ﰡ
سورة الحشر
مدنية وهى اربع وعشرون اية وثلث ركوعات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ بيان للموصول يعنى بنى النضير كانوا من أولاد هارون عليه السلام مِنْ دِيارِهِمْ التي كانت لهم بالمدينة قال ابن اسحق كان اجلاء بنى نضير عند مرجع النبي - ﷺ - من أحد وفتح قريظة عند مرجعه عن الأحزاب وبينهما سنتان وسبب إخراجهم ان النبي - ﷺ - لما دخل المدينة صالح بنو النضير على ان لا تقاتلوه ولا تقاتلوهن معه فقبل ذلك رسول الله - ﷺ - منهم فلما غزا رسول الله - ﷺ - بدرا وظهر على المشركين قالت بنو النضير والله النبي الذي وجدنا نعته فى التوراة لا ترد له راية فلما غزا أحد وانهزم المسلمون ارتابوا وأظهروا العداوة لرسول الله - ﷺ - والمؤمنين ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله - ﷺ - وركب كعب بن الأشرف من بنى النضير فى أربعين راكبا من اليهود الى مكة فاتوا قريشا فحالفوهم وعاقدوهم على ان يكون كلمتهم واحدة على محمد ودخل ابو سفيان فى أربعين من قريش وكعب فى أربعين من اليهود المسجد وأخذ بعضهم على بعض الميثاق بين الأستار والكعبة ثم رجع كعب وأصحابه الى المدينة فنزل جبرئيل فاخبر النبي - ﷺ - بما تعاقد عليه كعب وابو سفيان وامر النبي - ﷺ - بقتل كعب بن الأشرف فقتله محمد بن مسلم ذكرنا قصة قتله فى سورة ال عمران فى قوله تعالى لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وكان النبي - ﷺ - اطلع منهم على خيانات منها انهم أرسلوا الى رسول الله - ﷺ - ان اخرج إلينا فى ثلثين من أصحابك وليخرج منا ثلثون حبرا حتى نلتقى بمكان نصف بيننا وبينك فسمعوا منك فان صدقوك وأمنوا بك أمنا بك كلنا فلما كان الغد غدا إليهم رسول الله - ﷺ - فى ثلثين من أصحابه وخرج اليه ثلثون حبرا من يهود حتى إذا برزوا فى براز من الأرض قال بعضهم لبعض كيف تخلصون اليه ومعه ثلثون رجلا من أصحابه كلهم يحب ان يموت قبله فارسلوا اليه كيف نفهم ونحن ستون رجلا اخرج فى ثلثة من أصحابك ويخرج إليك ثلثة من علمائنا فيسمعون منك فان صدقوك
خصلتين والثلاثة لا خير فيها قال مادبا؟؟؟ يسلمون وتدخلون مع محمد فتامنوا على أموالكم وأولادكم وتكونوا على ما عليه أصحابه ويبقى بايديكم أموالكم ولا تخرجون من دياركم قالوا لا نفارق التوراة وعهد موسى قال فانه مرسل إليكم اخرجوا من بلدي فقولوا نعم فانه لا يستحل لكم دما ولا مالا ويبقى أموالكم ان شئتم بعتم وان شئتم امسكتم قالوا اما هذه فنعم قال سلام بن مشكم قد كنت لما صنعتم كارها وهو مرسل إلينا ان اخرجوا من دارى فلا تعقب ماضىء كلامه وأنعم له بالخروج من بلده فلما دخل النبي - ﷺ - المدينة أرسل الى محمد بن مسلمة فلما جاء قال اذهب الى اليهود بنى النضير فقل لهم ان رسول الله - ﷺ - أرسلني إليكم ان اخرجوا من بلدي فلما جائهم
قال انا أرسل الى حلفاء من غطفان فيدخلون معكم فسار النبي - ﷺ - الى بنى النضير واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وصلى رسول الله - ﷺ - العصر بفناء النضير فلما أراد رسول الله - ﷺ - وأصحابه قاموا على جدر حصونهم يرمون بالنبل والحجارة واعتزلهم بنو قريظة فلم يعينوهم فلما صلى رسول الله - ﷺ - العشاء رجع الى بيته فى عشرة من أصحابه استعمل على العسكر عليا ويقال أبا بكر وبات المسلمون يحاصرونهم حتى أصبحوا ثم اذن بلال فغدا رسول الله - ﷺ - فى أصحابه الذين كانوا معه فصلى بالناس فى قضاء بنى حطم فارسل حيى الى رسول الله - ﷺ - نحن نعطيك الذي سالت ونخرج من بلادك فقال رسول الله - ﷺ - لا اقبله اليوم ولكن اخرجوا منها ولكم ما حملت الإبل الا الحلفة فقال سلام بن مشكم اقبل ويحك قبل ان تقبل شرا من ذلك قال حيى ما يكون شرا من هذا قال يسبى الذرية ويقتل القاتل مع الأموال والأموال أهون علينا فابى حيى ان يقبل يوما او يومين فلما راى ذلك يامين بن عمير وابو سعيد ابن وهب قال أحدهما لصاحبه والله انك لتعلم انه رسول الله فما تنظران نسلم فتامن على دمائنا وأموالنا فنزلا من الليل فاسلما وحرز أموالهما ودمائهما وحاصر رسول الله - ﷺ - على قول محمد بن عمرو بن سعد والبلاذري وابو معشر وابن حبان خمسة عشر يوما وقال ابن اسحق وابو عمرو ست ليال