تفسير سورة الشعراء

تفسير الماوردي
تفسير سورة سورة الشعراء من كتاب النكت والعيون المعروف بـتفسير الماوردي .
لمؤلفه الماوردي . المتوفي سنة 450 هـ
سورة الشعراء
مكية كلها، وقال ابن عباس وقتادة إلا أربع آيات منها نزلن بالمدينة من قوله }والشعراء يتبعهم الغاوون{ إلى آخرها.

﴿طسم تلك آيات الكتاب المبين لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم﴾ قوله ﴿طسم﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه اسم من أسماء الله أقسم به، والمقسم عليه ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ﴾، قاله ابن عباس. الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. الثالث: أنه من الفواتح التي افتتح الله بها كتابه، قاله الحسن.
163
الرابع: أنها حروف هجاء مقطعة من أسماء الله وصفاته: أما الطاء ففيها قولان: أحدهما: أنها من الطول. الثاني: أنها من الطاهر. وأما السين ففيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها من القدوس. الثاني: أنها من السميع. الثالث: من السلام. وأما الميم ففيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها من المجيد. الثاني: من الرحيم. الثالث: من الملك. ولأصحاب الخواطر في تأويل ذلك قولان: أحدهما: أن الطاء شجرة طوبى، والسين سدرة المنتهى، والميم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. الثاني: أن الطاء طرب التائبين، والسين ستر الله على المذنبين، والميم معرفته بالغاوين، وقد ذكرنا في تفسير ﴿الم﴾ من زيادة التأويلات ما يجزىء تخريجه قبل هذا الموضع. قوله ﴿بَاخِعٌ نَّفْسَكَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: قاتل نفسك، قاله ابن عباس، ومجاهد، والبخع القتل، قاله ذو الرمة:
(ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه بشيءٍ نحته عن يديه المقادِرُ)
الثاني: محرج نفسك، قاله عطاء، وابن زيد.
164
قوله: ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِءَايَةً﴾ فيها وجهان: أحدهما: ما عظم من الأمور القاهرة. الثاني: ما ظهر من الدلائل الواضحة. ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصيته. الثاني: أنه أراد أصحاب الأعناق فحذفه وأقام المضاف إليه مقامه، ذكره ابن عيسى. الثالث: أن الأعناق الرؤساء، ذكره ابن شجرة، وقاله قطرب. الرابع: أن العنق الجماعة من الناس، من قولهم: أتاني عنق من الناس أي جماعة، ورأيت الناس عنقاً إلى فلان، ذكره النقاش. قوله ﴿أَوَلَمْ يَرَواْ إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ﴾ أي نوع معه قرينة من أبيض وأحمر، وحلو وحامض. أحدها: حسن، قاله ابن جبير. الثاني: أنه مما يأكل الناس والأنعام، قاله مجاهد. الثالث: أنه النافع المحمود كما أن الكريم من الناس هو النافع المحمود. الرابع: هم الناس نبات الأرض كما قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنَبتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً﴾ [نوح: ١٧] فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم.
165
قوله ﴿ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : قاتل نفسك، قاله ابن عباس ومجاهد، والبخع القتل، قاله ذو الرمة :
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه بشيءٍ نحته عن يديه المقادِرُ
الثاني : محرج نفسك، قاله عطاء وابن زيد.
قوله :﴿ إِن نَّشَا نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً ﴾ فيها وجهان :
أحدهما : ما عظم من الأمور القاهرة.
الثاني : ما ظهر من الدلائل الواضحة.
﴿ فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصيته.
الثاني : أنه أراد أصحاب الأعناق فحذفه وأقام المضاف إليه مقامه، ذكره ابن عيسى.
الثالث : أن الأعناق الرؤساء، ذكره ابن شجرة، وقاله قطرب.
الرابع : أن العنق الجماعة من الناس، من قولهم : أتاني عنق من الناس أي جماعة، ورأيت الناس عنقاً إلى فلان، ذكره النقاش.
قوله ﴿ أَوَلَمْ يَرَوا إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ ﴾ أي نوع معه قرينه، من أبيض وأحمر وحلو وحامض.
﴿ كريم ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : حسن، قاله ابن جبير.
الثاني : أنه مما يأكل الناس والأنعام، قاله مجاهد.
الثالث : أنه النافع المحمود كما أن الكريم من الناس هو النافع المحمود.
الرابع : هم الناس نبات الأرض كما قال تعالى :
﴿ وَاللَّهُ أَنَبتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً ﴾
[ نوح : ١٧ ] فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم، قاله الشعبي.
{وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من
165
الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل} قوله ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ أي أخاف أن يضيق قلبي وفيه وجهان: أحدهما: بتكذيبهم إياي، قاله الكلبي. الثاني: بالضعف عن إبلاغ الرسالة. ﴿وَلاَ يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾ فيه وجهان: أحدهما: من مهابة فرعون، قاله الكلبي. الثاني: للعقدة التي كانت به. ﴿فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾ أي ليكون معي رسولاً، لأن هارون كان بمصر حيث بعث الله تعالى موسى نبياً. ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ﴾ فتكون علي بمعنى عندي، وهو قول المفضل، وأنشد قول أبي النجم:
(قد أصبحت أم الخيار تدَّعي علي ذَنْبا كلّه لم أصْنَعِ)
والثاني: معناه ولهم عليّ عقوبة ذنب. ﴿فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ﴾ قد خاف موسى أن يقتلوه بالنفس التي قتلها، فلا يتم إبلاغ الرسالة لأنه يعلم أن الله تعالى بعثه رسولاً تكفل بعونه على تأدية رسالته. قوله عز وجل: ﴿فَقُولاَ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالِمِينَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه أرْسَلَنا رب العالمين، حكاه ابن شجرة. والثاني: معناه أن كل واحد منا رسول رب العالمين، ذكره ابن عيسى. والثالث: معناه إنا رسالة رب العالمين، قاله أبوعبيدة، ومنه قول كثير:
(لقد كَذَّب الواشون ما بُحْتُ عندهم بسرٍّ ولا أرسلتهم برسول)
أي رسالة
166
قوله عز وجل: ﴿قَاَلَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً﴾ أي صغيراً، لأنه كان في داره لقيطاً. ﴿وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ لم يؤذن له في الدخول عليه سنة، وخرج من عنده عشر سنين، وعاد إليه يدعوه ثلاثين سنة، وبقي بعد غرقه خمسين سنة، قال ذلك امتناناً عليه. ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ﴾ يعني قتل النفس. ﴿وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ فيه قولان: أحدهما: أي على ديننا الذي لا تقول إنه كفر، وهو قول السدي. الثاني: من الكافرين لإحساني إليك وفضلي عليك، وهذا قول محمد بن إسحاق. قوله عز وجل: ﴿قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ الضَّآلِينَ﴾ يعني قتل النفس، قال المفضل: ومعنى إذن لموجبٍ. ﴿وَأَنَاْ مِنَ الضَّآلِينَ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: من الجاهلين، وهو قول مجاهد لا يعلم أنها تبلغ. والثاني: من الضالين عن النبوة، لأن ذلك كان قبل الرسالة، وهو معنى قول الضحاك. الثالث: من الناسين، وهو قول ابن زيد، كما قال تعالى: ﴿أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى﴾. قوله عز وجل: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمْنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: معناه أن اتخاذك بني إسرائيل عبيداً قد أحبط نعمتك التي تمن عليّ، وهذا قول عليّ بن عيسى.
167
والثاني: معناه أنك لما ظلمت بني إسرائيل ولم تظلمني، أعددت ذلك نعمة تمنّ بها عليّ؟ قاله الفراء. والثالث: أنه لم تكن لفرعون على موسى نعمة لأن الذي رباه بنو إسرائيل بأمر فرعون لاستعباده لهم، فأبطل موسى نعمته لبطلان استرقاقه. والرابع: أن فرعون أنفق على موسى في تربيته من أموال بني إسرائيل التي أخذها من أكسابهم حين استعبدهم، فأبطل موسى النعمة وأسقط المنة، لأنها أموال بني إٍسرائيل لا أموال فرعون، وهذا معنى قول الحسن. وفي التعبيد وجهان: أحدهما: أنه الحبس والإِذلال، حكاه أبان بن تغلب. الثاني: أنه الاسترقاق، فالتعبيد الاسترقاق، سمي بذلك لما فيه من الإِذلال، مأخوذ من قولهم طريق معبد، ومنه قول طرفة بن العبد.
(تبارى عناقاً ناجيات وأتبعت وظيفاً فوق مورٍ مُعَبّدِ)
أي طريق مذلل.
168
قوله ﴿ وَيَضِيقُ صَدْرِي ﴾ أي أخاف أن يضيق قلبي١ وفيه وجهان :
أحدهما : بتكذيبهم إياي، قاله الكلبي.
