ﰡ
وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدَانَ الْكَرْمَانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي إِسْمَاعِيل الْعلوِي ببخارا «١»، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ ابْن حَسَّانَ الْمِصْرِيَّ، بِمَكَّةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُزَنِيّ يَقُولُ: سُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ: ٤٨- ١- ٢) قَالَ: «مَعْنَاهُ- مَا تَقَدَّمَ-: مِنْ ذَنْبِ أَبِيكَ آدَمَ- وَهَبْتُهُ لَكَ وَمَا تَأَخَّرَ-: مِنْ ذُنُوبِ أُمَّتِكَ- أُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِكَ».
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهَذَا قَوْلٌ مُسْتَظْرَفٌ وَاَلَّذِي وَضَعَهُ الشَّافِعِيُّ- فِي تَصْنِيفِهِ- أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَشْبَهُ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُتَكَلِّمَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ السَّامَاقِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْن عَبْدِ الْحَكَمِ، يَقُولُ: «سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ: أَيُّ آيَةٍ أَرْجَى؟ قَالَ: «قَوْله تَعَالَى:
(يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ: ٩٠- ١٥- ١٦) ».
(أَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُتَكَلِّمُ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْبُسْتِيُّ، حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ حَرْبٍ الْبَغْدَادِيُّ:
«أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ سُئِلَ بِمَكَّةَ فِي الطَّوَافِ، عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ: ٥- ١١٨). قَالَ: «إنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ وَتُؤَخِّرْ فِي آجَالِهِمْ: فَتَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِالتَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ».
مَا كَانَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، أَوْ حَيْثُ مَا «٢» يَتَّصِلُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ.»
«قَالَ: وَقَوْلُهُ «٣» عَزَّ وَجَلَّ: (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [يَعْنِي «٤» ]- وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-: مِنْكَ، أَوْ مِمَّنْ يَقْتُلُهُ «٥» : عَلَى دِينِكَ [أَوْ «٦» ] مِمَّنْ يُطِيعُكَ.
لَا: أَمَانَهُ «٧» [مِنْ «٨» ] غَيْرِكَ: مِنْ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِ: الَّذِي لَا يَأْمَنُهُ، وَلَا يُطِيعُكَ «٩».».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «١٠» :«جِمَاعُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ، وَالْعَهْدِ «١١» -: كَانَ بِيَمِينٍ، أَوْ غَيْرِهَا.-
فِي قَوْلِ «١٢» اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ: ٥- ١) وَفِي قَوْله تَعَالَى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ، وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً: ٧٦- ٧).»
وسيأتى نَحوه قَرِيبا.
(٢) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ.
(٣) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ.
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لَعَلَّه» وَكتب فَوْقه بمداد آخر: «مَعَك».
وَالْأول مصحف عَمَّا فى الْأُم وَالثَّانِي خطأ.
(٦) هَذَا لَيْسَ بِالْأَصْلِ وَلَا بِالْأُمِّ. وَقد رَأينَا زِيَادَته: ليشْمل الْكَلَام كل من يطيعه سَوَاء أَكَانَ مُؤمنا أم معاهدا. ويؤكد ذَلِك لَا حق كَلَامه. وَبِدُون هَذِه الزِّيَادَة يكون قَوْله: مِمَّن يطيعك بَيَانا لقَوْله: مِمَّن يقْتله. [.....]
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَمَانَة» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٨) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٩) رَاجع كَلَامه بعد ذَلِك: لفائدته.
(١٠) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٠٦).
(١١) فى الْأُم: «وبالعهد» وَهُوَ أحسن.
(١٢) فى الْأُم: «قَوْله».
مِنْ كِتَابِهِ [مِنْهَا «١» ] : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ: إِذا عاهَدْتُمْ) ثُمَّ «٢» :(وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) إلَى «٣» قَوْلِهِ: (تَتَّخِذُونَ «٤» أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ) الْآيَةَ: (١٦- ٩١- ٩٢) وَقَالَ «٥» عَزَّ وَجَلَّ:
(يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ، وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ: ١٣- ٢٠) «٦» مَعَ مَا ذَكَرَ بِهِ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا «٧» مِنْ سَعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ الَّذِي خُوطِبَتْ بِهِ فَظَاهِرُهُ «٨» عَامٌّ عَلَى كُلِّ عَقْدٍ. وَيُشْبِهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ «٩» (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) أَرَادَ: [أَنْ «١٠» ] يُوفُوا بِكُلِّ عَقْدٍ-: كَانَ «١١» بِيَمِينٍ، أَوْ غَيْرِ يَمِينٍ.- وَكُلِّ عَقْدِ نَذْرٍ: إذَا كَانَ فِي الْعَقْدَيْنِ «١٢» لِلَّهِ طَاعَةٌ، أَوْ لَمْ «١٣» يَكُنْ لَهُ- فِيمَا أَمَرَ بِالْوَفَاءِ مِنْهَا- مَعْصِيَةٌ «١٤».».
(٢) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ. وَلَعَلَّه زَائِد من النَّاسِخ، أَو قصد بِهِ التَّنْبِيه على أَن كل جملَة دَلِيل على حِدة.
(٣) فى الْأُم: «قَرَأَ الرّبيع الْآيَة».
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ. وَقد ضرب على النُّون بمداد آخر وأبدلت ألفا، وَزيد: «وَلَا».
وَهَذَا ناشىء عَن الظَّن: بِأَنَّهُ أَرَادَ الْآيَة: (٩٤).
(٥) فى الْأُم: «وَقَوله». وَهُوَ أحسن.
(٦) فى الأَصْل زِيَادَة: «الْآيَة» وهى من عَبث النَّاسِخ.
(٧) فى الْأُم: «وَهَذَا».
(٨) فى الْأُم: «وَظَاهره». [.....]
(٩) عبارَة الْأُم: «أَرَادَ الله».
(١٠) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(١١) هَذَا إِلَى قَوْله: عقد لَيْسَ بِالْأُمِّ.
(١٢) فى الْأُم: «العقد».
(١٣) فى الْأُم: «وَلم». وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(١٤) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٢٣٠- ٢٣٢) : مَا يدل لذَلِك وَمَا قبله: من السّنة.
عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) فِي امْرَأَةٍ جَاءَتْهُ مِنْهُمْ:
مُسْلِمَةً (سمّاها «١» فى مَوضِع آخَرَ «٢» : أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ.) :
(إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) «٣» إلَى: (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) الْآيَةَ: إلَى قَوْلِهِ: (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا: ٦٠- ١٠). فَفَرَضَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) عَلَيْهِمْ: أَنْ لَا يَرُدُّوا «٤» النِّسَاءَ وَقَدْ أَعْطَوْهُمْ: رَدَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ وَهُنَّ مِنْهُمْ فَحَبَسَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «٥».».
قَالَ «٦» :«عَاهَدَ «٧» رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَوْمًا: مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) عَلَيْهِ: (بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: ٩- ١٠) »
.».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٩» - فِي صُلْحِ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمَنْ صَالَحَ: مِنْ
(٢) من الْأُم (ج ٤ ص ١١٢ و١١٣). وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٠١)، وَمَا تقدم (ج ١ ص ١٨٥).
(٣) ذكر فى الْأُم إِلَى: (إيمانهن).
(٤) فى الْأُم: «أَن لَا ترد».
(٥) رَاجع حَدِيث عُرْوَة: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٠- ١٧١ وَج ٩ ص ٢٢٨- ٢٢٩)، وَالْفَتْح (ج ٧ ص ٣١٩ وَج ٨ ص ٤٤٩).
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٠٦).
(٧) فى الْأُم: «وَعَاهد».
(٨) فى الْأُم زِيَادَة: «الْآيَة وَأنزل: (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ: ٩- ٧) (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) الْآيَة:
(٩- ٤).». ثمَّ ذكر الْآتِي: على صُورَة سُؤال وَجَوَاب. [.....]
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٠٦).
بِمَا رَأَى ثُمَّ أَنْزَلَ قَضَاءَهُ عَلَيْهِ: فَصَارُوا إلَى قَضَاءِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ «٢» ] وَنَسَخَ [رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٣» ] فِعْلَهُ، بِفِعْلِهِ: بِأَمْرِ اللَّهِ. وَكُلٌّ كَانَ: طَاعَةً «٤» لِلَّهِ فِي وَقْتِهِ.». وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «٥».
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ «٦» (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«وَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ:
مَنْعُ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ، مِنْ أَنْ يَرْدُدْنِ إلَى دَارِ الْكُفْرِ وَقَطْعُ الْعِصْمَةِ-: بِالْإِسْلَامِ.- بَيْنَهُنَّ، وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ. وَدَلَّتْ السُّنَّةُ: عَلَى أَنَّ قَطْعَ الْعِصْمَةِ: إذَا انْقَضَتْ عِدَدُهُنَّ، وَلَمْ يُسْلِمْ أَزْوَاجُهُنَّ: مِنْ الْمُشْرِكِينَ «٧».»
«وَكَانَ بَيِّنًا فِي «٨» الْآيَةِ: أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْأَزْوَاجِ نَفَقَاتُهُمْ وَمَعْقُولٌ فِيهَا: أَنَّ نَفَقَاتِهِمْ «٩» الَّتِي تُرَدُّ: نَفَقَاتُ اللَّاتِي «١٠» مَلَكُوا عَقْدَهُنَّ وَهِيَ:
الْمُهُورُ إذَا كَانُوا قَدْ أَعْطَوْهُنَّ إيَّاهَا.»
(٢) هَذِه الزِّيَادَة عَن الْأُم، وَبَعضهَا مُتَعَيّن كَمَا لَا يخفى.
(٣) هَذِه الزِّيَادَة عَن الْأُم، وَبَعضهَا مُتَعَيّن كَمَا لَا يخفى.
(٤) عبارَة الْأُم: «لله طَاعَة».
(٥) حَيْثُ شرع يبين: مَا إِذا كَانَ لأحد أَن يعْقد عقدا مَنْسُوخا، ثمَّ يفسخه. فَرَاجعه (ص ١٠٦) : فَهُوَ جليل الْفَائِدَة.
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١١٤) : بعد أَن ذكر آيَة الْمُهَاجِرَات.
(٧) رَاجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٤ ص ١٨٥ وَج ٥ ص ٣٩ و١٣٥- ١٣٦) : فَهُوَ مُفِيد هُنَا وفى نِهَايَة الْبَحْث.
(٨) فى الْأُم: «فِيهَا».
(٩) فى الأَصْل زِيَادَة: «غير» وهى من النَّاسِخ.
(١٠) فى الْأُم: «اللائي».
نَزَلَتْ فِي أُحُدٍ: فِي أَمْرِهَا «٢» وَسُورَةُ الْأَنْفَالِ نَزَلَتْ: فِي بَدْرٍ «٣» وَسُورَةُ الْأَحْزَابِ نَزَلَتْ: فِي الْخَنْدَقِ «٤»، وَهِيَ: الْأَحْزَابُ وَسُورَةُ الْحَشْرِ نَزَلَتْ «٥» : فِي النَّضِيرِ».
(٢) رَاجع فى أَسبَاب النُّزُول (ص ٨٩)، وَالْفَتْح (ج ٧ ص ٢٤٤) : أثر عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف، الْمُؤَيد لذَلِك. وَهَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَقيل: نزلت فى الخَنْدَق، أَو بدر.
انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٤ ص ٤٥- ٤٦) والقرطبي (ج ٤ ص ١٨٤).
(٣) كَمَا صرح بِهِ سعد بن أَبى وَقاص: فِيمَا روى عَنهُ فى أَسبَاب النُّزُول (ص ١٧٢).
وَانْظُر تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ٧ ص ٣٦١)، وَشرح مُسلم (ج ١٨ ص ١٦٥).
(٤) يحسن أَن تراجع تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ١٤ ص ١١٣) : ففوائده جمة.
(٥) أَي: بأسرها كَمَا صرح بِهِ يزِيد بن رُومَان: فِيمَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ عَنهُ فى التَّفْسِير (ج ٨ ص ٢٠). وَانْظُر الْفَتْح (ج ٧ ص ٢٣٤). وَانْظُر فى تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ١٨ ص ٢- ٣) : الْكَلَام عَن أَنْوَاع الْحَشْر.
قَالَ «٤» : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي قَوْله تَعَالَى: (لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ: ٥- ٢).-: «يَعْنِي «٥» : لَا تَسْتَحِلُّوهَا، [وَهِيَ «٦» ] : كُلُّ مَا كَانَ لِلَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) : مِنْ الْهَدْيِ وَغَيْرِهِ.» [وَفِي قَوْلِهِ] «٧» :(وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ: ٥- ٢) :«مَنْ أَتَاهُ: تَصُدُّونَهُمْ عَنْهُ.».
قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (شَنَآنُ قَوْمٍ: ٥- ٢).-: «عَلَى «٨» خِلَافِ الْحَقِّ». وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ: ٥- ٣) :«فَمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الذَّكَاةِ-: مِنْ هَذَا.- فَهُوَ:
ذَكِيٌّ «٩».».
(٢) رَاجع فى شرح الْقَامُوس (مَادَّة: بت) كَون هَذِه الْكَلِمَة: بِالْقطعِ أَو بالوصل.
(٣) رَاجع مَا تقدم (ص ٣٦- ٣٧)، وَالْفَتْح (ج ٦ ص ١١٩- ١٢٠).
(٤) كَمَا فى المناقب لِابْنِ أَبى حَاتِم (ص ٩٤).
(٥) هَذَا لَيْسَ فى المناقب.
(٦) الزِّيَادَة من عندنَا: للتوضيح وَمَا ذكر بعْدهَا: نَص رِوَايَة المناقب. وَعبارَة الأَصْل: «كَمَا قَالَ الله عز وَجل فى الْهدى (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) من أَن يصدوهم عَنهُ».
وهى- كَمَا ترى- مضطربة: لَا يُمكن الاطمئنان إِلَيْهَا، وَلَا التعويل عَلَيْهَا. ونكاد نقطع:
بِأَنَّهَا محرفة عَمَّا ذكرنَا. ولكى تطمئِن إِلَى ذَلِك: رَاجع أَقْوَال الْأَئِمَّة فى الشعائر: فى تفسيرى الطَّبَرِيّ (ج ٦ ص ٣٦- ٣٧) والقرطبي (ج ٦ ص ٣٧- ٣٨).
(٧) الزِّيَادَة من عندنَا: للتوضيح وَمَا ذكر بعْدهَا: نَص رِوَايَة المناقب. وَعبارَة الأَصْل: «كَمَا قَالَ الله عز وَجل فى الْهدى (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) من أَن يصدوهم عَنهُ».
وهى- كَمَا ترى- مضطربة: لَا يُمكن الاطمئنان إِلَيْهَا، وَلَا التعويل عَلَيْهَا. ونكاد نقطع:
بِأَنَّهَا محرفة عَمَّا ذكرنَا. ولكى تطمئِن إِلَى ذَلِك: رَاجع أَقْوَال الْأَئِمَّة فى الشعائر: فى تفسيرى الطَّبَرِيّ (ج ٦ ص ٣٦- ٣٧) والقرطبي (ج ٦ ص ٣٧- ٣٨).
(٨) هَذَا بَيَان للْقَوْم أَي: لَا يكسبنكم كرهكم قوما هَذِه صفتهمْ: الاعتداء عَلَيْهِم، وإلحاق الضَّرَر بهم. فَلَا تتوهم: أَنه تَفْسِير للْمَفْعُول أَو لآيَة الْمَائِدَة الْأُخْرَى: (٨).
