تفسير سورة الحاقة

كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل
تفسير سورة سورة الحاقة من كتاب كشف التنزيل في تحقيق المباحث والتأويل .
لمؤلفه أبو بكر الحداد اليمني . المتوفي سنة 800 هـ

﴿ الْحَاقَّةُ * مَا الْحَآقَّةُ ﴾ ؛ اسمٌ من أسماءِ القيامة، سُمِّيت به حَاقَّةٌ لأنَّها حَقَّتْ فلا كاذبةَ لها، ولأنَّ فيها حَوَّاق الأمُور وحقَائِقَها، وفيها يَحِقُّ الجزاءُ على الأعمالِ ؛ أي يجبُ، يقالُ : حقَّ عليهِ الشيءُ إذا وجبَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ لَـاكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾[الزمر : ٧١]، ولا يكون في القيامةِ إلاَّ حقائقُ الأمور.
وقولهُ تعالى :﴿ مَا الْحَآقَّةُ ﴾ استفهامٌ بمعنى التفخيمِ لشأْنِها، كما يقالُ : زيدٌ ما هو ؟ على التعظيمِ لشأنهِ، ثم زادَ في التَّهويلِ فقال :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ﴾ ؛ أي كأنَّكَ لستَ تعلمُها إذا لم تُعاينْها، ولم تَرَ ما فيها من الأهوالِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ﴾ ؛ أي بطُغيانِهم وكُفرِهم، هذا قولُ ابنِ عبَّاس ومجاهد، كذبُوا بالقيامةِ فأهلَكَهم اللهُ، والقارعةُ من أسماءِ القيامة، سُمِّيت بذلك لأنَّها تقرعُ القلوبَ بالأهوالِ والمخافة.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِالطَّاغِيَةِ ﴾ ؛ أي بطُغيانِهم وكُفرِهم، هذا قول ابنِ عبَّاس ومجاهد، وقال آخَرُون : يعنِي أُهلِكُوا بالصَّيحة الطاغيةِ، وهي التي جاوزتِ الحدَّ والمقدارَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ﴾ ؛ أي بريحٍ باردة شَدِيدَةِ البردِ جِدّاً بالغة مُنتَهاها في الشدَّة. والصَّرْصَرُ : شدَّةُ البردِ، والصَّرْصَرُ : ما يتكرر فيه البردُ الشديد، كما يقال : صَلَّ اللجامُ إذا صوَّتَ، فإذا تكرَّرَ صوتهُ قِيْلَ : صَلْصَلَ، والعَاتِيَةُ من قولِهم : عتَا النبتُ إذا بلغَ مُنتهاه في الجفافِ، ومن ذلك قَوْلُهُ تَعَالىَ :﴿ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً ﴾[مريم : ٨]، وَقِيْلَ : معنى عَاتِيَةٍ عَتَتْ عن خزائِنها فلم يكن لهم عليها سبيلٌ، ولم يعرِفُوا كم خرجَ منها.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ﴾ ؛ أي أرسَلها عليهم سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيَّام حُسوماً ؛ أي مُتَتَابعَةً لا ينقطعُ أوَّلهُ عن آخرهِ، كما يتابعُ الإنسانُ الكيَّ على المقطوعِ الجسم دمهُ ؛ أي يقطعهُ. وفي الحديثِ :" إنَّ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي أصَابَتْهُمْ كَانَتْ قِطْعَةً مِنْ زَمْهَرِيرَ عَلَى قَدْر مَا يَخْرُجُ مِنْ حَلَقَةِ الْخَاتَمِ " قال وهبُ :(هَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي أرْسِلَتِ الرِّيحُ عَلَى عَادٍ هِيَ أيَّامُ الْعَجُوز ذاتُ بَرْدٍ وَريَاحٍ شَدِيدَةٍ، وَانْقَطَعَ الْعَذابُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ). وَقِيْلَ : سُميت أيامُ العَجْزِ ؛ لأنَّها في عَجزِ الشِّتاء، ولها أسَامِي مشهورة تُعرف في كتب اللغة.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى ﴾ ؛ معناهُ : فتَرى أيُّها الرَّائِي القومَ في تلك الأيامِ والليالي صَرْعَى ؛ أي ساقطِين بعضُهم على بعضٍ مَوتَى، ﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴾ ؛ أي كأنَّهم أصُول نخلٍ ساقطةٍ باليةٍ قد نُحِرَتْ وتَآكَلَتْ وفسَدت. والصَّرْعَى جمعُ صَرِيعٍ، نحوُ قتيلٍ وقَتْلَى. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ﴾ ؛ أي هل ترَى لهم من نَفْسٍ باقيةٍ قائمة، والمعنى : لم يبق منهم أحدٌ إلاَّ هلَكَتْهُ الريحُ.
