تفسير سورة البينة

تفسير الماوردي
تفسير سورة سورة البينة من كتاب النكت والعيون المعروف بـتفسير الماوردي .
لمؤلفه الماوردي . المتوفي سنة 450 هـ
سورة البينة مكية في قول يحيى بن سلام. وعند الجمهور مدنية، وهو الصواب.
بسم الله الرحمان الرحيم

﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه﴾ قوله تعالى ﴿لم يَكُنِ الّذِينَ كَفَروا مِنْ أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكينَ مُنفَكِّينَ﴾ معناه لم يكن الذين كفروا من اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب، ولم يكن المشركون الذين هم عبدة الأوثان من العرب، وغيرهم الذين ليس لهم كتاب.. (منفكين) فيه أربعة تأويلات: أحدها: لم يكونوا منتهين عن الشرك ﴿حتى تأتيهم البَيِّنَةُ﴾ حتى يتبين لهم الحق. وهذا قول ثان: لم يزالوا مقيمين على الشرك والريبة حتى تأتيهم البينة، يعنى الرسل، قاله الربيع. الثالث: لم يفترقوا ولم يختلفوا أن الله سيبعث إليهم رسولاً حتى بعث الله محمداً ﷺ وتفرقوا، فمنهم من آمن بربه، ومنهم من كفر، قاله ابن عيسى. الرابع: لم يكونوا ليتركوا منفكين من حجج الله تعالى، حتى تأتيهم البينة التي تقوم بها عليهم الحجة، قال امرؤ القيس:
315
وفي (البيّنة) ها هنا ثلاثة أوجه: أحدها: القرآن، قاله قتادة. الثاني: الرسول الذي بانت فيه دلائل النبوة. الثالث: بيان الحق وظهور الحجج. وفي قراءة أبيّ بن كعب: ما كان الذي كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين، وفي قراءة ابن مسعود: لم يكن المشركون وأهل الكتاب منفكين. ﴿رسولٌ مِن الله﴾ يعني محمداً. ﴿يَتْلُواْ صُحُفاً مُطَهّرَةً﴾ يعني القرآن. ويحتمل ثانياً: يتعقب بنبوته نزول الصحف المطهرة على الأنبياء قبله. وفي ﴿مطهرة﴾ وجهان: أحدهما: من الشرك، قاله عكرمة. الثاني: مطهرة الحكم بحسن الذكر والثناء، قاله قتادة. ويحتمل ثالثاً: لنزولها من عند الله. ﴿فيها كُتُبٌ قَيِّمةٌ﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني كتب الله المستقيمة التي جاء القرآن بذكرها، وثبت فيه صدقها، حكاه ابن عيسى. الثاني: يعني فروض الله العادلة، قاله السدي. ﴿وما تَفَرَّقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ﴾ يعني اليهود والنصارى. ﴿إلاّ مِن بَعْدِ ما جاءتْهم البْيِّنَةُ﴾ فيه قولان: احدهما: القرآن، قاله أبو العالية. الثاني: محمد ﷺ، قاله ابن شجرة. ويحتمل ثالثاً: البينة ما في كتبهم من صحة نبوته. ﴿وما أُمِروا إلاّ ليَعْبُدوا الله مُخْلِصينَ له الدِّينَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: مُقِرِّين له بالعبادة. الثاني: ناوين بقلوبهم وجه الله تعالى في عبادتهم. الثالث: إذا قال لا إله إلا الله أن يقول على أثرها (الحمد لله)، قاله ابن جرير.
