ﰡ
مكية، وقيل: مدنية، وقيل: فيها مدني، وآيها: إحدى وعشرون آية، وحروفها: ثلاث مئة حرف، وكلمها: إحدى وسبعون كلمة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)﴾.[١] ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ أي: يغطِّي الأرضَ وجميع ما فيها بظلمته.
...
﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢)﴾.
[٢] ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ أي: ظهر وضَوَّأَ الآفاق.
...
﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)﴾.
[٣] ﴿وَمَا﴾ أي: والذي ﴿خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ يعني: آدم وحواء.
...
﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)﴾.
[٤] وجواب القسم: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ جمع شتيت؛ أي: إن عملكم
...
﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥)﴾.
[٥] ثم قسم تعالى السَّاعِين فقال: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى﴾ حقَّ الله ﴿وَاتَّقَى﴾ اللهَ تعالى.
...
﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾.
[٦] ﴿وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ هي كلمة التوحيد.
...
﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)﴾.
[٧] ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ نهيئه للعمل الصالح، وهو الطاعة.
...
﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨)﴾.
[٨] ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ﴾ بالنفقة في الطاعة ﴿وَاسْتَغْنَى﴾ بلذات الدنيا عن نعيم الآخرة.
...
﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩)﴾.
[٩] ﴿وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾ بلا إله إلا الله.
***
[١٠] ﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ نهيئه لعملٍ يستوجبُ به النارَ، وسميت العسرى؛ لإفضائها إلى العسر. قرأ أبو جعفر: (لِلْيُسُرَى) (لِلْعُسُرَى) بضم السين فيهما، والباقون: بإسكانها (١).
...
﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)﴾.
[١١] ﴿وَمَا﴾ نفي بمعنى ليس ﴿يُغْنِي عَنْهُ مَالُه﴾ الذي بخل به.
﴿إِذَا تَرَدَّى﴾ أي: سقط في النار.
...
﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)﴾.
[١٢] ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ أي: تبيينَ طريق الهدى والضلالة، ثم كل أحد بعدُ يكتسب ما قُدر له.
...
﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (١٣)﴾.
[١٣] ﴿وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾ فنعطي في الدارين ما نشاء لمن نشاء.
...
[١٤] ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ﴾ يا أهل مكة ﴿نَارًا تَلَظَّى﴾ تلتهب. قرأ البزي، ورويس: (نَارًا تَّلَظَّى) بتشديد التاء وصلًا، والباقون: بتخفيفها (١).
...
﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (١٥)﴾.
[١٥] ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾.
...
﴿الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦)﴾.
[١٦] ﴿الَّذِي كَذَّبَ﴾ النبيَّ - ﷺ -.
﴿وَتَوَلَّى﴾ عن الإيمان، وهو أبو جهل، أو أمية بن خلف.
...
﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧)﴾.
[١٧] ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى﴾.
...
﴿الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (١٨)﴾.
[١٨] ﴿الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾ يطلب أن يكون عند الله زاكيًا، وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
[١٩] روي أن أمية بن خلف كان إذا حميت الظهيرة، يطرح بلالًا على ظهره ببطحاء مكة، ويضع على صدره صخرة عظيمة، ويقول: لا تزال هكذا حتى تموت، أو تكفر بمحمد، فيقول: أَحَدٌ أَحَد، فقال أبو بكر: اتق الله فيه، فقال له: أنت أفسدته، فأنقذْه مما هو فيه، فاشتراه وأعتقه، فقال المشركون: إنما فعل ذلك ليد كانت له عنده، فنزل: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى﴾ يد يكافئه عليها (١).
...
﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (٢٠)﴾.
[٢٠] ﴿إِلَّا﴾ أي: بل هو مبتدأ، خبره (٢): ﴿ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ وطلب رضاه.
...
﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى (٢١)﴾.