وقولهُ تعالى :﴿ وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ ﴾ ؛ قرأ أبو عمرٍو والحسنُ والكسائيُّ ويعقوب بكسرِ (قِبَلَهُ) بكسرِ القاف وفتحِ الباء، ومعناهُ : وجَاءوا فرعونَ ومَن يليهِ من جنوده وأتباعهِ وجموعه، وقرأ الباقون بفتحِ القاف وإسكانِ الباء، ومعناهُ : ومَن تقدَّمَهُ من القرونِ الخالية.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ ﴾ ؛ يعني قومَ لوطٍ انقلَبت قرياتُهم بأهلِها حين خُسِفَ بهم جاءُوا بالخطئ العظيمِ وهو الشركُ باللهِ تعالى. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ ﴾ ؛ يعني لُوطاً عليه السلام وموسى عليه السلام، والمعنى : فعَصَوا رسُلَ ربهم، إلاَّ أنه وحَّدَ الرسولَ ؛ لأنه قد يكون مصدرٌ وأُقيم مقامَ لفظِ الجماعة، وقولهُ تعالى :﴿ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ﴾ ؛ أي زائدةَ ناميةً تزيدُ على الأخذاتِ التي كانت فيمَن قبلَهم، ومنه الرَّبْوَةُ للمكانِ المرتفع، ومنه الرِّبَا لِمَا فيه من الزيادةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ﴾ ؛ معناهُ : لَمَّا جاوزَ الماءُ القدرَ وارتفع حدَّ أيامِ الطُّوفان في زمنِ نوح عليه السلام حتى عَلاَ الماءُ على كلِّ شيء وارتفعَ، حَمَلنا آباءَكم وأنتم في أصلابهم في السَّفينة الجاريةِ التي تَجرِي على الماءِ. وسَمَّى ارتفاعَ الماءِ في ذلك اليومِ طُغياناً لخروجهِ في ذلك اليوم عن طاعةِ خُزَّانهِ. ويقالُ : لا ينْزِلُ قطرٌ من السَّماء إلاَّ وعِلْمُ الملائكةِ محيطٌ بها إلاََّ في ذلك اليوم.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً ﴾ ؛ أي لنجعلَ تلك الأخذةَ وتلك السفينةَ بما كان من إغراقِ قوم نوحٍ وإنجائهِ والمؤمنين معه عِظَةً يتَّعِظُ بها الخلقُ، فلا تفعَلُوا ما كان القومُ يفعلونَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ ؛ أي تسمَعُها وتحفَظُها أذنٌ حافظةٌ لِمَا جاءَ من عندِ الله.
قال قتادةُ :(أُذُنٌ سَمِعَتْ وَعَقَلَتْ مَا سَمِعَتْ، وقال الفرَّاءُ :(لِتَحْفَظَهَا كُلُّ أُذُنٍ) فيكون عِظَةً لِمَن يأتي بعدُ، قالَ رسولُ الله ﷺ :" " سَأَلْتُ اللهَ تَعَالَى أنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلَيُّ " قال عليٌّ : فَمَا سَمِعتُ شَيئاً فَنَسِيتُهُ بَعْدَ ذلِكَ " وفي تفسير النقَّاش :" أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ نَزَلَتْ ﴿ وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ أخَذ بأُذُنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَقَالَ : هِيَ هَذِهِ ".
