تفسير سورة الليل

التفسير المظهري
تفسير سورة سورة الليل من كتاب التفسير المظهري .
لمؤلفه محمد ثناء الله المظهري . المتوفي سنة 1225 هـ

سورة اللّيل
مكّيّة وهى احدى وعشرون اية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى الشمس او النهار كما فى قوله تعالى يغشى الليل النهار او كل شىء يوارى بظلامه والكلام فى إذا يغشى كما مر فى والليل إذا يغشها من كونه متعلقا بفعل القسم او بمضاف محذوف اى حصول الليل وكونه صفة له او بمعنى الوقت فينسلخا عن الظرفية.
وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى اى ظهر يزوال ظلمة الليل او بطلوع الشمس.
وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى اى القادر الذي خلق صنفى الذكر والأنثى من كل نوع له توالد او آدم وحوا ويجوز ان يكون مصدرية وجواب القسم.
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ط يعنى ان عملكم لمختلف منكم ساغ فكاك رقبة من النار وصعود درجات القرب ومدارج الجنة ومنكم ساع فى عطيها قال البغوي عن ابى مالك الأشعري قال قال رسول الله - ﷺ - كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها او موبقها ثم فصل الله سبحانه فقال.
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى ماله فى سبيل الله او ادى كل ما وجب عليه وَاتَّقى عذاب ربه فاجتنب مجاريه وفى الحديث اتقوا النار ولو بشق ثمرة رواه الشيخان عن عدى بن حاتم واحمد عن عائشة والبزار والطبراني عن انس فى الأوسط وعن ابن عباس وابى امامة فى الكبير والبراء عن النعمان بن بشير وابى هريرة.
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى قال ابو عبد الرحمن السلمى والضحاك وصدق بلا اله الا الله وهى رواية عطية عن ابن عباس وقال مجاهد بالجنة قال الله تعالى للذين أحسنوا الحسنى يعنى الجنة وقيل أيقن ان الله سيخلفه وهو رواية عكرمة عن ابن عباس وقال قتادة ومقاتل والكلبي بموعود الله تعالى ان يفى به.
فَسَنُيَسِّرُهُ اى نسهله ونهيئه لِلْيُسْرى اى للخلقت اليسرى التي يودى الى يسر وراحة وهى العمل وما يرضى الله ودخول الجنة من يسر الفرس لا هبته المركوب باليسر بالسرج واللجام.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بالنفقة بالخير وبما امر به الله تعالى وفى الحديث البخيل
من ذكرت عنده فلم يصل على رواه الترمذي والنسائي عن على وابن حبان والحاكم عن انس وَاسْتَغْنى بشهوات الدنيا عن الثواب فى الاخرة وعن القادر به.
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى بالكلمة الحسنى.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى اى لخصلة التي يودى الى العسر والشدة وهى العمل بما يكرهه الله تعالى ودخول النار قال مقاتل يعسر عليه ان يأتي خيرا عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله - ﷺ - ما منكم من أحد الا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة قالوا يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له اما من كان من اهل السعادة فسنيسره بعمل اهل السعادة واما من كان من اهل الشقاوة فسنيسره بعمل اهل الشقاوة ثم قرأ فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى قسنيسره لليسرى متفق عليه قال البغوي قيل نزلت فى ابى بكر الصديق اشترى بلالا عن امية بن خلف ببردة وعشر أواق فانزل الله تعالى سورة الليل الى قوله ان سعيكم لشتى سعى ابو بكر وسعى امية كذا روى عن ابن مسعود واخرج