، حيث كان فرعون يقتل أطفالهم الذكور خوفا منهم، ويترك الإناث أحياء للخدمة، وفي ذلك بلاء أي بلاء، حيث لا تجد الإناث رجالا يتقدمون للزواج منهن، ويترتب على ذلك فساد وحرمان وإذلال، بسبب تجبر فرعون وإسرافه في الشر والعدوان، وقد اخترنا بني إسرائيل لدور فيه كرامة، على معرفة بعنادهم وصلفهم، وأظهرنا لهم معجزات باهرة، مثل : فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى.
المفردات :
العذاب المهين : الشديد الإهانة والإذلال.
التفسير :
٣٠، ٣١- ﴿ ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين * من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين ﴾.
أخبر الله فيما سبق أنه أهلك فرعون وجنوده، وكان في هلاكهم نعمة كثيرة على بني إسرائيل، فقد كان فرعون يستذلهم ويذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ويتفنن في إيذائهم، كما قال تعالى :﴿ إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ﴾. ( القصص : ٤ ).
وقال سبحانه :﴿ فاستكبروا وكانوا قوما عالين ﴾. ( المؤمنون : ٤٦ ).
ومعنى الآيتين ( ٣٠-٣١ ) من سورة الدخان : ولقد أنعمنا على بني إسرائيل، حيث نجيناهم من العذاب الأليم المزري بهم، من قتل الذكور واستحياء الإناث للخدمة والاستعباد، لقد كانت هذه النجاة من فرعون الطاغية المتكبر المتجبر المسرف في الكفر بالله وادعاء الألوهية، حيث قال :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾. ( النازعات : ٢٤ ).
المفردات :
عاليا : جبارا متكبرا.
من المسرفين : في الشر والفساد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٠:نعم وابتلاء
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ( ٣٠ ) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ( ٣١ ) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ( ٣٢ ) وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ ( ٣٣ ) ﴾

تمهيد :

في أعقاب غرق فرعون، يتحدث القرآن عن أنعم الله على بني إسرائيل، فقد نجاهم الله من العذاب المخزي، حيث كان فرعون يقتل أطفالهم الذكور خوفا منهم، ويترك الإناث أحياء للخدمة، وفي ذلك بلاء أي بلاء، حيث لا تجد الإناث رجالا يتقدمون للزواج منهن، ويترتب على ذلك فساد وحرمان وإذلال، بسبب تجبر فرعون وإسرافه في الشر والعدوان، وقد اخترنا بني إسرائيل لدور فيه كرامة، على معرفة بعنادهم وصلفهم، وأظهرنا لهم معجزات باهرة، مثل : فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى.

المفردات :

العذاب المهين : الشديد الإهانة والإذلال.

التفسير :

٣٠، ٣١- ﴿ ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين * من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين ﴾.
أخبر الله فيما سبق أنه أهلك فرعون وجنوده، وكان في هلاكهم نعمة كثيرة على بني إسرائيل، فقد كان فرعون يستذلهم ويذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ويتفنن في إيذائهم، كما قال تعالى :﴿ إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ﴾. ( القصص : ٤ ).
وقال سبحانه :﴿ فاستكبروا وكانوا قوما عالين ﴾. ( المؤمنون : ٤٦ ).
ومعنى الآيتين ( ٣٠-٣١ ) من سورة الدخان : ولقد أنعمنا على بني إسرائيل، حيث نجيناهم من العذاب الأليم المزري بهم، من قتل الذكور واستحياء الإناث للخدمة والاستعباد، لقد كانت هذه النجاة من فرعون الطاغية المتكبر المتجبر المسرف في الكفر بالله وادعاء الألوهية، حيث قال :﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾. ( النازعات : ٢٤ ).

نعم وابتلاء
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ( ٣٠ ) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ( ٣١ ) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ( ٣٢ ) وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ ( ٣٣ ) ﴾

تمهيد :