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾ ؛ قال عطاءُ :(يُرِيدُ النَّفْخَةَ الأُولَى)، وقال الكلبيُّ ومقاتل :" النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ). والنافِخُ إسرافيلُ، وأكثر المفسِّرين على أنَّها النفخةُ الأُولى التي تكون للموتِ.
وقولهُ تعالى :﴿ وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ ؛ أي تَحمِلُها الملائكةُ الموكَّلون بها فيَضرِبُونَ الأرضَ بالجبالِ والجبالَ بالأرضِ دفعةً واحدة، فتصيرُ الجبال هَباءً مُنْبَثّاً، قال الحسنُ :(تَصِيرُ غَبَرَةً نَفَسَ وُجُوهِ الْكُفَّار). والدَّكُّ : هُوَ الْكَسْرُ وَالدَّقُ، والمعنى : فَدُقَّتا وكُسِرَتا كسرةً واحدة لا يثني، وَقِيْلَ : الدَّكُّ البَسْطُ بأن يوصَلَ بعضُها إلى بعضٍ حتى تَنْدَكَّ، ومنه الدُّكَّانُ، وانْدَكَّ سَنَامُ البعيرِ إذا انغرسَ في ظهرهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴾ ؛ أي قامَتِ القيامةُ، ﴿ وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ ﴾ ؛ من هَيبَةِ الرَّحمنِ، ﴿ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾ ؛ أي ضعيفةٌ جداً لا تستقلُّ يومئذ لانتقاضِ بُنيتها. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَآئِهَآ ﴾ ؛ أي على أطرَافِها ونواحيها، واحِدُها أرْجَا مقصورةٌ وتثنيتهُ رَجَوَانِ.
قال الضحَّاك :(إذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، أمَرَ اللهُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَتَشَقَّقَتْ، وَتَكُونُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى جَوَانِبهَا حَتَّى يَأْمُرَهُمُ اللهُ تَعَالَى، فَيَنْزِلُونَ إلَى الأَرْضِ فَيُحِيطُونَ بالأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى﴿ وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ﴾[الفجر : ٢٢]. والْمَلَكُ لفظهُ لفظ الواحدِ وأن المرادَ به اسمُ الجنسِ.
وقولهُ تعالى :﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ ؛ قال ابنُ عبَّاس :(ثََمَانِيَةُ صُفُوفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ لاَ يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إلاَّ اللهُ تَعَالَى). قالَ رسولُ اللهِ ﷺ :" الْيَوْمَ تَحْمِلُهُ أرْبَعَةٌ، فَإذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أيَّدَهُمُ اللهُ بأَرْبَعَةٍ أُخْرَى فَكَانُوا ثَمَانِيَةً " ومعنى الآيةِ : ويحملُ عرشَ ربكَ يومَ القيامةِ فوق الأربعةِ الذين هُم على الأرجاءِ ثَمانية. وقال بعضُهم : ثمانيةٌ من الملائكةِ على صُورةِ الأوعَالِ مِنْ أظلافهم إلى رُكَبهم كما بين السَّماء والأرضِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ﴾ ؛ أي تُعرَضون للحساب، ﴿ لاَ تَخْفَى ﴾ ؛ على اللهِ ؛ ﴿ مِنكُمْ ﴾، نفسٌ ؛ ﴿ خَافِيَةٌ ﴾ ؛ ولا يخفَى عليه من أعمالِكم شيءٌ. قرأ الكوفيُّون غيرَ عاصمٍ (لاَ يَخْفَى) بالياءِ، وقرأ الباقون بالتاءِ. وَقِيْلَ : معنى قولهِ تعالى :﴿ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ أي لا تخفَى سريرةٌ خافيةٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَءُواْ كِتَـابيَهْ ﴾ ؛ وهم أهلُ الثَّواب، يُعطَون كتابَهم بأَيمانِهم فيقولُ كلُّ واحدٍ منهم للناسِ سُروراً بكتابهِ : تعَالَوا اقرَأوا ما في كتَابيَهْ مِن الثواب والكرامةِ، وهذا كلامُ مَن بلغَ غايةَ السرور.
