تفسير سورة سورة الرحمن من كتاب غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني
المعروف بـغاية الأماني في تفسير الكلام الرباني
.
لمؤلفه
أحمد بن إسماعيل الكَوْرَاني
.
المتوفي سنة 893 هـ
ﰡ
سورة الرحمن
مكية، ست وسبعون آية
(خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير الذي لا يمكن تعلم القرآن وتعليمه إلا به. وأتى بالجمل الثلاث على نمط التعديد؛ إشارة إلى تقاعد الإنسان عن الوفاء بشكرها كما تقول فيمن قصر في مكافأة معروفك: " يا هذا كنت
صغيراً ربيتك، محتاجاً أعطتك، ضائعاً آويتك ". ثم بعد قضاء الوطر من هذا الأسلوب، أفاض في تعداد النعم واحدة إثر أخرى على النمط المعروف بحرف النسق مراعياً التقارب والتناسب بقوله:
مكية، ست وسبعون آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) هذه السورة مقصورة على بيان نِعَم الدارين التي لها شأن؛ لأن إحصاء الكل محال؛ فلذلك صدرها بالاسم الدال على جلائل النعم براعة للاستهلال، وبدأ بأجلها وهي نعم الدين، ثم اختار أعلاها شأناً وأسناها مكاناً وهي القرآن الحاوي لأصول الدين وفروعه الموضح للسبل، المصدق لسائر الكتب والرسل. ولما كان كمال الإنسان في تكميل قوته النظرية، وهو الغاية المطلوبة من خلقه؛ قدم تعليم القرآن، ثم أردفه بما يتوقف عليه بقوله:(خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤) المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير الذي لا يمكن تعلم القرآن وتعليمه إلا به. وأتى بالجمل الثلاث على نمط التعديد؛ إشارة إلى تقاعد الإنسان عن الوفاء بشكرها كما تقول فيمن قصر في مكافأة معروفك: " يا هذا كنت
صغيراً ربيتك، محتاجاً أعطتك، ضائعاً آويتك ". ثم بعد قضاء الوطر من هذا الأسلوب، أفاض في تعداد النعم واحدة إثر أخرى على النمط المعروف بحرف النسق مراعياً التقارب والتناسب بقوله:
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥) يجري كل منهما في منازله وبروجه بلا اختلال؛ ليضبط بذلك أحوال الكائنات، ويتميز به الفصول والأوقات.
(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦) ينقادان لأمره فيما خلقا له، شبه ذلك بسجدة المكلف. والنجم: نبت لا ساق له، والشجر: ما له ساق، وارتباط الجملتين بما تقدم معنوي؛ وذلك أنه لما رمز إلى تقاعده في الشكر أخذ في تعداد نعم أخرى حثاً له على ما طلب منه، ولو عطف لم يفد هذا الغرض. فيهما إشارة إلى أن ما في العالم العلوي والسفلي قائم بما خلق له، والإنسان مع كونه المقصود من الكون خسر بذلك، وكان ظلوماً جهولاً.
(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا... (٧) شرفاً ورتبة، لأنها منشأ أحكامه، ومصدر قضاياه، ومنزل أوامره ونواهيه، أو مكاناً فوق الأرض كقوله: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا). دل به على علو شأنه وعظم كبريائه وسلطانه، مع كونه مبدأ جوده وإحسانه. (وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) قانون الشرع الذي به النظام والوفاق بين الأنام الذي هو لأفعال المكلفين كالمكيال والمقياس الذي يعرف به الأشباه والأمثال.
(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (٦) ينقادان لأمره فيما خلقا له، شبه ذلك بسجدة المكلف. والنجم: نبت لا ساق له، والشجر: ما له ساق، وارتباط الجملتين بما تقدم معنوي؛ وذلك أنه لما رمز إلى تقاعده في الشكر أخذ في تعداد نعم أخرى حثاً له على ما طلب منه، ولو عطف لم يفد هذا الغرض. فيهما إشارة إلى أن ما في العالم العلوي والسفلي قائم بما خلق له، والإنسان مع كونه المقصود من الكون خسر بذلك، وكان ظلوماً جهولاً.