(٩) رَاجع فى الْمِصْبَاح (مَادَّة: ذكى) مَا نَقله عَن ابْن الْجَوْزِيّ فِي تَفْسِير الذَّكَاة:
فَهُوَ من أَجود مَا كتب وأنفعه. وَانْظُر تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ٦ ص ٥٠- ٥٢)، وَمَا تقدم (ص ٨٠- ٨١).
وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْخَطَإِ: عَلَى قَتْلِ الْمُؤْمِنِ خَطَأً «٣» قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ: ٤- ٩٢) وَالْمَنْعُ عَنْ قَتْلِهَا: عَامٌّ وَالْمُسْلِمُونَ: لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْغُرْمِ فِي الْمَمْنُوعِ-: مِنْ النَّاسِ وَالْأَمْوَالِ.-: فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ «٤»
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «أَصْلُ الصَّيْدِ: الَّذِي يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ يُسَمَّى صَيْدًا.
أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ: ٥- ٤). ؟! لِأَنَّهُ مَعْقُولٌ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ إنَّمَا يُرْسِلُونَهَا عَلَى مَا يُؤْكَل «٥». أَو لَا تَرَى إلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(٢) رَاجع أثر عمر وَعبد الرَّحْمَن، فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠- ١٨١، و٢٠٣).
(٣) رَاجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٢ ص ١٥٥) : فَهُوَ جيد جدا.
(٤) رَاجع- فى ذَلِك أَيْضا- مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ١٠٦- ١٠٧) وَالْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٣٢٠- ٣٢٣).
(٥) قَالَ فى الْأُم (ج ٢ ص ٢١٢) :«فَذكر (جلّ ثَنَاؤُهُ) إِبَاحَة صيد الْبَحْر للْمحرمِ، و (مَتَاعا لَهُ) يعْنى: طَعَاما، وَالله أعلم. ثمَّ حرم عَلَيْهِم صيد الْبر، فَأشبه:
أَن يكون إِنَّمَا حرم عَلَيْهِم بِالْإِحْرَامِ، مَا كَانَ أكله مُبَاحا لَهُ قبل الْإِحْرَام.» إِلَخ، فَرَاجعه.
فَدَلَّ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) : عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِحْرَامِ-: [مِنْ «١» ] صَيْدِ الْبَرِّ.- مَا كَانَ حَلَالًا لَهُمْ- قَبْلَ الْإِحْرَامِ-: [أَنْ «٢» ] يَأْكُلُوهُ «٣».».
زَادَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٤» :«لِأَنَّهُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لَا يُشْبِهُ: أَنْ يَكُونَ حَرَّمَ فِي الْإِحْرَامِ «٥» خَاصَّةً، إلَّا مَا كَانَ مُبَاحا قبله «٦». فأماما كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الْحَلَالِ:
فَالتَّحْرِيمُ الْأَوَّلُ كَافٍ مِنْهُ «٧».».
قَالَ: وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ: مَا أَمَرَ «٨» رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْغُرَابِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْفَأْرَةِ-: فِي الْحِلِّ
(٢) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا.
(٣) انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٣١٤). [.....]
(٤) قَالَ فى الْأُم (ج ٢ ص ١٥٥) :«فَلَمَّا أثبت الله (عز وَجل) إحلال صيد الْبَحْر، وَحرم صيد الْبر مَا كَانُوا حرما-: دلّ على أَن الصَّيْد الَّذِي حرم عَلَيْهِم مَا كَانُوا حرما) : مَا كَانَ أكله حَلَالا لَهُم قبل الْإِحْرَام، لِأَنَّهُ» إِلَخ.
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ ومختصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ١١٦، وفى الْأُم: «بِالْإِحْرَامِ»، وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
(٦) فى الأَصْل: «قَتله»، والتصحيح عَن مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَالأُم (ج ٢ ص ١١٦ و١٥٥).
(٧) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك-: «وَسنة رَسُول الله تدل على معنى مَا قلت، وَإِن كَانَ بَينا فى الْآيَة، وَالله أعلم».
(٨) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٥٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٠٩- ٢١٠)
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ: (السُّنَنِ) - رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ الشَّافِعِيِّ-:
قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تبَارك وَتَعَالَى: (يَسْئَلُونَكَ: مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ؟. قُلْ: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ، وَما عَلَّمْتُمْ: مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ: ٥- ٤) «١».»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكَانَ مَعْقُولًا عَنْ اللَّهِ (عز وَجل) -: إِذْ أَذِنَ فِي أَكْلِ مَا أَمْسَكَ الْجَوَارِحُ.-: أَنَّهُمْ إنَّمَا اتَّخَذُوا الْجَوَارِحَ، لِمَا لَمْ يَنَالُوهُ إلَّا بِالْجَوَارِحِ-: وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ ذَلِكَ نَصًّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.-:
فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ: مِنَ الصَّيْدِ، تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ: ٥- ٩٤) «٢» وَقَالَ تَعَالَى: (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ: وَأَنْتُمْ حُرُمٌ: ٥- ٩٥) وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذا حَلَلْتُمْ: فَاصْطادُوا: ٥- ٢).»
«قَالَ «٣» : وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) أَمْرَهُ: بِالذَّبْحِ وَقَالَ: (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ «٤» : ٥- ٣) -: كَانَ مَعْقُولًا عَنْ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) : أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِهِ: فِيمَا يُمكن فِيهِ الذَّبْحُ وَالذَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ.»
(٢) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٠٢ وَج ٩ ص ٢٣٥)، تَفْسِير مُجَاهِد لهَذِهِ الْآيَة.
(٣) فى الأَصْل: «وَقَالَ». وَلَعَلَّ الْوَاو زَائِدَة من النَّاسِخ.
(٤) قد ورد فى الأَصْل مُصحفا: بالزاي. وَكَذَلِكَ فِيمَا سيأتى. وَانْظُر فى أَوَاخِر الْكتاب، مَا نَقله يُونُس عَن الشَّافِعِي فى ذَلِك.
انْبَغَى «١» لِأَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي، أَنْ يَعْلَمُوا: أَنَّ مَا حَلَّ-: مِنْ الْحَيَوَانِ.-:
فَذَكَاةُ «٢» الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ [مِنْهُ «٣» ] : مِثْلُ «٤» الذَّبْحِ، أَوْ النَّحْرِ وَذَكَاةُ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْهُ: مَا يُقْتَلُ «٥» بِهِ: جَارِحٌ، أَوْ سِلَاحٌ.».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبى عَمْرو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٦» :«الْكَلْبُ المعلّم: الَّذِي إِذْ أُشْلِيَ: اسْتَشْلَى «٧» وَإِذَا أَخَذَ: حَبَسَ، وَلَمْ يَأْكُلْ. فَإِذَا فَعَلَ هَذَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ: كَانَ مُعَلَّمًا، يَأْكُلُ صَاحِبُهُ مِمَّا حَبَسَ عَلَيْهِ-: وَإِنْ قَتَلَ.-: مَا لَمْ يَأْكُلْ «٨».».
(٢) فى الأَصْل: «بِزَكَاة». وَهُوَ خطأ وتصحيف.
(٣) زِيَادَة حَسَنَة.
(٤) لَعَلَّه إِنَّمَا عبر بذلك: لِئَلَّا تخرج ذَكَاة الْجَنِين الَّتِي هى: ذَكَاة أمه.
(٥) فى الأَصْل: «ينل». وَهُوَ إِمَّا محرف عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن: «ينَال».
وراجع فى هَذَا الْمقَام: الْأُم (ج ٢ ص ١٩٧- ٢٠٣)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٠٧- ٢١٠)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٢٤٥- ٢٤٩)، وَالْفَتْح (ج ٩ ص ٤٧٥- ٤٨٢)، وَالْمَجْمُوع (ج ٩ ص ٨٠- ٩٢).
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٢ ص ١٩١). وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٠٥). [.....]
(٧) ورد فى الأَصْل: بِالْألف وَهُوَ تَصْحِيف. أَي: إِذا دعى أجَاب. والإشلاء:
يسْتَعْمل أَيْضا: فى الإغراء على الفريسة خلافًا لِابْنِ السّكيت. وَحمله على الْمَعْنى الأول هُنَا وَأولى وَأحسن. وَانْظُر الْمَجْمُوع (ج ٩ ص ٩٧- ٩٨).
(٨) انْظُر مَا ذكره بعد ذَلِك (ص ١٩٢) : من الحكم فِيمَا إِذا أكل. وراجع فى الْمقَام كُله: السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٢٣٥- ٢٣٨ و٢٤١- ٢٤٥)، وَالْفَتْح (ج ٩ ص ٤٨٢- ٤٨٣)، وَالْمَجْمُوع (ج ٩ ص ٩٨- ١٠٨)، وَشرح الْعُمْدَة (ج ٤ ص ١٩٧- ١٩٩).
قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ: ٤- ٥).-: «إنَّهُمْ: النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ «٣» لَا تُمَلِّكْهُمْ مَا أَعْطَيْتُك-: مِنْ ذَلِكَ.- وَكُنْ أَنْتَ النَّاظِرَ لَهُمْ فِيهِ.».
قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَالْمُحْصَناتُ: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، مِنْ قَبْلِكُمْ: ٥- ٥).-: «الْحَرَائِرُ: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرُ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ «٤». (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ: ٥- ٥)
وَهُوَ من تصرف النَّاسِخ: بِقَرِينَة صَنِيع يُونُس السَّابِق واللاحق.
(٢) يعْنى: بِالنّظرِ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة. وَإِلَّا فقد تطلق على غير ذَلِك: كالوبار (وزن سِهَام) :
دويبات لَا ذَنْب لَهَا. انْظُر اللِّسَان والتاج: (مادتى: قسم، وزلم) والمصباح: (مَادَّة:
وبر). وَلابْن قُتَيْبَة فى الميسر والقداح (ص ٣٨- ٤٢) والقرطبي فى التَّفْسِير (ج ٦ ص ٥٨- ٥٩) كَلَام جيد مُفِيد فى بحث الْقرعَة السَّابِق (ص ١٥٧). وَانْظُر الْفَتْح (ج ٨ ص ١٩٢)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٢٤٩).
(٣) رَاجع فى تَفْسِير الْفَخر (ج ٣ ص ١٤٢- ١٤٣) : مَا روى فى ذَلِك، عَن ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَقَتَادَة وَابْن جُبَير. وراجع بتأمل كَلَام الْبَيْضَاوِيّ فى التَّفْسِير (ص ١٠٣).
ثمَّ رَاجع الآراء الْأُخْرَى: فى تفسيرى الطَّبَرِيّ (ج ٤ ص ١٦٤- ١٦٦) والقرطبي (ج ٥ ص ٢٨) أَيْضا.
(٤) روى ذَلِك ابْن أَبى حَاتِم فى المناقب (ص ٩٧)، ثمَّ ذكر: أَنه لَا يعلم مُفَسرًا غير الشَّافِعِي، اسْتثْنى ذَلِك. وَانْظُر مَا تقدم (ج ١ ص ١٨٤- ١٨٧)، وَالأُم (ج ٤ ص ١٨٣). وراجع تفسيرى الطَّبَرِيّ (ج ٦ ص ٦٨- ٦٩) والقرطبي (ج ٦ ص ٧٩) وَمَا ذكره الْفَخر فى التَّفْسِير (ج ٣ ص ٣٦١) : من منشإ الْخلاف بَين أَبى حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، فى حل الْأمة الْكِتَابِيَّة.
(أَنَا) مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: «قَالَ الله جلّ ثناءه: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) إلَى قَوْلِهِ «١» عَزَّ وَجَلَّ:
(فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا: ٥- ٦) قَالَ: وَكَانَ «٢» بَيِّنًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ:
أَنَّ غُسْلَهُمْ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمَاءِ [ثُمَّ] أَبَانَ اللَّهُ فِي [هَذِهِ] الْآيَةِ: أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ.
وَكَانَ مَعْقُولًا عِنْدَ مَنْ خُوطِبَ بِالْآيَةِ: [أَنَّ الْمَاءَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِمَّا لَا صَنْعَةَ فِيهِ لِلْآدَمِيِّينَ «٣» ]. وَذَكَرَ الْمَاءَ عَامًّا فَكَانَ مَاءُ السَّمَاءِ، وَمَاءُ الْأَنْهَارِ، وَالْآبَارِ، وَالْقُلَّاتِ «٤»، وَالْبِحَارِ. الْعَذْبُ مِنْ جَمِيعِهِ، وَالْأُجَاجُ سَوَاءٌ:
فِي أَنَّهُ يُطَهِّرُ مَنْ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ بِهِ».
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) «لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْوَجْهَ الْمَفْرُوضَ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ: مَا ظَهَرَ دُونَ مَا بَطَنَ. وَقَالَ: وَكَانَ مَعْقُولًا: أَنَّ الْوَجْهَ: مَا دُونَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ، إلَى الْأُذُنَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ» وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) قَالَ: «فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا [فِي] أَنَّ الْمَرَافِقَ فِيمَا «٥» يُغْسَلُ. كَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى [أَنَّ] مَعْنَاهَا: فَاغْسِلُوا أَيْدِيكُمْ إلَى أَنْ تُغْسَلَ الْمَرَافِقُ.
(٢) فى الام (ج ١ ص ٢) : فَكَانَ
(٣) هَذِه عبارَة الام. وفى الأَصْل: أَن المَاء مَا خلق الله مَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ للآدميين. وَفِيه خطأ ظَاهر
(٤) جمع قلت [كسهم وسهام] وَهُوَ:
النقرة فى الْجَبَل تمسك المَاء. [.....]
(٥) فى الام (ج ١ ص ٢٢) : مِمَّا
أَنَّ مَنْ مَسَحَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ».
وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ: «نَحْنُ نَقْرَؤُهَا (وَأَرْجُلَكُمْ) عَلَى مَعْنَى: اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وأرجلكم وامسحوا برؤسكم قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْكَعْبَيْنِ- اللَّذَيْنِ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْوُضُوءِ- الْكَعْبَانِ النَّاتِئَانِ- وَهُمَا مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ- وَأَنَّ عَلَيْهِمَا الْغُسْلَ. كَأَنَّهُ يَذْهَبُ فِيهِمَا إلَى اغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ حَتَّى تَغْسِلُوا الْكَعْبَيْنِ».
وَقَالَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ «وَالْكَعْبُ إنَّمَا سُمِّيَ كَعْبًا لِنُتُوئِهِ فِي مَوْضِعِهِ عَمَّا تَحْتَهُ وَمَا فَوْقَهُ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ السِّمَنِ، كَعْبٌ سَمِنَ «١» وَلِلْوَجْهِ فِيهِ نُتُوءٌ وَجْهٌ كَعَبَ والثدي إِذا تناهدا كَعَبَ.».
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي رِوَايَتِنَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «وَأَصْلُ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يَأْتِي بِالْغُسْلِ كَيْفَ شَاءَ وَلَوْ قَطَعَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: (حَتَّى تَغْتَسِلُوا: ٤- ٤٣) «٢» فَهَذَا مُغْتَسَلٌ وَإِنْ قَطَعَ الْغُسْلَ فَلَا أَحْسبهُ يجور- إذَا قَطَعَ الْوُضُوءَ- إلَّا مِثْلُ هَذَا».
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ، وَبَدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ. فَأَشْبَهَ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ فِي الْوُضُوءِ شَيْئَانِ [أَنْ] يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ مِنْهُ، وَيَأْتِي عَلَى إكْمَالِ
(٢) انْظُر الام (ج ١ ص ٢٦).
وَفِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «فَكَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ مَنْ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَكَانَتْ مُحْتَمِلَةً أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي خَاصٍّ. فَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أَرْضَى عِلْمَهُ بِالْقُرْآنِ، يَزْعُمُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِينَ مِنْ النَّوْمِ وَأَحْسَبُ مَا قَالَ كَمَا قَالَ. لِأَنَّ [فِي] السُّنَّةِ دَلِيلًا عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ مَنْ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ «٢». قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَكَانَ الْوُضُوءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ- بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ- عَلَى مَنْ لَمْ يُحْدِثْ غَائِطًا وَلَا بَوْلًا دُونَ مَنْ أَحْدَثَ غَائِطًا أَوْ بَوْلًا. لِأَنَّهُمَا نَجَسَانِ يَمَاسَّانِ بَعْضَ الْبَدَنِ. يَعْنِي فَيَكُونُ عَلَيْهِ الِاسْتِنْجَاءُ «٣» فَيَسْتَنْجِي بِالْحِجَارَةِ أَوْ الْمَاءِ قَالَ وَلَوْ جَمَعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ غَسَلَ بِالْمَاءِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ. وَيُقَالُ إنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَنْجَوْا بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ:
(فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ: ٩- ١٠٨) قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمَعْقُولٌ- إذْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْغَائِطَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ أَنَّ الْغَائِطَ. التَّخَلِّي فَمَنْ تَخَلَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ». ثُمَّ ذَكَرَ الْحُجَّةَ مِنْ غَيْرِ الْكِتَابِ، فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِالرِّيحِ، وَالْبَوْلِ، وَالْمَذْيِ، وَالْوَدْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ سَبِيلِ الْحَدَثِ «٤»
(٢) انْظُر الام (ج ١ ص ١٠- ١١).
(٣) انْظُر الام (ج ١ ص ١٨)
(٤) انْظُر الام (ج ١ ص ١٣- ١٧).
وَقَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ «٥» : ٧٠- ٣٣) وَقَالَ: (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها: فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) الْآيَةَ: (٢- ٢٨٣) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ: ٦٥- ٢).»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: الَّذِي «٦» أَحْفَظُ عَنْ كُلِّ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ: مِنْ أَهْلِ
(٢) ذكر فى الْأُم إِلَى قَوْله: (للتقوى).
(٣) ذكر فى الْأُم من أول الْآيَة إِلَى قَوْله: (شُهَداءَ لِلَّهِ)، ثمَّ قَالَ: «إِلَى آخر الْآيَة».
وَذكر فى السّنَن الْكُبْرَى نَحْو ذَلِك، ثمَّ ذكر آيَة الْبَقَرَة فَقَط.
(٤) قد ورد فى الأَصْل: مَضْرُوبا عَلَيْهِ وَالظَّاهِر أَنه من عَبث النَّاسِخ: بِقَرِينَة مَا فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى. وراجع فِيهَا أثرى ابْن عَبَّاس وَمُجاهد: فى تَفْسِيرهَا. ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج ٥ ص ١٦٥).
(٥) رَاجع فى معالم السّنَن (ج ٤ ص ١٦٨)، وَشرح مُسلم (ج ٢ ص ١٧) :
حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ: فى خير الشُّهُود. وراجع أَيْضا فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ١٥٩) :
أثرى ابْن عَبَّاس وَعمر. وَانْظُر الْجَوْهَر النقي.
(٦) هَذَا إِلَى قَوْله: الشَّهَادَة ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى. وفى الْأُم والمختصر:
«وَالَّذِي». وَقَوله: مِنْهُ لَيْسَ بالمختصر.
«ثُمَّ أَخْبَرَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) :[أَنَّهُ «٥» ] جَعَلَهُ فَاتِحَ رَحْمَتِهِ، عِنْدَ فَتْرَةِ رُسُلِهِ فَقَالَ: (يَا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا: يُبَيِّنُ لَكُمْ، عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا: مَا جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ: ٥- ١٩) وَقَالَ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ: يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ: ٦٢- ٢). وَكَانَ فِي ذَلِكَ، مَا دَلَّ: عَلَى أَنَّهُ بَعَثَهُ إلَى خَلْقِهِ-:
(٢) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى، أثر ابْن مَسْعُود الْمُتَعَلّق بذلك.
(٣) هَذَا غير مَوْجُود فى الْأُم.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وَهُوَ الصَّحِيح. وفى الأَصْل: «بكونيتهم» وَهُوَ محرف عَمَّا أثبتنا، أَو عَن: «بكونهم».
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
[قَالَ] «٢» :« [فَلَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودَ «٣» ] : دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ النِّقْمَةَ «٤» فِي الْآخِرَةِ، لَا تُسْقِطُ حُكْمًا «٥» غَيْرَهَا فِي الدُّنْيَا.».
(أَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، نَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيدٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ [فِيهِ] «٦» : أَو، أَو «٧» أيّة»
: أَيَّةٌ «٩» شَاءَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إلَّا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً: ٥- ٢٣) فَلَيْسَ بِمُخَيَّرٍ فِيهَا.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَمَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ، فِي الْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ- فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ- أَقُولُ.».
(٢) زِيَادَة مفيدة. [.....]
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٥٧).
(٤) فى الأَصْل: «النِّعْمَة»، والتصحيح عَن الْأُم.
(٥) فى الام: «حكم».
(٦) زِيَادَة متعينة أَو مُوضحَة.
(٧) كآية كَفَّارَة الْيَمين، والآيتين المذكورتين بعد.
(٨) أَي: للمخاطب بِهِ أَن يُحَقّق أَيَّة خصْلَة اخْتَارَهَا.
(٩) كَذَا بِالْأَصْلِ والام (ج ٢ ص ١٦٠) وفى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٥ «أيه»، وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤» : أَنَا إبْرَاهِيمُ «٥»، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ-: إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ: قُتِّلُوا وَصُلِّبُوا وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ: قُتِّلُوا وَلَمْ يُصَلَّبُوا وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا: قُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ [وَإِذَا هَرَبُوا: طُلِبُوا، حَتَّى
(٢) فى الْأُم: «الْآيَة». [.....]
(٣) رَاجع فِيمَن نزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة، مَا روى عَن قَتَادَة وَابْن عَبَّاس وَغَيرهمَا: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٨٢- ٢٨٣). ثمَّ رَاجع الْخلاف فى ذَلِك: فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٩٠ وَج ٨ ص ١٩٠ وَج ١ ص ٢٣٦- ٢٣٧). لفائدته فى بعض مسَائِل الْجِهَاد الْآتِيَة.
(٤) كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى أَيْضا (ص ٢٨٣). وَقد ذكر فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٧٢- ١٧٣).
(٥) هُوَ ابْن أبي يحيي كَمَا فى السّنَن الْكُبْرَى. وَقد وَقع خطأ فى اسْم أَبِيه، بِهَامِش صفحة (٩٨) بِسَبَب متابعتنا هَامِش الْأُم. فليصحح.
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبِهَذَا نَقُولُ وَهُوَ: مُوَافِقٌ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ). وَذَلِكَ: أَنَّ الْحُدُودَ إنَّمَا نَزَلَتْ: فِيمَنْ أَسْلَمَ فَأَمَّا أَهْلُ الشِّرْكِ:
فَلَا حُدُودَ لَهُمْ، إلَّا: الْقَتْلُ، وَالسَّبْيُ «٤»، وَالْجِزْيَةُ.»
«وَاخْتِلَافُ «٥» حُدُودِهِمْ: بِاخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.»
«قَالَ «٦» الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ: ٥- ٣٤) فَمَنْ تَابَ «٧» قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ: سَقَطَ
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «خَافُوا» وَهُوَ خطا وَالنَّقْص من النَّاسِخ. وَهَذَا إِلَخ لم يرد فى الْمُخْتَصر. وَقد ورد بدله- فى رِوَايَة ثَالِثَة مختصرة عَن ابْن عَبَّاس، بالسنن الْكُبْرَى- قَوْله: «فَإِن هرب وأعجزهم: فَذَلِك نَفْيه.».
(٣) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى، مَا روى عَن على وَقَتَادَة: فَهُوَ مُفِيد فى الْمَوْضُوع.
(٤) فى الْأُم: «أَو السباء» وَهُوَ أحسن.
(٥) هَذَا إِلَى آخِره ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى.
(٦) هَذَا إِلَى ابْتِدَاء الْآيَة غير مَوْجُود بِالْأُمِّ.
(٧) قَالَ فى الْأُم (ج ٤ ص ٢٠٣) :«فَإِن تَابُوا من قبل أَن يقدر عَلَيْهِم: سقط عَنْهُم مَا لله: من هَذِه الْحُدُود ولزمهم مَا للنَّاس: من مَال أَو جرح أَو نفس حَتَّى يَكُونُوا يأخذونه أَو يَدعُونَهُ.».
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ «٢» :«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما: جَزاءً بِما كَسَبا: ٥- ٣٨).»
«وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) «٣» : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ: مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ «٤»، وَبَلَغَتْ سَرِقَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ. دُونَ غَيْرِهِمَا «٥» : مِمَّنْ لَزِمَهُ اسْمُ سَرِقَةٍ «٦».».
(٢) على مَا يُؤْخَذ من الرسَالَة (ص ٦٦- ٦٧)
(٣) فى الرسَالَة زِيَادَة: «على».
(٤) رَاجع كَلَامه الْمُتَعَلّق بالحرز: فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٦٩- ١٧٠).
(٥) كَذَا بالرسالة وَالْأَصْل. وَالضَّمِير فى كَلَام الرسَالَة، عَائِد على السَّارِق وَالزَّانِي:
لِأَن كَلَامهَا عَام قد تنَاول أَيْضا آيتي النُّور وَالنِّسَاء. وَأما هُنَا: فقد روعى فى تثنيته لفظ الْآيَة، أَو الوصفان الْمَذْكُورَان. وَإِلَّا كَانَ الظَّاهِر إِفْرَاده. فَتَأمل.
(٦) قد تعرض لهَذَا الْبَحْث- بِمَا تضمن فَوَائِد جمة، ومباحث هَامة-: فى الرسَالَة- (ص ١١٢ و٢٢٣- ٢٢٤ و٢٣٣ و٥٤٧)، وَاخْتِلَاف الحَدِيث (ص ٤٤ و٥٠)، وَالأُم (ج ٥ ص ٢٤ وَج ٧ ص ٢٠). فَرَاجعه ثمَّ رَاجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٢٥٤- ٢٥٦ و٢٥٩ و٢٦٢- ٢٦٦). وراجع فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ٧٩- ٨٩) : الْكَلَام على تَفْسِير الْآيَة، وَشرح الأبحاث الْمُتَعَلّقَة بهَا. فَهُوَ فى غَايَة الْجَوْدَة والشمول.
«قَالَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَتَعَالَى) لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي أَهْلِ الْكتاب:
(فَإِنْ جاؤُكَ: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ «٢» وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ: فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ: ٥- ٤٢).»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي «٣» هَذِهِ الْآيَةِ، بَيَانٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) جَعَلَ لِنَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْخِيَارَ: فِي أَنْ «٤» يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُمْ «٥». وَجَعَلَ عَلَيْهِ «٦» -: إنْ حَكَمَ.-: أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَالْقِسْطُ: حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الْمَحْضُ الصَّادِقُ، أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ عَهْدًا بِاَللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ). قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ: بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) «٧» الْآيَةَ:
(٥- ٤٩). قَالَ: وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ، مَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا: مِنْ أَمْرِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)
(٢) ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى إِلَى هُنَا.
(٣) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «ففى».
(٤) فى السّنَن الْكُبْرَى: «الحكم». وَمَا هُنَا أحسن.
(٥) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٤٧) : حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «لَهُ». وَهُوَ خطأ وتحريف. [.....]
(٧) ذكر فى الْأُم إِلَى: (إِلَيْك). وراجع تَفْسِيره الْأَهْوَاء، وَكَلَامه الْمُتَعَلّق بِهَذَا الْمقَام-: فى الْأُم (ج ٥ ص ٢٢٥ وَج ٧ ص ٢٨). وَانْظُر مَا سيأتى فى الْأَقْضِيَة.
عَزْمًا أَنْ تَحْكُمَ «٣».»
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ، إلَى أَنْ قَالَ «٤» :«أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ «٥»، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ «٦» اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ- أَنَّهُ قَالَ:
كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ: وَكِتَابُكُمْ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا: لَمْ يُشَبْ «٧». ؟!
وَهَذَا هُوَ قَول الشَّافِعِي الرَّاجِح (كَمَا سيأتى). انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٤٨- ٢٤٩)، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٢٩). ثمَّ رَاجع رد الشَّافِعِي على هَذَا الْمَذْهَب: فِي الْأُم (ج ٦ ص ١٢٥ وَج ٧ ص ٣٩)، فَهُوَ جيد مُفِيد. وسيأتى شىء مِنْهُ.
(٢) كَمَا لَك: مُوَافقا النَّخعِيّ، وَالشعْبِيّ، وَعَطَاء. انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٤٦)، والناسخ والمنسوخ (ص ١٢٨- ١٢٩).
(٣) رَاجع أثرى على وَعمر، وَتَعْلِيق الشَّافِعِي عَلَيْهِمَا: فى الْأُم (ص ١٢٥- ١٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٤٧- ٢٤٨). وَانْظُر الْفَتْح (ج ٦ ص ١٦٢- ١٦٣)
(٤) كَمَا فى (ص ١٢٩- ١٣٠)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٤٩). وَقد أخرج أثر ابْن عَبَّاس، البُخَارِيّ- بِبَعْض اخْتِلَاف فى اللَّفْظ-: من طريقى ابْن عتبَة، وَعِكْرِمَة.
رَاجع الْفَتْح (ج ٥ ص ١٨٥ وَج ١٣ ص ٢٦٠ و٣٨٤).
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وصحيح البُخَارِيّ. وفى الأَصْل: «سعيد» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وصحيح البُخَارِيّ. وفى الأَصْل: «عبد» وَهُوَ خطأ وتحريف.
(٧) فى الأَصْل: «يسيب» وَهُوَ تَحْرِيف. والتصحيح عَن الْأُم وَغَيرهَا.
هَذَا: قَوْلُهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَبِمَعْنَاهُ: أَجَابَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ «٨» وَقَالَ فِيهِ:
«فَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى عِلْمَهُ، يَقُولُ: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ) : إنْ حَكَمْتَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ). فَتِلْكَ «٩» :
مُفَسِّرَةٌ وَهَذِهِ: جُمْلَةٌ.»
«وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَإِنْ تَوَلَّوْا: ٥- ٤٩) دَلَالَةٌ: عَلَى أَنَّهُمْ إنْ تَوَلَّوْا: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ. وَلَوْ كَانَ قَوْلُ «١٠» اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ) إلْزَامًا مِنْهُ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمْ-:
(٢) هَذَا لَيْسَ بالسنن الْكُبْرَى. وَعبارَة الْأُم: «تبَارك وَتَعَالَى».
(٣) فى الْأُم: «الْكتاب».
(٤) فِي الْأُم: «وَقَالُوا».
(٥) ذكر فى الْأُم إِلَى آخر الْآيَة.
(٦) فى الْأُم: «أحدا». [.....]
(٧) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ.
(٨) من الْأُم (ج ٧ ص ٣٨- ٣٩). وَيحسن أَن تراجع أول كَلَامه.
(٩) كَانَ الأولى أَن يَقُول: فَهَذِهِ. وَلَعَلَّه عبر بلام الْبعد: لِأَن الأولى هى الْمَقْصُودَة بِالذَّاتِ، وشبهت بِالْأُخْرَى.
(١٠) فى الْأُم: «قَوْله».
