تفسير سورة الذاريات

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الذاريات من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة الذاريات
أهداف سورة الذاريات
سورة مكية، وآياتها ٦٠ آية، نزلت بعد سورة الأحقاف.
معاني السورة
بدأت السورة بهذا القسم :
﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) ﴾. ( الذاريات : ١- ٦ ).
وهي كلمات غير مطروقة وغير متداولة، وقد سئل الإمام علي رضي الله عنه، عن معنى قوله تعالى :﴿ والذاريات ذروا ﴾. فقال رضي الله عنه : هي الريح، فسئل عن :﴿ فالحاملات وقرا ﴾. فقال : هي السحاب، فسئل عن :﴿ فالجاريات يسرا ﴾. فقال : هي السفن، فسئل عن :﴿ فالمقسمات أمرا ﴾. فقال : هي الملائكة.
﴿ والذاريات ذروا ﴾. هي الريح التي تذرو التراب وغيره، ﴿ فالحاملات وقرا ﴾. أي : السحب الحاملة للمطر،
والوقر : الحمل الثقيل، ﴿ فالجاريات يسرا ﴾. أي : السفن الجارية في البحر جريا سهلا، ﴿ فالمقسمات أمرا ﴾. أي : الملائكة التي تقسم وتوزع أمور الله من الأمطار والأرزاق وغيرها.
لقد أقسم الله بالريح وبالسحب وبالسفن وبالملائكة، وفي هذا القسم ما يوحي بأن الرزق بيد الله، فهو الذي يسوق السحاب، وهو الذي يسخر الريح للسفن، وهو الذي جعل الملائكة أصنافا تقسم الأمور، فالخلق البديع المنظم وراءه قوة عليا مبدعة، وهو سبحانه قد وعد الناس أن يجازيهم بالإحسان إحسانا، وبالسوء سوءا، ووعده واقع لا محالة.
﴿ والسماء ذات الحبك ﴾. ( الذاريات : ٧ ). الحبك بضمتين : جمع حبيكة، وهي الطريق ومدار الكواكب، والمراد الطرائق التي هي مسير الأجرام السماوية من نجوم وكواكب، يقسم الله بالسماء المتسقة المحكمة الترتيب، بما فيها من نجوم وكواكب تسلك طريقها مسرعة في مجراتها العظيمة بنظام دقيق وإبداع شامل، على أن المشركين يخوضون في حديث باطل وقول متناقض مضطرب، فصنع الله محكم، وعمل الكافرين باطل مضطرب فتراهم حينا يقولون عن النبي : إنه شاعر، وتارة يقولون : ساحر، ومرة ثالثة يقولون : مجنون، وهذا دليل على التخبط وفساد الرأي.
وقد رسمت السورة صورة الكافرين يذوقون عذاب جهنم، ويقال لهم :﴿ ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ﴾. ( الذاريات : ١٤ ).
أي : تعرضوا لعذاب النار، وقد كنتم تستعجلون مجيئه استهزاء بأمره واستبعادا لوقوعه.
وعلى الضفة الأخرى، وفي الصفحة المقابل، يرتسم مشهد آخر لفريق آخر، فريق مستيقن بالآخرة، مستيقظ للعمل الصالح، فريق المتقين الذين أدوا حقوق الله بالصلاة وقيام الليل، وأدوا حقوق الناس بالزكاة والصدقة.
آيات الله في الأرض والسماء
تشير الآية العشرون إلى آثار قدرة الله في خلق الأرض، فيقول سبحانه :﴿ وفي الأرض آيات للموقنين ﴾. ( الذاريات : ٢٠ ). وإذا تأملنا مضمون هذه الآية وجدنا أن هذا الكوكب الذي نعيش عليه معرض هائل لآيات الله وعجائب صنعته، هذه الأرض تكاد تنفرد باستعدادها لاستقبال هذا النوع من الحياة وحضانته، ولو اختلت خصيصة واحدة من خصائص الأرض الكثيرة جدا لتعذر وجود هذا النوع من الحياة عليها.. ولو تغير حجمها صغرا أو كبرا، لو تغير وضعها من الشمس قربا أو بعدا، لو تغير حجم الشمس ودرجة حرارتها، لو تغير ميل الأرض على محورها هنا أو هنا، لو تغيرت حركتها حول نفسها أو حول الشمس سرعة أو بطئا، لو تغير حجم القمر أو بعده عنها، لو تغيرت نسبة الماء إلى اليابس فيها زيادة أو نقصا.. لو.. لو.. لو، إلى آلاف الموافقات العجيبة المعروفة والمجهولة التي تتحكم في صلاحيتها لاستقبال هذا النوع من الحياة وحضانته، أليست هذه آية أو آيات معروفة في هذا المعرض الإلهي ؟.
( وتنوع مشاهد هذه الأرض ومناظرها، حيثما امتد الطرف، وحيثما تنقلت القدم، وعجائب هذه المشاهد التي لا تنفذ : من واد وجبل، ووهاد وبطاح، وبحار وبحيرات، وأنهار وغدران، وقطع متجاورات، وجنات وأعناب، وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان.. وكل مشهد من هذه المشاهد تتناوله يد الإبداع والتغيير الدائبة التي لا تفتر عن الإبداع والتغيير )١.
﴿ وفي أنفسكم أفلا تبصرون ﴾. ( الذاريات : ٢١ ).
خلق الله الإنسان بيده، ونفخ فيه من روحه، وشق له السمع والبصر، وزوده بالحواس المتعددة ووسائل الإدراك المختلفة.
( وحيثما وقف الإنسان يتأمل عجائب نفسه التقى بأسرار تدهش وتحير، تكوين أعضائه وتوزيعها، وظائفها وطريقة أدائها لهذه الوظائف، عملية الهضم والامتصاص، عملية التنفس والاحتراق، دورة الدم في القلب والعروق، الجهاز العصبي وتركيبه وإدارته للجسم، الغدد وإفرازها وعلاقتها بنمو الجسد وانتظامه، تناسق هذه الأجهزة كلها وتعاونها وتجاوبها الكامل الدقيق، وكل عجيبة من هذه تنطوي تحتها عجائب، وفي كل عضو وكل جزء من عضو خارقة تحير الألباب )٢.
﴿ وفي السماء رزقكم وما توعدون ﴾. ( الذاريات : ٢٢ ).
فبيد الله الخلق والرزق والهدى والضلال، وأرزاق السماء تشمل الأرزاق المادية والمعنوية.
( وفي السماء أسباب أقواتكم، فالظواهر الفلكية، وجريان الشموس والكواكب وتوابعها، واختلاف الليل والنهار، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها، وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح، والسحاب المسخر بين السماء والأرض، كل هذه الظواهر ذللها الله لخدمة الإنسان، فليس الرزق موقوفا على شيء يتعلق بالأرض وحدها، بل الأمر كله لله تعالى، يقبض ويبسط، وإليه المآب )٣.
ثم يعقب الله بالقسم : بحق رب الأرض والسماء إن هذا الأمر لحق مثل نطقكم، بل تشكون في أنكم تنطقون ؟
قصة إبراهيم
يشتمل القطاع الثاني من سورة ( الذاريات ) على الإشارة إلى قصص إبراهيم ولوط وموسى، وعاد قوم هود، وثمود قوم صالح، ثم آية واحدة عن قوم نوح، وهذا القصص مرتبط بما قبله، ومرتبط بما بعده في سياق السورة.
وإبراهيم أبو البشر اتخذه الله خليلا، وأرسل إليه ملائكة مكرمين، فأكرم الخليل وفادتهم، وقرب لهم عجلا سمينا ودعاهم للأكل منه، ولكنهم أمسكوا عن الطعام، فخاف منهم إبراهيم فلما شاهدوا خوفه أخبروه بأنهم ملائكة من السماء أرسلهم الله إليه، ثم بشروه بغلام حليم.
وأقبلت زوجته، وقد استولى عليها هول المفاجأة، فضربت وجهها بأطراف أصابعها، وصاحت متعجبة من الحمل وهي عجوز عقيم، فأخبرتها الملائكة بأنه لا وجه للعجب فذلك أمر الله، وهو الحكيم في أعماله، العليم بعباده.
قصة لوط
واتجهت الملائكة بعد ذلك إلى لوط عليه السلام، فلما رآهم لوط أنكرهم وضاق بهم ذرعا، فقالت له الملائكة : يا لوط، إنا رسل ربك، جئنا لإنقاذك ومن معك من المؤمنين، فأرسل بأهلك في ظلام الليل، ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك فقد حقت عليها كلمة العذاب مثل هؤلاء الظالمين.
ولم تجد الملائكة في قرى قوم لوط غير أهل بيت واحد من المسلمين هو لوط وابنتاه.
ولما خرج لوط وابنتاه، جعل الله ديارهم عاليها سافلها، وساق إليهم عاصفة رعدية أمطرتهم بحجارة مسمومة، استأصلت شأفتهم وتركتهم أثرا بعد عين، وجعلهم الله عظة وعبرة للمعتبرين.
إشارات إلى قصص الأنبياء
أشارت الآيات ( ٣٨- ٤٦ ) إلى العبرة والعظة من قصة موسى، ومن قصص غيره من الأنبياء في لمحة عاجلة.
لقد أرسل الله موسى -ومعه سلطان الهيبة وجلال النبوة- إلى فرعون وملئه، فأعرض فرعون عن موسى واتهمه بالسحر والجنون، فأغرق الله فرعون وجنده في البحر، وألبسه ثوب الخزي والندم.
وآية أخرى في عاد قوم نبي الله هود، حين كذبوا نبيهم فأرسل الله عليهم ريحا عاتية تحمل العذاب والدمار.
وآية ثالثة في ثمود، أمهلهم الله ثلاثة أيام، ثم أرسل عليهم صاعقة فأصبحوا هالكين.
والحجارة التي أرسلت على قوم لوط، والريح التي أرسلت على عاد، والصاعقة التي أرسلت على ثمود، كلها قوى كونية مدبرة بأمر الله، مسخرة بمشيئته ونواميسه، يسلطها على من يشاء في إطار تلك النواميس، فتؤدي دورها الذي يكلفها الله كأي جند من جند الله.
آية رابعة في قوم نوح، فقد أهلكوا وأغرقوا لفسوقهم وكفرهم وخروجهم على طاعة الله.
وللتنبيه إلى بدائع صنعه إيقاظا للعاطفة الدينية، عاد فذكر أنه رفع السماء ووسعها، وخلق الأرض ومهدها، وأعدها لما عليها من الكائنات، ومن كل شيء في هذه الأرض خلقنا ذكرا وأنثى ليكون ذلك وسيلة للعظة والاعتبار.
ثم يحث القرآن الناس على أن يتخلصوا من آثار المادة والهوى والشيطان، فرارا بدينهم، وطمعا في رحمة خالقهم، ورغبة في حماه وفضله :﴿ ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ﴾. ( الذاريات : ٥٠ ).
وتكشف الآيات عن طبيعة المعاندين في جميع العصور، فقد كذبوا الرسل واتهموهم بالجنون أو بالسحر كأنما وصى السابق منهم اللاحق، وكأن الكفر في طبيعته ملة واحدة، والرسالات كلها فكرة واحدة، فمن كذب برسول واحد فكأنما كذب برسل الله أجمعين.
﴿ كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون ﴾.
الذاريات :( ٥٢، ٥٣ ).
ختام السورة
هذه السورة تربط القلب البشري بالله، وترشده إلى عظيم صنعه، وفي ختام السورة يؤكد الله هذا المعنى فيبين أنه ما خلق الجن والإنس إلا ليعرفوه ويوحدوه ويؤمنوا به، فهو سبحانه وتعالى غني بذاته، وهم في حاجة وافتقار إليه.
إن معنى العبادة هي الخلافة في الأرض، وهي غاية الوجود الإنساني، وهي أوسع وأشمل من مجرد الشعائر، وتتمثل حقيقة العبادة في أمرين رئيسيين :
الأول : هو استقرار معنى العبودية لله في النفس، أي استقرار الشعور بأنه ليس في هذا الوجود إلا عابد ومعبود، وإلا رب واحد والكل له عبيد.
والثاني : هو التوجه إلى الله بكل حركة في الضمير، وكل حركة في الجوارح، وكل حركة في الحياة.
بهذا وذاك يتحقق معنى العبادة، ويصبح العمل كالشعائر، والشعائر كعمارة الأرض، وعمارة الأرض كالجهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله كالصبر على الشدائد والرضا بقدر الله، كلها عبادة، وكلها تحقيق للوظيفة الأولى التي خلق الله الجن والإنس لها، وكلها خضوع للناموس العام الذي يتمثل في عبودية كل شيء لله دون سواه.
والمؤمن الحق هو الحريص على أداء واجباته ومرضاة ربه، وهو لا يعني نفسه بأداء الواجبات تحقيقا لمعنى العبادة في الأداء، أما الغايات فموكولة لله يأتي بها وفق قدره الذي يريده.
إن الله تعالى لم يخلق الجن والإنس ليستعين بهم لجلب منفعة لذاته أو لدفع مضرة، وما يريد الله منهم أن يرزقوا أحدا من خلقه أو يطعموه، إن الله سبحانه وتعالى هو الكفيل برزقهم، والمتفضل عليهم بما يقوم بمعيشتهم، وهو سبحانه ذو القدرة والقوة، وهو الغالب على أمره فلا يعجزه شيء.
وفي ضوء هذه الحقيقة ينذر الذين ظلموا فلم يؤمنوا بأن لهم نصيبا من العذاب مثل نصيب من سبقهم من الظالمين، فالله يمهل ولا يهمل، وتختتم السورة بهذا الإنذار الأخير :﴿ فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون * فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون ﴾. ( الذاريات : ٥٩، ٦٠ ).
المعنى الإجمالي للسورة
قال الفيروزبادي :
معظم مقصود سورة الذاريات

قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
الذاريات : الرياح تذرو التراب وغيره، أي : تفرقه.
التفسير :
١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦ – ﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) ﴾.
هذا القسم يأخذ بالألباب، في رشاقة ويسر وتناسق، وقد ثبت من غير وجه عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب، أنه صعد منبر الكوفة، فقال : لا تسألوني عن آية في كتاب الله، ولا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنبأتكم بذلك، فقام إليه ابن الكواء فقال : يا أمير المؤمنين، ما معنى قوله تعالى :
﴿ والذاريات ذروا ﴾. قال علي : الريح.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
الحاملات وقرا : السحب المثقلة بمياه الأمطار.
التفسير :
قال :﴿ فالحاملات وقرا ﴾. قال : السحاب.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
اليسر : السهولة، ﴿ فالجاريات يسرا ﴾. هي الرياح الجارية في مهامها بسهولة، أو السفن التي تجري في البحار والأنهار في يسر وسهولة.
التفسير :
قال :﴿ فالجاريات يسرا ﴾. قال : السفن.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
فالمقسمات أمرا : الملائكة التي تنفذ أوامر الله وقضاءه، أو الرياح التي تقسم الأمطار بتصريف السحاب.
التفسير :
قال :﴿ فالمقسمات أمرا ﴾. قال : الملائكة.
فالله تعالى بدأ السورة بالقسم بالريح، التي تذرو الرياح، وتثير السحاب، وتهز البحار والأمواج، وتلقح النبات، كما أقسم بالسحاب المثقل بالأمطار، الذي يوزعه الله على عباده.
قال تعالى :﴿ الله الذي يرسل الريح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون ﴾. ( الروم : ٤٨ ).
وأقسم سبحانه بالسفن الجاريات في البحر كالأعلام، التي تنقل البضائع والتجارة والأشخاص من بلد لآخر، في سهولة ويسر.
وأقسم عز شأنه بصنوف الملائكة، ومنهم الموكلون بالأرزاق، وتوزيع الأمطار والخيرات بأمر الله تعالى ومشيئته.
قال تعالى :﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( ٢٦ ) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( ٢٧ ) ﴾. ( آل عمران : ٢٦، ٢٧ ).
وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم عند تلاوة هذه الآية :( اللهم ارزقنا وأنت خير الرازقين، وأنت حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ).
رأي آخر في تفسير الذاريات
من المفسرين من ذهب إلى أن القسم في صدر السورة للرياح وذروها للتراب، وحملها السحاب وجريها في الهواء بيسر وسهولة، وتقسيمها الأمطار.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
إنما توعدون : هو البعث والحشر والحساب والجزاء.
التفسير :
جواب القسم
﴿ إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع ﴾.
أي : إنما توعدون من أمر البعث والحشر والجزاء والجنة والنار لصادق ثابت، لا مجال للريب فيه.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
وإن الدين لواقع : وإن الجزاء لحاصل.
التفسير :
﴿ وإن الدين لواقع ﴾.
الدين هو الجزاء يوم القيامة، من دنته، أي : جازيته، وفي سورة الفاتحة :﴿ مالك يوم الدين ﴾. وفي قراءة :﴿ ملك يوم الدين ﴾.
فهو سبحانه المالك وحده يوم القيامة، وينادي سبحانه :﴿ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ﴾. ( غافر : ١٦ ).
فلابد من يوم تدين فيه الناس لرب العالمين، وينالون ما يستحقون من جزاء عادل، قال صلى الله عليه وسلم :( والذي نفس محمد بيده، لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن على ما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانا، وبالسوء سوءا، وإنها لجنة أبدا، أو لنار أبدا ).
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
الحبك : طرائق النجوم، واحدها حبيكة.
التفسير :
٧، ٨، ٩ – ﴿ والسماء ذات الحبك * إنكم لفي قول مختلف * يؤفك عنه من أفك ﴾.
الحبك : طرائق النجوم.
وقال ابن عباس وغيره : ذات الخلق المستوى الجيد، من قولهم : حبكت الشيء، أي : أحكمته وأحسنت عمله.
والمعنى :
والسماء ذات الطرق المختلفة لمسيرة النجوم، في خلق مستو، وزينة منتشرة في نواحيها، أو والسماء ذات البهاء والجمال، والحسن والاستواء.
وإذا تأملت في هذا القسم وجدت أنه لا مانع من اجتماع التفسيرين، فالله يقسم بالسماء ذات الطرق المتعددة للنجوم، والسماء أيضا ذات جمال وبهاء وزينة، وامتداد يملأ الأفق.
قال تعالى :﴿ أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها ﴾. ( النازعات : ٢٧- ٢٩ ).
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
مختلف : متناقض مضطرب في شأن الله، فبينما تقولون : إنه خالق السماوات، تقولون بصحة عبادة الأوثان معه، وفي شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، فتارة تقولون : إنه مجنون، وتارة تقولون : إنه ساحر.
التفسير :
﴿ إنكم لفي قول مختلف ﴾.
إنكم معشر المشركين في قول مختلف مضطرب، لا يلتئم ولا يجتمع، حينا تقولون : محمد شاعر، وحينا تقولون : هو كاهن، وحينا ثالثا تقولون : هو مجنون، وحينا رابعا تقولون : هو كذاب، وحينا خامسا تقولون : متقول ينقل أساطير الأولين، وينسبها إلى الله ادعاء، وتقولون عن القرآن : إنه سحر، ثم تقولون : هو شعر، ثم تقولون : هو كهانة، وهو دليل حيرتكم واضطرابكم وانتقالكم من رأي إلى آخر بدون تثبت واستقرار.
انظر إلى قوله تعالى :﴿ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا كما أرسل الأولون ﴾. ( الأنبياء : ٥ ).
فهم حيارى يبحثون عن أي عيب ليلصقوه بالقرآن، أو برسول الله صلى الله عليه وسلم.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
يؤفك عنه : يصرف عنه- أي بسبه- من صرف عن الإيمان.
التفسير :
﴿ يؤفك عنه من أفك ﴾.
يصرف عنه- أي : عن القرآن، أو عن الرسول صلى الله عليه وسلم -من صرفه الله عن الخير، فصار محروما من هداية القرآن، أو من التصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم، أي من حرم من هداية القرآن، ونور الإسلام، وإرشاد محمد صلى الله عليه وسلم، فهو المحروم حقا، المصروف عن الخير.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
الخرّاصون : الكذّابون من أصحاب القول المختلف.
التفسير :
١٠- ﴿ قتل الخراصون ﴾.
لعن هؤلاء الكذابون الذين افتروا على القرآن الكذب، وعلى الرسول التهم الكاذبة.
جاء في القاموس :
﴿ قتل الإنسان ما أكفره ﴾. ( عبس : ١٧ ). أي : لعن، ﴿ قاتلهم الله... ﴾ ( التوبة : ٣٠ ). أي : لعنهم.
فالآية دعاء عليهم، جزاء تخرّصهم الكذب، والافتراء على القرآن وعلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
في غمرة : في لجّة تغمرهم، وجهل يشملهم شمول الماء الغامر.
ساهون : غافلون عما أمروا به.
التفسير :
١١- ﴿ الذين هم في غمرة ساهون ﴾.
الذين هم في غمرة وشدة وجهل عميق، وغفلة عظيمة عما أمروا به، لقد جاءهم نبأ عظيم من رسالة ورسول، فتهاونوا بهما، واختلقوا الأقاويل في تكذيبهما، وأصابتهم غفلة غمرتهم، كما يغمر الماء ما تحته، فغفلوا عن هذا الدين مع أهميته وفضله.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
أيان يوم الدين : متى يوم الجزاء، من : دِنتُه، أي : جازيته.
التفسير :
١٢- ﴿ يسألون أيان يوم الدين ﴾.
يسألون سؤال استبعاد واستنكار واستهزاء : متى يجيء يوم القيامة الذي تخوفوننا به ؟
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
يفتنون : يحرقون، وأصل الفتنة : عرض المعدن على النار لتظهر جودته، فاستعمل في الإحراق والتعذيب.
التفسير :
ثم فاجأهم القرآن بالجواب المخزي، فقال :
١٣- ﴿ يوم هم على النار يفتنون ﴾.
أي : سيكون هذا اليوم – يوم الدين- يوم يوضعون في النار فتحرقهم وتفتنهم، كما يوضع الذهب في النار لفتنته واختبار الصحيح من المغشوش، نعاملهم معاملة المختبر.
قال عكرمة : ألم تر أن الذهب إذا أدخل النار قيل فتن، فهؤلاء يفتنون بالإحراق، كما يفتن الذهب لإظهار حقيقته، ويقول لهم خزنة جهنم امتهانا وتبكيتا :﴿ ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ﴾.
قسم ووعيد


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ( ١ ) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا ( ٢ ) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ( ٣ ) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ( ٤ ) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ ( ٥ ) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ( ٦ ) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ ( ٧ ) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ( ٨ ) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ ( ٩ ) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ( ١٠ ) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ ( ١١ ) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ ( ١٢ ) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( ١٣ ) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ( ١٤ ) ﴾

تمهيد :