(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا... (٧) شرفاً ورتبة، لأنها منشأ أحكامه، ومصدر قضاياه، ومنزل أوامره ونواهيه، أو مكاناً فوق الأرض كقوله: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا). دل به على علو شأنه وعظم كبريائه وسلطانه، مع كونه مبدأ جوده وإحسانه. (وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) قانون الشرع الذي به النظام والوفاق بين الأنام الذي هو لأفعال المكلفين كالمكيال والمقياس الذي يعرف به الأشباه والأمثال.
(أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) لا تتجاوزوا بالزيادة والنقصان، فيورثكم الندم والخسران.
(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ... (٩) اجعلوا وزن أعمالكم قويماً لا عوج به بالعدل السوي، وهو ما قننه الشارع. (وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) لا تنقصوا ما وجب عليكم عن حقه.
أعاده مبالغة في التوصية.
(وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠) بسطها مدحوة؛ لئلا يشق عليهم التصرف والتردد في اكتساب المعاش والمعاد. والأنام: الإنس والجن كذا عن الحسن، أو كل ذي روح.
(فِيهَا فَاكِهَةٌ... (١١) ضروب مما يتفكه به. (وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) جمع كِمّ بالكسر وهو وعاء الطلع، أو أريد به كل ما يغطى من ليفه وسعفه وكُفَرّاه. وبالجملة ليس في شجر النخل ما لا ينتفع به، ولذلك قال رسول اللَّه - ﷺ -: " إِن مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلهَا كَمَثَلِ الْمُسْلِمِ،.. ثم قال إنها النِّخْلَة ". وعلى هذا ذكرها بعد الفاكهة ليس كذكر جبرائيل بعد الملائكة.
(وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ... (٩) اجعلوا وزن أعمالكم قويماً لا عوج به بالعدل السوي، وهو ما قننه الشارع. (وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) لا تنقصوا ما وجب عليكم عن حقه.
أعاده مبالغة في التوصية.
(وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠) بسطها مدحوة؛ لئلا يشق عليهم التصرف والتردد في اكتساب المعاش والمعاد. والأنام: الإنس والجن كذا عن الحسن، أو كل ذي روح.
(فِيهَا فَاكِهَةٌ... (١١) ضروب مما يتفكه به. (وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ) جمع كِمّ بالكسر وهو وعاء الطلع، أو أريد به كل ما يغطى من ليفه وسعفه وكُفَرّاه. وبالجملة ليس في شجر النخل ما لا ينتفع به، ولذلك قال رسول اللَّه - ﷺ -: " إِن مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلهَا كَمَثَلِ الْمُسْلِمِ،.. ثم قال إنها النِّخْلَة ". وعلى هذا ذكرها بعد الفاكهة ليس كذكر جبرائيل بعد الملائكة.
(وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ... (١٢) كالبُر وسائر الحبوب، والعصف: ورق النبات.