وقال سليمان التيمي قريبا من عشرين ليلة وقال ابن الطلاع ثلث وعشرين ليلة وعن عائشة خمسة وعشرين وكانوا فى حصارهم يخربون بيوتهم بايديهم مما يليهم وكان المسلمون يخربون بايديهم ويحرقون حتى وقع الصلح ونزلت اليهود على ان لهم ما حملت الإبل الا الحلقة وجعل ما بين الرجل من قيس عشرة دنانير ويقال خمسة اوسق من تمر حتى قتل عمرو بن حجاش غيلة فسر رسول الله - ﷺ - فقال بنو النضير ان لنا ديونا على الناس فقال عليه السلام تعجلوا فكان لابى رافع على أسيد بن حضير عشرين ومائة دينارا الى سنة فصالحة على ثمانين فخرجت بنو النضير جملوا النساء والذرية وما استقلت به الإبل من الامتعة فكان الرجل يهدم بيته عن إيجاف بابه وقبض رسول الله - ﷺ - الأموال والحلقة فوجد خمسين درعا وخمسين بيضة وثلاثمائة وأربعين سيفا قال ابن عباس صالحهم رسول الله - ﷺ - على ان يحمل كل اهل ثلثة أبيات على بعير ما شاؤا من متاعهم وللنبى - ﷺ - ما بقي وقال الضحاك اعطى كل ثلثة نفر بعيرا ففعلوا ذلك فخرجوا من المدينة الى الشام اى أذرعات وأريحا الا اهل ستين ال حقيق وال حيى بن اخطب فانهم لحقوا الخيبر
وثوقهم بحصانتها وزعم انهم فى عزة ومنعة لسببها ويجوز ان يكون ما نعتهم مبتداء من القسم الثاني صفة وحصونهم فاعل له والجملة خبر ان ايضا فَأَتاهُمُ اللَّهُ اى امر الله وعذابه وهو الاضطرار الى الجلاء مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا حيث القى الرعب فى قلوبهم وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الفزع والخوف كذا فى القاموس او المعنى القى فيها الخوف الذي يرعيها اى يملاها كذا قال البيضاوي وفى القاموس رعبه كمنعه ملاه عطف تفسيرى على اتبعهم بيان لجهة إتيان عذابهم يُخْرِبُونَ صفة مصارع بمعنى الماضي أورد لاستحضار صورة بديعة بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ عطف على أيديهم من حيث ان تخريب المؤمنين سبب لبغضهم ونقض عهدهم فكانهم استعملوهم فيه والجملة حال من الموصول المفعول لا خرج فى قوله تعالى هو الذي اخرج الذين كفروا او بدل اشتمال من قوله تعالى قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ كانه تفسير له او مستانفة فى جواب ما صنعوا قرأ ابو عمرو يخربون بالتشديد من التفعيل وهو ابلغ لما فيه من التكثير والباقون بالتخفيف من للافعال وقيل الأحزاب؟؟؟ التعطيل وترك الشيء خرابا والتخريب ان النبي - ﷺ - صالحهم على ان لهم ما أقلت الإبل فكانوا ينظرون الى الخشب فى منازلهم فيهدمونها وينزعون منها ما يحتسنونه فيحملونه على بلهم ويخرب المؤمنون باقيها
بن سعدى ولم تؤخر الأمر وهو مقبل قال كعب ما على هذا فوات متى أردت هذا
وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ فى اللوح المحفوظ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ اى الخروج من الوطن لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا ط بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ جملة مستانفة يعنى ان نجوا من عذاب الدنيا لا ينجون من عذاب النار فى الاخرة البتة.
ذلِكَ لحقهم فى الدنيا وما كانوا يصدده وما استحقوه من عذاب الاخرة بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ يعذبه عذابا شديدا لانه شَدِيدُ الْعِقابِ اخرج ابن اسحق عن يزيد بن رومان قال لما نزل رسول الله - ﷺ - بنى النضير تحصنوا منه فى الحصون فامر بقطع النخل والتحريق فيها وذكر محمد بن يوسف الصالحي انه - ﷺ - استعمل على قطعها أبا ليلى المازني وعبد الله بن سلام وكان ابو ليلى بقطع العجوة وكان عبد الله بن سلام بقطع اللون فقيل لهما ذلك فقال ابو ليلى العجوة احرق لهم وقال عبد الله بن سلام قد عرفت ان الله سيغنم أموالهم العجوة خير أموالهم فلما قطعت العجوة شق النساء الجيوب وضربن الخدود ودعون بالويل فجعل سلام بن مشكم يقول يا حيى العذق من العجوة بفرس فلا يطعم ثلثين سنة تقطع فارسل حيى الى رسول الله - ﷺ - كنت تنهى عن الفساد فلم تقطع النخل ووجد بعض المسلمين فى أنفسهم من قولهم وخشوا ان يكون فسادا فقال بعضهم لا تقطعوا فانه مما أفاء الله علينا وقال بعضهم بل نغيضهم بقطعها فانزل الله تعالى.
ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ كما فعل ابو ليلى ما شرطية منصوب المحل مفعول لقطعتم ومن لينة بيان له يعنى اى شىء قطعتم حال كونه من لينة فعلتم من اللون ويجمع على الألوان وقيل هو من اللين كذا ذكر فى الصحاح قال البغوي اختلفوا فى معنى اللينة فقال قوم النخل كلها لينة داخلا العجوة وهو قول عكرمة وقتادة ورواية زاذان عن ابن عباس قال كان النبي - ﷺ - يقطع نخلهم الا العجوة واهل المدينة ما خلا العجوة من التمر الألوان واحدها لين ولينة وقال الزهري هو ألوان النخل كلها الا العجوة والبرنية وقال مجاهد وعطية هى النخل كلها من غير استثناء وقال العوفى عن ابن عباس من النخل وقال سفيان هى كرام النخل وقال مقاتل هى ضرب من النخل يقال لتمرها اللون وهى شديد الصفرة يرى نواة من خارج يغيب فيالضرس وكان من أجود تمر هى اعجب إليهم
وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ القى الرجوع وأفاء بمعنى عاد وقال الجوهري الفى الرجوع الى حالة محمودة قال الله تعالى حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا... فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ولما كان الرجوع يقتضى سبق الملك قال البيضاوي
. ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى اى اموال اهل القرى بيان للاول ولذلك لم يعطف لكنه يعم الاول يعنى بنى النضير وغيره فان قيل لو كان هذا بيانا للاول لكان للانصار ايضا حقا فى فىء بنى النضير مع ان النبي - ﷺ - لم يعط من فىء بنى النضير شيئا للانصار غير ثلثة منهم قلنا كان للانصار ايضا فيه حقا لكنهم اثروا المهاجرين على أنفسهم وجعل حقهم لهم كما سياتى قال ابن عباس فى تفسير اهل القرى وهى قريظة والنضير وفدك وخيبر وقرى عرينة وقال جلال الدين المحلى كان الصفراء ووادي القرى وينبع قلت والصحيح ان خيبر فتحت عنوة وقسمت بين اهل الحديبية على ثمانية عشر سهما كما مر فى سورة الفتح فَلِلَّهِ افتتاح كلام للتبرك واضافة هذا المال الى نفسه لشرفه وليس المراد منه ان سهما منه له تعالى مفردا فان الدنيا والاخرة كلها لله تعالى وهو قول الحسن وقتادة وعطاء وابراهيم والشعبي وعامة الفقهاء وعامة المفسرين وقال بعضهم يصرف سهم الله تعالى فى عمارة الكعبة والمساجد وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى يعنى أقرباء رسول الله - ﷺ - وهم بنو هاشم وبنو المطلب لحديث جبير بن مطعم قال لما قسم رسول الله - ﷺ - سهم ذوى القربى بين بنى هاشم وبنى المطلب أتيته انا وعثمان فقلنا يا رسول الله هؤلاء إخواننا من بنى هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله منهم ارايت إخواننا من بنى المطلب اعطيتهم وتركتنا وانما قرابتنا وقرابتهم واحدة فقال رسول الله - ﷺ - انما بنو هاشم وبنو المطلب شىء واحد هكذا وشبك بين أصابعه رواه الشافعي وفى رواية ابو داود والنسائي نحوه وفيه انا وبنو المطلب لا نفترق فى الجاهلية ولا اسلام وانما نحن وهم شىء واحد وشبك بين أصابعه وَالْيَتامى الصغار الذين لا اب لهم وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ المسافر البعيد من ماله كان المستفاد فيما مر من الاية
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ بدل من لذى القربى وما عطف عليه فان الرسول لا يسمى فقيرا وقد اخرج الله رسوله من الفقراء لقوله ينصرون الله ورسوله قبل هذا بدل الكل من الكل واللام فى للفقراء للعهد والمراد منه هم المذكورون اعنى ذوى القربى واليتامى والمساكين فلا يلزم ان لا يكون المذكورون سابقا مصرفا نظرا الى المبدل منه لا يكون مقصودا بالنسبة بل البدل هو المقصود بالنسبة وعندى ان الفقراء المهاجرون وما عطف عليه أعم مطلقا مما سبق فانهم استوعبوا المؤمنين الى يوم القيامة أجمعين غنيهم وفقيرهم على ما ستذكر إنشاء الله تعالى فهذا بدل الكل من البعض وهو من قبيل الاشتمال وعلى كلا التقديرين فما سبق فى الذكر من ذوى القربى وما عطف عليه وان لم يكن مقصودا بالنسبة لفظا لكنها داخلة فى المقصود اعنى البدل او عينه والله تعالى اعلم
- ﷺ - لما سئل يوم الفتح اين تنزل غدا بمكة قال هل ترك لنا عقيل من منزل وجه الاحتجاج ان عقيلا استولى عليه وهو على كفره وقيل ان الحديث انما هو دليل على ان المسلم لا يرث الكافر فان عقيلا استولى على الرباع بإرثه إياها أبا طالب فانه مات وترك عليا وجعفر مسلمين وعقيلا وطالبا كافرين فورثاه والله تعالى اعلم احتج الشافعي بحديث رواه احمد ومسلم فى صحيحه عن عمران بن حصين قال كانت العضباء لرجل من بنى عقيل وكانت من سوابق الحاج فاسر الرجل وأخذت العضباء معه فحبسها رسول الله - ﷺ - لرجله ثم ان المشركين أغاروا على سرج المدينة وفيه العضباء وأسروا امرأة من المسلمين وكانوا إذا نزلوا يريحون إبلهم فى أفنيتهم فلما كانت ذات ليلة قامت المرأة وقد نوموا فجعلت لا تضع يدها على بعير الا رغا حتى أتت على العضباء فاتت على ناقة ذلول فركبتها ثم توجهت قبل المدينة ونذرت لئن الله عز وجل نجاها عليها لنحر بها فلما قدمت عرفت الناقة فاتوا بها النبي - ﷺ - فاخبرت المرأة نذرها فقال رسول الله - ﷺ - تبسما خبريتها او وفيتها ان الله أنجاها عليها لتنحر بها ثم قال رسول الله - ﷺ - لا وفاء لنذر فى معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم وجه الاحتجاج انه لو ملكها المشركون ما أخذها رسول الله - ﷺ - وما بطل نذرها وحديث رواه داود عن ابن عمر قال ذهب فرس له فاخذها الكفار فظهر عليهم المسلمون فرد عليه فى زمن رسول الله - ﷺ - وابق عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرد عليه خالد بن وليد وفاة رسول الله - ﷺ - والجواب عن الحديث الاول ان ظاهر هذا الحديث يدل على ان الكفار لم يحرزوا العضباء بديارهم حيث قال وكانوا إذا نزلوا يريحون أهلهم فى أفنيتهم وعن الحديث الثاني انا نقول على حسب مقتضى هذا الحديث حيث نقول ان المشركين إذا غلبوا على أموالنا وملكوها فظهر عليهم المسلمون ووجدها ملاكها قبل القسمة ردت تلك الأموال عليها بلا شىء وبعد القسمة ردت بالقيمة وان عبدا إذا ابق فدخل إليهم فاخذوه لم يملكوه عند ابى حنيفة رح ثم إذا ظهر عليهم المسلمون يأخذ المالك القديم بغير شىء موهوبا كان او مشترى مغنوما قبل القسمة وبعده والله تعالى اعلم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ يعنى ثوابا زايدا على قدر أعمالهم أضعافا كثيرة وَرِضْواناً جملة يبتغون حال مقيدة لاخراجهم بما يوجب
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ الاية وروى البخاري عن ابى هريرة بلفظ قالت الأنصار اقسم بيننا وبين إخواننا النخل قال لا تكفونا المؤن وتشرككم فى الثمر قالوا سمعنا واطعنا وليس ذكر نزول الاية صحيح والمعنى تبوء وادارا بحره وتمكنوا فى الايمان وهم أنصار شبه الايمان بالمقر لدوام اثباتهم عليه واثبت التبوء على الاستعارة التخييلية وجاز ان يكون الايمان منصوبا بالفعل المقدر يعنى وأخلصوا الايمان من قبيل علفتها تبنا وماء باردا يعنى وسقيتها ماء باردا وقيل المعنى تبؤوا دار الهجرة ودار الايمان وهى المدينة فحذف المضاف من الثاني والمضاف اليه من الاول وعوض عنه اللام سمى المدينة دار الايمان لانها مظهره عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله - ﷺ - يقول ان الله تعالى سمى المدينة طابة رواه مسلم وعن جابر بن عبد الله فى حديث قال قال رسول الله - ﷺ - انما المدينة كالكير تنفى خبثها وتنصع طيبها متفق عليه وروى مسلم عن ابى هريرة بمعناه مِنْ قَبْلِهِمْ اى من قبل هجرة المهاجرين وقيل تقدير الكلام والذين تبوء الدار من قبلهم والايمان يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ فى أنفسهم حاجَةً قيل المحتاج اليه يسمى حاجة والمعنى طلب حاجة وقيل المراد
يريانه انهما يأكلان فباتا لهاويين؟؟؟ ثم غدا الرجل على رسول الله - ﷺ - فقال لقد اعجب الله أو ضحك من فلان وفلانة فانزل وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ واخرج مسدد فى مسنده وابن المنذر عن ابى المتوكل الناجي ان رجلا من المسلمين فذكر نحوه وفيه ان الرجل الذي أضاف ثابت بن قيس بن شماس فنزلت فيه هذه الاية واخرج الواحدي من طريق محارب ابن دثار عن ابن عمر قال اهدى لرجل من اصحاب رسول الله - ﷺ - راس شاة فقال ان أخي فلان وعياله أحوج الى هذا منا فبعث به إليهم فلم يزل يبعث به واحد الى اخر حتى تداولها سبعة أبيات حتى رجعت الى أولئك فنزلت وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وروى البخاري عن انس بن مالك قال دعى النبي - ﷺ - الأنصار الى ان يقطع لهم البحرين فقالوا لا ان نقطع لاخواننا من المهاجرين مثلنا قال فاصبروا حتى تلقونى فانه سيصيبكم اثره بعدي وذكر البلاذري فى فتوح البلدان انه قال ابو بكر رض جزاكم الله يا معشر الأنصار فو الله ما مثلنا ومثلكم الا كما قال الغنوي جزا الله عنا جعفرا حين ارتعت بنا تعلنا فى الوطنين فنزلت أبوا ان يحلونا ولو ان أمنا تلقى الذي يلقون مناطلت- وروى الآجري فى كتاب الشريعة عن قيس بن ابى حازم نحوه وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ حتى يخالفها فيما يغلب عليها من حب المال وبغض الانفاق فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الشح البخل والحرص كذا فى القاموس وفى الصحاح بخل مع حرص قال البغوي فرق العلماء بين الشح والبخل روى ان رجلا قال لعبد الله بن مسعود انى أخاف ان أكون قد هلكت قال وما ذاك قال اسمع الله يقول ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون وانا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدى شىء قال عبد الله ليس ذاك بالشح الذي ذكره الله عز وجل ولكن الشح ان تأكل مال أخيك ظلما ولكن ذاك البخل وبئس الشيء البخل وقال عمر ليس الشح ان يمنع الرجل ماله انما الشح ان تطمع عين الرجل الى ما ليس له وقال سعيد بن جبير الشح هو أخذ الحرام ومنع الزكوة وقبل الشح الحرص الشديد الذي يحمله على ارتكاب المحارم وقال ابن زيد من لم يأخذ شيئا نهاه الله عنه ولم يدعه الشح الى ان يمنع شيئا من شىء امره الله به فقدوقى شح نفسه عن جابر بن عبد الله ان رسول الله - ﷺ - قال اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فان الشح أهلك من كان قبلكم حملهم ان يسفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم رواه مسلم واحمد وعن ابى هريرة انه سمع رسول الله - ﷺ - يقول لا يجتمع غبار فى سبيل الله ودخان فى جوف عبد ابدا ولا يجتمع الشح والايمان فى قلب عبد ابدا رواه البغوي وكذا روى النسائي.
وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ
- ﷺ - لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا يشير بكفيه فقال له ابو بكر خذ فاخذ بكفيه ثم عده فوجده خمسمائة فقال خذ إليها الفا فاخذ الفا ثم اعطى كل انسان كان رسول الله - ﷺ - وعده شيئا وبقي بقية من المال فقسمه بين الناس بالسوية على الصغير والكبير والحر والمملوك والأنثى فخرج على تسعة دراهم وثلث لكل انسان فلما كان العام المقبل جال اكثر من ذلك فقسمه بين الناس فاصاب كل انسان عشرون درهما فجاء ناس من المسلمين قالوا يا خليفة رسول الله انك قسمت هذا فسويت بين الناس وعن الناس أناس لهم فضل وسوابق وقدم فلو فضلت اهل السوابق والقدم والفضل بفضلهم قال فقال اما ما ذكرتم من السوابق والقدم فما أعرفني بذلك وانما ذلك شىء ثواب على الله هذا معاش فالاسوة فيه خير من الاثرة فلما كان عمر بن الخطاب رض وجائته الفتوح فضل وقال لا اجعل من قاتل رسول الله - ﷺ - كمن قاتل معه ففرض اهل السوابق والقدم من المهاجرين والأنصار فمن شهد بدرا خمسة آلاف خمسة آلاف ولمن كان له اسلام كاسلام بدر دون ذلك أنزلهم على قدر منازلهم من السوابق قال ابو يوسف وحدثنى ابو معشر قال حدثنى عمر مولى عفرة وغيره قال لما جائت عمر بن الخطاب
بنى هاشم ففرض للبدريين أجمعين عربيهم ومولاهم خمسة آلاف
بالحاصل فى كل ناحية من فيها منهم وسهم لمصالح المسلمين كسد الثغوز والقضاة والعلماء ويقدم الأهم واما الأخماس الاربعة فالاظهر انها للمرتزفة وهم أجناد المرصدون للجهاد فيضع الامام ديوانا فيعطى كل واحد منهم كفاية ويقدم فى الإعطاء قريشا ومنهم بنى هاشم والمطلب ثم عبد الشمس ثم نوفل ثم عبد العزى ثم ساير البطون الأقرب فالاقرب الى رسول الله - ﷺ - ثم الأنصار ثم ساير العرب ثم العجم ولا يثبت فى الديوان أعمى ولا زمنا ولا من لا يصلح للقتال فان فضلت الأخماس الاربعة عن حاجات المرتزفة وزع عليهم على قدر مؤنتهم والأصلح انه يجوز ان يصرف بعضه فى إصلاح الثغور والكراع هذا حكم منقول الفيء واما عقارة فالمذهب ان يجعل وقفا ويقسم غلته كذلك كذا فى المنهاج ويؤيد مذهب الجمهور فى عدم التخميس ما ذكره محمد بن يوسف الصالحي فى سبيل الرشاد فى اموال بنى النضير انه قال عمر بن خطاب يا رسول الله الا تخمس ما أصبت فقال رسول الله - ﷺ - لا اجعل شيئا جعله الله تعالى دون المؤمنين بقوله تعالى ما أفاء الله على رسوله من اهل القرى الاية كهيئته ما وقع فيه السهمان قال ابن همام ذكروا ان قول الشافعي فى تخميس الجزية مخالف للاجماع قال الكرخي ما قال به أحد قبله ولا بعده ولا فى عصره ووجه قوله القياس على الغنيمة قال ابن همام انه ﷺ أخذ الجزية من مجوس هجر ونصارى نجران وفرض الجزية على اهل اليمن ولم ينقل منه التخميس ولو كان لنقل وروى ابو داود بسند فيه ضعف ان عمر بن عبد العزيز كتب الى عماله ان ما حكم عمر بن الخطاب فراه المؤمنون عدلا موافقا لقول النبي - ﷺ - والله تعالى اعلم.
