ﰡ
﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ١ وما أدراك ما ليلة القدر ٢ ليلة القدر خير من ألف شهر ٣ تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ٤ سلام هي حتى مطلع الفجر ﴾.
ذلك إخبار من الله عن إنزال القرآن في ليلة القدر. وهي الليلة المباركة الفضلى، وفي بركتها يقول الله سبحانه :﴿ إنا أنزلناه في ليلة مباركة ﴾ والمراد بها ليلة القدر. وهي من شهر رمضان. قال ابن عباس : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله. وسميت هذه الليلة المباركة بليلة القدر لشرفها وعظيم قدرها. وقيل : سميت بذلك، لأن للطاعات فيها قدرا عظيما وثوابا جزيلا. وقيل : سميت بذلك، لأن الله أنزل فيها كتابا ذا قدر، على رسول ذي قدر، وعلى أمة ذات قدر. ثم قال على سبيل التعظيم والتفخيم لهذه الليلة :﴿ وما أدراك ما ليلة القدر ﴾.
قوله :﴿ بإذن ربهم من كل أمر ﴾ أي يتنزّلون إلى الأرض بإذن ربهم من أجل كل أمر قضاه الله لتلك السنة إلى مثلها من قابل، وذلك من رزق وأجل وغير ذلك.
وقد اختلف العلماء في تعيين ليلة القدر. والذي عليه أكثرهم أنها ليلة سبع وعشرين. ومن علامات هذه الليلة المباركة أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في ليلة القدر : " إن من أماراتها أنها ليلة سمحة بلجة، لا حارة ولا باردة، تطلع الشمس صبيحيتها ليس لها شعاع ".
وفي الصحيحين في فضلها : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه "، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صلى صلاة المغرب والعشاء الآخرة من ليلة القدر في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر "، وقالت عائشة ( رضي الله عنها ) : قلت : يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر فما أقول ؟ قال : " قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " ٢.
٢ تفسير الطبري جـ ٣٠ ص ١٦٧- ١٦٨ والكشاف جـ ٤ ص ٢٧٣ وتفسير القرطبي جـ ٢٠ ص ١٢٩- ١٣٨ وتفسير الرازي جـ ٣٢ ص ٢٥..