(وَالرَّيْحَانُ) لب الحَبِّ وما يؤكل منه، ولذلك فسر بالرزق. استوعب أقسام ما يتناول في حال الرفاهية؛ لأنه إما للتلذذ وهو الفاكهة، أو له وللتغذي وهو ثمر النخل، أو للتغذي وحده وهو الحب. وفي ذكرها على هذا الأسدوب ترق من الأدنى إلى ما هو أدخل في الامتنان. وقرأ ابن عامر الثلاثة بالنصب عطفاً على الفعلية بتقدير خلق. وعلية رسم الشام، ونافع وابن ذكوان وابن كثير وأبو عمرو وعاصم برفعها عطفاً على الاسمية أي: فيها فاكهة وفيها الحب. وعليه بقية الرسوم. وقرأ حمزة والكسائي بجر الثالث ورفع الأولين أي: ذو العصف والريحان أصله روحان، قلبت واوه ياء تخفيفاً. أو ريوحان حذف واوه فوزنه فيلان.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣) الخطاب للثقلين؛ لما تقدم ذكرهما في الأنام، ولقوله: (أَيُّهَ الثَّقَلَانِ). عن جابر " قرأ رسول اللَّه - ﷺ - علينا سورة الرحمن إلى آخرها ثم
(وَالرَّيْحَانُ) لب الحَبِّ وما يؤكل منه، ولذلك فسر بالرزق. استوعب أقسام ما يتناول في حال الرفاهية؛ لأنه إما للتلذذ وهو الفاكهة، أو له وللتغذي وهو ثمر النخل، أو للتغذي وحده وهو الحب. وفي ذكرها على هذا الأسدوب ترق من الأدنى إلى ما هو أدخل في الامتنان. وقرأ ابن عامر الثلاثة بالنصب عطفاً على الفعلية بتقدير خلق. وعلية رسم الشام، ونافع وابن ذكوان وابن كثير وأبو عمرو وعاصم برفعها عطفاً على الاسمية أي: فيها فاكهة وفيها الحب. وعليه بقية الرسوم. وقرأ حمزة والكسائي بجر الثالث ورفع الأولين أي: ذو العصف والريحان أصله روحان، قلبت واوه ياء تخفيفاً. أو ريوحان حذف واوه فوزنه فيلان.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣) الخطاب للثقلين؛ لما تقدم ذكرهما في الأنام، ولقوله: (أَيُّهَ الثَّقَلَانِ). عن جابر " قرأ رسول اللَّه - ﷺ - علينا سورة الرحمن إلى آخرها ثم
قال: قرأتها على الجن كانوا أحسن ردًّا منكم كلما أتيت إلى (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قالوا: لا بشّيء من آلائك نكذب ربنا ".
(خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ... (١٤) من طين يابس له صلصلة أي: صوت.
(كَالْفَخَّارِ) كالخزف، وعبّر عنه بالطين اللازب والحمأ المسنون والتراب أيضاً باعتبار انقلابه في الأطوار.
(وَخَلَقَ الْجَانَّ... (١٥) أبا الجن وهو إبليس (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) أي: من نار صافية، أو مختلطة بالدخان. ومنه الأمر المَريج " من " بيان أو من نار مخصوصة ممتازة عن هذه النيران؛ فلهذا نكره فـ " من " ابتدائية.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٦) إذ إفاضة الجود أجلّ الإنعامات وأولاها.
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) مشرقي الشتاء والصيف ومغربيهما.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٨) لما في ذلك من الفوائد التي لا تحصى.
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) أرسلهما متلاقيين، من مرجت الدابة أرسلتها.
(بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠) حاجب من قدرته يمنع أحدهما من التعدي على الآخر بالاختلاط.
(خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ... (١٤) من طين يابس له صلصلة أي: صوت.
(كَالْفَخَّارِ) كالخزف، وعبّر عنه بالطين اللازب والحمأ المسنون والتراب أيضاً باعتبار انقلابه في الأطوار.
(وَخَلَقَ الْجَانَّ... (١٥) أبا الجن وهو إبليس (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) أي: من نار صافية، أو مختلطة بالدخان. ومنه الأمر المَريج " من " بيان أو من نار مخصوصة ممتازة عن هذه النيران؛ فلهذا نكره فـ " من " ابتدائية.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٦) إذ إفاضة الجود أجلّ الإنعامات وأولاها.
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (١٧) مشرقي الشتاء والصيف ومغربيهما.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٨) لما في ذلك من الفوائد التي لا تحصى.
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) أرسلهما متلاقيين، من مرجت الدابة أرسلتها.
(بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (٢٠) حاجب من قدرته يمنع أحدهما من التعدي على الآخر بالاختلاط.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢١) إذ في ذلك من الآيات ما يدل على كمال اقتداره الموصل إلى الإيمان الذي كل نعمة دونه. وتفسر الالتقاء بتماس السطوح، ثم تفسير البرزخ بحاجب من الأرض، وحمل البحرين على بحر فارس والروم غير سديد.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢) أحدهما أبيض يقَق، والآخر أحمر قانئ، وهما من خواص الملح دون العذب، وإنما قال منهما؛ لاتصالهما في المرأي. والقول بأنهما يخرجان من مجمع البحرين ترده المشاهدة.
قرأ نافع وأبو عمرو بضم الياء وفتح الراء، والباقون بالعكس. والأولى الأصل، والثانية التعبير باللازم.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٣) وكونهما من فواخر النعم غني عن البيان.
(وَلَهُ الْجَوَارِ... (٢٤) السفن الجارية في البحر (الْمُنْشَئَاتُ فِي الْبَحْرِ) المرفوعات الشُّرُع. وقرأ حمزة بالكسر أي: رافعات الشرع أو الموج أو السر اتساعاً، أو المبتدئات في الفعل، من أنشأ: شرع في الفعل.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢) أحدهما أبيض يقَق، والآخر أحمر قانئ، وهما من خواص الملح دون العذب، وإنما قال منهما؛ لاتصالهما في المرأي. والقول بأنهما يخرجان من مجمع البحرين ترده المشاهدة.
قرأ نافع وأبو عمرو بضم الياء وفتح الراء، والباقون بالعكس. والأولى الأصل، والثانية التعبير باللازم.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٣) وكونهما من فواخر النعم غني عن البيان.
(وَلَهُ الْجَوَارِ... (٢٤) السفن الجارية في البحر (الْمُنْشَئَاتُ فِي الْبَحْرِ) المرفوعات الشُّرُع. وقرأ حمزة بالكسر أي: رافعات الشرع أو الموج أو السر اتساعاً، أو المبتدئات في الفعل، من أنشأ: شرع في الفعل.
(كَالْأَعْلَامِ) كالجبال الشامخة. قالت الخنساء:
كَأنهُ عَلَمٌ في رأسه نارُ
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٥) لما في ذلك من الدلائل الدالة على كمال علمه تعالى واقتداره، وما في ضمنه من منافع العباد.
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) أي: على الأرض من الموجودات، و (مَنْ) لتغليب العقلاء، لقوله. (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)، والاقتصار على من على الأرض؛ لأنه في تعداد النعم، وأشار إلى العموم بقوله:
(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ... (٢٧) أي: ذاته. يجوز به أولاً عن الجملة كاليد والعين، ثم اشتهر حتى صار حقيقة فاستعمل فيمن تنزه عن الأجزاء. (ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) أي:
كَأنهُ عَلَمٌ في رأسه نارُ
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٥) لما في ذلك من الدلائل الدالة على كمال علمه تعالى واقتداره، وما في ضمنه من منافع العباد.
(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) أي: على الأرض من الموجودات، و (مَنْ) لتغليب العقلاء، لقوله. (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)، والاقتصار على من على الأرض؛ لأنه في تعداد النعم، وأشار إلى العموم بقوله:
(وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ... (٢٧) أي: ذاته. يجوز به أولاً عن الجملة كاليد والعين، ثم اشتهر حتى صار حقيقة فاستعمل فيمن تنزه عن الأجزاء. (ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) أي:
الذي يجله الموحدون وينسبونه إلى الكرم، أو الذي جدير بأن يقال: ما أجلَّه وما أكرمه قيل أو لم يقل. وتقديم صفة السلب، لأنه في مقام الجلال، وقهر الخلق بالفناء.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٨) لما في ذلك من العلم بكمال الصانع وكبريائه، مع الوصول إلى الجزاء والحياة الأبدية.
(يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... (٢٩) لافتقار الكل إليه ابتداء وبقاء. روي أنه تعالى لمّا لَعَنَ إِبْليس وَطَرَدَهُ مِنْ جِوَارِهِ، وَكَانَ من الحافيّنَ بالعرشِ بَكَى جبرائيلُ وميكائيلُ فسألهما الربّ تعالى وهو أعلم بهما لم تبكيان؟ قالا. يا ربنا من خوفِك. فقال: هكذا كونا رَاهبين. (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) يسعد ويشّقي، ويحيي ويميت، ويغني ويفقر، شؤون يبديها لا شؤون يبتديها.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٠) لما في ذلك من دفع الضر وجلب النفع، والاعتبار والتذكر المنجي من عقابه.
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) كناية عن التوفر للانتقام وتوجه الإرادة إليه، أو تمثيل بأن مثل حاله تعالى بعد انتهاء الشؤون إلى واحد وهو الأخذ بالجزاء بحال من له سابقة اشتغال عن شيء ثم فرغ له. والثقلان: الإنس والجن،. لأن الأرض لهما كالحمولة. قرأ حمزة وأبوبكر في وجه (سَيَفْرُغُ) بالياء.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٢) لما في هذا الترهيب من الحث على الطاعة.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٨) لما في ذلك من العلم بكمال الصانع وكبريائه، مع الوصول إلى الجزاء والحياة الأبدية.
(يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... (٢٩) لافتقار الكل إليه ابتداء وبقاء. روي أنه تعالى لمّا لَعَنَ إِبْليس وَطَرَدَهُ مِنْ جِوَارِهِ، وَكَانَ من الحافيّنَ بالعرشِ بَكَى جبرائيلُ وميكائيلُ فسألهما الربّ تعالى وهو أعلم بهما لم تبكيان؟ قالا. يا ربنا من خوفِك. فقال: هكذا كونا رَاهبين. (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) يسعد ويشّقي، ويحيي ويميت، ويغني ويفقر، شؤون يبديها لا شؤون يبتديها.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٠) لما في ذلك من دفع الضر وجلب النفع، والاعتبار والتذكر المنجي من عقابه.
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) كناية عن التوفر للانتقام وتوجه الإرادة إليه، أو تمثيل بأن مثل حاله تعالى بعد انتهاء الشؤون إلى واحد وهو الأخذ بالجزاء بحال من له سابقة اشتغال عن شيء ثم فرغ له. والثقلان: الإنس والجن،. لأن الأرض لهما كالحمولة. قرأ حمزة وأبوبكر في وجه (سَيَفْرُغُ) بالياء.
(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٢) لما في هذا الترهيب من الحث على الطاعة.
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... (٣٣) من ملكوتي لتنجو بذلك من دهري (فَانْفُذُوا) أمر تعجيز وفي معناه (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) وقيل: المراد به يوم الحشر فإن الملائكة يحدق بهم سبعة صفوف. (يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ). وتقديم الجن؛ لأنهم أعتى وأشد قوة (لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٤) وأنى لكم ذلك.
(يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ... (٣٥) لهب مركّب من النار والدخان. وعن ابن عباس: " نار لا دخان فيه ". وقرأ ابن كثير شِوَاظ بكسر الشين. (مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ) صفْرٌ مذابٌ يحشر الناس إلى الموقف. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو بالجر عطفاً على المجرور أي: من نار ومن نحاس على أن المراد به الدخان. وأنشد:
(يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ... (٣٥) لهب مركّب من النار والدخان. وعن ابن عباس: " نار لا دخان فيه ". وقرأ ابن كثير شِوَاظ بكسر الشين. (مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ) صفْرٌ مذابٌ يحشر الناس إلى الموقف. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو بالجر عطفاً على المجرور أي: من نار ومن نحاس على أن المراد به الدخان. وأنشد: