تفسير سورة البينة

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة البينة من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة البينة
مختلف فيها، وكونها مكية أشهر. وهي ثماني آيات. ومناسبتها قوله :﴿ صحفا مطهرة ﴾ فإنها التي نزلت في ليلة القدر.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ لم يكن الذين كفروا ﴾ أي : بالرسول وبما أنزل عليه ﴿ من أهل الكتاب ﴾ اليهود والنصارى، ﴿ والمشركين ﴾ ؛ عبَدة الأصنام ﴿ منفكِّين ﴾ منفصلين عن الكفر، وحذف ؛ لأنَّ صلة " الذين " يدل عليه، ﴿ حتى تأتِيَهم البَيِّنَةُ ﴾ الحجة الواضحة، وهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم. يقول : لم يتركوا كفرهم حتى بُعث محمد صلى الله عليه وسلم، فلمّا بُعِثَ أسلم بعض، وثبت على الكفر بعض. أو : لم يكونوا منفكين، أي : زائلين عن دينهم حتى تأتيَهم البَينة ببطلان ما هم عليه، فتقوم الحجة عليهم. أو : لم يكونوا لينفصلوا عن الدنيا حتى بَعَثَ اللهُ محمداً فقامت عليهم الحجة، وإلاّ لقالوا :﴿ لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً. . . ﴾ [ طه : ١٣٤ ] الآية.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والإشارة إلى ما ذكر من عبادة الله وحده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما فيه من معنى البُعد للإشعار بعُلو رتبته وبُعد منزلته.
الإشارة : لم يكن الذين جحدوا وجودَ أهل الخصوصية من العلماء والجهّال منفكين عن ذلك حتى جاءتهم الحُجة القائمة عليهم، وهو ظهور شيخ التربية خليفة الرسول، يتلو كتابَ الله العزيز على ما ينبغي، وما تَفَرَّقوا في التصديق إلاّ بعد ظهوره. وما أُمروا إلاّ بالإخلاص وتطهير سرائرهم، وهو لا يتأتى إلاّ بصُحبته. وتكلم ابنُ جزي هنا على الإخلاص، فقال : اعلم أنَّ الأعمال على ثلاثة أنواع : مأمورات ومنهيات ومباحات ؛ فأمّا المأمورات فالإخلاص فيها عبارة عن : خلوص النية لوجه الله، بحيث لا يشوبها أُخرى، فإن كانت كذلك فالعمل خالص، وإن كانت لغير وجه الله من طلب منفعة دنيوية أو مدح أو غير ذلك، فالعمل رياء محض مردود، وإن كانت النية مشتركة ؛ ففي ذلك تفصيل، فيه نظر واحتمال. قلت : وقد تقدّم كلام الغزالي في سورة البقرة عند قوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٨ ]، وحاصله : أنَّ الحكم للغالب وقوة الباعث. انظر لفظه.
ثم قال ابن جزي : وأمَّا المنهيات فإنْ تَرَكها دون نية خرج عن عهدتها، ولم يكن له أجر في تركها، وإن تركها بنية وجه الله خرج عن عهدتها وأُجر. وأمَّا المباحات، كالأكل والشرب، والنوم والجماع وغير ذلك، فإن فَعَلَها بغير نية لم يكن له فيها أجر، وإن فَعَلَها بنية وجه الله فله فيها أجر، فإنَّ كُلَّ مباح يمكن أن يصير قُربة إذا قصد به وجه الله، مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة، ويقصد بالجِمَاع التعفُّف عن الحرام، وشبه ذلك. هـ.
ودرجات الإخلاص ثلاث : الأولى : أن يعبد الله لطلب غرض دنيوي أو أخروي من غير ملاحظة أحد من الخلق، والثانية : أن يعبد الله لطلب الآخرة فقط، والثالثة : أن يعبد الله عبودية ومحبة.