الثاني : بالضعف عن إبلاغ الرسالة.
﴿ وَلاَ يَنْطَلِقُ لِسَانِي ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : من مهابة فرعون، قاله الكلبي.
الثاني : للعقدة التي كانت به.
﴿ فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ ﴾ أي ليكون معي رسولاً، لأن هارون كان بمصر حيث بعث الله تعالى موسى نبياً.
١ من فيه وجهان، إلى تفسير قوله تعالى: "فإذا هي ثعبان مبين" ساقط من ش..
﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ ﴾ فتكون علي بمعنى عندي وهو قول المفضل، وأنشد قول أبي النجم١ :
قد أصبحت أم الخيار٢ تدَّعي عليّ ذَنْبا كلّه لم أصْنَعِ
والثاني : معناه ولهم عليّ عقوبة ذنب.
﴿ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾ قد خاف موسى أن يقتلوه بالنفس التي قتلها [ فلا يتم إبلاغ ] الرسالة لأنه يعلم أن الله تعالى إذا بعثه رسولاً تكفل بعونه على تأدية رسالته.
١ هو أبو النجم العجلي أحد الرجال المشهورين عاش في العصر الأموي وقد ورد البيت في إعراب القرآن للنحاس ١/ ٤٨٣، ومغنى اللبيب الشاهد ٢٣٢، وخزانة الأدب ١/ ١٧٣ وغيرها..
٢ أم الخيار: زوجة أبي النجم..
قوله عز وجل :﴿ فَقُولاَ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالِمِينَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : معناه أرْسَلَنا رب العالمين، حكاه ابن شجرة.
والثاني : معناه أن كل واحد منا رسول رب العالمين، ذكره ابن عيسى.
والثالث : معناه إنا رسالة رب العالمين، قاله أبو عبيدة. ومنه قول كثيّر :
لقد كَذَّب الواشون ما بُحْتُ عندهم بسرٍّ ولا أرسلتهم برسول
أي رسالة.
قوله عز وجل :﴿ قَاَلَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً ﴾ أي صغيراً، لأنه كان في داره لقيطاً.
﴿ وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ ﴾ لم يؤذن له في الدخول عليه سنة، وخرج من عنده عشر سنين، وعاد إليه يدعوه ثلاثين سنة، وبقي بعد غرقه خمسين سنة. قال ذلك امتناناً عليه.
﴿ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ ﴾ يعني قتل النفس.
﴿ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أي على ديننا الذي لا تقول إنه كفر، وهو قول السدي.
الثاني : من الكافرين لإحساني إليك وفضلي عليك، وهذا قول محمد بن إسحاق.
قوله عز وجل :
﴿ قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًن وَأَنَا مِنَ الضَّالِينَ ﴾ يعني قتل النفس. قال المفضل : ومعنى إذن لموجبٍ١.
﴿ وَأَنَا مِنَ الضَّالِينَ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : من الجاهلين، وهو قول مجاهد، لا يعلم أنها تبلغ [ قتل النفس ]. والثاني : من الضالين عن النبوة، لأن [ ذلك ] كان قبل الرسالة، وهو معنى قول الضحاك.
الثالث : من الناسين، وهو قول ابن زيد، كما قال تعالى :﴿ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى ﴾.
١ هنا عبارة واضحة بالأصول..
قوله عز وجل :﴿ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمْنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : معناه أن اتخاذك بني إسرائيل عبيداً قد أحبط نعمتك التي تمن عليّ، وهذا قول عليّ بن عيسى.
والثاني : معناه أنك لما ظلمت بني إسرائيل ولم تظلمني، أعددت ذلك نعمة تمنّ بها عليّ ؟ قاله الفراء.
والثالث : أنه لم تكن لفرعون على موسى نعمة لأن الذي رباه بنو إسرائيل بأمر فرعون لاستعباده لهم، فأبطل موسى نعمته لبطلان استرقاقه.
والرابع : أن فرعون أنفق على موسى في تربيته من أموال بني إسرائيل التي أخذها من أكسابهم حين استعبدهم، فأبطل موسى النعمة وأسقط المنة لأنها أموال بني إٍسرائيل لا أموال فرعون، وهذا معنى قول الحسن.
وفي التعبيد وجهان :
أحدهما : أنه الحبس والإِذلال، حكاه أبان بن تغلب.
الثاني : أنه الاسترقاق، فالتعبيد الاسترقاق، سمي بذلك لما فيه من الإِذلال، مأخوذ من قولهم طريق معبد، ومنه قول طرفة بن العبد :
تبارى عناقاً ناجيات وأتبعت وظيفاً وظيفا فوق مورٍ مُعَبّدِ
أي طريق مذلل.
{قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في
168
المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم} قوله عز وجل: ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ﴾ قال سعيد بن جبير: كانت من عوسج، قال الحكيم: ولم يسخر العوسج لأحد بعده، وقال الكلبي: كانت من آس الجنة عشرة أذرع على طول موسى. ﴿فإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنها الحية الذكر، قاله ابن عباس. الثاني: أنه اعتم الحيات الصفر شعراء العنق، حكاه النقاش. ﴿مُّبِينٌ﴾ فيه وجهان: أحدهما: مبين أنه ثعبان. الثاني: مبين أنها آية وبرهان، وكان فرعون قد همّ بموسى، فلما صارت العصا ثعباناً فَاغِراً فَاهُ خافه ولاَذَ بموسى مستجيراً وَوَلَّى قومُه هرباً حتى وطىء بعضهم على بعض، قال ابن زيد: وكان اجتماعهم بالإسكندرية، قال الزجاج: روي أن السحرة كانوا اثني عشر ألفاً، وقيل: تسعة عشر ألفاً. قوله تعالى: ﴿فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ أي تشيرون لأنه لا يجوز أن يأمر التابع المتبوع، فجعل المشورة أمراً لأنها على لفظه. ويحتمل استشارته لهم وجهين: أحدهما: أنه أراد أن يستعطفهم لضعف نفسه. الثاني: أنه أذهله ما شاهد فحار عقله فلجأ إلى رأيهم وهو يقول أنا ربكم الأعلى، وقد خفي عليه تناقض الأمرين خذلانا.
169
قوله عز وجل :﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ ﴾ قال سعيد بن جبير : كانت من عوسج، قال الحكيم : ولم يسخر العوسج لأحد بعده. وقال الكلبي : كانت من آس الجنة عشرة أذرع على طول موسى.
﴿ فإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنها الحية الذكر، قاله ابن عباس.
الثاني : أنه اعتم الحيات الصفر شعراء العنق، حكاه النقاش.
﴿ مُّبِينٌ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : مبين أنه ثعبان.
الثاني : مبين أنها آية وبرهان. وكان فرعون قد همّ بموسى فلما صارت العصا ثعباناً فَاغِراً فَاهُ خافه ولاَذَ بموسى مستجيراً وَوَلَّى قومُه هرباً حتى وطئ بعضهم على بعض. قال ابن زيد : وكان اجتماعهم بالإسكندرية. قال الزجاج : روي أن السحرة كانوا اثني عشر ألفاً، وقيل : تسعة عشر ألفاً.
قوله تعالى :﴿ فَمَاذَا تأمرون ﴾ أي تشيرون لأنه لا يجوز أن يأمر التابع المتبوع فجعل المشورة أمراً لأنها على لفظه.
ويحتمل استشارته لهم وجهين :
أحدهما : أنه أراد أن يستعطفهم لضعف نفسه.
الثاني : أنه أذهله ما شاهد فحار عقله فلجأ إلى رأيهم وهو يقول أنا ربكم الأعلى وقد خفي عليه تناقض الأمرين خذلانا.
قوله تعالى :﴿ قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أخره وأخاه، قاله ابن عباس.
الثاني : احبسه وأخاه، قاله قتادة.
وفي مشورتهم على فرعون بإرجائه ونهيهم له عن قتله ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم خافوا إن قتلوه أن يفتن الناس بما شاهدوه منه، وأمّلوا إن جاء السحرة أن يغلبوه.
الثاني : أنهم شاهدوا من فعله ما بهر عقولهم، فخافوا الهلاك من قتله.
الثالث : أن الله صرفهم عن ذلك تثبيتاً لدينه وتأييداً لرسوله.
{فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا
169
لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين} قوله تعالى: ﴿قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أخره وأخاه، قاله ابن عباس. الثاني: احبسه وأخاه، قاله قتادة. وفي مشورتهم على فرعون بإرجائه ونهيهم له عن قتله ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم خافوا إن قتلوه أن يفتن الناس بما شاهدوه منه، وأمّلوا إن جاء السحرة أن يغلبوه. الثاني: أنهم شاهدوا من فعله ما بهر عقولهم، فخافوا الهلاك من قتله. الثالث: أن الله صرفهم عن ذلك تثبيتاً لدينه وتأييداً لرسوله.
