تفسير سورة الشعراء

الموسوعة القرآنية
تفسير سورة سورة الشعراء من كتاب الموسوعة القرآنية المعروف بـالموسوعة القرآنية .
لمؤلفه إبراهيم الإبياري . المتوفي سنة 1414 هـ

(٢٦) سورة الشعراء

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

طسم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (٤)
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (٥)
١- طسم:
بتفخيم الألف وإمالتها، وإظهار النون وإدغامها. والمعنى: آيات هذا الكتاب من الحروف المبسوطة.
٢- تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ:
الْمُبِينِ الظاهر إعجازه.
والمراد السورة أو القرآن.
٣- لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ:
لَعَلَّكَ للإشفاق.
باخِعٌ نَفْسَكَ أي قاتل نفسك ومهلكها.
أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ لئلا يؤمنوا، أو لامتناع ايمانهم، أو خيفة أن لا يؤمنوا.
٤- إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ:
فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ أي فظلوا لها خاضعين، فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع.
وقيل: لما وصفت الأعناق بالخضوع، الذي هو للعقلاء، قيل:
خاضعين.
وقيل: أعناق الناس: رؤساؤهم ومقدموهم.
٥- وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ:
أي: وما يجدد لهم الله بوحيه موعظة وتذكيرا الا جددوا إعراضا عنه وكفرا به.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٦ الى ٩]

فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٦) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)
٦- فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ:
فَسَيَأْتِيهِمْ وعيد لهم وإنذار.
ما كانُوا بِهِ الشيء الذي كانوا به يستهزئون، وهو القرآن وسيأتيهم أنباؤه وأحواله التي كانت غائبة عليهم.
٧- أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ:
كَرِيمٍ مرضى محمود.
٨- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ أي فى اثبات تلك الأشياء.
لَآيَةً على أن منبتها قادر على احياء الموتى.
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وقد علم الله أكثرهم مطبوع على قلوبهم، غير مرجو ايمانهم.
٩- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ فى انتقامه من الكفرة.
الرَّحِيمُ لمن تاب وآمن وعمل صالحا.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٠ الى ١٣]
وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ (١١) قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ (١٣)
١٠- وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ:
الظَّالِمِينَ باستعبادهم لبنى إسرائيل.
١١- قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ:
أَلا يَتَّقُونَ حال من الضمير فى الظَّالِمِينَ أي يظلمون غير متقين الله وعقابه، فأدخلت همزة الإنكار على الحال.
١٢- قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ:
قالَ موسى.
رَبِّ يا رب.
إِنِّي أَخافُ إنى أخشى.
أَنْ يُكَذِّبُونِ ألا يقبلوا رسالتى كبرا وعنادا.
١٣- وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ:
وَيَضِيقُ صَدْرِي لتكذيبهم إياى.
وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فى المحاجة على ما أحب.
فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ أي اجعله رسولا معى ليؤازرنى.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٤ الى ٢١]
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧) قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (١٨)
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (١٩) قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١)
١٤- وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ:
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ يريد قتله القبطي.
أَنْ يَقْتُلُونِ أي أن يقتلونى به.
١٥- قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ:
كَلَّا أي ارتدع يا موسى عما تظن.
إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ أي نستمع ما يجرى بينكما وبينه.
١٦-أْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
ُولُ
الرسول يكون بمعنى المرسل، وبمعنى الرسالة، وهو خاص على الثاني، فجاز التسوية فيه، إذا وصف به، بين الواحد والتثنية والجمع.
١٧- أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ:
أَنْ أَرْسِلْ أي: أرسل.
١٨- قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ:
قالَ أي فرعون.
١٩- وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ:
فَعْلَتَكَ أي قتل القبطي.
مِنَ الْكافِرِينَ من الجاحدين للنعمة.
٢٠- قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ:
مِنَ الضَّالِّينَ من الجاهلين، أو الفاعلين فعل أولى الجهل والسفه.
٢١- فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ:
حُكْماً يعنى النبوة، وقيل: علما وفهما.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٢ الى ٢٨]

وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (٢٢) قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ (٢٣) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤) قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ (٢٥) قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٢٦)
قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (٢٨)
٢٢- وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ:
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ من مقول موسى يخاطب فرعون على جهة الإقرار بالنعمة، كأنه يقول: نعم، وتربيتك نعمة على من حيث عبدت غيرى وتركتنى، ولكن لا يدفع ذلك رسالتى.
وقيل هو من موسى على جهة الإنكار، أي أتمن على أن ربيتنى وليدا وأنت قد استعبدت بنى إسرائيل وقتلتهم، أي ليست بنعمة.
٢٣- قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ:
وَما رَبُّ الْعالَمِينَ يعنى: أي شىء رب العالمين.
٢٤- قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ:
وَما بَيْنَهُمَا أي وما بين الجنسين، فعل بالمضمر ما فعل بالظاهر.
إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أي ان كان يرجى منكم الإيقان الذي يؤدى اليه النظر الصحيح نفعكم هذا الجواب، والا لم ينفع.
أو ان كنتم موقنين بشىء قط فهذا أولى ما توقنون به لظهوره وإنارة دليله.
٢٥- قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ:
لِمَنْ حَوْلَهُ أشراف قومه.
أَلا تَسْتَمِعُونَ على معنى التعجب.
٢٦- قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ:
لأنهم يعلمون أنه قد كان لهم آباء وأنهم قد فنوا، وأنه لا بد لهم من مغير، وأنهم قد كانوا بعد أن لم يكونوا، وأنهم لا بد لهم من مكون.
٢٧- قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ:
لَمَجْنُونٌ أي ليس يجيبنى عما أسأل.
٢٨- قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ:
أي ليس ملكه كملكك، لأنك تملك بلدا واحدا، والذي أرسلنى يملك المشرق والمغرب وما بينهما.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٩ الى ٣٨]

قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣)
قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَماذا تَأْمُرُونَ (٣٥) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٣٦) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (٣٧) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٣٨)
٢٩- قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ:
توعده بالسجن ان اتخذ له إلها غيره.
٣٠- قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ:
أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشىء مبين.
٣١- قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ:
أي: إن كنت من الصادقين فى دعواك فأت به، فحذف الجزاء، لأن الأمر بالإتيان به يدل عليه.
٣٢- فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ:
ثُعْبانٌ مُبِينٌ ظاهر الثعبانية لا شىء يشبه الثعبان.
٣٣- وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ:
لِلنَّاظِرِينَ دليل على أن بياضها كان شيئا يجتمع النظارة على النظر اليه لخروجه عن العادة.
٣٤- قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ:
عَلِيمٌ فائق فى سحره.
٣٥- يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَماذا تَأْمُرُونَ:
تَأْمُرُونَ تشيرون.
٣٦- قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ:
أَرْجِهْ أي أرجئه. وقيل: احبسه.
حاشِرِينَ يحشرون السحرة ويجمعونهم.
أي أخره ومناظرته لوقت اجتماع السحرة.
٣٧- يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ:
سَحَّارٍ عَلِيمٍ قد بلغ الذروة فى السحر.
٣٨- فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ:
يَوْمٍ مَعْلُومٍ هو يوم الزينة، وميقاته: وقت الضحى.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٣٩ الى ٤٧]

وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (٤٠) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢) قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٤٣)
فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ (٤٤) فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (٤٥) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ (٤٦) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٤٧)
٣٩- وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ:
استبطاء لهم فى الاجتماع. والمراد منه: استعجالهم واستحثاثهم.
٤٠- لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ:
لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ أي فى دينهم.
إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ ان غلبوا موسى، ولا نتبع موسى فى دينه.
٤١- فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ:
لَأَجْراً لجزاءا وثوابا حسنا.
٤٢- قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ:
وعدهم أن يجمع لهم الى الثواب القربة عنده والزلفى.
٤٣- قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ:
أي ألقوا ما تريدون إلقاءه من السحر.
٤٤- فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ:
بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ قسم.
٤٥- فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ:
تَلْقَفُ تبتلع.
ما يَأْفِكُونَ ما قد زيفوه بسحرهم.
٤٦- فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ:
أي فخروا على الأرض ساجدين.
٤٧- قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ:
أي أقروا ببطلان ما هم عليه وأن ما عليه موسى من صنع رب قاهر قادر، وهو رب العالمين.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٤٨ الى ٥٦]

رَبِّ مُوسى وَهارُونَ (٤٨) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (٤٩) قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١) وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢)
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (٥٦)
٤٨- رَبِّ مُوسى وَهارُونَ:
أي الرب الذي دعا للايمان به موسى وهارون.
٤٩- قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ:
فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ وبال ما فعلتم.
مِنْ خِلافٍ أي اليمنى مع اليسرى، والعكس.
٥٠- قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ:
لا ضَيْرَ علينا فى قتلك إيانا.
إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ فمرجعنا الى الله يتولانا بمغفرته.
٥١- إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ:
أَنْ كُنَّا لأن كنا.
٥٢- وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ:
أَنْ أَسْرِ أي سر وامض.
إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ أي سيتبعكم فرعون وقومه.
٥٣- فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ:
حاشِرِينَ يجمعون له الأشداء من قومه.
٥٤- إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ:
لَشِرْذِمَةٌ لطائفة قليلة.
٥٥- وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ:
ولكنهم يفعلون ما تضيق به صدورنا.
٥٦- وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ:
ونحن قوم من عادتنا التيقظ والحذر.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٥٧ الى ٦٤]

فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)
قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤)
٥٧- فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ:
يعنى من أرض مصر.
٥٨- وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ:
وَكُنُوزٍ أي وما كانوا فيه من ثراء.
وَمَقامٍ كَرِيمٍ أي المنازل الحسنة.
٥٩- كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ:
كَذلِكَ فى محل نصب أي مثل ذلك الإخراج الذي وصفناه.
أو فى محل جر، وصف لمقام، أي مقام كريم مثل ذلك المقام الذي كان لهم.
أو فى محل رفع، على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي الأمر كذلك.
٦٠- فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ:
فَأَتْبَعُوهُمْ فلحقوهم.
مُشْرِقِينَ أي داخلين فى وقت الشروق.
٦١- فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ:
فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ أي أصبح كل فريق منهما يرى الآخر.
لَمُدْرَكُونَ أي سوف يلحق بنا فرعون.
٦٢- قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ:
سَيَهْدِينِ سيدلنى على طريق النجاة.
٦٣- فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ:
كَالطَّوْدِ كالجبل.
٦٤- وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ:
وَأَزْلَفْنا وقربناهم.
ثَمَّ حيث انفلق البحر.
الْآخَرِينَ قوم فرعون.
أي قربناهم من بنى إسرائيل.
أو أدنينا بعضهم من بعض، وجمعناهم حتى لا ينجو منهم أحد.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٦٥ الى ٧٣]
وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦٨) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩)
إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠) قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣)
٦٥- وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ:
أي من الغرق.
٦٦- ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ:
أي فرعون وقومه.
٦٧- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ فيما كان من نجاة موسى ومن معه.
لَآيَةً لدليلا على قدرة الله وأنه الرب المعبود.
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ أي أكثر من مع موسى عليه السلام.
مُؤْمِنِينَ بالله، لأنه لم يؤمن بموسى من قوم فرعون الا قليل.
٦٨- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ المنتقم من أعدائه.
الرَّحِيمُ بأوليائه.
٦٩- وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ:
أي وأخبرهم بقصة ابراهيم مع قومه.
٧٠- إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ:
ما تَعْبُدُونَ أي: أي شىء تعبدون.
٧١- قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ:
عاكِفِينَ أي مقيمين على عبادتها.
٧٢- قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ:
أي هل يسمعون دعاءكم، يعنى أنهم لا غناء عندهم.
٧٣- أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ:
أي هل يملكون جلب نفع أو دفع ضر.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٧٤ الى ٨٢]
قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)
٧٤- قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ:
أي انا على ما كان آباؤنا نعبد ما عبدوا.
٧٥- قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ:
ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ من هذه الأصنام.
٧٦- أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ:
الْأَقْدَمُونَ الأولون.
٧٧- فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ:
عَدُوٌّ لِي أتنكر لهم كما أتنكر للعدو.
إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ هو الذي اتجه اليه وأفرده بالعبادة.
٧٨- الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ:
الَّذِي خَلَقَنِي أنعم على بنعمة الوجود.
فَهُوَ يَهْدِينِ وبه رشادى.
٧٩- وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ:
أي ويرزقنى مما به حياتى من طعام وري.
٨٠- وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ:
وَإِذا مَرِضْتُ ألم بي مرض.
فَهُوَ يَشْفِينِ فشفائى اليه تعالى.
٨١- وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ:
يُمِيتُنِي حين يحين أجلى.
ثُمَّ يُحْيِينِ يوم البعث.
٨٢- وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ:
يَوْمَ الدِّينِ يوم الحساب.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٨٣ الى ٩١]

رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣) وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦) وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧)
يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ (٨٨) إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ (٩١)
٨٣- رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ:
حُكْماً حكمة، أو الحكم بين الناس بالحق.
٨٤- وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ:
لِسانَ صِدْقٍ ثناء حسنا.
فِي الْآخِرِينَ فى الأمم التي تجىء بعدي يبقى أثره بين الناس إلى يوم القيامة.
٨٥- وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ:
مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ممن منحتهم نعيم الجنة.
٨٦- وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ:
أي واجعله أهلا للمغفرة بتوفيقه الى الإسلام. وكان أبوه قد وعده بالإسلام يوم فارقه.
٨٧- وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ:
وَلا تُخْزِنِي أي ولا تجعلنى من الذين يهون أمرهم.
يَوْمَ يُبْعَثُونَ يوم البعث.
٨٨- يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ:
مالٌ يبذل.
وَلا بَنُونَ ينصرونه.
٨٩- إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ:
سَلِيمٍ قد سلم من الشرك.
٩٠- وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ:
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ أي قربت وأدنيت.
لِلْمُتَّقِينَ الذين يخشون ربهم.
٩١- وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ:
وَبُرِّزَتِ أظهرت.
الْجَحِيمُ يعنى جهنم.
لِلْغاوِينَ أي الكافرين الذين ضلوا عن الهدى.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٩٢ الى ٩٩]
وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣) فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (٩٥) قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ (٩٦)
تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ (٩٨) وَما أَضَلَّنا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ (٩٩)
٩٢- وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ:
تَعْبُدُونَ من الأصنام والأنداد.
٩٣- مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ:
هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ من عذاب الله.
أَوْ يَنْتَصِرُونَ لأنفسهم.
٩٤- فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ:
فَكُبْكِبُوا فِيها أي قلبوا على رؤوسهم، أي الآلهة.
وَالْغاوُونَ وعبدتهم.
٩٥- وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ:
وَجُنُودُ إِبْلِيسَ من كان من ذريته أو كل من دعاه الى الغواية فاتبعه.
٩٦- قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ:
وَهُمْ يعنى الانس والشياطين والمعبودين.
يَخْتَصِمُونَ وقد اختلفوا فيما بينهم.
٩٧- تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ:
لَفِي ضَلالٍ خسار وتبار وحيرة عن الحق.
مُبِينٍ بيّن.
٩٨- إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ:
إِذْ نُسَوِّيكُمْ خطاب للمعبودين من دون الله.
بِرَبِّ الْعالَمِينَ فى العبادة.
٩٩- وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ:
وَما أَضَلَّنا جار بنا عن الطريق الحق.
إِلَّا الْمُجْرِمُونَ يعنى من زينوا لنا عبادة غير الله.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٠٠ الى ١٠٨]
فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٠٤)
كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٠٦) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٠٧) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨)
١٠٠- فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ:
مِنْ شافِعِينَ يشفعون لنا.
١٠١- وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ:
حَمِيمٍ أي مشفق.
١٠٢- فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ:
كَرَّةً رجعة.
فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فنعود مؤمنين.
١٠٣- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ فيما ذكر من نبأ ابراهيم.
لَآيَةً لعبرة وعظة لمن أراد أن يتعظ ويعتبر.
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وما كان أكثر قومك الذين تتلو عليهم هذا النبأ مذعنين لدعوتك.
١٠٤- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ القادر على الانتقام من المكذبين.
الرَّحِيمُ المتفضل بالانعام على المحسنين.
١٠٥- كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ:
الْمُرْسَلِينَ من أرسل إليهم من الرسل.
١٠٦- إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ:
أَلا تَتَّقُونَ أي تخشون الله فتتركون عبادة غيره.
١٠٧- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ:
أَمِينٌ على تبليغ هذه الرسالة.
١٠٨- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ فخافوا الله.
وَأَطِيعُونِ وامتثلوا أمرى فيما أدعوكم اليه من توحيد الله وطاعته.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٠٩ الى ١١٦]
وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٩) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١١٠) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١) قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسابُهُمْ إِلاَّ عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣)
وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤) إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١١٥) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (١١٦)
١٠٩- وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ:
مِنْ أَجْرٍ على ما أبذله لكم من النصح والدعاء.
إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أي ما جزائى الا على خالق العالمين ومالك أمرهم.
١١٠- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
أي فخافوا الله وامتثلوا أمرى.
١١١- قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ:
الْأَرْذَلُونَ سفلة القوم وأقلهم جاها ومالا.
١١٢- قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ:
أي: أي شىء أعلمنى ما هم عليه من قلة الجاه، والمال، انما أطلب منهم الايمان دون تعرض لمعرفة صناعتهم وأعمالهم.
١١٣- إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ:
إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي أي ما جزاؤهم الا على ربى.
لَوْ تَشْعُرُونَ لو رجعتم الى ادراككم ولكنكم تجهلون.
١١٤- وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ:
أي فكيف يليق بي طرد هؤلاء المؤمنين.
١١٥- إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ:
إِلَّا نَذِيرٌ ما على الا إنذار قومى.
مُبِينٌ وبين يدى البرهان والحجة.
١١٦- قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ:
مِنَ الْمَرْجُومِينَ أي لنرجمنك بالحجارة.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١١٧ الى ١٢٥]

قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨) فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١١٩) ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ (١٢٠) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٢١)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٢٢) كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥)
١١٧- قالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ:
كَذَّبُونِ ليبرر دعاءه عليهم.
١١٨- فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ:
فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً فاحكم بينى وبينهم حكما تهلك به من جحدك.
١١٩- فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ:
فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ من الطوفان.
فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ المملوء بهم.
١٢٠- ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ:
بَعْدُ بعد إنجاء نوح ومن آمن.
الْباقِينَ الذين لم يؤمنوا.
١٢١- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ فيما ذكرنا من نبأ نوح.
لَآيَةً لعظة وعبرة.
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ أي أكثر الذين نتلو عليهم هذا القصص.
١٢٢- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ القوى المنتقم من كل جبار عنيد.
الرَّحِيمُ المتفضل بالنعم على المتقين.
١٢٣- كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ:
الْمُرْسَلِينَ رسولهم هودا عليه السلام، وبهذا كانوا مكذبين لجميع الرسل.
١٢٤- إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ:
أَلا تَتَّقُونَ ألا تخشون الله فتخلصوا له العبادة.
١٢٥- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ:
أَمِينٌ حفيظ على رسالة الله أبلغها إليكم كما أمرنى ربى.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٢٦ الى ١٣٢]
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧) أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠)
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٣١) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢)
١٢٦- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ اخشوا عقابه.
وَأَطِيعُونِ فيما أرسلت به إليكم.
١٢٧- وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ:
عَلَيْهِ أي على نصحى وإرشادي.
مِنْ أَجْرٍ أي نوع من الأجر.
إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ أي ما جزائى الا على خالق العالمين.
١٢٨- أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ:
بِكُلِّ رِيعٍ بكل مرتفع من الأرض.
آيَةً بناء عجبا تتفاخرون به.
تَعْبَثُونَ عابثين لاهين.
١٢٩- وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ:
مَصانِعَ قصورا مكيفة.
لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ كأنكم مخلدون غير فانين.
١٣٠- وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ:
وَإِذا بَطَشْتُمْ سطوتم وأخذتم بعنف، أو عسفتم.
جَبَّارِينَ مسرفين فى البطش.
١٣١- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ فاخشوا عقابه.
وَأَطِيعُونِ وامتثلوا لما جئتكم به.
١٣٢- وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ:
بِما تَعْلَمُونَ من الخيرات.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٣٣ الى ١٣٩]

أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧)
وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩)
١٣٣- أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ:
بِأَنْعامٍ ابل وبقر وغنم، مما فيه منافع لكم.
وَبَنِينَ يشدون أزركم ويكونون لكم قوة.
١٣٤- وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ:
وَجَنَّاتٍ أي بساتين تنعمون بثمارها.
وَعُيُونٍ ماء تسقون منها.
١٣٥- إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ:
يَوْمٍ عَظِيمٍ يوم الحساب.
أي ان كفرتم وأصررتم على ذلك.
١٣٦- قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ:
أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ أي كففت عن وعظك إيانا.
أي عظ أو لا تعظ، فانه يستوى هذا وذاك.
يقولون هذا على سبيل الاستخفاف بالداعي والدعوة.
١٣٧- إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ:
خُلُقُ الْأَوَّلِينَ أي دينهم أو عادتهم.
أي ما هذا الذي أنكرت علينا الا عادة من قبلنا فنحن نقتدى بهم.
١٣٨- وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ:
على ما نفعل.
١٣٩- فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
فَأَهْلَكْناهُمْ بريح صرصر عاتية.
إِنَّ فِي ذلِكَ فى إهلاكنا إياهم على تكذيبهم.
لَآيَةً عظة وعبرة.
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ أي إن من آمنوا به كانوا قلة.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٤٠ الى ١٤٧]
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٤٢) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٤٣) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤)
وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٤٥) أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧)
١٤٠- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ القاهر للجبارين.
الرَّحِيمُ بالمؤمنين.
١٤١- كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ:
ثَمُودُ قوم صالح عليه السلام.
الْمُرْسَلِينَ على الجمع، لأن تكذيبهم لصالح تكذيب للرسل جميعا.
١٤٢- إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ:
أَلا تَتَّقُونَ تخشون عذاب الله.
١٤٣- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ:
أَمِينٌ أبلغ الرسالة على وجهها.
١٤٤- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
وَأَطِيعُونِ واستجيبوا لى.
١٤٥- وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ:
عَلَيْهِ أي على تلقى ما أرسلت به إليكم.
مِنْ أَجْرٍ أي بعض الأجر.
إِنْ أَجْرِيَ أي ليس أجرى وجزائى.
إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فهو الذي يثيبنى على ما بلغت.
١٤٦- أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ:
فِي ما هاهُنا أي فى الدنيا.
آمِنِينَ من الموت.
أي: أتظنون أنكم باقون فى الدنيا بلا موت.
١٤٧- فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ:
أي تنعمون بالحياة بين بساتين ومياه.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٤٨ الى ١٥٥]
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢)
قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)
١٤٨- وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ:
طَلْعُها ما يطلع من النخلة كنصل السيف.
هَضِيمٌ لطيف دقيق.
١٤٩- وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ:
فارِهِينَ معجبين، متجبرين، بطرين.
١٥٠- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ فاخشوه.
وَأَطِيعُونِ واتبعوا ما جئتكم به.
١٥١- وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ:
الْمُسْرِفِينَ الذين أمعنوا فى الفساد.
١٥٢- الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ:
أي لا هم لهم إلا الإفساد.
وَلا يُصْلِحُونَ ولا يلتفتون الى ما فيه الصلاح.
١٥٣- قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ:
مِنَ الْمُسَحَّرِينَ الذين أفسد السحر عليهم عقولهم.
١٥٤- ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ:
ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا أي نستوى نحن وأنت فى البشرية.
فَأْتِ بِآيَةٍ ولن تمتاز عنا الا إذا جئت بآية، أي بشىء خارق لا يقوى عليه بشر.
إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فى دعواك أنك رسول من رب العالمين.
١٥٥- قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ:
هذِهِ ناقَةٌ أي آيتي التي طلبتموها.
لَها شِرْبٌ أي حظ من الماء.
وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ أي لكم شرب يوم ولها شرب يوم.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٥٦ الى ١٦٢]
وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠)
إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢)
١٥٦- وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ:
وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ أي لا يصيبنها منكم سوء.
فَيَأْخُذَكُمْ فيقع بكم ويغشاكم.
عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ أي يوم عظيم عذابه.
١٥٧- فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ:
فَعَقَرُوها فذبحوها.
فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ على عقرها لما أيقنوا بالعذاب.
١٥٨- فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ فوقع عليهم العذاب.
إِنَّ فِي ذلِكَ أي فى أخذهم بالعذاب على ما فعلوا.
لَآيَةً لعظة وعبرة.
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ أي ان المؤمنين منهم كانوا قلة.
١٥٩- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ القاهر للجبارين.
الرَّحِيمُ بالمؤمنين.
١٦٠- كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ:
الْمُرْسَلِينَ على الجمع، لأن تكذيبهم لوطا تكذيب للرسل جميعا.
١٦١- إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ:
أَلا تَتَّقُونَ الله وتخشونه وتنتهون عما تفعلون.
١٦٢- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ:
أَمِينٌ أبلغ رسالة ربى على وجهها.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٦٣ الى ١٦٩]
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤) أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧)
قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩)
١٦٣- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ فاخشوا عذاب الله واحذروه.
وَأَطِيعُونِ بإطاعتكم إياي.
١٦٤- وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ:
عَلَيْهِ على تبليغى إياكم ما أرسلت به إليكم.
مِنْ أَجْرٍ أي أجرا.
إِنْ أَجْرِيَ أي ليس أجرى.
إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فهو الذي سيثيبنى على ما أديت.
١٦٥- أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ:
الذُّكْرانَ أي الذكور.
أي أتفعلون الفاحشة بذكوركم، والاستفهام للإنكار.
١٦٦- وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ:
وَتَذَرُونَ وتتركون.
عادُونَ متجاوزون الحدود المرسومة.
١٦٧- قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ:
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لئن لم تكف عما تنهانا عنه.
مِنَ الْمُخْرَجِينَ أي لنخرجنك من أرضنا.
١٦٨- قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ:
لِعَمَلِكُمْ من إتيان الذكور.
الْقالِينَ المبغضين.
١٦٩- رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ:
وَأَهْلِي من اتبعنى.
مِمَّا يَعْمَلُونَ من عذاب ما يعملون.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٧٠ الى ١٧٦]
فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥) كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦)
١٧٠- فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ:
وَأَهْلَهُ أي ومن اتبعه.
١٧١- إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ:
فِي الْغابِرِينَ أي من الباقين فى الهرم، أي بقيت حتى هرمت، أو غبرت فى عذاب الله عز وجل.
١٧٢- ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ:
أي أهلكناهم بالخسف.
١٧٣- وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ:
مَطَراً يعنى حجارة.
فَساءَ فبئس.
الْمُنْذَرِينَ أي من أنذرهم الرسل.
١٧٤- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ فيما نال قوم لوط من الهلاك.
لَآيَةً لعظة وعبرة.
وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ أي ان من آمن به منهم كانوا قلة.
١٧٥- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ القاهر للجبارين.
الرَّحِيمُ بالمؤمنين.
١٧٦- كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ:
الْأَيْكَةِ الغيضة. وأصحاب الأيكة، هم قوم شعيب.
الْمُرْسَلِينَ على الجمع، لأن تكذيبهم لشعيب تكذيب للرسل جميعا.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٧٧ الى ١٨٣]

إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٧٧) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٧٨) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٧٩) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٠) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١)
وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣)
١٧٧- إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ:
أَلا تَتَّقُونَ ألا تخافون عذاب الله بانصرافكم عن دعوتى إياكم.
١٧٨- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ:
أَمِينٌ أبلغ رسالة ربى على وجهها.
١٧٩- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ فاخشوا عذاب الله.
وَأَطِيعُونِ واستجيبوا لى لتنجوا من عذابه.
١٨٠- وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ:
وَما أَسْئَلُكُمْ وما أطلب منكم.
عَلَيْهِ أي على تبليغى إياكم رسالة ربى.
مِنْ أَجْرٍ أي أجر.
إِنْ أَجْرِيَ فليس أجرى وثوابى.
إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ فهو وحده الذي يثيبنى.
١٨١- أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ:
أَوْفُوا الْكَيْلَ أتموه.
مِنَ الْمُخْسِرِينَ الذين ينقصون الكيل.
١٨٢- وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ:
بِالْقِسْطاسِ بالميزان.
الْمُسْتَقِيمِ السوي.
١٨٣- وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ:
وَلا تَبْخَسُوا ولا تنقصوا.
أَشْياءَهُمْ حقوقهم.
وَلا تَعْثَوْا ولا تفسدوا.
مُفْسِدِينَ ممعنين فى الفساد.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٨٤ الى ١٩١]
وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) وَما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (١٨٦) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٨٧) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (١٨٨)
فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١)
١٨٤- وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ:
الْجِبِلَّةَ الخليقة.
١٨٥- قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ:
مِنَ الْمُسَحَّرِينَ قد غلب عليك السحر.
١٨٦- وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ:
مِثْلُنا أي ليس لك علينا فضل فى البشرية.
١٨٧- فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ:
كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أي جانبا من السماء وقطعة منه.
١٨٨- قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ:
بِما تَعْمَلُونَ فيجازيكم عليه. وهذا تهديد منه لهم.
١٨٩- فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ:
يَوْمِ الظُّلَّةِ أي فأظلتهم سحابة، وهى الظلة، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا.
١٩٠- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ:
إِنَّ فِي ذلِكَ فى هذا الذي نزل بهم.
لَآيَةً لعظة وعبرة.
١٩١- وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ:
الْعَزِيزُ القاهر للجبارين.
الرَّحِيمُ بالمؤمنين.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٩٢ الى ١٩٨]

وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦)
أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٩٧) وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨)
١٩٢- وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ:
وَإِنَّهُ وإن هذا التنزيل.
يعنى ما نزل من هذه القصص والآيات.
١٩٣- نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ:
الرُّوحُ الْأَمِينُ جبريل عليه السلام.
١٩٤- عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ:
عَلى قَلْبِكَ أي حفظكه، وفهمك إياه، وأثبته فى قلبك إثبات ما لا ينسى.
مِنَ الْمُنْذِرِينَ أي لتنذر به قومك.
١٩٥- بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ:
مُبِينٍ بين مفصح.
١٩٦- وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ:
وَإِنَّهُ أي القرآن.
لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ كتب الأنبياء السابقين، أي مصدقا لما سبق به الرسل.
١٩٧- أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ:
آيَةً حجة.
أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ أي وعندهم حجة تدل على صدق محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، وهى علم بنى إسرائيل بالقرآن كما جاء فى كتبهم.
١٩٨- وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ:
وَلَوْ نَزَّلْناهُ أي القرآن.
الْأَعْجَمِينَ الذين فى لسانهم عجمة، واحدهم: أعجم، أي نزلناه على واحد من الأعجمين.

