ﰡ
ثُمَّ ذَكَرَ قِسْمًا آخَرَ فَقَالَ: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١)، [أَيْ ذَاتِ الْمَطَرِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ كُلَّ عَامٍ وَيَتَكَرَّرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ السَّحَابُ يرجع المطر]].
وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢)، أي تصدع وتنشق عن النبات الأشجار وَالْأَنْهَارِ.
وَجَوَابُ الْقَسَمِ قَوْلُهُ: إِنَّهُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ، لَقَوْلٌ فَصْلٌ، حَقٌّ وَجِدٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤)، بِاللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ.
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ فقال: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥)، يخاتلون [٢] النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُظْهِرُونَ مَا هُمْ عَلَى خِلَافِهِ.
وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦)، وَكَيْدُ اللَّهِ اسْتِدْرَاجُهُ إِيَّاهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ.
فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ، أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً، قَلِيلًا وَمَعْنَى مَهِّلْ وَأَمْهِلْ أَنْظِرْ وَلَا تَعْجَلْ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَنُسِخَ الْإِمْهَالُ بِآيَةِ السَّيْفِ.
سُورَةُ الأعلى
مكية وهي تسع عشرة آية
[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ١ الى ٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤)سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)، يَعْنِي قُلْ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
«٢٣٣٠» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَا عَبْدُ الله بن حامد أنا
- إسناده على شرط الصحيح، لكنه معلول بالوقف.
- وأخرجه أبو داود ٨٨٣ وأحمد ١/ ٢٣٢ والحاكم ١/ ٣١٣ والبيهقي ٢/ ٣١٠ من طريقين عن وكيع به، صححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي.
- وقال أبو داود: خولف وكيع، رواه أبو وكيع وشعبة عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ موقوفا.
- لكن الظاهر عدم سماع أبي إسحاق له من سعيد بدليل الواسطة بينهما في رواية المرفوع.
- وأخرجه الطبري ٣٦٩٧١ عن أبي إسحاق عن ابن عباس قوله، وهو منقطع.
(١) سقط من المخطوط.
(٢) في المطبوع «يخافون».
وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ نَزِّهْ رَبَّكَ الْأَعْلَى عَمَّا يَصِفُهُ بِهِ الْمُلْحِدُونَ، وَجَعَلُوا الِاسْمَ صِلَةً، وَيَحْتَجُّ بِهَذَا مَنْ يَجْعَلُ الاسم والمسمى واحدا إلا أن أَحَدًا لَا يَقُولُ: سُبْحَانَ اسْمِ اللَّهِ، وَسُبْحَانَ اسْمِ رَبِّنَا، إِنَّمَا يقولون:
سبحان الله وسبحان ربنا، وكان مَعْنَى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) : سَبِّحْ رَبَّكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: نَزِّهْ تَسْمِيَةَ رَبِّكَ بِأَنْ تَذْكُرَهُ وَأَنْتَ له معظم ولذكره محترم، وَجَعَلُوا الِاسْمَ بِمَعْنَى التَّسْمِيَةِ.
وَقَالَ ابن عباس: سبح أَيْ صَلِّ بِأَمْرِ رَبِّكَ الْأَعْلَى.
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢)، قَالَ الْكَلْبِيُّ: خَلَقَ كُلَّ ذِي رُوحٍ فَسَوَّى اليدين والرجلين والعينين. قال الزَّجَّاجُ: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مُسْتَوِيًا، وَمَعْنَى سَوَّى: عَدَلَ قَامَتَهُ.
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣)، قَرَأَ الْكِسَائِيُّ قَدَرَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ، وَشَدَّدَهَا الْآخَرُونَ، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَدَى الْإِنْسَانَ لِسَبِيلِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ، وَهَدَى الْأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: قَدَّرَ لِكُلِّ شَيْءٍ مَسْلَكَهُ فَهَدَى، عَرَّفَهَا كَيْفَ يَأْتِي الذَّكَرُ الأنثى.
وقيل: قدر الأرزاق فهدى لِاكْتِسَابِ الْأَرْزَاقِ وَالْمَعَاشِ.
وَقِيلَ: خَلَقَ الْمَنَافِعَ فِي الْأَشْيَاءِ وَهَدَى الْإِنْسَانَ لِوَجْهِ اسْتِخْرَاجِهَا مِنْهَا.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَدَّرَ مُدَّةَ الْجَنِينِ فِي الرَّحِمِ ثُمَّ هَدَاهُ لِلْخُرُوجِ مِنَ الرَّحِمِ.