وتلك البينة هي ﴿ رسولٌ من الله ﴾ أي : محمد صلى الله عليه وسلم، وهو بدل من " البينة " ﴿ يتلو ﴾ يقرأ عليهم ﴿ صُحفاً ﴾ كتباً ﴿ مُطَهَّرةً ﴾ من الباطل والزور والكذب، والمراد : يتلو ما يتضمنه المكتوب في الصحف، وهو القرآن، يدل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يتلو القرآن عن ظهر قلبه، ولم يكن يقرأ مكتوباً ؛ لأنه كان أُميًّا لا يكتب ولا يقرأ الصحف، ولكنه لَمَّا كان تالياً معنى ما في الصُحف فكأنه قد تلى الصُحف.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والإشارة إلى ما ذكر من عبادة الله وحده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما فيه من معنى البُعد للإشعار بعُلو رتبته وبُعد منزلته.
الإشارة : لم يكن الذين جحدوا وجودَ أهل الخصوصية من العلماء والجهّال منفكين عن ذلك حتى جاءتهم الحُجة القائمة عليهم، وهو ظهور شيخ التربية خليفة الرسول، يتلو كتابَ الله العزيز على ما ينبغي، وما تَفَرَّقوا في التصديق إلاّ بعد ظهوره. وما أُمروا إلاّ بالإخلاص وتطهير سرائرهم، وهو لا يتأتى إلاّ بصُحبته. وتكلم ابنُ جزي هنا على الإخلاص، فقال : اعلم أنَّ الأعمال على ثلاثة أنواع : مأمورات ومنهيات ومباحات ؛ فأمّا المأمورات فالإخلاص فيها عبارة عن : خلوص النية لوجه الله، بحيث لا يشوبها أُخرى، فإن كانت كذلك فالعمل خالص، وإن كانت لغير وجه الله من طلب منفعة دنيوية أو مدح أو غير ذلك، فالعمل رياء محض مردود، وإن كانت النية مشتركة ؛ ففي ذلك تفصيل، فيه نظر واحتمال. قلت : وقد تقدّم كلام الغزالي في سورة البقرة عند قوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٨ ]، وحاصله : أنَّ الحكم للغالب وقوة الباعث. انظر لفظه.
ثم قال ابن جزي : وأمَّا المنهيات فإنْ تَرَكها دون نية خرج عن عهدتها، ولم يكن له أجر في تركها، وإن تركها بنية وجه الله خرج عن عهدتها وأُجر. وأمَّا المباحات، كالأكل والشرب، والنوم والجماع وغير ذلك، فإن فَعَلَها بغير نية لم يكن له فيها أجر، وإن فَعَلَها بنية وجه الله فله فيها أجر، فإنَّ كُلَّ مباح يمكن أن يصير قُربة إذا قصد به وجه الله، مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة، ويقصد بالجِمَاع التعفُّف عن الحرام، وشبه ذلك. هـ.
ودرجات الإخلاص ثلاث : الأولى : أن يعبد الله لطلب غرض دنيوي أو أخروي من غير ملاحظة أحد من الخلق، والثانية : أن يعبد الله لطلب الآخرة فقط، والثالثة : أن يعبد الله عبودية ومحبة.

ثم بيّن ما في الصُحف، فقال :﴿ فيها ﴾ أي : في الصُحف ﴿ كُتب قَيِّمةٌ ﴾ مستقيمة ناطقةٌ بالحق والعدل. ولَمّا كان القرآن جامعاً لِما في الكتب المتقدمة صدق أنَّ فيه كُتباً قيمة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والإشارة إلى ما ذكر من عبادة الله وحده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما فيه من معنى البُعد للإشعار بعُلو رتبته وبُعد منزلته.
الإشارة : لم يكن الذين جحدوا وجودَ أهل الخصوصية من العلماء والجهّال منفكين عن ذلك حتى جاءتهم الحُجة القائمة عليهم، وهو ظهور شيخ التربية خليفة الرسول، يتلو كتابَ الله العزيز على ما ينبغي، وما تَفَرَّقوا في التصديق إلاّ بعد ظهوره. وما أُمروا إلاّ بالإخلاص وتطهير سرائرهم، وهو لا يتأتى إلاّ بصُحبته. وتكلم ابنُ جزي هنا على الإخلاص، فقال : اعلم أنَّ الأعمال على ثلاثة أنواع : مأمورات ومنهيات ومباحات ؛ فأمّا المأمورات فالإخلاص فيها عبارة عن : خلوص النية لوجه الله، بحيث لا يشوبها أُخرى، فإن كانت كذلك فالعمل خالص، وإن كانت لغير وجه الله من طلب منفعة دنيوية أو مدح أو غير ذلك، فالعمل رياء محض مردود، وإن كانت النية مشتركة ؛ ففي ذلك تفصيل، فيه نظر واحتمال. قلت : وقد تقدّم كلام الغزالي في سورة البقرة عند قوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٨ ]، وحاصله : أنَّ الحكم للغالب وقوة الباعث. انظر لفظه.
ثم قال ابن جزي : وأمَّا المنهيات فإنْ تَرَكها دون نية خرج عن عهدتها، ولم يكن له أجر في تركها، وإن تركها بنية وجه الله خرج عن عهدتها وأُجر. وأمَّا المباحات، كالأكل والشرب، والنوم والجماع وغير ذلك، فإن فَعَلَها بغير نية لم يكن له فيها أجر، وإن فَعَلَها بنية وجه الله فله فيها أجر، فإنَّ كُلَّ مباح يمكن أن يصير قُربة إذا قصد به وجه الله، مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة، ويقصد بالجِمَاع التعفُّف عن الحرام، وشبه ذلك. هـ.
ودرجات الإخلاص ثلاث : الأولى : أن يعبد الله لطلب غرض دنيوي أو أخروي من غير ملاحظة أحد من الخلق، والثانية : أن يعبد الله لطلب الآخرة فقط، والثالثة : أن يعبد الله عبودية ومحبة.