ابن ابى حاتم وغيره من طريق الحاكم بن ابان عن عكرمة عن ابن عباس ان رجلا كانت له نخلة فرعها فى دار رجل فقير ذى عيال فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد الى النخلة لياخذ منها الثمرة وبما يقع التمرة فياخذها صبيان الفقير فينزل من نخلة فياخذ الثمرة من أيديهم وان وجدها فى فم أحدهم ادخل إصبعيه يخرج التمرة من فيه فشكى ذلك الرجل يعنى الفقير الى النبي ﷺ فقال اذهب ولقى النبي - ﷺ - صاحب النخلة فقال له أعطني نخلتك التي فرعها فى دار فلان لك نخلة فى الجنة فقال الرجل لقد أعطيت وان لى نخلا كثيرا وما فيه نخلة اعجب الى تمرة منها ثم ذهب الرجل ولقى رجلا كان يسمع الكلام من رسول الله - ﷺ - ومن صاحب النخلة فاتى الى رسول الله - ﷺ - فقال أتعطيني يا رسول الله ما أعطيت الرجل يعنى صاحب النخلة وان انا أخذتها قال نعم فذهب الرجل فلقى صاحب النخلة ولكليهما نخل فقال له أشعرت ان محمدا صلى الله عليه واله وسلم أعطاني بنخلتك التي فى دار فلان نخلة فى الجنة فقلت له لقد أعطيت ولكن يعجبنى تمرها ولى نخل كثير ما فيه نخل اعجب الى تمرة منها فقال له الاخر أتريد بيعها فقال لا الا ان أعطني بها ما أريد ولا أظنه اعطى وقال فكم فيها قال أربعين نخلة قال لقد جئت بامر عظيم ثم سكت عنه فقال له انا أعطيك أربعين نخلة قال فاشهد لى
ان كنت صادقا فدعا قومه فاشهد له ثم ذهب الى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله ان النخلة قد صارت لى فهى لك فذهب رسول الله ﷺ الى صاحب الدار فقال النخلة لك فأنزل الله تعالى والليل إذا يغشى قال ابن كثير غريب جدا وذكر البغوي عن على بن حجر عن اسحق بن نجيح عن عطاء نحوه وفيه ان صاحب النخلة شكى الى النبي - ﷺ - تناول صبيان الجار من نخلة فقال له النبي ﷺ بعينها بنخلة فى الجنة فابى فخرج فلقيه ابو الدحداح الى اخر القصة قال فأنزل الله تعالى والليل إذا يغشى الى قوله ان سعيكم لشتى والصحيح هى الرواية الاولى يعنى نزلت فى ابى بكر الصديق وامية بن خلف لان السورة مكية وقصة صاحب النخلة وابى الدحداح يقتضى كونها مدنية وعلى تقدير صحة الرواية الثانية فنقول نزول الاية بمدح ابى الدحداح رضى الله عنه قال الله تعالى فاما من اعطى واتقى كابى الدحداح وصدق بالحسنى اى بما وعد النبي ﷺ فسنيسره لليسرى يعنى الجنة ولما كان حكم الاية عاما وان كان موردها خاصا عقبه بما يقيده من الوعيد فقال واما من بخل واستغنى الاية وليست هذه الجملة للوعيد فى حق صاحب النخلة فانه كان رجلا من الأنصار لم يكن ممن استغنى من ثواب الله تعالى ونعيم الجنة وكذب بالحسنى بل كان مصدقا بها والنخل المستوجب للنار انما هو منع الزكوة المفروضة كما لا يخفى والله تعالى اعلم.
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ الذي بخل فيه نفى او استفهام انكار إِذا تَرَدَّى الظرف متعلق بيغنى وتردى تفعل من الردى بمعنى الهلاك قال مجاهد اى بات إذ المراد بالهلاك استيجاب العذاب او بمعنى السقوط يعنى تردى فى حفرة القبر او قعر جهنم قال قتادة وابو صالح هوى فى جهنم.
إِنَّ عَلَيْنا كلمة على للتاكيد يعنى التزمنا الهداية بموجب قضائنا السابق او بمقتضى كلمتنا لَلْهُدى اى الإرشاد الى الحق بنصب الدلائل وبيان الشرائع كذا قال الزجاج وقتادة وقال الفراء معناه من سلك الهدى فعلى الله سبيله كقوله تعالى وعلى الله قصد السبيل يقول من أراد الله فهو على السبيل القاصد يعنى من سلك على طريق الهدى يصل الى الله سبحانه.
وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى ملكا وخلقا وتقديم الخبر للحصر فمن طلبها من غير مالكهما فقد اخطأ الطريق او فنعطى ثواب الهداية للمهتدين او فلا يضرنا ترككم الاهتداء.
فَأَنْذَرْتُكُمْ اى خوفتكم والفاء للسببية فان كون الاخرة والاولى
كلاهما خالصا لله تعالى سبب للتخويف ناراً تَلَظَّى ج احدى التاءين محذوف اى تتلظى تتوقد وتتلهب صفة للنار.
لا يَصْلاها صفة اخرى إِلَّا الْأَشْقَى قيل الأشقى هاهنا بمعنى الشقي فهو يعم الكافر والفاسق الغير المغفور وصفه تعالى.
الَّذِي كَذَّبَ الرسول ﷺ وَتَوَلَّى عن الايمان باعتبار بعض افراده وليس الاحتراز بل لان العادة ومقتضى الايمان ان لا يكون المؤمن شقيا إذ الايمان يقتضى التقوى والسعادة والكافر المكذب هو الذي يكون شقيا عاصيا غالبا فتقيد الشقي بوصف التكذيب والتولي خرج مخرج العادة كما فى قوله تعالى وربائبكم اللّتى فى حجوركم او المراد بالتكذيب أعم من التكذيب صريحا وهو الكفر او دلالة وهو ارتكاب المحرمات مع الايمان بتحريمها او أعم مما هو صادر عن اللسان والقلب فيكون كفر او نفاقا ومما هو صادر عن النفس الامارة بالسوء حال كون قلبه مطمئنة بالايمان ولسانه ما خلقنا به فيكون ايمانا مجازيا عاما وقيل الأشقى بمعناه للتفضيل والمراد به الكافر فانه أشقى من الفاسق لكن يصلى هاهنا ليس على إطلاقه بل المراد منه المقيد باللزوم والشدة قال البيضاوي لا يصليها لا يلزمها مقاسيا شدتها الا الأشقى اى الكافر فان الفاسق وان دخلها ان لم يغفر لا يلزمها فلا نقض فى الحصر وقيل لا حاجة الى هذه التكليف بل الضمير فى لا يصلها عائد الى نارا تلظى ولا يصلى نارا تتلظى وتتلهب الا الكافر واما الفاسق فادخل جهنم لا يصلى نارا تتلهب بل نارا ضعيفة بالنسبة الى الكافر وهى الطبقة العليا من النار وعندى ان المراد بالأشقى هو الكافر كما هو الظاهر النار ايضا على عمومها فان التلهب توصف بها نار الدنيا ايضا ونار جهنم وان كانت ضعيفة فهى أشد من نار الدنيا البتة لكن الحصر فى الاية إضافي بالنسبة الى المؤمنين الموجودين فى زمان النبي ﷺ فالاية تدل على عدم دخول أحد من الصحابة فى النار كيف وقد انعقد الإجماع على ان الصحابة كلهم عدول وقد قال الله تعالى وكلا وعد الله الحسنى وقال كنتم خير امة أخرجت للناس وقال محمد رسول الله والذين معه الاية وقال رسول الله - ﷺ - لا تمس النار مسلما رانى او راى من رانى رواه الترمذي عن جابر وقال أصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم رواه رزين عن عمر بن الخطاب فمن صدر منه معصية فهم على سبيل الندرة وفق غالبا للتوبة فان التائب كمن لا ذنب له رواه ابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعا او أدركته الرحمة ببركة صحبة النبي ﷺ كيف وقد قال رسول الله ﷺ فى حق الصلحاء من أمته هم قوم لا يشقى جليسهم ولا يخاب انيسهم