في أعقاب غرق فرعون، يتحدث القرآن عن أنعم الله على بني إسرائيل، فقد نجاهم الله من العذاب المخزي، حيث كان فرعون يقتل أطفالهم الذكور خوفا منهم، ويترك الإناث أحياء للخدمة، وفي ذلك بلاء أي بلاء، حيث لا تجد الإناث رجالا يتقدمون للزواج منهن، ويترتب على ذلك فساد وحرمان وإذلال، بسبب تجبر فرعون وإسرافه في الشر والعدوان، وقد اخترنا بني إسرائيل لدور فيه كرامة، على معرفة بعنادهم وصلفهم، وأظهرنا لهم معجزات باهرة، مثل : فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى.
المفردات :
اخترناهم : اصطفيناهم.
على علم : عالمين باستحقاقهم ذلك أو على معرفة بحالهم.
التفسير :
٣٢- ﴿ ولقد اخترناهم على علم على العالمين ﴾.
أي : اخترناهم واصطفيناهم لميراث الأرض، حيث قادهم يوشع بن نون من بعد موسى، ففتح بهم أريحا وأطاح بالشرك في هذا الإقليم، أي : اخترناهم عالمين باستحقاقهم لهذا الميراث على عالمي زمانهم.
وقيل : المعنى : اخترناهم مع علمنا بأنهم ستكون لهم عيوب ورذائل في المستقبل مثل تحريف التوراة، وتحريف الكلم عن مواضعه، لكن كانت لهم قيادة صالحة تقوم ما هم عليه من تلكؤ ومن انحراف والتواء " مما يشير إلى أن اختيار الله ونصره لهم قد يكون لأنهم أفضل أهل زمانهم، ولو لم يكونوا قد بلغوا مستوى الإيمان العالي، إذا كانت فيهم قيادة تتجه بهم إلى الله على هدى وعلى بصيرة واستقامة " ٩.
نعم وابتلاء
﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ( ٣٠ ) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ( ٣١ ) وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ( ٣٢ ) وَآَتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآَيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ ( ٣٣ ) ﴾

تمهيد :

في أعقاب غرق فرعون، يتحدث القرآن عن أنعم الله على بني إسرائيل، فقد نجاهم الله من العذاب المخزي، حيث كان فرعون يقتل أطفالهم الذكور خوفا منهم، ويترك الإناث أحياء للخدمة، وفي ذلك بلاء أي بلاء، حيث لا تجد الإناث رجالا يتقدمون للزواج منهن، ويترتب على ذلك فساد وحرمان وإذلال، بسبب تجبر فرعون وإسرافه في الشر والعدوان، وقد اخترنا بني إسرائيل لدور فيه كرامة، على معرفة بعنادهم وصلفهم، وأظهرنا لهم معجزات باهرة، مثل : فلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى.
المفردات :
الآيات : المعجزات، كفلق البحر، وتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى.
بلاء مبين : اختبار ظاهر.
التفسير :
٣٣- ﴿ وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ﴾.
أعطيناهم من المعجزات والكرامات ما فيه اختبار ظاهر، حيث أنزل الله عليهم المن والسلوى، واستخلفهم في جانب من أرض الشام، حتى إذا تم امتحانهم وانقضت فترة استخلافهم، أخذهم الله بانحرافهم، وسلط عليهم من ينتقم ويشردهم في الأرض، وكتب عليهم الذلة والمسكنة وتوعدهم أن يعودوا إلى النكال والتشريد كلما بغوا في الأرض إلى يوم الدين.
في أعقاب التفسير فساد بني إسرائيل في الأرض
نلاحظ أن اليهود يتمسكون بمثل هذه الآيات التي تفيد أن الله اصطفاهم واختارهم على علم لهم، وفضلهم على العالمين، وروح القرآن تفيد أن الله اختارهم واصطفاهم عندما أطاعوا موسى، واتبعوا تعاليم التوراة فأورثهم الأرض، وما إن تمكنوا وصلح حالهم حتى استبدوا وفسدوا ؛ فسلط الله عليهم من ينتقم منهم انتقاما بليغا، وتوعدهم بهذه العقوبة كلما عادوا إلى الفساد.
وفي صدر سورة الإسراء أفاد القرآن الكريم ما يأتي :
( أ ) لبني إسرائيل إفساد في الأرض متكرر، وهناك مرتان هما أعلى هذا الإفساد.
( ب ) يسلط الله عليهم في الإفساد الأول من ينتقم منهم ويخرب ديارهم.
( ج‌ ) يستردون عافيتهم، ويمدهم الله بالمال والرجال.
( د ) كلما عادوا إلى الإساءة سلط الله عليهم من ينتقم منهم، ومن يخرب هيكلهم ومن يهدم ممتلكاتهم.
ويفيد المؤرخون أن أفضل أيام بني إسرائيل كانت أيام ملك داود وسليمان عليهما السلام، ثم كان الإفساد الأول حيث سلط الله عليهم بختنصر البابلي سنة ٦٠٦ قبل الميلاد، ثم ساعدهم قدرش الفارسي الذي تزوج من يهودية، فحسنت له مساعدة اليهود حتى استردوا ملكهم وأعادوا بناء هيكلهم سنة ٥٢٦ قبل الميلاد، ثم ما لبثوا أن عادوا إلى الإفساد والظلم، ثم سلط الله عليهم في الإفساد الثاني الرومان بقيادة تيطس سنة ٧٠ م، وقد كان إذلالهم في المرة الثانية أشد وأنكى، وقد تفرق اليهود في البلاد بعد هزيمتهم الثانية وأصبح تاريخهم ملحقا بتاريخ الممالك التي نزلوا فيها، ولم يرجع اليهود إلى فلسطين إلا في العصر الحديث.
الآيات التي تحدثت عن فساد بني إسرائيل :
قال تعالى :﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ( ٤ ) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ( ٥ ) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ( ٦ ) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ( ٧ ) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ( ٨ ) ﴾. ( الإسراء : ٤-٨ ).
مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.
المفردات :
هؤلاء : مشركي مكة.
التفسير :
٣٤، ٣٥- ﴿ إن هؤلاء ليقولون * إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين ﴾.
إن مشركي مكة لينكرون البعث والحشر والجزاء، ومن ثم يقولون : سنموت مرة واحدة في الدنيا، وبعد الموت لا حشر ولا نشر ولا بعث ولا حساب، وهذا كقوله تعالى :﴿ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ﴾. ( الأنعام : ٢٩ ).
المفردات :
موتتنا الأولى : الموتة التي نموتها في الدنيا، ثم لا نحيا ولا نبعث بعدها.
بمنشرين : بمبعوثين بعد الموت، يقال : نشر الله الميت وأنشره، أي : أحياه بعد الموت.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٤:مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.

