تفسير سورة الرحمن

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة الرحمن
أهداف سورة لرحمن
سورة الرحمن مدنية، وآياتها ٧٨ آية، نزلت بعد سورة الرعد
وتتميز سورة الرحمن بجرسها وقصر آياتها وتعاقب الآيات :﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾. فنسمع هذا الرنين الأخاذ، والإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد، والنعم المتعددة بتعليم القرآن، وخلق الإنسان، وتعليم البيان.. وكل هذه النعم مصدرها رحمة الرحيم الرحمن، صاحب الفضل والإنعام، فإذا استرسلنا في قراءة السورة رأينا حشدا من مظاهر النعم، وآلاء الله الباهرة الظاهرة في جميل صنعه، وإبداع خلقه، وفي فيض نعمائه، وفي تدبيره للوجود وما فيه، وتوجيه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم.
وسورة الرحمن إشهاد عام للوجود كله على الثقلين : الإنس والجن، إشهاد في ساحة الوجود، على مشهد من كل موجود، مع تحدٍّ للجن والإنس إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله، تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه التي يعددها ويفصِّّلها، ويجعل الكون كله معرضا لها، وساحة الآخرة كذلك.
فبأي آلاء ربكما تكذبان
تكررت هذه الآية في السورة إحدى وثلاثين مرة، لتذكر الإنس والجن بنعم الله الجزيلة عليهم، بأسلوب معجز يتحدى بلغاء العرب، ولاشك أن هذه النعم الضافية التي أسبغها ربهم عليهم، تستحق من العباد الشكر والإيمان، لا الكفر والطغيان.
والآلاء جمع إلى وهي النعمة، أي نعم الله عليكم وافرة، ترونها أمامكم وخلفكم وفوقكم وتحتكم، فبأي هذه النعم تكذبان ؟ والخطاب هنا للجن والإنس لتذكيرهما بالأفضال المتلاحقة من الله، ولا يستطيعان أن يكذبا أو يجحدا أي نعمة من هذه النعم.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن ردًّا منكم، كنت كلما أتيت على قوله : فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان. قالوا : لا بشيء من نعمك نكذب فلك الحمد ".
كما روي أن قيس بن عاصم المنقري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا محمد، اتل عليّ شيئا مما أنزل عليك، فتلا عليه سورة الرحمن، فقال : أعدها، فأعادها صلى الله عليه وسلم، فقال : والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وأسفله مغدق، وأعلاه مثمر، وما يقول هذا بشر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
المعنى الإجمالي للسورة
المنة على الخلق بتعليم القرآن وتلقين البيان، ولفت أنظارهم إلى صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله.. الشمس والقمر، والنجم والشجر، والسماء المرفوعة، والميزان الموضوع، والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان. والجن والإنس، والمشرقين والمغربين، والبحرين بينهما برزخ لا يبغيان وما يخرج منهما وما يجري فيهما.
فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار، عرض مشهد فنائها جميعا، مشهد الفناء المطلق للخلائق، في ظل الوجود المطلق لوجه الله الكريم الباقي، الذي إليه تتوجه الخلائق جميعا ليتصرف في أمرها بما يشاء، قال تعالى :﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾. ( الرحمن : ٢٦-٢٧ )
وفي ظل الفناء المطلق للإنسان، والبقاء المطلق للرحمن، يجيء التهديد المروع والتحدي الكوني للجن والإنس، ومن ثم يعرض مشهد النهاية، مشهد القيامة يعرض في صورة كونية، يرتسم فيها مشهد السماء حمراء سائلة، ومشهد العذاب للمجرمين، ثم يعرض ألوان الثواب للمتقين، ويصف الجنة وما فيها من نعيم مقيم أعده الله للمتقين، ويبين أن منازل الجنات مختلفة، ونعيمها متفاوت، والجزاء على قدر العمل.
كل يوم هو في شأن
قال المفسرون : شئون يبديها لا شئون يبتديهاi، فهو سبحانه صاحب التدبير الذي لا يشغله شأن عن شأن، ولا يند عن علمه ظاهر ولا خَافِ، والخلق كلهم يسألونه، فهو مناط السؤال، وغيره لا يسأل، وهو معقد الرجاء ومظنة الجواب.
وهذا الوجود الذي لا نعرف له حدودا كله منوط بقدره، متعلق بمشيئته، وهو سبحانه قائم بتدبيره.
هذا التدبير الذي يتبع ما ينبت، وما يسقط من ورقة، وما يكمن من حبة في ظلمات الأرض، وكل رطب وكل يابس، يتبع الأسماك في بحارها، والديدان في مساربها، والوحوش في أوكارها، والطيور في أعشاشها، وكل بيضة وكل فرخ، وكل خلية في جسم حي.
تفسير النسفي للآية :
في تفسير قوله تعالى :﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾. ( الرحمن : ٢٩ )، قال النسفي : يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... كل من في السماوات والأرض مفتقرون إليه، فيسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم، وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم.
كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ : كلَّ وقت وحين يُحدث أمورا ويُجدد أحوالا، كما روى أنه صلى الله عليه وسلم تلاها، فقيل له : وما ذلك الشأن ؟ فقال : " من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرّج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين ".
وعن ابن عيينة : الدهر عند الله يومان، أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي، والإحياء والإماتة، والإعطاء والمنع. واليوم الآخر هو يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب.
وقيل : نزلت في اليهود حين قالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شأنا.
وسأل بعض الملوك وزيره عن الآية، فاستمهله إلى الغد، وذهب كئيبا يفكر فيها، فقال غلام له أسود : يا مولاي، أخبرني ما أصابك، فأخبره، فقال الغلام : أنا أفسرها للملك فأعلمه، فقال : أيها الملك، شأن الله أنه يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ويشفي سقيما ويسقم سليما، ويبتلي معافى ويعافي مبتلى، ويعزّ ذليلا ويذل عزيزا، ويغني فقيرا. فقال الملك : أحسنت، وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة، فقال : يا مولاي، هذا من شأن الله.
وقيل : سوق المقادير إلى المواقيت.
وقيل : إن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل وقال له : أشكلت عليّ آيات دعوتك لتكشفها لي، قوله تعالى : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ. وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة، فقال الحسين : كل يوم هو في شأن، فإنها شئون يبديها لا شئون يبتديهاii، أي يظهرها لعباده في واقع الناس على وفق ما قدره في الأزل من إحياء وإماتة، وإعزاز وإذلال، وإغناء وإعدام، وإجابة داع وإعطاء سائل، وغير ذلكiii.
فالناس يسألونه سبحانه بصفة مستمرة، وهو سبحانه مجيب الدعاء، بيده الخلق والأمر، يغير ولا يتغير، يجير ولا يجار عليه، يقبض ويبسط، يخفض ويرفع، وهو بكل شيء عليم.
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. ( آل عمران ٢٦ )

أنعم الله المتعددة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿ الرَّحْمَنُ ( ١ ) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ( ٢ ) خَلَقَ الْإِنْسَانَ ( ٣ ) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ( ٤ ) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ( ٥ ) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ( ٦ ) وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ( ٧ ) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ( ٨ ) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ( ٩ ) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ( ١٠ ) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ( ١١ ) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ( ١٢ ) فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ١٣ ) ﴾
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
الرحمن : هو الله تعالى، المنعم بجلائل النعم الدنيوية والأخروية، وهو اسم من أسماء الله الحسنى.
علَّم القرآن : قدم ذلك، لأن أصل النعم الدينية وأجلّها هو إنعامه بالقرآن، وتنزيله وتعليمه، فإنه أساس الدين.
التفسير :
١، ٢- ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴾.
اسم الله الرَّحْمَنُ، معناه أن الرحمة صفة وجودية قديمة، قائمة بذاته سبحانه وتعالى، فهو الرحمن، ورحمته تنتقل إلى عباده فهو رحيم بهم، وفي سورة الفاتحة :﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾. ( الفاتحة : ٣ ). فما أكثر رحمته بعباده، ومن أجلّ هذه النعم إنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، بواسطة جبريل الروح الأمين.
قال تعالى :﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾. ( النجم : ٥ ).
وقال سبحانه :﴿ نزل به الروح الأمين*على قلبك لتكون من المنذِرين ﴾. ( الشعراء : ١٩٣-١٩٤ ).
ومن أجلِّ النعم إنزال هذا الكتاب على الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، وقد علّمه الله إياه، وتكفَّل بحفظه في قلبه، وقراءته على لسانه.
قال تعالى :﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾. ( القيامة : ١٦-١٩ ).
وقد ادَّعت قريش أن النبي يتعلم القرآن من حداد رومي كان يجلس عنده، فردّ الله عليهم، وبيَّن أن الله هو الذي علم محمدا هذا الكتاب، حيث قال سبحانه :﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴾.
وقال عز شأنه :﴿ وإنّك لتُلقّى القرآن من لدن حكيم عليم ﴾. ( النمل : ٦ ).
وقال عز شأنه :﴿ وما ينطق عن الهوى*إنْ هو إلا وحي يوحى ﴾. ( النجم : ٣-٤ ).
فضل القرآن
جعل الله الثواب العظيم في تلاوة القرآن وحفظه، وتعليمه وتعلّمه، وقد اشتمل القرآن الكريم على التشريع والعبادات والمعاملات، والآداب، وأخبار السابقين، وقصص المرسلين، وأخبار القيامة، وكل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم، ولذلك كان أعظم المنن : عَلَّمَ الْقُرْآَنَ.
وللمفسرين هنا رأيان :
الأول : أن الله علم القرآن للبشر وللناس حتى يهتدوا بهدى الله، ومكّن الإنسان من استيعاب هذا الكتاب، وتلاوته وحفظه وفهم معانيه.
قال تعالى :﴿ ولقد يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾. ( القمر : ١٧ ).
أي سهَّلنا تلاوة القرآن وقراءته وفهمه لمن رغب في ذلك، فهل من متعظ راغب في هذا الخير ؟
الثاني : أن الله علم القرآن لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم تعلّم منه الصحابة، وتناقل الناس تعليم القرآن عن الصحابة.
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
علمه البيان : علمه النطق المعرب عما في الضمير.
التفسير :
٣، ٤- ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾.
خلق الله آدم، ومنحه القدرة على التعليم والتعلّم، واستنباط المجهول من المعلوم، وبهذه القوى الظاهرة والباطنة التي منحها الله للإنسان، استطاع أن يبين عما في نفسه، وأن يفهم كلام غيره، و أن يستفيد من تجارب غيره، وبذلك وصل الإنسان إلى القمر، بينما لا تزال القرود على الشجر.
وقيل : المراد بتعليمه البيان تعليمه التكلم بلغات مختلفة.
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
بحسبان : بحساب وتدبير.
التفسير :
١- ﴿ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾.
تتابُع سير الشمس في منازلها، وسير القمر في منازله، يترتب عليه مجيء الليل والنهار، وتتابع الفصول الأربعة، وحساب أوقات الزراعة، وطلوع الأهلّة، ومعرفة الشهور، وأوقات الصيام والحج، وقضاء الدَّين، وانقضاء العدة، وغير ذلك من المصالح المتعددة.
قال تعالى :﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ﴾. ( الإسراء : ١٢ ).
وقال تعالى :﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾. ( الأنعام : ٩٦ ).
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
يسجدان : يخضعان لتدبيره تعالى.
التفسير :
٢- ﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾.
النجم المرتفع في السماء يدور في مداره، ويخضع لنظام القدرة الإلهية التي تمسك بزمام السماء، والشجر خاضع لقدرة الله الذي يسَّر للشجر الماء والهواء والفضاء، والشمس والقمر، والليل والنهار، أي أن السماء العالية ونجومها الزاهرة، والأرض المنبسطة وأشجارها الخضراء، يسجدان لله خاضعين لقدرته.
قال تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ... ﴾( الحج : ١٨ ).
وقيل : المراد بالنجم : النبات الذي لا ساق له والشجر : الذي له ساق، ينقادان لقدرة الله تعالى، فإنَّ ظهورهما بشكل معين ولأجل معين، وجعلهما غذاء للإنسان، ومتعة له شكلا ولونا، ومقدارا وطعما ورائحة، انقياد لقدرة الله تعالى.
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
ووضع الميزان : ووضع العدل.
التفسير :
٧- ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾
جعل الله السماء سقفا مرفوعا، وزيَّنها بالنجوم، وجعل فيها الملائكة واللَّوح المحفوظ، وفيها أبراج وأفلاك ونجوم، وملائكة ووحي، وأنزل الميزان ليقوم الناس بالعدل والقسط، قال صلى الله عليه وسلم : " بالعدل قامت السماوات والأرض " أي : بقيتا على أتقن نظام وأحسنه.
وفي الحديث القدسي : " يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا " iv.
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ إنّ الله لا يظلم مثقال ذرّة... ﴾ ( النساء : ٤٠ ).
ويقول تعالى :﴿ إنّ الله لا يظلم الناس شيئا ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون ﴾. ( يونس : ٤٤ ).
فالله تعالى عادل، وبهذا العدل قامت السماوات والأرض، وأنزل الله الميزان بمعنى أنَّه أمر بالعدل والقسط في شريعته وفي أحكامه، وفي تعامل الناس ببعضهم مع بعض.
قال تعالى :﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ... ﴾ ( النساء : ٥٨ ).
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
ألا تطغوا : لئلا تتجاوزوا فيه الحق.
بالقسط : بالعدل.
ولا تُخسروا الميزان : ولا تنقصوه.
التفسير :
٨، ٩- ﴿ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾.
أي : أنزل الله الميزان إلى الأرض، وقال ابن عباس : المراد بالميزان ما تعرف به مقادير الأشياء، وهو الآلة المسماة بهذا الاسم، أي أوجده في الأرض ليضبط الناس في معاملاتهم في أخذهم وعطائهم.
﴿ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾.
الطغيان : تجاوز الحد والنََّصفة، وهذه الآية كالتعليل لما سبقها.
أي : أنزل الميزان حتى لا يطغى إنسان على أخيه، فيظلمه ولا ينصفه، كما يجب الوزن بالعدل، والبيع والشراء بالقسط، وعدم تجاوز الحدود، وعدم تطفيف الكيل والميزان.
﴿ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ ﴾.
أي : قوّموا وزنكم بالعدل، ولا تنقصوه ولا تبخسوه شيئا، بل زِنوا بالحق والقسط، كما قال تعالى : وزنوا بالقسطاس المستقيم. ( الشعراء : ١٨٢ ).
وقد تكرر الأمر بالعدل والتوصية به والحث عليه لأهميته، وللتنبيه على شدة عناية الله تعالى بإقامة العدل بين الناس في معاملاتهم وفي سائر شؤونهم، إذ بدونه لا يستقيم لهم حال، ولا يستقر لهم قرار، فقد أمر سبحانه بالتسوية والعدل، ثم نهى عن الطغيان الذي هو مجاوزة الحدّ، ثم نهى عن الخسران الذي هو النقص والبخس.
وقال قتادة في الآية : اعدل يا ابن آدم كما تحب أن يُعدل لك، وأوْفِ كما تحب أن يوفّى لك، فإن في العدل صلاح الناس.
ويقول الحق سبحانه وتعالى :﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ... ﴾ ( الحديد : ٢٥ ).
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
والأرض وضعها : خلقها موضوعة مخفوضة.
للأنام : للخلق.
التفسير :
١٠-﴿ وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴾.
بسط الله الأرض، وذلل طرقها، وأرسى جبالها، وسخّر بها الماء والبحار والأنهار والأشجار، ليستفيد بها الأنام، أي الناس جميعا، أو المخلوقات من الإنس والجن، والحيوان والأسماك، والطيور وسائر المخلوقات، وكل ما على وجه الأرض.
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
الأكمام : أوعية الثمر.
التفسير :
١١-﴿ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴾.
في الأرض ما يتفكه الناس بأكله، من صنوف الفواكه التي تؤكل على سبيل التفكّه والتلذذ، لا على سبيل القوت الدائم، وفيها النخيل ذات الأوعية التي يكون فيها الثمر، وأفرد النخيل بالذكر لكثرتها في بلاد العرب، وكثرة فوائدها، لأنه ينتفع بثمارها رطبة ويابسة، وينتفع بجميع أجزائها، فيتخذ من خوصها السِّلال والزنابيل، ومن ليفها الحبال، ومن جريدها سقف البيوت، ويؤكل جمَّارها وبلحها، ومن ثمّ ذكرها باسمها، وذكر الفاكهة دون أشجارها.
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
العصف : ورق النبات اليابس كالتبن.
الريحان : المشموم، أو الرزق.
التفسير :
١٢-﴿ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴾.
وضع الله الأرض للأنام، ويسر بها إنبات الفاكهة والنخيل، والحبوب المتعددة كالذرة والشعير والقمح، الذي له أوراق تتحول إلى تبن تستفيد به الحيوانات، وفي الأرض الريحان الذي نستفيد بِحُسن منظره، وطيب ريحه، وكذلك الورود وكل مشموم من النبات ذي الورق الذي تطيب رائحته.
قال المفسرون :
الريحان : كل مشموم طيب الريح من النبات، منعش للنفس، كالورد والياسمين والريحان، كل ذلك وغيره أعده الله لمنفعة الأنام، فما أعظم نعم الله على خلقه.
تمهيد :
تبدأ السورة باسم الله، الرَّحْمَنُ، ثم تعدد نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم ما يأتي :