كانت العرب تحترز عن اليمين الكاذبة، وترى أنها تدع الديار بلاقع، وقد جرى النبي صلى الله عليه وسلم على نهجهم فحلف بكل شريف، وكانوا يعلمون أنه لا يحلف إلا صادقا.
وقد جاء القسم في صدر بعض السور لإثبات أحد الأصول الثلاثة :
( أ ) الوحدانية.
( ب ) رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
( جـ ) البعث والحشر والجزاء.
ففي سورة الصافات كان القسم لإثبات وحدانية الله، حيث قال سبحانه :﴿ إن إلهكم لواحد ﴾. ( الصافات : ٤ ).
وفي سورتي النجم والضحى لإثبات صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
حيث قال سبحانه :﴿ والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي ﴾. ( النجم : ١- ٤ ).
وقال تعالى :﴿ والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى ﴾. ( الضحى : ١- ٣ ).
وأقسم في سور كثيرة على إثبات البعث والجزاء، مثل : الذاريات، والطور، والمرسلات، والنازعات، والعاديات.
المفردات :
فتنتكم : عذابكم المعدُّ لكم.
التفسير :
١٤- ﴿ ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ﴾.
أي : ذوقوا هذا العذاب الذي كنتم تستعجلون وقوعه استهزاء، وتظنون أنه بعيد الوقوع، فقد حاق بكم ما كنتم به تستهزئون.
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
المفردات :
في جنات وعيون : في بساتين تجري من تحتها الأنهار.
التفسير :
١٥، ١٦- ﴿ إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ﴾.
يأتي الحديث عن المتقين بعد الحديث عن المكذبين، وفي الحديث عن المتقين تجد نعمة الرضا والتكريم، فهم في جنات ناضرة، فيها الزروع والثمار، والبساتين وألوان النعيم، وفيها عيون تجري بالماء زيادة في التكريم.
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
المفردات :
آخذين ما آتاهم ربهم : قابلين ما أعطاهم ربهم، راضين به.
محسنين : مجوِّدين لأعمالهم.
التفسير :
﴿ آخذين ما آتاهم ربهم... ﴾
لقد أعطاهم الله نعيم الجنة، ورضوانها وهناءها، مع الخلود والحسنى وزيادة، ثم إن هذا العطاء من الله، من ربهم الذي يرعاهم ويكرمهم، ويعطف عليهم ويزيدهم من فضله، وعطاء الكريم العظيم لا يكون إلا كريما وعظيما.
﴿ إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ﴾.
أي : لقد أحسنا إليهم في الآخرة لإحسانهم العمل في الدنيا.
قال تعالى :﴿ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ﴾. ( الرحمان : ٦٠ ).
وقال سبحانه وتعالى :﴿ كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ﴾. ( الحاقة : ٢٤ ).
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
المفردات :
يهجعون : ينامون، والهجوع : النوم ليلا.
التفسير :
١٧، ١٨- ﴿ كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون ﴾.
تركوا النوم بالليل، وقاموا متطهرين يناجون ربهم في فك رقابهم، واقفين على أقدامهم، عابدين لربهم، قارئين لكتاب الله، إذا جاء ذكر الجنة طارت نفوسهم شوقا إليها، وإذا جاء ذكر النار اشتد خوفهم من عذابها.
وعن أنس قال : كانوا يصلون ما بين المغرب والعشاء.
وقد وصفهم القرآن الكريم بالنشاط في الصلاة والزكاة.
قال سبحانه وتعالى :﴿ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ﴾. ( السجدة : ١٦، ١٧ ).
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
المفردات :
الأسحار : واحدها سحر، وهو السدس الأخير من الليل.
التفسير :
﴿ وبالأسحار هم يستغفرون ﴾.
في السدس الأخير من الليل ينشغلون بالاستغفار.
قال تعالى :﴿ والمستغفرين بالأسحار ﴾. ( آل عمران : ١٧ ).
وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم :( ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فينادي : يا عبادي، هل من داع فأستجيب له، هل من مستغفر فأغفر له، هل من تائب فأتوب عليه، هل من طالب حاجة فأقضيها له، حتى يطلع الفجر )٥.
وقال صلى الله عليه وسلم :( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب )٦.
وقد بين القرآن الكريم أن الاستغفار سبب في سعة الرزق، والإمداد بالمال والبنين، وتيسير المطر والبركة، قال تعالى على لسان نوح عليه السلام :﴿ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ﴾. ( نوح : ١٠-١٢ ).
وفي وقت السحر ينام الآخرون، ويجتهد المتقون، ولذلك مدحهم القرآن بقوله :﴿ كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون ﴾.
قال ابن عباس : ما تأتي عليهم ليلة ينامون حتى يصبحوا، إلا يصلون فيها شيئا، إما من أولها أو من وسطها.
وقال الحسن البصري :
كابدوا قيام الليل، فلا ينامون إلا أقله، وربما نشطوا فجدوا إلى السحر، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم، فهم متواضعون، مشفقون من عذاب الله، راغبون في مغفرته ورضاه.
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
المفردات :
حق : نصيب وافر يوجبونه على أنفيهم تقربا إلى ربهم، وإشفاقا على عباده.
السائل : المستجدي الطالب العطاء.
المحروم : هو المتعفف الذي يحسبها الجاهل غنيا، فيحرم الصدقة من أكثر الناس.
التفسير :
١٩- ﴿ وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ﴾.
وقد أوجبوا على أنفسهم واجبا للفقير السائل، وللمحروم المتعفف الذي لا يسأل الناس، ويحسبه الجاهل بحاله غنيا من تعففه، فهم مهتمون بسائر أنواع المحتاجين.
أخرج ابن جرير، وابن مردويه، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، والأكلة والأكلتان )، قيل : فمن المسكين ؟ قال :( الذي ليس له ما يغنيه، ولا يعلم مكانه فيتصدق عليه، فذلك المحروم )٧.
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
المفردات :
آيات : دلائل واضحات من وجود المعادن والنبات والحيوان والماء...
للموقنين : المتيقنين بوجود الله.
التفسير :
٢٠- ﴿ وفي الأرض آيات للموقنين ﴾.
كلما مد الإنسان بصره في هذه الأرض وجد أمامه دلائل القدرة الإلهية، أكتب الآن وأمامي بحر ممتد، مياهه عميقة زرقاء، وأمواجه متتابعة، ونهايته لا تحيط بها العين، ثم ترسل الشمس أشعتها على المحيطات والبحار، فيتصاعد البخر إلى السماء، ويتكثف السحاب، وتسوقه الرياح، ويسقط المطر الذي يروي الإنسان والحيوان والنبات، وترى ما على الأرض من شمس وقمر، وليل ونهار، وبرد وحر، وفصول متتابعة، فالشتاء والربيع، والصيف والخريف، وفي الأرض الجبال والأنهار، والأشجار والإنسان والحيوان، وفي الأرض معادن ودواب وحشرات وطيور ووحوش، ونافع ومؤذ، وعبر ودلائل لأصحاب الأفهام والإيمان، بل في حركة الشمس والقمر والنجوم، والهواء والفضاء والرياح والأمطار ما ينبئ عن هذه القدرة العالية، ويرشد إلى آيات تعمق الإيمان.
قال تعالى :﴿ وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ﴾. ( يوسف : ١٠٥ ).
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
المفردات :
وما توعدون : والذي توعدونه من خير وشر.
التفسير :
٢١- ﴿ وفي أنفسكم أفلا تبصرون ﴾.
في تعدد الألوان والأشكال والألسنة والطباع، وفي تركيب الأعضاء والفقرات، وتعدد الأجهزة في هذا الجسم الإنساني العجيب، فالجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والجهاز اللمفاوي، وإذا تعطل جهاز من هذه الأجهزة، أو مفصل من المفاصل، أو عضو من الأعضاء، جاء العجز والذل، وإذا شفى المريض زال الكرب وجاء الفرج.
قال تعالى :﴿ سنريهم آيتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق... ﴾ ( فصلت : ٥٣ ).
وق تقدم العلم، ورأينا وسمعنا العجب العجاب عن عوالم متعددة في هذا الكون، ونحن لم نطلع على عشر ما هو موجود في هذا الكون.
قال تعالى :﴿ فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم ﴾. ( الحاقة : ٣٨-٤٠ ).
والعجيب أنه كلما تقدم العلم لم يصطدم بأي آية من كتاب الله، بل إن تقدم العلوم يؤكد ما جاء في القرآن، ويبين أنه ليس من صنع بشر، بل هو تنزيل من حكيم حميد، فتقدم العلوم اصطدم بأخبار ومعارف كانت مسلمة فأسقطها، وتقدم العلوم وحقائق التاريخ ووثائقه اصطدمت بمعارف في التوراة والإنجيل، لكن تقدم العلوم لم يصطدم بأي حقيقة علمية أو تاريخية، أو نفسية أو أدبية، أو غير ذلك وردت في القرآن الكريم.
وقد ذكر المستشرق موريس بوكاي، في كتابه الذي ترجمته دار المعارف في مصر ولبنان، بعنوان ( التوراة والإنجيل والقرآن في ضوء العلم )، ذكر أن القرآن يتميز بمعلومات عن الكون ونشأته، وعن الإنسان، وعن الشمس والقمر والنجوم، والليل والنهار، والدنيا والآخرة، لم تصطدم بأي حقيقة علمية، بل كأن العلم ينزع إلى تأييد القرآن، كما قال سبحانه وتعالى :﴿ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق... ﴾ ( فصلت : ٥٣ ).
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
التفسير :
٢٢- ﴿ وفي السماء رزقكم وما توعدون ﴾.
في السماء السحاب، وأسباب المطر من الشمس والقمر والفضاء، وتتابع الفصول، وحركة الأرض وتناسق الكون، كل ذلك يؤدي إلى تكامل الكون، ونزول المطر وأسباب الرزق، وإنبات النبات.
أو أن المعنى : بيد الله الأقدار والأرزاق، وهو مسبب الأسباب، ومقدر الأقدار، وميسر الأرزاق.
صفات المتقين
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ( ١٥ ) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( ١٦ ) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ( ١٧ ) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( ١٨ ) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ( ١٩ ) وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ( ٢٠ ) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ( ٢١ ) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( ٢٢ ) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ( ٢٣ ) ﴾

تمهيد :

في مطلع السورة قسم بمظاهر القدرة الإلهية على وحدانية الله، وبيان تعنت المشركين واضطرابهم، وتشككهم في البعث، وعقابهم في جهنم، وهنا يذكر المتقين وصفاتهم الكريمة، من اليقين والالتزام بما أمر به الله تعالى، وقيامهم الليل راكعين ساجدين، واستغفارهم بالأسحار، وإخراجهم زكاة أموالهم، ورعايتهم للفقراء والمتعففين عن السؤال، وتفكرهم في آيات الله في الأرض والبحار والأنهار، وارتفاع اليابسة عن الماء، وفي خلق الإنسان وعجائب تكوينه، وفي السماء وما فيها من الأمطار والأرزاق، ثم يقسم الحق بنفسه، إن ذلك حق واقع، مثل نطقكم وكلامكم.
التفسير :
٢٣- ﴿ فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ﴾.
أقسم الحق سبحانه وتعالى بنفسه، على أن الرزق والغيب والقدر بيده، وذكر المفسرون أن القسم شامل لكل ما تقدم في هذه السورة من أولها.
والمعنى : فورب السماء والأرض، إن كل ما تقدم في هذه السورة من أخبار وأحوال، وأوصاف وتذكير، حق واقع، وأمر ثابت لا يرقى إليه شك، ولا يختلف في أحقيته أحد، وكما أنكم لا تشكون في أنكم تنطقون، ينبغي ألا تشكوا في حقيقته، فهو كما نقول : إن هذا حق مثل ما أنك تبصر وتسمع.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الحسن أنه قال فيها : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( قاتل الله قوما أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا ).
قصة الخليل إبراهيم
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( ٢٤ ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( ٢٥ ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( ٢٦ ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ( ٢٧ ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( ٢٨ ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( ٢٩ ) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

ذلك جانب من قصة الخليل إبراهيم، صدّرها الله بالاستفهام، تشويقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفخيما لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك : هل بلغك كذا وكذا، وأنت تعلم أنه لم يبلغه، توجيها لأنظاره حتى يصغى إليه، ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة، وتنبيها إلى أن رسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به إلا عن طريق الوحي.
المفردات :
الضيف : النازل على محلة قوم ليس منهم، ويقال للواحد والجمع، ويجمع على ضيوف وضيفان وأضياف، واختلف في عدهم فقيل : ثلاثة، وقيل : تسعة، وقيل : اثنا عشر.
المكرمين : أي : عند إبراهيم إذ خدمهم هو وزوجه، وعجل لهم القرى، وأجلسهم في أكرم موضع.
التفسير :
٢٤- ﴿ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ﴾.
هل بلغك يا محمد نبأ ضيوف إبراهيم المكرمين عند الله، والمكرمين عند إبراهيم، حيث أحسن استقبالهم، وعجل ضيافتهم بعجل حنيذ مكتنز لحما وشحما فتيا، وهو أشهى في الأكل وأفضل.
قصة الخليل إبراهيم
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( ٢٤ ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( ٢٥ ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( ٢٦ ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ( ٢٧ ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( ٢٨ ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( ٢٩ ) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

ذلك جانب من قصة الخليل إبراهيم، صدّرها الله بالاستفهام، تشويقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفخيما لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك : هل بلغك كذا وكذا، وأنت تعلم أنه لم يبلغه، توجيها لأنظاره حتى يصغى إليه، ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة، وتنبيها إلى أن رسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به إلا عن طريق الوحي.
المفردات :
منكرون : مجهولون، لا عهد لنا بكم من قبل، يريد أن يتعرف بهم، كما تقول لمن تلقاه : أنا لا أعرفك، تريد : عرّف نفسك وصفها لي.
التفسير :
٢٥- ﴿ إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون ﴾.
أي : هل أتاك حديث الضيف، وقت أن دخلوا على إبراهيم بيته، فبادروه بقولهم : نؤمنك أمانا، ونسلم عليك سلاما، حتى لا يروعك ولا يخيفك دخولنا، قال ردا عليهم : عليكم سلام دائم، أو أمري معكم سلام.
﴿ قوم منكرون ﴾. مجهولون عندي لا أعرفهم، ولا عهد لي بهم، ولعل هذا كان تمهيدا ليتعرف بهم مستقبلا.
قصة الخليل إبراهيم
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( ٢٤ ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( ٢٥ ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( ٢٦ ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ( ٢٧ ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( ٢٨ ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( ٢٩ ) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

ذلك جانب من قصة الخليل إبراهيم، صدّرها الله بالاستفهام، تشويقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفخيما لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك : هل بلغك كذا وكذا، وأنت تعلم أنه لم يبلغه، توجيها لأنظاره حتى يصغى إليه، ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة، وتنبيها إلى أن رسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به إلا عن طريق الوحي.
المفردات :
فراغ إلى أهله : ذهب إليهم خفية من ضيفه.
سمين : ممتلئ بالشحم واللحم.
التفسير :
٢٦- ﴿ فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ﴾.
أي : مال إلى أهله فور دخولهم عليه، وقدم لضيوفه عجلا سمينا، أنضجه شيّا.
كما جاء في آية أخرى :﴿ فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ﴾. ( هود : ٦٩ ).
أي : شوي على الرضَف.
قصة الخليل إبراهيم
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( ٢٤ ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( ٢٥ ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( ٢٦ ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ( ٢٧ ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( ٢٨ ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( ٢٩ ) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

ذلك جانب من قصة الخليل إبراهيم، صدّرها الله بالاستفهام، تشويقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفخيما لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك : هل بلغك كذا وكذا، وأنت تعلم أنه لم يبلغه، توجيها لأنظاره حتى يصغى إليه، ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة، وتنبيها إلى أن رسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به إلا عن طريق الوحي.
المفردات :
فقربه إليهم : قدمه إليهم.
التفسير :
٢٧- ﴿ فقربه إليهم قال ألا تأكلون ﴾.
أي : فقدم الطعام إلى ضيوفه، وعرض عليهم أن يأكلوا، كما نقدم الطعام إلى الضيف ونقول له : تفضل لتناوله، وقد انتظم كلامه وعمله آداب الضيافة، إذ جاء بطعام من حيث لا يشعرون، وأتى بأفضل ماله، وهو عجل فتي مشوي، ووضعه بين أيديهم، وتلطف في العرض فقال : ألا تأكلون ؟
قصة الخليل إبراهيم
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( ٢٤ ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( ٢٥ ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( ٢٦ ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ( ٢٧ ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( ٢٨ ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( ٢٩ ) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