[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٩٩ الى ٢٠٧]

فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩) كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٢٠١) فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣)
أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (٢٠٤) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)
١٩٩- فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ:
فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ على قريش بغير لغة العرب.
ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ لما آمنوا به أنفة وكبرا.
٢٠٠- كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ:
كَذلِكَ أي مثل هذا السلك.
سَلَكْناهُ مكنا القرآن وقررناه.
٢٠١- لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ:
بِهِ بالقرآن.
٢٠٢- فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ:
فَيَأْتِيَهُمْ أي العذاب.
٢٠٣- فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ:
مُنْظَرُونَ مرجؤون.
٢٠٤- أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ:
تبكيت لهم بإنكار وتهكم. والمعنى: كيف يستعجل العذاب من هو معرض لعذاب، يسأل فيه من جنس ما هو فيه من النظرة والإمهال طرفة عين فلا يجاب إليها.
٢٠٥- أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ:
أَفَرَأَيْتَ أفعلمت، والخطاب للنبى صلّى الله عليه وآله وسلم.
إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ عمرناهم سنين.
٢٠٦- ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ:
ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أنذرناهم به.
٢٠٧- ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ:
ما أَغْنى عَنْهُمْ لم يدفع عنهم هذا العذاب.
ما كانُوا يُمَتَّعُونَ أي تعميرهم.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٠٨ الى ٢١٦]
وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (٢١٢)
فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦)
٢٠٨- وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ:
مُنْذِرُونَ رسل ينذرونهم.
٢٠٩- ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ:
ذِكْرى تذكرة.
وَما كُنَّا ظالِمِينَ فنهلك قوما غير ظالمين.
٢١٠- وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ:
بِهِ أي القرآن، أي ما نزلت بالقرآن الشياطين.
٢١١- وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ:
وَما يَنْبَغِي لَهُمْ أي وليس لهم، أعنى الشياطين.
وَما يَسْتَطِيعُونَ وما يقدرون عليه.
٢١٢- إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ:
لَمَعْزُولُونَ عن استماع كلام السماء، لأنهم مرجومون بالشهب.
٢١٣- فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ:
فَلا تَدْعُ الخطاب للنبى صلّى الله عليه وآله وسلم والمقصود العموم.
٢١٤- وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ:
الْأَقْرَبِينَ أي الأقرب فالأقرب، فقرابتهم منه لا تنفعهم شيئا وإنما ينفعهم إيمانهم.
٢١٥- وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ:
وَاخْفِضْ جَناحَكَ أي ألن جانبك.
لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لمن جاءوك ليؤمنوا بك.
٢١٦- فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ:
فَإِنْ عَصَوْكَ ولم يتبعوك.
فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ: فتبرأ منهم ومن أعمالهم من الشرك بالله وغيره.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢١٧ الى ٢٢٥]
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١)
تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥)
٢١٧- وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ:
وَتَوَكَّلْ وفوض أمرك.
الْعَزِيزِ القاهر للجبارين.
الرَّحِيمِ بالمؤمنين.
٢١٨- الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ
حِينَ تَقُومُ
للصلاة.
٢١٩- وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ:
وَتَقَلُّبَكَ ويرى تقلبك بين المصلين قياما وركوعا وسجودا.
٢٢٠- إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ:
السَّمِيعُ لك.
الْعَلِيمُ بأمورك.
٢٢١- هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ:
تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تلقى وساوسها.
٢٢٢- تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ:
أَفَّاكٍ مغرق فى الكذب.
أَثِيمٍ ممعن فى الآثام.
٢٢٣- يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ:
يُلْقُونَ السَّمْعَ يصيخون بآذانهم.
٢٢٤- وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ:
الْغاوُونَ أهل الباطل والزيف.
٢٢٥- أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ:
فِي كُلِّ وادٍ فى كل مجال من مجالات القول.
يَهِيمُونَ يتخبطون على غير هدى.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢٢٦ الى ٢٢٧]
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)
٢٢٦- وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ:
أي ان فعلهم غير قولهم، وقولهم غير فعلهم.
٢٢٧- إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ:
وَانْتَصَرُوا بالرد على المشركين والانتصاف له ونافحوا عنه.
مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا من بعد ما آذاهم المشركون فى دينهم.
الَّذِينَ ظَلَمُوا أي آذوا الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بهجائهم إياه.
أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ أي مصير سيصيرون اليه.
Icon