170
﴿وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل﴾ قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾ في الشرذمة وجهان: أحدهما: أنهم سفلة الناس وأدنياؤهم، قاله الضحاك، ومنه قول الأعشى:
170
الثاني: أنهم العصبة الباقية من عصبة كبيرة وشرذمة كل شيء بقيته القليلة. ويقال لما قطع من فضول النعال من الجلد شراذم، وللقميص إذا خلق شراذم، وأنشد أبو عبيدة.
(وهم الأعبد في أحيائهم لعبيدٍ وتراهم شرذمة.)
(جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منها التواق)
واختلف في عدد بني إسرائيل حين قال فرعون فيهم: إنه لشرذمة قليلون، على أربعة أقاويل: أحدها: ستمائة وتسعين ألفاً، قال مقاتل: لا يعد ابن عشرين سنة لصغيره ولا ابن ستين لكبره، وهو قول السدي. الثالث: كانوا ستمائة ألف مقاتل، قاله قتادة. الرابع: كانوا خمسمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة، وإنما استقل هذا العدد لأمرين: أحدهما: لكثرة من قتل منهم. الثاني: لكثرة من كان معه، حكى السدي أنه كان على مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان ليس فيها ماديانه، وقال الضحاك كانوا سبعة آلاف ألف. قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ﴾ قراءة ابن كثير ونافع، وأبي عمرو، وقرأ الباقون ﴿حَاذِرُونَ﴾ وفيه أربعة أوجه: أحدها: أنهما لغتان ومعناهما واحد، حكاه ابن شجرة وقاله أبو عبيدة واسْتَشْهَد بقول الشاعر:
171
الثاني: أن الحذر المطبوع على الحذر، والحاذر الفاعل الحذر، حكاه ابن عيسى. الثالث: أن الحذر الخائف والحاذر المستعد. الرابع: أن الحذر المتيقظ، والحاذر آخذ السلاح، لأن السلاح يسمى حذراً قاله الله تعالى: ﴿وَخُذُوا حِذْرَكُم﴾ [النساء: ١٠٢] أي سلاحكم، وقرأ ابن عامر. ﴿حَادِرُونَ﴾ بدال غير معجمة وفي تأويله وجهان:: أحدهما: أقوياء من قولهم جمل حادر إذا كان غليظاً. الثاني: مسرعون. قوله تعالى: ﴿وَكُنُوزٍ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: الخزائن. الثاني: الدفائن. الثالث: الأنهار، قاله الضحاك. ﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها المنابر، قاله ابن عباس، ومجاهد. الثاني: مجالس الأمراء، حكاه ابن عيسى. الثالث: المنازل الحسان، قاله ابن جبير. ويحتمل رابعاً: أنها مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عُدة وزينة فصار مقامها أكرم منزول.
172
قوله تعالى :﴿ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ﴾ في الشرذمة وجهان :
أحدهما : أنهم سفلة الناس وأدنياؤهم، قاله الضحاك ومنه قول الأعشى :
(وكنت عليه أحذر الموت وحده فلم يبق لي شيء عليه أحاذره.)
وهم الأعبد في أحيائهم لعبيدٍ وتراهم شرذمة.
الثاني : أنهم العصبة الباقية من عصبة كبيرة وشرذمة كل شيء بقيته القليلة، ويقال لما قطع من فضول النعال من الجلد شراذم، وللقميص إذا خلق شراذم وأنشد أبو عبيدة :
جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منها التواق
واختلف في عدد بني إسرائيل حين قال فرعون فيهم إنه لشرذمة قليلون على أربعة أقاويل :
أحدها : أنهم كانوا ستمائة وتسعين ألفاً، قاله ابن مسعود.
الثاني : ستمائة وعشرون ألفا، قال مقاتل : لا يعد ابن عشرين سنة لصغيره ولا ابن ستين لكبره، وهو قول السدي.
الثالث : كانوا ستمائة ألف مقاتل، قاله قتادة.
الرابع : كانوا خمسمائة ألف وثلاثة آلاف وخمسمائة. وإنما استقل هذا العدد لأمرين :
أحدهما : لكثرة من قتل منهم.
الثاني : لكثرة من كان معه. حكى السدي أنه كان على مقدمته هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان ليس فيها١ ماديانه وقال الضحاك كانوا سبعة آلاف ألف.
١ هكذا في الأصول فليتأمل..
قوله تعالى :﴿ وإنهم لنا لغائظون ﴾ أي مغيظون وفي ذلك ثلاثة أقاويل :
أحدها : لأن بني إسرائيل استعاروا حلى القبط وذهبوا به معهم مغايظة لهم، حكاه النقاش.
الثاني : لقتلهم أبكارهم وهربهم منهم.
الثالث : لخلوصهم من رزقهم وخروجهم من إذلالهم واستخدامهم.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ ﴾ قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وقرأ الباقون ﴿ حَاذِرُونَ ﴾ وفيه أربعة أوجه :
أحدها : أنهما لغتان ومعناهما واحد، حكاه ابن شجرة وقاله أبو عبيدة واسْتَشْهَد بقول الشاعر :
وكنت عليه أحذر الموت وحده فلم يبق لي شيء عليه أحاذره.
الثاني : أن الحذر المطبوع على الحذر، والحاذر الفاعل الحذر، حكاه ابن عيسى.
الثالث : أن الحذر الخائف والحاذر المستعد.
الرابع : أن الحذر المتيقظ. والحاذر آخذ السلاح لأن السلاح يسمى حذراً قاله الله تعالى :
﴿ وَخُذُوا حِذْرَكُم ﴾
[ النساء : ١٠٢ ] أي سلاحكم. وقرأ ابن عامر ﴿ حَادِرُونَ ﴾ بدال غير معجمة وفي تأويله وجهان :
أحدهما : أقوياء من قولهم جمل حادر إذا كان غليظاً.
الثاني : مسرعون.
قوله تعالى :﴿ وَكُنُوزٍ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : الخزائن.
الثاني : الدفائن.
الثالث : الأنهار، قاله الضحاك.
﴿ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها المنابر، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني : مجالس الأمراء، حكاه ابن عيسى.
الثالث : المنازل الحسان، قاله ابن جبير.
ويحتمل رابعاً : أنها مرابط الخيل لتفرد الزعماء بارتباطها عُدة وزينة فصار مقامها أكرم منزول.
{فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم واتل عليهم
172
نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} قوله تعالى ﴿فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: حين أشرقت الشمس بالشعاع، قاله السدي. الثاني: حين أشرقت الأرض بالضياء، قاله قتادة. الثالث: أي بناحية المشرق، قاله أبو عبيدة. قال الزجاج: يقال شرقت الشمس إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت. واختلف في تأخر فرعون وقومه عن موسى وبني إسرائيل حتى أشرقوا على قولين: أحدهما: لاشتغالهم بدفن أبكارهم لأن الوباء في تلك الليلة وقع فيهم. الثاني: لأن سحابة أظلتهم فخافوا وأصبحوا، فانقشعت عنهم. وقرىء ﴿مُشَرِّقِينَ﴾ بالتشديد أي نحو المشرق، مأخوذ من قولهم شرّق وغرّب، إذا سار نحو المشرق والمغرب. ﴿قَالَ: كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أي سيرشدني إلى الطريق. الثاني: معناه سيكفيني، قاله السدي. و ﴿كَلاَّ﴾ كلمة توضع للردع والزجر، وحكي أن موسى لما خرج ببني إسرائيل من مصر أظلم عليهم القمر فقال لقومه: ما هذا؟ فقال علماؤهم: إن يوسف لما حضره الموت أخذ عليها موثقاً من الله ألا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا، قال موسى فأيكم يدري أين قبره؟ قالوا: ما يعلمه إلا عجوز لبني إسرائيل فأرسل إليها
173
فقال: دلِّيني على قبر يوسف، قالت: لا والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي، قال: وما حكمك؟ قالت: حكمي أن أكون معك في الجنة فثقل عليه فقيل له أعطاها حكمها فدلتهم عله فاحتفروه واستخرجوا عظامه، فلما ألقوها فإذا الطريق مثل ضوء النهار. فروى أبو بردة عن أبي موسى: أن النبي ﷺ نزل بأعرابي فأكرمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حَاجَتُكَ) قاله له: ناقة أرحلها وأعنزاً أحلبها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَعَجَزْتَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائيلَ) فقال الصحابة: وما عجوز بني إسرائيل فَذَكَرَ لَهُم حَالَ هَذِهِ العَجُوزِ الَّتِي حَكَمَت عَلَى مُوسَى أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ. قوله تعالى: ﴿فأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ﴾ روى عكرمة عن ابن عباس أن موسى لما بلغ البحر واتبعه فرعون قاله له فتاهُ يوسع بن نون: أين أمرك ربك؟ قال: أمامك، يشير إلى البحر، ثم ذكر أنه أمر أن يضرب بعصاه البحر فضربه، فانفلق له اثنا عشر طريقاً وكانوا اثني عشر سبطاً لكل سبط طريق، عرض كل طريق فرسخان. وقال سعيد بن جبير: كان البحر ساكناً لا يتحرك، فلما كان ليلة ضربه موسى بالعصا صار يمد ويجزر. وحكى النقاش: أن موسى ضرب بعصاه البحر وقد مضى من النهار أربع ساعات، وكان يوم الاثنين عاشر المحرم وهو يوم عاشوراء، قال: والبحر هو نهر النيل ما بين إيلة ومصر وقطعوه في ساعتين، فصارت ست ساعات. ﴿فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾ أي كالجبل العظيم، قاله امرؤ القيس:
(فبينا المرءُ في الأحياء طُوْدٌ رماه الناس عن كَثَبٍ فمالا)
وكان الأسباط لا يرى بعضهم بعضاً فقال كل سبط: قد هلك أصحابنا فدعا موسى ربه فجعل في كل حاجز مثل الكوى حتى رأى بعضهم بعضاً.
