ﰡ
مكّيّة وهى اثنان وخمسون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ اى القيامة لانها حق وثابت وقوعها لا ريب فيه او لانها يحق فيها الأمور اى يعرف حقيقتها او لانها يحق الجزاء على الأعمال يقال حق عليه الشيء إذا وجب قال الله تعالى حقت عليه كلمة العذاب على الكافرين والاسناد مجازى مبتداء وخبره.
مَا الْحَاقَّةُ والرابط المظهر فى مقام المضمر والاستفهام لتفخم شانها والتهويل.
وَما أَدْراكَ ما مبتدأ وادراك خبره والاستفهام للانكار مَا الْحَاقَّةُ جملة الاستفهامية للتهويل مفعول لادراك معنى الاية الحاقة ما هى اى شى عظيم الهول انك لا تعلم كنهها فانها أعظم من ان يبلغها ادراك أحد.
كَذَّبَتْ ثَمُودُ قوم صالح عليه السلام وَعادٌ هود عليه السلام بِالْقارِعَةِ اى بالساعة التي تقرع الناس بالاقراع والإحرام بالانفطار والانتثار وهى القيامة التي مر ذكرها بلفظ الحاقة فههنا وضع المظهر موضع المضمر بلفظ مرادف لما سبق مع زيادة فى وصف شدتها بيانا لذلك الزيادة والجملة خبر للحاقة الاولى بعد خبر او الجملتان السابقتان معترضتان للتهويل او هذه الجملة مستانفة موكدة بعنوان المبتدا الاولى اى تحققها وثبوتها فان مضمون هذه الجملة مع ما عطف عليها ان إنكارها وتكذيبها يوجب الهلاك والاستيصال.
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ اما تفصيل لما أجمل والجملة معطوفة على كذبت الفاء للسببية تقديره كذبت ثمود وعاد بالقارعة فاهلكوا بسبب تكذيبها اما ثمود فاهلكوا بالطاغية اى بالصيحة التي جاوزت مقادير الصياح فاهلكتهم كذا قال قتادة وهو الصحيح وذلك ان جبرئيل عليه السلام صاح صيحة واحدة فهلكوا جميعا وقيل أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شىء فى الأرض فتقطفت قلوبهم فى صدورهم وقيل الطاغية مصدر كالعافية بمعنى الطغيان اى اهلكوا لطغيانهم من التكذيب وقتل الناقة
وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ فان فيه الباء للاستعانة فلا بد ان يكون فيما قبله ايضا كذلك حتى يكون الجملتان تفصيلا لجمل صَرْصَرٍ شديد البرد او شديد الصوت كذا فى القاموس عاتِيَةٍ تجاوزه عن الحد فى الشدة والبرودة قال فى القاموس عتى استكبر وجاوز الحد فهو عات-.
سَخَّرَها اى سلطها الله سبحانه بقدرته استيناف او صفة جئ به لنفى ما يتوهم من انها كانت من اتصالات فلكية ونحو ذلك عَلَيْهِمْ اى على عاد سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ من صبيحة الأربعاء الى غروب الشمس من الأربعاء الاخر قال وهب فى الأيام التي تسميها العرب الأيام العجوز ذات برد ورياح شديد سميت عجوزا لانها عجز الشتاء الى آخره وقيل سميت بذلك لان عجوزا من قوم عاد دخلت سربا فتبعها الريح فقتلها فى اليوم الثامن نزول العذاب وانقطع العذاب حُسُوماً حال من مفعول سخر بمعنى متتابعات جمع حاسم من حسام الكي وهو ان يتتابع على موضع الداء بالمكواة حتى يبرأ كذا قال مجاهد وقتادة او نحسات كما فى قوله تعالى فى ايام نحسات اى حسمت كل خير واستأصله من أصله كذا قال عطية
فَهَلْ تَرى استفهام تقرير اى حمل المخاطب على الإقرار لَهُمْ اى لعاد مِنْ باقِيَةٍ وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ قرأ ابو عمرو الكسائي بكسر القاف وفتح الباء بمعنى الجانب اى من معه من جنوده واتباعه والباقون بفتح القاف وسكون الباء اى من تقدمه من الأمم الكافرة وَالْمُؤْتَفِكاتُ اى قرى قوم لوط قلبت عليهم من افك بمعنى قلب والمراد بها أهلها او المعنى الأمم الذين ايتفكوا يعنى قوم لوط بِالْخاطِئَةِ بالخطاء والمعصية يعنى الشرك او بفعلة او افعال خاطئة ذات خطاء.