١-
تعليم القرآن للبشر، وهو كلّي الشريعة وأصل أصولها.

٢-
خلق الإنسان ليكون خليفة لله في الأرض.

٣-
تعليمه البيان والنُّطق، والإعراب عما في نفسه.

٤-
إبداع نظام الكون، وتسخير الشمس والقمر بحساب دقيق، يترتب عليه نظام الحياة، والزراعة وسائر الأعمال.

٥-
النجم المرتفع في السماء، والشجر النابت في الأرض يَسْجدان لله ويخضعان لأمره.

٦-
وقد رفع الله السماء، وأنزل الميزان، وهو الحق والعدل.

٧-
أمرنا الله أن نحافظ على الحق والعدل.

٨-
وضع الله الأرض مبسوطة لمصلحة الأنام، حيث أرساها وثبّتها بالجبال.

٩-
جعل الله في الأرض العديد من النعم، مثل الفاكهة وأشجار النخل التي تحمل البلح، كما جعل من الثمار ما يؤكل، مثل حبّ الذرة والشعير والقمح، ومنه ما يشمّ مثل الريحان.

١٠-
بأيّ نعمة من أنعم الله العديدة، يا معشر الجن والإنسان تكذبان ؟
المفردات :
آلاء : جمع إلى، وهي النعمة، مثل : معيّ وأمعاء.
التفسير :
١٣-﴿ فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : بأي نعمة من هذه النّعم المذكورة سابقا، يا معشر الجن والإنس تكذبان ؟
لقد ذكر الله في بداية السورة عددا من النعم، منها ما يأتي : تعليم القرآن، وخلق الإنسان، وتعليمه البيان، وتنسيق الشمس والقمر بحسبان، ورفع السماء ووضع الميزان، ووضع الأرض للأنام، وما فيها من فاكهة ونخل وحَبٍّ وريحان، عند هذا المقطع يهتف بالجن والإنسان في مواجهة الكون وأهل الكون : فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
أخرج ابن جرير بسند صحيح، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الرحمن على أصحابه فسكتوا، فقال : " ما لي أسمع الجنّ أحسن جوابا لربها منكم ؟ ما أتيت على قوله تعالى ؟ فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، إلا قالوا : لا بشيء من نعمك ربَّنا نكذّب، فلك الحمد ".
قال المفسرون : يستحب أن نقول : لا بشيء من آلائك ربنا نكذّب فلك الحمد، عند سماع هذه الآية :﴿ فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
وقد تكررت :﴿ فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾. في سورة الرحمن إحدى وثلاثين مرة بعد كل خصلة من النعم، وجعلها فاصلة بين كل نعمتين لتأكيد التذكير بالنِّعم، ولتقريريهم بها، وللتنبيه على أهميتها، والنعم محصورة في دفع المكروه وتحصيل المقصود.
توضيح أحوال بعض النعم
﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ( ١٤ ) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ( ١٥ ) فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ١٦ ) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ( ١٧ ) فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ١٨ ) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ( ١٩ ) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ ( ٢٠ ) فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٢١ ) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ( ٢٢ ) فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٢٣ ) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ( ٢٤ ) فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٢٥ ) ﴾
تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
المفردات :
صلصال : طين جاف له صلصلة وصوت إذا نُقر.
الفخار : الخزف، وهو ما أحرق من الطين حتى تحجّر.
التفسير :
١٤-﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّار ﴾.
خلق الله الإنسان من ( التراب )، ثم اختلط التراب بالماء فصار ( طينا )، ثم تُرك مدة فتحول الطين إلى ( حمأ مسنون ) أي طين يابس منتن، ثم تحوّل إلى ( طين لازب ) أي لاصق باليد، ثم تحوّل إلى ( صلصال ) أي طين يابس له صلصلة، أي صوت إذا نقر، ( كالفخار ) وهو ما أحرق من الطين حتى تحجّر ويسمى الخزف، وكل هذه الآيات تعبر عن المراحل التي مرّ بها خلق الإنسان، فقد عبر القرآن عن أن الله خلق آدم من تراب في بعض الآيات، وفي آيات أخرى أنه خلق آدم من طين، وفي آيات أخرى أنه خلقه من حمأ مسنون، وفي آيات أخرى أنه خلقه من طين لازب، وهنا عبر بأنه سبحانه خلق الإنسان من : صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ. وكلها تشير إلى المراحل التي مر بها خلق الإنسان، وكل آية تشير على طور من أطوار هذا الخلق، وكلها تدل على إعجاز القدرة التي خلقت آدم من جنس الأرض، ثن نفخت فيه الروح، فصار بشرا سويا، يجمع بين الجسم ومتطلباته، والروح ومتطلباتها، ومن سماحة الإسلام دعوته الخلق إلى إعمار الكون بالزراعة والتجارة والصناعة، وإثراء الحياة وفاء لحق الجسم، ثم دعوته إلى الإيمان وأداء العبادات وإحسان المعاملات، رغبة في إسعاد الروح في الدنيا، وتمتعها بنعيم الجنة في الآخرة، فالإسلام دعا إلى التوازن بين أداء حق الجسم، وأداء حق الروح.
وفي الحديث الصحيح : " إنّ لربك عليك حقا، وإن لبدنك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا، فأعْطِ كل ذي حق حقّه " v.
تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
المفردات :
وخلق الجان : أصل الجنّ وهو إبليس.
المارج : اللهب الخالص الذي لا دخان فيه.
التفسير :
١٥-﴿ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَار ﴾ٍ.
المارج : المشتعل المتحرك، كألسنة النار مع الرياح.
قال الجوهري في الصحاح : المارج : نار لا دخان لها، خُلق منها الجان.
ونقل القرطبي عن ابن عباس ومجاهد :
المارج : اللهب الذي يعلو النار، يختلط بعضه ببعض : أحمر، وأصفر، وأخضر.
وقد أخرج الإمام أحمد، ومسلم، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خُلقت الملائكة من نور، وخُلق الجانّ من مارج من نار، وخُلق آدم مما وُصف لكم " vi
والمقصود من الآيتين تذكير الإنس والجنّ بفضل الخلق، وقدرة القدير خلق من الطين بشرا سويّا، ومن النار خلق الجن بقدرته.
وتذكير الإنسان بفضل الله عليه، فقد خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وفضَّله على كثير من خلقه، حيث أمر الله إبليس المخلوق من النار بالسجود لأبينا آدم المخلوق من الطين، فعلينا أن ندرك عظمة الخالق، وأن نشكره على نعمة الخلق، وأن نَحْذَر إبليس العدوَّ اللعين.
قال تعالى :﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾. ( فاطر : ٦ ).
تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
١٦-﴿ فبأي آلاء ربكما تكذبان ﴾.
بأي نعمة من نعم الله عليكما – يا معشر الثقلين، الإنس والجنّ – تكذبان أو تنكران ما هو واقع ملموس ؟
تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
المفردات :
المفردات :
رب المشرقين : مشرقي الشتاء والصيف للشمس، والمغربين : مغربي الشمس شتاء وصيفا، وقيل : المشرقان : مشرق الشمس والقمر، والمغربان : مغرب الشمس والقمر.
التفسير :
١٧، ١٨- ﴿ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
للشمس مشرق في الصيف، ومشرق في الشتاء، ولهما مغرب في الصيف، ومغرب في الشتاء.
وقيل : المشرقان : مشرق الشمس والقمر، والمغربان، مغرب الشمس والقمر.
والمعنى :
الذي أبدع الخلق وسوّاه، وجعل للشمس مشارق متعددة تصل إلى ٣٦٠ مشرقا، و٣٦٠ مغربا بعدد أيام السنة، ويترتب على اختلاف مشارقها تعدد فصول العام، واختلاف الطقس، ووجود الشتاء والربيع، والصيف والخريف.
قال تعالى :﴿ فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب... ﴾ ( المعارج : ٤٠ ).
أي : مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم إلى مطلع، وبروزها منه إلى الناس.
وقال عز شأنه :﴿ ربّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ﴾. ( المزمل : ٩ ).
والمراد منه : جهة المشرق وجهة المغرب، أي أنه سبحانه يملك المشرق والمغرب وما بينهما، فهو سبحانه يملك سائر الجهات، ويملك الكون كله، وقد أبْدَعَه بنظام بديع يحافظ على مصالح الناس وحياتهم.
تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : تكذبان بخلقه المشارق والمغارب وما بينهما من الكائنات، واختلاف الفصول وما يترتب عليه من المنافع والمصالح أم تكذبان بغير ذلك ؟
اللهم لا بشيء من آلائك نكذّب، سبحانك فلك الحمد.
تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
المفردات :
مرج البحرين : أرسل البحرين العذب والملح.
يلتقيان : يتجاوران وتتماس سطوحهما، لا فصل بينهما في رأى العين.
برزخ : حاجز.
لا يبغيان : لا يبغي أحدهما على الآخر، بالممازجة وإبطال خاصته.
التفسير :
١٩، ٢٠، ٢١- ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ : أرسلهما.
والمعنى : أرسل الله تعالى البحرين – الملح والعذب – وجعلهما يلتقيان في أطرافهما، كما يلتقي ماء النيل بالبحر الأبيض المتوسط عند دمياط ورشيد، وهذا الالتقاء والتمازج في الأطراف لم يجعل أحدهما يبغي على الآخر، فيفقده خاصته، لأنه تعالى جعل بينهما حاجزا يمنع التمازج الكلّي بينهما.
قال تعالى :﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ﴾. ( الفرقان : ٥٣ ).
قال المفسرون :
أما التقاؤهما فيكون عند مصابِّ الأنهار في البحار، وأمَّا البرزخ الذي بينهما فهو القدرة الإلهية التي منعت أن يبغي الماء الملح على العذب فيحوله إلى ملح، أو أن يبغي العذب على الملح فيحوله إلى عذب، فبقي كلاهما يؤدي وظيفته التي خُلق لها.
قال ابن كثير :
والمراد بالبحرين : الملح والحلو، فالملح هذه البحار، والحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس، وجعل الله بينهما برزخا، وهو الحاجز من الأرض، لئلا يبغي هذا على هذا، فيفسد كل واحد منهما الآخر.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
بأيّ نعم الله تعالى المذكورة في تيسير الماء العذب من الأنهار، وتيسير الماء الملح من البحار، ولكل منهما منافع متعددة لكم، بأيها تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟ ونقول نحن : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :


١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.


٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.


٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.


٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.


٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.


٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.

المفردات :

مرج البحرين : أرسل البحرين العذب والملح.
يلتقيان : يتجاوران وتتماس سطوحهما، لا فصل بينهما في رأى العين.
برزخ : حاجز.
لا يبغيان : لا يبغي أحدهما على الآخر، بالممازجة وإبطال خاصته.

التفسير :

١٩، ٢٠، ٢١- ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ : أرسلهما.
والمعنى : أرسل الله تعالى البحرين – الملح والعذب – وجعلهما يلتقيان في أطرافهما، كما يلتقي ماء النيل بالبحر الأبيض المتوسط عند دمياط ورشيد، وهذا الالتقاء والتمازج في الأطراف لم يجعل أحدهما يبغي على الآخر، فيفقده خاصته، لأنه تعالى جعل بينهما حاجزا يمنع التمازج الكلّي بينهما.
قال تعالى :﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ﴾. ( الفرقان : ٥٣ ).

قال المفسرون :

أما التقاؤهما فيكون عند مصابِّ الأنهار في البحار، وأمَّا البرزخ الذي بينهما فهو القدرة الإلهية التي منعت أن يبغي الماء الملح على العذب فيحوله إلى ملح، أو أن يبغي العذب على الملح فيحوله إلى عذب، فبقي كلاهما يؤدي وظيفته التي خُلق لها.

قال ابن كثير :

والمراد بالبحرين : الملح والحلو، فالملح هذه البحار، والحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس، وجعل الله بينهما برزخا، وهو الحاجز من الأرض، لئلا يبغي هذا على هذا، فيفسد كل واحد منهما الآخر.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
بأيّ نعم الله تعالى المذكورة في تيسير الماء العذب من الأنهار، وتيسير الماء الملح من البحار، ولكل منهما منافع متعددة لكم، بأيها تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟ ونقول نحن : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :


١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.


٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.


٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.


٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.


٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.


٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.

المفردات :

مرج البحرين : أرسل البحرين العذب والملح.
يلتقيان : يتجاوران وتتماس سطوحهما، لا فصل بينهما في رأى العين.
برزخ : حاجز.
لا يبغيان : لا يبغي أحدهما على الآخر، بالممازجة وإبطال خاصته.

التفسير :

١٩، ٢٠، ٢١- ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَ يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ : أرسلهما.
والمعنى : أرسل الله تعالى البحرين – الملح والعذب – وجعلهما يلتقيان في أطرافهما، كما يلتقي ماء النيل بالبحر الأبيض المتوسط عند دمياط ورشيد، وهذا الالتقاء والتمازج في الأطراف لم يجعل أحدهما يبغي على الآخر، فيفقده خاصته، لأنه تعالى جعل بينهما حاجزا يمنع التمازج الكلّي بينهما.
قال تعالى :﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ﴾. ( الفرقان : ٥٣ ).

قال المفسرون :

أما التقاؤهما فيكون عند مصابِّ الأنهار في البحار، وأمَّا البرزخ الذي بينهما فهو القدرة الإلهية التي منعت أن يبغي الماء الملح على العذب فيحوله إلى ملح، أو أن يبغي العذب على الملح فيحوله إلى عذب، فبقي كلاهما يؤدي وظيفته التي خُلق لها.

قال ابن كثير :

والمراد بالبحرين : الملح والحلو، فالملح هذه البحار، والحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس، وجعل الله بينهما برزخا، وهو الحاجز من الأرض، لئلا يبغي هذا على هذا، فيفسد كل واحد منهما الآخر.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
بأيّ نعم الله تعالى المذكورة في تيسير الماء العذب من الأنهار، وتيسير الماء الملح من البحار، ولكل منهما منافع متعددة لكم، بأيها تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟ ونقول نحن : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.

تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
المفردات :
اللؤلؤ : الدرّ المخلوق في الأصداف.
المرجان : الخرز الأحمر.
التفسير :
٢٢، ٢٣- ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
من الماء المالح يخرج اللؤلؤ والمرجان، ومعنى يخرج منهما، أي من الماء : اللؤلؤ والمرجان.
قال القرطبي :
إن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما، كقوله تعالى : يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم... ( الأنعام : ١٣٠ ). وإنما الرسل من الإنس دون الجن.
وقال الزجاج :
قد ذكرهما الله، فإذا أُخرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما، وهو كقوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾. ( نوح : ١٥-١٦ ). ولكن أجمل ذكر السبع، فكان باقي إحداهما فيهن.
والله تعالى يقول :﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾. ( فاطر : ١٢ ).
وجاء في تفسيرها في المنتخب من تفسير القرآن الكريم ما يأتي :
وما يستوي البحران في علمنا وتقديرنا، وإن اشتركا في بعض منافعهما، هذا ماؤه عذب يقطع العطش لشدة عذوبته وحلاوته وسهوله تناوله، وهذا مالح شديد الملوحة، ومن كل تأكلون لحما طريا مما تصيدون من الأسماك، وتستخرجون من الماء المالح ما تتخذونه زينة كاللؤلؤ والمرجان. وترى – أيها المُشاهد – السفن تجري فيه، شاقَّة الماء بسرعتها لتطلبوا شيئا من فضل الله بالتجارة، ولعلكم تشكرون لربكم هذه النعم.
وفي التعليق بالهامش نستخلص الآتي :
العلم والواقع أثبتا أن الحلي تستخرج من صدفيات الأنهار أيضا، فتوجد اللآلئ في المياه العذبة في انجلترا واسكتلندا وويلز، وتشيكوسلوفاكيا واليابان.. إلخ، بالإضافة إلى مصايد اللؤلؤ البحرية الشهيرة، ويوجد الياقوت في الرواسب النهرية في بورما العليا، أما في سيام وفي سيلان فيوجد الياقوت غالبا في الرواسب النهريةvii.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي نعم الله عليكما تكذبان ؟ فقد جعل الله الأرض مصدرا للحب والزروع والأشجار والفواكه، وجعل البحر والنهر مصدرا للسمك والحُليّ، فكل من البرّ والبحر أساس حياتنا وزينتنا، وكل هذه آلاء الله ونعماؤه، التي لا يجحدها إلا منكر كفار، الله لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :


١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.


٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.


٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.


٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.


٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.


٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.

المفردات :

اللؤلؤ : الدرّ المخلوق في الأصداف.
المرجان : الخرز الأحمر.

التفسير :

٢٢، ٢٣- ﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
من الماء المالح يخرج اللؤلؤ والمرجان، ومعنى يخرج منهما، أي من الماء : اللؤلؤ والمرجان.

قال القرطبي :

إن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما، كقوله تعالى : يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم... ( الأنعام : ١٣٠ ). وإنما الرسل من الإنس دون الجن.

وقال الزجاج :

قد ذكرهما الله، فإذا أُخرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما، وهو كقوله تعالى :﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾. ( نوح : ١٥-١٦ ). ولكن أجمل ذكر السبع، فكان باقي إحداهما فيهن.
والله تعالى يقول :﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾. ( فاطر : ١٢ ).
وجاء في تفسيرها في المنتخب من تفسير القرآن الكريم ما يأتي :
وما يستوي البحران في علمنا وتقديرنا، وإن اشتركا في بعض منافعهما، هذا ماؤه عذب يقطع العطش لشدة عذوبته وحلاوته وسهوله تناوله، وهذا مالح شديد الملوحة، ومن كل تأكلون لحما طريا مما تصيدون من الأسماك، وتستخرجون من الماء المالح ما تتخذونه زينة كاللؤلؤ والمرجان. وترى – أيها المُشاهد – السفن تجري فيه، شاقَّة الماء بسرعتها لتطلبوا شيئا من فضل الله بالتجارة، ولعلكم تشكرون لربكم هذه النعم.

وفي التعليق بالهامش نستخلص الآتي :

العلم والواقع أثبتا أن الحلي تستخرج من صدفيات الأنهار أيضا، فتوجد اللآلئ في المياه العذبة في انجلترا واسكتلندا وويلز، وتشيكوسلوفاكيا واليابان.. إلخ، بالإضافة إلى مصايد اللؤلؤ البحرية الشهيرة، ويوجد الياقوت في الرواسب النهرية في بورما العليا، أما في سيام وفي سيلان فيوجد الياقوت غالبا في الرواسب النهريةvii.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي نعم الله عليكما تكذبان ؟ فقد جعل الله الأرض مصدرا للحب والزروع والأشجار والفواكه، وجعل البحر والنهر مصدرا للسمك والحُليّ، فكل من البرّ والبحر أساس حياتنا وزينتنا، وكل هذه آلاء الله ونعماؤه، التي لا يجحدها إلا منكر كفار، الله لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.

تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :

١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.

٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.

٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.

٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.

٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.

٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.
المفردات :
الجواري : السفن الكبار.
المنشآت : المصنوعات.
الأعلام : الجبال، واحدها علم، وهو الجبل العالي.
التفسير :
٢٤، ٢٥- ﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ * فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
ولله تعالى الفضل والمنّة في تسخير الماء والهواء، لتجري السفن الكبيرة التي تشبه الجبال في عظمتها فاردة قلاعها، تسبح جارية فوق سطح الماء، تنقل التجارة والأفراد من بلد إلى آخر، للسياحة والتجارة، والتأمل في خلق الله.
وأصول الأشياء أربعة : التراب والماء والهواء والنار، فمن التراب خلق الإنسان، ومن النار خُلق الجان، ومن الماء نأكل السمك ونستخرج الحلي، وبالهواء تسير السفن بفضل الله، تجري على الماء وتيسِّر التجارة والسياحة والانتقال، فبأي هذه النعم المتعددة، يا معشر الجن والإنس، تكذبان ؟
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٤:تمهيد :
هذه الآيات استمرار لتعداد نعم الله تعالى فيما يأتي :


١-
﴿ خلق الإنسان من طين تحوَّل إلى صلصال كالفخار ﴾.


٢-
خلق الجانّ من مارج من نار، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقت من نور، كما ورد في صحيح مسلم.


٣-
لله تعالى مشرق الشمس والقمر، ومغرب الشمس والقمر.


٤-
خلط الله البحر المالح والنهر العذب، يلتقيان عند مجمع البحرين، كما في دمياط ورشيد، ولا يبغي أحدهما على الآخر، ولا يفقده خاصته، ومن أحدهما – وهو البحر المالح – نستخرج اللؤلؤ والمرجان.


٥-
لله سبحانه السفن السابحة في البحر كالجبال.


٦-
يجب على الإنس والجن شكر الرحمن على أنعمه.

المفردات :

الجواري : السفن الكبار.
المنشآت : المصنوعات.
الأعلام : الجبال، واحدها علم، وهو الجبل العالي.

التفسير :

٢٤، ٢٥- ﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ * فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
ولله تعالى الفضل والمنّة في تسخير الماء والهواء، لتجري السفن الكبيرة التي تشبه الجبال في عظمتها فاردة قلاعها، تسبح جارية فوق سطح الماء، تنقل التجارة والأفراد من بلد إلى آخر، للسياحة والتجارة، والتأمل في خلق الله.
وأصول الأشياء أربعة : التراب والماء والهواء والنار، فمن التراب خلق الإنسان، ومن النار خُلق الجان، ومن الماء نأكل السمك ونستخرج الحلي، وبالهواء تسير السفن بفضل الله، تجري على الماء وتيسِّر التجارة والسياحة والانتقال، فبأي هذه النعم المتعددة، يا معشر الجن والإنس، تكذبان ؟
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.