لَئِنْ أُخْرِجُوا اى اليهود لا يَخْرُجُونَ اى المنافقون جواب للقسم لفظا وجزاء للشرط معنى وكذا قوله تعالى لا ينصرونهم مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ ج وفيه معجزة حيث كان الأمر فى المستقبل كذلك فان بنى نضير اخرجوا ولم يخرج معهم عبد الله بن ابى بن سلول ولا منافقوا قريظة وقريظة قوتلوا وقتلوا لم ينصرهم منافقوا مدينة وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ على الفرض والتقدير وقال الزجاج معناه لو قصدوا نصر اليهود لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ منهزمين ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ اى كفار اليهود ولا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصروهم وجاز ان يكون ضمير لا ينصرون راجعا الى المنافقين.
لَأَنْتُمْ ايها المسلمون أَشَدُّ رَهْبَةً اى مرهوبة فِي صُدُورِهِمْ اى المنافقين مِنَ اللَّهِ حيث يومنون باللسان دون القلب مخافة الناس دون الله تعالى العالم بما فى الصدور ذلِكَ الخوف منكم دون الله تعالى بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ اى لا يعرفون الله تعالى وعظمته وان الله تعالى هو النافع والضار وافعال العباد انما هى مخلوقة له تعالى فهو الحقيق بان يخشى دون غيره.
لا يُقاتِلُونَكُمْ اى الكفار والمنافقون جَمِيعاً اى مجتمعين على عزم واجتهاد ولا لقاء الله تعالى الرعب فى قلوبهم إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ بالاروب والخناديق يعنى لا يبرزون لقتالكم رهبة منكم أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ ط قرأ ابن كثير وابو عمرو جدارا بكسر الجيم وفتح الدال والف بعدها على التوحيد وامال ابو عمر وفتح الدال والباقون بضم الجيم والدال على الجمع بَأْسُهُمْ يعنى صبرهم وشجاعتهم بَيْنَهُمْ يعنى فى مقابلة
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعنى مثلهم اى بنى النضير كمثل الذين من قبلهم قَرِيباً يعنى اهل بدر من مشركى مكة كذا قال مجاهد وقال ابن عباس يعنى ببني قينقاع من اليهود هم قوم عبد الله بن سلام رض كانوا حلفاء عبد الله بن ابى بن سلول او عبادة بن الصامت وغيرهما من قومهما وكانوا أشجع يهود وكانوا صاغة ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ ج يعنى سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله - ﷺ - فى الدنيا وذلك انه لما قدم النبي - ﷺ - مهاجرا وادعته اليهود كلها كتب بينه وبينهم كتابا والحق كل قوم بحلفائهم وجعل بينه وبينهم أمانا وشرط عليهم شروطا منهما ان لا يظاهروا عليه عدوا فلما كانت يوم بدر كانت قينقاع أول يهود ونقضوا العهد وأظهروا البغي والحسد فبينماهم على ما هم عليه من اظهار العداوة ونبذ العهد قدمت امرأة من العرب يحلب لها فباعت بسوق بنى قينقاع وجلست الى صايغ بها لحلى فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فلم تفعل فعمد الصانع الى طرف ثوبها من ورائها فخله بشوكة وهى لا تشعر فلما قامت بدت عورتها فضحكوا منها فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصانع فقتله وكان يهوديا وشدت اليهود على المسلم فقتلوه ونبذوا العهد الى النبي - ﷺ - واستصرخ اهل المسلم المسلمين على اليهود وغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بنى قينقاع وانزل الله سبحانه وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ على سواء فقال ﷺ انما أخاف من بنى قينقاع فسار إليهم رسول الله - ﷺ - بهذه الاية وحمل لوائه حمزة بن عبد المطلب واستخلف على المدينة أبا لبابة فتحصنوا فحاصرهم أشد الحصار فقاموا على ذلك خمسة عشر ليلة حتى قذف الله فى قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله - ﷺ - على ان للرسول - ﷺ - أموالهم وان لهم النساء والذرية فكتفوا واستعمل على كنا فهم المنذرين قرامة السلمى ومشى عبادة بن الصامت الى رسول الله - ﷺ - وقالوا يا رسول الله انوى الله ورسوله وابرأ من حلف هؤلاء الكفار فقام الى رسول الله - ﷺ -