ذلك جانب من قصة الخليل إبراهيم، صدّرها الله بالاستفهام، تشويقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفخيما لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك : هل بلغك كذا وكذا، وأنت تعلم أنه لم يبلغه، توجيها لأنظاره حتى يصغى إليه، ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة، وتنبيها إلى أن رسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به إلا عن طريق الوحي.
المفردات :
فأوجس منهم خيفة : أضمر في نفسه الخوف منهم.
التفسير :
٢٨- ﴿ فأوجس منهم خيفة... ﴾
أي : فأعرضوا عن طعامه ولم يأكلوا، فأضمر في نفسه الخوف منهم ظنا منه أن امتناعهم إنما كان لشر يريدونه به ( فإن من لم يأكل طعامك لم يحفظ زمانك ) وللطعام حرمة، وفي الإعراض عنه وحشة موجبة لسوء الظن، وقد جاء في سورة هود :﴿ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة... ﴾ ( هود : ٧٠ ).
لكن الملائكة طمأنته :
﴿ قالوا لا تخف... ﴾
نحن ملائكة الله جئنا لك بالأمان والبشارة، وفي آية أخرى :﴿ قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط ﴾. ( هود : ٧٠ ).
﴿ وبشروه بغلام عليم ﴾.
فكانت البشارة متضمنة عدة بشارات : فهو غلام ذكر، يجمع صفات العلم، ويبلغ مبلغ الرجال، وينجب ولدا آخر من صلبه يكون حفيدا لإبراهيم، كما جاء في سورة هود :﴿ فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾. ( هود : ٧١ ).
قصة الخليل إبراهيم
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( ٢٤ ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( ٢٥ ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( ٢٦ ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ( ٢٧ ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( ٢٨ ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( ٢٩ ) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

ذلك جانب من قصة الخليل إبراهيم، صدّرها الله بالاستفهام، تشويقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفخيما لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك : هل بلغك كذا وكذا، وأنت تعلم أنه لم يبلغه، توجيها لأنظاره حتى يصغى إليه، ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة، وتنبيها إلى أن رسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به إلا عن طريق الوحي.
المفردات :
امرأته : هي سارة، لما سمعت بشارتهم له.
صرة : صيحة وضحية.
فصكت وجهها : ضربت يدها على جبهتها، أو ضحكت، وقالت : يا ويلتاه.
عجوز عقيم : أنا كبيرة السن لا ألد.
التفسير :
٢٩- ﴿ فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم ﴾.
كانت سارة في ناحية من البيت، فسمعت بشارة الملائكة بغلام عليم، فأقبلت وهي تصرخ صرخة عظيمة، وضربت بيديها على جبهتها -على عادة النساء إذا سمعن أمرا عجيبا- وقالت : أنا عجوز عاقر، فكيف ألد ؟
وجاء في آية أخرى :﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ( ٧٢ ) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ( ٧٣ ) ﴾. ( هود : ٧٢، ٧٣ ).
قصة الخليل إبراهيم
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ ( ٢٤ ) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ( ٢٥ ) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ( ٢٦ ) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ ( ٢٧ ) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ( ٢٨ ) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ ( ٢٩ ) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ( ٣٠ ) ﴾

تمهيد :

ذلك جانب من قصة الخليل إبراهيم، صدّرها الله بالاستفهام، تشويقا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفخيما لشأن الحديث، كما تقول لمخاطبك : هل بلغك كذا وكذا، وأنت تعلم أنه لم يبلغه، توجيها لأنظاره حتى يصغى إليه، ويهتم بأمره، ولو جاء على صورة الخبر لم يكن له من الروعة والجلال مثل ما كان وهو بهذه الصورة، وتنبيها إلى أن رسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به إلا عن طريق الوحي.
التفسير :
٣٠- ﴿ قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم ﴾.
استكثرت الزوجة أن تلد في هذه السن الكبيرة، وكانت قد تجاوزت ثمانين عاما، ولم تكن تلد في صباها وشبابها، وقالت : أنا عجوز طاعنة في السن، وعقيم لم ألد في شبابي، فكيف ألد في هذه السن ؟ فكأنها قالت : ليتكم دعوتم دعاء قريبا من الإجابة، ظنا منها أن ذلك صدر منهم كما يصدر من الضيف من الدعوات الطيبات، كما يقول الداعي : أعطاك الله مالا، ورزقك ولدا.
فردوا عليها بأن هذا ليس دعاء، ولا خبرا عن أنفسهم، بل هو أمر الله الذي بيده الخلق والأمر، وليس هناك من أمر عجيب على قدرته، فقد خلق آدم من تراب، وخلق حواء من آدم، وهو سبحانه الذي رفع السماء بلا عمد، وبسط الأرض على الماء فجمد، وقسم الأرزاق فلم ينس أحدا، وهو سبحانه إذا أراد أمرا هيأ له الأسباب، ثم قال له كن فيكون، وهو سبحانه قادر على كل شيء، وهو على كل شيء قدير.
قال تعالى :﴿ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون * فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ﴾. ( يس : ٨٢، ٨٣ ).
إبراهيم والملائكة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ( ٣١ ) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ( ٣٢ ) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ ( ٣٣ ) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ( ٣٤ ) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( ٣٥ ) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( ٣٦ ) وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾
المفردات :
الخطب : الشأن الخطير الذي جئتم من أجله، سوى البشارة.
تمهيد :
هذه الآيات بقية قصة إبراهيم عليه السلام، والذين قسموا القرآن إلى ثلاثين جزءا راعوا الكمّ ولم يراعوا المعنى، ولذلك نجد أن قصة إبراهيم الخليل عليه السلام بدايتها في نهاية الجزء السادس والعشرين. ونهايتها في بداية الجزء السابع والعشرين.
وهنا يسأل إبراهيم الملائكة عن الأمر الخطير الذي أُرسلوا من أجله، فأخبروه أن الله أرسلهم ليهلكوا قوم لوط بحجارة من سجيل، بها علامة تدل على أنها أُعدت لإهلاكهم جزاء شذوذهم، ونكاح الذكور دون الإناث، حيث يستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهذا أمر مخالف للفطرة، لذلك أهلكهم الله، تحذيرا وتخويفا لكل من يفعل ذلك العمل الأثيم.
التفسير :
٣١- ﴿ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾
أي : قال إبراهيم للملائكة : ما هو الأمر الجلل الذي أرسلتم بشأنه، غير البشارة بالغلام ؟
وجاء في سورة هود :﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ * إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ * يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آَتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ﴾. ( هود : ٧٤-٧٦ ).
تمهيد :
هذه الآيات بقية قصة إبراهيم عليه السلام، والذين قسموا القرآن إلى ثلاثين جزءا راعوا الكمّ ولم يراعوا المعنى، ولذلك نجد أن قصة إبراهيم الخليل عليه السلام بدايتها في نهاية الجزء السادس والعشرين. ونهايتها في بداية الجزء السابع والعشرين.
وهنا يسأل إبراهيم الملائكة عن الأمر الخطير الذي أُرسلوا من أجله، فأخبروه أن الله أرسلهم ليهلكوا قوم لوط بحجارة من سجيل، بها علامة تدل على أنها أُعدت لإهلاكهم جزاء شذوذهم، ونكاح الذكور دون الإناث، حيث يستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهذا أمر مخالف للفطرة، لذلك أهلكهم الله، تحذيرا وتخويفا لكل من يفعل ذلك العمل الأثيم.
المفردات :
قوم مجرمين : هم قوم لوط
من طين : من طين متحجر وهو السجّيل.
مسوَّمة : معلّمة، من السُّومة وهي العلامة.
للمسرفين : المجاوزين الحدّ في الفجور.
التفسير :
٣٢-٣٣-٣٤- ﴿ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾.
قالت الملائكة : إن الله أرسلنا لعذاب قوم بالغوا في الإجرام، وهم قوم لوط، لنحصبهم بعذاب من السماء في صورة حجارة من طين مطبوخ كالآجرّ، وهي في الصلابة كالحجارة، معلمة بعلامة ومجهَّزة لمن أسرف في المعاصي وانشغل بالشهوات واستلذّ المخالفة، كما قال لهم لوط :
﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾
( الشعراء : ١٦٥-١٦٦ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٢:تمهيد :
هذه الآيات بقية قصة إبراهيم عليه السلام، والذين قسموا القرآن إلى ثلاثين جزءا راعوا الكمّ ولم يراعوا المعنى، ولذلك نجد أن قصة إبراهيم الخليل عليه السلام بدايتها في نهاية الجزء السادس والعشرين. ونهايتها في بداية الجزء السابع والعشرين.
وهنا يسأل إبراهيم الملائكة عن الأمر الخطير الذي أُرسلوا من أجله، فأخبروه أن الله أرسلهم ليهلكوا قوم لوط بحجارة من سجيل، بها علامة تدل على أنها أُعدت لإهلاكهم جزاء شذوذهم، ونكاح الذكور دون الإناث، حيث يستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهذا أمر مخالف للفطرة، لذلك أهلكهم الله، تحذيرا وتخويفا لكل من يفعل ذلك العمل الأثيم.

المفردات :

قوم مجرمين : هم قوم لوط
من طين : من طين متحجر وهو السجّيل.
مسوَّمة : معلّمة، من السُّومة وهي العلامة.
للمسرفين : المجاوزين الحدّ في الفجور.

التفسير :


٣٢-
٣٣-٣٤- ﴿ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾.
قالت الملائكة : إن الله أرسلنا لعذاب قوم بالغوا في الإجرام، وهم قوم لوط، لنحصبهم بعذاب من السماء في صورة حجارة من طين مطبوخ كالآجرّ، وهي في الصلابة كالحجارة، معلمة بعلامة ومجهَّزة لمن أسرف في المعاصي وانشغل بالشهوات واستلذّ المخالفة، كما قال لهم لوط :
﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾
( الشعراء : ١٦٥-١٦٦ ).

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٢:تمهيد :
هذه الآيات بقية قصة إبراهيم عليه السلام، والذين قسموا القرآن إلى ثلاثين جزءا راعوا الكمّ ولم يراعوا المعنى، ولذلك نجد أن قصة إبراهيم الخليل عليه السلام بدايتها في نهاية الجزء السادس والعشرين. ونهايتها في بداية الجزء السابع والعشرين.
وهنا يسأل إبراهيم الملائكة عن الأمر الخطير الذي أُرسلوا من أجله، فأخبروه أن الله أرسلهم ليهلكوا قوم لوط بحجارة من سجيل، بها علامة تدل على أنها أُعدت لإهلاكهم جزاء شذوذهم، ونكاح الذكور دون الإناث، حيث يستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهذا أمر مخالف للفطرة، لذلك أهلكهم الله، تحذيرا وتخويفا لكل من يفعل ذلك العمل الأثيم.

المفردات :

قوم مجرمين : هم قوم لوط
من طين : من طين متحجر وهو السجّيل.
مسوَّمة : معلّمة، من السُّومة وهي العلامة.
للمسرفين : المجاوزين الحدّ في الفجور.

التفسير :


٣٢-
٣٣-٣٤- ﴿ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾.
قالت الملائكة : إن الله أرسلنا لعذاب قوم بالغوا في الإجرام، وهم قوم لوط، لنحصبهم بعذاب من السماء في صورة حجارة من طين مطبوخ كالآجرّ، وهي في الصلابة كالحجارة، معلمة بعلامة ومجهَّزة لمن أسرف في المعاصي وانشغل بالشهوات واستلذّ المخالفة، كما قال لهم لوط :
﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾
( الشعراء : ١٦٥-١٦٦ ).

