تفسير سورة الأعلى

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن .
لمؤلفه زكريا الأنصاري . المتوفي سنة 926 هـ

قوله تعالى :﴿ فذكّر إن نفعت الذكرى ﴾ [ الأعلى : ٩ ].
فإن قلتَ : إنه صلى الله عليه وسلم مأمور بالتذكير، وإن لم تنفع الذكرى ؟
قلتُ : إن معنى " إنْ " هنا " إذْ " كم في قوله تعالى :﴿ وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾ [ آل عمران : ١٤٩ ] أو التقدير : إن نفعت الذّكرى أو لم تنفع( ١ )، كما في قوله تعالى :﴿ سرابيل تقيكم الحرّ ﴾ [ النحل : ٨١ ].
١ - الأولى أن يقال المعنى: فذكر يا محمد بهذا القرآن، حيث تنفع الذكرى والموعظة، كقوله تعالى ﴿فذكّر بالقرآن من يخاف وعيد﴾ ومن هذه الآية يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله..
قوله تعالى :﴿ ثم لا يموت فيها ولا يحيى ﴾ [ الأعلى : ١٣ ].
إن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن الإنسان لا يخلو عن الاتّصاف بأحدهما ؟
قلتُ : معناه لا يموت موتا يستريح به، ولا يحيا حياة ينتفع بها، كقوله تعالى :﴿ لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها ﴾ [ فاطر : ٣٦ ] وقيل : معناه : تصعد نفسه إلى الحلقوم، ثم لا تفارقه فيموت( ١ )، ولا ترجع إلى موضعها من الجسم فيحيا، و " ثُمّ " للتراخي بين الرّتب في الشدّة.
١ - المعنى الأول أظهر، أي لا يموت فيستريح، ولا يحيا الحياة الطيّبة الكريمة، بل هو دائم في العذاب والشقاء، قال الطبري: العرب إذا أرادوا وصف رجل بوقوعه في شدة شديدة قالوا: لا هو حيّ ولا هو ميّت، فخاطبهم تعالى بما يعرفون..
Icon