174
قوله تعالى: ﴿وَأَرْلَفْنَا ثَمَّ الأَخَرِينَ﴾ فيه وجهان: أحدهما: قربنا إلى البحر فرعون وقومه، قاله ابن عباس: وقتادة، ومنه قول الشاعر:
(وكل يوم مضى أو ليلة سلفت فيه النفوس إلى الآجال تزدلف)
الثاني: جمعنا فرعون وقومه في البحر، قاله أبو عبيدة، وحكي عن أُبي وابن عباس أنهما قرآ: ﴿وَأَزْلَقْنَا﴾ بالقاف من زلق الأقدام، كأقدام فرعون أغرقهم الله تعالى في البحر حتى أزلقهم في طينه الذي في قعره.
175
قوله تعالى :﴿ قال أصحاب موسى أنا لمدركون ﴾ أي لملحقون لأنهم رأوا البحر أمامهم وفرعون وراءهم.
﴿ قَالَ : كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أي سيرشدني إلى الطريق.
الثاني : معناه سيكفيني، قاله السدي.
و ﴿ كَلاَّ ﴾ كلمة توضع للردع والزجر. وحكي أن موسى لما خرج ببني إسرائيل من مصر أظلم عليهم القمر فقال لقومه : ما هذا ؟ فقال علماؤهم : إن يوسف لما حضره الموت أخذ عليها موثقاً من الله ألا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا، قال موسى فأيكم يدري أين قبره ؟ قالوا : ما يعلمه إلا عجوز لبني إسرائيل فأرسل إليها فقال : دلِّيني على قبر يوسف، قالت : لا والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي، قال : وما حكمك ؟ قالت : حكمي أن أكون معك في الجنة فثقل عليه فقيل له أعطها حكمها فدلتهم عليه فاحتفروه واستخرجوا عظامه فلما ألقوها فإذا الطريق مثل ضوء النهار. فروى أبو بردة عن أبي موسى : أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بأعرابي فأكرمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" حَاجَتُكَ " ؟ قاله له : ناقة أرحلها وأعنزاً أحلبها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أَعَجَزْتَ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائيلَ " فقال أصحابه : وما عجوز بني إسرائيل فَذَكَرَ لَهُم حَالَ هَذِهِ العَجُوزِ الَّتِي حَكَمَت عَلَى مُوسَى أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ.
قوله تعالى :﴿ فأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ ﴾ روى عكرمة عن ابن عباس أن موسى لما بلغ البحر واتبعه فرعون قاله له فتاهُ يوشع ابن نون : أين أمرك ربك ؟ قال : أمامك، يشير إلى البحر، ثم ذكر أنه أمر أن يضرب بعصاه البحر فضربه فانفلق له اثنا عشر طريقاً وكانوا اثني عشر سبطاً لكل سبط طريق، عرض كل طريق فرسخان.
وقال سعيد بن جبير : كان البحر ساكناً لا يتحرك فلما كان ليلة ضربه موسى بالعصا صار يمد ويجزر.
وحكى النقاش : أنّ موسى ضرب بعصاه البحر وقد مضى من النهار أربع ساعات وكان يوم الاثنين عاشر المحرم وهو يوم عاشوراء، قال : والبحر هو نهر النيل ما بين إيلة ومصر وقطعوه في ساعتين فصارت ست ساعات.
﴿ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ أي كالجبل العظيم. قاله امرؤ القيس :
فبينا المرءُ في الأحياء طُوْدٌ رماه الناس عن كَثَبٍ فمالا
وكان الأسباط لا يرى بعضهم بعضاً فقال كل سبط : قد هلك أصحابنا فدعا موسى ربه فجعل في كل حاجز مثل الكوى حتى رأى بعضهم بعضاً.
قوله تعالى :﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : قربنا إلى البحر فرعون وقومه، قاله ابن عباس وقتادة ومنه قول الشاعر :
وكل يوم مضى أو ليلة سلفت فيه النفوس إلى الآجال تزدلف
الثاني : جمعنا فرعون وقومه في البحر، قاله أبو عبيدة. وحكي عن أُبيّ وابن عباس أنهما قرآ :﴿ وَأَزْلَقْنَا ﴾ بالقاف من زلق الأقدام، كان قوم فرعون أغرقهم الله تعالى في البحر حتى أزلقهم في طينه الذي في قعره.
﴿الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين﴾ قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ فيه وجهان: أحدهما: الي خلقني بنعمته فهو يهدين لطاعته. الثاني: الذي خلقني لطاعته فهو يهديني لجنته، فإن قيل فهذه صفة لجميع الخلق فكيف جعلها إبراهيم عل هدايته ولم يهتد بها غيره؟ قيل: إنما ذكرها احتجاجاً على وجوب الطاعة، لأن من أنعم وجب أن يطاع ولا يُعصى ليلتزم غيره من الطاعة ما قد التزمها، وهذا إلزام صحيح ثم فصل ذلك بتعديد نعمه عليه وعليهم فقال: ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينَ وَإِذَا مَرِضَتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ وهذا احتجاجاً عليهم لموافقتهم له ثم قال: ﴿وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يَحْيِينِ﴾ وهذا قوله استدلالاً ولم يقله احتجاجاً، لأنهم خالفوه فيه، فبين لهم أن ما وافقوه عليه موجب لما خالفوه فيه. وتجوز بعض المتعمقة في غوامض المعاني فعدل بذلك عن ظاهره إلى ما
175
تدفعه بداهة العقول فتأول ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾ أي يطعمني لذة الإيمان ويسقيني حلاوة القبول. وفي قوله: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ وجهان: أحدهما: إذا مرضت بمخالفته شفاني برحمته. الثاني: مرضت بمقاساة الخلق شفاني بمشاهدة الحق. وتأولوا قوله: ﴿وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ﴾ على ثلاثة أوجه: أحدها: والذي يميتني بالمعاصي ويحييني بالطاعات. الثاني: يميتني بالخوف ويحييني بالرجاء. الثالث: يميتني بالطمع ويحييني بالقناعة. وهذه تأويلات تخرج عن حكم الاحتمال إلى جهة الاستطراف، فلذلك ذكرناها وإن كان حذفها من كتابنا أوْلى.
176
﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينَ وَإِذَا مَرِضَتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ وهذا احتجاجاً عليهم لموافقتهم له
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٧٩:﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينَ وَإِذَا مَرِضَتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ وهذا احتجاجاً عليهم لموافقتهم له
ثم قال :﴿ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يَحْيِينِ ﴾ وهذا قوله استدلالاً ولم يقله احتجاجاً لأنهم خالفوه فيه فبيّن لهم أن ما وافقوه عليه موجب لما خالفوه فيه.
وتجوّز بعض المتعمقة في غوامض المعاني فعدل بذلك عن ظاهره إلى ما تدفعه بداهة العقول فتأول ﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ أي يطعمني لذة الإيمان ويسقيني حلاوة القبول.
وفي قوله :﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴾ وجهان :
أحدهما : إذا مرضت بمخالفته شفاني برحمته.
الثاني : مرضت بمقاساة الخلق شفاني بمشاهدة الحق.
وتأولوا قوله :﴿ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴾ على ثلاثة أوجه :
أحدها : والذي يميتني بالمعاصي ويحييني بالطاعات.
الثاني : يميتني بالخوف ويحييني بالرجاء.