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ يعنى عصى فرعون موسى عليه السلام وكل أمته كافرة نبيها عطف تفسيرى على جاء فَأَخَذَهُمْ معطوف على ما سبق والفاء للسببية أَخْذَةً رابِيَةً زائدة فى الشدة على كل اخذة مفعول مطلق لبيان النوع.
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ اى جاوز حده حتى على كل شىء وارتفع فوقه فى زمن نوح عليه السلام لما ظرف متعلق بما بعده حَمَلْناكُمْ اى حملنا ابائكم وأنتم فى أصلابكم فِي الْجارِيَةِ فى سفينة نوح عليه السلام جارية فى الماء.
لِنَجْعَلَها
السفينة او الفعلة وهى إنجاء المؤمنين الذين فى السفينة مع طغيان الماء وتجاوزه عن حده لَكُمْ تَذْكِرَةً
عبرة وعظة لدلالتها على قدرة الصانع وحكمته وكمال قهره ورحمته وَتَعِيَها
اى تحفظها وتعقلها وتتفكر فيها قرأ الجمهور بكسر العين وفتح الياء وروى عن ابن كثير باختلاس العين قال صاحب التيسير لا يصح ذلك أُذُنٌ
قرأ نافع اذن بالتخفيف والجمهور بالضمتين واعِيَةٌ
الوعى صفة القلب والنفس وانما أسند الى الاذن مجازا للتسبب او المراد اصحاب اذن واع حذف المضاف وأجرى على المضاف اليه ما كان يجرى على المضاف والتنكير فى واعية للدلالة على قلتها وان من هذا شانه فهو مع قلته
فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ عن عبد الله بن عمر عن النبي - ﷺ - قال الصور قرن ينفخ فيه روى الترمذي وابو داود والدارمي نَفْخَةٌ واحِدَةٌ احسن اسناد الفعل الى المصدر لتقييده حسن تذكيره للفصل والمراد بها نفخة الصعق واختلفوا فى عدد النفخات فقيل ثلث نفخات نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة البعث لقوله تعالى ويوم ينفخ فى الصور ففزع من فى السموات ومن فى الأرض الا من شاء الله وكل أتوه داخرين ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات والأرض الا من شاء الله ن ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون واختار هذا القول ابن العربي وكذا ورد صريحا فى حديث طويل عن ابى هريرة بلفظة فينفخ فيه ثلث نفخات الاولى نفخة الفزع والثانية نفخة الصعق والثالثة نفخة القيام لرب العالمين روى ابن جرير فى تفسيره والطبراني فى المطولات وابو يعلى فى مسنده والبيهقي فى البعث وغيرهم وقيل بل نفختان فقط ونفخة الفزع نفخة الصعق لان الامرين متلازمان اى فزعوا فزعا ماتوا عنه وهذا القول صححه القرطبي واستدل بانه استثنى فى نفخة الفزع كما استثنى فى نفخة الصعق فدل على انهما واحد فى اكثر الأحاديث ذكر اثنتين فقط وما بينهما أربعون عاما والحديث الطويل فى اسناده من تكلم فيه واختلف الناس فى تصحيحه فصححه ابن العربي والقرطبي وضعفه البيهقي وعبد الحق ومدار هذا الحديث على اسمعيل بن رافع قاضى المدينة وقد تكلم فيه قال السيوطي فى بعض سياقه نكارة وقد قيل انه جمعه من طرق وأماكن متفرقة مساقة سياقا واحدا والله تعالى اعلم والمراد بالظرف اعنى قوله تعالى إذا نفخ الزمان الطويل الذي سماه الله تعالى فى كتابه بالحاقة والقارعة والقيامة والواقعة وغيرها من الأسماء الكثيرة وابتداء ذلك الزمان النفخة الاولى وانتهائه دخول اهل الجنة الجنة واهل النار النار اخرج ابن عساكر عن زياد ابن مخراق قال سال الحجاج عكرمة مولى ابن عباس عن يوم القيامة أمن الدنيا هو او من الاخرة قال صدر ذلك من الدنيا وآخره من الاخرة فعلى هذا جاز اضافة ذلك الزمان الى النفخ فى الصور النفخة الاولى والى كل ما وقع فى ذلك اليوم من الصعق والنشور والحساب والشقاق السموات وانتشار الكواكب ودخول الجنة والنار وغير ذلك فقوله تعالى إذا نفخ فى الصور نفخة واحدة بيان
وَحُمِلَتِ اى رفعت الْأَرْضُ وَالْجِبالُ من أماكنها فَدُكَّتا اى الأرض والجبال دَكَّةً واحِدَةً الدك الدق والهدم كذا فى القاموس وقال الجوهري أصله الكسر كذا ذكر البغوي وقال الجوهري ايضا الدك الأرض اللينة السهلة قوله تعالى دكت الجبال دكّا اى جعلت بمنزلة الأرض اللينة والحاصل ان الأرض جعلنا مستوية دفعة واحدة لا ترى فيها عوجا ولا امتا واخرج البيهقي عن ابى بن كعب فى قوله تعالى وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة قال يصيران غبرة على وجوه الكفار لا على وجوه المؤمنين وذلك وجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة وجزاء الشرط محذوف اى إذا نفخ فى الصور وحملت الأرض انقضت الدنيا وحقت الحاقة.