تمهيد :
هذه الآيات بقية قصة إبراهيم عليه السلام، والذين قسموا القرآن إلى ثلاثين جزءا راعوا الكمّ ولم يراعوا المعنى، ولذلك نجد أن قصة إبراهيم الخليل عليه السلام بدايتها في نهاية الجزء السادس والعشرين. ونهايتها في بداية الجزء السابع والعشرين.
وهنا يسأل إبراهيم الملائكة عن الأمر الخطير الذي أُرسلوا من أجله، فأخبروه أن الله أرسلهم ليهلكوا قوم لوط بحجارة من سجيل، بها علامة تدل على أنها أُعدت لإهلاكهم جزاء شذوذهم، ونكاح الذكور دون الإناث، حيث يستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهذا أمر مخالف للفطرة، لذلك أهلكهم الله، تحذيرا وتخويفا لكل من يفعل ذلك العمل الأثيم.
المفردات :
من المؤمنين : ممن آمن بلوط.
غير بيت : غير أهل بيت، والمراد بهم لوط وابنتاه، وقيل : كانوا ثلاثة عشر.
التفسير :
٣٥-٣٦ :﴿ فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين*فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ﴾.
ذهبت الملائكة إلى قوم لوط في صورة شبّان في ريعان الشباب، ولما علم لوط بأن عنده ضيوفا من الشباب المعتدل قامة وصحة، وكانوا يفعلون الفعلة الشنعاء وهي اشتهاء الرجال دون النساء، وقضاء الوطر في جماع الرجال، لقد انتكسوا بالفطرة وخرجوا على سنن الله، فقد خلق الله الزوجين الذكر والأنثى، وزوَّد صدر الرجل وصدر المرأة بما يكمل المتعة بين سالب وموجب، وذكر وأنثى، وتكامل وتعاطف ومودة ورحمة، وذرية من الذكور والإناث، واستمرار إعمار الأرض وتتابع الأجيال.
لكن هؤلاء انحرفوا بالفطرة كما قال لهم لوط :﴿ إنّكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء... ﴾( الأعراف : ٨١ ).
ورغبوا في جماع ضيوف لوط، فتمنى لوط لو أن لديه قوة من الرجال، ليمنعهم بالقوة عن ضيوفه، أو يجد مجموعة من الناس يستنجد بهم لينقذوه، وقد بذل جهده في نصحهم وردعهم، حيث قال لهم :﴿ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ * قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ. ﴾ ( هود : ٧٨-٨٣ ).
وقد اكتفى القرآن بعرض هذا النقاش بين لوط وقومه، وبين لوط والملائكة، في مواضع أخرى من القرآن الكريم.
وقد أفادت الآيتان { ٣٥-٣٦ ) من سورة الذاريات أن عناية الله بالمؤمنين وإرادته في سلامتهم، قضت بأن يخرجوا من بيوتهم في ظلام الليل، ولا يلتفتوا خلفهم، غير زوجة لوط التي كانت تنضم إلى قومها وتعاونهم في أعمالهم الشاذَّة، وتفشي لهم أسرار لوط، فقضى الله أن يصيبها ما يصيب قومها.
﴿ فأخرجنا من كان فيه من المؤمنين*فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ﴾.
أي : فأخرجنا من كان في قرى قوم لوط، ممن آمن بلوط عليه السلام، فما وجدنا في هذه القرى غير أهل بيت المسلمين، والمراد بهم لوط وابنتاه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير أنه قال : كانوا ثلاثة عشر.
أي : لم نجد أحدا من المسلمين غير ما يوازي تعداد أهل بيت واحد.
في أعقاب التفسير
ذهب المعتزلة وبعض أهل السنة إلى عدم التفريق بين الإسلام والإيمان، لأن القرآن في الآيتين السابقتين أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين.
فالمعنى :
أخرجنا من كان في قرى قوم لوط من المؤمنين لنحفظهم من الهلاك، فلم نجد في هذه القرى إلا أهل بيت واحد من المسلمين، فيكون الإيمان مرادفا للإسلام، وبهذا قال الإمام البخاري من أهل السنة.
والمتأمّل في القرآن الكريم يجد أن مدلول اللفظ الواحد يتغير بحسب السياق، وقد ألّف مقاتل بن سليمان البلخي كتابا سماه ( الأشباه والنظائر في القرآن الكريم )، وقد بدأ الكتاب بمادة الهدى في القرآن الكريم، فقال : الهدى في القرآن الكريم يأتي على ستة عشر وجها، واستمر في عرض الألفاظ التي جاءت في القرآن الكريم على أكثر من وجه ومعنى.
فكلمة العين تطلق على العين التي تبصر، وتطلق على عين الماء، وتطلق على الجاسوس، ... وهكذا.
وعلماء الكلام يذكرون أن الإسلام هو الانقياد الظاهري والامتثال لأوامر الله، أما الإيمان فهو التصديق الباطي، ويستشهدون بقوله تعالى :
﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ... ﴾
( الحجرات : ١٤ )
وبما رواه البخاري في صحيحه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الإسلام، فقال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا ".
وسئل عن الإيمان فقال : " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقضاء والقدر، خيره وشرّه، حلوه ومرّه " ٨.
ونلاحظ أن الإسلام والإيمان قد يجتمعان وقد يفترقان، فأكثر الناس يظهرون الإسلام ويبطنون الإيمان، فهؤلاء مسلمون لإسلامهم واستسلامهم لأمر الله، وانقيادهم لحكمه، ومعظمهم يبطن الإيمان والتصديق واليقين بالله تعالى وباليوم الآخر، ومن هذا الصنف من آمن بلوط حيث كانوا مؤمنين، وأيضا كانون مسلمين، وقد يفترق الإيمان والإسلام، مثل إسلام المنافقين، فهو إسلام ظاهري لم يطاوعه ولم يتابعه إيمان الباطن.
قول تعالى :﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾. ( المنافقون : ١ ).
وقريب من ذلك بعض العصاة من الأعراب، الذين أعلنوا إسلامهم ولم تتجاوب قلوبهم بالالتزام الكامل، والطاعة والتضحية والفداء.
فقال بعض العلماء : هم منافقون، وقال آخرون : هم مسلمون عصاة لم يصلوا للدرجة المطلوبة الرَّاقية من المؤمن الحق، ويأمل القرآن توبتهم وتصحيح إيمانهم.
قال تعالى :﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ... ﴾
( الحجرات : ١٤ )
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٥:تمهيد :
هذه الآيات بقية قصة إبراهيم عليه السلام، والذين قسموا القرآن إلى ثلاثين جزءا راعوا الكمّ ولم يراعوا المعنى، ولذلك نجد أن قصة إبراهيم الخليل عليه السلام بدايتها في نهاية الجزء السادس والعشرين. ونهايتها في بداية الجزء السابع والعشرين.
وهنا يسأل إبراهيم الملائكة عن الأمر الخطير الذي أُرسلوا من أجله، فأخبروه أن الله أرسلهم ليهلكوا قوم لوط بحجارة من سجيل، بها علامة تدل على أنها أُعدت لإهلاكهم جزاء شذوذهم، ونكاح الذكور دون الإناث، حيث يستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهذا أمر مخالف للفطرة، لذلك أهلكهم الله، تحذيرا وتخويفا لكل من يفعل ذلك العمل الأثيم.

المفردات :

من المؤمنين : ممن آمن بلوط.
غير بيت : غير أهل بيت، والمراد بهم لوط وابنتاه، وقيل : كانوا ثلاثة عشر.

التفسير :


٣٥-
٣٦ :﴿ فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين*فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ﴾.
ذهبت الملائكة إلى قوم لوط في صورة شبّان في ريعان الشباب، ولما علم لوط بأن عنده ضيوفا من الشباب المعتدل قامة وصحة، وكانوا يفعلون الفعلة الشنعاء وهي اشتهاء الرجال دون النساء، وقضاء الوطر في جماع الرجال، لقد انتكسوا بالفطرة وخرجوا على سنن الله، فقد خلق الله الزوجين الذكر والأنثى، وزوَّد صدر الرجل وصدر المرأة بما يكمل المتعة بين سالب وموجب، وذكر وأنثى، وتكامل وتعاطف ومودة ورحمة، وذرية من الذكور والإناث، واستمرار إعمار الأرض وتتابع الأجيال.
لكن هؤلاء انحرفوا بالفطرة كما قال لهم لوط :﴿ إنّكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء... ﴾( الأعراف : ٨١ ).
ورغبوا في جماع ضيوف لوط، فتمنى لوط لو أن لديه قوة من الرجال، ليمنعهم بالقوة عن ضيوفه، أو يجد مجموعة من الناس يستنجد بهم لينقذوه، وقد بذل جهده في نصحهم وردعهم، حيث قال لهم :﴿ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ * قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ. ﴾ ( هود : ٧٨-٨٣ ).
وقد اكتفى القرآن بعرض هذا النقاش بين لوط وقومه، وبين لوط والملائكة، في مواضع أخرى من القرآن الكريم.
وقد أفادت الآيتان { ٣٥-٣٦ ) من سورة الذاريات أن عناية الله بالمؤمنين وإرادته في سلامتهم، قضت بأن يخرجوا من بيوتهم في ظلام الليل، ولا يلتفتوا خلفهم، غير زوجة لوط التي كانت تنضم إلى قومها وتعاونهم في أعمالهم الشاذَّة، وتفشي لهم أسرار لوط، فقضى الله أن يصيبها ما يصيب قومها.
﴿ فأخرجنا من كان فيه من المؤمنين*فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ﴾.
أي : فأخرجنا من كان في قرى قوم لوط، ممن آمن بلوط عليه السلام، فما وجدنا في هذه القرى غير أهل بيت المسلمين، والمراد بهم لوط وابنتاه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير أنه قال : كانوا ثلاثة عشر.
أي : لم نجد أحدا من المسلمين غير ما يوازي تعداد أهل بيت واحد.
في أعقاب التفسير
ذهب المعتزلة وبعض أهل السنة إلى عدم التفريق بين الإسلام والإيمان، لأن القرآن في الآيتين السابقتين أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين.

فالمعنى :

أخرجنا من كان في قرى قوم لوط من المؤمنين لنحفظهم من الهلاك، فلم نجد في هذه القرى إلا أهل بيت واحد من المسلمين، فيكون الإيمان مرادفا للإسلام، وبهذا قال الإمام البخاري من أهل السنة.
والمتأمّل في القرآن الكريم يجد أن مدلول اللفظ الواحد يتغير بحسب السياق، وقد ألّف مقاتل بن سليمان البلخي كتابا سماه ( الأشباه والنظائر في القرآن الكريم )، وقد بدأ الكتاب بمادة الهدى في القرآن الكريم، فقال : الهدى في القرآن الكريم يأتي على ستة عشر وجها، واستمر في عرض الألفاظ التي جاءت في القرآن الكريم على أكثر من وجه ومعنى.
فكلمة العين تطلق على العين التي تبصر، وتطلق على عين الماء، وتطلق على الجاسوس،... وهكذا.
وعلماء الكلام يذكرون أن الإسلام هو الانقياد الظاهري والامتثال لأوامر الله، أما الإيمان فهو التصديق الباطي، ويستشهدون بقوله تعالى :
﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ... ﴾
( الحجرات : ١٤ )
وبما رواه البخاري في صحيحه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الإسلام، فقال :" أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا ".
وسئل عن الإيمان فقال :" الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقضاء والقدر، خيره وشرّه، حلوه ومرّه " ٨.
ونلاحظ أن الإسلام والإيمان قد يجتمعان وقد يفترقان، فأكثر الناس يظهرون الإسلام ويبطنون الإيمان، فهؤلاء مسلمون لإسلامهم واستسلامهم لأمر الله، وانقيادهم لحكمه، ومعظمهم يبطن الإيمان والتصديق واليقين بالله تعالى وباليوم الآخر، ومن هذا الصنف من آمن بلوط حيث كانوا مؤمنين، وأيضا كانون مسلمين، وقد يفترق الإيمان والإسلام، مثل إسلام المنافقين، فهو إسلام ظاهري لم يطاوعه ولم يتابعه إيمان الباطن.
قول تعالى :﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾. ( المنافقون : ١ ).
وقريب من ذلك بعض العصاة من الأعراب، الذين أعلنوا إسلامهم ولم تتجاوب قلوبهم بالالتزام الكامل، والطاعة والتضحية والفداء.
فقال بعض العلماء : هم منافقون، وقال آخرون : هم مسلمون عصاة لم يصلوا للدرجة المطلوبة الرَّاقية من المؤمن الحق، ويأمل القرآن توبتهم وتصحيح إيمانهم.
قال تعالى :﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ... ﴾
( الحجرات : ١٤ )