ومعنى ﴿ هَآؤُمُ اقْرَءُواْ ﴾ أي هاتُوا أصحابي اقرَأوا كتابيه، قال ابن السِّكيت :(يُقَالُ : هَاءَ يَا رَجُلُ، وَهَاؤُمَا يَا رَجُلاَنِ، وَهَاؤُم يَا رجَالٌ) والأصلُ هَاكُم فحُذِفَتِ الكافُ، وأُبدلت منها همزةُ، وألقيت حركةُ الكافِ عليها.
وعن زيدِ بن ثابت قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :" " أوَّلُ مَنْ يُعْطَى كِتَابَهُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب، وَلَهُ شُعَاعٌ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ " فَقِيلَ لَهُ : فَأَيْنَ أبُو بَكْرٍ ؟ فَقَالَ :" هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! زَفَّتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إلَى الْجَنَّةِ " وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى لله عليه وسلم :" يَا عَائِشَةُ كُلُّ النَّاسِ يُحَاسَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلاَّ أبَا بَكْرٍ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ مَرْضِيَّةٍ ".
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ ؛ معناهُ : إنِّي علمتُ وأيقنتُ في الدنيا أنِّي أحاسَبُ في الآخرةِ، وكنتُ أستعدُّ لذلك، وسُمي اليقينُ ظَنّاً ؛ لأنه علمُ الغيب لا علمُ شهادة، ففيه طرفٌ من الظنِّ ولذلك قال عليه السلام :" لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ ".
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ ؛ أي في حالةٍ من العيشِ مَرْضِيَّةٍ برِضَاها بأن لَقِيَ الثوابَ وأمِنَ من العقاب، ومعنى ﴿ رَّاضِيَةٍ ﴾ أي مرضيَّة، كقولهِ : ماء دافقٌ.
وقولهُ تعالى :﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ ؛ المنازل الرفعيةُ البناءِ. وقولهُ تعالى :﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ ؛ أي ثِمارُها دانيةٌ مِمَّن يتناولُها، وهو جمع قِطْفٍ وهو ما يُقْطَفُ من الثمار، والمعنى : ثِمارُها قريبةٌ ينالُها القائمُ والقاعد والمضطجعُ، لا يَمنَعهم من تناوُلها شوكٌ ولا بُعْدٌ.
ويقالُ لهم :﴿ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً ﴾ ؛ أي كُلوا واشربوا في الجنَّة، ﴿ بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ ؛ بما قدَّمتم في الأيامِ الماضية من الأعمالِ الصالحة، ويعني بالأيامِ الماضيةِ أيامَ الدُّنيا. والهناءُ : ما لا يكونُ فيه أذَى من بولٍ ولا غائط، ولا يعقبهُ دارٌ ولا موتٌ.
وكان ابنُ عبَّاس يقولُ :(بمَا أسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ : الصَّوْمُ فِي الأَيَّامِ الْحَارَّةِ). كما رُوي عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ :" إنَّ مِنْ أبْوَاب الْجَنَّةِ بَاباً يُدْعَى الرَّيَّانُ، مَنْ دَخَلَهُ لاَ يَظْمَأُ أبَداً، يَدْخُلُهُ الصَّائِمُونَ، ثُمَّ يُغْلَقُ عَلَيْهِمْ فَلاَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ ".
