تفسير سورة سورة الحشر من كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
المعروف بـالدر المصون
.
لمؤلفه
السمين الحلبي
.
المتوفي سنة 756 هـ
ﰡ
قوله: ﴿مِنْ أَهْلِ الكتاب﴾ :«مِنْ» يجوزُ أَنْ تكونَ للبيانِ، فتتعلَّق بمحذوفٍ، أي: أعني من أهل الكتاب. والثاني: أنها حالٌ من «الذين كفروا».
قوله: ﴿مِن دِيَارِهِمْ﴾ متعلق ب «أَخْرَجَ» ومعناها ابتداءُ الغايةِ. وصَحَّتْ إضافةُ الديارِ إليهم لأنهم أَنْشَؤُوها.
قوله: ﴿لأَوَّلِ الحشر﴾ هذه/ اللامُ تتعلقُ ب «أَخْرَجَ» وهي لامُ التوقيتِ كقولِه: ﴿لِدُلُوكِ الشمس﴾ [الإسراء: ٧٨]، أي: عند أول الحشر. قال الزمخشري: «وهي اللامُ في قولِه تعالى: ﴿ياليتني قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: ٢٤] وقولِك» جئتُ لوقْتِ كذا «. قلت: سيأتي الكلامُ على هذه اللامِ في الفجرِ، إنْ شاءَ الله تعالى.
قوله: ﴿مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم﴾ فيه وجهان، أحدهما: أَنْ يكونَ» حصونُهم «مبتدأً، و» مانِعَتُهم «خبرٌ مقدمٌ. والجملةُ خبر» أنهم «لا يُقال: لم لا يُقال:» مانِعَتُهم «مبتدأٌ؛ لأنه معرفةٌ و» حصونُهم «خبرُه. ولا حاجةَ
قوله: ﴿مِن دِيَارِهِمْ﴾ متعلق ب «أَخْرَجَ» ومعناها ابتداءُ الغايةِ. وصَحَّتْ إضافةُ الديارِ إليهم لأنهم أَنْشَؤُوها.
قوله: ﴿لأَوَّلِ الحشر﴾ هذه/ اللامُ تتعلقُ ب «أَخْرَجَ» وهي لامُ التوقيتِ كقولِه: ﴿لِدُلُوكِ الشمس﴾ [الإسراء: ٧٨]، أي: عند أول الحشر. قال الزمخشري: «وهي اللامُ في قولِه تعالى: ﴿ياليتني قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: ٢٤] وقولِك» جئتُ لوقْتِ كذا «. قلت: سيأتي الكلامُ على هذه اللامِ في الفجرِ، إنْ شاءَ الله تعالى.
قوله: ﴿مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم﴾ فيه وجهان، أحدهما: أَنْ يكونَ» حصونُهم «مبتدأً، و» مانِعَتُهم «خبرٌ مقدمٌ. والجملةُ خبر» أنهم «لا يُقال: لم لا يُقال:» مانِعَتُهم «مبتدأٌ؛ لأنه معرفةٌ و» حصونُهم «خبرُه. ولا حاجةَ
277
لتقديمٍ ولا تأخيرٍ؛ لأنَّ القصدَ الإِخبارُ عن الحصون، ولأنَّ الإِضافةَ غيرُ مَحْضَةٍ، فهي نكرةٌ. والثاني: أَنْ يكونَ» مانِعَتُهم «خبرَ» أنهم «وحصونُهم» فاعلٌ به. نحو: إنَّ زيداً قائمٌ أبوه، وإنَّ عَمْراً قائمةٌ جاريتُه. وجعله الشيخ أَوْلى؛ لأنَّ في نحو: قائمٌ زيد على أَنْ يكونَ خبراً مقدماً ومبتدأً مؤخراً خلافاً والكوفيون يمنعونَه فمحلُّ الوِفاق أَوْلى.
وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: أيُّ فَرْقٍ بين قولِك» وظنُّوا أنَّ حصونَهم تمنعُهم، أو مانِعَتُهم، وبين النظم الذي جاء عليه؟ قلت: [في] تقديمِ الخبرِ على المبتدأ دليلٌ على فَرْطِ وُثوقِهم بحَصانتِها ومَنْعِها إياهم، وفي تصييرِ ضميرِهم اسماً ل «أنَّ» وإسناد الجملةِ إليه دليلٌ على اعتقادِهم في أنفسِهم أنَّهم في عِزَّةٍ ومَنَعَة لا يُبالى معها بأحد يَتَعرَّضُ لَهم، وليس ذلك في قولك «حُصُونهم تَمْنعهم» انتهى. وهذا الذي ذكره إنما يَتأتَّى على الإِعرابِ الأولِ، وقد تقدَّم أنه مَرْجوحٌ، وتَسَلَّطَ الظنُّ هنا على «أنَّ» المشددةِ، والقاعدةُ أنه لا يعملُ فيها ولا في المخففةِ منها إلاَّ فعلُ عِلْمٍ ويقينٍ، إجراءً له مُجْرى اليقين لشدَّتِه وقوتِه وأنَّه بمنزلةِ العلم.