الثالث : يميتني بالطمع ويحييني بالقناعة. وهذه تأويلات تخرج عن حكم الاحتمال إلى جهة الاستطراف فلذلك ذكرناها وإن كان حذفها من كتابنا أوْلى.
﴿رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لأبي إنه كان من الضالين ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم﴾ قوله تعالى: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنه اللب، قاله عكرمة. الثاني: العلم، قاله ابن عباس. الثالث: القرآن، قاله مجاهد. الرابع: النبوة، قاله السدي. ويحتمل خامساً: أنه إصابة الحق في الحكم. ﴿وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ قال عبد الرحمن بن زيد: مع الأنبياء والمؤمنين. ويحتمل وجهين: أحدهما: بالصالحين من أصفيائك في الدنيا. الثاني: بجزاء الصالحين في الآخرة ومجاورتهم في الجنة.
176
قوله تعالى: ﴿وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: ثناء حسناً في الأمم كلها، قاله مجاهد، وقتادة، وجعله لساناً لأنه يكون باللسان. الثاني: أن يؤمن به أهل كل ملة، قاله ليث بن أبي سليم. الثالث: أن يجعل من ولده من يقول بالحق بعده، قاله علي بن عيسى. ويحتمل رابعاً: أن يكون مصدقاً في جمع الملل وقد أجيب إليه. قوله تعالى: ﴿وَاغْفِرْ لأَبِي﴾ الآية. في أبيه قولان: أحدهما: أنه كان يسر الإيمان ويظهر الكفر فعلى هذا يصح الاستغفار له. الثاني: وهو الأظهر أنه كان كافراً في الظاهر والباطن. فعلى هذا في استغفاره له قولان: أحدهما: أنه سأل أن يغفر له في الدنيا ولا يعاقبه فيها. والثاني: أنه سأل أن يغفر له سيئاته التي عليه والتي تسقط بعفوه. قوله تعالى: ﴿بِقَلْبٍ﴾ فيه خمسة أوجه: أحدها: سليم من الشك، قاله مجاهد. الثاني: سليم من الشرك، قاله الحسن، وابن زيد. الثالث: من المعاصي، لأنه إذا سلم القلب سلمت الجوارح. الرابع: أنه الخالص، قاله الضحاك. الخامس: أنه الناصح في خلقه، قاله عبد الرحمن بن أبي حاتم. ويحتمل سادساً: سليم القلب من الخوف في القيامة لما تقدم من البشرى عند المعاينة.
177
قوله تعالى :﴿ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ثناء حسناً في الأمم كلها، قاله مجاهد وقتادة، وجعله لساناً لأنه يكون باللسان.
الثاني : أن يؤمن به أهل كل ملة، قاله ليث بن أبي سليم.
الثالث : أن يجعل من ولده من يقول بالحق بعده، قاله علي بن عيسى.
ويحتمل رابعاً : أن يكون مصدقاً في جمع الملل وقد أجيب إليه.
قوله تعالى :﴿ وَاغْفِرْ لأَبِي ﴾ الآية. في أبيه قولان :
أحدهما : أنه كان يسر الإيمان ويظهر الكفر فعلى هذا يصح الاستغفار له.
الثاني : وهو الأظهر أنه كان كافراً في الظاهر والباطن.
فعلى هذا في استغفاره له قولان :
أحدهما : أنه سأل أن يغفر له في الدنيا ولا يعاقبه فيها.
والثاني : أنه سأل أن يغفر له سيئاته التي عليه والتي تسقط بعفوه.
قوله تعالى :﴿ بِقَلْبٍ ﴾ فيه خمسة أوجه :
أحدها : سليم من الشك، قاله مجاهد.
الثاني : سليم من الشرك، قاله الحسن وابن زيد.
الثالث : من المعاصي، لأنه إذا سلم القلب سلمت الجوارح.
الرابع : أنه الخالص، قاله الضحاك.
الخامس : أنه الناصح في خلقه، قاله عبد الرحمن بن أبي حاتم.
ويحتمل سادساً : سليم القلب من الخوف في القيامة لما تقدم من البشرى عند المعاينة.
{وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين
177
إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} قوله تعالى: ﴿فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُم وَالْغَاوُونَ﴾ فيها أربعة أوجه: أحدها: معناه جمعوا فيها النار، قاله ابن عباس. الثاني: طرحوا فيها على وجوههم، قاله ابن زيد، وقطرب. الثالث: نكسوا فيها على رؤؤسهم، قاله السدي، وابن قتيبة. الرابع: قلب بعضهم على بعض، قاله اليزيدي، قال الشاعر:
(يقول لهم رسول الله لما قذفناهم كباكب في القَليب)
﴿هُم وَالْغَاوُونَ﴾ يعني الآلهة التي يعبدون. وفي الغاوين قولان: أحدهما: المشركون، قاله ابن عباس. الثاني: الشياطين، قاله قتادة. ﴿وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾ فيهم قولان: أحدهما: أنهم أعوانه من الجن. الثاني: أتباعه من الإنس. قوله تعالى: ﴿فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ﴾ فيهم قولان: أحدهما: الملائكة. الثاني: من الناس. ﴿وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾ فيه وجهان: أحدهما: أنه الشقيق: قاله مجاهد. الثاني: القريب النسيب، يقال حم الشيء إذا قرب ومنه الحمى لأنها تقرب الأجل، قال قيس بن ذريح:
(لعل لبنى اليوم حُمّ لقاؤها وببعض بلاء إِنَّ ما حُمَّ واقِعُ)
وقال ابن عيسى: إنما سمي القريب حميماً لأنه يحمى بغضب صاحبه، فجعله
178
مأخوذاً من الحمية، وقال قتادة: يذهب الله يومئذٍ مودة الصديق، ورقة الحميم.
179
قوله تعالى :﴿ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُم وَالْغَاوُونَ ﴾ فيها أربعة أوجه :
أحدها : معناه جمعوا فيها أي في النار، قاله ابن عباس.
الثاني : طرحوا فيها على وجوههم، قاله ابن زيد وقطرب.
الثالث : نكسوا فيها على رؤؤسهم، قاله السدي وابن قتيبة.
الرابع : قلب بعضهم على بعض، قاله اليزيدي. قال الشاعر :
يقول لهم رسول الله لما قذفناهم كباكب في القَليب
﴿ هُم وَالْغَاوُونَ ﴾ يعني الآلهة التي يعبدون.
وفي الغاوين قولان :
أحدهما : المشركون، قاله ابن عباس.
الثاني : الشياطين، قاله قتادة.
﴿ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ﴾ فيهم قولان :
أحدهما : أنهم أعوانه من الجن.
الثاني : أتباعه من الإنس.
قوله تعالى :﴿ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ ﴾ فيهم قولان :
أحدهما : الملائكة.
الثاني : من الناس.
﴿ وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه الشقيق، قاله مجاهد.
الثاني : القريب النسيب، يقال حم الشيء إذا قرب ومنه الحمى لأنها تقرب الأجل. قال قيس بن ذريح :
لعلّ لبنى اليوم حُمّ لقاؤها ببعض بلاد إِنَّ ما حُمَّ واقِعُ
وقال ابن عيسى : إنما سمي القريب حميماً لأنه يحمى بغضب صاحبه، فجعله مأخوذاً من الحميّة، وقال قتادة : يذهب الله يومئذٍ مودة الصديق، ورقة الحميم.
﴿كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين﴾ قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ﴾ فيه خمسة أقاويل: أحدها: أنهم الذين يسألون ولا يقنعون. الثاني: أنهم المتكبرون. الثالث: سفلة الناس وأراذلهم، قاله قتادة. الرابع: أنهم الحائكون، قاله مجاهد. الخامس: أنهم الأساكفة، قاله ابن بحر. ويحتمل سادساً: أنهم أصحاب المهن الرذلة كلها.
قوله تعالى :﴿ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ ﴾ فيه خمسة أقاويل :
أحدها : أنهم الذين يسألون ولا يقنعون.
الثاني : أنهم المتكبرون.
الثالث : سفلة الناس وأراذلهم، قاله قتادة.
الرابع : أنهم الحائكون، قاله مجاهد.
الخامس : أنهم الأساكفة، قاله ابن بحر.
ويحتمل سادساً : أنهم أصحاب المهن الرذلة كلها.
﴿قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم﴾ قوله تعالى: ﴿لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُرْجُومِينَ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: بالحجارة، قاله قتادة. الثاني: بالقتل، قاله محمد بن الحسن. الثالث: بالشتيمة، قاله السدي. قال أبو داود:
179
قوله تعالى: ﴿فَافْتَحْ بَيْنِي وِبَيْنَهُمْ فَتْحاً﴾ قال قتادة والسدي: معنا واقض بيني وبينهم قضاء، وهو أن ينجيه ومن معه من المؤمنين ويفرق الكافرين، ولم يدعُ نوح ربه عليه إلا بعد أن أعلمه، ﴿أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْءَامَنَ﴾ [هود: ٣٦] فحينئذ دعا عليهم.