﴿ وما تَفَرَّقَ الذين أُوتوا الكتاب إِلاَّ مِن بعد ما جاءتهم البينةٌ ﴾ أي : وما اختلفوا في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلاَّ مِن بعد ما عَلِموا أنه حق، فمنهم مَن أنكر حسداً، ومنهم مَن آمن. وإنّما أفرد أهل الكتاب بعدما جمع أولاً بينهم وبين المشركين ؛ لأنهم كانوا على علمٍ به ؛ لوجوده في كتبهم، فإذا وُصفوا بالتفرُّق عنه كان مَن لا كتاب له أدخل في هذا. وقيل : المعنى : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين، أي : منفصلين عن معرفة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام حتى بعثه الله.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والإشارة إلى ما ذكر من عبادة الله وحده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما فيه من معنى البُعد للإشعار بعُلو رتبته وبُعد منزلته.
الإشارة : لم يكن الذين جحدوا وجودَ أهل الخصوصية من العلماء والجهّال منفكين عن ذلك حتى جاءتهم الحُجة القائمة عليهم، وهو ظهور شيخ التربية خليفة الرسول، يتلو كتابَ الله العزيز على ما ينبغي، وما تَفَرَّقوا في التصديق إلاّ بعد ظهوره. وما أُمروا إلاّ بالإخلاص وتطهير سرائرهم، وهو لا يتأتى إلاّ بصُحبته. وتكلم ابنُ جزي هنا على الإخلاص، فقال : اعلم أنَّ الأعمال على ثلاثة أنواع : مأمورات ومنهيات ومباحات ؛ فأمّا المأمورات فالإخلاص فيها عبارة عن : خلوص النية لوجه الله، بحيث لا يشوبها أُخرى، فإن كانت كذلك فالعمل خالص، وإن كانت لغير وجه الله من طلب منفعة دنيوية أو مدح أو غير ذلك، فالعمل رياء محض مردود، وإن كانت النية مشتركة ؛ ففي ذلك تفصيل، فيه نظر واحتمال. قلت : وقد تقدّم كلام الغزالي في سورة البقرة عند قوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٨ ]، وحاصله : أنَّ الحكم للغالب وقوة الباعث. انظر لفظه.
ثم قال ابن جزي : وأمَّا المنهيات فإنْ تَرَكها دون نية خرج عن عهدتها، ولم يكن له أجر في تركها، وإن تركها بنية وجه الله خرج عن عهدتها وأُجر. وأمَّا المباحات، كالأكل والشرب، والنوم والجماع وغير ذلك، فإن فَعَلَها بغير نية لم يكن له فيها أجر، وإن فَعَلَها بنية وجه الله فله فيها أجر، فإنَّ كُلَّ مباح يمكن أن يصير قُربة إذا قصد به وجه الله، مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة، ويقصد بالجِمَاع التعفُّف عن الحرام، وشبه ذلك. هـ.
ودرجات الإخلاص ثلاث : الأولى : أن يعبد الله لطلب غرض دنيوي أو أخروي من غير ملاحظة أحد من الخلق، والثانية : أن يعبد الله لطلب الآخرة فقط، والثالثة : أن يعبد الله عبودية ومحبة.