ويقالُ : إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يقولُ يومَ القيامةِ : يا أوليائِي ما نظرتُ إليكم في الدُّنيا، قد قَلُصَتْ شفاهُكم من العطشِ، وغارَتْ أعيُنكم وخَمَصت بطونُكم، فكونوا اليومَ في نعيمِكم، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بمَا أسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ﴾ ؛ قال ابنُ السائب :(تُلْوَى يَدُهُ الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَهُ). وَقِيْلَ : يُنْزع من صدرهِ إلى خلفِ ظهرهِ، ﴿ فَيَقُولُ يالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾ ؛ قال الكلبيُّ رَحِمَهُ اللهُ :(نَزَلَتِ الآيَةُ الأُوْلَى قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾[الحاقة : ١٩] فِي أبي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الأَسَدِ زَوْجِ أمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَ مُسْلِماً يُعْطِيهِ الْمَلَكُ كِتَابَهُ بيَمِينِهِ صَحِيفَةً مَنْشُورَةً يَقْرَأ سَيِّئَاتِهِ فِي بَاطِنِهِ، وَيَقْرَأ النَّاسُ حَسَنَاتِهِ فِي ظَاهِرِهِ، فَإذَا بَلَغَ آخِرَ الْكِتَاب وَجَدَ أنْ قَدْ غُفِرَ لَهُ، فَيَقُولُ :﴿ هَآؤُمُ اقْرَءُواْ كِتَـابيَهْ ﴾[الحاقة : ١٩] ثُمَّ صَارَتْ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ).
قال الكلبيُّ : وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الثَّانِيَةُ فِي أخِي أبي سَلَمَةَ، وَهُوَ الأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ وَكَانَ كَافِراً يُعْطِيهِ الْمَلَكُ الَّذي يَكْتُبُ أعْمَالَهُ كِتَاباً مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، فَيَجِدُ حَسَنَاتِهِ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ، وَسَيِّئَاتِهِ غَيْرَ مَغْفُورَةٍ، فَيَسْوَدُّ وَجْهُهُ وَيَقُولُ :﴿ يالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ﴾ وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ كَافِرٍ، يَتَمَنَّى الْكَافِرُ يَوْمَئِذٍ أنَّهُ لَمْ يُعْطَ كِتَابَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا حِسَابُهُ تَحَسُّراً عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْقَبَائِحِ.
والهاءُ في (كِتَابيَهْ) و(حِسَابيَهْ) هاءُ الوقفِ والاستراحة، ولهذا يوقَفُ عليها كما في قولهِ تعالى :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴾[القارعة : ١٠].
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ﴾ ؛ معناهُ : يا ليتَ الْمَوْتَةَ الأُولى كانت ماضيةً على الدوامِ، قال الحسنُ :(يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ حِينَئِذٍ وَيُحِبُّونَهُ، وَكَانَ مِنْ أكْرَهِ الأَشْيَاءِ إلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا). ويقال : إن الهاءَ في قولهِ ﴿ يالَيْتَهَا ﴾ كنايةٌ عن الصَّيحةِ التي أخرَجتْهُ من القبرِ، يقولُ : يا لَيْتَهَا قَضَتْ عليَّ فاستريحَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مَآ أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ﴾ ؛ يعني لَمْ ينفَعْنِي كثرةُ مالِي الذي جمعتهُ في الدنيا لأوقاتِ الشدائدِ والكُرَبِ لا يُمكنني أن أفتدِي بشيءٍ منه، ولم أعمَلْ منه شيئاً لِهذا اليومِ، بل فرَّقتهُ فيما لا يحلُّ وخلَّفتهُ للوارثِ ولم يدفَعْ عنِّي من عذاب الله شيئاً.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ ؛ أي ضَلَّتْ عني حجَّتي حين شَهِدَتْ عليَّ جوارحي بالشِّرك وبجميعِ ما عملتُ في الدنيا. وَقِيْلَ : معنى السُّلطان العزُّ والأمر والنهيُ بَطَلَ منه كلُّ ذلك، وضالاً أسيراً لا يقدرُ على دفعِ العذاب عن نفسهِ.
يقولُ الله :﴿ خُذُوهُ ﴾ ؛ أي يقولُ الله تعالى للزَّبانيةِ الموكَّلين بتعذيبهِ : خُذُوهُ ؛ ﴿ فَغُلُّوهُ ﴾ ؛ فيَثِبُونَ عليه فيأخُذونه ويجعلون الغُلَّ في عُنقه.