فَيَوْمَئِذٍ ظرف لما بعده بدل من إذا نفخ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ اى الساعة المنتظرة التي وجب وقوعها بالكتاب والسنة او المعنى وقعت الأمور الواقعة الواجبة الوقوع من الحسنات والجزاء.
وَانْشَقَّتِ السَّماءُ عطف على وقعت فَهِيَ اى السماء يَوْمَئِذٍ ظرف لما بعده واهِيَةٌ ضعيفة مسترخية ليست على الشدة والقوة التي كانت عليها قال الفراء وهيها تشققها وفى القاموس الوهي الشق فى الشيء يقال وهى إذا انشق واسترخى رباطها.
وَالْمَلَكُ اى الجنس المتعارف بالملك عَلى أَرْجائِها اى جوانب السماء وأطرافها التي بقيت بعد الانشقاق وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ اضافة العرش الى الله تعالى لتعظيمه ولاختصاصه بتجلى مخصوصة فَوْقَهُمْ الضمير يعود الى الثمانية لتقدمها فى المرتبة او الى الملائكة الذين هم على ارجاء السماء يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ اى ثمانية أفلاك روى ابو داود والترمذي عن العباس بن عبد المطلب زعم انه كان جالسا فى البطحاء فى عصابة ورسول الله ﷺ جالس فيهم فمرت سحابة فنظروا إليها فقال رسول الله - ﷺ - ما تسمون هذه قالوا السحاب قال والمزن قالوا والمزن قال والعنان قالوا والعنان قال هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض قالوا لا ندرى قال ان بعد ما بينهما اما واحدة او اثنان او ثلث وسبعون سنة والسماء التي فوقها كذلك حتى عد سبع سموات ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين السماء الى السماء ثم فوق ذلك ثمانية او عال بين
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ايها الناس كافة على الله تعالى للحساب وهذا بعد نفخة البعث والجملة مستانفة كانها فى جواب ما يفعل بنا ذلك اليوم لا تَخْفى قرأ الجمهور بالتاء نظرا الى تأنيث الفاعل وحمزة والكسائي بالياء للفصل مِنْكُمْ خافِيَةٌ اى فعله سريرة وجملة لا يخفى اما بدل اشتمال من تعرضون او حال من فاعله قال رسول الله - ﷺ - يعرض الناس يوم القيمة ثلث عرضات اما عرضان فجدال ومعاذير واما الثالثة فعند ذلك تظاهر الصحف فى الأيدي فاخذ بيمينه وأخذ بشماله رواه الترمذي عن ابى هريرة وابن ماجة عن ابى موسى الأشعري والبيهقي عن ابن مسعود قال الحكيم الترمذي الجدال للاعداء يجادلون لانهم لا يعرفون ربهم فيظنون انهم إذا جادلوه نجوا وقامت حجتهم والمعاذير لله تعالى يعتذر الى آدم وأنبيائه ويقيم حجة عندهم على الأعداء ثم يبعثهم الى النار واما العرضة الثالثة للمومنين وهو العرض الا ان يخلوبهم فيعاتب مزيد عتابه فى تلك الخلوة حتى يذوق الحياء والخجل ثم يغفر لهم ويرضى منهم.