مَا لَمْ يَأْتُوا فَلَا يُقَالُ لَهُمْ: تَوَلَّوْا «٢».»
وَقَدْ أَخْبَرَنَا «٣» أَبُو سَعِيدٍ- فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ-: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٤» :«لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا-: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ.-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَمَّا نَزَلَ الْمَدِينَةَ: وَادَعَ يَهُودَ كَافَّةً عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ [وَ «٥» ] أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ (عَزَّ وَجل) :(فَإِنْ جاؤُكَ: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ، أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) إنَّمَا نَزَلَتْ: فِي «٦» الْيَهُودِ الْمُوَادَعِينَ: الَّذِينَ لَمْ يُعْطُوا جِزْيَةً، وَلَمْ يُقِرُّوا: بِأَنْ «٧» تَجْرِيَ «٨» عَلَيْهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ «٩» : نَزَلَتْ فى اليهوديّين الّذين زَنَيَا «١٠».»
«قَالَ: وَاَلَّذِي «١١» قَالُوا، يُشْبِهُ مَا قَالُوا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ: وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها «١٢» حُكْمُ اللَّهِ؟!: ٥- ٤٣)
(٢) رَاجع مَا ذكره بعد ذَلِك: فَهُوَ مُفِيد فى بعض الأبحاث السَّابِقَة واللاحقة.
(٣) قد ورد فى الأَصْل بِصِيغَة الِاخْتِصَار: «أَنا» فَرَأَيْنَا أَن الْأَلْيَق إثْبَاته كَامِلا.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٢٩). وَقد ذكر بعضه فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٠٣- ٢٠٤).
(٥) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم والمختصر.
(٦) عبارَة الْمُخْتَصر: «فيهم».
(٧) فى الْمُخْتَصر: «أَن».
(٨) عبارَة الْأُم والمختصر: «يجرى عَلَيْهِم الحكم».
(٩) فى الْأُم: «بعض».
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ والمختصر. وفى الأَصْل: «رتبا» وَهُوَ تَصْحِيف. [.....]
(١١) عبارَة الْمُخْتَصر: «وَهَذَا أشبه بقول الله». وهى أحسن.
(١٢) فى الْمُخْتَصر: «الْآيَة». وَمَا سياتي إِلَى قَوْله: وَلَيْسَ للامام غير مَذْكُور فِيهِ.
«وَاَلَّذِينَ حَاكَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - فِي امْرَأَةٍ مِنْهُمْ وَرَجُلٍ: زَنَيَا.-: مُوَادَعُونَ «٧» فَكَانَ»
فِي التَّوْرَاةِ: الرَّجْمُ وَرَجَوْا:
أَنْ لَا يَكُونَ «٩» مِنْ حُكْمِ رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). فجاؤا «١٠» بِهِمَا:
فَرَجْمَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).». وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ «١١».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «١٢» :«فَإِذَا «١٣» وَادَعَ الْإِمَامُ قَوْمًا-: مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ.
(٢) ذكر فى الْأُم إِلَى: (يفتنوك) ثمَّ قَالَ: «الْآيَة».
(٣) فى الْأُم: «إِن». وَمَا فى الأَصْل أحسن.
(٤) زِيَادَة جَيِّدَة، عَن الْأُم.
(٥) فى الْأُم: «وَهَذَا».
(٦) عبارَة الْأُم: «أَتَى حَاكما».
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وَعبارَة الأَصْل: «موادعين» وهى إِمَّا مصحفة، أَو نَاقِصَة كلمة:
«كَانُوا».
(٨) فى الْأُم: «وَكَانَ».
(٩) أَي: الرَّجْم. وَقد صرح بِهِ فى الْأُم، بعد صِيغَة الدُّعَاء.
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَجَاءَهُ» وَهُوَ تَحْرِيف.
(١١) مُخْتَصرا فى الْحُدُود، وَالْقَضَاء بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِد، وَاخْتِلَاف الْعِرَاقِيّين (ج ٦ ص ١٢٤ وَج ٧ ص ٢٩ و١٥٠) وَلم يذكرهُ فى كتاب الْجِزْيَة: على مَا نعتقد. وراجع هَذَا الحَدِيث، وحديثى الْبَراء وأبى هُرَيْرَة: فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٤٦- ٢٤٧). ثمَّ رَاجع الْكَلَام عَلَيْهِ: فى الْفَتْح (ج ١٢ ص ١٣٦- ١٤١ وَج ١٣ ص ٣٩٨)، وَشرح مُسلم (ج ١١ ص ٢٠٨- ٢١١) : فَهُوَ مُفِيد فى كثير من المباحث.
(١٢) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٢٩- ١٣٠). [.....]
(١٣) عبارَة الْأُم: «وَإِذا». وَلَعَلَّ عبارَة الأَصْل أظهر.
حَكَمَ بَيْنَهُمْ حُكْمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ «١». فَإِنْ «٢» امْتَنَعُوا- بَعْدَ رِضَاهُمْ بِحُكْمِهِ-: حاربهم.»
«قَالَ: و «٣» لَيْسَ لِلْإِمَامِ الْخِيَارُ فِي أَحَدٍ-: [مِنْ «٤» ] الْمُعَاهَدِينَ: الَّذِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ.-: إذَا جَاءُوهُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ). وَعَلَيْهِ:
أَنْ يُقِيمَهُ.»
«قَالَ «٥» : وَإِذَا «٦» أَبَى «٧» بَعْضُهُمْ عَلَى «٨» بَعْضٍ، مَا فِيهِ [لَهُ «٩» ] حَقٌّ عَلَيْهِ «١٠» فَأَتَى «١١» طَالِبُ الْحَقِّ إلَى الْإِمَامِ، يَطْلُبُ حَقَّهُ-: فَحَقٌّ لَازِمٌ لِلْإِمَامِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنْ يَحْكُمَ [لَهُ «١٢» ] عَلَى من كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ: مِنْهُمْ
ثمَّ فسر الْقسْط بِمَا تقدم (ص ٧٣).
(٢) هَذَا إِلَى قَوْله: حاربهم قد ذكر فى الْأُم بعد قَوْله: يقيمه بِقَلِيل وَقبل مَا بعده. وَلَعَلَّ تَأْخِيره أولى.
(٣) هَذَا إِلَى قَوْله: يقيمه ذكر فى الْمُخْتَصر (ص ٢٠٤)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ٢٤٨).
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم والمختصر وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٥) بعد أَن ذكر آيَة الْجِزْيَة، وَفسّر الصغار بِمَا ذكره هُنَا فى آخر الْكَلَام.
(٦) فى الْأُم: «فَإِذا». وَهُوَ أحسن.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «أَتَى» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «إِلَى» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٩) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
(١٠) فى الْأُم تَقْدِيم وَتَأْخِير.
(١١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «فَأبى» وَهُوَ تَصْحِيف.
(١٢) زِيَادَة حَسَنَة، عَن الْأُم.
فَكَانَ «٣» الصَّغَارُ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ.».
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِي التَّفْرِيعِ «٤» وَكَأَنَّهُ وَقَفَ- حِينَ صَنَّفَ كِتَابَ الْجِزْيَةِ-: أَنَّ آيَةَ الْخِيَارِ وَرَدَتْ فِي الْمُوَادِعِينَ فَرَجَعَ عَمَّا قَالَ- فِي كِتَابِ الْحُدُودِ- فِي الْمُعَاهَدِينَ:
فَأَوْجَبَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ). إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا «٥»
(٢) هَذَا إِلَى قَوْله: (صاغرون) ذكر فى الْمُخْتَصر عقب قَوْله: يقيمه.
(٣) هَذَا إِلَخ ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى. وراجع فِيهَا حَدِيث الْحسن بن أَبى الْحسن، وَكَلَام الْبَيْهَقِيّ الْمُتَعَلّق بِهِ. وراجع كَلَام أَبى جَعْفَر فى النَّاسِخ والمنسوخ (ص ١٢٩- ١٣٠) : فَهُوَ فى غَايَة الْقُوَّة والجودة.
(٤) رَاجع الْأُم (ص ١٣٠- ١٣٣)، والمختصر (ص ٢٠٤- ٢٠٥).
(٥) قَالَ الْمُزنِيّ فى الْمُخْتَصر (ص ٢٠٤) :«هَذَا أشبه من قَوْله فى الْحُدُود: لَا يحدون، وأرفعهم إِلَى أهل دينهم.» وَقَالَ (ص ١٦٨) :«هَذَا أولى قوليه بِهِ: إِذْ زعم أَن معنى قَول الله تَعَالَى: (وَهُمْ صاغِرُونَ) : أَن تجرى عَلَيْهِم أَحْكَام الْإِسْلَام مَا لم يكن أَمر حكم الْإِسْلَام فِيهِ: تَركهم وإياه.».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» :«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً «٤» : ١٧- ٣٣) وَكَانَ «٥» مَعْلُومًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ-: مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَذِهِ الْآيَةِ.- أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ: مَنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِيرَاثًا مِنْهُ «٦».».
(وَفِيمَا أَنْبَأَنِي بِهِ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً)، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧» :«ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) مَا فَرَضَ عَلَى أَهْلِ التَّوْرَاةِ، قَالَ «٨» :
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها: أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ «٩»، وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفَ)
(٢) ثمَّ تعرض لبَعض المباحث السَّابِقَة، وَهُوَ: عدم قتل اثْنَيْنِ فى وَاحِد. فَرَاجعه، وراجع سَبَب هَذَا الحَدِيث: فى الْأُم والمختصر، وَالسّنَن الْكُبْرَى (٥٢- ٥٣)، وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ نَحوه عَن أَبى هُرَيْرَة، وَابْن عمر. وَأخرج حَدِيث أَبى شُرَيْح أَيْضا فى صفحة (٥٧) : بِلَفْظ فِيهِ اخْتِلَاف. وراجع فتح الْبَارِي (ج ١ ص ١٤٢ و١٤٧- و١٤٨ وَج ١٢ ص ١٦٥- ١٦٨).
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٠).
(٤) فى الْأُم زِيَادَة: (فَلَا يسرف فى الْقَتْل).
(٥) فى الْأُم: «فَكَانَ».
(٦) وَذكر بعده حَدِيث أَبى شُرَيْح، ثمَّ حكى الْإِجْمَاع: على أَن الْعقل موروث كَمَا يُورث المَال. فراجع كَلَامه (ص ١١) لفائدته. وراجع الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ١٠٥)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٨ ص ٥٧- ٥٨). [.....]
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٤٤).
(٨) فى الْأُم: «فَقَالَ» وَهُوَ أحسن.
(٩) فى الْأُم بعد ذَلِك: «إِلَى قَوْله: (فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ) ».
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَعْلَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ قَبْلَهُ، وَالنَّاسِ-: إذَا حَكَمُوا.-: أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ «٤» وَالْعَدْلُ:
اتِّبَاعُ حُكْمِهِ الْمُنْزَلِ «٥».».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٦» - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ: ٥- ٤٨ وَ ٤٩).
-: «يَحْتَمِلُ: تَسَاهُلَهُمْ «٧» فِي أَحْكَامِهِمْ وَيَحْتَمِلُ: مَا يَهْوَوْنَ وَأَيُّهُمَا كَانَ
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وَقد ورد فى الأَصْل: مَضْرُوبا عَلَيْهِ بمداد آخر، ومضافا حرف الْفَاء إِلَى قَوْله: (احكم). وَهُوَ ناشىء عَن ظن أَن المُرَاد آيَة الْمَائِدَة: (٤٨).
(٣) ذكر فى الْأُم إِلَى: (إِلَيْك).
(٤) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٨٦- ٨٩)، حَدِيث على، وَغَيره: مِمَّا يتَعَلَّق بالْمقَام. وَيحسن: أَن تراجع فى الْفَتْح (ج ١٣ ص ١١٨ و١٢١) كَلَام عمر بن عبد الْعَزِيز، وأبى على الْكَرَابِيسِي، وَابْن حبيب الْمَالِكِي عَن الْآدَاب الَّتِي يجب أَن تتوفر فِيمَن يتَوَلَّى الْقَضَاء. فَهُوَ جليل الْفَائِدَة.
(٥) رَاجع مَا ذكره بعد ذَلِك: فَهُوَ مُفِيد فى مَوْضُوع حجية السّنة ذَلِك الْمَوْضُوع الخطير:
الَّذِي يجب الاهتمام بِهِ، والإلمام بتفاصيله. من أجل الْقَضَاء على الْحَرْب الحقيرة الَّتِي يثيرها ضد الدَّين: جمَاعَة الْمُلْحِدِينَ، وَطَائِفَة المتنطعين، وحثالة المأجورين. وَقد وَضعنَا مؤلفا جَامعا فِيهِ: نرجو أَن نتمكن قَرِيبا من نشره إِن شَاءَ الله.
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٨).
(٧) أَي: تسامحهم، وَعدم تطبيقهم أحكامهم على أنفسهم. فَيكون الْمَعْنى الثَّانِي:
خَاصّا بقوانينهم الوضعية. وَعبارَة الأَصْل: «تسهلهم» وهى محرفة عَمَّا ذكرنَا. أَو عَن عبارَة الْأُم- هُنَا، وفى (ج ٥ ص ٢٢٥) -: «سبيلهم» أَي: شرائعهم المنسوخة. وَإِنَّمَا سميت أهواء: لتمسكهم بهَا، بعد نسخهَا وإبطالها.
(أَنَا) أَبُو سعيد، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ «٦» :
(٢) هَذِه الزِّيَادَة متعينة. وَهَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ.
(٣) من الْأُم (ج ٤ ص ٩٦).
(٤) أَي: دومة الجندل. وَهُوَ- على الْمَشْهُور-: حصن بَين الْمَدِينَة وَالشَّام. انْظُر الْمِصْبَاح، وتهذيب اللُّغَات (ج ١ ص ١٠٨- ١٠٩). ثمَّ رَاجع نسب أكيدر، وتفصيل القَوْل عَن حادثته- فى مُعْجم ياقوت.
(٥) ثمَّ ذكر بعد ذَلِك: مَا يُؤَكد أَن الْجِزْيَة لَيست على الْأَنْسَاب، وَإِنَّمَا هى على الْأَدْيَان وينقض مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو يُوسُف: من أَن الْجِزْيَة لَا تُؤْخَذ من الْعَرَب. فَرَاجعه، وراجع الْأُم (ج ٤ ص ١٥٨- ١٥٩ وَج ٧ ص ٣٣٦)، والمختصر (ج ٥ ص ١٩٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ١٨٦- ١٨٨). ثمَّ رَاجع فى اخْتِلَاف الحَدِيث (ص ١٥٨- ١٦٢) المناظرة الْقيمَة فِيمَا ذهب إِلَيْهِ بَعضهم: من أَن الْجِزْيَة تُؤْخَذ من أهل الْكتاب وَمن دَان دينهم مُطلقًا وَتُؤْخَذ مِمَّن دَان دين أهل الْأَوْثَان: إِلَّا إِذا كَانَ عَرَبيا. فهى مفيدة فى الْمقَام وَفِيمَا سيأتى.
(٦) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٠٤).
إنْ «٣» لَمْ يُسْلِمُوا.»
«وَأَحَلَّ اللَّهُ نِسَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَطَعَامَهُمْ «٤». فَقِيلَ: طَعَامُهُمْ:
ذَبَائِحُهُمْ «٥» » «فَاحْتَمَلَ: كُلَّ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكُلَّ مَنْ دَانَ دِينَهُمْ.»
«وَاحْتَمَلَ «٦» : أَنْ يَكُونَ أَرَادَ «٧» بَعْضَهُمْ، دُونَ بَعْضٍ.»