فى حديث فى الصحيحين والترمذي عن ابى هريرة فما أظنك فيمن جالس سيد المرسلين فى حين من الدهر والله تعالى اعلم ولما كان الناس فى زمن النبي ﷺ منحصرين فى فريقين اما مومن تقى اتقى الناس ممن سواهم او كافر فلذلك ترى كلام الله مشحونا من ذكر هذين الفريقين وقلما يستفاد حال عصاة المؤمنين من القران لان الكلام غالبا يبحث عن احوال الموجودين والله تعالى اعلم فلا يجوز بهذه الاية استدلال المرجئة على ان المؤمن ان كان فاسقا لا يدخل النار وان السيئات من الكبائر والصغائر مطلقا لا يضر مع الايمان لان الحسنات مطلقا لا تنفع مع الكفر وبه قال الروافض شيعة على ولا استدلال المعتزلة على ان مرتكب الكبيرة مخلد فى النار وليس بمؤمن وجه استدلالهم ان ارتكاب الكبيرة موجب لدخول النار بالإجماع وان خالف المرجئة فلو كان مرتكب الكبيرة مومنا لم يكن أشقى الناس فلا يصلها بهذه الاية واهل السنة يأولون هذه الاية بما ذكرنا من التأويلات جمعا بين النصوص وجريا على ما انعقد عليه الإجماع من ان الله تعالى لا يغفران يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء سواء تاب او لم يتب وقال الله تعالى يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم وقال يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وقال من يعمل مثقال ذرة خيرا يره فلا يجوز فى حق المؤمن الخلود فى النار وان كان فاسقا غير مغفور وقد تواتر قوله ﷺ من قال لا اله الا الله دخل الجنة وقال الله تعالى ومن يعمل مثقال ذرة شرايره يعنى ان شاء الله ان يعذبه ولم يغفره يرى جزاء السيئة فى النار ولولا مقتضى إتيان المحرمات
وترك الواجبات دخول النار كما قالت المرجئة لصارت الشريعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر كلها سفسطة ولا يقولها الا كاهن او مجنون.
وَسَيُجَنَّبُهَا عطف على لا يصليها والسين للتحقيق الْأَتْقَى اى الذي اتقى الشرك الجلى والخفي والمعاصي القلبية والقالبية والنفسانية وذلك بعد تزكية النفس واطمينانها.
الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ الفقراء وفى فك الرقاب ووجوه الخير يَتَزَكَّى بدل من يوتى ولا محل له من الاعراب او منصوب على الحالية من فاعله اى يطلب ان يكون عند الله زاكيا لا يريد به رياء ولا سمعة او يتفعل من الزكوة والمفهوم عندنا غير معتبر فلا تدل تلك الاية
278
على دخول تقى فى النار وكذا عند الشافعي إذا الكلام خارج مخرج الجواب فى حادثة لاتفاق المفسرين على ان الاية نزلت فى ابى بكر الصديق فالغرض منه توصيف الصديق بكونه اتقى الناس أجمعين غير الأنبياء وانما خصصنا بغير الأنبياء دلالة العقل والإجماع والنصوص وليس الغرض منه الاحتراز والحكم بدخول التقى دون اتقى فى النار ولو سلمنا المفهوم فالمراد بالتقى الذي جاز دخوله فى النار التقى عن الشرك فقط دون المعاصي والله تعالى اعلم اخرج ابن ابى حاتم عن عروة ان أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب فى الله فنزلت وسيجنبها الأتقى الى اخر السورة قلت فحينئذ اللام للعهد واخرج حاكم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قال ابو قحافة لابى بكر أراك تعتق رقابا ضعفا فلو انك اعتقت رجالا اجلد يمنعونك ويقومونك دونك فقال يا أبت انما أريد ما عند الله فنزلت هذه الاية فاما من اعطى واتقى الى اخر السورة وذكر محمد بن اسحق قال كان بلال لبعض بنى جمع وهو بلال بن رباح واسم امه حمامه وكان صادق الإسلام طاهر القلب وكان امية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول لا يزال على هذا حتى يموت او تكفر لمحمد فيقول وهو فى ذلك البلاء أحد