ﰡ
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» «بِسْمِ اللَّهِ» : اسم عزيز تنصّل إليه المذنبون فغفر لهم وجبرهم «١» وتوسّل إليه المطيعون فوصلهم ونصرهم.
تعرّف إليه العالمون فبصّرهم، وتقرّب منه العارفون فقرّبهم | لكنه- سبحانه- فى جلاله حيّرهم «٢». |
[سورة البينة (٩٨) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (٢) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤)وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)
«مُنْفَكِّينَ» : منّتهين عن كفرهم حتى تأتيهم البيّنة: وهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي لم يزالوا مجتمعين على تصديقه لما وجدوه في كسب إلى أن بعثه الله تعالى.
فلمّا بعثه حسدوه وكفروا.
«رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ».
(٢) التحيّر في الجلال صفة مدح، ولذا يقول يحيى بن معاذ: يا دليل المتحيرين زدنى تحيرا.. لأنه غرق فى بحر الوجود عند الشهود.
«فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ» «١» : مستوية ليس فيها اعوجاج.
قوله جل ذكره: «وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ» يعنى: القرآن.
قوله جل ذكره: «وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» «مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» أي موحّدين لا يشركون بالله شيئا فالإخلاص ألّا يكون شىء من حركاتك وسكناتك إلّا لله.
ويقال: الإخلاص تصفية العمل من الخلل.
«حُنَفاءَ» : مائلين إلى الحقّ، عادلين عن الباطل «٢».
«وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ.. وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» : أي دين الملّة القيمة، والأمة القيّمة، والشريعة القيّمة.
قوله جل ذكره:
[سورة البينة (٩٨) : الآيات ٦ الى ٨]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)
«خالِدِينَ فِيها» : مقيمين. «الْبَرِيَّةِ» : الخليقة.
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ».
(٢) كلمة «حنيف» من الأضداد، فهى تحمل معنى (الميل) عن الباطل و (الاستقامة) فى طريق الحق.
قوله جل ذكره: «جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً» «جَزاؤُهُمْ» : أي ثوابهم في الآخرة على طاعاتهم.
«تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» أي: من تحت أشجارها الأنهار.
«رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ».
فلم تبق لهم مطالبة إلّا حقّقها لهم.
«ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ».
أي: خافه في الدنيا.
والرضا سرور القلب بمرّ القضا.
ويقال: هو سكون القلب تحت جريان الحكم.