المفردات :

هؤلاء : مشركي مكة.

التفسير :

٣٤، ٣٥- ﴿ إن هؤلاء ليقولون * إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين ﴾.
إن مشركي مكة لينكرون البعث والحشر والجزاء، ومن ثم يقولون : سنموت مرة واحدة في الدنيا، وبعد الموت لا حشر ولا نشر ولا بعث ولا حساب، وهذا كقوله تعالى :﴿ وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين ﴾. ( الأنعام : ٢٩ ).

مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.
التفسير :
٣٦- ﴿ فائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ﴾.
قال كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كنت صادقا فيما تقول، فادع الله أن يحيي لنا رجلين من آبائنا، منهم قصي بن كلاب فإنه كان حكيما صادقا، لنشاوره في صدق رسالتك، وفي صحة البعث والنشر والحساب والجزاء.
وتلك حجة واهية، فقد جعل الله الدنيا للاختبار والابتلاء، وجعل الحشر والنشر والجزاء إنما هو يوم القيامة حيث يعمد الله العالمين خلقا جديدا، والله تعالى لا يعجل لعجلة العباد، ولا يغير الناموس الإلهي من أجل رغبة المشركين، لذلك أهمل القرآن الإجابة على طلبهم، وقال سبحانه :﴿ أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين ﴾.
مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.
المفردات :
قوم تبع : تبع الحميري الأكبر ملك اليمن، الذي جيش الجيوش وفتح المدن، وكان مؤمنا وقومه كافرين، وتبع لقب لملك سبأ، كلقب كسرى لملك الفرس، ولقب قيصر لملك الروم.
التفسير :
٣٧- ﴿ أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين ﴾.
تأتي هذه الآية لتفتح عيونهم على واقع مشاهد، هو أن الله أهلك قوم تبع في بلاد اليمن المجاورة لهم، وكانوا أكثر حضارة وقوة ومنعة، كما أهلك كثيرا من المكذبين، مثل عاد وثمود وفرعون، أهلكهم الله لإجرامهم وعتوهم.
وفي هذا المعنى يقول سبحانه :﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ( ٦ ) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ( ٧ ) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ( ٨ ) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ( ٩ ) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ( ١٠ ) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ ( ١١ ) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ( ١٢ ) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ( ١٣ ) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ( ١٤ ) ﴾. ( الفجر : ٦-١٤ ).
أي : فكما أهلك الله هؤلاء المكذبين، فهو قادر على إهلاكهم ومعاقبتهم إذا استمروا في كفرهم وعنادهم.
مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.
المفردات :
لاعبين : لاهين عابثين.
التفسير :
٣٨، ٣٩- ﴿ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون ﴾.
هذا الكون البديع المنظم الذي أحكم الله خلقه بنسب معينة، وتقدير حكيم، فسبحان الذي أتقن كل شيء خلقه، وهذا الإتقان ظاهر في كل ما خلق وأبدع ونظم بنسب معينة، ونظام دقيق، يسير هذا الكون وفق نظامه، ثم خلق الله الإنسان وميزه بالعقل، ومنحه الإرادة والاختيار، والقدرة على الطاعة والمعصية، ولما كانت الدنيا ليست دار جزاء، بل هي عرض زائل يأكل منها البر والفاجر، لذلك كان لابد من دار جزاء يتم فيها البعث والحشر والحساب والجزاء، ومكافأة المحسنين ومعاقبة المجرمين.
ومعنى الآيتين :
لم نخلق هذا الكون عبثا وباطلا، بل خلقنا السماوات والأرض بالحق والعدل، ومن أجل حكمة عليا هي أن يستدل الناس بهما على قدرة الخالق، وأن يتأملوا فيهما، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك لقلة نظرهم، فصاروا لا يرجون ثوابا ولا يخشون عقابا.
وفي معنى هاتين الآيتين وردت آيات كثيرة في كتاب الله، منها ما ورد في أواخر سورة ( آل عمران )، وفيها يقول الله تعالى :﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ( ١٩٠ ) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( ١٩١ ) ﴾. ( آل عمران : ١٩٠، ١٩١ ).
وأيضا قوله تعالى :﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ﴾. ( المؤمنون : ١١٥، ١١٦ ).
وكقوله عز وجل :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ( ٢٧ ) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ( ٢٨ ) ﴾. ( ص : ٢٧، ٢٨ ).
ويقول الناظم :
وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الواحد
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٨:مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.

المفردات :

لاعبين : لاهين عابثين.

التفسير :

٣٨، ٣٩- ﴿ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون ﴾.
هذا الكون البديع المنظم الذي أحكم الله خلقه بنسب معينة، وتقدير حكيم، فسبحان الذي أتقن كل شيء خلقه، وهذا الإتقان ظاهر في كل ما خلق وأبدع ونظم بنسب معينة، ونظام دقيق، يسير هذا الكون وفق نظامه، ثم خلق الله الإنسان وميزه بالعقل، ومنحه الإرادة والاختيار، والقدرة على الطاعة والمعصية، ولما كانت الدنيا ليست دار جزاء، بل هي عرض زائل يأكل منها البر والفاجر، لذلك كان لابد من دار جزاء يتم فيها البعث والحشر والحساب والجزاء، ومكافأة المحسنين ومعاقبة المجرمين.

ومعنى الآيتين :

لم نخلق هذا الكون عبثا وباطلا، بل خلقنا السماوات والأرض بالحق والعدل، ومن أجل حكمة عليا هي أن يستدل الناس بهما على قدرة الخالق، وأن يتأملوا فيهما، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك لقلة نظرهم، فصاروا لا يرجون ثوابا ولا يخشون عقابا.
وفي معنى هاتين الآيتين وردت آيات كثيرة في كتاب الله، منها ما ورد في أواخر سورة ( آل عمران )، وفيها يقول الله تعالى :﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ( ١٩٠ ) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( ١٩١ ) ﴾. ( آل عمران : ١٩٠، ١٩١ ).
وأيضا قوله تعالى :﴿ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ﴾. ( المؤمنون : ١١٥، ١١٦ ).
وكقوله عز وجل :﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ( ٢٧ ) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ( ٢٨ ) ﴾. ( ص : ٢٧، ٢٨ ).

ويقول الناظم :

وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الواحد

مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.
المفردات :
يوم الفصل : يوم القيامة، سمي بذلك لأن الله يفصل فيه بين الحق والباطل.
ميقاتهم : وقت حسابهم وجزائهم، مشتق من الوقت.
التفسير :
٤٠، ٤١، ٤٢- ﴿ إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين * يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم ﴾.
إن يوم القيامة هو يوم الفصل، حيث يفصل الله ويحكم بين الظالمين والمظلومين، ويفصل بين المؤمنين والكافرين، أو يفصل بين أهل الجنة وأهل النار، وهو الوقت الذي حدده الله للقضاء والجزاء، ومكافأة الصالحين ومعاقبة الكافرين.
قال تعالى :﴿ إن يوم الفصل كان ميقاتا ﴾. ( النبأ : ١٧ ).
مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.
المفردات :
لا يغني مولى عن مولى شيئا : لا يغني الذين يتولون بعضهم بعضا في الدنيا شيئا عن أنفسهم في الآخرة.
التفسير :
﴿ يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون ﴾.
في ذلك اليوم لا يغني ولي ولا حسيب ولا قريب ولا صديق عن وليه أو حبيبه أو قريبه أو صديقه شيئا، أي شيء.
إن الحكمة الإلهية اقتضت أن يعود الناس إلى ربهم فرادى كما خلقهم أول مرة، وقد انقطع التناصر بينهم، ذلك الذي كان يربط بينهم في الدنيا، حيث موازين الآخرة مختلفة، وكل امرئ بما كسب رهين، فلا تناصر بين أب وابن، ولا بين زوجة وزوجها، ولا بين أم وولدها.
قال تعالى :﴿ يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ﴾. ( عبس : ٣٤-٣٧ ).
كان أهل الباطل في الدنيا يتآزرون ويتناصرون، لكن في الآخرة يكون الجزاء على قدر العمل، ويتبرأ المتبوعون من التابعين، ولا ينفع الولي وليه ولا ينصره.
مناقشة المشركين
﴿ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ ( ٣٤ ) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ ( ٣٥ ) فَأْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ( ٣٦ ) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ( ٣٧ ) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ( ٣٨ ) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( ٣٩ ) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ( ٤٠ ) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ( ٤١ ) إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( ٤٢ ) ﴾