كَمَثَلِ الشَّيْطانِ اى مثل المنافقين عبد الله بن ابى بن سلول وأشباهه فى اغترار اليهود على القتال كمثل الشيطان إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ قال البغوي روى عطاء وغيره عن ابن عباس قال كان راهب فى الفترة يقال له برصيصا يعبد فى صومعة له سبعين سنة لم يعص الله فيها طرفة وان إبليس اعياه فى امره الحيل فجمع ذات يوم مردة الشياطين فقال الا أجد أحدا يكفينى امر برصيصا فقال الأبيض وهو صاحب الأنبياء وهو الذي تصدى للنبى - ﷺ - وجاءه فى صورة جبرئيل ليوسوس على وجه الوحى فدفعه جبرئيل الى أقصى ارض الهند فقال الأبيض لابليس انا أكفيك فانطلق فتزين بزينة الرهبان وحلق وسط راسه واتى صومعة برصيصا فناداه فلم يجبه وكان لا ينقتل من صلوته الا فى عشرة ايام ولا يفطر الا فى عشرة ايام مرة فلما راى الأبيض انه لا يجيبه اقبل على العبادة فى اصل صومعته فلما انفتل برصيصا اطلع من صومعة فراى الأبيض قايما يصلى فى هيئة حسنة من هيئة الرهبان فلما راى ذلك من حاله ندم فى نفسه حين لم يجبه فقال له انك ناديتنى وكنت مشتغلا عنك فما حاجتك قال حاجتى انى أحببت ان أكون معك فاتاوب بك واقتبس من علمك
به حتى واقعها فلم يزل على ذلك يأتيها حتى حملت فظهر حملها فقال له الشيطان ويحك قد افتضحت يا برصيصا فهل لك ان تقتلها وتتوب فان سالوك فقل ذهب بها شيطانها فلم اقدر عليه فقتلها ثم انطلق بها فدفنها الى جانب الجبل فجاء الشيطان وهو يدفنها ليلا فاخذ بطرف إزارها فبقى طرفة خارجها من التراب ثم رجع برصيصا الى صومعة فاقبل على صلوته إذ جاءه إخوتها يتعاهدون أختهم وكانوا يجيئون فى فرط الأيام يسألون عنها ويصونه بها فقالوا يا برصيصا ما فعلت أختنا قال قد جاء شيطانها فذهب بها ولم أطقه فصدقوه فانصرفوا فلما أمسوا وهم مكروبون جاء الشيطان الى أكبرهم فى منامه فقال ويحك ان برصيصا قد فعل بأختك كذا وكذا وانه دفنها فى موضع كذا فقال الأخ فى نفسه هذا حلم وهو من عمل الشيطان فان برصيصا خير من ذلك قال فتتابغ عليه ثلث ليال مرات ليلا فلم يكترث فانطلق الى الأوسط بمثل ذلك فقال الأوسط مثل ما قال الأكبر فلم يخبربه أحدا فانطلق الى أصغرهم بمثل ذلك فقال أصغرهم لاخويه والله لقد رايت كذا وكذا وقال الأوسط وانا والله قد رايت مثله...
فانطلقوا الى برصيصا وقالوا يا برصيصا ما فعلت أختنا قال أليس قد أعلمتكم بحالها فكانكم اتهمتموني فقالوا والله ما نتهمك واستحيوا منه فانصرفوا فجائهم الشيطان وقال ويحكم انها لمدفونة فى موضع كذا وان طرف إزارها خارج من التراب فانطلقوا فرأوا أختهم على ما رأوا فى النوم فمشوا فى مواليهم وغلمانهم معهم الفئوس والمساجى فهدموا صومعة فانزلوه ثم كتفوه فانطلقوا به الى الملك فاقر على نفسه وذلك ان الشيطان أتاه فقال تقتلها ثم تكابر يجتمع عليك أمران قتل ومكابرة اعترف فلما اعترف امر الملك بقتله وصلبه على خشية فلما صلب أتاه الأبيض قال يا برصيصا أتعرفني قال لا قال انا صاحبك الذي علمتك الدعوات فاستجيب لك ويحك ما اتقيت الله فى أمانتك خنت أهلها فانك زعمت انك اعبد بنى إسرائيل اما استحييت فلم يزل يعيره ثم قال فى اخر ذلك الم يكفك ما صنعت حتى أقررت على نفسك وفضحت نفسك وفضحت اشياهك من الناس فان مت على هذه الحالة فلم يفلح أحد من نظرايك قال فكيف اصنع قال تطيعنى فى خصلة واحدة حتى انجيك مما أنت فيه فاخذ باعينيهم واخرجك من مكانك قال وما هى قال تسجد لى قال افعل فسجد له فقال يا برصيصا هذا الذي أردت منك صار عاقبة أمرك الى ان كفرت
فَكانَ عاقِبَتَهُما اى الإنسان والشيطان أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ اى نفس كل أحدكم ما قَدَّمَتْ يعنى اى شىء قدمت من عمل صالح ينجيه او سىء يوبقه فينزع عنه ويستغفر منه لِغَدٍ ج اى ليوم القيامة سماه غدا لدنوه أو لأن الدنيا كيوم واحد والاخرة غد فى الحديث الدنيا يوم ولنا فيها صوم وَاتَّقُوا اللَّهَ ط تكرير للتاكيد او الاول لاداء الواجبات والثاني لترك المحارم لاقترانه لقوله إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ وهو كالوعيد على المعاصي.
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فلا يبالون بإتيان مناهيه وترك أوامره فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ اى حظوظ أنفسهم حتى لم يقدموا لها خيرا او أراهم يوم القيامة من الهول ما أنساهم أنفسهم أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ الكاملون فى الفسق.
لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ اى الذين استمهنوا أنفسهم فاستحقوا النار والذين استكملوا أنفسهم فاستحقوا الجنة استدل الشافعية بهذه الاية ان المسلم لا يقتل بالكافر قصاصا وليس شىء فان المراد عدم مساواتهم فى الاخرة حيث قال الله تعالى أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم.
لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ط قيل هذا تمثيل وتخييل يعنى لو جعل فى الجبل تميزا وانزل عليه القران تخشع وتشقق وتصدع من خشية الله مع صلابته ورزانته حذرا من ان لا يؤدى حق الله عز وجل فى تعظيم القران والكافر يعرفن عما فيه من العبر كان لم يسمعها وجاز ان يقال ان الجمادات ان كانت فى الظاهر عديمات الشعور لكنها بالنسبة الى خالقها ذات شعور وخشية قال الله تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وقال النبي - ﷺ - الجبل
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ج قد بسطنا الكلام فى تفسير الغيب والشهادة فى سورة الجن فى تفسير قوله تعالى لا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ الظاهر من كل عيب البليغ فى النزاهة عما لا يليق به السَّلامُ ذو السلامة من كل نقص وافة مصدر وصف به للمبالغة الْمُؤْمِنُ قال ابن عباس الذي أمن الناس من ظلم وأمن من أمن به من عذاب فهو من الامان ضد التخويف وقيل معناه المصدق لرسله بإظهار المعجزات الْمُهَيْمِنُ الشهيد على عباده بأعمالهم يقال همن يهمن إذا كان رقيبا على الشيء كذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدى ومقاتل كذا قال فى القاموس حيث قال همن على كذا إذا صار رقيبا عليه حافظا وكذا قال الخليل وقيل أصله ما من من الا من قلبت همزة الثانية ياء او الاولى هاء ومعناه المؤمن كذا قال ابن زيد ان معناه المصدق وقال سعيد بن المسيب والضحاك وابن كيسان هو اسم من اسماء الله تعالى فى الكتب السماوية الله تعالى اعلم بتأويله الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ قال ابن عباس هو العظيم وجبروت الله عظيمه فهو صفة ذات وقيل هو من الجبر بمعنى الإصلاح يقال جبرت الأمر وجبرت العظم إذا أصلحته بعد الكسر فهو يغنى الفقير ويصلح الكسر فى الحديث جابر العظم الكسير وقال السدى ومقاتل هو الذي يقهر الناس ويجبر على ما أراد سئل بعضهم عن معنى الجبار قال هو القهار الذي إذا أراد امرا فعل لا يقدر أحد على ان يحجره الْمُتَكَبِّرُ ط التفعل للمبالغة والكبر والكبرياء الامتناع فهو الممتنع عن كل ما يوجب حاجة او نقصانا وقيل المتكبر المتعظم وقيل ذو الكبرياء وهو الملك سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ إذ لا يشاركه أحد فى شىء من ذلك.
هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ المقدر للاشياء كما قال يخلقكم فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق وفى القاموس المبدء الشيء المخترع على غير مثال سبق الْبارِئُ الموجد للاشياء بريا من التفاوت فى القاموس
مكّيّة وهى ثلث عشرة اية وفيها ركوعان بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ذكر البغوي وغيره ان سارة مولاة ابى عمرو بن صفى بن هاشم بن عبد مناف أتت المدينة من مكة ورسول الله - ﷺ - يتجهز لفتح مكة فقال لها رسول الله - ﷺ - أمسلمة جئت قالت لا قال أمهاجرة جئت قالت لا قال فما جاء بك قالت كنتم الأهل والعشيرة والموالي وقد ذهبت موالى فاحتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطونى وتكسونى وتحملوني فقال اين أنت من شبان مكة وكانت مغنية نايحة قالت ما طلب منى شىء بعد وقعة بدر فحث رسول الله - ﷺ - بنى عبد المطلب وبنى المطلب فاعطوها نفقة وكسوها وحملوها فاتاها حاطب بن ابى بلتعة حليف بنى اسد بن عبد العزى فكتب معها الى اهل مكة وأعطاها عشرة دنانير وكساها بردا على ان توصل الكتاب الى اهل مكة وكتب فى الكتاب من حاطب بن ابى بلتعة الى اهل مكة ان رسول الله - ﷺ - يريدكم فخذوا حذركم فخرجت سارة ونزل جبرئيل فاخبر النبي صلى الله تعالى عليه واله وسلم بما فعل حاطب فبعث رسول الله - ﷺ - عليا وعمارا والزبير وطلحة ومقداد بن الأسود وأبا مرثد فرسانا فقال لهم انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فان بها ظعينة معها كتاب من حاطب بن ابى بلتعة الى المشركين فخذوه منها وخلوا سبيلها وان لم تدفع إليكم فاضربوا عنقها قال فخرجوا حتى أدركوها فى ذلك المكان الذي قال رسول الله - ﷺ - فقالوا لها اين الكتاب فحلفت بالله ما معها كتاب فبحثوها وفتشوا متاعها فلم يجدوا معها كتابا فهموا بالرجوع فقال على والله ما كذبنا ولا كذب رسول الله وسل سيفه وقال اخرجى الكتاب والا لاجزدنك؟؟؟ ولاضربن عنقك فلما رأت الجد أخرجته من ذوابتها قد خباها فى شعرها فخلوا سبيلها ولم يتعرضوا لها ولا لما معها فرجعوا بالكتاب الى رسول الله - ﷺ - فارسل رسول الله - ﷺ - الى حاطب فاتاه فقال هل تعرف الكتاب قال نعم قال فما حملك على ما صنعت قال والله ما كفرت منذ أسلمت ولاغششتك منذ نصحتك ولا احببتهم منذ فارقتهم ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته وكنت غريبا فيهم وكان أهلي بين ظهرانيهم فخشيت على أهلي فاردت ان اتخذ عندهم يدا وقد علمت ان الله ينزل بهم بأسه وان كتابى لا يغنى عنهم من الله شيئا فصدقه رسول الله - ﷺ - وعذره فقام عمر بن الخطاب فقال دعنى يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله - ﷺ - وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على اهل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وفى الصحيحين