فناء الكون وبقاء الله
﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ( ٢٦ ) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ( ٢٧ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٢٨ ) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ( ٢٩ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٠ ) ﴾
تمهيد :
فناء الخلق من نعم الله، حيث يتركون دار الفناء، ثم يموتون، ثم يبعثون إلى دار البقاء.
وأهل السماء وملائكة السماء يسألون الله المغفرة، وأهل الأرض يسألون الله الرزق والمغفرة، والله تعالى يحيي ويميت، ويشفي ويمرض، ويعز ويذل، ويضع ويرفع، وهو على كل شيء قدير.
المفردات :
فان : هالك.
وجه ربك : ذاته.
ذو الجلال والإكرام : ذو العظمة والكبرياء، والتفضل بأنعمه على العباد.
التفسير :
٢٦، ٢٧، ٢٨- ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
جميع ما على وجه الأرض يفنى، فالفناء يعمّ كل من في الكون.
قال تعالى :﴿ كلّ شيء هالك إلاّ وجهه، له الحكم وإليه تُرجعون ﴾. ( القصص : ٨٨ ).
أي : أن ملائكة السماء تَفْنى، وكذلك الإنس والجنّ يموتون، وذات الله باقية خالدة بلا فناء، لا أوّل لبدايتها، ولا آخر لنهايتها، وهو صاحب الفضل والإنعام على عباده، فبعد الفناء يكون البعث، ويكون البقاء في نعيم الجنة للمتقين، وفي عذاب النار للكافرين.
وفي الموت أنعم متعددة، منها الراحة من المرض وأرذل العمر، وبعد الموت تتجدد الأجيال، وتحيا الذرية وتكبر، ثم تهرم وتموت، ولو استمرت الحياة لضاقت الأرض بأهلها، وصار فوق كل قدم أكثر من مائة قدم.
قال الشاعر :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
ويقول الآخر :
فلو أنَّا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي
ولكنّا إذا متنا بعثنا ونسأل بعد ذا عن كل شي
والآية بعد ذلك تنطق بالرهبة والحقيقة الصامتة، فكل ما تراه على وجه الأرض معرض للفناء والموت : الإنس والجن، والطير والوحوش، والزواحف والحشرات، والزرع والأنهار والأشجار، بل وكل من في السماوات من الملائكة، والشموس والأقمار، والنجوم والأبراج والأفلام، كل ذلك يشمله الفناء والهلاك.
قال تعالى :﴿ كلّ شيء هالك إلاّ وجهه، له الحكم وإليه تُرجعون ﴾. ( القصص : ٨٨ ).
وذلك يدعونا إلى التأمل والنظر، والاعتبار والعمل، وإذا كانت الدنيا فانية فإن الآخرة باقية، ومن الواجب إيثار ما يبقى على ما يفنى، أي : يجب إيثار العمل الصالح، وطاعة الله تعالى، واجتناب نواهيه.
قال تعالى :﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾. ( الأعلى : ١٦-١٩ ).
ذو الجلال والإكرام
صفتان من صفات الله، وهما الجلال والإكرام، أي العظمة والكبرياء، وفي الحديث الذي رواه الترمذي، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام " viii. أي : الزموا ذلك في الدعاء.
ومن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أحد من خلقك " ix.
وفي معنى الآية قوله تعالى :﴿ كلّ شيء هالك إلاّ وجهه، له الحكم وإليه تُرجعون ﴾. ( القصص : ٨٨ ).
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
و سبحانه الخالق، القابض الباسط، المحيي المميت، المعز المذل، فالناس جميعا تتساوى في الفناء ثم تبعث على نيَّاتها، فيكافئ الله المطيع بالثواب، ويعاقب العاصي بعدل الجزاء، وفي ذلك نعمة أيّ نعمة.
قال تعالى :﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرّا يره ﴾. ( الزلزلة : ٧-٨ ).
ولله الفضل في بدء الخلق، ثم في نعمة الرزق، ثم في نعمة الموت والبعث، فبأي نعمة من هذه النعم تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟ اللهم لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.
وصدق الله العظيم إذ يقول :﴿ الله الذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم... ﴾ ( الروم : ٤٠ ).
قال القرطبي :
ووجه النعمة في فناء الخلق التسوية بينهم في الموت، ومع الموت تستوي الأقدام، والموت سبب النقلة من دار الفناء إلى دار الثواب والجزاء.
تمهيد :
فناء الخلق من نعم الله، حيث يتركون دار الفناء، ثم يموتون، ثم يبعثون إلى دار البقاء.
وأهل السماء وملائكة السماء يسألون الله المغفرة، وأهل الأرض يسألون الله الرزق والمغفرة، والله تعالى يحيي ويميت، ويشفي ويمرض، ويعز ويذل، ويضع ويرفع، وهو على كل شيء قدير.
تمهيد :
فناء الخلق من نعم الله، حيث يتركون دار الفناء، ثم يموتون، ثم يبعثون إلى دار البقاء.
وأهل السماء وملائكة السماء يسألون الله المغفرة، وأهل الأرض يسألون الله الرزق والمغفرة، والله تعالى يحيي ويميت، ويشفي ويمرض، ويعز ويذل، ويضع ويرفع، وهو على كل شيء قدير.
تمهيد :
فناء الخلق من نعم الله، حيث يتركون دار الفناء، ثم يموتون، ثم يبعثون إلى دار البقاء.
وأهل السماء وملائكة السماء يسألون الله المغفرة، وأهل الأرض يسألون الله الرزق والمغفرة، والله تعالى يحيي ويميت، ويشفي ويمرض، ويعز ويذل، ويضع ويرفع، وهو على كل شيء قدير.
المفردات :
يسأله من في السماوات والأرض : أهل السماوات يسألونه المغفرة والرحمة، وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة.
كل يوم : المراد باليوم الزمان مطلقا، فيصدق على كلّ وقت ولحظة.
هو في شأن : أي في أمر من الأمور، من إحياء وإماتة، وإعزاز وإذلال، وإغناء وإعدام، وإجابة داع، وإعطاء سائل، وغير ذلك.
التفسير :
٢٩، ٣٠- ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
هو سبحانه وتعالى غني عن خلقه، والخلق كلهم محتاجون إليه.
قال تعالى :﴿ يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ﴾. ( فاطر : ١٥ ).
أهل السماوات يطلبون منه المغفرة، ولا يسألونه الرزق، وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة، وغير ذلك، وهو سبحانه كلَّ يوم في شأن، يحيي ويميت، ويغني ويفقر، ويضع ويرفع، ويعز ويذل، ويعطي ويمنع، والخلق جميعا متعلقون ببابه، سائلون أفضاله، طالبون للقرب من فضله، فمن وجد الله وجد كلّ شيء، ومن فقد الله فقد كل شيء.
قال مجاهد :
كل يوم هو يجيب داعيا، ويكشف كربا، ويجيب مضطرا، ويغفر ذنبا.
وقال قتادة :
لا يستغني عنه أهل السماوات والأرض، يحيي حيّا، ويميت ميتا، ويربّي صغيرا، ويفكّ أسيرا، وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم، ومنتهى شكواهم.
روى ابن جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ. فقالوا : يا رسول الله، وما ذاك الشأن ؟ قال : " أن يغفر ذنبا، ويفرّج كربا، ويرفع قوما، ويضع آخرين " أخرجه ابن جرير مرفوعا، ورواه البخاري موقوفا من كلام أبي الدرداء.
والخلاصة :
أن أهل السماوات والأرض يتعلقون بربهم، يسألونه حاجاتهم، وهو سبحانه لا يشغله شأن عن شأن، ولا تدركه سِنة ولا نوم، ولا يغفل عن عباده لحظة ولا يوما، وليس كما ادعت اليهود أن الله لا يقضي شيئا يوم السبت، فقال سبحانه :
كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ.
فهو تعالى يرفع من يشاء، ويضع من يشاء، ويشفي سقيما، ويمرض سليما، ويعزّ ذليلا، ويذل عزيزا، ويفقر غنيا، ويغني فقيرا.
وفي معنى الآية قوله تعالى :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. ( آل عمران : ٢٦ ).
سُئل الحسين بن الفضل عن قوله تعالى :﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾. وقد صحّ أن القلم جفّ بما هو كائن إلى يوم القيامة، فقال : إنها شئون يبديها ولا يبتديها.
أي : شئون مما كتبه الله تعالى، يظهرها في الحين الذي قدّر ظهورها فيه، ولا يبتدئ إرادتها والعلم بها.
تفسير سورة الرحمن
أهداف سورة لرحمن
سورة الرحمن مدنية، وآياتها ٧٨ آية، نزلت بعد سورة الرعد
وتتميز سورة الرحمن بجرسها وقصر آياتها وتعاقب الآيات :﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾. فنسمع هذا الرنين الأخاذ، والإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد، والنعم المتعددة بتعليم القرآن، وخلق الإنسان، وتعليم البيان.. وكل هذه النعم مصدرها رحمة الرحيم الرحمن، صاحب الفضل والإنعام، فإذا استرسلنا في قراءة السورة رأينا حشدا من مظاهر النعم، وآلاء الله الباهرة الظاهرة في جميل صنعه، وإبداع خلقه، وفي فيض نعمائه، وفي تدبيره للوجود وما فيه، وتوجيه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم.
وسورة الرحمن إشهاد عام للوجود كله على الثقلين : الإنس والجن، إشهاد في ساحة الوجود، على مشهد من كل موجود، مع تحدٍّ للجن والإنس إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله، تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه التي يعددها ويفصِّّلها، ويجعل الكون كله معرضا لها، وساحة الآخرة كذلك.
فبأي آلاء ربكما تكذبان
تكررت هذه الآية في السورة إحدى وثلاثين مرة، لتذكر الإنس والجن بنعم الله الجزيلة عليهم، بأسلوب معجز يتحدى بلغاء العرب، ولاشك أن هذه النعم الضافية التي أسبغها ربهم عليهم، تستحق من العباد الشكر والإيمان، لا الكفر والطغيان.
والآلاء جمع إلى وهي النعمة، أي نعم الله عليكم وافرة، ترونها أمامكم وخلفكم وفوقكم وتحتكم، فبأي هذه النعم تكذبان ؟ والخطاب هنا للجن والإنس لتذكيرهما بالأفضال المتلاحقة من الله، ولا يستطيعان أن يكذبا أو يجحدا أي نعمة من هذه النعم.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن ردًّا منكم، كنت كلما أتيت على قوله : فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان. قالوا : لا بشيء من نعمك نكذب فلك الحمد ".
كما روي أن قيس بن عاصم المنقري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا محمد، اتل عليّ شيئا مما أنزل عليك، فتلا عليه سورة الرحمن، فقال : أعدها، فأعادها صلى الله عليه وسلم، فقال : والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وأسفله مغدق، وأعلاه مثمر، وما يقول هذا بشر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
المعنى الإجمالي للسورة
المنة على الخلق بتعليم القرآن وتلقين البيان، ولفت أنظارهم إلى صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله.. الشمس والقمر، والنجم والشجر، والسماء المرفوعة، والميزان الموضوع، والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان. والجن والإنس، والمشرقين والمغربين، والبحرين بينهما برزخ لا يبغيان وما يخرج منهما وما يجري فيهما.
فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار، عرض مشهد فنائها جميعا، مشهد الفناء المطلق للخلائق، في ظل الوجود المطلق لوجه الله الكريم الباقي، الذي إليه تتوجه الخلائق جميعا ليتصرف في أمرها بما يشاء، قال تعالى :﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾. ( الرحمن : ٢٦-٢٧ )
وفي ظل الفناء المطلق للإنسان، والبقاء المطلق للرحمن، يجيء التهديد المروع والتحدي الكوني للجن والإنس، ومن ثم يعرض مشهد النهاية، مشهد القيامة يعرض في صورة كونية، يرتسم فيها مشهد السماء حمراء سائلة، ومشهد العذاب للمجرمين، ثم يعرض ألوان الثواب للمتقين، ويصف الجنة وما فيها من نعيم مقيم أعده الله للمتقين، ويبين أن منازل الجنات مختلفة، ونعيمها متفاوت، والجزاء على قدر العمل.
كل يوم هو في شأن
قال المفسرون : شئون يبديها لا شئون يبتديهاi، فهو سبحانه صاحب التدبير الذي لا يشغله شأن عن شأن، ولا يند عن علمه ظاهر ولا خَافِ، والخلق كلهم يسألونه، فهو مناط السؤال، وغيره لا يسأل، وهو معقد الرجاء ومظنة الجواب.
وهذا الوجود الذي لا نعرف له حدودا كله منوط بقدره، متعلق بمشيئته، وهو سبحانه قائم بتدبيره.
هذا التدبير الذي يتبع ما ينبت، وما يسقط من ورقة، وما يكمن من حبة في ظلمات الأرض، وكل رطب وكل يابس، يتبع الأسماك في بحارها، والديدان في مساربها، والوحوش في أوكارها، والطيور في أعشاشها، وكل بيضة وكل فرخ، وكل خلية في جسم حي.