180
قوله تعالى :﴿ فَافْتَحْ بَيْنِي وِبَيْنَهُمْ فَتْحاً ﴾ قال قتادة والسدي : معناه : واقض بيني وبينهم قضاء، وهو أن ينجيه ومن معه من المؤمنين ويغرق الكافرين. ولم يدعُ نوح ربه عليهم إلا بعد أن أعلمه﴿ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ ﴾[ هود : ٣٦ ] فحينئذ دعا عليهم.
﴿كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم﴾ قوله تعالى: ﴿أَتَبْنُونَ بَكُلِّ رِيعٍ﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: أن الريع الطريق، قاله السدي، ومنه قول المسيب بن علي:
(في الآل يخفضها ويرفعها... ريع يلوح كأنه سحل)
السحل: الثوب الأبيض، شبه الطريق به. الثاني: أنه الثنية الصغيرة، قاله مجاهد. الثالث: أنه السوق، حكاه الكلبي. الرابع: أنه الفج بين الجبلين، قاله مجاهد. الخامس: أنه الجبال، قاله أبو صخر. السادس: أنه المكان المشرف من الأرض، قاله ابن عباس، قال ذو الرمة:
(طِراق الخوافي مشرق فوق ريعهِ... ندى ليله في ريشه يترقرق)
180
﴿ءَايةٍ تَعْبَثُونَ﴾ في آية ثلاثة أوجه: أحدها: البنيان، قاله مجاهد. الثاني: الأعلام، قاله ابن عباس. الثالث: أبراج الحمام، حكاه ابن أبي نجيح. وفي العبث قولان: أحدها: اللهو واللعب، قاله عطية. الثاني: أنه عبث العشّارين بأموال من يمر بهم، قاله الكلبي. قوله تعالى: ﴿وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ﴾ فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: القصور المشيدة، قاله مجاهد، ومنه قول الشاعر:
(صدّت غواة معدٍّ أن تراجمنى كما يصدون عن لب كجفان)
(تركنا ديارهم منهم قفاراً وهَدّمنا المصانع والبُروجا)
الثاني: أنها مآجل الماء تحت الأرض، قاله قتادة، ومنه قول لبيد:
(بَلينا وما تبلى النجوم الطوالع وتبقى الجبال بعدنا والمصانع)
الثالث: أنها بروج الحمام، قاله السدي. ﴿لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ﴾ أي كأنكم تخلدون باتخاذكم هذه الأبينة، وحكى قتادة: أنها في بعض القراءات: كأنكم خالدون. قوله تعالى: ﴿وَإذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أقوياء، قاله ابن عباس. الثاني: هو ضرب السياط، قاله مجاهد.
181
الثالث: هو القتل بالسيف في غير حق، حكاه يحيى بن سلام. وقال الكبي: هو القتل على الغضب. ويحتمل رابعاً: أنه المؤاخذة على العمد والخطأ من غير عفو ولا إبقاء.
182
قوله تعالى :﴿ أَتَبْنُونَ بَكُلِّ رِيعٍ ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : أن الريع الطريق، قاله السدي، ومنه قول المسيب بن علي :
في الآل يخفضها ويرفعها *** ريع يلوح كأنه سحل١
السحل : الثوب الأبيض، شبه الطريق به.
الثاني : أنه الثنية الصغيرة، قاله مجاهد.
الثالث : أنه السوق، حكاه الكلبي.
الرابع : أنه الفج بين الجبلين، قاله مجاهد.
الخامس : أنه الجبال، قاله أبو صخر.
السادس : أنه المكان المشرف من الأرض، قاله ابن عباس، قال ذو الرمة :
طِراق الخوافي مشرق فوق ريعةِ *** ندى ليله في ريشه يترقرق٢
﴿ آيةٍ تَعْبَثُونَ ﴾ في آية ثلاثة أوجه :
أحدها : البنيان، قاله مجاهد.
الثاني : الأعلام، قاله ابن عباس.
الثالث : أبراج الحمام، حكاه ابن أبي نجيح.
وفي العبث قولان :
أحدها : اللهو واللعب، قاله عطية.
الثاني : أنه عبث العشّارين بأموال من يمر بهم، قاله الكلبي.
١ الأل: السراب..
٢ يصف الشاعر بازيا..
قوله تعالى :﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ ﴾ فيها ثلاثة أقاويل :
أحدها : القصور المشيدة، قاله مجاهد. ومنه قول الشاعر :
تركنا ديارهم منهم قفاراً وهَدّمنا المصانع والبُروجا
الثاني : أنها مآجل الماء تحت الأرض، قاله قتادة، ومنه قول لبيد :
بَلينا وما تبلى النجوم الطوالع وتبقى الجبال بعدنا والمصانع
الثالث : أنها بروج الحمام، قاله السدي.
﴿ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾ أي كأنكم تخلدون باتخاذكم هذه الأبينة، وحكى قتادة :
أنها في بعض القراءات : كأنكم خالدون.
قوله تعالى :﴿ وَإذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أقوياء، قاله ابن عباس.
الثاني : هو ضرب السياط، قاله مجاهد.
الثالث : هو القتل بالسيف في غير حق، حكاه يحيى بن سلام.
وقال الكبي : هو القتل على الغضب.
ويحتمل رابعاً : أنه المؤاخذة على العمد والخطأ من غير عفو ولا إبقاء.
﴿قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إن هذا إلا خلق الأولين وما نحن بمعذبين فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين﴾ قوله تعالى ﴿إِنْ هَذا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: دين الأولين، قاله ابن عباس. الثاني: كدأب الأولين، قاله مجاهد. الثالث: عادة الأولين، قاله الفراء. الرابع: يعني أن الأولين قبلنا كانوا يموتون فلا يبعثون ولا يحاسبون، قاله قتاة.
قوله تعالى ﴿ إِنْ هَذا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : دين الأولين، قاله ابن عباس.
الثاني : كدأب الأولين، قاله مجاهد.
الثالث : عادة الأولين، قاله الفراء.
الرابع : يعني أن الأولين قبلنا كانوا يموتون فلا يبعثون ولا يحاسبون، قاله قتادة.
﴿أتتركون في ما ها هنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون﴾ قوله تعالى: ﴿وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ فيه عشرة تأويلات: أحدها: أنه الرطب اللين، قاله عكرمة. الثاني: المذنب من الرطب، قاله ابن جبير. الثالث: أنه الذي ليس فيه نوى، قاله الحسن. الرابع: أنه المتهشم المتفتت إذا مس تفتّت، قاله مجاهد.
182
الخامس: المتلاصق بعضه ببعض، قاله أبو صخر. السادس: أنه الطلع حين يتفرق ويخضر، قاله الضحاك. السابع: اليانع النضيج، قاله ابن عباس. الثامن: أنه المتنكر قبل أن ينشق عنه القشر، حكاه ابن شجرة، قال الشاعر:
(كأن حمولة تجلى عليه هضيم ما يحس له شقوقُ)
التاسع: أنه الرخو، قال الحسن. العاشر: أنه اللطيف، قاله الكلبي. ويحتمل أن يكون الهضيم هو الهاضم المريء. والطلع اسم مشتق من الطلوع وهو الظهور، ومنه طلوع الشمس والقمر والنبات. قوله تعالى: ﴿فَرِهِينَ﴾ قرأ بذلك أبو عمرو، وابن كثير، ونافع، وقرأ الباقون ﴿فَارِهِينَ﴾ بالألف فمن قرأ ﴿فَرِهِينَ﴾ ففي تأويله ستة أوجه: أحدها: شرهين، قاله مجاهد. الثاني: معجبين، قاله خصيف. الثالث: آمنين، قاله قتادة. الرابع: فرحين، حكاه ابن شجرة. الخامس: بطرين أشرين، قاله ابن عباس. السادس: متخيرين، قاله الكلبي. ومنه قول الشاعر:
(إلى فره يماجدُ كلَّ أمْرٍ قصدت له لأختبر الطّباعَا)
ومن قرأ: ﴿فَارِهِينَ﴾ ففي تأويله أربعة أوجه: أحدها: معناه كيّسين قاله ال. الثاني: حاذقين: قاله أبو صالح، مأخوذ من فراهة الصنعة، وهو قول ابن عباس.
183
الثالث: قادرين، قاله ابن بحر. الرابع: أنه جمع فارِه، والفاره المرح، قاله أبو عبيدة، وأنشد لعدي بن الرقاع الغنوي:
(لا أستكين إذا ما أزمة أزمت ولن تراني بخير فاره اللبب)
أي من اللبب.