قَالَ الْوَاسِطِيُّ: قَدَّرَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَسَّرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ [١] سُلُوكَ سَبِيلِ مَا قَدَّرَ عَلَيْهِ.
وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤)، أَنْبَتَ الْعُشْبَ وَمَا تَرْعَاهُ النَّعَمُ، مِنْ بَيْنِ أَخْضَرَ وَأَصْفَرَ وَأَحْمَرَ وأبيض.
[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ٥ الى ١٤]
فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ مَا شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩)
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (١٣) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)
فَجَعَلَهُ، بَعْدَ الْخُضْرَةِ، غُثاءً، هَشِيمًا بالياء، كَالْغُثَاءِ الَّذِي تَرَاهُ فَوْقَ السَّيْلِ. أَحْوى، أَسْوَدَ بَعْدَ الْخُضْرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَأَ إِذَا جَفَّ وَيَبِسَ اسود.
- وورد مرفوعا من مرسل قتادة، أخرجه الطبري ٣٦٩٧٢، وهذا مرسل، وهو بصيغة التمريض.
- الخلاصة: ورد مرفوعا، وموقوفا، وهو أصح، ولم يصب الألباني إذ أورده في «صحيح أبي داود» برقم: ٧٨٥ وجزم بصحته؟!
(١) تصحف في المخطوط «الطائعين».
«٢٣٣١» وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالْكَلْبِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ آخِرِ الْآيَةِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَوَّلِهَا مَخَافَةَ أن ينساها، فأنزل الله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦)، فَلَمْ يَنْسَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا.
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ، مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَما يَخْفى، مِنْهُمَا، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ.
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨)، قَالَ مقاتل: نهون عليك عمل الْجَنَّةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عباس: نيسرك لأن تعمل خيرا، واليسرى عَمَلُ الْخَيْرِ. وَقِيلَ: نُوَفِّقُكَ لِلشَّرِيعَةِ الْيُسْرَى وَهِيَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ. وَقِيلَ:
هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ مَعْنَاهُ: أنه يعلم الجهر مما تقرأه عَلَى جِبْرِيلَ إِذَا فَرَغَ مِنَ التلاوة، (وما يخفى) ما تقرأه [١] فِي نَفْسِكَ مَخَافَةَ النِّسْيَانِ، ثُمَّ وَعَدَهُ فَقَالَ: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨)، أَيْ نُهَوِّنُ عَلَيْكَ الْوَحْيَ حَتَّى تَحْفَظَهُ وَتَعْلَمَهُ.
فَذَكِّرْ، عِظْ بِالْقُرْآنِ، إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى، الْمَوْعِظَةُ وَالتَّذْكِيرُ، وَالْمَعْنَى: نفعت أو لم تنفع، ولم يَذْكُرِ الْحَالَةَ الثَّانِيَةَ، كَقَوْلِهِ: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [النحل: ٨١]، وَأَرَادَ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ جَمِيعًا.
سَيَذَّكَّرُ، سيتعظ، مَنْ يَخْشى، اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
يَتَجَنَّبُهَا
، أَيْ يَتَجَنَّبُ الذِّكْرَى وَيَتَبَاعَدُ عَنْهَا، َْشْقَى
، الشَّقِيُّ فِي عِلْمِ اللَّهِ.
الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢)، الْعَظِيمَةَ وَالْفَظِيعَةَ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ وَأَشَدُّ حَرًّا مِنْ نَارِ الدُّنْيَا.
ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيها، فيستريح، وَلا يَحْيى، حَيَاةً تَنْفَعُهُ.
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)، تَطَهَّرَ مِنَ الشِّرْكِ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ، وَرِوَايَةُ الْوَالِبِيِّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنْ كَانَ عَمَلُهُ زَاكِيًا. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ صَدَقَةُ الْفِطْرِ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) قَالَ: أَعْطَى صدقة الفطر.
[سورة الأعلى (٨٧) : الآيات ١٥ الى ١٩]
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٨) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (١٩)
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)، قَالَ خرج إلى العيد فصلى صلاته، وكان ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ امرأ تَصَدَّقَ ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ يَقْرَأُ هذه الآية.
وَقَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَعْنِي مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ: يَا نَافِعُ خرجت الصَّدَقَةَ فَإِنْ قُلْتُ نَعَمْ مَضَى إِلَى الْمُصَلَّى، وَإِنْ قُلْتُ لَا قَالَ فَالْآنَ فَأَخْرِجْ فَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي هَذَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥)، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي العالية وابن سيرين.