﴿ وما أُمروا إِلاَّ ليعبدوا اللهَ ﴾ أي : ما أُمروا في التوراة والإنجيل إلاّ لأجل أن يعبدوا الله وحده من غير شرك ولا نفاق، ولكنهم حرّفوا وبدّلوا. وقيل : اللام بمعنى " أن "، أي : إلاّ بأن يعبدوا الله ﴿ مخلصين له الدينَ ﴾ أي : جاعلين دينَهم خالصاً له تعالى، أو جاعلين أنفسهم خالصة له في الدين. قال ابن جُزي : استدل المالكية بهذا على وجوب النية في الوضوء، وهو بعيد ؛ لأنَّ الإخلاص هنا يُراد به التوحيد وترك الشرك، أو ترك الرياء. انظر كلامه، وسيأتي بعضه في الإشارة. ﴿ حنفاءَ ﴾ مائلين عن جميع العقائد الزائغة إلى الإسلام، ﴿ ويُقيموا الصلاةَ ويُؤتوا الزكاةَ ﴾ إن أريد بهما ما في شريعتهم من الصلاة والزكاة، فالأمر ظاهر، وإن أريد ما في شريعتنا فمعنى أمرهم بهما في الكتابين أمرهم بالدخول في شريعتنا، ﴿ وذلك دِينُ القيِّمة ﴾ أي : الملة المستقيمة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:والإشارة إلى ما ذكر من عبادة الله وحده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وما فيه من معنى البُعد للإشعار بعُلو رتبته وبُعد منزلته.
الإشارة : لم يكن الذين جحدوا وجودَ أهل الخصوصية من العلماء والجهّال منفكين عن ذلك حتى جاءتهم الحُجة القائمة عليهم، وهو ظهور شيخ التربية خليفة الرسول، يتلو كتابَ الله العزيز على ما ينبغي، وما تَفَرَّقوا في التصديق إلاّ بعد ظهوره. وما أُمروا إلاّ بالإخلاص وتطهير سرائرهم، وهو لا يتأتى إلاّ بصُحبته. وتكلم ابنُ جزي هنا على الإخلاص، فقال : اعلم أنَّ الأعمال على ثلاثة أنواع : مأمورات ومنهيات ومباحات ؛ فأمّا المأمورات فالإخلاص فيها عبارة عن : خلوص النية لوجه الله، بحيث لا يشوبها أُخرى، فإن كانت كذلك فالعمل خالص، وإن كانت لغير وجه الله من طلب منفعة دنيوية أو مدح أو غير ذلك، فالعمل رياء محض مردود، وإن كانت النية مشتركة ؛ ففي ذلك تفصيل، فيه نظر واحتمال. قلت : وقد تقدّم كلام الغزالي في سورة البقرة عند قوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٨ ]، وحاصله : أنَّ الحكم للغالب وقوة الباعث. انظر لفظه.
ثم قال ابن جزي : وأمَّا المنهيات فإنْ تَرَكها دون نية خرج عن عهدتها، ولم يكن له أجر في تركها، وإن تركها بنية وجه الله خرج عن عهدتها وأُجر. وأمَّا المباحات، كالأكل والشرب، والنوم والجماع وغير ذلك، فإن فَعَلَها بغير نية لم يكن له فيها أجر، وإن فَعَلَها بنية وجه الله فله فيها أجر، فإنَّ كُلَّ مباح يمكن أن يصير قُربة إذا قصد به وجه الله، مثل أن يقصد بالأكل القوة على العبادة، ويقصد بالجِمَاع التعفُّف عن الحرام، وشبه ذلك. هـ.
ودرجات الإخلاص ثلاث : الأولى : أن يعبد الله لطلب غرض دنيوي أو أخروي من غير ملاحظة أحد من الخلق، والثانية : أن يعبد الله لطلب الآخرة فقط، والثالثة : أن يعبد الله عبودية ومحبة.

ثم بين حال الفريقين في الآخرة بعد بيان حالهم في الدنيا – يعني أهل الكتاب والمشركين – فقال :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾*﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾*﴿ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رِّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ إِنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ﴾ المتقدمين في أول السورة، ﴿ في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شَرُّ البريَّةِ ﴾ أي : الخليقة ؛ لأنّ الله بَراهم، أي : أوجدهم. قُرئ بالهمزة، وهو الأصل، ويعدمه مع الإدغام، وهو الأكثر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : مَن كفر بأهل الخصوصية مِن أهل العلم وغيرهم لهم نار الحجاب والقطيعة، ومَن آمن بهم، ودخل تحت تربيتهم، له جنات المعارف خالداً فيها، رضي الله عنهم حيث قرَّبهم إليه، ورَضُوا عنه حيث سلّموا الأمر إليه، وخشوا بُعده وطرده. قال الإمام الفخر : اعلم أنَّ العبد مُركَّب من جسد وروح، فجَنّة الجسد هي الموصوفة في القرآن، وجنة الروح هي رضا الرب. والأُولى مبدأ أمره، والثانية منتهى أمره.
وقال الورتجبي : عن الواسطي : الرضا والسخط نعتان قديمان، يجريان على الأبد بما جرى في الأزل، يظهران الوسْم على المقبولين والمطرودين. فقد بانت شواهد المقبولين بضيائها عليهم، كما بانت شواهد المطرودين بظلمتها عليهم. ثم قال عن سهل : الخشية سر، والخشوع ظاهر. هـ. فالخشية محلها البواطن، والخشوع ظهور أثر الخشية في الظاهر. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.

