مدنية في قول الجميع
بسم الله الرحمان الرحيم
ﰡ
﴿ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه الجهر بالصوت. روي أن ثابت بن قيس بن شماس قال : يا نبي الله والله لقد خشيت أن أكون قد هلكت، نهانا الله عن الجهر بالقول وأنا امرؤ جهير الصوت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" يَا ثَابِتَ أَمَا تَرْضَى أَن تَعِيشَ حَمِيداً وتُقْتَلَ شَهِيداً٢ وَتَدْخُلَ الجَنَّةَ " ؟ فعاش حميداً وقتل شهيداً يوم مسيلمة.
الثاني : أن النهي عن هذا الجهر هو المنع من دعائه باسمه أو كنيته كما يدعو بعضهم بعضاً بالاسم والكنية، وهو معنى قوله ﴿ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ﴾، ولكنْ دعاؤه بالنبوة والرسالة كما قال تعالى :﴿ لاَ تَجْعَلُوا دُعَآءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُم بَعْضاً ﴾
[ النور : ٦٣ ].
﴿ أن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن معناه فتحبط أعمالكم.
الثاني : لئلا تحبط أعمالكم.
﴿ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ ﴾ بحبط أعمالكم٣.
٢ رواه أحمد في مسنده ٨٩٢، وأخرجه ابن جرير كما ذكر السيوطي في أسباب النزول ص ١٩٥..
٣ في الآية أمر بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وخفض الصوت بحضرته وعند مخاطبته وقد كره بعض العلماء رفع الصوت عند قبره عليه السلام وعند سماع حديثه عندما يروي لأن له عليه السلام من الحرمة ميتا مثل ما له حيا..
أحدهما : معناه أخلصها للتقوى، قاله الفراء.
الثاني : معناه اختصها للتقوى، قاله الأخفش.
أحدهما : لكان أحسن لأدبهم في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثاني : لأطلقت أسراهم بغير فداء، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سبى قوماً من بني العنبر، فجاءوا في فداء سبيهم وأسراهم.
أحدها : لأثمتم، قاله مقاتل.
الثاني : لاتهمتم، قاله الكلبي.
الثالث : لغويتم.
الرابع : لهلكتم.
الخامس : لنالتكم شدة ومشقة.
قال قتادة : هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا، فأنتم والله أسخف رأياً وأطيش عقولا.
﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : حسنه عندكم، قاله ابن زيد.
الثاني : قاله الحسن. بما وصف من الثواب عليه.
﴿ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : بما وعد عليه في الدنيا من النصر وفي الآخرة من الثواب، قاله ابن بحر.
الثاني : بالدلالات على صحته.
﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أنه الكذب خاصة، قاله ابن١ زيد.
الثاني : كل ما خرج عن الطاعة٢.
٢ مشتق من فسقت الرطبة خرجت من قشرها. والفأرة من جحرها..
(وما أدري وسوف إخال أدري | أقوم آل حصن أم نساء) |
(تجنبت سعدى أن تشيد بذكرها | إذا زرت سعدى الكاشح المتحسس) |
(فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم | وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا) |
(قبائل من شعوب ليس فيهم | كريم قد يعد ولا نجيب) |
(وتفرقوا شعباً فكل جزيرة | فيها أمير المؤمنين ومنبر) |
(طال النهار على من لا لقاح له | إلا الهدية أو ترك بإسلام) |
(وليلة ذات سرى سريت | ولم يلتني عن سراها ليت) |
(أبلغ سراة بني سعد مغلغلة | جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذباً) |
مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة: إلا آية وهي قوله تعالى: ﴿ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما﴾ الآية. بسم الله الرحمن الرحيم
ثم قال :﴿ بلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أن هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : أن الله أحق أن يمن عليكم أن هداكم للإيمان حتى آمنتم. وتكون المنة هي التحمد بالنعمة.
الثاني : أن الله تعالى ينعم عليكم بهدايته لكم، وتكون المنة هي النعمة. وقد يعبر بالمنة عن النعمة تارة وعن التحمد بها أخرى.
﴿ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ يعني فيما قلتم من الإيمان.