تفسير سورة الفلق

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة الفلق من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه محمد ثناء الله المظهري . المتوفي سنة 1225 هـ

فقال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل قال الاخر مطبوب قال من طبه قال لبيد بن الأعصم قال فيما ذا قال فى مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر قال فاين هو قال فى ذروان بير بنى زريق قالت عائشة فاتاها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم رجع الى عائشة فقال والله لكان ماءها نقاعة الحناء ولكان نخلها رؤس الشياطين فقلت يا رسول الله فلا أخرجته قال اما انا قد شفانى الله كرهت ان اثير على الناس شرا قال البغوي وروى انه كان تحت صخرة فى البير فرفعوا الصخرة واخرجوا جف الطلعة فاذا فيه مشاطة راسه وأسنان مشطة وروى البغوي بسنده عن يزيد بن أرقم قال سحر النبي ﷺ رجل من اليهود فاشتكى لذلك إياها قال فاتاه جبرئيل فقال ان رجلا من اليهود سحرك فعقد لك عقدا فارسل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليا فاستخرجها كلما حل عقد وجد لذلك خفة فقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كانما نشط عن عقال فما ذكر ذلك اليهودي ولا راه فى وجهه واخرج ابن مردوية والبيهقي فى الدلائل عن عائشة ان يهوديا سحر النبي صلى الله عليه واله وسلم فى أجد عشر عقدة فى وتردسه فى بير فمرض النبي صلى الله عليه واله وسلم ونزلت معوذتان وأخبره جبرئيل بموضع السحر فارسل عليا فجاء به فقرأهما عليه فكان كلما قرأ اية انحلت عقدة ووجد بعض الخفة وروى انه لبث فيه ستة أشهر واشتد عليه ثلث ليال فنزلت معوذتين وروى مسلم عن ابى سعيد ان جبرئيل اتى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال يا محمد اشتكيت فقال نعم قال بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك من شر كل نفس او عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك قوله تعالى
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ اى فلق الصبح وهو قول جابر بن الحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة من قوله تعالى فالق الإصباح وقيل فلق الحب والنوى بالشطا والسحاب بالماء والأرض بالعيون والأرحام بالأولاد وقال الضحاك يعنى الفلق وهى رواية الوالبي عن ابن عباس والمشهور هو الاول وقال اكثر المفسرين وهى رواية عن ابن عباس انه سجن فى جهنم رواه ابن جرير وقال الكلبي واد فى جهنم واخرج ابن جرير عن ابى هريرة عن النبي ﷺ قال الفلق جب فى جهنم مغطى واخرج ابن جرير والبيهقي
عند عبد الجبار الخولاني قال قدم علينا رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فى دمشق فراى ما فيه الناس من الدنيا قال وما يغنى عنهم أليس ورائهم الفلق قالوا وما الفلق قال جب فى النار إذا فتح هرب منه اهل النار واخرج ابن ابى حاتم وابن ابى الدنيا وايضا عن عمرو بن عتبة قال الفلق بير فى جهنم إذا سعرت جهنم فمنه تسعر جهنم لتتاذى منه كما يتاذى بنو آدم من جهنم عليها الغطاء فاذا كشفت عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم من شدة حرما يخرج منه واخرج ابن ابى حاتم وابن جرير عن كعب قال الفلق بيت فى جهنم إذا فتح صاح اهل النار من شدة حره واخرج ابن ابى حاتم عن زيد بن على عن ابائه الكرام الفلق جب فى قعر جهنم وانما خص ذكر الله سبحانه فى الاستعاذة بهذه الصفة لان جهنم والفلق الذي هو أشد من اجزائه لما كان أدهى الا داهى وأعظم الأشياء شرا فخالقه وربه اقدر على دفع كل شر وان كان المراد بالفلق الصبح فالصبح دافع ومظهر الشرور غسق الليل فربه قادر على دفع كل شر فذكره تعالى بهذه الصفة داع الى دفع الشرور والله تعالى اعلم.
مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ اى من شر كل مخلوق فان الممكن لا يخلو من شر لان العدم داخل فى ماهيته غير انه كلما استضاء بالتجليات الذاتية والصفاتية زال شره وتبدل بالخير أولئك يبدل الله سياتهم حسنات وقال عليه الصلاة والسلام اسلم شيطانى فلا يأمرنى الا بخير قال البيضاوي خص عالم الخلق بالاستعاذة منه لانحصار الشر فيه فان عالم الأمر خير كله وشر عالم الخلق اما اختياري لازم كالكفر متعد كالظلم واما طبيعى كاحراق النار وإهلاك السموم.
وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ الغسق معناه الامتلاء قال الله تعالى انى غسق الليل اى امتلاءها ظلمة ويقال غسق العين إذا امتلئت دمعا وغسق القمر إذا امتلأ نورا وفى القاموس الغاسق القمر والليل إذا غاب الشفق والغسوق والاغساق الاظلام وقيل معناه السيلان غسق الليل الضباب ظلامه وغسق العين سيلان دمعه وغسق القمر سرعة سيره وقيل الغسق البرد سمى الليل غاسقا لانها أبرد من النهار والقمر غاسقا لكونه أبرد من الشمس ولهذا يقال للقمر الزمهرير والمراد بالغاسق هاهنا القمر لحديث عائشة قالت أخذ النبي صلى الله عليه واله وسلم بيدي فنظر الى القمر فقال يا عائشة
استعيذى بالله من شر غاسق إذا وقب رواه البغوي بسنده فعلى هذا التقدير معنى قوله تعالى إِذا وَقَبَ إذا دخل فى الخسوف وأخذ فى الغيبوبة فان القمر لا يتخسف الا عند امتلاء نور الليلة البدر قال ابن عباس والحسن ومجاهد المراد به الليل إذا اقبل ودخل سواده فى ضوء النهار وقال ابن زيد المراد به الثريا إذا أسقطت يقال الانتظام تكثر عند وقوعها وترفع عند طلوعها.
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ يعنى النفوس السواحر او النساء الساحرات اللاتي ينفثن فى عقد الخيط حين يرقين ويسحرن النبي ﷺ قال ابو عبيد بناته بامره.
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ اى إذا اظهر حسده وعمل فى الإضرار بمقتضى حسده وانما قيد به لان ضرر الحسد قبل ذلك يعود الى نفس الحاسد لاغتمامه لسرور غيره ولا يتجاوز الى المحسود انما خص هذه الأشياء بالذكر بعد التعميم بقوله من شر ما خلق لكون دخل هذه الأشياء الثلاثة فى هذا الشر المخصوص اعنى سحر النبي ﷺ ووسوسة شيطان الجن اعنى إبليس وشيطان الانس اعنى لبيد بن الأعصم أورد النفاثات بصيغة الجمع ولام العهد بخلاف غاسق وحاسد حيث أوردهما منكرا إذا الغرض فى الاستعاذة ملاحظة بنات لبيد بالتخصيص والتعين بخلاف غاسق وحاسد فان الغرض هناك استعاذة من شر اى غاسق وحاسد كان لان حساد النبي صلى الله عليه واله وسلم كانوا اكثر من ان يحصى وكانوا دائمين فى الحسد فاستعاذ منهم على وجه يأمن من شرهم فى المستقبل ايضا عن عقبة بن عامر قال قلت يا رسول الله اقرأ سورة هود وسورة يوسف قال لن تقرأ شيئا ابلغ عند الله من قل أعوذ برب الفلق رواه احمد والنسائي والدارمي والله تعالى اعلم.
Icon