﴿ إِنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خيرُ البريَّةِ ﴾ لا غيرهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : مَن كفر بأهل الخصوصية مِن أهل العلم وغيرهم لهم نار الحجاب والقطيعة، ومَن آمن بهم، ودخل تحت تربيتهم، له جنات المعارف خالداً فيها، رضي الله عنهم حيث قرَّبهم إليه، ورَضُوا عنه حيث سلّموا الأمر إليه، وخشوا بُعده وطرده. قال الإمام الفخر : اعلم أنَّ العبد مُركَّب من جسد وروح، فجَنّة الجسد هي الموصوفة في القرآن، وجنة الروح هي رضا الرب. والأُولى مبدأ أمره، والثانية منتهى أمره.
وقال الورتجبي : عن الواسطي : الرضا والسخط نعتان قديمان، يجريان على الأبد بما جرى في الأزل، يظهران الوسْم على المقبولين والمطرودين. فقد بانت شواهد المقبولين بضيائها عليهم، كما بانت شواهد المطرودين بظلمتها عليهم. ثم قال عن سهل : الخشية سر، والخشوع ظاهر. هـ. فالخشية محلها البواطن، والخشوع ظهور أثر الخشية في الظاهر. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.

﴿ جزاؤُهم عند ربهم جناتُ عدنٍ ﴾ إقامة، ﴿ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم ورَضُوا عنه ﴾ حيث بلغوا من الأماني قاصيها، وملكوا من المآرب ناصيتها، وأتيح لهم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ﴿ ذلك لِمَنْ خَشِيَ ربَّه ﴾، فإنَّ الخشية التي هي مِن خصائص العلماء به مناطاة بجميع الكمالات العلمية والعملية، المستتبعة للسعادة الدينية والدنيوية. والتعرُّض لعنوان الربوبية، المعربة عن المالكية والتربية ؛ للإشعار بعلو الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية. قاله أبو السعود.
وقوله :﴿ خير البرية ﴾ يدل على فضل المؤمنين من البشر على الملائكة. وفيه تفصيل تقدّم ذكره في النساء١. قال القشيري : قوله تعالى :﴿ خير البرية ﴾ يدل على أنهم أفضل من الملائكة. ه. قال في الحاشية : أي : في الجملة، ثم ذكر حكاية الرجل الذي أحياه الله بعد موته بدعوة عيسى، فقال : إنه كان في الجنة، وأنه مرّ بملأ من الملائكة، وهم يقولون : إنَّ من بني آدم لَمَنْ هو أكرم على الله من الملائكة. ثم ذكر عن نوادر الأصول : أنَّ المؤمن أكرم على الله من الملائكة المقربين، فانظره. وقال بعضهم : الملائكة عقل بلا شهوة، والبهائم شهوة بلا عقل، والآدمي فيه عقل وشهوة، فمَن غلب عقلُه على شهوته كان كالملائكة أو أفضل، ومَن غلبت شهوتُه على عقله كان كالبهائم أو أضلّ. ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : مَن كفر بأهل الخصوصية مِن أهل العلم وغيرهم لهم نار الحجاب والقطيعة، ومَن آمن بهم، ودخل تحت تربيتهم، له جنات المعارف خالداً فيها، رضي الله عنهم حيث قرَّبهم إليه، ورَضُوا عنه حيث سلّموا الأمر إليه، وخشوا بُعده وطرده. قال الإمام الفخر : اعلم أنَّ العبد مُركَّب من جسد وروح، فجَنّة الجسد هي الموصوفة في القرآن، وجنة الروح هي رضا الرب. والأُولى مبدأ أمره، والثانية منتهى أمره.
وقال الورتجبي : عن الواسطي : الرضا والسخط نعتان قديمان، يجريان على الأبد بما جرى في الأزل، يظهران الوسْم على المقبولين والمطرودين. فقد بانت شواهد المقبولين بضيائها عليهم، كما بانت شواهد المطرودين بظلمتها عليهم. ثم قال عن سهل : الخشية سر، والخشوع ظاهر. هـ. فالخشية محلها البواطن، والخشوع ظهور أثر الخشية في الظاهر. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.


١ انظر تفسير الآية ١٧٢ من سورة النساء..
Icon