أحد قال محمد بن اسحق عن هشام بن عروة عن أبيه قال مر به ابو بكر يوما وهم يصنعون به ذلك وكانت دارابى بكر فى جمح فقال لاميّة الا تتقى فى هذا المسكين قال أنت أخذته فانقذه مما ترى قال افعل عندى غلام أسودا جلد منه وأقوى على ذلك أعطيتك قال قد فعلت فاعطاه ابو بكر غلامه واخذه فاعتقه ثم أعتق معه على الإسلام قبل ان يهاجر رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بير معونة شهداء وأم عميس وزبير فاصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش ما اذهب بصرها وأعتق ابنتها الهدنة وكانتا لامراة من عبد الدار بمنزلهما وقد بعثتها سيدتها يطحنان وهى تقول والله لا اعتقكما ابدا فقال ابو بكر حلا فلان فقالت حلا أنت افدتهما فاعتقهما قال فيكم قالت بكذا وكذا قال فاخذتهما وهما حرتان ومر بجارية بنى مومل وهى يعذب فابتاعها فاعتقها وقال سعيد بن المسيب بلغني ان امية بن خلف قال لابى بكر فى بلال حين قال ابتعيه قال نعم أبيعه بنسطاس عبد لابى بكر صاحب عشر آلاف دينار وغلمان وجوارى ومواش وكان حمله ابو بكر على الإسلام
279
على ان يكون ماله له فابى فابغضه ابو بكر فلما قال له امية أبيعه بغلامك نسطاش اغتنمه ابو بكر وباعه منه فقال المشركون ما فعل ذلك ابو بكر ببلال الا ليد كان له عنده فانزل الله عز وجل.
وَما لِأَحَدٍ بلال ولا لغيره من الغلمان عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى وكذا اخرج البزار عن ابن الزبير انها نزلت فى ابى بكر والجملة حال من فاعل يوتى ماله او مستأنفة كانه فى جواب بل كان لاحد ممن يوتيه ماله عنده يجزى ان يكافيه عليهما ويقصد بإعطائه او اعتاقه مجازا بها.
إِلَّا استثناء منقطع اى لكن يفعل ذلك ابو بكر ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ج طلبا لرضاه ويجوز ان يكون متصلا عن محذوف تقديره لا يوتى ماله لغرض من الأغراض ومكافاته لنعمة الا لغرض ابتغاء وجه الله وطلب رضائه.
وَلَسَوْفَ يَرْضى ع الله عنه بما يفعل او يرضى عن الله تعالى بما يعطيه من الجزاء فى الاخرة من الجنة والكرامة عطف على وسيجنبها وهذه الاية لابى بكر كقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه واله وسلم ولسوف يعطيك ربك فترضى وكون ابى بكر اتقى الناس بعد الأنبياء دليل على كونه أفضلهم لقوله تعالى ان أكرمكم عند الله أتقاكم وعليه انعقد الإجماع عن ابن عمر قال كنا فى زمن النبي ﷺ لا نعدل بابى بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك اصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم لا تفاضل بينهم رواه البخاري وسال محمد بن الحنيفة عن على اى الناس خير بعد النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ابو بكر قال ثم من قال عمر رواه البخاري وقد بسطنا الكلام فى هذه المسألة وذكرنا فيها الأحاديث والآثار وروايات الإجماع والمنقول فى كتابنا السيف المسلول انصرافا على الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا امال حمزة والكسائي اواخر هاتين السورتين والليل والضحى الا قرنه تعالى سبحى فان حمزة فتحها وامال ابو عمرو للعسرى ولليسرى وما سواهما بين بين وورش جميع ذلك بين بين والباقون بإخلاص الفتح فى الكل- والله تعالى اعلم.
Icon