تمهيد :

بدأت السورة بحديث عن مشركي مكة، ثم انتقلت للحديث عن فرعون وقومه من قوله تعالى :﴿ ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ﴾. ( الدخان : ١٧ ).
وبعد انتهاء قصة فرعون وغرقه ونجاة بني إسرائيل عاد الحديث عن هؤلاء المشركين ومناقشتهم في أقوالهم، فهم ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء، ويطلبون إحياء من مات من آبائهم ليسألوهم : هل محمد صادق في ادعائه أن الله أرسله ؟ ثم يبصرهم القرآن بأن الله تعالى أهلك قوم تبع والذين من قبلهم، كعاد وثمود، وقد كانوا أكثر من أهل مكة عددا وعدة ومع ذلك أهلكهم الله، فليعتبروا بذلك حتى لا يصيبهم ما أصاب من سبقهم، ثم يقدم القرآن الأدلة العقلية على وجوب البعث والحشر والجزاء والحساب، حتى يكافأ المحسن ويعاقب المسيء.
التفسير :
﴿ إلا من رحم الله... ﴾
أي : لكن الطائعين المؤمنين الملتزمين يشملهم الله برحمته، ويظلهم في ظل عرشه.
﴿ إنه هو العزيز ﴾. الغالب القاهر، مالك الملك، ملك يوم الدين، ﴿ الرحيم ﴾ : الذي يشمل برحمته من يشاء ممن هو أهل لتلك الرحمة، مستحق لذلك الفضل.
عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
المفردات :
شجرة الزقوم : شجرة مرة، شكلها بشع مخيف.
التفسير :
٤٣، ٤٤، ٤٥، ٤٦- ﴿ إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم ﴾.
يذوق الكافر ألوان العذاب الجسدي والنفسي، فطعامه من شجرة الزقوم، تلك الشجرة التي تنبت في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، فطعامها مر وشكله مخيف كالشبرق، وهو حار يغلي في بطن الكافر كما يغلي الماء الحار، أو كالزيت المغلي الذي بلغ أعلى درجات الحرارة، فيقطع أمعاء الكافر.
المفردات :
الأثيم : كثير الآثام والذنوب وهو الكافر.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.

المفردات :

شجرة الزقوم : شجرة مرة، شكلها بشع مخيف.

التفسير :

٤٣، ٤٤، ٤٥، ٤٦- ﴿ إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم ﴾.
يذوق الكافر ألوان العذاب الجسدي والنفسي، فطعامه من شجرة الزقوم، تلك الشجرة التي تنبت في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، فطعامها مر وشكله مخيف كالشبرق، وهو حار يغلي في بطن الكافر كما يغلي الماء الحار، أو كالزيت المغلي الذي بلغ أعلى درجات الحرارة، فيقطع أمعاء الكافر.

المفردات :
المهل : دردى الزيت.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.

المفردات :

شجرة الزقوم : شجرة مرة، شكلها بشع مخيف.

التفسير :

٤٣، ٤٤، ٤٥، ٤٦- ﴿ إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم ﴾.
يذوق الكافر ألوان العذاب الجسدي والنفسي، فطعامه من شجرة الزقوم، تلك الشجرة التي تنبت في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، فطعامها مر وشكله مخيف كالشبرق، وهو حار يغلي في بطن الكافر كما يغلي الماء الحار، أو كالزيت المغلي الذي بلغ أعلى درجات الحرارة، فيقطع أمعاء الكافر.

المفردات :
الحميم : الماء الذي تناهى حره.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.

المفردات :

شجرة الزقوم : شجرة مرة، شكلها بشع مخيف.

التفسير :

٤٣، ٤٤، ٤٥، ٤٦- ﴿ إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم ﴾.
يذوق الكافر ألوان العذاب الجسدي والنفسي، فطعامه من شجرة الزقوم، تلك الشجرة التي تنبت في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، فطعامها مر وشكله مخيف كالشبرق، وهو حار يغلي في بطن الكافر كما يغلي الماء الحار، أو كالزيت المغلي الذي بلغ أعلى درجات الحرارة، فيقطع أمعاء الكافر.

عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
المفردات :
فاعتلوه : جروه بعنف ومهانة، أو ادفعوه دفعا عنيفا.
سواء الجحيم : وسط النار.
التفسير :
٤٧، ٤٨- ﴿ خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ﴾.
يقال لزبانية جهنم : جروه في عنف ومهانة فاقذفوا به في وسط النار، ثم صبوا فوق رأسه ما يحرق جلده، فيجتمع عليه عذاب الظاهر وعذاب الباطن.
قال ابن كثير :
وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية :﴿ خذوه ﴾. ابتدره سبعون ألفا منهم.
وقوله :﴿ فاعتلوه ﴾. أي : سوقوه سحبا ودفعا في ظهره.
﴿ إلى سواء الجحيم ﴾. أي : وسطها.
عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
التفسير :
﴿ ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ﴾.
كقوله عز وجل :﴿ يصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد ﴾. ( الحج : ١٩-٢١ ).
عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
التفسير :
٤٩- ﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾.
أي : تذوق هذا العذاب، فقد كنت تزعم أنك أعز أهل مكة وأكرمها، ولن يستطيع أي عذاب أن يصل إليك، فيقال للكافر على سبيل التقريع والتهكم : تذوق شدة العذاب أيها المهين الذليل.
ذكر الأموي في مغازيه :
لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل، فقال صلى الله عليه وسلم :( إن الله أمرني أن أقول لك :﴿ أولى لك فأولى * ثم أولى لك فأولى ﴾. ( القيامة : ٣٤، ٣٥ ). قال : فنزع أبو جهل ثوبه من يد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء، ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم، قال : فقتله الله تعالى يوم بدر، وأذله وعيره بكلمته ١٠ وأنزل :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾.
أي : يقول له الملك :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. بزعمك، وقيل : على معنى الاستخفاف والاستهزاء والإهانة والتنقيص، أي قال له : إنك أنت الذليل المهان.
عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
المفردات :
تمترون : تشكون.
التفسير :
٥٠- ﴿ إن هذا ما كنتم به تمترون ﴾.
إن هذا هو العذاب الذي كنتم تجادلون وترتكبون المراء والجدال في الدنيا بشأنه، فمنكم من كان ينكره، ومنكم من كان يشكك في صحته، فها هو ذا قد أصبح واقعة فوق رؤوسكم.
عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
المفردات :
في مقام أمين : في مجلس أمنوا فيه من كل هم وحزن.
التفسير :
٥١، ٥٢، ٥٣- ﴿ إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون * يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين ﴾.
نجد هنا مقابلة بين الحديث من أهل النار وعذابهم ومهانتهم، والحديث من أهل الجنة وما يلقون من صنوف التكريم في المكانة والمكان، والملبس والمجلس، والقرناء أو الزوجات، وأنواع المأكل والفواكه، والمن النفسي والحسي، فضلا من الله ونعمة عليهم بهذا الفوز العظيم.
ومعنى الآيات :
إن المتقين الذين راقبوا الله وأخلصوا له في أعمالهم لهم مساكن آمنة من جميع المخاوف، طيبة المكان والنزهة، فهم في بساتين غناء، وينابيع متدفقة بالماء، ويلبسون ملابس متنوعة متفاوتة، بعضها من سندس، وهو الحرير الرقيق، وبعضها من إستبرق، وهو الحرير الغليظ الأخاذ البراق، كما يتمتعون بالجلوس على الأرائك متقابلين ينظر بعضهم إلى وجوه بعض، ولا يعرض عنه زيادة في التكريم والنعيم.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥١:عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.

المفردات :

في مقام أمين : في مجلس أمنوا فيه من كل هم وحزن.

التفسير :

٥١، ٥٢، ٥٣- ﴿ إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون * يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين ﴾.
نجد هنا مقابلة بين الحديث من أهل النار وعذابهم ومهانتهم، والحديث من أهل الجنة وما يلقون من صنوف التكريم في المكانة والمكان، والملبس والمجلس، والقرناء أو الزوجات، وأنواع المأكل والفواكه، والمن النفسي والحسي، فضلا من الله ونعمة عليهم بهذا الفوز العظيم.

ومعنى الآيات :

إن المتقين الذين راقبوا الله وأخلصوا له في أعمالهم لهم مساكن آمنة من جميع المخاوف، طيبة المكان والنزهة، فهم في بساتين غناء، وينابيع متدفقة بالماء، ويلبسون ملابس متنوعة متفاوتة، بعضها من سندس، وهو الحرير الرقيق، وبعضها من إستبرق، وهو الحرير الغليظ الأخاذ البراق، كما يتمتعون بالجلوس على الأرائك متقابلين ينظر بعضهم إلى وجوه بعض، ولا يعرض عنه زيادة في التكريم والنعيم.

المفردات :
سندس : حرير رقيق.
وإستبرق : هو الديباج الغليظ شديد البريق.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥١:عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.

المفردات :

في مقام أمين : في مجلس أمنوا فيه من كل هم وحزن.

التفسير :

٥١، ٥٢، ٥٣- ﴿ إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون * يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين ﴾.
نجد هنا مقابلة بين الحديث من أهل النار وعذابهم ومهانتهم، والحديث من أهل الجنة وما يلقون من صنوف التكريم في المكانة والمكان، والملبس والمجلس، والقرناء أو الزوجات، وأنواع المأكل والفواكه، والمن النفسي والحسي، فضلا من الله ونعمة عليهم بهذا الفوز العظيم.