يُروى :" أنَّهُ يَثِبُ عَلَيْهِ مِنْ جَهَنَّمَ ألْفُ مَلَكٍ مِنَ الزَّبَانِيَةِ، فَيَأْخُذُونَهُ فَيَنْقَطِعُ فِي أيْدِيهِمْ، فَلاَ يُرَى مِنْهُ فِي أيْدِيهِمْ إلاَّ الوَدَكَ ثُمَّ يُعَادُ خَلْقاً جَدِيداً، فَيَجْعَلُونَ الْغُلَّ فِي عُنُقِهِ، وَيَجْمَعُونَ أطْرَافَهُ إلَى الْغُلِّ الَّذِي يَجْعَلُونَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ يَقْذِفُونَهُ فِي الْجَحِيمِ حَتَّى يَتَوَقَّدَ فِي النَّار " فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴾ ؛ أي أدخِلوهُ وألزِموهُ الجحيمَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ ﴾ ؛ السِّلسلةُ : حلَقةٌ منتَظَمةٌ ذرعُها سبعون ذراعاً، الذِّراعُ سَبعون بَاعاً، كلُّ باعٍ أبعدُ ما بين الكوفةِ ومكَّة، قال الحسنُ :(اللهُ أعْلَمُ بأَيِّ ذِرَاعٍ هُوَ). قال ابنُ أبي نُجيح :(بَلَغَنِي أنَّ جَمِيعَ أهْلِ النَّار فِي تِلْكَ السِّلْسِلَةِ).
وقولهُ تعالى ﴿ فَاسْلُكُوهُ ﴾ أي أدخِلُوها في دبُرهِ، وأخرِجُوها من فيهِ، وألقُوا ما فضَلَ منها في عُنقهِ. يقالُ : سلكتُ الخيطَ في الإبرةِ إذا أدخلتهُ فيها، وتقولُ العربُ : أدخلتُ الخاتمَ في إصبَعي، والقُلنسوةَ في رأسِي، ومعلومٌ أنَّ الإصبعَ هي التي تدخلُ في الخاتمِ، ولكنَّهم أجَازُوا ذلك ؛ لأنَّ معناهُ لا يُشكِلُ.
وفائدةُ السِّلسلة : أنَّ النارَ إذا رمَت بأهلِها إلى أعلاَها جذبَتهُم الزبانيةُ بالسَّلاسلِ إلى أسفلها، قال ابنُ عبَّاس :(لَوْ وُضِعَتْ حَلَقَةٌ مِنْ تِلْكَ السِّلْسِلَةِ عَلَى ذرْوَةِ جَبَلٍ لَذابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ، وَلَوْ جُمِعَ صَدِيدُ الدُّنْيَا كُلُّهُ لَمَا وَزَنَ حَلَقَةً وَاحِدَةً مِنْ حَلْقِ تِلْكَ السِّلْسِلَةِ). قال الكلبيُّ :(مَعَنْى قَوْلِهِ ﴿ فَاسْلُكُوهُ ﴾ أيِ اسْلُكُوا السِّلْسِلَةَ فِيْهِ كَمَا يُسْلَكُ الْخَيْطُ فِي اللُّؤْلُؤِ).
وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ ؛ أي لا يصدِّقُ بتوحيدِ الله وعظَمتهِ، وفيه بيانُ أنَّ هذا النوعَ من العذاب لا يكون إلاَّ للكفَّار، وقولهُ تعالى :﴿ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ ؛ وهذا راجعٌ إلى منع الحقوقِ الواجبة في الشَّرع، مثلُ الزكاةِ ونحوِها، وفيه دليلٌ أنَّ الكافرَ يؤاخَذُ بالشَّرعيات في الآخرةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ ﴾ ؛ أي ليس لَهُ في الآخرةِ قريبٌ ينفعهُ ويحميه، ﴿ وَلاَ طَعَامٌ ﴾ ؛ يشبعهُ، ﴿ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ ﴾ ؛ وهو ماءٌ يَسِيلُ من أجسامِ أهلِ النَّار من الصديدِ والقيح والدَّمِ، وكلُّ جُرْحٍ غَسلتَهُ فخرجَ منه شيءٌ فهو غِسْلِينٌ، قال ابنُ عبَّاس :(لَوْ أنَّ قَطْرَةً مِنَ الْغِسْلِينِ وَقَعَتْ فِي الأَرْضِ أفْسَدَتْ عَلَى النَّاسِ مَعَايشَهُمْ).