قوله: ﴿يُخْرِبُونَ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً للإِخبار به، وأن يكونَ حالاً مِنْ ضميرِ «قلوبِهم» وليس بذاك. وقرأ أبو عمرو «يُخَرِّبون»
وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: أيُّ فَرْقٍ بين قولِك» وظنُّوا أنَّ حصونَهم تمنعُهم، أو مانِعَتُهم، وبين النظم الذي جاء عليه؟ قلت: [في] تقديمِ الخبرِ على المبتدأ دليلٌ على فَرْطِ وُثوقِهم بحَصانتِها ومَنْعِها إياهم، وفي تصييرِ ضميرِهم اسماً ل «أنَّ» وإسناد الجملةِ إليه دليلٌ على اعتقادِهم في أنفسِهم أنَّهم في عِزَّةٍ ومَنَعَة لا يُبالى معها بأحد يَتَعرَّضُ لَهم، وليس ذلك في قولك «حُصُونهم تَمْنعهم» انتهى. وهذا الذي ذكره إنما يَتأتَّى على الإِعرابِ الأولِ، وقد تقدَّم أنه مَرْجوحٌ، وتَسَلَّطَ الظنُّ هنا على «أنَّ» المشددةِ، والقاعدةُ أنه لا يعملُ فيها ولا في المخففةِ منها إلاَّ فعلُ عِلْمٍ ويقينٍ، إجراءً له مُجْرى اليقين لشدَّتِه وقوتِه وأنَّه بمنزلةِ العلم.
قوله: ﴿يُخْرِبُونَ﴾ يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً للإِخبار به، وأن يكونَ حالاً مِنْ ضميرِ «قلوبِهم» وليس بذاك. وقرأ أبو عمرو «يُخَرِّبون»
278
بالتشديد وباقيهم بالتخفيفِ وهما بمعنى واحدٍ؛ لأن خرَّب عَدَّاه أبو عمروٍ بالتضعيف، وهم بالهمزة. وعن أبي عمروٍ أنه فَرَّق بمعنىً آخرَ فقال: «خرَّب بالتشديد: هَدَم وأَفْسد، وأَخْرَبَ بالهمزة: تَرَكَ الموضعَ خراباً وذهَب عنه. واختار الهذليُّ قراءةَ أبي عمروٍ لأجل التكثير. ويجوزُ أَنْ يكونَ» يُخْرِبون «تفسيراً للرعب فلا مَحَلَّ له أيضاً.
279
قوله: ﴿الجلاء﴾ : العامَّةُ على مَدَّة وهو الإِخراجُ، أَجْلَيْتُ القومَ إجلاءً، وجلا هو جلاءً. وقال الماوردي: «الجَلاءُ أخصُّ من الخروجِ؛ لأنه لا يُقال إلاَّ لجماعةٍ، والإِخراجُ يكون للجماعةِ والواحد» وقال غيرُه: الفرقُ بينهما أنَّ الجلاءَ ما كان مع الأهلِ والولدِ بخلاف الإِخراجِ فإنه لا يَسْتلزِمُ ذلك.
وقرأ الحسن وعلي ابنا صالح «الجَلا» بألفٍ فقط. وطلحة مهموزاً من غيرِ ألفٍ كالنبأ. وقرأ طلحة «ومَنْ يُشاقِقْ» بالفكِّ كالمتفق عليه في الأنفال.
وقرأ الحسن وعلي ابنا صالح «الجَلا» بألفٍ فقط. وطلحة مهموزاً من غيرِ ألفٍ كالنبأ. وقرأ طلحة «ومَنْ يُشاقِقْ» بالفكِّ كالمتفق عليه في الأنفال.
وقرأ طلحة " ومَنْ يُشاقِقْ " بالفكِّ كالمتفق عليه في الأنفال.
قوله: ﴿مَا قَطَعْتُمْ﴾ :«ما» شرطيةٌ في موضع نصب ب «قَطَعْتم» و «مِنْ لينةٍ» بيانٌ له. و «فبإِذنِ اللهِ» جزاء الشرطِ. ولا بُدَّ مِنْ
279
حذفٍ، أي: فقَطْعُها بإذنِ الله، فيكون «بإذنِ الله» الخبرَ لذلك المبتدأ. واللينةُ فيها خلافٌ كثير، قيل: هي النخلةُ مطلقاً، وأُنْشِد:
وقال آخر:
وقيل: هي النخلة ما لم تكن عجوةً. وقيل: ما لم تكن عَجْوةً ولا بَرْنِيَّة. وقيل: هي النخلةُ الكريمة. وقيل: ما تَمْرُها لُوْنٌ، وهو نوعٌ من التمر، قال سفيان: هو شديدُ الصُّفْرة يَشِفُّ عن نواةٍ. وقيل: هي العَجْوة. وقيل: هي الفُسْلان وأنشد:
٤٢٤٤ - كأن قُتودي فوقها عُشُّ طائرٍ | على لِيْنَةٍ سَوْقاءَ تَهْفوا جُنوبها |
٤٢٤٥ - طِراقُ الخوافِي واقعٌ فوقَ لِينة | نَدَى لَيْلهِ في ريشه يَتَرَقْرَقُ |