تمهيد :
هذه الآيات بقية قصة إبراهيم عليه السلام، والذين قسموا القرآن إلى ثلاثين جزءا راعوا الكمّ ولم يراعوا المعنى، ولذلك نجد أن قصة إبراهيم الخليل عليه السلام بدايتها في نهاية الجزء السادس والعشرين. ونهايتها في بداية الجزء السابع والعشرين.
وهنا يسأل إبراهيم الملائكة عن الأمر الخطير الذي أُرسلوا من أجله، فأخبروه أن الله أرسلهم ليهلكوا قوم لوط بحجارة من سجيل، بها علامة تدل على أنها أُعدت لإهلاكهم جزاء شذوذهم، ونكاح الذكور دون الإناث، حيث يستغنى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهذا أمر مخالف للفطرة، لذلك أهلكهم الله، تحذيرا وتخويفا لكل من يفعل ذلك العمل الأثيم.
المفردات :
آية : علامة دالة على ما أصابهم من العذاب.
التفسير :
٣٧- ﴿ وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ﴾
تركنا في هذه القرية المهلكة دلالة واضحة، وعبرة ظاهرة، وعظة وتذكيرا لأصحاب العقول الراجحة والقلوب المؤمنة، حيث يرون عاقبة الشذوذ والخروج عن أمر الله.
وبهذه الآية الكريمة نستطيع أن نستنبط أن الحضارة الغربية حضارة عرجاء، حيث تستبيح الشذوذ، واستغناء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وتدافع عن حق المراهقات في الحمل والولادة والرعاية، ولو كان ذلك من سفاح حرام، وليس من نكاح حلال.
إن هذا وغيره سيعصف بمستقبل هذه الحضارة، وكما اهتز الاتحاد السوفيتي وتمايل للسقوط، ستتبعه دول أخرى، لا تزال في عنفوان قوة آثمة، شأنها شأن الشاب المنحرف، لا يظهر عليه الأثر الكامل للمعصية، فإذا انتقل الشاب إلى مرحلة الكهولة والشيخوخة ظهر عليه أثر ذلك الانحراف.
قال الشهاب : كأنّ هذه الآية تشير إلى بحيرة طبرية.
الاعتبار بما أصاب المكذبين
﴿ وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ٣٨ ) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( ٣٩ ) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ( ٤٠ ) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ( ٤١ ) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ( ٤٢ ) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ( ٤٣ ) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ( ٤٤ ) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ ( ٤٥ ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ( ٤٦ ) ﴾
تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.
المفردات :
بسلطان مبين : بدليل واضح له سلطان على القلوب، يتمثل في معجزاته الظاهرة كاليد والعصا.
الركن : ما يركن إليه الشيء ويتقوى به، والمراد هنا : جنوده وأعوانه ووزراؤه، كما جاء في سورة هود :﴿ أو آوى إلى ركن شديد ﴾. ( هود : ٨٠ )
التفسير :
٣٨-٣٩ :﴿ وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾.
وفي قصة موسى عظة وعبرة، حين أرسلناه رسولا إلى فرعون، وزوّدنا موسى بالمهابة والجلال، وأعطيناه المعجزات الواضحة، مثل اليد والعصا، في مجموع تسع آيات ظاهرات تؤكد رسالته وصدقه، لكن فرعون اغترّ بجنوده وقوته، وغرّه ما يملك من القوة والأتباع، وألصق التهم بموسى حتى يصرف قومه عن الاستماع إليه.
فقال : هذه المعجزات التي جاء بها موسى، تدل على أن أمره لا يخلو من أن يكون ساحرا أو مجنونا، فإذا كانت هذه المعجزات حدثت باختيار موسى فتكون سحرا، وإذ كانت بغير اختياره فيكون ذلك نوعا من الجنون أو كأن الجن تساعده.
ويجوز أن تكون ( أو ) بمعنى الواو، كما قال أبو عبيدة، لأن القرآن حكى عن فرعون أنه اتهم موسى بالسحر تارة، وبالجنون أخرى.
فقال عن موسى مرة :﴿ إنّ هذا لساحر عليم ﴾. ( الشعراء : ٣٤ )
وقال مرة أخرى :﴿ إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ﴾. ( الشعراء : ٢٧ ).
ونلحظ أن هذه التهم دبّرها كفار كل أمة، كأنما وصّى السابق منهم اللاحق، أو أن السبب هو الطغيان وكراهة الحق، والغلوّ في الظلم والعناد.
قال تعالى :﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾. ( الذاريات : ٥٢-٥٣ ).
وهكذا نجد ملة الكفر واحدة، وطريقة الكافرين واحدة، حيث جعلوا المعجزات سحرا، وجعلوا ما أتى به الرسل من تشريع وتوحيد وأخبار وتذكير، جنونا وترَّهات لا تخضع لعقل بشر، لأنها فوق طاقته أو فوق قدرته، ولو أنصفوا لقالوا : إن هذا وحي من السماء لا يستطيع البشر أن يأتي بمثله.
قال تعالى :﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا. ﴾ ( الإسراء : ٨٨ ).
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٣٨:الاعتبار بما أصاب المكذبين
﴿ وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ( ٣٨ ) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( ٣٩ ) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ ( ٤٠ ) وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ( ٤١ ) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ( ٤٢ ) وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ( ٤٣ ) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ( ٤٤ ) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ ( ٤٥ ) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ( ٤٦ ) ﴾
تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.

المفردات :

بسلطان مبين : بدليل واضح له سلطان على القلوب، يتمثل في معجزاته الظاهرة كاليد والعصا.
الركن : ما يركن إليه الشيء ويتقوى به، والمراد هنا : جنوده وأعوانه ووزراؤه، كما جاء في سورة هود :﴿ أو آوى إلى ركن شديد ﴾. ( هود : ٨٠ )

التفسير :


٣٨-
٣٩ :﴿ وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾.
وفي قصة موسى عظة وعبرة، حين أرسلناه رسولا إلى فرعون، وزوّدنا موسى بالمهابة والجلال، وأعطيناه المعجزات الواضحة، مثل اليد والعصا، في مجموع تسع آيات ظاهرات تؤكد رسالته وصدقه، لكن فرعون اغترّ بجنوده وقوته، وغرّه ما يملك من القوة والأتباع، وألصق التهم بموسى حتى يصرف قومه عن الاستماع إليه.
فقال : هذه المعجزات التي جاء بها موسى، تدل على أن أمره لا يخلو من أن يكون ساحرا أو مجنونا، فإذا كانت هذه المعجزات حدثت باختيار موسى فتكون سحرا، وإذ كانت بغير اختياره فيكون ذلك نوعا من الجنون أو كأن الجن تساعده.
ويجوز أن تكون ( أو ) بمعنى الواو، كما قال أبو عبيدة، لأن القرآن حكى عن فرعون أنه اتهم موسى بالسحر تارة، وبالجنون أخرى.
فقال عن موسى مرة :﴿ إنّ هذا لساحر عليم ﴾. ( الشعراء : ٣٤ )
وقال مرة أخرى :﴿ إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ﴾. ( الشعراء : ٢٧ ).
ونلحظ أن هذه التهم دبّرها كفار كل أمة، كأنما وصّى السابق منهم اللاحق، أو أن السبب هو الطغيان وكراهة الحق، والغلوّ في الظلم والعناد.
قال تعالى :﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾. ( الذاريات : ٥٢-٥٣ ).
وهكذا نجد ملة الكفر واحدة، وطريقة الكافرين واحدة، حيث جعلوا المعجزات سحرا، وجعلوا ما أتى به الرسل من تشريع وتوحيد وأخبار وتذكير، جنونا وترَّهات لا تخضع لعقل بشر، لأنها فوق طاقته أو فوق قدرته، ولو أنصفوا لقالوا : إن هذا وحي من السماء لا يستطيع البشر أن يأتي بمثله.
قال تعالى :﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا. ﴾ ( الإسراء : ٨٨ ).

تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.
المفردات :
فأخذناه : أخذ غضب وانتقام.
نبذناهم : طرحناهم في البحر.
مُليم : واقع في اللوم لكفره وتكبّره.
التفسير :
٤٠- ﴿ فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليمّ وهو مُليم ﴾.
أخذه الله ومعه جنوده وأتباعه وأعوانه، فقذف بهم جميعا في البحر فهلكوا غير مأسوف عليهم، مع وقوع فرعون في اللوم والنُّكر والملامة جزاء عناده وعدم استجابته للحق، والآية مع إيجازها برهان للقدرة الغالبة التي أذلّت الجبابرة، وأغرقت هذه الطاغية مع قومه، وسجَّل له التاريخ ظلمه وعناده، وتقتيل الأطفال الأبرياء من بني إسرائيل، واستحياء الإناث للخدمة والمذلة.
قال تعالى :﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ. ﴾ ( القصص : ٥-٦ ).
تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.
المفردات :
الريح العقيم : التي لا خير فيها لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم.
الرميم : الهالك البالي المتفتت من عظم ونبات وغير ذلك.
التفسير :
٤١-٤٢ :﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾.
وفي عاد آية حين استكبروا في الأرض بغير الحق، وقالوا : من أشدّ منا قوة ؟ فأرسل الله عليهم ريحا عقيما، وهي الدَّبور تعصف بكل شيء أراد الله إهلاكه، وتتركه رميما باليا مفتتا هالكا، لا يستطاع ترميمه.
روي أن الرّيح كانت تمرّ بالناس فيهم الرجل من عاد، فتنتزعه من بينهم وتهلكه.
وقد رُوي عن ابن عباس، وصححه الحاكم : أن الريح العقيم ريح لا بركة فيها ولا منفعة، ولا ينزل منها غيث، ولا يلقح بها شجر.
وهذه كانت الدَّبور لما صحَّ من قوله صلى الله عليه وسلم : " نُصرت بالصَّبا، وأهلكت عاد بالدبور " ٩.
وفي سورة الحاقة نجد لوحة مصوّرة تستعرض هلاك عاد بريح عاتية مهلكة، وكانوا يحفرون الحفرة في الأرض فينزلون فيها، ويتركون رؤوسهم على السطح لاستنشاق الهواء، فتأتي الريح فتقطع رؤوسهم، وتتركهم هلكى كالنخلة التي قطع رأسها، وتُرك عجزها ولم يبق فيها منفعة أو ثمرة.
قال تعالى :﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾. ( الحاقة : ٦-٨ )
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤١:تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.

المفردات :

الريح العقيم : التي لا خير فيها لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم.
الرميم : الهالك البالي المتفتت من عظم ونبات وغير ذلك.

التفسير :


٤١-
٤٢ :﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾.
وفي عاد آية حين استكبروا في الأرض بغير الحق، وقالوا : من أشدّ منا قوة ؟ فأرسل الله عليهم ريحا عقيما، وهي الدَّبور تعصف بكل شيء أراد الله إهلاكه، وتتركه رميما باليا مفتتا هالكا، لا يستطاع ترميمه.
روي أن الرّيح كانت تمرّ بالناس فيهم الرجل من عاد، فتنتزعه من بينهم وتهلكه.
وقد رُوي عن ابن عباس، وصححه الحاكم : أن الريح العقيم ريح لا بركة فيها ولا منفعة، ولا ينزل منها غيث، ولا يلقح بها شجر.
وهذه كانت الدَّبور لما صحَّ من قوله صلى الله عليه وسلم :" نُصرت بالصَّبا، وأهلكت عاد بالدبور " ٩.
وفي سورة الحاقة نجد لوحة مصوّرة تستعرض هلاك عاد بريح عاتية مهلكة، وكانوا يحفرون الحفرة في الأرض فينزلون فيها، ويتركون رؤوسهم على السطح لاستنشاق الهواء، فتأتي الريح فتقطع رؤوسهم، وتتركهم هلكى كالنخلة التي قطع رأسها، وتُرك عجزها ولم يبق فيها منفعة أو ثمرة.
قال تعالى :﴿ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ﴾. ( الحاقة : ٦-٨ )

تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.
المفردات :
فأخذتهم الصاعقة : فأهلكتهم الصيحة، أو نار تنزل بالاحتكاكات الكهربية.
التفسير :
٤٣-٤٤ :﴿ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾.
وفي قصة ثمود آية، وكانت عاد تسكن في جنوب الجزيرة العربية، وثمود تسكن في شمالها، وكانوا يمرّون على مساكن ثمود في طريق تجارتهم إلى الشام، وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود في طريقه إلى تبوك، فلما رآها نظر إليها واستحث راحلته، وانحنى على ظهرها، وقال لأصحابه : " لا تمرّوا على قرى القوم الذين ظلموا أنفسهم، إلا وأنتم مشفقون، خشية أن يصيبكم ما أصابهم " ١٠
وقد تكررت قصة ثمود في عاد من سور القرآن الكريم، وعادة تذكر بعد قصة عاد، وقد ذكرت مستقلة في سورة الشمس، حيث أرسل الله إليهم نبيه صالحا، ومعه معجزة هي الناقة، تشرب الماء في يوم، وتحلب لهم لبنا يكفيهم أجمعين في يوم ثان، لكنهم عَتَوْا عن أمر ربهم، وأنذرهم صالح بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، وقال لهم :﴿ تمتَّعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ﴾. ( هود : ٦٥ ).
وهذا معنى قوله :﴿ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ﴾.
أي : قال لهم نبيهم : هناك مهلة ثلاثة أيام ثم يأتي عذاب مدمّر، لكنّهم كذبوا نبيهم واستكبروا.
﴿ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾.
عتوا : تكبروا، أيْ تعالوا عن الاستجابة لما دعاهم إليه نبيهم صالح فأرسل الله عليهم صاعقة من السماء فأهلكتهم جميعا، وهم ينظرون إليها.
وقال مجاهد :
وهم ينظرون : بمعنى : ينتظرون، أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب، وانتظار العذاب أشد من العذاب.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٤٣:تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.

المفردات :

فأخذتهم الصاعقة : فأهلكتهم الصيحة، أو نار تنزل بالاحتكاكات الكهربية.

التفسير :


٤٣-
٤٤ :﴿ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾.
وفي قصة ثمود آية، وكانت عاد تسكن في جنوب الجزيرة العربية، وثمود تسكن في شمالها، وكانوا يمرّون على مساكن ثمود في طريق تجارتهم إلى الشام، وقد مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود في طريقه إلى تبوك، فلما رآها نظر إليها واستحث راحلته، وانحنى على ظهرها، وقال لأصحابه :" لا تمرّوا على قرى القوم الذين ظلموا أنفسهم، إلا وأنتم مشفقون، خشية أن يصيبكم ما أصابهم " ١٠
وقد تكررت قصة ثمود في عاد من سور القرآن الكريم، وعادة تذكر بعد قصة عاد، وقد ذكرت مستقلة في سورة الشمس، حيث أرسل الله إليهم نبيه صالحا، ومعه معجزة هي الناقة، تشرب الماء في يوم، وتحلب لهم لبنا يكفيهم أجمعين في يوم ثان، لكنهم عَتَوْا عن أمر ربهم، وأنذرهم صالح بأن العذاب سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، وقال لهم :﴿ تمتَّعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ﴾. ( هود : ٦٥ ).
وهذا معنى قوله :﴿ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ ﴾.
أي : قال لهم نبيهم : هناك مهلة ثلاثة أيام ثم يأتي عذاب مدمّر، لكنّهم كذبوا نبيهم واستكبروا.
﴿ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾.
عتوا : تكبروا، أيْ تعالوا عن الاستجابة لما دعاهم إليه نبيهم صالح فأرسل الله عليهم صاعقة من السماء فأهلكتهم جميعا، وهم ينظرون إليها.