ومعنى الآيات :

إن المتقين الذين راقبوا الله وأخلصوا له في أعمالهم لهم مساكن آمنة من جميع المخاوف، طيبة المكان والنزهة، فهم في بساتين غناء، وينابيع متدفقة بالماء، ويلبسون ملابس متنوعة متفاوتة، بعضها من سندس، وهو الحرير الرقيق، وبعضها من إستبرق، وهو الحرير الغليظ الأخاذ البراق، كما يتمتعون بالجلوس على الأرائك متقابلين ينظر بعضهم إلى وجوه بعض، ولا يعرض عنه زيادة في التكريم والنعيم.

عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
المفردات :
حور : جمع حوراء، من الحور وهو شدة سواد العين مع شدة بياضها.
عين : جمع عيناء، وهي واسعة العينين.
التفسير :
٥٤، ٥٥- ﴿ كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ﴾.
أي : هذا العطاء مع تزويجهم أو قرنهم بالزوجات الحسان الحور البيض، الواسعات الأعين مع شدة بياض العين وشدة السواد فيها، يطلبون ما شاءوا من أنواع الفواكه والثمار، ويجدون في الجنة ما يشتهون، حال كونهم آمنين من الأوجاع والأسقام، ومن الموت والتعب والشيطان، وقد تكرر وصف الجنة في القرآن الكريم، وذكر ألوان النعيم المتعدد، مثل قوله تعالى :﴿ إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ﴾. ( المطففين : ٢٢-٢٦ ).
وقوله سبحانه :﴿ فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * كأنهن الياقوت والمرجان ﴾. ( الرحمان : ٥٦-٥٨ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٤:عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.

المفردات :

حور : جمع حوراء، من الحور وهو شدة سواد العين مع شدة بياضها.
عين : جمع عيناء، وهي واسعة العينين.

التفسير :

٥٤، ٥٥- ﴿ كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ﴾.
أي : هذا العطاء مع تزويجهم أو قرنهم بالزوجات الحسان الحور البيض، الواسعات الأعين مع شدة بياض العين وشدة السواد فيها، يطلبون ما شاءوا من أنواع الفواكه والثمار، ويجدون في الجنة ما يشتهون، حال كونهم آمنين من الأوجاع والأسقام، ومن الموت والتعب والشيطان، وقد تكرر وصف الجنة في القرآن الكريم، وذكر ألوان النعيم المتعدد، مثل قوله تعالى :﴿ إن الأبرار لفي نعيم * على الأرائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم * ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ﴾. ( المطففين : ٢٢-٢٦ ).
وقوله سبحانه :﴿ فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * كأنهن الياقوت والمرجان ﴾. ( الرحمان : ٥٦-٥٨ ).

عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
المفردات :
ووقاهم : وحفظهم.
التفسير :
٥٦، ٥٧- ﴿ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم * فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم ﴾.
أهل الجنة في شباب دائم، وصحة دائمة، لا يدركهم النوم ولا الموت، بل هم خالدون في الجنة بفضل الله ونعمائه، لقد ماتوا في الدنيا عن شهواتهم وملذاتهم، وصاموا عن المحرمات، والتزموا مرضات الله، وسَمَتْ أرواحهم لأن تكون من أهل الجنة، وقد أدركهم الموت في الدنيا مرة واحدة، فإذا دخلوا الجنة فهم في نعيم دائم، وخلود بلا موت لا يخرجون من الجنة ولا يموتون، وقد حفظهم الله من عذاب الجحيم، فضلا من الله ونعمة، إن هذا يحصل عليه أهل الجنة هو الفوز العظيم، وأي فوز أعظم من نعيم الجنة والوقاية من عذاب النار.
أخرج الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يقال لأهل الجنة : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا )١١.
وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت )١٢.
إن هذا النعيم فضل من الله ونعمة، وثواب ومنحة، وهو فوز عظيم لأهل الجنة، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لن يدخل أحدكم الجنة عمله )، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال :( ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته )١٣.
المفردات :
فضلا : تفضلا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٦:عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.

المفردات :

ووقاهم : وحفظهم.