«وَكَانَتْ «٨» دَلَالَةُ مَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، ثُمَّ [مَا «٩» ] لَا أَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا-: أَنَّهُ أَرَادَ: أَهْلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ-: مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ.- دُونَ الْمَجُوسِ.»
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «أَن» وَلَعَلَّه محرف. فَتَأمل.
(٣) فى الْأُم: «أَو يسلمو». وراجع كَلَامه فى الْأُم (ج ٤ ص ١٥٥- ١٥٦)، والمختصر (ج ٥ ص ١٨٣) : فَفِيهِ تَبْيِين وتفصيل.
(٤) رَاجع الْأُم (ج ٥ ص ٦).
(٥) نسب ذَلِك إِلَى بعض أهل التَّفْسِير، فى الْأُم (ج ٤ ص ١٨١). فراجع كَلَامه وَانْظُر مَا سيأتى- فى أَوَائِل الصَّيْد والذبائح-: من تَفْصِيل القَوْل فى ذَبَائِح أهل الْكتاب.
(٦) أَي: إحلال الله نِكَاح نسَاء أهل الْكتاب، وطعامهم- كَمَا صرح بذلك فى الْأُم.
(٧) عبارَة الْأُم: «أَرَادَ بذلك بعض أهل الْكتاب» إِلَخ. [.....]
(٨) فى الْأُم: «فَكَانَت».
(٩) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
«فَمَنْ «٢» دَانَ دِينَهُمْ-: مِنْ غَيْرِهِمْ.- قَبْلَ نُزُولِ «٣» الْقُرْآنِ:
لَمْ «٤» يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ إلَّا «٥» : لِمَعْنًى لَا: أَهْلَ كِتَابٍ مُطْلَقٍ.»
«فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، وَلَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ:
كَالْمَجُوسِ «٦». لِأَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) إنَّمَا أَحَلَّ لَنَا ذَلِكَ: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
(٢) عبارَة الْأُم: «كَانَ من... ». وهى ملائمة لسابق كَلَامهَا، وفيهَا طول وَاخْتِلَاف اللَّفْظ. وَمَا فى الأَصْل مُخْتَصر مِنْهَا.
(٣) فِي الْأُم: «قبل الْإِسْلَام».
(٤) فى الْأُم: «فَلم» وَهُوَ ملائم لسابق عبارتها.
(٥) فى الأَصْل: «وَإِلَّا». وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ، والتصحيح من عبارَة الْأُم، وهى:
«إِلَّا بِمَعْنى». وَمُرَاد الشَّافِعِي بذلك أَن يَقُول: إِن من دَان دين بنى إِسْرَائِيل-: من غَيرهم.- لَا يُقَال: إِنَّه من أهل الْكتاب على سَبِيل الْحَقِيقَة. لِأَنَّهُ لم ينزل عَلَيْهِ كتاب.
وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك على سَبِيل الْمجَاز. من جِهَة أَنه تشبه بهم، ودان دينهم. فَمن هُنَا لم يتحد حكمهم. وراجع فى الْأُم (ج ٥ ص ٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ١٧٣) - أثر عَطاء:
لنتأكد من ذَلِك.
(٦) رَاجع فى الْأُم (ج ٤ ص ١٨٦)، كَلَامه عَن وَطْء الْمَجُوسِيَّة إِذا سبيت: فَفِيهِ تَفْصِيل مُفِيد.
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٢» :«وَاَلَّذِي «٣» عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي إحْلَالِ ذَبَائِحِهِمْ وَأَنَّهُ تَلَا «٤» :(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ: فَإِنَّهُ مِنْهُمْ «٥» : ٥- ٥١) -: فَهُوَ لَوْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «٦» : كَانَ الْمَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) :
أَوْلَى وَمَعَهُ الْمَعْقُولُ، فَأَمَّا: (مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) فَمَعْنَاهَا:
عَلَى غَيْرِ حُكْمِهِمْ.».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧» :«وَإِنْ «٨» كَانَ الصَّابِئُونَ وَالسَّامِرَةُ «٩» : مِنْ
(٢) على مَا فى الْأُم (ج ٢ ص ١٩٦ وَج ٤ ص ١٩٤).
(٣) عبارَة الْأُم (ج ٢) :«وَقد روى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس: أَنه أحل ذَبَائِحهم، وَتَأَول... وَهُوَ» إِلَخ.
(٤) فى الأَصْل: «تلى»، وَهُوَ تَصْحِيف.
(٥) يعْنى: يكون مثلهم، ويجرى عَلَيْهِ حكمهم.
(٦) يُشِير بذلك إِلَى ضعف ثُبُوته عَنهُ. وَقد بَين ذَلِك فى الْأُم: بِأَن مَالِكًا- وَهُوَ أرجح من غَيره فى الرِّوَايَة- قد رَوَاهُ عَن ثَوْر الديلمي عَن ابْن عَبَّاس. وهما لم يتلاقيا: فَيكون مُنْقَطِعًا. وراجع السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٢١٧). وتتميما للمقام، يحسن أَن نراجع كَلَام الشَّافِعِي فى الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٠٢- ٢٠٣)، وَنقل الْمُزنِيّ عَنهُ: حل نِكَاح الْمَرْأَة الَّتِي بدلت دينهَا بدين يحل نِكَاح أَهله وَاخْتِيَار الْمُزنِيّ ذَلِك، وتسويته- فى الحكم- بَين من دَان دين أهل الْكتاب، قبل الْإِسْلَام وَبعده. وَأَن تراجع الْأُم (ج ٣ ص ١٩٧ وَج ٤ ص ١٠٥ وَج ٥ ص ٧ وَج ٧ ص ٣٣١). [.....]
(٧) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ١٠٥).
(٨) فى الْأُم: «فَإِن».
(٩) يحسن أَن تراجع الْمِصْبَاح (مَادَّة: سمر، وَصبي) واعتقادات الْفرق للرازى (ص ٨٣ و٩٠)، وَتَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ بِهَامِش حَاشِيَة الشهَاب (ج ١ ص ١٧٢ وَج ٦ ص ٢٢١)، ورسالة السَّيِّد عبد الرَّزَّاق الْحسنى: «الصابئة قَدِيما وحديثا».
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً: ٥- ٥٨) وَقَالَ: (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ: ٦٢- ٩) فَذَكَرَ اللَّهُ الْأَذَانَ لِلصَّلَاةِ، وَذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. فَكَانَ بَيِّنًا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : أَنَّهُ أَرَادَ الْمَكْتُوبَةَ بِالْآيَتَيْنِ «٣» مَعًا وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْأَذَانَ لِلْمَكْتُوبَاتِ [وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ أَحَدٌ عَلِمْتُهُ: أَنَّهُ أَمَرَ بِالْأَذَانِ لِغَيْرِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ «٤» ] ».
أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ [فِي قَوْلِهِ «٥» :(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ: ٩٤- ٤) قَالَ: «لَا أُذْكَرُ إلَّا ذُكِرْتَ [مَعِي «٦» ] : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ». قَالَ الشَّافِعِيُّ: «يَعْنِي
(٢) عبارَة الْأُم: «وَلَا يُؤدى هَذَا إِلَّا من أَمر بِهِ مِمَّن عقله» وَمَا هُنَا أوضح.
(٣) بِالْأَصْلِ: «بالاثنين». وَهُوَ تَحْرِيف من النَّاسِخ، والتصحيح عَن الْأُم (ج ١ ص ٧١).
(٤) زِيَادَة عَن الْأُم لزِيَادَة الْفَائِدَة.
(٥) زِيَادَة للايضاح، عَن الرسَالَة (ص ١٦).
(٦) زِيَادَة للايضاح، عَن الرسَالَة (ص ١٦).
فَضْلِ التَّعْجِيل بالصلوات
وَاحْتج فى فضل التَّعْجِيلِ بِالصَّلَوَاتِ- بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ: ١٧- ٧٨) وَدُلُوكُهَا: مَيْلُهَا. «١» وَبِقَوْلِهِ:
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) : ٢٠- ١٤) وَبِقَوْلِهِ: (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ: ٢- ٢٣٨) وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الشَّيْءِ: تَعْجِيلُهُ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ «٢» :«وَمَنْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، كَانَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِمَّنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا «٣» ».
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ٢- ٢٣٨) -: «فَذَهَبْنَا: إلَى أَنَّهَا الصُّبْحُ. [وَكَانَ أَقَلُّ مَا فِي الصُّبْحِ «٤» ] إنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ-: أَنْ تَكُونَ مِمَّا أُمِرْنَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ.».
وَذَكَرَ- فِي رِوَايَةِ الْمُزَنِيّ، وَحَرْمَلَةَ- حَدِيثَ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) أَنَّهَا أَمْلَتْ عَلَيْهِ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ»، ثُمَّ قَالَتْ: «سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٥» » قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى، لَيْسَتْ صَلَاةَ
(٢) من الرسَالَة (ص ٢٨٩).
(٣) عبارَة الرسَالَة: «الْوَقْت». وهى أحسن.
(٤) زِيَادَة عَن اخْتِلَاف الحَدِيث بِهَامِش الْأُم (ج ٧ ص ٢٠٨)، يتَوَقَّف عَلَيْهَا فهم الْكَلَام وَصِحَّته. [.....]
(٥) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ١ ص ٤٦٢)
قَالَ الشَّيْخُ «٣» :«الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ، عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ:
فِيمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْهُمَا فِيمَا بَلَغَهُ «٤» وَرَوَيْنَاهُ مَوْصُولًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ «٥»، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُوسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ «٦» ».
«وَرَوَيْنَا عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: «كُنَّا نَرَى أَنَّهَا صَلَاةُ الْفَجْرِ، حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَوْمَ الْأَحْزَابِ: يَقُولُ: «شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى، صَلَاةِ الْعَصْرِ «٧» حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ، مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا». وَرِوَايَتُهُ فِي ذَلِكَ- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحَةٌ، عَنْ عُبَيْدَة السَّلْمَانِيِّ، وَغَيْرِهِ عَنْهُ، وَعَنْ مُرَّةَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَبِهِ قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَبْدُ اللَّهُ
(٢) ينظر: أقائل هَذَا الشَّافِعِي؟ أم الْبَيْهَقِيّ؟. فليتامل.
(٣) أَي: الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ. وَهَذَا من كَلَام أحد رُوَاة هَذَا الْكتاب عَنهُ، كَمَا هى عَادَة أَكثر الْمُتَقَدِّمين.
(٤) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ١ ص ٤٦١- ٤٦٢)
(٥) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ١ ص ٤٦١- ٤٦٢)
(٦) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ١ ص ٤٦١- ٤٦٢)
(٧) هَذَا اللَّفْظ غير مَوْجُود فى حَدِيث على بِرِوَايَة زر عَنهُ. وَإِنَّمَا وجد فى حَدِيثه بِرِوَايَة شُتَيْر الْعَبْسِي عَنهُ، وفى حَدِيث ابْن مَسْعُود وَسمرَة. رَاجع السّنَن الْكُبْرَى [ج ١ ص ٤٦٠]
(أَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ [أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ «٢» ]، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«ذَكَرَ اللَّهُ (تَعَالَى) الْأَذَانَ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ: اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً: ٥- ٥٨) وَقَالَ تَعَالَى: (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ، وَذَرُوا الْبَيْعَ: ٦٢- ٩).
فَأَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : إتْيَانَ الْجُمُعَةِ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ. فَاحْتَمَلَ «٣» : أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ إتْيَانَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَمَا أَمَرَنَا «٤» بِإِتْيَانِ الْجُمُعَةِ، وَتَرْكِ الْبَيْعِ.
وَاحْتَمَلَ: أَنْ يَكُونَ أَذِنَ بِهَا: لِتُصَلَّى لِوَقْتِهَا.»
«وَقَدْ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : مُسَافِرًا وَمُقِيمًا، خَائِفًا وَغَيْرَ خَائِفٍ. وَقَالَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ، فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ: فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) الْآيَةُ، وَاَلَّتِي بَعْدَهَا «٥». وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مَنْ
(٢) زِيَادَة يدل عَلَيْهَا الْإِسْنَاد السَّابِق واللاحق.
(٣) فى الأَصْل: «وَاحْتمل». وَمَا أَثْبَتْنَاهُ عبارَة الْأُم (ج ١ ص ١٣٦)، وهى أولى وَأحسن.
(٤) عبارَة الْأُم: «أَمر» وَهِي أنسب.
(٥) تَمام الْمَتْرُوك: (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ، فَإِذا سَجَدُوا: فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ، وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ، وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ- إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ، أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى -: أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ، وَخُذُوا، حِذْرَكُمْ، إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ: فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً: ٤- ١٠٢ و١٠٣).
فَمَرَّتْ لِذَلِكَ مُدَّةٌ.»
«ثُمَّ يُقَالُ: أَتَاهُ جِبْرِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) : بِأَنْ يُعْلِمَهُمْ نُزُولَ الْوَحْيِ عَلَيْهِ، وَيَدْعُوَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ بِهِ. فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَخَافَ: التَّكْذِيبَ، وَأَنْ يُتَنَاوَلَ «٣». فَنَزَلَ عَلَيْهِ: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ: بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ: فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ: ٥- ٦٧). فَقَالَ: يَعْصِمُكَ «٤» مِنْ قَتْلِهِمْ: أَنْ يَقْتُلُوكَ حَتَّى تُبَلِّغَ «٥» مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ. فَبَلَّغَ «٦» مَا أُمِرَ بِهِ: فَاسْتَهْزَأَ «٧» بِهِ قَوْمٌ فَنَزَلَ عَلَيْهِ: (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ: ١٥- ٩٤- ٩٥) «٨» »
(٢) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «يتفاول» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٤) هَذَا إِلَى قَوْله: (الْمُسْتَهْزِئِينَ) ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٨).
وراجع فِيهَا حَدِيث عَائِشَة: فى سَبَب نزُول الْآيَة.
(٥) فى السّنَن الْكُبْرَى: «تبلغهم» وَلَا فرق فى الْمَعْنى.
(٦) هَذَا غير مَوْجُود بِالْأُمِّ، وسقوطه إِمَّا من النَّاسِخ أَو الطابع.
(٧) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «واستهزأ» وَهُوَ مَعَ صِحَّته، لَا نستعبد تصحيفه. [.....]
(٨) رَاجع فى السّنَن الْكُبْرَى، حَدِيث ابْن عَبَّاس: فى بَيَان من اسْتَهْزَأَ مِنْهُم، وَمَا حل بهم بِسَبَب استهزائهم.
قَالَ «٢» : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) الْآيَةَ «٣» - قَالَ: «إذَا اتَّقَوْا: لَمْ يَقْرُبُوا مَا حَرُمَ عَلَيْهِمْ «٤».».
قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ. «٥» ٥- ١٠٥).- قَالَ: «هَذَا: مِثْلُ قَوْله تَعَالَى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ: ٢- ٢٧٢) وَمِثْلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ: حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ: ٤- ١٤٠). وَمِثْلُ هَذَا- فِي الْقُرْآنِ-:
يعْنى: متزوجين نسَاء صفتهن ذَلِك. فَهَذَا مُتَعَلق بقوله: «محصنين» لَا تَفْسِير لَهُ.
وَمرَاده بذلك: الْإِرْشَاد إِلَى أَنه لَا ينبغى لِلْمُؤمنِ الْعَفِيف: أَن يتَزَوَّج غير عفيفة على حد قَوْله تَعَالَى: (وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ: ٢٤- ٣) وَلَعَلَّ ذَلِك يرشدنا:
إِلَى السِّرّ فى اقْتِصَاره على بعض النَّص فِيمَا تقدم (ج ١ ص ٣١١) : وَإِن كَانَ قد ذكر فى مقَام بَيَان معانى الْإِحْصَان. وراجع القرطين (ج ١ ص ١١٧- ١١٨)، وتهذيب اللُّغَات (ج ١ ص ٦٥- ٦٧).