تفسير النسفي للآية :

في تفسير قوله تعالى :﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾. ( الرحمن : ٢٩ )، قال النسفي : يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... كل من في السماوات والأرض مفتقرون إليه، فيسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم، وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم.
كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ : كلَّ وقت وحين يُحدث أمورا ويُجدد أحوالا، كما روى أنه صلى الله عليه وسلم تلاها، فقيل له : وما ذلك الشأن ؟ فقال :" من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرّج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين ".
وعن ابن عيينة : الدهر عند الله يومان، أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي، والإحياء والإماتة، والإعطاء والمنع. واليوم الآخر هو يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب.
وقيل : نزلت في اليهود حين قالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شأنا.
وسأل بعض الملوك وزيره عن الآية، فاستمهله إلى الغد، وذهب كئيبا يفكر فيها، فقال غلام له أسود : يا مولاي، أخبرني ما أصابك، فأخبره، فقال الغلام : أنا أفسرها للملك فأعلمه، فقال : أيها الملك، شأن الله أنه يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ويشفي سقيما ويسقم سليما، ويبتلي معافى ويعافي مبتلى، ويعزّ ذليلا ويذل عزيزا، ويغني فقيرا. فقال الملك : أحسنت، وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة، فقال : يا مولاي، هذا من شأن الله.
وقيل : سوق المقادير إلى المواقيت.
وقيل : إن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل وقال له : أشكلت عليّ آيات دعوتك لتكشفها لي، قوله تعالى : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ. وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة، فقال الحسين : كل يوم هو في شأن، فإنها شئون يبديها لا شئون يبتديهاii، أي يظهرها لعباده في واقع الناس على وفق ما قدره في الأزل من إحياء وإماتة، وإعزاز وإذلال، وإغناء وإعدام، وإجابة داع وإعطاء سائل، وغير ذلكiii.
فالناس يسألونه سبحانه بصفة مستمرة، وهو سبحانه مجيب الدعاء، بيده الخلق والأمر، يغير ولا يتغير، يجير ولا يجار عليه، يقبض ويبسط، يخفض ويرفع، وهو بكل شيء عليم.
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. ( آل عمران ٢٦ )
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي نعمة من أنعمه يا معشر الجن والإنس تكذبان، وهو سبحانه يجيب المضطرين، ويلبي دعاء الداعين، وبيده الخلق والأمر، وهو على كل شيء قدير ؟
اللهم لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.
تهديد ووعيد
﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ ( ٣١ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٢ ) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ( ٣٣ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٤ ) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنْتَصِرَانِ ( ٣٥ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٦ ) ﴾.
تمهيد :
تتحدث الآيات عن مشهد من مشاهد القيامة، حيث يتفرّغ الجبار سبحانه وتعالى لحساب الجنّ والإنس، والله لا يشغله شأن عن شأن، لكن السياق يوحي بأن الخطاب للتهديد، كما يقول الرجل لآخر : سأتفرغ لك وأريك عقوبتي.
المفردات :
سنفرغ لكم أيها الثقلان : سنأخذ في جزائكم فقط أيها الإنس والجان.
التفسير :
٣١، ٣٢- ﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ*فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
تحدثت الآيات السابقة عن الحق سبحانه :﴿ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾. أي : كل وقت هو في شئون ملكوته التي لا تحصى ولا تعد.
فإذا انتهت الدنيا وقامت القيامة قصد سبحانه إلى حساب الثقلين، الجن والإنس، والله سبحانه وتعالى لا يشغله شأن عن شأن.
والمقصود : سنريكم أهوال القيامة، والحشر والسؤال، والميزان والصراط. كما تقول لمن هو دونك سأتفرغ لك، أي سأوجه همتي لمحاسبتك ومعاقبتك.
قال البيضاوي :
أي : سنتجرد لحسابكم وجزائكم يوم القيامة، وفيه تهديد مستعار من قولك لمن تهدده : سأفرغ لك، فإن المتجرد للشيء يكون أقوى عليه وأجدَّ فيه.
والثقلان : الجن والإنس، سُمِّيا بذلك لثقلهما على الأرض.
تمهيد :
تتحدث الآيات عن مشهد من مشاهد القيامة، حيث يتفرّغ الجبار سبحانه وتعالى لحساب الجنّ والإنس، والله لا يشغله شأن عن شأن، لكن السياق يوحي بأن الخطاب للتهديد، كما يقول الرجل لآخر : سأتفرغ لك وأريك عقوبتي.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي نعمة من نعم الله تكذبان، ومن هذه النعم التنبيه على ما ستلقونه يوم القيامة، لعلكم تتقونه بإيمانكم، فبأي نعمة من نعمه تعالى تكذبان ؟
تمهيد :
تتحدث الآيات عن مشهد من مشاهد القيامة، حيث يتفرّغ الجبار سبحانه وتعالى لحساب الجنّ والإنس، والله لا يشغله شأن عن شأن، لكن السياق يوحي بأن الخطاب للتهديد، كما يقول الرجل لآخر : سأتفرغ لك وأريك عقوبتي.
المفردات :
أقطار : جمع قُطر، وهي الناحية والجانب، أي : إن استطعتم أن تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هاربين من الله فاخرجوا، ولكنكم لا تقدرون على النفوذ إلا بقوة وقهر، ومن أين لكم ذلك ؟
إلا بسلطان : إلا بقوة وقهر.
التفسير :
٣٣، ٣٤- ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
يا جماعة الإنس والجن، أنتم راجعون إلينا، خاضعون لأمرنا، وتحت قدرتنا وحسابنا وجزائنا، ولا مفرّ لكم ولا مهرب من الحساب والجزاء، والثواب للطائعين، والعقاب للعاصين، فإن قدرتم أيها العصاة على الخروج من جوانب السماوات والأرض فاخرجوا، والأمر هنا للتهديد، ومعناه : لن تستطيعوا ذلك، فالكون كله في قبضة الله، والملائكة تحيط بأهل الموقف في صفوف تشبه الدائرة، أي سبع دوائر من ملائكة السماء تحيط بأهل الأرض، الدائرة الأولى مكونة من ملائكة السماء الدنيا، والدائرة الثانية من ملائكة السماء الثانية... ، وهكذا إلى الدائرة السابعة من ملائكة السماء السابعة.
﴿ لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ﴾.
أي : لا تستطيعون الخروج إلا بقوة وقهر وغلبة، وأنى لكم ذلك ؟
جاء في حاشية المنتخب من تفسير القرآن لوزارة الأوقاف المصرية :
ثبت حتى الآن ضخامة المجهودات والطاقات المطلوبة للنفاذ من نطاق جاذبية الأرض، وحيث اقتضى النجاح الجزئي في زيارة الفضاء لمدة محدودة جدا بالنسبة لِعِظم الكون – بَذْل الكثير من المجهودات العلمية الضخمة في شتى الميادين الهندسية والرياضية والفنية والجيولوجية فضلا عن التكاليف الخيالية المادية التي أنفقت في ذلك، ومازالت تنفق، ويدل ذلك دلالة قاطعة على أن النفاذ المطلق من أقطار السماوات والأرض – التي تبلغ ملايين السنين الضوئية – لإنس أو جنّ مستحيل.
تمهيد :
تتحدث الآيات عن مشهد من مشاهد القيامة، حيث يتفرّغ الجبار سبحانه وتعالى لحساب الجنّ والإنس، والله لا يشغله شأن عن شأن، لكن السياق يوحي بأن الخطاب للتهديد، كما يقول الرجل لآخر : سأتفرغ لك وأريك عقوبتي.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي نعمة من نعم ربكما تكذبان ؟ ومن هذه النعم تحذيركم من العقاب لتتقوه.
تمهيد :
تتحدث الآيات عن مشهد من مشاهد القيامة، حيث يتفرّغ الجبار سبحانه وتعالى لحساب الجنّ والإنس، والله لا يشغله شأن عن شأن، لكن السياق يوحي بأن الخطاب للتهديد، كما يقول الرجل لآخر : سأتفرغ لك وأريك عقوبتي.
المفردات :
شواظ من نار : لهب من نار.
ونحاس : ونحاس مذاب يصب فوق رؤوسكم.
فلا تنتصران : فلا تمتنعان من العقوبة بهما.
التفسير :
٣٥- ﴿ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنْتَصِرَانِ ﴾.
أي : لو ذهبتم هاربين في أرجاء السماوات والأرض لأرسل الله عليكما أيها الثقلان لهبا شديدا من نار، كما يرسل عليكما نُحاسا مذابا، يصب فوق رؤوس الكافرين منكما، فلا تمتنعان من العذاب، ولا تستطيعان الهرب منه لو أردتموه.
وجاء في حاشية المنتخب في تفسير القرآن الكريم :
النحاس هو فلزّ يعتبر من أوّل العناصر الفلزِّية التي عرفها الإنسان منذ قديم الزمن، ويتميز بأن درجة انصهاره مرتفعة جدا، حوالي ١٠٨٣ درجة مئوية، فإذا ما صُبّ هذا السائل الملتهب على جسد مَثّل ذلك صنفا من أقسى أنواع العذاب ألما، وأشدّها أثرا. أ. ه.
وقال ابن كثير في تفسير الآية :
قال مجاهد : النحاس الصُّفر يذاب فيصبّ على رؤوسهم.
والمعنى : لو ذهبتم هاربين يوم القيامة لردتكم الملائكة والزبانية بإرسال اللهب من النار، والنحاس المذاب عليكم لترجعوا.
تفسير سورة الرحمن
أهداف سورة لرحمن
سورة الرحمن مدنية، وآياتها ٧٨ آية، نزلت بعد سورة الرعد
وتتميز سورة الرحمن بجرسها وقصر آياتها وتعاقب الآيات :﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ* عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾. فنسمع هذا الرنين الأخاذ، والإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد، والنعم المتعددة بتعليم القرآن، وخلق الإنسان، وتعليم البيان.. وكل هذه النعم مصدرها رحمة الرحيم الرحمن، صاحب الفضل والإنعام، فإذا استرسلنا في قراءة السورة رأينا حشدا من مظاهر النعم، وآلاء الله الباهرة الظاهرة في جميل صنعه، وإبداع خلقه، وفي فيض نعمائه، وفي تدبيره للوجود وما فيه، وتوجيه الخلائق كلها إلى وجهه الكريم.
وسورة الرحمن إشهاد عام للوجود كله على الثقلين : الإنس والجن، إشهاد في ساحة الوجود، على مشهد من كل موجود، مع تحدٍّ للجن والإنس إن كانا يملكان التكذيب بآلاء الله، تحديا يتكرر عقب بيان كل نعمة من نعمه التي يعددها ويفصِّّلها، ويجعل الكون كله معرضا لها، وساحة الآخرة كذلك.
فبأي آلاء ربكما تكذبان
تكررت هذه الآية في السورة إحدى وثلاثين مرة، لتذكر الإنس والجن بنعم الله الجزيلة عليهم، بأسلوب معجز يتحدى بلغاء العرب، ولاشك أن هذه النعم الضافية التي أسبغها ربهم عليهم، تستحق من العباد الشكر والإيمان، لا الكفر والطغيان.
والآلاء جمع إلى وهي النعمة، أي نعم الله عليكم وافرة، ترونها أمامكم وخلفكم وفوقكم وتحتكم، فبأي هذه النعم تكذبان ؟ والخطاب هنا للجن والإنس لتذكيرهما بالأفضال المتلاحقة من الله، ولا يستطيعان أن يكذبا أو يجحدا أي نعمة من هذه النعم.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن ردًّا منكم، كنت كلما أتيت على قوله : فَبِأَيِّ آَلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان. قالوا : لا بشيء من نعمك نكذب فلك الحمد ".
كما روي أن قيس بن عاصم المنقري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا محمد، اتل عليّ شيئا مما أنزل عليك، فتلا عليه سورة الرحمن، فقال : أعدها، فأعادها صلى الله عليه وسلم، فقال : والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وأسفله مغدق، وأعلاه مثمر، وما يقول هذا بشر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
المعنى الإجمالي للسورة
المنة على الخلق بتعليم القرآن وتلقين البيان، ولفت أنظارهم إلى صحائف الوجود الناطقة بآلاء الله.. الشمس والقمر، والنجم والشجر، والسماء المرفوعة، والميزان الموضوع، والأرض وما فيها من فاكهة ونخل وحب وريحان. والجن والإنس، والمشرقين والمغربين، والبحرين بينهما برزخ لا يبغيان وما يخرج منهما وما يجري فيهما.
فإذا تم عرض هذه الصحائف الكبار، عرض مشهد فنائها جميعا، مشهد الفناء المطلق للخلائق، في ظل الوجود المطلق لوجه الله الكريم الباقي، الذي إليه تتوجه الخلائق جميعا ليتصرف في أمرها بما يشاء، قال تعالى :﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾. ( الرحمن : ٢٦-٢٧ )
وفي ظل الفناء المطلق للإنسان، والبقاء المطلق للرحمن، يجيء التهديد المروع والتحدي الكوني للجن والإنس، ومن ثم يعرض مشهد النهاية، مشهد القيامة يعرض في صورة كونية، يرتسم فيها مشهد السماء حمراء سائلة، ومشهد العذاب للمجرمين، ثم يعرض ألوان الثواب للمتقين، ويصف الجنة وما فيها من نعيم مقيم أعده الله للمتقين، ويبين أن منازل الجنات مختلفة، ونعيمها متفاوت، والجزاء على قدر العمل.
كل يوم هو في شأن
قال المفسرون : شئون يبديها لا شئون يبتديهاi، فهو سبحانه صاحب التدبير الذي لا يشغله شأن عن شأن، ولا يند عن علمه ظاهر ولا خَافِ، والخلق كلهم يسألونه، فهو مناط السؤال، وغيره لا يسأل، وهو معقد الرجاء ومظنة الجواب.
وهذا الوجود الذي لا نعرف له حدودا كله منوط بقدره، متعلق بمشيئته، وهو سبحانه قائم بتدبيره.
هذا التدبير الذي يتبع ما ينبت، وما يسقط من ورقة، وما يكمن من حبة في ظلمات الأرض، وكل رطب وكل يابس، يتبع الأسماك في بحارها، والديدان في مساربها، والوحوش في أوكارها، والطيور في أعشاشها، وكل بيضة وكل فرخ، وكل خلية في جسم حي.