التفسير :

٥٦، ٥٧- ﴿ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم * فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم ﴾.
أهل الجنة في شباب دائم، وصحة دائمة، لا يدركهم النوم ولا الموت، بل هم خالدون في الجنة بفضل الله ونعمائه، لقد ماتوا في الدنيا عن شهواتهم وملذاتهم، وصاموا عن المحرمات، والتزموا مرضات الله، وسَمَتْ أرواحهم لأن تكون من أهل الجنة، وقد أدركهم الموت في الدنيا مرة واحدة، فإذا دخلوا الجنة فهم في نعيم دائم، وخلود بلا موت لا يخرجون من الجنة ولا يموتون، وقد حفظهم الله من عذاب الجحيم، فضلا من الله ونعمة، إن هذا يحصل عليه أهل الجنة هو الفوز العظيم، وأي فوز أعظم من نعيم الجنة والوقاية من عذاب النار.
أخرج الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يقال لأهل الجنة : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا )١١.
وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت )١٢.
إن هذا النعيم فضل من الله ونعمة، وثواب ومنحة، وهو فوز عظيم لأهل الجنة، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لن يدخل أحدكم الجنة عمله )، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال :( ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته )١٣.

عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
التفسير :
٥٨، ٥٩- ﴿ فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون * فارتقب إنهم مرتقبون ﴾.
لقد يسرنا القرآن للذكر، وأنزلناه بلسانك يا محمد باللغة العربية.
قال تعالى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم... ﴾ ( إبراهيم : ٤ ).
ومن أسباب التقارب أن يكون الرسول بشرا مثل البشر، وأن يتكلم بلغة قومه ولسانهم، ليكون خبيرا بلغتهم وأفكارهم ؛ فيحاورهم ويناقشهم، ويأخذوا عنه ويستفهموا منه، والقلوب النظيفة هي التي تستجيب للهدى، ودواعي الإيمان.
ومعنى الآية :
إنما أنزلنا القرآن عربيا مبينا على نبي عربي، صاحب لسان عربي، ولأمة عربية علّها أن تتفهم المراد، وتعي دورها ومسئوليتها في فهم الذكر والتخلق بأخلاق القرآن وهديه.
قال تعالى :﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم... ﴾ ( النحل : ٤٤ ).
فالرسول صلى الله عليه وسلم مهبط الوحي، واختيار السماء، وخاتم الرسل، وبه خاطبت السماء الأرض، ومن خلاله نزل وحي الله وكتابه الكريم ليكون خاتم الكتب، ينزل على خاتم الرسل، لعل قومه يتذكرون معاني الألوهية والتوحيد، وشرف الإيمان بالوحي والاهتداء به وحمله إلى الناس.
قال تعالى :﴿ وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ﴾. ( الزخرف : ٤٤ ).
عذاب الجحيم، ونعيم الجنة
﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ( ٤٣ ) طَعَامُ الْأَثِيمِ ( ٤٤ ) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ( ٤٥ ) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ( ٤٦ ) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ( ٤٧ ) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ( ٤٨ ) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( ٤٩ ) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ( ٥٠ ) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ( ٥١ ) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ٥٢ ) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ( ٥٣ ) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ( ٥٤ ) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ ( ٥٥ ) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ( ٥٦ ) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( ٥٧ ) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( ٥٨ ) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ( ٥٩ ) ﴾

تمهيد :

من شأن القرآن الكريم أن يقابل بين عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، فالكافر يأكل من شجرة الزقوم، طعمها مر بشع، تنبت في وسط الجحيم فيأكل من ثمرها الذي يغلي في بطنه كغلي الماء الحار، ويؤخذ بعنف ومهانة ويرمى به في وسط النار، ثم يصب فوق رأسه ماء حار يغلي غلي المرجل، تتأثر به أمعاؤه، ويناله الهوان والمذلة وألوان العذاب، ويقال له : أيها المتكبر المتغطرس الذي كان يقول في الدنيا : إني عزيز كريم من أعز أهل هذا الوادي، ولن يصل إلي العذاب، يقال له تهكما به وعقابا له :﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾. ( الدخان : ٤٩ ). أي : أصبحت ذليلا معذبا بأقسى ألوان العذاب الجسدي والنفسي.
وفي المقابل نعيم أهل الجنة، فهم يتمتعون بالجنات والعيون، ويلبسون أنواع الحرير، ويزوجون الحور العين، كل ذلك الفضل منة من الله، وهو فوز عظيم.
المفردات :
ارتقب : انتظر.
التفسير :
﴿ فارتقب إنهم مرتقبون ﴾.
أي : توقع ما ينزل بالمشركين من الهزيمة والنكال في الدنيا والعذاب في الآخرة، أنهم يرتقبون موتك، ويقولون : انتظروا حتى ينزل محمد ما نزل بالشعراء من قبله من الموت.
قال تعالى :﴿ إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ﴾. ( الزمر : ٣٠-٣١ ).
وقال تعالى :﴿ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفأين مت فهم الخالدون ﴾. ( الأنبياء : ٣٤ ).
أي : كل منكم يتربص ماذا سينزل بخصمه، بيد أن الله وعدك النصر في الدنيا والمثوبة في الآخرة.
قال تعالى :﴿ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ﴾. ( المجادلة : ٢١ ).
وقال عز من قائل :﴿ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ﴾. ( غافر : ٥١-٥٢ ).
Icon