(٢) كَمَا فى المناقب لِابْنِ أَبى حَاتِم (ص ٩٩). [.....]
(٣) رَاجع فى أَسبَاب النُّزُول (ص ١٥٦) : حديثى أنس والبراء فى سَبَب نُزُولهَا.
وَانْظُر الْفَتْح (ج ٨ ص ١٩٣).
(٤) انْظُر القرطين (ج ١ ص ١٤٥)، والأقوال الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرهَا الْقُرْطُبِيّ فى التَّفْسِير (ج ٦ ص ٢٩٦).
(٥) رَاجع فى أَسبَاب النُّزُول (ص ١٥٨) : حَدِيث ابْن عَبَّاس فى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة. وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٩١- ٩٢) : حديثى أَبى بكر والخشني، وَأثر ابْن مَسْعُود: فى ذَلِك. ثمَّ رَاجع تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ٦ ص ٣٤٢- ٣٤٤).
[آمِنًا «١» ] مَنْ صَارَ إلَيْهِ: لَا يُتَخَطَّفُ اخْتِطَافَ مَنْ حَوْلَهُمْ.»
وَقَالَ (عَزَّ وَجَلَّ) لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا، وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ: ٢٢- ٢٧).»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ «٢» [بَعْضَ مَنْ أَرْضَى] «٣» - مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ- يَذْكُرُ: أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) لَمَّا أَمَرَ بِهَذَا، إبْرَاهِيمَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : وَقَفَ عَلَى الْمَقَامِ، وَصَاحَ «٤» صَيْحَةً: عِبَادَ اللَّهِ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ. فَاسْتَجَابَ لَهُ حَتَّى مَنْ [فِي «٥» ] أَصْلَابِ الرِّجَالِ، وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ «٦». فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ بَعْدَ دَعْوَتِهِ، فَهُوَ: مِمَّنْ أَجَابَ دَعْوَتَهُ. وَوَافَاهُ مَنْ وَافَاهُ، يَقُولُ «٧» : لَبَّيْكَ دَاعِيَ رَبِّنَا لَبَّيْكَ «٨».».
وَهَذَا-: مِنْ قَوْلِهِ: «وَقَالَ لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ».-: إجَازَةً وَمَا قَبْلَهُ: قِرَاءَةً.
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَمَّنْ قَتَلَ مِنْ الصَّيْدِ شَيْئًا: وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ مِنْ
(٢) فى الْأُم (ج ٢ ص ١٢٠) :«فَسمِعت».
(٣) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم.
(٤) فى الْأُم: «فصاح».
(٥) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم.
(٦) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٧٦) مَا روى عَن ابْن عَبَّاس فى هَذَا.
(٧) فى الْأُم: «يَقُولُونَ» وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
(٨) انْظُر فى الْأُم، كَلَامه بعد ذَلِك: فَهُوَ مُفِيد.
(فَجَزاءٌ: مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ: ٥- ٩٥) وَالْمِثْلُ لَا يَكُونُ إلَّا لِدَوَابِّ «٢» الصَّيْدِ «٣».»
«فَأَمَّا الطَّائِرُ: فَلَا مِثْلَ لَهُ وَمِثْلُهُ: قِيمَتُهُ «٤». إلَّا أَنَّا نَقُولُ فِي حَمَامِ مَكَّةَ-: اتِّبَاعًا «٥» لِلْآثَارِ «٦» -: شَاةٌ «٧».».
(أَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ).-: «وَالْمِثْلُ وَاحِدٌ لَا: أَمْثَالٌ. فَكَيْفَ زَعَمْتَ: أَنَّ عَشَرَةً لَوْ قُتِلُوا صَيْدًا: جَزَوْهُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالٍ «٨». ؟!».
(٢) فى الأَصْل: «لذوات» وَهُوَ تَحْرِيف أَيْضا قَالَ الشَّافِعِي فى الْأُم (ج ٢ ص ١٦٥- ١٦٦) :«والمثل لدواب الصَّيْد لِأَن النعم دَوَاب رواتع فى الأَرْض» إِلَخ فَرَاجعه وَانْظُر كَلَامه فى الْفرق بَين الدَّوَابّ وَالطير: فَهُوَ جيد.
(٣) قَالَ الشَّافِعِي: «والمثل: مثل صفة مَا قتل.» انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٥- ١٨٧).
(٤) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٠٦- ٢٠٧)، وَانْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٦) فى الِاسْتِدْلَال على أَن الطَّائِر يفدى وَلَا مثل لَهُ من النعم.
(٥) أَي: لَا قِيَاسا. [.....]
(٦) الَّتِي ذكرهَا عَن عمر وَعُثْمَان وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعَاصِم ابْن عمر وَعَطَاء وَابْن الْمسيب انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٦) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٠٥- ٢٠٦) وَانْظُر مَا نَقله فى الْجَوْهَر النقي. عَن صَاحب الاستذكار: من فرق الشَّافِعِي بَين حمام مَكَّة وَغَيره ثمَّ انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٤٣١).
(٧) انْظُر فى ذَلِك وفى الْفرق بَين الْحمام وَغَيره، مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَالأُم (ج ٢ ص ١١٣ و١٦٦- ١٦٧ و١٧٦) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٥٦).
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ٧ ص ١٩) وَقَالَ فى الْأُم (ج ٢ ص ١٧٥) :«وَإِذا أصَاب المحرمان- أَو الْجَمَاعَة صيدا: فَعَلَيْهِم كلهم جَزَاء وَاحِد» وَنقل مثل ذَلِك عَن عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَابْن عمر وَعَطَاء ثمَّ قَالَ (ص ١٧٥- ١٧٦) :«وَهَذَا مُوَافق لكتاب الله عز وَجل:
لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)، وَهَذَا: مثل. وَمن قَالَ:
عَلَيْهِ مثلان، فقد خَالف الْقُرْآن».
أَن الْكَفَّارَة: موقتة وَالْمِثْلُ: غَيْرُ مُوَقَّتٍ فَهُوَ- بِالدِّيَةِ وَالْقِيمَةِ- أَشْبَهُ.
وَاحْتَجَّ- فِي إِيجَاب الْمثل فى جَزَاءِ دَوَابِّ «٢» الصَّيْدِ، دُونَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ-:
بِظَاهِرِ الْآيَةِ [فَقَالَ] «٣» :
«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) «٤» وَ [قَدْ] «٥» حَكَمَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُثْمَانُ [وَعَلِيٌّ «٦» ] وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُمْ «٧» (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) - فِي بُلْدَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَزْمَانٍ شَتَّى-: بِالْمِثْلِ مِنْ النَّعَمِ» فَحَكَمَ حَاكِمُهُمْ فِي النَّعَامَةِ: بِبَدَنَةٍ «٨» وَالنَّعَامَةُ لَا
(٢) فى الأَصْل ذَوَات والتصحيح عَن الْأُم.
(٣) زِيَادَة مفيدة.
(٤) قَالَ بعد ذَلِك، فى مُخْتَصر الْمُزنِيّ (ج ٢ ص ١٠٧- ١٠٨) :«وَالنعَم: الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم، وَمَا أكل من الصَّيْد، صنفان: دَوَاب وطائر. فَمَا أصَاب الْمحرم: من الدَّوَابّ، نظر إِلَى أقرب الْأَشْيَاء من الْمَقْتُول، شبها بِالنعَم، ففدى بِهِ».
(٥) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر.
(٦) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر.
(٧) كزيد بن ثَابت، وَابْن مَسْعُود، وَمُعَاوِيَة، وَابْن الْمسيب، وَهِشَام بن عُرْوَة.
انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢).
(٨) قَالَ الشَّافِعِي- بعد أَن روى ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس وَكثير من الصَّحَابَة، من طَرِيق عَطاء الخرسانى-: «هَذَا غير ثَابت عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، وَهُوَ قَول الْأَكْثَر: مِمَّن لقِيت. فبقولهم: إِن فى النعامة بَدَنَة، وبالقياس- قُلْنَا: فى النعامة بَدَنَة. لَا بِهَذَا». اهـ أَي: لِأَن الرِّوَايَة عَنْهُم ضَعِيفَة ومرسلة، إِذْ عَطاء قد تكلم فِيهِ أهل الحَدِيث، وَلم يثبت سَمَاعه عَن ابْن عَبَّاس. انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ٢٦٢) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢) ثمَّ الْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٤٢٥- ٤٢٧).
بِكَبْشٍ «٣» وَهُوَ لَا يُسَاوِي كَبْشًا وَفِي الْغَزَالِ: بِعَنْزٍ «٤» وَقَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ «٥» ثَمَنًا مِنْهَا أَضْعَافًا وَمِثْلَهَا، وَدُونَهَا وَفِي الْأَرْنَبِ: بِعَنَاقٍ «٦» وَفِي الْيَرْبُوعِ: بِجَفَرَةٍ «٧» وَهُمَا لَا يُسَاوَيَانِ «٨» عَنَاقًا وَلَا جَفَرَةً «٩».»
«فَهَذَا يَدُلُّكَ «١٠» : عَلَى أَنَّهُمْ إنَّمَا «١١» نَظَّرُوا إلَى أَقْرَبِ مَا قَتَلَ «١٢» -: مِنْ الصَّيْدِ.- شَبَهًا بِالْبَدَنِ «١٣» [مِنْ النَّعَمِ «١٤» ] لَا بِالْقِيمَةِ. وَلَوْ حَكَمُوا بِالْقِيمَةِ:
(٢) هى- فِي أصل اللُّغَة-: نَاقَة أَو بقرة أَو بعير ذكر. وَالْمرَاد بهَا هُنَا: الْبَعِير ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، بِشَرْط أَن تكون قد دخلت فى السّنة السَّادِسَة. انْظُر تَهْذِيب النَّوَوِيّ.
(٣) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧ و١٧٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤). [.....]
(٤) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧ و١٧٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤).
(٥) فى الْمُخْتَصر: «أَكثر من ثمنهَا أضعافا دونهَا وَمثلهَا».
(٦) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧ و١٧٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤).
(٧) انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧ و١٧٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٢- ١٨٤).
(٨) كَذَا بالمختصر وَالأُم (ج ٧ ص ٢٠)، وفى الأَصْل: «يسويان».
(٩) الجفرة: الْأُنْثَى من ولد الْمعز تفطم وتفصل عَن أمهَا فتأخذ فى الرَّعْي، وَذَلِكَ بعد أَرْبَعَة أشهر. والعناق: الْأُنْثَى من ولد الْمعز من حِين يُولد إِلَى أَن يرْعَى. قَالَ الرَّافِعِيّ:
«هَذَا مَعْنَاهُمَا فى اللُّغَة. لَكِن يجب أَن يكون المُرَاد من الجفرة هُنَا: مَا دون العناق، فَإِن الأرنب خير من اليربوع.». انْظُر تَهْذِيب النَّوَوِيّ.
(١٠) فى الْمُخْتَصر: «فَدلَّ ذَلِك». وفى الْأُم (ج ٧ ص ٢٠) فَهَذَا يدل.
(١١) هَذِه الْكَلِمَة غير مَوْجُودَة بالمختصر.
(١٢) فى الْمُخْتَصر: «يقتل».
(١٣) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم (ج ٧ ص ٢٠). وفى الْمُخْتَصر: بِالْبَدَلِ.
(١٤) الزِّيَادَة عَن الْمُخْتَصر.
(أَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ-[فِي] «٤» قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً).- قُلْتُ [لَهُ] «٥» : مَنْ «٦» قَتَلَهُ خَطَأً: أَيَغْرَمُ؟. قَالَ: نَعَمْ يُعَظِّمُ بِذَلِكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ، وَمَضَتْ «٧» بِهِ السُّنَنُ.».
قَالَ: «وَأَنَا مُسْلِمٌ وَسَعِيدٌ «٨»، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّاسَ يَغْرَمُونَ فِي الْخَطَإِ «٩».».
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ- فِي ذَلِكَ- حَدِيثَ عُمَرَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
(٢) فى الْمُخْتَصر: «لاخْتِلَاف الأسعار، وتباينها فِي الْأَزْمَان».
(٣) قَالَ الشَّافِعِي فى الْأُم (ج ٢ ص ١٦٧) :«ولقالوا: فِيهِ قِيمَته كَمَا قَالُوا فى الجرادة». [.....]
(٤) الزِّيَادَة للايضاح.
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٥٦) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠).
(٦) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «فَمن».
(٧) فى الأَصْل: «ومنعت» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٨) أَي: مُسلم بن خَالِد، وَسَعِيد بن سَالم، كَمَا فِي الْأُم (ج ٢ ص ١٥٦).
(٩) انْظُر ذَلِك، وَمَا روى عَن الْحسن، وَابْن جُبَير، وَالنَّخَعِيّ- فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠- ١٨١).
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا مُسْلِمٌ:
عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَا يفدى الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ، إلَّا: [مَا] «٢» يُؤْكَلُ لَحْمُهُ.».
(وَفِيمَا أَنْبَأَ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) : أَنَّ الْعَبَّاسَ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ [فِي «٣» ] قَوْلِ اللَّهِ: (عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ: ٥- ٩٥) قَالَ: عَفَا اللَّهُ عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قُلْتُ: وَقَوْلُهُ «٤» :(وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ: ٥- ٩٥) !.
[قَالَ: وَمَنْ عَادَ فِي الْإِسْلَامِ: فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ «٥» ]، وَعَلَيْهِ «٦» فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ «٧».».
وَشَبَّهَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِي ذَلِكَ: بِقَتْلِ الْآدَمِيِّ وَالزِّنَا، وَمَا فِيهِمَا وَفِي الْكُفْرِ-: مِنْ الْوَعِيدِ.- فِي قَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ)
(٢) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٣)
(٣) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٥٧)
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «وفى قَوْله».
(٥) الزِّيَادَة عَن الام، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٠- ١٨١).
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى، وفى الأَصْل: «أَو عَلَيْهِ».
(٧) انْظُر فى الْأُم، بَقِيَّة الْأَثر.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ- فِي الْفِدْيَةِ-: بِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ «٣».
(وَأَنَا) أَبُو زَكَرِيَّا، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، أَنَا الشَّافِعِيُّ: «أَنَا سَعِيد، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ [قَالَ «٤» ] : قُلْتُ لِعَطَاءٍ: (فَجَزاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ، هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ، أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً: ٥- ٩٥) ؟. قَالَ «٥» : مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي حَرَمٍ (يُرِيدُ: الْبَيْتَ «٦».)، كَفَّارَةُ ذَلِكَ: عِنْدَ الْبَيْتِ.».
فَأَمَّا الصَّوْمُ: (فَأَخْبَرَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَإِنْ جَزَاهُ بِالصَّوْمِ: [صَامَ «٧» ] حَيْثُ شَاءَ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، فِي صِيَامِهِ «٨».».
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى: «فليختر».
(٣) من أَن رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ لَهُ: «أَي ذَلِك فعلت أجزاك».
انْظُر الْأُم (ج ٢ ص ١٦٠) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٥) وَالْمَجْمُوع (ج ٧ ص ٢٤٧).
(٤) الزِّيَادَة عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٥٧) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ١٨٧).
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الأَصْل: «مَا قَالَ». فَلَعَلَّ «مَا» زَائِدَة من النَّاسِخ، أَو لَعَلَّ فى الأَصْل سقطا. فَلْيتَأَمَّل.