[٢١] ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ بما يعطيه الله في الآخرة من الثواب، هذه عِدَة من الله تعالى لأبي بكر رضي الله عنه. ومذاهب القراء في إمالة رؤوس الآي في هذه السورة كالتي قبلها، والله أعلم.
* * *
(٢) "خبره" ساقطة من "ت".
مكية، وآيها: إحدى عشرة آية، وحروفها: مئة وثمانية وخمسون حرفًا، وكلمها: أربعون كلمة.
الكلام في التكبير:
اختلف في سبب وروده، فروي أن النبي - ﷺ - انقطع عنه الوحي، فقال المشركون: قلا محمدًا ربُّه، فنزلت سورة ﴿وَالضُّحَى﴾ فقال النبي - ﷺ -: "اللهُ أكبرُ"، وأمر أن يكبر إذا بلغ: ﴿وَالضُّحَى﴾ مع خاتمة كل سورة حتى يختم، فكبر شكرًا لله تعالى لما كذَّب المشركين (١)، وقيل: قال: الله أكبر تصديقًا لما أنا عليه، وتكذيبًا للكافرين، وقيل: فرحًا وسرورًا بنزول الوحي، وورد (٢) في ذلك أقوال كثيرة غير ما تقدم.
وأما من ورد عنه، فقد صح التكبير عن أهل مكة قرائهم وعلمائهم،
(٢) في "ت": "وروي".
وأما ابتداؤه، فاختلف فيه، فروي أنه من أول ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ وروي أنه من أول ﴿وَالضُّحَى﴾.
واختلف أيضًا في النهاية، فروي أن انتهاءه آخر سورة الناس، وروي: أولها، وقد ثبت نصه عن الإمامين الشافعي وأحمد رضي الله عنهما، ولم يستحبه الحنابلة؛ لقراءة غير ابن كثير، ولم أطلع على نص في ذلك لأبي حنيفة ومالك رضي الله عنهما.
ولفظه: (الله أكبر (٢)) في رواية البزي، وقنبل، وروي عنهما: التهليل قبل التكبير، ولفظة: (لا إله إلا الله والله أكبر)، والوجهان عنهما صحيحان جيدان مشهوران مستعملان.
وصفة التكبير في رواية ابن كثير بين كل سورتين أربعة عشر وجهًا:
الأول: قطعه عن آخر السورة، ووصله بالبسملة، ووصل البسملة في أول السورة الآتية، وهو ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ قف (الله أكبر) صل (٣) (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) صل ﴿وَالضُّحَى﴾.
(٢) "أكبر" ساقطة من "ت".
(٣) قوله: "قف" و"صل" زيادة من "ت".
الثالث: وصله بآخر السورة، والقطع عليه، ووصل البسملة بأول السورة، وهو ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ صل (الله أكبر) قف (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) صل ﴿وَالضُّحَى﴾.
الرابع: وصله بآخر السورة، والقطع على البسملة، وهو ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ صل (الله أكبر) قف (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قف ﴿وَالضُّحَى﴾.
الخامس: قطع التكبير عن آخر السورة وعن البسملة، ووصل البسملة بأول السورة، وهو ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ قف (الله أكبر) قف (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) صل ﴿وَالضُّحَى﴾.
السادس: وصل التكبير بآخر السورة، والبسملة بأول السورة، وهو ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ صل (الله أكبر) صل (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) صل ﴿وَالضُّحَى﴾.
السابع: قطع الجميع؛ أي: قطع التكبير عن السورة الماضية وعن البسملة، وقطع البسملة عن السورة الآتية، وهو: ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ قف (الله أكبر) قف (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قف ﴿وَالضُّحَى﴾.
فهذه السبعة صفته مع التكبير، ويأتي مع التهليل مثل ذلك، وبقي وجه لا يجوز، وهو وصل التكبير بآخر السورة، وبالبسملة مع القطع عليها، وهو ﴿وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ (الله أكبر) (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) بالوصل في الجميع، ثم يسكت على البسملة، ثم يبتدئ ﴿وَالضُّحَى﴾، فهذا ممتنع