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ وذلك هو المؤمن والجملة معطوفة على تعرضون تفصيل للعرض اى العرضة الثالثة فَيَقُولُ ذلك المؤمن تحجا بحج خبر لمن هاؤُمُ اسم لخذ يقال هاء يا رجل ويا رجلان ويا امرأة ويا امرأتان وهاؤم يا رجال وهاؤن يا نساء اقْرَؤُا كِتابِيَهْ تنازع الفعلان هاؤم واقرأوا فى مفعولية كتابيه فاعمل الثاني لقربه وحذف المفعول الاول ولو كان الأمر على العكس لقيل اقرؤوه والهاء فيه وفى حسابيه وماليه وسلطانيه للسكت تثبت فى الوقف ونسقط
إِنِّي ظَنَنْتُ اى علمت وأيقنت ولما كان اليقين بالحساب مستلزما للاتيان باعمال الصالحة كنى به عنه كانه قال انى عملت صالحا وانما لم يقل كذلك هضما لنفسه ولاجل ذلك عبر عن العلم بالظن استحقارا لنفسه عن دعوى العلم بحضرت ذى الجلال علام الغيوب قال البيضاوي لعله عبر عنه بالظن اشعارا بانه لا يقدح فى الاعتقاد الهجس فى النفس من الخطرات التي لا ينفك عنها العلوم النظرية أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ مفعول لظننت قائم مقام المفعولين اخرج ابن المبارك عن ابى عثمان النهدي قال ان المؤمن ليعطى كتابه فى ستر من الله تعالى فيقرأ سيئاته فيتغير لونه لم يقرأ حسناته فرجع عليه لونه ثم ينظر فاذا سيئاته قد بدلت حسنات فعند ذلك يقول هاؤم اقرأوا كتابيه.
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ قال فى القاموس اى مرضية يقال رضيت لعيشة بالبناء للمفعول ولا يقال رضيت بالفتح على البناء الفاعل قال البيضاوي اى ذات رضاء على النسبة بالصيغة او جعل الفعل لها مجازا.
فِي جَنَّةٍ متعلق بظرف مستقر قبله عالِيَةٍ رفيعة الرتبة عند الله تعالى من حيث القرب الذي كيف له او رفيعة المكان فانها فى السماء او رفيعة الدرجات والابنية والأشجار ولما كان رفعة الأشجار موهما لبعد الثمار وكونها غير سهل للاخذ عقبه الله تعالى بصفة اخرى بعد صفة فقال.
قُطُوفُها اى ثمارها جمع قطف دانِيَةٌ قريبة بحيث يدون مناتنا ولها قائما وقاعدا او راقدا.
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً اى أكلا هنيئا وشربا هنيئا والهنيء كل ما لا يلحق به مشقة ولا تعب وخامة او المعنى يهنئهم هنيئا وهذه الجملة بتقدير القول خبر بعد خبر بهو وجمع الضمير نظرا الى المعنى اى هو فى جنة وهم يقال لهم كلوا واشربوا او مستانفة فى جواب ما يقال لهم فيها بِما أَسْلَفْتُمْ متعلق بكلوا واشربوا على التنازع اى بما قدمتم من الأعمال الصالحة والسلف المتقدم من الشيء فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ الماضية من الأيام الدنيا فان الخالي فى الزمان والمكان ما لا يكون له مشاغل فهو من الزمان ما لم يبق اهله ويلزمه المضي والذهاب فيعبر عن الماضي بالخالي قال الله تعالى قد خلت من قبله الرسل.
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ وهو الكافر يجعل شماله وراء ظهره فياخذ بها كتابه كذا اخرج البيهقي عن مجاهد قال ابن اسائب يلوى يده اليسرى خلف ظهره ثم يعطى كتابه
يا لَيْتَها الضمير عائد الى النفخة او الى غير مذكور اى يا قوم ليت الموتة التي فى الدنيا او الحالة التي كنت عليها من العدم بعد الوجود كانَتِ الْقاضِيَةَ القاطعة للحيوة مطلقا بحيث لم احيى بعدها قال قتادة يتمنى الموت ولم يكن عذره فى الدنيا شىء اكره من الموت ولما كانت جملة يا ليتنى متمنى عدم الحساب وإيتاء الكتاب وهو من حيث المعنى كناية عن تمنى عدم البعث وجملة يا ليتها كانت القاضية تمنى لعدم البعث صريحا فلاجل كون الجملتين متحدى المعنى معنى لم يعطف إحداهما على الاخرى وجعلت الثانية تاكيدا للأولى.