وقال مجاهد :

وهم ينظرون : بمعنى : ينتظرون، أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب، وانتظار العذاب أشد من العذاب.

تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.
المفردات :
منتصرين : ممتنعين من عذاب الله بغيرهم ممن أهلكهم.
التفسير :
٤٥- ﴿ فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ ﴾.
نزلت الصاعقة ماحقة مهلكة، لم يستطيعوا هربا منها، ولا فرارا من إهلاكها، ولم يجدوا نصيرا ينصرهم بعد أن عجزوا بأنفسهم.
وفي سورة الشمس يقول الله تعالى :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴾. ( الشمس : ١١-١٥ )
تمهيد :
ذكر القرآن قصة لوط وشذوذهم وهلاكهم، ثم أتبع ذلك بذكر العظة والعبرة من قصص أقوام من الهالكين هم :
فرعون الذي أغرقه الله في البحر.
وعاد الذين أهلكهم الله بالريح الصرصر العاتية.
وثمود الذين أهلكهم الله بالصاعقة المهلكة.
وقوم نوح الذين أهلكهم الله بالطوفان.
وفي هذا القصص تسلية وتسرية للرسول الأمين، وتهديد للمشركين.
المفردات :
فاسقين : خارجين على طاعة الله، متجاوزين حدوده.
التفسير :
٤٦ :﴿ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾.
وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء بالطوفان، لأنهم كانوا خارجين على أمر الله، حيث أرسل إليهم نوحا فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما، فأخذهم الطوفان وهم ظالمون، وقد فصَّل الله قصتهم مع نوح في سورة هود وغيرها، وذكرت قصة نوح في سورة نوح في جزء تبارك، كما ذكر القرآن هؤلاء الهالكين بعد نوح، بسبب عدوانهم وكفرهم وتكذيبهم لرسلهم، مع إحاطة الله بأعمالهم، وقدرته سبحانه على عقوبتهم في الدنيا، ومحاسبتهم في الآخرة.
قال تعالى :﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾. ( الإسراء : ١٧ ).
أدلة القدرة.
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ( ٤٧ ) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ( ٤٨ ) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( ٤٩ ) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ( ٥٠ ) وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ( ٥١ ) ﴾.
تمهيد :
يرشد القرآن الكريم إلى آثار القدرة الإلهية في خلق هذا الكون البديع، فقد رفع الله السماء بلا عمد، والأرض بسطها ويسَّر إعمارها وطرقها، وأرسى جبالها، وخلق من كل شيء زوجين ذكرا وأنثى، ليتم التناسل وإعمار الأرض، تجد ذلك في الإنسان والحيوان والنبات، بل والسحاب والجماد، كل ذلك يتطلب الإيمان بالله، واليقين بقدرته وفضله.
المفردات :
بأيد : بقوة.
لموسعون : لذو سعة بخلقها وخلق غيرها، من الوسع بمعنى الطاقة والقدرة، أي : لقادرون.
التفسير :
﴿ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴾.
لقد وسعت قدرة الله كلّ شيء، فأبدع الكون على غير مثال سابق، وبهذه القوة القادرة المبدعة، رفع السماء سقفا مرفوعا، ممتدا بلايين السنين، دون أن يصيبه خلل أو تشقق.
" والآية الكريمة تشير إلى أن التوسعة مستمرة على الزمن، وهو ما أثبته العلم الحديث، وعرف بنظرية التمدد، التي أصبحت حقيقة علمية في أوائل هذا القرن، أشار إليها القرآن الذي أُنزل على النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم، منذ أربعة عشر قرنا " ١١.
تمهيد :
يرشد القرآن الكريم إلى آثار القدرة الإلهية في خلق هذا الكون البديع، فقد رفع الله السماء بلا عمد، والأرض بسطها ويسَّر إعمارها وطرقها، وأرسى جبالها، وخلق من كل شيء زوجين ذكرا وأنثى، ليتم التناسل وإعمار الأرض، تجد ذلك في الإنسان والحيوان والنبات، بل والسحاب والجماد، كل ذلك يتطلب الإيمان بالله، واليقين بقدرته وفضله.
المفردات :
فرشناها : بسطناها، ومهَّدناها، من مهدتُ الفراش : إذا بسطته ووطأته.
تمهيد الأمور، تسويتها وإصلاحها.
التفسير :
٤٨- ﴿ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴾.
جعل الله السماء سقفا مرفوعا، وجعل الأرض فراشا ممهدا للإنسان، يحيا عليها الإنسان والحيوان والنبات، والطيور والزواحف والحشرات وغيرها، وفي هذه الأرض أرزاق وأقوات ومنافع متعددة، فمن طينة الأرض يتخذ الإنسان المساكن والحصون، ومن معادن الأرض الظاهرة والباطنة يصنع الحليّ والسلاح، وآلات الحرب والسفن والطائرات.
وفي القرآن الكريم ما يفيد أنَّ الأرض خلقت أولا، ثم خلقت السماء ثانيا كما نجد ذلك في سورة فصلت.
قال تعالى :﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. ﴾ ( فصلت : ٩-١٢ ).
وفي سورة النازعات نجد ما يفيد أن السماء خلقت أولا، ثم دحيت الأرض.
قال تعالى :﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ. ﴾ ( النازعات : ٢٧-٣٣ ).
ويمكن الجمع بين الآيات على النحو التالي :
( أ‌ ) خلق الله الأرض أولا غير مدحوّة.
( ب‌ ) خلق السماء ثانيا بعد خلق الأرض.
( ت‌ ) دحا الأرض بعد خلق السماء، أي خلق فيها البحار والأنهار والجبال، وجعلها أقرب إلى شكل البيضة، فهي منبعجة ومتسعة عند خط الاستواء، وهي مفرطحة عند القطبيين، أي غير كاملة الاستدارة.
قال تعالى :﴿ أو لم يروا أنّا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها... ﴾( الرعد : ٤١ ).
هذا ما ذكره المفسرون القدامى في الجمع بين الآيات المختلفة.
أما المفسرون المحدثون، والعلماء المعاصرون فيرون الآتي :
١- الكون كلُّه كان كرة ملتهبة غير صالحة لحياة الإنسان عليها.
٢- مرت ستة بلايين سنة، هدأت فيها هذه الكرة، وانفصلت السماء وارتفعت، وانفصلت الأرض وانبسطت ورست عليها الجبال والبحار والأنهار.
٣- مرَّ خلق الكون بست مراحل، كانت السماء رخوة هلامية أشبه بالدخان، ثم تماسكت وهدأت قشرتها وتفتّقت بالمطر، وهدأت قشرة الأرض وتماسكت، وتفتقت بالنبات، ووجد خلق وسيط بين السماء والأرض هو الهواء، ووجد الحجاب الحاجز بين الأرض والسماء، الذي يحمي الأرض من ملايين الشهب والنيازك، ويحفظ الأرض في درجة معينة من الحرارة والرطوبة.
٤- تمَّ إعمار الكون وتنسيقه بحيث تكون الأرض مائدة عامرة بالأرزاق والماء والخيرات.
٥- تدخلت يد القدرة الإلهية في كل مرحلة من مراحل تكامل الخلق وتوازنه، ومن أمثلة ذلك ما يأتي :
( أ‌ ) الإنسان يستنشق الأكسجين، ويخرج ثاني أكسيد الكربون، والنبات يستنشق ثاني أكسيد الكربون ويخرج الأكسجين، ولو وجد النبات وحده لذبل، ولو وجد الإنسان وحده لاضمحل ومات.
( ب‌ ) نسبة الأكسجين في الهواء ٢١% ولو زاد عن هذه النسبة لكثرت الحرائق، بحيث تكون شرارة واحدة في الغابة كافية لإحراق الغابة كلها، ولو نقصت هذه النسبة في الهواء لاقترب الإنسان من الاختناق، ولضعف التمدّن الإنساني والاختراع والابتكار.
( ث‌ ) لو اقتربت الشمس منا أكثر مما هي عليه لذاب الجليد في المحيطات، وغرقت الأرض بمياه البحار، ولو ابتعدت الشمس عنا أكثر مما هي عليه لتجمَّدت مياه المحيطات، وتعطلت الملاحة، واشتد البرد، وفقدت الحياة توازنها، كل ذلك يدل على أن وراء الكون يد القدرة الإلهية التي تحفظ توازنه، وتمسكه من الانهيار والهلاك، إلى الوقت المعلوم الذي ينتهي فيه عمر هذا الكون، فتنشقّ السماء، وتزلزل الأرض، وتنكدر النجوم، وتصبح الشمس من النجوم القزمة التي فقدت توهجها، وينتهي عمر الدنيا وتبدأ مراحل الآخرة.
٦- أشار القرآن الكريم إلى أن السماء كانت رتقاء صمَّاء لا تمطر، وأن الأرض كانت رتقاء صمَّاء لا تنبت النبات، ففتق الله السماء بالمطر، وفتق الأرض بالنبات، وجعل الماء من أسباب الحياة، وبدونه يكون التصحّر.
قال تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾. ( الأنبياء : ٣٠-٣٣ ).
٧- الكون كله مرّ في خلقه بست مراحل، عبّر عنها بستة أيام، وفي حوالي شهر أبريل سنة ١٩٩٤م. انعقد مؤتمر علمي في الولايات المتحدة الأمريكية للبحث في عمر الكون، وذكر أن عمر الكون ١٣ بليون سنة، وأن عمر الإنسان على هذه الأرض ٧ بلايين سنة، وأن الكون مكث ٦ بلايين سنة كرة ملتهبة غير صالحة لحياة الإنسان، ثم وجد الإنسان في هذا الكون من ٧ بلايين سنة.
هذا مجرد اجتهاد بشري، والمجتهد إن أخطأ له أجر واحد هو أجر الاجتهاد، وإن أصاب فله أجران، أجر الاجتهاد وأجر موافقة الصواب، أما كتاب الله تعالى فقد تكفل الله بحفظه، وهو معجز للبشر، وإعجازه أنه لم يصطدم بأيّ حقيقة علمية، بل كأن العلم ينزع إلى تأييد القرآن وإثبات أنه من عند الله.
ونحن نذكر هذه المعلومات بجوار تفسير الآيات للاستئناس بها، لا لتكون حكما على الآية، فكتاب الله إمام للبشرية كلها، والله ولي التوفيق.
تمهيد :
يرشد القرآن الكريم إلى آثار القدرة الإلهية في خلق هذا الكون البديع، فقد رفع الله السماء بلا عمد، والأرض بسطها ويسَّر إعمارها وطرقها، وأرسى جبالها، وخلق من كل شيء زوجين ذكرا وأنثى، ليتم التناسل وإعمار الأرض، تجد ذلك في الإنسان والحيوان والنبات، بل والسحاب والجماد، كل ذلك يتطلب الإيمان بالله، واليقين بقدرته وفضله.
المفردات :
زوجين : صنفين مزدوجين، ونوعين مختلفين.
التفسير :
٤٩- ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
إثراء الحياة مترتب على العلاقة بين الذكر والأنثى، نجد ذلك في الإنسان والحيوان والنبات وغيرها، وقد امتن الله على عباده بهذه القدرة التي تثري الحياة، فالمطر يترتب على علاقة بين سحابة موجبة وسحابة سالبة.
قال تعالى :﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾. ( الحجر : ٢٢ )
وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن الرياح تلقح النبات، لكن إذا تأملنا في الآية وجدنا أن الرياح تلقّح السحاب لينزل المطر، والرياح فعلا تلقّح النبات، ولها آثار أخرى، وقد امتن الله على عباده بأنه خلق الذكر والأنثى.
قال تعالى :﴿ وما خَلََقَ الذكر والأنثى*إنّ سعيكم لشتّى. ﴾ ( الليل : ٣-٤ ).
وقال عز شأنه :﴿ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة... ﴾( النحل : ٧٢ ).
وحين كان نوح عليه السلام يصنع سفينته للنجاة من الطوفان، أمره الله أن يحمل فيها من كلِّ زوجين اثنين، لتبدأ الحياة مرة أخرى بين الذكر والأنثى.
قال تعالى :﴿ حتى إذا جاء أمرنا وفار التَّنُّور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين... ﴾( هود : ٤٠ ).
وبالنسبة للإنسان نجد أن الله خلق الرجل والمرأة، وحين خلق آدم خلق من ضلعه حواء، ومن نسلهما كانت البشرية.
قال تعالى :﴿ يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالا كثيرا ونساءً... ﴾( النساء : ١ ).
ونجد مثل ذلك في الحيوان والطيور والزواحف والحشرات، وأنواع النباتات والأزهار وغيرها.
قال الأستاذ أحمد مصطفى المراغي في تفسير قوله تعالى :
﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾.
أي : إنا خلقنا لكل ما خلقنا من الأرض ثانيا له، مخالفا له في مبناه والمراد منه، وكل منهما زوج للآخر، فخلقنا السعادة والشقاوة، والهدى والضلال، والليل والنهار، والسماء والأرض، والسواد والبياض، لتتذكروا وتعتبروا فتعلموا أن ربكم الذي ينبغي لكم أن تعبدوه وحده لا شريك له هو الذي يقدر على خلق الشيء وخلافه، وابتداع زوجين من كل شيء، لا ما لا يقدر على ذلك١٢.
تمهيد :
يرشد القرآن الكريم إلى آثار القدرة الإلهية في خلق هذا الكون البديع، فقد رفع الله السماء بلا عمد، والأرض بسطها ويسَّر إعمارها وطرقها، وأرسى جبالها، وخلق من كل شيء زوجين ذكرا وأنثى، ليتم التناسل وإعمار الأرض، تجد ذلك في الإنسان والحيوان والنبات، بل والسحاب والجماد، كل ذلك يتطلب الإيمان بالله، واليقين بقدرته وفضله.
المفردات :
ففروا إلى الله : الجئوا إلى الله، وسارعوا إلى طاعته، واعتصموا بحبله.
نذير : منذر مخوّف.