(٦) الظَّاهِر أَن هَذَا من كَلَام الشَّافِعِي أَو الروَاة عَن عَطاء.
(٧) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا، عَن الْأُم (ج ٢ ص ١٧٥). [.....]
(٨) رَاجع فى هَذَا الْمقَام، مُخْتَصر الْمُزنِيّ وَالأُم (ج ٢ ص ١١٠ و١٦٢).
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ [وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ «٤» ] : ٥- ٩٦) وَقَالَ: (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ: هَذَا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ، وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ. [وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا «٥» ] : ٣٥- ١٢) «٦».»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ: صَيْدٌ «٧» -: فِي بِئْرٍ كَانَ، أَوْ فِي
(٢) فى الأَصْل: «فحجها» وَهُوَ خطأ والتصحيح عَن الْأُم، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٨).
(٣) قَالَ الشَّافِعِي- بعد ذَلِك، كَمَا فى الْأُم (ج ٢ ص ١٣٥) وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢١٨) -: «وَالَّذِي أَعقل فى أَخْبَار أهل الْمَغَازِي: شَبيه بِمَا ذكرت من ظَاهر الْآيَة. وَذَلِكَ،: أَنا قد علمنَا من متواطىء أَحَادِيثهم: أَن قد كَانَ مَعَ رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - عَام الْحُدَيْبِيَة- رجال يعْرفُونَ بِأَسْمَائِهِمْ ثمَّ اعْتَمر رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عمْرَة الْقَضِيَّة، وتخلف بَعضهم بِالْحُدَيْبِية من غير ضَرُورَة فى نفس وَلَا مَال عَلمته. وَلَو لَزِمَهُم الْقَضَاء: لأمرهم رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) - إِن شَاءَ الله-: بِأَن لَا يتخلفوا عَنهُ». اهـ.
(٤) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٢ ص ١١٧).
(٥) زِيَادَة مفيدة، عَن الْأُم (ج ٢ ص ١١٧).
(٦) انْظُر فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٠٨- ٢٠٩) مَا روى عَن عَطاء وَالْحسن.
(٧) هَذَا خبر كل، فليتنبه.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ: ٧- ١٥٧) «١».». وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ «٢».
وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» :«قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ: مَا دُمْتُمْ حُرُماً: ٥- ٩٦).»
«فَكَانَ شَيْئَانِ حَلَالَانِ «٤» فَأَثْبَتَ تَحْلِيلَ أَحَدِهِمَا- وَهُوَ: صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ: مَالِحُهُ «٥» وَكُلُّ مَا قَذَفَهُ: [وَهُوَ] حَيٌّ «٦» مَتَاعًا لَهُمْ: يَسْتَمْتِعُونَ
(٢) فَرَاجعه (ص ٢٠٧- ٢٠٩).
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٢ ص ٢١٨) : مُبينًا: أَن هُنَاكَ أَشْيَاء مُحرمَة-: كالدود والغراب والفأر.-: وَإِن لم ينص على تَحْرِيمهَا بخصوصها.
(٤) أَي: عِنْد الْعَرَب. وفى الْأُم: «حلالين». وَمَا فى الأَصْل أحسن فَتَأمل.
(٥) هَذَا بدل وَتَفْسِير للطعام. وَعبارَة الْأُم: فِيهَا زِيَادَة قبل ذَلِك، وهى: «وَطَعَامه مالحه وكل مَا فِيهِ مَتَاع». ولعلها محرفة كَمَا سنبين. وفى بعض نسخ الْأُم: «وَطَعَامه يَأْكُلهُ» إِلَخ.
وَهُوَ تَحْرِيف. وَقد فسر عمر طَعَام الْبَحْر: بِمَا رمى بِهِ. وَفَسرهُ ابْن عَبَّاس: بِنَحْوِ ذَلِك وبالميتة.
رَاجع ذَلِك، وَمَا يتَعَلَّق بِهِ: فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٥ ص ٢٠٨ وح ٩ ص ٢٥١، ٢٥٦)، وَالْفَتْح (ج ٩ ص ٤٨٥- ٤٩٠)، وَالْمَجْمُوع (ج ٩ ص ٣٠- ٣٥).
(٦) فى الأَصْل: «فِيهِ» والتصحيح وَالزِّيَادَة من عبارَة ابْن قُتَيْبَة الَّتِي فى القرطين (ج ١ ص ١٤٥). وَمُرَاد الشَّافِعِي: بَيَان معنى الْآيَة من حَيْثُ هى. واباحته أكل ميتَة الْبَحْر، ثبتَتْ عِنْده: بِالسنةِ الَّتِي خصصت مَفْهُوم الْآيَة، ومنطوق غَيرهَا.
٣٠- ٢٧). قَالَ: مَعْنَاهُ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِبْرَةِ عِنْدَكُمْ، لَمَّا «١» كَانَ يَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَخْرُجُ مُفَصَّلًا بِعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ، وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِهِ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ الْعُرُوقِ.
فَهَذَا- فِي الْعِبْرَةِ- أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَقُولَ لِشَيْءٍ قَدْ كَانَ: عُدْ إلَى مَا كُنْتَ. قَالَ: فَهُوَ إنَّمَا هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فِي الْعِبْرَةِ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ أَنَّ شَيْئًا يَعْظُمُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ.
أَنَا الشَّافِعِيُّ، أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا: مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا، فَحُرِّمَ من أجل مسئلته.». قَالَ الشَّافِعِيُّ:
«وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجل: (لَا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ- إلَى قَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) - بِها كافِرِينَ «٢» : ٥- ١٠١- ١٠٢) قَالَ: كَانَتْ الْمَسَائِلُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ- إذَا كَانَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ- مَكْرُوهَةً لِمَا ذَكَرْنَا: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَيْرِهِ: مِمَّا فِي مَعْنَاهُ. وَمَعْنَى كَرَاهَةِ ذَلِك:
ان يسئلوا عَمَّا لَمْ يُحَرَّمْ: فَإِنْ حَرَّمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُرِّمَ أَبَدًا، إلَّا أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ تَحْرِيمَهُ فِي كِتَابِهِ، أَوْ يُنْسَخَ- عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ- سنة بِسنة».
[فِي معنى الْأمة]
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَنْجَوَيْهِ، بِالدَّامِغَانِ، نَا الْفَضْلُ
(٢) تَمام الْمَحْذُوف: (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ).
«قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ، وَلا سائِبَةٍ، وَلا وَصِيلَةٍ، وَلا حامٍ: ٥- ١٠٣) «١».»
«فَهَذِهِ: الْحُبُسُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَحْبِسُونَهَا فَأَبْطَلَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) شُرُوطَهُمْ فِيهَا، وَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : بِإِبْطَالِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) إيَّاهَا.»
«وَهِيَ «٢» : أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَقُولُ: إذَا نُتِجَ فَحْلُ إبِلِي. «٣»، ثُمَّ أَلْقَحَ، فَأُنْتِجَ مِنْهُ-: فَهُوَ «٤» : حَامٍ. أَيْ: قَدْ حَمَى ظَهْرَهُ فَيَحْرُمُ رُكُوبُهُ.
وَيُجْعَلُ ذَلِكَ شَبِيهًا بِالْعِتْقِ لَهُ «٥».»
«وَيَقُولُ فِي الْبَحِيرَةِ، وَالْوَصِيلَةِ- عَلَى مَعْنًى يُوَافِقُ بَعْضَ هَذَا.»
(٢) انْظُر- فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٦ ص ١٦٣) - بعض مَا ورد فى تَفْسِيرهَا.
(٣) كَذَا بِالْأَصْلِ، وفى الْأُم (ج ٣ ص ٢٧٥) :«إبِله».
(٤) فى الْأُم: «هُوَ»، فَيكون ابْتِدَاء مقول القَوْل.
(٥) قَالَ فى الْأُم (ج ٦ ص ١٨١) - عقب تَفْسِير الْبحيرَة والسائبة-: «وَرَأَيْت مذاهبهم فى هَذَا كُله- فِيمَا صَنَعُوا-: أَنه كَالْعِتْقِ».
«وَقِيلَ: أَنَّهُ (أَيْضًا «٢» ) - فِي الْبَهَائِمِ-: قَدْ سَيَّبْتُك.»
«فَلَمَّا كَانَ الْعِتْقُ لَا يَقَعُ عَلَى الْبَهَائِمِ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِلْكَ «٣» الْبَحِيرَةِ، وَالْوَصِيلَةِ، وَالِحَامِ، إلَى مَالِكِهِ وَأَثْبَتَ الْعِتْقَ، وَجَعَلَ الْوَلَاءَ: لِمَنْ أَعْتَقَ «٤» [السَّائِبَةَ وَحَكَمَ لَهُ بِمِثْلِ حُكْمِ النَّسَبِ «٥».] ».
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ: (الْبَحِيرَةِ) «٦».- فِي تَفْسِيرِ الْبَحِيرَةِ-: «أَنَّهَا:
النَّاقَةُ تُنْتَجُ بُطُونًا، فَيَشُقُّ مَالِكُهَا أُذُنَهَا، وَيُخْلِي سَبِيلَهَا، [وَيَحْلُبُ لَبَنَهَا فِي الْبَطْحَاءِ وَلَا يَسْتَجِيزُونَ الِانْتِفَاعَ بِلَبَنِهَا «٧» ].»
وَقَالَ أَيْضا فى الْأُم (ج ٦ ص ١٨١) :«وَمعنى (يعتقهُ سائبة) هُوَ: أَن يَقُول:
أَنْت حر سائبة، فَكَمَا أخرجتك من ملكى، وملكتك نَفسك-: فَصَارَ ملكك لَا يرجع إِلَى بِحَال أبدا.-: فَلَا يرجع إِلَى ولاؤك، كَمَا لَا يرجع إِلَى ملكك.».
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ٣ ص ٢٧٥)، وَهُوَ الْمَقْصُود الظَّاهِر. وفى الأَصْل:
«وَقيل أَيْضا إِنَّه»، وَلَعَلَّ التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير من النَّاسِخ.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «تِلْكَ»، وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) رَاجع فِي هَذَا الْمقَام، الْأُم (ج ٤ ص ٩ و٥٧، وَج ٦ ص ١٨٢- ١٨٣).
(٥) زِيَادَة للايضاح وَتَمام الْفَائِدَة، عَن الام (ج ٣ ص ٢٧٥).
(٦) من الام (ج ٦ ص ١٨١) [.....]
(٧) الزِّيَادَة للفائدة، وللايضاح، عَن الام.
[إذَا كَانَتْ تِلْكَ «٢» ] الْبُطُونُ كُلُّهَا إنَاثًا.».
قَالَ. «وَالْوَصِيلَةُ «٣» : الشَّاةُ تُنْتَجُ الْأَبْطُنَ، فَإِذَا وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَ الْأَبْطُنِ الَّتِي وَقَّتُوا لَهَا-: قِيلَ: وَصَلَتْ أَخَاهَا.»
«وَقَالَ «٤» بَعْضُهُمْ: تُنْتَجُ الْأَبْطُنَ الْخَمْسَةَ: عَنَاقَيْنِ عَنَاقَيْنِ فِي كُلِّ بَطْنٍ فَيُقَالُ: هَذَا وَصِيلَةٌ: يَصِلُ «٥» كُلَّ ذِي بَطْنٍ بِأَخٍ لَهُ مَعَهُ.»
«وَزَادَ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ «٦» : وَقَدْ «٧» يُوصِلُونَهَا: فِي ثَلَاثَةِ أَبْطُنٍ، وَفِي «٨» خَمْسَةٍ، وَفِي سَبْعَةٍ «٩».».
قَالَ: «وَالِحَامُ: الْفَحْلُ يَضْرِبُ فِي إبِلِ الرَّجُلِ عَشْرَ سِنِينَ، فَيُخْلَى، وَيُقَالُ: قَدْ حَمَى هَذَا ظَهْرَهُ فَلَا يَنْتَفِعُونَ مِنْ ظَهْرِهِ بِشَيْءٍ.».
(٢) الزِّيَادَة للايضاح عَن الام.
(٣) قَالَ فى الام (ج ٤ ص ٩) :«وَيَقُولُونَ فى الوصيلة- وهى من الْغنم-: إِذا وصلت بطونا توما، ونتج نتاجها، فَكَانُوا يمنعونها مِمَّا يَفْعَلُونَ بغَيْرهَا مثلهَا.».
(٤) فى الْأُم (ج ٦ ص ١٨١) :«وَزَاد».
(٥) فى الْأُم: «تصل». وَلَا خلاف فى الْمَعْنى.
(٦) قَوْله: «وَزَاد بَعضهم، فَقَالَ» عبارَة الام، وَعبارَة الأَصْل: «قَالَ»،
(٧) فى الْأُم: «قد».
(٨) فى الْأُم: «ويوصلونها فى».
(٩) قَالَ فى الْمُخْتَار: «فان ولدت فى الثَّامِنَة جديا ذبحوه لآلهتهم وَإِن ولدت جديا وعناقا، قَالُوا: وصلت أخاها فَلَا يذبحون أخاها من أجلهَا، وَلَا تشرب لَبنهَا النِّسَاء، وَكَانَ للرِّجَال. وَجَرت مجْرى السائبة».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٤» (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«حَرَّمَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ-: مِنْ أَمْوَالِهِمْ- أَشْيَاءَ: أَبَانَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : أَنَّهَا لَيْسَتْ حَرَامًا بِتَحْرِيمِهِمْ «٥» - وَذَلِكَ مِثْلُ: الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَالْوَصِيلَةِ، وَالْحَامِ. كَانُوا: يَتْرُكُونَهَا «٦» فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ: كَالْعِتْقِ فَيُحَرِّمُونَ: أَلْبَانَهَا، وَلُحُومَهَا، وَمِلْكَهَا. وَقَدْ فَسَّرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ «٧».-: فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (مَا جَعَلَ اللَّهُ: مِنْ)
(٢) فى الْأُم: «إِن» وَهُوَ أحسن.
(٣) هَذَا لَيْسَ بِالْأُمِّ.
(٤) كَمَا فى الْأُم (ج ٢ ص ٢١١). وَقد ذكر فِي السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٩) إِلَى قَوْله: وملكها. وَانْظُر الْمَجْمُوع (ج ٩ ص ٧١).
(٥) فى الْأُم زِيَادَة: «وَقد ذكرت بعض مَا ذكر الله تَعَالَى مِنْهَا».
(٦) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «ينزلونها» وَهُوَ صَحِيح الْمَعْنى أَيْضا.
(٧) انْظُر مَا تقدم (ج ١ ص ١٤٢- ١٤٥). وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ٩- ١٠) : حَدِيث ابْن الْمسيب، وَكَلَامه فى تَفْسِير ذَلِك وَحَدِيث الْجُشَمِي، وَأثر ابْن عَبَّاس الْمُتَعَلّق بذلك وبآية: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ: مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً: ٦- ١٣٦). ثمَّ رَاجع الْكَلَام عَن حَدِيث سعيد: فى الْفَتْح (ج ٦ ص ٣٥٣- ٣٥٤ وَج ٨ ص ١٩٦- ١٩٨) فَهُوَ جليل الْفَائِدَة.
«قَالَ: فَأَمَّا مَنْ سَبَقَتْ شَهَادَتُهُ: بِأَنْ شَهِدَ «٢» أَوْ عَلِمَ حَقًّا: لِمُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهِدٍ-: فَلَا يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ تَأْدِيَةِ الشَّهَادَة: مَتى طلبت مِنْهُ فِي مَوْضِعِ مَقْطَعِ الْحَقِّ.».