ما أَغْنى عَنِّي ما نافية او استفهامية للانكار مفعول لاغنى مالِيَهْ اى مالى من المال والتبع.
هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ ملكى وتسلطى عن الناس او حجة اللتي كنت أحج بها فى الدنيا قرأ حمزة عنى مالى وعنى سلطانى بحذف الهائين فى الوصل والباقون باثباتهما فى الحالين فيقول الله عز وجل لخزنة جهنم.
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ اى اجمعوا يديه الى عنقه.
ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ وكلمة ثم التفاوت ما بينهما فى الشدة وكذا فيما بعده وقدم المفعول للحصر اى لا تصلوه الا الجحيم وهى النار العظمى وكذا فى قوله تعالى.
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ الفاء فى فاسلكوه زائدة لتحسين النظم وليست عاطفة حتى يلزم اجتماع العاطفتين ومعنى فاسلكوه اى أدخلوه فيها اخرج ابن ابى حاتم والبيهقي من طريق العوفى عن ابن عباس قال يسلك فى دبره حتى يخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه واخرج ابن ابى حاتم عن طريق ابن جرير عنه قال السلسلة تدخل من استه ثم يخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد فى العود ثم يشوى قال نوف البكائى الشامي سبعون ذراعا كل ذراع سبعون باعا كل باع ابعد مما بينك وبين مكة وكان فى رحبة الكوفه أخرجه هناد وابن المبارك قال سفيان كل ذراع سبعون ذراعا قال الحسن الله اعلم اى ذراع هو قلت لعله أراد ذراع الملك من خزنة النار او ذراع الكافر فى النار وقد ورد فى الحديث فرأس الكافر فى النار مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلث رواه مسلم
إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ استيناف لبيان سبب ذلك العذاب وذكر العظيم للاشعار بانه تعالى هو المستحق للعظمة فمن تعظم غيره استوجب العذاب عن ابى هريرة قال قال رسول الله - ﷺ - يقول الله تعالى الكبرياء ردائى والعظمة إزاري فمن نازعنى واحدا منهما أدخلته النار رواه مسلم.
وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ اى لا يحث على إطعامه فضلا ان يبذل من ماله ويجوز ان يكون ذكر الحض للاشعار بان تارك الحض بهذه المنزلة فكيف تارك الفعل وفيه دليل على ان الكفار يعذبون على فروع الأعمال ايضا ولعل تخصيص الامرين بالذكر لان أقبح القبائح الكفر بالله واشنع الشنائع البخل وقسوة القلب.
فَلَيْسَ لَهُ الفاء للسببية الْيَوْمَ هاهُنا ظرفان للظرف المستقر- حَمِيمٌ قريب يحمه.
وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ مستتنى مفرغ صفة للطعام ولا زائدة والقصر إضافي والغسلين غسالة اهل النار صديدهم فعلين من الغسل كذا اخرج ابن ابى حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال الغسلين صديد اهل النار وقال الضحاك والربيع شجر يأكله اهل النار وكذا اخرج ابن ابى حاتم عن طريق مجاهد عن ابن عباس قال ما أدرى ما الغسلين ولكنى أظنه الزقوم.
لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ مستثنى مفرغ فى محل الفاعل والجملة صفة لغسلين اى اصحاب الخطايا من خطى الرجل إذا تعمد الذنب لا من الخطاء ضد الصواب.
فَلا أُقْسِمُ لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم او يقال لا زائدة ومعناه اقسم او المعنى فلا اى فليس كما يقول الكفار من ان محمدا - ﷺ - تقول القران على الله تعالى من نفسه وهو شاعر او كاهن ولا بعث ولا نشور اقسم بِما تُبْصِرُونَ بالبصر او البصيرة من المظاهر والمعالي لصفات الله تعالى سبحانه.
وَما لا تُبْصِرُونَ
إِنَّهُ يعنى القران لَقَوْلُ رَسُولٍ يبلغه من الله سبحانه لا يقول عن نفسه كَرِيمٍ على الله تعالى وهو محمد - ﷺ - او جبرئيل عليه السلام.
وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ كما تزعمونه تارة قَلِيلًا ما منصوب على المصدرية او الظرفية وما زائدة لتاكيد القلة متعلق بما بعده- تُؤْمِنُونَ اى تومنون إيمانا قليلا او زمانا قليلا لما يظهر لكم صدقه وقلة ايمانهم المستدعى نفى الايمان كثيرا مبنى على العناد والتعنت فانهم لا يومنون ايمانا كاملا تعنتا وعناد الا غير وقيل أراد بالقليل نفى ايمانهم أصلا كقولك لمن لا يزورك فاما تأتينا أصلا والجملة معترضة لمذمة الكفار.
وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ لا زائدة وما بعده معطوف على خبر ما هو قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ ط ذكر الايمان مع نفى الشاعرية والتذكر مع عدم الكاهنية لان عدم مشابهة القران الشعر امر بين لا ينكرها الا معاند واما مباينته لكهانة فهو يظهر عند تذكر احوال الرسول ومعانى القران المنافية لاحوال الكهنة ومعانى أقوالهم قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يومنون ويذكرون بالياء على الغيبة والباقون بالتاء على الخطاب.
تَنْزِيلٌ مصدر بمعنى المفعول خبر مبتداء محذوف اى هو منزل مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ على لسان جبرئيل جملة مستانفة فى جواب ما يقال فما هو.
وَلَوْ تَقَوَّلَ اى لو افترى وتكلف وتصنع فى القول عَلَيْنا من غير وحي منا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ جمع أقولة من القول كالاضاحيك سمى بها الأقوال المفتراة.
لَأَخَذْنا مِنْهُ اى من المفترى بِالْيَمِينِ متعلق باخذنا اى بيمينه لاذلاله او بيمينا وعلى التقدير الثاني من زائدة واليمين من المتشابهات وقد يأول بالقوة والقدرة لان قوة كل شىء فى يمينه قال ابن عباس لاخذناه بالقوة والقدرة ويحتمل ان يكون من فى قوله تعالى لاخذنا منه هو للسببية والضمير عائد الى التقول اى لاخذنا من أجل التقول بيمينه او يمينا.
ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ صلى وهو عرق فى القلب إذا انقطع مات صاحبه.
فَما مِنْكُمْ
وَإِنَّهُ اى القران لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ لانهم هم المنتفعون- (فائدة) - ومقتضى هذه الاية قاله المجدد ان تلاوة القران سبب للترقى بعد فناء النفس وزوال العين والأثر فان التقوى لا يتصور الا بعد الفناء وكون القران تذكرة مختص بالمتقي يدل عليه لام التخصيص واما قبل الفناء فالتلاوة داخل فى عمل الأبرار دون المقربين المتقين عن رذائل النفس.
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ فنجازيهم على تكذيبهم وعدم تذكرهم به.
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ اى سبب للحسرة عَلَى الْكافِرِينَ حين يرون ثواب المؤمنين المتذكرين به.
وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ اليقين ازاحة الشك كذا فى القاموس وفى الصحاح اليقين من صفة العلم فوق المعرفة وحمله على القران من قبيل زيد عدل اى متيقن كمال اليقين كانه نفس اليقين يعنى ان القران لوضوحه وسطوع برهانه بحيث يتيقن به العاقل ولا يرتاب فيه والحق ضد الباطل قال صاحب البحر يعنى انه اليقين الحق لا اليقين الباطل الذي هو الجهل المركب فهو اضافة صفة الى موصوفه بالتجريد على طريقة جرد قطيفة فان قيل المراد باليقين هاهنا ما يجب ان يكون متيقنا للعاقل لوضوح امره وسطوع برهانه فاليقين بهذا المعنى هو الحق لا ما يعم اليقين الباطل الذي هو الجهل المركب فلا فائدة فى اضافة الحق اليه قلنا نعم لكن أضيف الحق اليه للتاكيد وزيادة التوضيح وقال البغوي الى نفسه لاختلاف اللفظين.
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ع اى فسبح الله بذكر اسمه العظيم تنزيها له عن الرضا بالتقول عليه وعن كل ما لا يليق به وشكرا له على ما اوحى إليك قيل معناه فصل بذكر ربك وامره وقيل الباء زائدة ولفظ الاسم مقحم ومعناه فسبح ربك العظيم عن عقبة بن عامر الجهني قال لما نزلت على رسول الله - ﷺ - فسبح باسم ربك العظيم قال اجعلوها فى ركوعكم فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال رسول الله - ﷺ - اجعلوها فى سجودكم رواه ابو داود وابن ماجه والدارمي وعن حذيفة انه صلى مع النبي ﷺ كان يقول فى ركوعه