تفسير النسفي للآية :

في تفسير قوله تعالى :﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾. ( الرحمن : ٢٩ )، قال النسفي : يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... كل من في السماوات والأرض مفتقرون إليه، فيسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم، وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم.
كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ : كلَّ وقت وحين يُحدث أمورا ويُجدد أحوالا، كما روى أنه صلى الله عليه وسلم تلاها، فقيل له : وما ذلك الشأن ؟ فقال :" من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرّج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين ".
وعن ابن عيينة : الدهر عند الله يومان، أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي، والإحياء والإماتة، والإعطاء والمنع. واليوم الآخر هو يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب.
وقيل : نزلت في اليهود حين قالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شأنا.
وسأل بعض الملوك وزيره عن الآية، فاستمهله إلى الغد، وذهب كئيبا يفكر فيها، فقال غلام له أسود : يا مولاي، أخبرني ما أصابك، فأخبره، فقال الغلام : أنا أفسرها للملك فأعلمه، فقال : أيها الملك، شأن الله أنه يولج الليل في النهار، ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ويشفي سقيما ويسقم سليما، ويبتلي معافى ويعافي مبتلى، ويعزّ ذليلا ويذل عزيزا، ويغني فقيرا. فقال الملك : أحسنت، وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة، فقال : يا مولاي، هذا من شأن الله.
وقيل : سوق المقادير إلى المواقيت.
وقيل : إن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل وقال له : أشكلت عليّ آيات دعوتك لتكشفها لي، قوله تعالى : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ. وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة، فقال الحسين : كل يوم هو في شأن، فإنها شئون يبديها لا شئون يبتديهاii، أي يظهرها لعباده في واقع الناس على وفق ما قدره في الأزل من إحياء وإماتة، وإعزاز وإذلال، وإغناء وإعدام، وإجابة داع وإعطاء سائل، وغير ذلكiii.
فالناس يسألونه سبحانه بصفة مستمرة، وهو سبحانه مجيب الدعاء، بيده الخلق والأمر، يغير ولا يتغير، يجير ولا يجار عليه، يقبض ويبسط، يخفض ويرفع، وهو بكل شيء عليم.
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾. ( آل عمران ٢٦ )
٣٦- ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي نعم ربكما تكذبان ؟ ومنها تنبيهكم إلى أنّكم لا تستطيعون الفرار من العذاب إن بقيتم على كفركم.
تصدع السماء وأحوال المجرمين يوم القيامة
﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ( ٣٧ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٨ ) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ( ٣٩ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٠ ) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ( ٤١ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٢ ) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ( ٤٣ ) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ ( ٤٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٥ ) ﴾
تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.
المفردات :
انشقت : تصدعت.
وردة : كالوردة في الحمرة.
كالدّهان : مذابة كالدّهن أو كالأديم ( الجلد ) الأحمر، على خلاف ما هي عليه الآن. وجواب ( فإذا ) محذوف تقديره : فما أعظم الهول.
السيما : العلامة.
النواصي : واحدها ناصية، وهي مقدم الرأس.
والأقدام : واحدها قدم، وهي قدم الرجل المعروفة.
التفسير :
٣٧، ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢- ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
يعرض القرآن مشاهد القيامة ماثلة أمام العين كأنك تشاهدها، وترى السماء العالية المتماسكة، وقد انشقت على غلظها، وتعلقت الملائكة بأرجائها، وتغيَّر لون السماء، فصار أحمر قانيا بلون الورد، كما أن جرمها قد انماع، فصار دهنا متلونا بين الأصفر والأحمر والأخضر، بلون الأصباغ التي يدهن بها، أو درديّ الزيت.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي هذه النعم تكذبان ؟ حيث يكافأ المتقون، ويعاقب المجرمون، وحيث يخبرنا الله بذلك لنحذر عقاب هذا اليوم.
فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ.
يوم القيامة يوم طويل، وفيه مواقف متعددة، في بعضها يُسأل الإنسان.
قال تعالى :﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾. ( الصافات : ٢٤ ).
وفي بعض المواقف ينتهي الأمر كما ينتهي التحقيق في بعض القضايا، وتحجز للنطق بالحكم.
وفي مواقف الآخرة هناك وثائق تغني عن السؤال، منها شهادة الجوارح، وما سُجِّل في الكتب، وشهادة الملائكة، واطّلاع الجبار سبحانه وتعالى.
وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ﴾. ( النور : ٢٤ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. ( الجاثية : ٢٩ ).
وقال تعالى :﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾. ( فصلت : ٢١ ).
وقد أخبرنا القرآن الكريم أن المؤمنين تبيض وجوههم، وتكون عليها نضرة النعيم، ويسعى النور بين أيديهم وبأيمانهم، وأن الكفار تسودُّ وجوههم، وتعلوها الغبرة والقترة، والقتام والخوف والذل.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : من نعمه أن أحقّ الحق، وأبطل الباطل، وكرَّم المؤمنين، وعذَّب الكافرين، فبأي نعمه تكذبان ؟
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.
يُعرف المجرمون بعلامات، منها سواد وجوههم، وزرقة عيونهم، وظهور القتام والذلّ والمهانة عليهم، فتمسك الملائكة بشعر رؤوسهم، وتجمعه مع أقدامهم، ويرمى بهم إلى جهنم، فما أشق ذلك وما أصعبه.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
ومن نعم الله تحذير الناس من ذلك المصير، نعوذ بالله من حال أهل النار، ونقول :
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:تصدع السماء وأحوال المجرمين يوم القيامة
﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ( ٣٧ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٨ ) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ( ٣٩ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٠ ) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ( ٤١ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٢ ) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ( ٤٣ ) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ ( ٤٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٥ ) ﴾
تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.

المفردات :

انشقت : تصدعت.
وردة : كالوردة في الحمرة.
كالدّهان : مذابة كالدّهن أو كالأديم ( الجلد ) الأحمر، على خلاف ما هي عليه الآن. وجواب ( فإذا ) محذوف تقديره : فما أعظم الهول.
السيما : العلامة.
النواصي : واحدها ناصية، وهي مقدم الرأس.
والأقدام : واحدها قدم، وهي قدم الرجل المعروفة.

التفسير :

٣٧، ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢- ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
يعرض القرآن مشاهد القيامة ماثلة أمام العين كأنك تشاهدها، وترى السماء العالية المتماسكة، وقد انشقت على غلظها، وتعلقت الملائكة بأرجائها، وتغيَّر لون السماء، فصار أحمر قانيا بلون الورد، كما أن جرمها قد انماع، فصار دهنا متلونا بين الأصفر والأحمر والأخضر، بلون الأصباغ التي يدهن بها، أو درديّ الزيت.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي هذه النعم تكذبان ؟ حيث يكافأ المتقون، ويعاقب المجرمون، وحيث يخبرنا الله بذلك لنحذر عقاب هذا اليوم.
فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ.
يوم القيامة يوم طويل، وفيه مواقف متعددة، في بعضها يُسأل الإنسان.
قال تعالى :﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾. ( الصافات : ٢٤ ).
وفي بعض المواقف ينتهي الأمر كما ينتهي التحقيق في بعض القضايا، وتحجز للنطق بالحكم.
وفي مواقف الآخرة هناك وثائق تغني عن السؤال، منها شهادة الجوارح، وما سُجِّل في الكتب، وشهادة الملائكة، واطّلاع الجبار سبحانه وتعالى.
وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ﴾. ( النور : ٢٤ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. ( الجاثية : ٢٩ ).
وقال تعالى :﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾. ( فصلت : ٢١ ).
وقد أخبرنا القرآن الكريم أن المؤمنين تبيض وجوههم، وتكون عليها نضرة النعيم، ويسعى النور بين أيديهم وبأيمانهم، وأن الكفار تسودُّ وجوههم، وتعلوها الغبرة والقترة، والقتام والخوف والذل.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : من نعمه أن أحقّ الحق، وأبطل الباطل، وكرَّم المؤمنين، وعذَّب الكافرين، فبأي نعمه تكذبان ؟
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.
يُعرف المجرمون بعلامات، منها سواد وجوههم، وزرقة عيونهم، وظهور القتام والذلّ والمهانة عليهم، فتمسك الملائكة بشعر رؤوسهم، وتجمعه مع أقدامهم، ويرمى بهم إلى جهنم، فما أشق ذلك وما أصعبه.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
ومن نعم الله تحذير الناس من ذلك المصير، نعوذ بالله من حال أهل النار، ونقول :
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:تصدع السماء وأحوال المجرمين يوم القيامة
﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ( ٣٧ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٨ ) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ( ٣٩ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٠ ) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ( ٤١ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٢ ) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ( ٤٣ ) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ ( ٤٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٥ ) ﴾
تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.

المفردات :

انشقت : تصدعت.
وردة : كالوردة في الحمرة.
كالدّهان : مذابة كالدّهن أو كالأديم ( الجلد ) الأحمر، على خلاف ما هي عليه الآن. وجواب ( فإذا ) محذوف تقديره : فما أعظم الهول.
السيما : العلامة.
النواصي : واحدها ناصية، وهي مقدم الرأس.
والأقدام : واحدها قدم، وهي قدم الرجل المعروفة.

التفسير :

٣٧، ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢- ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
يعرض القرآن مشاهد القيامة ماثلة أمام العين كأنك تشاهدها، وترى السماء العالية المتماسكة، وقد انشقت على غلظها، وتعلقت الملائكة بأرجائها، وتغيَّر لون السماء، فصار أحمر قانيا بلون الورد، كما أن جرمها قد انماع، فصار دهنا متلونا بين الأصفر والأحمر والأخضر، بلون الأصباغ التي يدهن بها، أو درديّ الزيت.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي هذه النعم تكذبان ؟ حيث يكافأ المتقون، ويعاقب المجرمون، وحيث يخبرنا الله بذلك لنحذر عقاب هذا اليوم.
فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ.
يوم القيامة يوم طويل، وفيه مواقف متعددة، في بعضها يُسأل الإنسان.
قال تعالى :﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾. ( الصافات : ٢٤ ).
وفي بعض المواقف ينتهي الأمر كما ينتهي التحقيق في بعض القضايا، وتحجز للنطق بالحكم.
وفي مواقف الآخرة هناك وثائق تغني عن السؤال، منها شهادة الجوارح، وما سُجِّل في الكتب، وشهادة الملائكة، واطّلاع الجبار سبحانه وتعالى.
وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ﴾. ( النور : ٢٤ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. ( الجاثية : ٢٩ ).
وقال تعالى :﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾. ( فصلت : ٢١ ).
وقد أخبرنا القرآن الكريم أن المؤمنين تبيض وجوههم، وتكون عليها نضرة النعيم، ويسعى النور بين أيديهم وبأيمانهم، وأن الكفار تسودُّ وجوههم، وتعلوها الغبرة والقترة، والقتام والخوف والذل.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : من نعمه أن أحقّ الحق، وأبطل الباطل، وكرَّم المؤمنين، وعذَّب الكافرين، فبأي نعمه تكذبان ؟
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.
يُعرف المجرمون بعلامات، منها سواد وجوههم، وزرقة عيونهم، وظهور القتام والذلّ والمهانة عليهم، فتمسك الملائكة بشعر رؤوسهم، وتجمعه مع أقدامهم، ويرمى بهم إلى جهنم، فما أشق ذلك وما أصعبه.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
ومن نعم الله تحذير الناس من ذلك المصير، نعوذ بالله من حال أهل النار، ونقول :
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:تصدع السماء وأحوال المجرمين يوم القيامة
﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ( ٣٧ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٨ ) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ( ٣٩ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٠ ) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ( ٤١ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٢ ) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ( ٤٣ ) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ ( ٤٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٥ ) ﴾
تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.

المفردات :

انشقت : تصدعت.
وردة : كالوردة في الحمرة.
كالدّهان : مذابة كالدّهن أو كالأديم ( الجلد ) الأحمر، على خلاف ما هي عليه الآن. وجواب ( فإذا ) محذوف تقديره : فما أعظم الهول.
السيما : العلامة.
النواصي : واحدها ناصية، وهي مقدم الرأس.
والأقدام : واحدها قدم، وهي قدم الرجل المعروفة.