184
قوله تعالى :﴿ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾ فيه عشرة تأويلات :
أحدها : أنه الرطب اللين، قاله عكرمة.
الثاني : المذنب من الرطب، قاله ابن جبير.
الثالث : أنه الذي ليس فيه نوى، قاله الحسن.
الرابع : أنه المتهشم المتفتت إذا مس تفتّت، قاله مجاهد.
الخامس : المتلاصق بعضه ببعض، قاله أبو صخر.
السادس : أنه الطلع حين يتفرق ويخضر، قاله الضحاك.
السابع : اليانع النضيج، قاله ابن عباس.
الثامن : أنه المكتنز قبل أن ينشق عنه القشر، حكاه ابن شجرة قال الشاعر :
كأن حمولة تجلى عليه هضيم ما يحس له شقوقُ
التاسع : أنه الرخو، قال الحسن.
العاشر : أنه اللطيف، قاله الكلبي.
ويحتمل أن يكون الهضيم هو الهاضم المريء.
والطلع اسم مشتق من الطلوع وهو الظهور، ومنه طلوع الشمس والقمر والنبات.
قوله تعالى :﴿ فَرِهِينَ ﴾ قرأ بذلك أبو عمرو وابن كثير ونافع، وقرأ الباقون ﴿ فَارِهِينَ ﴾ بالألف فمن قرأ ﴿ فَرِهِينَ ﴾ ففي تأويله ستة أوجه :
أحدها : شرهين، قاله مجاهد.
الثاني : معجبين، قاله خصيف.
الثالث : آمنين، قاله قتادة.
الرابع : فرحين، حكاه ابن شجرة.
الخامس : بطرين أشرين، قاله ابن عباس.
السادس : متخيرين، قاله الكلبي، ومنه قول الشاعر :
إلى فره يماجدُ كلَّ أمْرٍ قصدت له لأختبر الطّباعَا
ومن قرأ :﴿ فَارِهِينَ ﴾ ففي تأويله أربعة أوجه :
أحدها : معناه كيّسين قاله الضحاك.
الثاني : حاذقين : قاله أبو صالح، مأخوذ من فراهة الصنعة، وهو قول ابن عباس.
الثالث : قادرين، قاله ابن بحر.
الرابع : أنه جمع فارِه، والفاره المرح، قاله أبو عبيدة وأنشد لعدي بن الرقاع الغنوي :
لا أستكين إذا ما أزمة أزمت ولن تراني بخير فاره اللبب
أي من اللبب.
﴿قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين﴾ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ المُسَحَّرِينَ﴾ فيه سبعة تأويلات: أحدها: من المسحورين، قاله مجاهد. الثاني: من السكرانين، قاله قتادة. الثالث: من المخلوقين، قاله ابن عباس. الرابع: من المخدوعين، قاله سهل بن عبد الله. الخامس: أن المسحر الذي ليس له شيء ولا يملك، وهو المقل، أي لست بملك فيبقى، وهذا معنى قول الكلبي. السادس: ممن له سحر أي رقية، حكاه ابن عيسى. السابع: ممن يأكل ويشرب، حكاه ابن شجرة، ومنه قول لبيد:
(إن تسألينا فيم نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسحر)
أي المعلل بالطعام والشراب، قال امرؤ القيس:
﴿وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين﴾ قوله تعالى: ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ﴾ فيه خمسة تأويلات: أحدها: أنه القبان، قاله الحسن. الثاني: الحديد، رواه ابن المبارك. الثالث: أنه المعيار، قاله الضحاك. الرابع: الميزان، قاله الأخفش والكلبي. الخامس: العدل. واختلف قائلو هذا التأويل فيه هل هو عربي أو رومي؟ فقال مجاهد والشعبي: هو العدل بالرومية، وقال أبو عبيدة وابن شجرة: هو عربي وأصله القسط وهو العدل،
185
ومنه قوله تعالى: ﴿قَائِماً بِالْقِسْطِ﴾ [آل عمران: ١٨] أي بالعدل. قوله تعالى: ﴿... وَلاَ تَعْثَواْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ فيه قولان: أحدها: معناه ولا تمشوا فيها بالمعاصي، قاله أبو مالك. الثاني: لا تمشوا فيها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل، قاله ابن المسيب. ويحتمل ثالثاً: أن عبث المفسد ما ضر غيره ولم ينفع نفسه. قوله تعالى: ﴿وَالجِبِلَّةِ﴾ يعني الخليقة، قال امرؤ القيس:
(والموت أعظم حادثٍ... فيما يمر على الجبلة)
﴿الأَوَّلِينَ﴾ يعني الأمم الخالية، والعرب تكسر الجيم والباء من الجبلة، وقد تضمها وربما أسقطت الهاء كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً﴾ [يس: ٦٢]. قال أبو ذؤيب:
(صناتا يقربن الحتوف لأهلها... جهازاً ويستمتعن بالأنس الجبل)
186
قوله تعالى :﴿ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ﴾ فيه خمسة تأويلات :
أحدها : أنه القبّان، قاله الحسن.
الثاني : الحديد، رواه المبارك.
الثالث : أنه المعيار، قاله الضحاك.
الرابع : الميزان، قاله الأخفش والكلبي.
الخامس : العدل.
واختلف قائلو هذا التأويل فيه هل هو عربي أو رومي ؟ فقال مجاهد والشعبي : هو العدل بالرومية. وقال أبو عبيدة وابن شجرة : هو عربي وأصله القسط وهو العدل، ومنه قوله تعالى :
﴿ قَائِماً بِالْقِسْطِ ﴾
[ آل عمران : ١٨ ] أي بالعدل.
قوله تعالى :﴿. . . وَلاَ تَعْثَوا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ فيه وجهان :
أحدها : معناه ولا تمشوا فيها بالمعاصي، قاله أبو مالك.
الثاني : لا تمشوا فيها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل، قاله ابن المسيب.
ويحتمل ثالثاً : أن عبث المفسد ما ضر غيره ولم ينفع نفسه.
قوله تعالى :﴿ وَالجِبِلَّةِ ﴾ يعني الخليقة، قال امرؤ القيس :
والموت أعظم حادثٍ *** فيما يمر على الجبلة
﴿ الأَوَّلِينَ ﴾ يعني الأمم الخالية. والعرب تكسر الجيم والباء من الجبلة، وقد تضمها وربما أسقطت الهاء كما قال تعالى :
﴿ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً ﴾
[ يس : ٦٢ ]. قال أبو ذؤيب :
منايا يقرّبن الحتوف لأهلها *** جهاراً ويستمتعن بالأنس الجبل
﴿قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم﴾ قوله تعالى: ﴿كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: جانباً من السماء، قاله الضحاك. الثاني: قطعاً، قاله قتادة. الثالث: عذاباً، قاله السدي، قال الشاعر:
186
(أرانا موضعين لأمر غيب ونسحر بالطعام وبالشراب)
187
قوله تعالى :﴿ كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ فيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : جانباً من السماء، قاله الضحاك.
الثاني : قطعاً، قاله قتادة.
الثالث : عذاباً، قاله السدي قال الشاعر :
(وُدّي لها خالص في القلب مجتمع وودها فاعلمي كسف لما فوق)
وُدّي لها خالص في القلب مجتمع وودها فاعلمي كسف لما فوق١
﴿وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين﴾ قوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ﴾ يعني القرآن. ﴿الرُّوحُ الأمِينُ﴾ يعني جبريل. ﴿عَلَى قَلْبِكَ﴾ يعني محمد صلى الله عليه وسلم. ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ يعني لأمتك. ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِّيٍ مُبِينٍ﴾ يعني أن لسان القرآن عربي مبين لأن المنزل عليه عربي، والمخاطبون به عرب ولأنه تحدى بفصاحته فصحاء العرب. وفي اللسان العربي قولان: أحدهما: لسان جرهم، قاله أبو برزة. الثاني: لسان قريش، قاله مجاهد.
قوله تعالى :﴿ نَزَلَ بِهِ ﴾ يعني القرآن.
﴿ الرُّوحُ الأمِينُ ﴾ يعني جبريل.
﴿ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ يعني محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴾ يعني لأمتك.
﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِّيٍ مُبِينٍ ﴾ يعني أن لسان القرآن عربي مبين لأن المنزل عليه عربي، والمخاطبون به عرب، ولأنه تحدى بفصاحته فصحاء العرب.
وفي اللسان العربي قولان :
أحدهما : لسان جرهم، قاله أبو برزة.
الثاني : لسان قريش، قاله مجاهد.