قوله تعالى :﴿ لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ ﴾ ؛ أي لا يأكلهُ إلاَّ من يخُطئُ وخَطَؤُهم الشركُ، وعن عكرمةَ قال :(قَرَأنَا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ (لاَ يَأْكُلُهُ إلاَّ الْخَاطِئُونَ) فَقَالَ : مَهْ كُلُّنَا نُخْطِئُ). والخطأُ في الآيةِ ضدُّ الصَّواب لا ضدُّ العمدِ. والذي ذكرَهُ اللهُ في قوله :﴿ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ ﴾[الغاشية : ٦] لا يخالفُ ما في هذه الآياتِ، ولأن النارَ درَكَاتٌ، فمنهم مَن طعامهُ الغِسْلِين، ومنه من طعامهُ الضَّرِيعُ، ومنهم من طعامهُ الزَّقُّومُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ ﴾ ؛ معناهُ : أُقسِِمُ بما تُشاهِدون مِمَّا في السَّماء والأرضِ، وبما لا تُشاهِدُون مما وراءَ السَّماء والأرضِ، ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ ؛ إنَّ القرآنَ لقولُ جبريلَ عليه السلام يرويهِ إلى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
والقرآنُ قولٌ أقسَمَ اللهُ بجميعِ ما خلَقَ إعظاماً للقَسَمِ، وذكرَ في أوَّل الآيةِ (لاَ) وذلك لأنه قد يُزَادُ في القسَمِ كما يقالُ : لاَ واللهِ لا أفعَلُ كذا، ويجوزُ أن تكون (لاَ) هاهنا صلةٌ في الكلامِ مولَّدَةٌ، وهو قولُ البصرِيِّين. ويجوزُ أن تكون لرَدِّ مقالةِ الكفَّار عليهم، وهو قولُ الفرَّاء، والمعنى : ليس كما يقولُ المشركون أُقسِمُ بما تُبصِرون.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ ﴾ ؛ أي القرآنُ من عندِ الله، وأرادَ بالقليلِ نفيَ إيمانِهم أصلاً، ﴿ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ والكاهنُ : هو الْمُنَجِّمُ، وَقِيْلَ : هو الذي يُوهِمُ معرفةَ الأمور بما يزعمُ أنَّ له خَدَماً من الجنِّ. وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ؛ معناهُ : ولكنَّهُ تنْزِيلٌ من خالقِ الخلْقِ أجمعين على مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ ؛ معناهُ : لو اخترعَ علينا مُحَمَّدٌ ﷺ بعضَ هذا القرآنِ، وتكلَّفَ القولَ من تَلقاءِ نفسهِ ما لم نَقُلْهُ، لأَخذنا منه بقُوَّتنا وقُدرتنا عليه ثم أهلَكناهُ، واليمينُ تُذكَرُ ويرادُ بها القوةَ، قال الشاعرُ : إذا مَا رَأيَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بالْيَمِينِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ ؛ وهو عِرْقٌ يجرِي في الظَّهر حتى يتَّصِلَ بالقلب، إذا انقطعَ ماتَ صاحبهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴾ ؛ أي ليس منكم أحدٌ يَحْجِزُنَا عنه بأنْ يكون حَائِلاً بينه وبين عذابنا. والمعنى : لو تكلَّفَ ذلك لعَاقَبناهُ، ثم لم تَقدِرُوا أنتم على دفعِ عُقوبتنا.
قَوْلُهُ تَعََالَى :﴿ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ ؛ يعني القرآنَ عِظَةٌ لِمَن اتَّقى عقابَ اللهِ، ﴿ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ ﴾ ؛ بالقرآنِ، ﴿ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ ؛ في الآخرةِ يندَمُون على تركِ الإيمان به، ﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ﴾ ؛ أي أصدَقُ يقينٍ أنه من اللهِ تعالى لِمَن تدبَّرَ وانصفَ، ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ ؛ أي سبحِ اللهَ العظيمَ ونزِّههُ عمَّا لا يليقُ بهِ.
Icon