التفسير :
٥٠- ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٍ ﴾.
أي : الجئوا إلى الله الخالق المبدع، الذي رفع السماء وبسط الأرض، وأتمَّ إعمار الكون، هذا الإله الخالق العظيم الرازق الكريم ينبغي أن نعبده وحده لا شريك له، وألا نعبد معه صنما ولا وثنا ولا جنّا، ولا ملائكة ولا أيّ شريك.
إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٍ.
إني مخوّف لكم بآيات الله وبالمعجزات، ومبيِّن وموضح لكم بالابتعاد عن المعاصي، والاقتراب من الله وطاعته، والبعد عن معصيته.
تمهيد :
يرشد القرآن الكريم إلى آثار القدرة الإلهية في خلق هذا الكون البديع، فقد رفع الله السماء بلا عمد، والأرض بسطها ويسَّر إعمارها وطرقها، وأرسى جبالها، وخلق من كل شيء زوجين ذكرا وأنثى، ليتم التناسل وإعمار الأرض، تجد ذلك في الإنسان والحيوان والنبات، بل والسحاب والجماد، كل ذلك يتطلب الإيمان بالله، واليقين بقدرته وفضله.
٥١- ﴿ وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾.
ولا تعبدوا مع لله معبودا آخر، لأن العبادة لا تكون إلا للخالق، والله وحده خالق كلِّ شيء، فالله هو الذي خلق كلَّ شيء في هذا الكون، وهو الذي خلقنا ورزقنا، وأمدَّنا بسائر النّعم، وهو واهب الحياة، ومسخّر الشمس والقمر، والليل والنهار، والظلام والنور، وبيده الهدى والضلال، والجنة والنار، والخير والشر، فهو يخلُق ولا يُخلق، وهو يُجير ولا يُجار عليه، فينبغي ألا تكون العبادة إلا لله، ومن أشرك بالله وعبد إلها آخر، فإنه يستحق العذاب خالدا مخلدا في النار أبدا.
فالآية ٥٠ : دعوة إلى الإيمان بالله، والالتجاء إليه، ومحبته وعبادته، والتبتل إليه والفرار إلى طاعته، والاستغناء به عن كل من عداه، فمن وجد الله وجد كل شيء، ومن فقد الله فقد كل شيء.
أما الآية ٥١ : فهي للنهي عن عبادة غيره معه، وعن السجود للصنم أو الوثن، أو الجن أو الملائكة، أو الشمس أو القمر، أو المال أو الجنس أو الهوى أو نحو ذلك، وقد كان التعقيب واحدا على الآيتين، أي إني لكم نذير مبين أخوفكم من البعد عن الله، وإني لكم نذير مبين أخوفكم من الشرك بالله، ونحو الآية قوله تعالى :﴿ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ﴾. ( الكهف : ١١٠ ).
*ختام سورة الذاريات
﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ( ٥٢ ) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ( ٥٣ ) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ( ٥٤ ) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ( ٥٥ ) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ( ٥٦ ) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ( ٥٧ ) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ( ٥٨ ) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ ( ٥٩ ) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ( ٦٠ ) ﴾.
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
التفسير :
٥٢- ﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾.
إذا كان أهل مكة في تكذيب لك يا محمد، وعداء للإسلام، فإن جميع المرسلين قبلك قد لقوا من أقوامهم العناد والتكذيب، وكان الاتهام يتوجّه من الكافرين للرسل، بقولهم : إن معجزاتهم سحر وذكاء، وليست خارقة من الله، أو يقولون عن الرسول : هو مجنون مختلّ، وربما جمعوا للرسول الصفتين فقالوا : هو ساحر ومجنون، والمراد جموع المكذبين، أمَّا القليل منهم فقد آمنوا.
قال تعالى عن نوح عليه السلام :﴿ وما آمن معه إلا قليل. ﴾ ( هود : ٤٠ ).
وقريب من ذلك ما ورد في سورة إبراهيم من ألوان تكذيب المكذبين للرسل مثل :﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. ﴾ ( إبراهيم : ١٣ ).
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
٥٣- ﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾.
هل وصَّى السابق منهم اللاحق بتكذيب الرسل، وهم لم يلتقوا في زمن من الأزمان، وإنما الذي جمع بينهم هو الطغيان والعناد، وعدم الاستجابة لدعوة رسل الله.
والطُّغيان : هو تجاوز حدود الدين والعقل، فقال متأخرهم مثل مقالة متقدّمهم في تكذيب الرسل.
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
المفردات :
فتول عنهم : أعرض عن جدالهم.
بملوم : بفاعل ما لا يلام عليه.
التفسير :
٥٤- ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ﴾.
لقد أدَّيت الرسالة، وبلَّغت الأمانة، فلا لوم عليك، ولا جناح في إعراضك عنهم، ولا لوم عليك في عدم استجابتهم لك، فإنما عليك البلاغ، وإنما أنت منذر، وقد فعلت.
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
المفردات :
وذكّر : دُمْ على التذكير والموعظة.
التفسير :
٥٥- ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
ودُمْ على العظة والنُّصح والدعوة إلى الهداية والرشاد، فإن التذكرة تنفع من كانت في قلبه رغبة في الإيمان، وهداية من الرحمن.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وجماعة، من طريق مجاهد، عن علي رضي الله عنه قال : لما نزلت : فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ. لم يبق منا أحد إلا أيقن بالهلكة، إذْ أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولَّى عنّا، فنزلت : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ. فطابت أنفسنا.
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
المفردات :
ليعبدون : ليخضعوا لي وليتذلَّلوا، أو ليعرفوني.
التفسير :
٥٦- ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ﴾.
لم أخلق الناس لأستكثر بهم من قلة، ولا لأستأنس بهم من وحشة، وإنما خلقتهم ليذكروني كثيرا، ويعبدوني طويلا، وعبادة الجن والإنس لله لا تنفعه سبحانه، ومعصيتهم لا تضرّه. لكن العباد في حاجة إلى طاعتهم لتهدأ نفوسهم، وتطمئن قلوبهم، وتقوى ثقتهم بأنفسهم، فالعبادة والطاعة وسيلة إلى مرضاة الله، واستجلاب فضله ومعونته وبركته، والعبادة حقّ لله على عباده، والعبادة تحمي الإنسان من الإحباط والتردد والخوف، وتمنحه زادا من التقوى والهدوء، والأمان ونقاء الروح، وسلامة السريرة.
وفي الحديث الشريف : " إن النور إذا دخل القلب اتسع له الصدر وانشرح "، قيل : يا رسول الله، هل لذلك من علامة ؟ قال : " نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابةُ إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت "، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه١٣... ( الزمر : ٢٢ ).
ويقول الله سبحانه وتعالى :﴿ يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ﴾. ( فاطر : ١٥ ).
وقال ابن جريج ومجاهد : إلاَّ ليعبدون. إلا ليعرفوني أه.
فإن المؤمن إذا داوم على عبادة ربه، والتذلل إليه، وتلاوة القرآن، وذكر الرحمان والتهجُّد، والاستغفار بالأسحار، والمواظبة على صلاة الفجر، وتلاوة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء، فإن ذلك يزيده توفيقا وفضلا وقربا من الله، ومعرفة به وحبّا له، وهذا إشارة إلى ما صحّحوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه : " كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأُعرف " ١٤.
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
٥٧- ﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴾.
ما أريد أن أستعين بالجن والإنس لجلب منفعة، ولا لدفع مضرة، فلا أصرّْفهم في تحصيل الأرزاق والمطاعم، كما يفعل الموالى مع عبيدهم.
أي : إنه سبحانه لا يطلب من العباد تحصيل أرزاق يستعين بها أو يملأ بها خزائنه، وهو سبحانه غنيّ عن أن يقدّم العباد له طعاما أو خدمة، كما يحتاج مُلاك العبيد إلى خدمتهم، أو تقديم الطعام لهم، فالله سبحانه غنيٌّ غنى مطلقا، وخزائنه ملأى، وهو يُطعم ولا يطعَم، وهو يجير ولا يُجار عليه.
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
المفردات :
المتين : الشديد القوة.
التفسير :
٥٨- ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾.
وكيف يحتاج سبحانه وهو الغني القوي، وهو المعطي والمانع، وهو الرزاق ذو القوة التي لا حدود لها، وهو القاهر فوق عباده، الغالب على أمره.
وهذه الآية كأنها تعليل للآية السابقة عليها، فكأنه قيل : لا أريد منهم من رزق لأني أنا الرَّزاق، وما أريد منهم من عمل كالإطعام لأني قوي متين.
روى أحمد، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا، ولم أسد فقرك " ١٥.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : يا ابن آدم أَنْفق أُنفق عليك، يمين الله ملأى لا تغيض بها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ماذا أنفق منذ أن خلق السماوات والأرض، فإن ذلك لم يغض ما في يمينه " ١٦.
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
المفردات :
ذَنُوبا : نصيبا من العذاب، وأصل الذنوب : الدلو العظيمة الممتلئة ماء، فاستعيرت للنصيب مطلقا.
أصحابهم : نظرائهم.
التفسير :
٥٩- ﴿ فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ ﴾.
لقد خلقت الجن والإنس لعبادتي ومعرفتي، فمن خرج عن طاعتي وكفر برسلي، وظلم نفسه فحرمها من معرفة الله وعبادته، وشقَّ عصا الطاعة على المرسلين، وكفر بالله رب العالمين، هذا الظالم له نصيب من العذاب هو وإخوانه، مثل نصيب أصحابهم الظالمين السابقين عليهم، الذين أهلكهم الله بذنوبهم، كقوم نوح وعاد وثمود، وقوم لوط وفرعون وملئه.
قال قتادة :
سَجّلاَ من العذاب مثل سَجْل أصحابهم، فلا يطلبوا منّي أن أعجّل في الإتيان بالعذاب قبل أوانه، فهو لاحق بهم لا محالة. أه.
والسَّجل : الدَّلو المليئة، فاستعيرت للنصيب مطلقا، شرّا كان النصيب أو خيرا.
وقال الزمخشري في تفسير الكشاف :
هذا تمثيل، أصله : السقاة يقتسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب. أه.
والخلاصة : سيقتسم كفار مكة نصيبهم من العذاب مثل أصحابهم المكذبين، فلا يتعجلون هذا العذاب، فإنه قادم لا محالة، وإن الله لا يعجل لعجلة العباد، ولا يدركه العجز عن تنفيذ ما أراد.
وهذا جواب عن قولهم :﴿ فأْتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين. ﴾ ( هود : ٣٢ ).
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ أتى أمر الله فلا تستعجلوه.. ﴾. ( النحل : ١ ).
تمهيد :
تأتي هذه الآيات في ختام سورة الذاريات، وفيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة لم يكونوا بدعا من الأمم، فقد كُذّبت الرسل وأوذيت، واستمر التكذيب من عهد نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فهل وصَّى السابق منهم إلى اللاحق ؟ كلاّ.. إنهم لم يتقابلوا، وإنما جمعهم الطغيان والعِناد، والخروج على أمر الله، وقد خلق الله الجنّ والإنس لمعرفته وطاعته، وهو سبحانه غير محتاج إليهم، لأنه سبحانه هو الرزاق القوي المقتدر، وغداً سيجد هؤلاء الكفار العذاب الذي ينتظرهم، وقد تقدمت الجن في الذّكر على الإنس لأنها خلقت أولا، والإنس ثانيا.
المفردات :
ويل : هلاك أو حسرة، أو شدة عذاب.
التفسير :
٦٠- ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴾.
تختم السورة بذكر الهول والويل الذي ينتظر هؤلاء الذين كفروا بربهم، وكذَّبوا نبيهم، والويل واد في جهنم، بعيد غوره، شديد عذابه، وسيدركهم العذاب في اليوم الموعود، وهو يوم القيامة، وقال بعضهم : اليوم الموعود يوم بدر، حيث قتل رؤوس الكفر، وأسر صناديد مكة، وفرّ الباقون، وأصاب الذلّ والعار أهل مكة، وانتصر الإسلام انتصارا عظيما، وأرى أنه لا مانع أن يراد بالآية عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، والله أعلم.
Icon