التفسير :

٣٧، ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢- ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
يعرض القرآن مشاهد القيامة ماثلة أمام العين كأنك تشاهدها، وترى السماء العالية المتماسكة، وقد انشقت على غلظها، وتعلقت الملائكة بأرجائها، وتغيَّر لون السماء، فصار أحمر قانيا بلون الورد، كما أن جرمها قد انماع، فصار دهنا متلونا بين الأصفر والأحمر والأخضر، بلون الأصباغ التي يدهن بها، أو درديّ الزيت.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي هذه النعم تكذبان ؟ حيث يكافأ المتقون، ويعاقب المجرمون، وحيث يخبرنا الله بذلك لنحذر عقاب هذا اليوم.
فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ.
يوم القيامة يوم طويل، وفيه مواقف متعددة، في بعضها يُسأل الإنسان.
قال تعالى :﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾. ( الصافات : ٢٤ ).
وفي بعض المواقف ينتهي الأمر كما ينتهي التحقيق في بعض القضايا، وتحجز للنطق بالحكم.
وفي مواقف الآخرة هناك وثائق تغني عن السؤال، منها شهادة الجوارح، وما سُجِّل في الكتب، وشهادة الملائكة، واطّلاع الجبار سبحانه وتعالى.
وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ﴾. ( النور : ٢٤ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. ( الجاثية : ٢٩ ).
وقال تعالى :﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾. ( فصلت : ٢١ ).
وقد أخبرنا القرآن الكريم أن المؤمنين تبيض وجوههم، وتكون عليها نضرة النعيم، ويسعى النور بين أيديهم وبأيمانهم، وأن الكفار تسودُّ وجوههم، وتعلوها الغبرة والقترة، والقتام والخوف والذل.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : من نعمه أن أحقّ الحق، وأبطل الباطل، وكرَّم المؤمنين، وعذَّب الكافرين، فبأي نعمه تكذبان ؟
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.
يُعرف المجرمون بعلامات، منها سواد وجوههم، وزرقة عيونهم، وظهور القتام والذلّ والمهانة عليهم، فتمسك الملائكة بشعر رؤوسهم، وتجمعه مع أقدامهم، ويرمى بهم إلى جهنم، فما أشق ذلك وما أصعبه.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
ومن نعم الله تحذير الناس من ذلك المصير، نعوذ بالله من حال أهل النار، ونقول :
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:تصدع السماء وأحوال المجرمين يوم القيامة
﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ( ٣٧ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٨ ) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ( ٣٩ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٠ ) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ( ٤١ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٢ ) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ( ٤٣ ) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ ( ٤٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٥ ) ﴾
تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.

المفردات :

انشقت : تصدعت.
وردة : كالوردة في الحمرة.
كالدّهان : مذابة كالدّهن أو كالأديم ( الجلد ) الأحمر، على خلاف ما هي عليه الآن. وجواب ( فإذا ) محذوف تقديره : فما أعظم الهول.
السيما : العلامة.
النواصي : واحدها ناصية، وهي مقدم الرأس.
والأقدام : واحدها قدم، وهي قدم الرجل المعروفة.

التفسير :

٣٧، ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢- ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
يعرض القرآن مشاهد القيامة ماثلة أمام العين كأنك تشاهدها، وترى السماء العالية المتماسكة، وقد انشقت على غلظها، وتعلقت الملائكة بأرجائها، وتغيَّر لون السماء، فصار أحمر قانيا بلون الورد، كما أن جرمها قد انماع، فصار دهنا متلونا بين الأصفر والأحمر والأخضر، بلون الأصباغ التي يدهن بها، أو درديّ الزيت.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي هذه النعم تكذبان ؟ حيث يكافأ المتقون، ويعاقب المجرمون، وحيث يخبرنا الله بذلك لنحذر عقاب هذا اليوم.
فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ.
يوم القيامة يوم طويل، وفيه مواقف متعددة، في بعضها يُسأل الإنسان.
قال تعالى :﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾. ( الصافات : ٢٤ ).
وفي بعض المواقف ينتهي الأمر كما ينتهي التحقيق في بعض القضايا، وتحجز للنطق بالحكم.
وفي مواقف الآخرة هناك وثائق تغني عن السؤال، منها شهادة الجوارح، وما سُجِّل في الكتب، وشهادة الملائكة، واطّلاع الجبار سبحانه وتعالى.
وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ﴾. ( النور : ٢٤ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. ( الجاثية : ٢٩ ).
وقال تعالى :﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾. ( فصلت : ٢١ ).
وقد أخبرنا القرآن الكريم أن المؤمنين تبيض وجوههم، وتكون عليها نضرة النعيم، ويسعى النور بين أيديهم وبأيمانهم، وأن الكفار تسودُّ وجوههم، وتعلوها الغبرة والقترة، والقتام والخوف والذل.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : من نعمه أن أحقّ الحق، وأبطل الباطل، وكرَّم المؤمنين، وعذَّب الكافرين، فبأي نعمه تكذبان ؟
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.
يُعرف المجرمون بعلامات، منها سواد وجوههم، وزرقة عيونهم، وظهور القتام والذلّ والمهانة عليهم، فتمسك الملائكة بشعر رؤوسهم، وتجمعه مع أقدامهم، ويرمى بهم إلى جهنم، فما أشق ذلك وما أصعبه.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
ومن نعم الله تحذير الناس من ذلك المصير، نعوذ بالله من حال أهل النار، ونقول :
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٧:تصدع السماء وأحوال المجرمين يوم القيامة
﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ( ٣٧ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٣٨ ) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ( ٣٩ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٠ ) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ( ٤١ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٢ ) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ( ٤٣ ) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ ( ٤٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٥ ) ﴾
تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.

المفردات :

انشقت : تصدعت.
وردة : كالوردة في الحمرة.
كالدّهان : مذابة كالدّهن أو كالأديم ( الجلد ) الأحمر، على خلاف ما هي عليه الآن. وجواب ( فإذا ) محذوف تقديره : فما أعظم الهول.
السيما : العلامة.
النواصي : واحدها ناصية، وهي مقدم الرأس.
والأقدام : واحدها قدم، وهي قدم الرجل المعروفة.

التفسير :

٣٧، ٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٢- ﴿ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
يعرض القرآن مشاهد القيامة ماثلة أمام العين كأنك تشاهدها، وترى السماء العالية المتماسكة، وقد انشقت على غلظها، وتعلقت الملائكة بأرجائها، وتغيَّر لون السماء، فصار أحمر قانيا بلون الورد، كما أن جرمها قد انماع، فصار دهنا متلونا بين الأصفر والأحمر والأخضر، بلون الأصباغ التي يدهن بها، أو درديّ الزيت.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي هذه النعم تكذبان ؟ حيث يكافأ المتقون، ويعاقب المجرمون، وحيث يخبرنا الله بذلك لنحذر عقاب هذا اليوم.
فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلاَ جَانٌّ.
يوم القيامة يوم طويل، وفيه مواقف متعددة، في بعضها يُسأل الإنسان.
قال تعالى :﴿ وقفوهم إنهم مسئولون ﴾. ( الصافات : ٢٤ ).
وفي بعض المواقف ينتهي الأمر كما ينتهي التحقيق في بعض القضايا، وتحجز للنطق بالحكم.
وفي مواقف الآخرة هناك وثائق تغني عن السؤال، منها شهادة الجوارح، وما سُجِّل في الكتب، وشهادة الملائكة، واطّلاع الجبار سبحانه وتعالى.
وفي هذا المعنى يقول القرآن الكريم :﴿ يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ﴾. ( النور : ٢٤ ).
ويقول سبحانه وتعالى :﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾. ( الجاثية : ٢٩ ).
وقال تعالى :﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾. ( فصلت : ٢١ ).
وقد أخبرنا القرآن الكريم أن المؤمنين تبيض وجوههم، وتكون عليها نضرة النعيم، ويسعى النور بين أيديهم وبأيمانهم، وأن الكفار تسودُّ وجوههم، وتعلوها الغبرة والقترة، والقتام والخوف والذل.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
أي : من نعمه أن أحقّ الحق، وأبطل الباطل، وكرَّم المؤمنين، وعذَّب الكافرين، فبأي نعمه تكذبان ؟
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.
يُعرف المجرمون بعلامات، منها سواد وجوههم، وزرقة عيونهم، وظهور القتام والذلّ والمهانة عليهم، فتمسك الملائكة بشعر رؤوسهم، وتجمعه مع أقدامهم، ويرمى بهم إلى جهنم، فما أشق ذلك وما أصعبه.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
ومن نعم الله تحذير الناس من ذلك المصير، نعوذ بالله من حال أهل النار، ونقول :
لا بشيء من نعمك ربنا نكذّب، فلك الحمد.

تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.
المفردات :
الحميم : الماء الحار.
التفسير :
٤٣- ﴿ هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ﴾.
يقال لهم تبكيتا وتوبيخا : هذه جهنم التي كنتم تكذبون بها في الدنيا وتستبعدون دخولها، ادخلوها والمسوا عذابها.
تمهيد :
هذا مشهد من مشاهد القيامة، حيث تنشق السماء على غلظها، ويصبح لونها أحمر قانيا كالوردة، متغيرا كتغير الأصباغ التي يدهن بها، وتذوب السماء كالدّهن، أو درديّ الزيت.
ويتميز المجرمون عن غيرهم بعلامات خاصة، هي سواد وجوههم وزرقة عيونهم، ثم يزج بهم في جهنم في صورة زرية مهينة، حيث تجمع أرجلهم إلى نواصيهم، ويقال لهم تحقيرا وتكديرا : هذه جهنم التي كنتم بها تكذبون بها في الدنيا، فيصلون حرارة النار، ويشربون من ماء حارّ قد اشتدت حرارته.
المفردات :
آنٍ : متناه في الحرارة، لا يُستطاع شربه من شدة حرارته.
التفسير :
٤٤- ﴿ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ ﴾.
يترددون بين العذاب في جهنم، وشرب ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه، ويقطّع الأمعاء.
قال قتادة :
يطوفون مرة بين الحميم ومرة بين الجحيم، والجحيم : النار، والحميم : الشراب الذي انتهى حرّه.
وقال ابن كثير :
الحميم : هو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب، يقطّع الأمعاء والأحشاء، وهذا كقوله تعالى :﴿ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ﴾. ( غافر : ٧١-٧٢ ).
وقوله تعالى : آَنٍ. أي : حار قد بلغ الغاية في الحرارة.
قال ابن عباس :
قد انتهى غليه، واشتد حرّه وقوله : حَمِيمٍ آَنٍ. أي : حميم حار جدا.
٤٥- ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي نعم ربكما تكذبان ؟ حيث دعاكم إلى الإيمان لتتقوا هذا العذاب.
وصف نعيم الجنة
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ( ٤٦ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٧ ) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ( ٤٨ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٤٩ ) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ( ٥٠ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٥١ ) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ ( ٥٢ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٥٣ ) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ( ٥٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٥٥ ) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ( ٥٦ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٥٧ ) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ( ٥٨ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٥٩ ) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ( ٦٠ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٦١ ) ﴾
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
المفردات :
مقام ربه : قيامه بين يدي ربه للحساب، أي أنّ مقام اسم مكان، والمراد به مكان وقوف الخلق، وقيامهم عند ربهم يوم القيامة للحساب والجزاء، قال تعالى : يوم يقوم الناس لرب العالمين. ( المطففين : ٦ ).
أفنان : غصون، جمع فنن، وهو ما دق ولان من الأغصان.
التفسير :
٤٦، ٤٧، ٤٨، ٤٩- ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
قيل : إن الآيات نزلت في أبي بكر الصديق، خاف الوقوف والحساب، فتمنى أن لو كان نباتا أخضر تأكله دابة، والحق أن الآية عامة في كل من خاف مقام ربّه، أي القيام بين يدي ربه للحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين، أي يقفون للحساب والجزاء.
فلكل من خاف الموقف في ذلك اليوم، وعمل الطاعات، وتجنب المعاصي، جنتان : جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المحرمات، وقيل : جنة لسكنه، وجنة لأزواجه وخدمه، كما هي حال ملوك الدنيا، حيث يكون له قصر ولأزواجه قصر.
قال القرطبي : وإما كانتا اثنتين ليضاعف له السرور بالتنقل من جهة إلى جهة.
أخرج البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا لربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " x.
قال مجاهد :
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ. هو الرجل يريد الذنب فيذكر الله تعالى فيدع الذنب.
وقال حماد :
ولا أعلمه إلا قد رفعه في قوله تعالى : وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ. جنتان من ذهب للمقربين، وجنتان من ورق ( فضة ) لأصحاب اليمين.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فبأي نعم ربكما تكذبان ؟
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
ذَوَاتَا أَفْنَانٍ.
صاحبتا أنواع من الأشجار والثمار.
وقيل : ذَوَاتَا أَفْنَانٍ. صاحبتا أغصان.
وخص الأغصان بالذكر، مع أنهما ذواتا جذوع وأوراق وثمار أيضا، لأن الأغصان هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجنى الثمار.
فكأنه قيل : ذواتا ثمار وظلال، فالأغصان كناية عن ذلك.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾. فبأي نعم ربكما تكذبان، وهي نعم كثيرة عديدة ؟
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
٥٠- ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴾.
أي : في كل واحدة من الجنتين عين جارية تجري بالماء الزلال، كقوله تعالى :﴿ فيها عين جارية ﴾. ( الغاشية : ١٢ ).
والماء نعمة كبرى، والماء الجاري في الجنة يسقي ثمارها، فتثمر من جميع الألوان، وقد ورد في وصف الجنة : أن فيها أنهارا من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهارا من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفّى.
قال الحسن البصري :
إحداهما يقال لها : تسنيم، والأخرى : السلسبيل.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
٥١- ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأيّ نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟ اللهم لا بشيء من نعمك نكذّب، فلك الحمد.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
المفردات :
زوجان : صنفان : معروف وغريب، أو رطب ويابس.
التفسير :
٥٢، ٥٣- ﴿ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
في الجنتين من جميع أنواع الثمار صنفان : صنف معروف لهم في الدنيا، وصنف آخر غريب لم يعرفوه، أو صنف يابس وآخر رطب، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾. فبأي نعم ربكما تكذبان وهي لا تحصى ولا تعد ؟
قال ابن عباس :
ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة، وليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء.
يعني أن بين الفاكهة الدنيا والآخرة بونا عظيما، وفرقا بيّنا في التفاضل.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٥٢:تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.