﴿وإنه لفي زبر الأولين أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ولو نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين﴾ قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ﴾ يعني كتب الأولين من التوراة والإنجيل وغيرها من الكتب. وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن المراد به ذكر القرآن في زبر الأولين، قاله قتادة. الثاني: بعث محمد ﷺ في زبر الأولين، قاله السدي. الثالث: ذكر دينك وصفة أمتك في زبر الأولين، قاله الضحاك.
{كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم
187
فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين} قوله تعالى: ﴿كَذلِكَ سَلَكْنَاهُ﴾ فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: كذلك أدخلنا الشرك، قاله أنس بن مالك. الثاني: التكذيب، قاله يحيى بن سلام. الثالث: القسوة، قاله عكرمة.
188
﴿وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون﴾ قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم لمصروفون عن السمع للقرآن. الثاني: أنهم مصروفون عن فهمه وإن سمعوه. الثالث: أنهم مصروفون عن العمل به وإن سمعوه وفهموه.
قوله تعالى :﴿ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم لمصروفون عن السمع للقرآن.
الثاني : أنهم مصروفون عن فهمه وإن سمعوه.
الثالث : أنهم مصروفون عن العمل به وإن سمعوه وفهموه.
﴿فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم﴾ قوله تعالى: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ فيه أربعة أوجه: أحدها: حين تقوم في الصلاة، قاله ابن عباس. الثاني: حين تقوم من فراشك ومجلسك، قاله الضحاك.
188
الثالث: يعني قائماً وجالساً وعلى حالاتك كلها، قاله قتادة. الرابع: يعني حين تخلو، قاله الحسن، ويكون القيام عبارة عن الخلوة لوصوله إليها بالقيام عن ضدها. قوله تعالى: ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبياً، قاله ابن عباس. الثاني: يرى تقلبك في صلاتك وركوعك وسجودك، حكاه ابن جرير. الثالث: أنك ترى تقلبك في صلاتك من خلفك كما ترى بعينك من قدامك، قاله مجاهد. الرابع: معناه وتصرفك في الناس، قاله الحسن لتقلبه في أحواله وفي أفعاله. الخامس: تقلب ذكرك وصفتك على ألسنة الأنبياء من قبلك. السادس: أن معنى قوله ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ إذا صليت منفرداً ﴿وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾ إذا صليت في الجماعة، قاله قتادة. ويحتمل سابعاً: الذي يراك حين تقوم لجهاد المشركين، ﴿وَتَقَلُّبَكَ في السَّاجِدِينَ﴾ فيما تريد به المسلمين وتشرعه من أحكام الدين.
189
قوله تعالى :﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ فيه أربعة أوجه :
أحدها : حين تقوم في الصلاة، قاله ابن عباس.
الثاني : حين تقوم من فراشك ومجلسك، قاله الضحاك.
الثالث : يعني قائماً وجالساً وعلى حالاتك كلها، قاله قتادة.
الرابع : يعني حين تخلو، قاله الحسن. ويكون القيام عبارة عن الخلوة لوصوله إليها بالقيام عن ضدها.
قوله تعالى :﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ فيه ستة تأويلات :
أحدها : من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبياً، قاله ابن عباس.
الثاني : يرى تقلبك في صلاتك وركوعك وسجودك، حكاه ابن جرير.
الثالث : أنك ترى تقلبك في صلاتك من خلفك كما ترى بعينك من قدامك، قاله مجاهد.
الرابع : معناه وتصرفك في الناس، قاله الحسن لتقلبه في أحواله وفي أفعاله.
الخامس : تقلب ذكرك وصفتك على ألسنة الأنبياء من قبلك.
السادس : أن معنى قوله ﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ إذا صليت منفردا. ً ﴿ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ إذا صليت في الجماعة، قاله قتادة.
ويحتمل سابعاً : الذي يراك حين تقوم لجهاد المشركين، ﴿ وَتَقَلُّبَكَ في السَّاجِدِينَ ﴾ فيما تريد به المسلمين وتشرعه من أحكام الدين.
﴿هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون﴾ قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونُ﴾ يعني إذا غضبوا سبوا، وفيهم أربعة أقاويل: أحدها: أنهم الشياطين، قاله مجاهد. الثاني: المشركون، قاله ابن زيد. الثالث: السفهاء، قاله الضحاك.
189
الرابع: الرواة، قاله ابن عباس. ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ﴾ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: في كل فن من الكلام يأخذون، قاله ابن عباس. الثاني: في كل لغو يخوضون، قاله قطرب، ومنه قول الشاعر:
(إني لمعتذر إليك من الذي أسديت إذ أنا في الضلال أهيم)
الثالث: هو أن يمدح قوماً بباطل، ويذم قوماً بباطل، قاله قتادة. وفي الهائم وجهان: أحدهما: أنه المخالف في القصد، قاله أبو عبيدة. الثاني: أنه المجاوز للحد. ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ﴾ يعني ما يذكرونه في شعرهم من الكذب بمدح أو ذم أو تشبيه أو تشبيب. ﴿إِلاَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ تقديره فإنهم لا يتبعهم الغاوون ولا يقولون ما لا يفعلون. روي أن عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت أتوا رسول الله ﷺ حين نزل ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ فبكواْ عنده وقالوا: هلكنا يا رسول الله،
190
فأنزل الله ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ فقرأها عليهم حتى بلغ إلى قوله: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ فقال: أنتم. ﴿وَذَكرُواْ اللَّهَ كَثِيراً﴾ فيه وجهان: أحدهما: في شعرهم. الثاني: في كلامهم. ﴿وَانتَصَرُواْ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ﴾ أي ردّوا على المشركين ما كانوا يهجون به المؤمنين فقاتلوهم عليه نصرة للمؤمنين وانتقاماً من المشركين. ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ وهذا وعيد يراد به من هجا رسول الله ﷺ من الشعراء لكل كافر من شاعر وغير شاعر سيعلمون يوم القيامة أي مصير يصيرون وأي مرجع يرجعون، لأن مصيرهم إلى النار وهو أقبح مصير، ومرجعهم إلى العذاب وهو شر مرجع. والفرق بين المنقلب والمرجع أن المنقلب الانتقال إلى ضد ما هو فيه والمرجع العود من حال هو فيها إلى حال كان عليها، فصارإلى مرجع منقلباً وليس كل منقلب مرجعاً.
191
سورة النمل

بسم الله الرحمن الرحيم

192
قوله تعالى :﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونُ ﴾ يعني إذا غضبوا سبوا. وفيهم أربعة أقاويل :
أحدها : أنهم الشياطين، قاله مجاهد.
الثاني : المشركون، قاله ابن زيد.
الثالث : السفهاء، قاله الضحاك.
الرابع : الرواة، قاله ابن عباس.
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : في كل فن من الكلام يأخذون، قاله ابن عباس.
الثاني : في كل لغو يخوضون. قاله قطرب، ومنه قول الشاعر١ :
إني لمعتذر إليك من الذي أسديت إذ أنا في الضلال أهيم
الثالث : هو أن يمدح قوماً بباطل، ويذم قوماً بباطل، قاله قتادة.
<وفي الهائم وجهان :
أحدهما : أنه المخالف في القصد، قاله أبو عبيدة.
الثاني : أنه المجاوز للحد>٢.
١ هو عبد الله بن الزبعري..
٢ سقط من ك..
﴿ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ﴾ يعني ما يذكرونه في شعرهم من الكذب بمدح أو ذم أو تشبيه أو تشبيب.
﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ تقديره فإنهم لا يتبعهم الغاوون ولا يقولون ما لا يفعلون.
روي أن عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴾ فبكوا عنده وقالوا : هلكنا يا رسول الله،
﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ تقديره فإنهم لا يتبعهم الغاوون ولا يقولون ما لا يفعلون.
روي أن عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴾ فبكوا عنده وقالوا : هلكنا يا رسول الله،
فأنزل الله ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ فقرأها عليهم حتى بلغ إلى قوله :﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ فقال : أنتم.
﴿ وَذَكرُوا اللَّهَ كَثِيراً ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : في شعرهم.
الثاني : في كلامهم.
﴿ وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ﴾ أي ردّوا على المشركين ما كانوا يهجون به المؤمنين فقابلوهم عليه نصرة للمؤمنين وانتقاماً من المشركين.
﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ وهذا وعيد يراد به من هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعراء لكل كافر من شاعر وغير شاعر، سيعلمون يوم القيامة أي مصير يصيرون وأي مرجع يرجعون، لأن مصيرهم إلى النار وهو أقبح مصير، ومرجعهم إلى العذاب وهو شر مرجع.
والفرق بين المنقلب والمرجع أن المنقلب الانتقال إلى ضد ما هو فيه، والمرجع العود من حال هو فيها إلى حال كان عليها فصار كل مرجع منقلباً وليس كل منقلب مرجعاً.
Icon