والسبب المباشر لحصار " بني النضير " ونزولهم على " الجلاء " فيما يذكره أصحاب المغازي والسير هو أنهم تواعدوا مع رسول الله على أن يخرج إليهم في طائفة من أصحابه، وأن يخرج إليه منهم طائفة من أحبارهم، حتى يلتقي الفريقان ويسمعوا منه، فيؤمنوا به إن صدقه أحبارهم، فلما حل الموعد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم : " إنكم لا تؤمنون عندي إلا بعهد تعاهدونني عليه "، فأبوا أن يعطوه عهدا، رغما عن مهادنته لهم منذ هجرته إلى المدينة، وما أعطوه له من العهد والذمة إذ ذاك، وبهذه المناسبة خلا بعضهم ببعض، فقالوا : " إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، وكان رسول الله مستندا إلى جنب جدار من بيوتهم، فهل من رجل يعلو على هذا البيت فيلقي صخرة على محمد فيريحنا منه ؟ " وانتدبوا لذلك واحدا منهم، فصعد أشقاهم ليلقي الصخرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي، فأوحى الله إلى رسوله بما أراد القوم من اغتياله، وقفل وحده راجعا إلى المدينة، ولما أقبل عليه أصحابه أخبرهم بخيانة " بني النضير " ونقضهم للعهد الذي عاهدوا عليه الرسول، ومحاولتهم للغدر به وهو بين أظهرهم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم، ولما أعدوا العدة سار إليهم بالكتائب حتى نزل بهم، فتحصنوا في الحصون، وبعد مضي مدة الحصار الإسلامي المضروب على حصونهم طلبوا الصلح، وسألوا رسول الله أن يحقن دماءهم ويجليهم عن ديارهم، فصالحهم على ذلك، وتم جلاء " بني النضير " عن منازلهم التي كانوا بها خارج المدينة، ولم يسلم منهم بهذه المناسبة إلا رجلان أسلما على أموالهما فأحرزاها، وهما يامين بن عمرو وأبو سعد بن وهب. وإلى الواقعة تشير الآيات الكريمة الواردة في " سورة الحشر " وكان ابن عباس يطلق عليها أيضا " سورة بني النضير ".
ﰡ
وقوله تعالى :﴿ يخرّبون بيوتهم بأيديهم ﴾، في وصف " بني النضير " وهم يتأهبون للجلاء عن ديارهم، إشارة إلى ما قاموا بهدمه من مبانيهم، وما قاموا بنقضه من سقوفهم، وما قاموا بقلعه من أخشاب أبوابهم، وما قاموا بحمله من مختلف الأمتعة والرياش التي كانت بمنازلهم، وبذلك خرّبوا بيوتهم بأيديهم وتركوها خرابا يباباً.
وقوله تعالى :﴿ وأيدي المؤمنين ﴾، إشارة إلى ما قام به المسلمون أثناء حصارهم " لبني النضير "، فقد كان المسلمون إذا ظهروا على درب أو دار هدموا حيطانها ليتسع المكان للقتال.
وقوله تعالى :﴿ فاعتبروا يا أولي الأبصار٢ ﴾ تعقيب على ما في هذه الواقعة الفريدة من نوعها من مختلف العظات والعبر، فهي درس عملي أعطاه الإسلام للمشركين، وللمنافقين، وللكافرين من أهل الكتاب على السواء.
وقوله تعالى :﴿ كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ﴾، معناه كما قال ابن كثير : " جعلنا هذه المصاريف لمال الفيء، كي لا يبقى مأكلة يتغلب عليها الأغنياء، ويتصرفون فيها بمحض الشهوات والآراء، ولا يصرفون من الفيء شيئا إلى الفقراء ".
ثم يكون " مسك الختام " تسبيحا لله وتنزيها، على لسان جميع المخلوقات في الأرض وفي السماوات، وكما ابتدأت سورة " الحشر " هكذا :﴿ سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم١ ﴾، تنتهي بنفس المعنى هكذا :﴿ يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم٢٤ ﴾، وبذلك انسجمت البداية مع النهاية.
ثم يكون " مسك الختام " تسبيحا لله وتنزيها، على لسان جميع المخلوقات في الأرض وفي السماوات، وكما ابتدأت سورة " الحشر " هكذا :﴿ سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم١ ﴾، تنتهي بنفس المعنى هكذا :﴿ يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم٢٤ ﴾، وبذلك انسجمت البداية مع النهاية.
ثم يكون " مسك الختام " تسبيحا لله وتنزيها، على لسان جميع المخلوقات في الأرض وفي السماوات، وكما ابتدأت سورة " الحشر " هكذا :﴿ سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم١ ﴾، تنتهي بنفس المعنى هكذا :﴿ يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم٢٤ ﴾، وبذلك انسجمت البداية مع النهاية.