316
ويحتمل رابعاً: إلا ليخلصوا دينهم في الإقرار بنبوته. ﴿حُنفاءَ﴾ فيه ستة أوجه: أحدها: متبعين. الثاني: مستقيمين، قاله محمد بن كعب. الثالث: مخلصين، قاله خصيف. الرابع: مسلمين، قاله الضحاك، وقال الشاعر:
(إذا قُلْتُ أَنْفَكَّ مِن حُبّها أبى عالقُ الحُبِّ إلا لُزوما)
(أخليفة الرحمنِ إنا مَعْشرٌ حُنفاءُ نسجُدُ بُكرةً وأصيلاً)
الخامس: يعني حجّاجاً، قاله ابن عباس؛ وقال عطية العوفي: إذا اجتمع الحنيف والمسلم كان معنى الحنيف الحاج وإذا انفرد الحنيف كان معناه المسلم، وقال سعيد بن جبير: لا تسمي العرب الحنيف إلا لمن حج واختتن. السادس: أنهم المؤمنون بالرسل كلهم، قاله أبو قلابة. ﴿ويُقيموا الصّلاةَ ويُؤْتُوا الزّكاةَ وذلكَ دينُ القَيِّمَةِ﴾ وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه وذلك دين الأمة المستقيمة. الثاني: وذلك دين القضاء القيم، قاله ابن عباس. الثالث: وذلك الحساب المبين، قاله مقاتل. ويحتمل رابعاً: وذلك دين من قام لله بحقه. ﴿إِنَّ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لْكِتَابِ وَصلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَوْلَ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٨ - ; ئِكَ هُمْ شَرُّ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لْبَرِيَّةِ إِنَّ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لصَّالِحَاتِ أُوْلَ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٨ - ; ئِكَ هُمْ خَيْرُ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لْبَرِيَّةِ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; لأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ صلى الله عليه وسلم
١٦٤٩ - ; للَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾
317
سورة الزلزلة
مدنية في قول ابن عباس وقتادة وجابر. بسم الله الرحمن الرحيم
318
﴿ رسولٌ مِن الله ﴾ يعني محمداً.
﴿ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهّرَةً ﴾ يعني القرآن.
ويحتمل ثانياً : يتعقب بنبوته نزول الصحف المطهرة على الأنبياء قبله.
وفي ﴿ مطهرة ﴾ وجهان :
أحدهما : من الشرك، قاله عكرمة.
الثاني : مطهرة الحكم بحسن الذكر والثناء، قاله قتادة.
ويحتمل ثالثاً : لنزولها من عند الله.
﴿ فيها كُتُبٌ قَيِّمةٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني كتب الله المستقيمة التي جاء القرآن بذكرها، وثبت فيه صدقها، حكاه ابن عيسى.
الثاني : يعني فروض الله العادلة، قاله السدي.
﴿ وما تَفَرَّقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ ﴾ يعني اليهود والنصارى.
﴿ إلاّ مِن بَعْدِ ما جاءتْهم البْيِّنَةُ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : القرآن، قاله أبو العالية.
الثاني : محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن شجرة.
ويحتمل ثالثاً : البينة ما في كتبهم من صحة نبوته.
﴿ وما أُمِروا إلاّ ليَعْبُدوا الله مُخْلِصينَ له الدِّينَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : مُقِرِّين له بالعبادة.
الثاني : ناوين بقلوبهم وجه الله تعالى في عبادتهم.
الثالث : إذا قال : لا إله إلا الله أن يقول على أثرها " الحمد لله "، قاله ابن جرير.
ويحتمل رابعاً : إلا ليخلصوا دينهم في الإقرار بنبوته.
﴿ حُنفاءَ ﴾ فيه ستة أوجه :
أحدها : متبعين.
الثاني : مستقيمين، قاله محمد بن كعب.
الثالث : مخلصين، قاله خصيف.
الرابع : مسلمين، قاله الضحاك، وقال الشاعر١ :
أخليفة الرحمنِ إنا مَعْشرٌ حُنفاءُ نسجُدُ بُكرةً وأصيلاً
الخامس : يعني حجّاجاً، قاله ابن عباس ؛ وقال عطية العوفي : إذا اجتمع الحنيف والمسلم كان معنى الحنيف الحاج، وإذا انفرد الحنيف كان معناه المسلم، وقال سعيد بن جبير : لا تسمي العرب الحنيف إلا لمن حج واختتن.
السادس : أنهم المؤمنون بالرسل كلهم، قاله أبو قلابة.
﴿ ويُقيموا الصّلاةَ ويُؤْتُوا الزّكاةَ وذلكَ دينُ القَيِّمَةِ ﴾ وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه وذلك دين الأمة المستقيمة.
الثاني : وذلك دين القضاء القيم، قاله ابن عباس.
الثالث : وذلك الحساب البين، قاله مقاتل.
ويحتمل رابعاً : وذلك دين من قام لله بحقه٢.
١ هو الراعي النميري كما ذكر المؤلف في تفسير آية ويمنعون الماعون..
٢ هذا ما في المخطوطة من تفسير السورة، ولعله على منهج المؤلف في الاقتصار على تفسير ما يحتاج إلى تفسيره دون غيره..
Icon