- والذي صح في ذلك ما تقدم في سورة القيامة.
(١) في المطبوع «تقرأ».
قلت [١] : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النُّزُولُ سَابِقًا عَلَى الْحُكْمِ كَمَا قَالَ: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢)، [الْبَلَدِ: ٢].
فَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَظَهَرَ أَثَرُ الْحِلِّ يَوْمَ الْفَتْحِ حَتَّى «٢٣٣٢» قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» وَكَذَلِكَ نَزَلَ بِمَكَّةَ: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) [الْقَمَرِ: ٤٥].
«٢٣٣٣» قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: كُنْتُ لَا أَدْرِي أَيَّ جَمْعٍ يُهْزَمُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثِبُ فِي الدِّرْعِ وَيَقُولُ: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ».
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (١٥) أَيْ وَذَكَرَ ربه فصلى، وقيل: الذِّكْرُ تَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ وَالصَّلَاةُ صَلَاةُ الْعِيدِ، وَقِيلَ: الصَّلَاةُ هَاهُنَا الدُّعَاءُ.
بَلْ تُؤْثِرُونَ، قرأ أبو عمرو ويعقوب بِالْيَاءِ يَعْنِي الْأَشْقَيْنَ الَّذِينَ ذُكِرُوا وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّاءِ دَلِيلُهُ قِرَاءَةُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «بَلْ أَنْتُمْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا».
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٧)، قَالَ عَرْفَجَةُ الْأَشْجَعِيُّ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ لَنَا:
أَتَدْرُونَ لِمَ آثَرْنَا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: لِأَنَّ الدُّنْيَا أُحْضِرَتْ وَعُجِّلَ لَنَا طَعَامُهَا وَشَرَابُهَا وَنِسَاؤُهَا وَلَذَّاتُهَا وَبَهْجَتُهَا، وَأَنَّ الْآخِرَةَ نُعِتَتْ لَنَا وَزُوِيَتْ عَنَّا فَأَحْبَبْنَا الْعَاجِلَ وَتَرَكْنَا الْآجِلَ.
إِنَّ هَذَا، يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤)، إِلَى أَرْبَعِ آيَاتٍ، لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى، أي الْكُتُبِ الْأُولَى الَّتِي أُنْزِلَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ ذَكَرَ فِيهَا فَلَاحَ الْمُتَزَكِّي وَالْمُصَلِّي وَإِيثَارَ الْخَلْقِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وأن عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
ثُمَّ بَيَّنَ الصُّحُفَ فَقَالَ: صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (١٩)، قَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ: هَذِهِ السُّورَةُ فِي صُحُفِ إبراهيم وموسى.
«٢٣٣٤» أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ أنا محمد بن
٢٣٣٣- تقدم في سورة القمر.
٢٣٣٤- صحيح. دون ذكر المعوّذتين، فإنه حسن.
- إسناده حسن، رجاله رجال البخاري ومسلم، لكن سعيد فيه كلام لذا قال الحافظ في «التقريب» : صدوق. وشيخه أيضا، يحيى بن أيوب فيه كلام، وقال عنه الحافظ: صدوق ربما أخطأ.
- وهو في «شرح السنة» ٩٦٨ بهذا الإسناد.
- وأخرجه الحاكم ١/ ٣٠٥ و٢/ ٥٢٠ والطحاوي في «المعاني» ١/ ٢٨٥ وابن حبان ٢٤٣٢ والدارقطني ٢/ ٣٥ من طرق عن سعيد بن كثير بن عفير به.
- وأخرجه ابن حبان ٢٤٤٨ من طريق ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب به.
- وأخرجه الترمذي ٤٦٣ والحاكم ٢/ ٥٢٠- ٥٢١ والبيهقي ٣/ ٣٨ والبغوي ٩٦٩ من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب عن محمد بن سلمة الحراني عن خصيف عن عبد العزيز بن جريج عن عائشة بنحوه، وإسناده ضعيف، خصيف سيىء الحفظ، وعبد العزيز لم يسمع من عائشة كما قال الحافظ في «التقريب».
(١) ما بين المعقوفتين في المطبوع. «قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحْيِي السَّنَةِ رحمه الله» وزيد في نسخة «ط» زيادة أكبر والمثبت عن المخطوط، وهو الصواب، فإن السلف لا يمتدحون أنفسهم بأعلى أوصافه، وهو تصرف من النساخ.