المفردات :

زوجان : صنفان : معروف وغريب، أو رطب ويابس.

التفسير :

٥٢، ٥٣- ﴿ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
في الجنتين من جميع أنواع الثمار صنفان : صنف معروف لهم في الدنيا، وصنف آخر غريب لم يعرفوه، أو صنف يابس وآخر رطب، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾. فبأي نعم ربكما تكذبان وهي لا تحصى ولا تعد ؟

قال ابن عباس :

ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة، وليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء.
يعني أن بين الفاكهة الدنيا والآخرة بونا عظيما، وفرقا بيّنا في التفاضل.

تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
المفردات :
إستبرق : حرير ثخين.
جنى الجنتين : ما يجنى ويؤخذ من ثمار أشجارهما.
دان : قريب، يناله القاعد والقائم، والمضطجع والمتكئ.
آلاء : نعم، جمع إلى.
التفسير :
٥٤، ٥٥- ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
الجنة كل ما فيها جميل طيب، وفيها تكريم أهلها، مع نعيم حسي وآخر معنوي.
والمعنى :
معتمدين على فرش بطانتها من إِسْتَبْرَقٍ. حرير ثخين، وقد دلّ على شرف الأعلى وهو الظِّهارة بالنص على فضل البطانة.
قيل لابن عباس : بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ. فما الظواهر ؟ قال : ذلك مما قال تعالى :﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين... ﴾ ( السجدة : ١٧ ).
﴿ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾.
وثمر الجنتين قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع، بخلاف ثمار الدنيا فإنها لا تُنال إلا بكدٍّ وتعب.
قال ابن عباس :
تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما، وإن شاء قاعدا، وإن شاء مضطجعا. أ. ه.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
بأي٤ نعم ربكما تكذبان يا معشر الثقلين ؟
اللهم لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
المفردات :
قاصرات الطرف : نساء قصرن طرفهنّ – أي عينهنّ – على أزواجهن.
لم يطمثهن : لم يفضض بكارتهن.
التفسير :
٥٦، ٥٧- ﴿ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
تحدث القرآن في الآيات السابقة عن الفُرش، وذكر أنّ بطائنها من إستبرق، وذكر هنا أن في هذه الفرش أو في الجنات نساء قاصرات أبصارهن على أزواجهنّ، فلا ينظرن لسواهم، ولا٤ يرين في الجنة شيئا أحسن من أزواجهن.
قال ابن كثير :
ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك، ولا في الجنة شيئا أحبّ إليّ منك، فالحمد لله الذي جعلك لي، وجعلني لك.
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ.
أي : لم يفضض بكارتهنّ أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن، بل هنّ أبكار عذارى.
قال الآلوسي :
وأصل الطمث خروج الدم، ولذلك يقال للحيض : طمث، ثم أطلق على جماع الأبكار لما فيه من خروج الدم، ثم على كل جماع.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
فبأي نعم ربكما تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
المفردات :
المرجان : صغار الدرّ، وقيل : خرز أحمر.
التفسير :
٥٨- ﴿ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾.
كأنهن في صفائهنّ الياقوت، وفي حمرتهن المرجان.
قال قتادة :
كأنهن في صفائهن الياقوت، وحمرة المرجان، لو أدخلت في الياقوت سلكا ثم نظرت إليه لرأيته من ورائه.
أخرج الترمذي، عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن المرأة من نساء أهل الجنة ليُرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير، حتى يُرى مخّها " xi.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
٥٩- ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فبأي نعم ربكما تكذبان ؟
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
٦٠- هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ.
هل يكافأ المتقون الذين فعلوا الطاعات والقربات، وتركوا المحرمات والمعاصي، إلاّ بفسيح الجنات.
قال أبو السعود :
ما جزاء الإحسان في العمل إلا الإحسان في الثواب، أي أنّ من قدم المعروف والإحسان استحق الإنعام والإكرام.
تمهيد :
تصف الآيات نعيم الجنان، كما وصفت الآيات السابقة عذاب أهل النار، وكان أهل النار يترددون بين جهنم وماء حارّ يشوي الوجوه، أما أهل الجنة فيترددون بين نعيم الجنة و ضيافة الجبار ورؤيته سبحانه وتعالى.
٦١- ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فيما ذكره الله نعم عظيمة لا يقاومها عمل، بل مجرد تفضل وامتنان، لذلك عقب بهذا الاستفهام : بأي نعم ربكما تكذبان، أو تجحدان فضل حماية المتقين من النار، وإدخالهم الجنة والإنعام عليهم بالرحمة والإحسان ؟
اللهم لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.
وصف آخر للجنة
﴿ وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ( ٦٢ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٦٣ ) مُدْهَامَّتَانِ ( ٦٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٦٥ ) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ( ٦٦ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٦٧ ) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ( ٦٨ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٦٩ ) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ( ٧٠ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٧١ ) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ( ٧٢ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٧٣ ) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ ( ٧٤ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٧٥ ) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ( ٧٦ ) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ( ٧٧ ) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ( ٧٨ ) ﴾
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
المفردات :
ومن دونهما : ومن ورائهما وأقل منهما.
التفسير :
٦٢، ٦٣، ٦٤، ٦٥- ﴿ وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَامَّتَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
تحكي الآيات نعيما آخر لصنف آخر أقل درجة من السابقين، فهاتان الجنتان لأصحاب اليمين، والجنتان السابقتان للسابقين.
والمعنى :
وهناك جنتان أخريان دو السابقتين في المرتبة والفضيلة.
وفي الحديث : " جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما "، فالأوليان للمقربين، والأخريان لأصحاب اليمين.
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾. فبأي نعم ربكما تكذبان ؟
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
مدهامتان : خضراوان بسواد، لأن الخضرة إذا اشتدت ضربت إلى السواد، من كثرة الري بالماء ونحوه.
مُدْهَامَّتَانِ.
خضراوان خضرة شديدة تضرب إلى السّواد من شدة خضرتها، لجودة الأرض وكثرة الري، حتى أنّ لون النهار يتحول إلى سواد يشبه لون الليل المقمر.
قال الشاعر :
يا صاحبيَّ تقصيَّا نظريكما تريا وجوه الأرض كيف تصوَّرُ
تريا نهارا مشمسا قد شابه زهر الريا فكأنما هو مقمرُ
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
فبأي نعم ربكما تكذبان يا معشر الجن والإنس ؟
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
المفردات :
نضّاختان : فوّارتان بالماء، والنضخ : فوران الماء.
التفسير :
٦٦، ٦٧- ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ* فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
في هاتين الجنتين عينان تفوران بالماء، والنضخ كالرّش فهو دون الجري.
قال البراء : العينان اللتان تجريان خير من النضاختين.
وقال مجاهد : نضاختان بالخير والبركة.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ؟
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٦٦:تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.

المفردات :

نضّاختان : فوّارتان بالماء، والنضخ : فوران الماء.

التفسير :

٦٦، ٦٧- ﴿ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ* فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
في هاتين الجنتين عينان تفوران بالماء، والنضخ كالرّش فهو دون الجري.
قال البراء : العينان اللتان تجريان خير من النضاختين.
وقال مجاهد : نضاختان بالخير والبركة.
فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ؟

تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
﴿ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
في الجنتين : فاكهة. وهي ما يتفكّه به، ويشمل جميع الفواكه، كالبلح والرمان، لكنه ذكرهما للتنبيه على مزيد فضل لهما، أو أن البلح طعام وفاكهة، والرّمان فاكهة ودواء.
كما قال تعالى :﴿ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى... ﴾ ( البقرة : ٢٣٨ ).
فنبه على الصلاة الوسطى لمزيد فضلها، بعد أن ذكر الصلوات الخمس، والصلاة الوسطى واحدة من الصلوات الخمس.
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ؟.
ونقول : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد.
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
التفسير :
٧٠، ٧١، ٧٢، ٧٣- ﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
في تلك الجنات نساء خيّرات الأخلاق، حسان الوجوه.
روى الحسن، عن أمه، عن أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله، أخبرني عن قوله تعالى : خَيْرَاتٌ حِسَانٌ. قال : " خيّرات الأخلاق، حسان الوجوه ".
وقال الرازي : في باطنهن الخير، وفي ظاهرهن الحسن، وروي أن الحور العين يغنّين، نحن الخيّرات الحسان، خلقنا لأزواج كرام.
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فبأي نعم ربكما تكذبان ؟
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
المفردات :
حور : واحدتهن حوراء، أي بيضاء، قال ابن الأثير : الحوراء هي الشديدة بياض العين، والشديدة سوادها.
خيّرات : بالتشديد، فخففت كما جاء في الحديث : هيْنون، ليْنون ".
مقصورات في الخيام : مخدّرات، يقال : امرأة قصيرة ومقصورة، أي : مخدرة ملازمة بيتها، لا تطوف في الطرق.
قال قيس بن الأسلت :
وتكسل عن جاراتها فيزرنها وتعتلّ عن إتيانهنّ فتُعْذر
الخيام : واحدها خيمة، وهي أربعة أعواد تنصب بشيء من نبات الأرض، وما يتخذ من شعر أو وبر فهو خباء، وخيام الجنة شبيهة بالخدور، مصنوعة من الدرّ.
حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ.
الحَوَر شدة بياض العين مع شدة سوادها، أي في هذه الجنات نساء جميلات، قصرن أنفسهن على أزواجهن، ملازمات لبيوتهن لا يطفن بالطرق.
روى البخاري، عن عبد الله بن قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلا، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمنون " xii.
ورواه مسلم بلفظ :" إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلا، للمؤمن فيها أهل، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا " xiii.
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فبأي نعم ربكما تكذبان ؟
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
٧٤، ٧٥- ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
لم يطأهن إنس ولا جان قبل أزواجهن، فهن محفوظات لم يختلط بهن أحد قبل أزواجهن.
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فبأي نعم ربكما تكذبان، يا معشر الجن والإنس ؟
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
المفردات :
رفرف : وسائد أو فرش مرتفعة.
عبقري : العجيب النادر الموشَّى من البسط.
التفسير :
٧٦- ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ﴾.
الرفرف : الوسائد، أي مستندين على وسائد خضر من وسائد الجنة.
وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ.
وطنافس ثخينة مزخرفة، محلاة بأنواع الصّور والزينة.
قال في حاشية الجمل على الجلالين :
وهي نسبة إلى ( عبقر ) قرية بناحية اليمن، تنسج فيها بُسط منقوشة بلغت النهاية في الحسن، فقرَّب الله لنا فرش الجنتين بتلك البسط المنقوشة.
وقال ابن كثير :
مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ... يعني : الوسائد، وقال سعيد بن جبير : الرفرف : رياض الجنة.
وقوله تعالى : وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ. هي بسط الجنة.
وقال القيسي : كل ثوب موشّى عند العرب عبقري.
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
٧٧- ﴿ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
فبأي نعمة من نعم الله تعالى تكذبان يا معشر الإنس والجن ؟
تمهيد :
هذا وصف آخر للجنات، يُشوق الراغبين ويحفزهم على العمل، لينالوا هذا الفضل العظيم، وقد بينت الآيات السابقة أن ثواب الخائفين جنتان، وهنا ذكر أن لهم ثوابا آخر مثله، وهو جنتان أخريان.
المفردات :
تبارك اسم ربك : تعالى، أو كثر خيره وإحسانه وتنزه ربنا.
ذي الجلال : العظمة والاستغناء المطلق.
الإكرام : الفضل التام والإحسان.
التفسير :
٧٨- ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾.
تنزَّه وتقدس الله العظيم، وكثرت خيراته، وفاضت بركاته.
﴿ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَام ﴾
صاحب العظمة والكبرياء، والفضل والإنعام.
روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألِظّوا بيا ذا الجلال والإكرام " xiv.
أي : الزموا ذكره، والإلحاح عليه.
وفي صحيح مسلم، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم لا يقعد – تعني بعد الصلاة – إلا بقدر ما يقول : " اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام " xv.
Icon