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) : أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ حَدَّثَهُمْ: أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ:
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» (رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى) :«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ: مِنْكُمْ: ٥- ١٠٦) وَقَالَ «٤» اللَّهُ تَعَالَى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ: فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ: ٢- ٢٨٢).»
«فَكَانَ»
الَّذِي يَعْرِفُ «٦» مَنْ خُوطِبَ «٧» بِهَذَا، أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ «٨» :
(٢) أَي: بِالْفِعْلِ من قبل. وفى الْأُم: «أشهد» أَي: طلبت شَهَادَته من قبل، وَقَامَ بهَا: فى قَضِيَّة لم يتم الْفَصْل فِيهَا، بل يتَوَقَّف على شَهَادَته مرّة أُخْرَى. وَيُرِيد الشَّافِعِي بذلك: أَن يبين: أَن الشَّهَادَة قد تكون فرضا عينيا بِالنّظرِ لبَعض الْأَفْرَاد.
(٣) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٨٠- ٨١). وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٤٩- ٢٥٠)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ١٦١ و١٦٦).
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ وَغَيرهَا. وفى الأَصْل: «قَالَ» وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٥) كَذَا بِالْأَصْلِ والمختصر. وفى الْأُم: بِالْوَاو.
(٦) فى الأَصْل زِيَادَة: «أَن»، وهى من النَّاسِخ.
(٧) يعْنى: من نزل عَلَيْهِ الْخطاب: من بلغاء الْعَرَب. [.....]
(٨) فى الْمُخْتَصر: «بذلك الْأَحْرَار البالغون الْمُسلمُونَ المرضيون». ثمَّ ذكر بعض مَا سيأتى بِتَصَرُّف كَبِير.
مِنْ «٢» أَهْلِ دِينِنَا لَا: الْمُشْرِكُونَ لِقَطْعِ اللَّهِ الْوِلَايَةَ بَيْنَنَا وَبينهمْ: بالدّين.
و «٣» : رجالنا: أَحْرَارُنَا «٤» لَا: مَمَالِيكُنَا الَّذِينَ «٥» : يَغْلِبُهُمْ «٦» مَنْ تَمَلَّكَهُمْ «٧»، عَلَى كَثِيرٍ: من أُمُورهم. و «٨» : أنّا لَا نَرْضَى أَهْلَ الْفسق منا و: أنّ الرِّضَا «٩» إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْعُدُولِ «١٠» مِنَّا وَلَا يَقَعُ إلَّا: عَلَى الْبَالِغِينَ
(٢) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى أَي: بَعضهم. وَلم يذكر فى الْأُم وَعدم ذكره أولى.
(٣) هَذَا إِلَى قَوْله: أُمُورهم، ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ١٦١) بِزِيَادَة: «فَلَا يجوز شَهَادَة مَمْلُوك فى شىء: وَإِن قل.»، وَقد ذكر نَحْوهَا فى الْأُم (ص ٨١).
(٤) فى الْأُم زِيَادَة: «وَالَّذين نرضى: أحرارنا».
(٥) فى السّنَن الْكُبْرَى: «الَّذِي» وَلَعَلَّه محرف.
(٦) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «نعيلهم» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٧) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «يملكهم». وراجع فِيهَا أثر مُجَاهِد فى ذَلِك، وَمَا نَقله عَن بعض الْمُخَالفين فى الْمَسْأَلَة. ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج ٥ ص ١٦٩).
(٨) هَذَا إِلَى قَوْله: الْعُدُول منا، ذكر فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ١٦٦). وراجع فِيهَا: أثرى عمر وَشُرَيْح.
(٩) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الأَصْل: «الرضى» وَهُوَ محرف عَمَّا ذكرنَا أَو عَن: «المرضى» ومعناهما وَاحِد. انْظُر الأساس.
(١٠) فى الْأُم: «الْعدْل». وراجع كَلَام الشَّافِعِي عَن الْعَدَالَة: فى الرسَالَة (ص ٢٥ و٣٨ و٤٩٣)، وجماع الْعلم (ص ٤٠- ٤١). ثمَّ رَاجع الْفَتْح (ج ٥ ص ١٥٧ و١٥٩). وَيحسن: أَن تراجع فى السّنَن الْكُبْرَى (ص ١٨٥- ١٩١) : من تجوز شَهَادَته وَمن ترد. وَانْظُر الْأُم (ج ٦ ص ٢٠٨- ٢١٦)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٥٦).
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: [فَقَدْ «٢» ] سَمِعْت مَنْ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ، عَلَى: مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ «٣» : مِنْ الْمُسْلِمِينَ «٤».».
قَالَ الشَّافِعِيُّ «٥» :«وَالتَّنْزِيلُ «٦» (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ: ٥- ١٠٦) وَالصَّلَاةُ الْمُوَقَّتَةُ «٧» :
لِلْمُسْلِمِينَ. وَلِقَوْلِ «٨» اللَّهِ تَعَالَى: (فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ: إِنِ ارْتَبْتُمْ، لَا نَشْتَرِي)
(٢) زِيَادَة جَيِّدَة، عَن الْأُم، ذكر قبلهَا كَلَام يحسن مُرَاجعَته. وفى السّنَن الْكُبْرَى (ص ١٦٤) :«وَقد». وَعبارَة الْمُخْتَصر (ص ٢٥٣) :«سَمِعت من أرْضى يَقُول:
من غير» إِلَخ.
(٣) فى بعض نسخ السّنَن الْكُبْرَى: «قبيلكم». وَقد أخرج فِيهَا نَحْو هَذَا التَّفْسِير- بِزِيَادَة جَيِّدَة-: عَن الْحسن وَعِكْرِمَة. وراجع النَّاسِخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٣٢- ١٣٣)، ثمَّ الْفَتْح (ج ٥ ص ٢٦٨) : ففائدتهما قيمَة. وَانْظُر تَفْسِير الْفَخر (ج ٣ ص ٤٦٠).
(٤) ثمَّ ذكر نَحْو مَا سيأتى عقبه. [.....]
(٥) كَمَا فى الْأُم (ج ٧ ص ٢٩) : بعد أَن ذكر نَحْو مَا تقدم، فى خلال مناظرة أُخْرَى فى الْمَوْضُوع.
(٦) عبارَة السّنَن الْكُبْرَى: «ويحتج فِيهَا بقول الله» - وهى عبارَة الْمُخْتَصر، وَالأُم (ج ٦ ص ١٢٧) - وَذكر فِيهَا إِلَى قَوْله: (ثمنا).
(٧) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى. وفى الْأُم: «المؤقتة».
(٨) فى الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى: «وَبقول» وَذكر فِيهَا من أول قَوْله: (وَلَو كَانَ).
لَحَقٌّ (وَمَا اعْتَدَيْنا: إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ: ٥- ١٠٧). فَهَذَا «٥» : قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ «٦» :(ذلِكَ أَدْنى: أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها: ٥- ١٠٨) يَعْنِي: الدَّارِيَيْنِ وَالنَّاسَ [أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ «٧» ].»
« [قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَعْنِي: مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِ الدَّارِيَيْنِ «٨» ] : مِنْ
(٢) رَاجع الْكَلَام: عَن معنى هَذَا وَإِعْرَابه، ووجوه الْقرَاءَات فِيهِ فى القرطين (ج ١ ص ١٤٩)، والناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٣٥) وَتَفْسِير الطَّبَرِيّ (ص ٧٣- ٧٩)، وَالْفَخْر (ص ٤٦٣)، والقرطبي (ص ٣٥٨- ٣٥٩) وَالْفَتْح (ج ٥ ص ٢٦٦)، والتاج. وَالْمقَام لَا يسمح لنا بِأَكْثَرَ من الإحالة على أجل المصادر.
(٣) فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ، زِيَادَة: «يَقُول». وَقَوله: فيحلفان بِاللَّه لَيْسَ فى الطَّبَرِيّ
(٤) كَذَا بِغَيْر الأَصْل وَهُوَ الظَّاهِر الملائم لما بعد. وفى الأَصْل: «صَاحبهمَا» وَلَعَلَّه محرف.
(٥) عبارَة الْأُم والطبري: بِدُونِ الْفَاء.
(٦) فى رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ، زِيَادَة: «حِين اطلع على خِيَانَة الداريين يَقُول الله تَعَالَى». [.....]
(٧) زِيَادَة عَن الْأُم، نقطع: بِأَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ وَقد ذكر الْجُزْء الأول مِنْهَا فى رِوَايَة الطَّبَرِيّ وَالْبَيْهَقِيّ.
(٨) زِيَادَة عَن الْأُم، نقطع: بِأَنَّهَا سَقَطت من النَّاسِخ وَقد ذكر الْجُزْء الأول مِنْهَا فى رِوَايَة الطَّبَرِيّ وَالْبَيْهَقِيّ.
«وَالْحُجَّةُ فِيمَا وَصَفْتُ-: مِنْ أَنْ يَسْتَحْلِفَ النَّاسُ: فِيمَا بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ، وَعَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَبَعْدَ الْعَصْرِ.-: قَوْلُهُ «٢» تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ، فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ: ٥- ١٠٦) وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: [هِيَ «٣» ] صَلَاةُ الْعَصْرِ «٤».». ثُمَّ ذَكَرَ. شَهَادَةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَغَيْرَهَا «٥».
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «لقَوْله» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٣) زِيَادَة حَسَنَة عَن الْأُم.
(٤) كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فى قصَّة الْوَصِيَّة. انْظُر السّنَن الْكُبْرَى، ومعالم السّنَن (ج ٤ ص ١٧١). وراجع فى السّنَن الْكُبْرَى، وَالْفَتْح (ج ٥ ص ١٨٠) حَدِيث أَبى هُرَيْرَة: فى ذَلِك. وراجع الْمذَاهب فى تَفْسِيرهَا: فى النَّاسِخ والمنسوخ للنحاس (ص ١٣٤- ١٣٥)، وَتَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ٦ ص ٣٥٣).
(٥) حَيْثُ ذكر آيتي النُّور: (٥- ٦) ثمَّ قَالَ: «فاستدللنا: بِكِتَاب الله (عز وَجل) على تَأْكِيد الْيَمين على الْحَالِف: فى الْوَقْت الَّذِي تعظم فِيهِ الْيَمين بعد الصَّلَاة وعَلى الْحَالِف فِي اللّعان: بتكرير الْيَمين، وَقَوله: (أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ). وَسنة رَسُول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فى الدَّم: بِخَمْسِينَ يَمِينا وبسنة رَسُول الله: بِالْيَمِينِ عَليّ الْمِنْبَر، وَفعل أَصْحَابه، وَأهل الْعلم ببلدنا». ثمَّ ذكر: من السّنة والْآثَار مَا يدل عَليّ ذَلِك. ورد على من خَالفه: فى مَسْأَلَة الْيَمين على الْمِنْبَر. فراجع كَلَامه (ص ٣٣- ٣٤). وَانْظُر كَلَامه (ص ١٨٣)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ص ١٧٦- ١٧٨)، والمختصر. وراجع الْفَتْح (ج ٥ ص ١٨٠- ١٨١)، وَشرح الْمُوَطَّأ (ج ٤ ص ٤).
«وَإِنَّمَا مَعْنَى (شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ) : أَيْمَانُ بَيْنِكُمْ «٣» كَمَا «٤» سُمِّيَتْ أَيْمَانُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ: شَهَادَةً، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.».
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، إلَى أَنْ قَالَ: «وَلَيْسَ فِي هَذَا: رَدُّ الْيَمِينِ، إنَّمَا كَانَتْ يَمِينُ الدَّارِيَيْنِ: عَلَى مَا ادَّعَى «٥» الْوَرَثَةُ: مِنْ الْخِيَانَةِ وَيَمِينُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ: عَلَى مَا ادَّعَى الدَّارِيَانِ: أَنَّهُ «٦» صَارَ لَهُمَا مِنْ قِبَلِهِ «٧».»
«وَقَوْلُهُ «٨» عَزَّ وَجَلَّ: (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ: ٥- ١٠٨)،
(٢) قَالَ فى الْأُم- بعد ذَلِك-: «وَإِن كَانَ لم يُوضح بعضه: لِأَن الرجلَيْن-:
اللَّذين كشاهدى الْوَصِيَّة.- كَانَا أمينى الْمَيِّت فَيُشبه أَن يكون: إِذا كَانَ شَاهِدَانِ-: مِنْكُم، أَو من غَيْركُمْ.-: أمينين على مَا شَهدا عَلَيْهِ، فَطلب وَرَثَة الْمَيِّت أيمانهما: أحلفا بِأَنَّهُمَا أمينان، لَا: فى معنى الشُّهُود.». ثمَّ ذكر اعتراضا أجَاب عَنهُ بِمَا سيأتى: مَعَ تَقْدِيم زِيَادَة سننبه عَلَيْهَا.
(٣) وَهَذَا: مَذْهَب الْكَرَابِيسِي والطبري والقفال. رَاجع أدلهم وَمَا ورد عَلَيْهِم:
فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ، والقرطبي (ص ٣٤٨) وَالْفَتْح (ص ٢٦٩).
(٤) هَذَا إِلَى قَوْله: شَهَادَة مُتَقَدم فى عبارَة الْأُم وَذكر فِيهَا عقب قَوْله بَيْنكُم:
«إِذا كَانَ هَذَا الْمَعْنى». وَذكر هَذِه الزِّيَادَة فى السّنَن الْكُبْرَى، مَعَ أول الْكَلَام هُنَا. وراجع فى مَنَاقِب ابْن أَبى حَاتِم (ص ١٠٢) مَا رَوَاهُ يُونُس عَن الشَّافِعِي.
(٥) عبارَة الْأُم: «على ادِّعَاء».
(٦) عبارَة الْأُم: «مِمَّا وجد فى أَيْدِيهِمَا، وأقرا: أَنه للْمَيت، وَأَنه» إِلَخ.
(٧) فى الْأُم بعد ذَلِك: «وَإِنَّمَا أجزنا رد الْيَمين، من غير هَذِه الْآيَة». وراجع كَلَامه عَن هَذَا، ورده على من خَالفه: فى الْأُم (ج ٧ ص ٣٤- ٣٦ و٢١٧) فَهُوَ مُنْقَطع النظير. وَانْظُر الْأُم (ج ٦ ص ٧٨- ٧٩)، والمختصر (ج ٥ ص ٢٥٥- ٢٥٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ١٨٢- ١٨٤).
(٨) عبارَة الْأُم: «فَإِن قَالَ قَائِل: فَإِن الله. يَقُول: (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ... ).
فَذَلِك» إِلَخ.
فَجَازَ: أَنْ يُقَالَ: (أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) :[تُثَنَّى «١» عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ.
بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إنْ صَارَتْ لَهُمْ الْأَيْمَانُ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ حَلَفَ لَهُمْ]. وَذَلِكَ قَوْلُهُ «٢» - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ-: (يَقُومانِ مَقامَهُما). فَيَحْلِفَانِ «٣» كَمَا أُحْلِفَا.»
«وَإِذَا كَانَ هَذَا كَمَا وَصَفْتُ: فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: نَاسِخَةً «٤»، وَلَا مَنْسُوخَةً «٥».».
قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «٦»، مَا دَلَّ: عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ «٧».
(٢) فى الْأُم: «قَول لله».
(٣) فى الْأُم: بِدُونِ الْفَاء. وَانْظُر الْمُخْتَار.
(٤) فى الْأُم: «بناسخة». [.....]
(٥) فى الْأُم زِيَادَة: «لأمر الله (عز وَجل) : بإشهاد ذوى عدل مِنْكُم، وَمن نرضى من الشُّهَدَاء.». قَالَ الْخطابِيّ: «وَالْآيَة: محكمَة لم تنسخ فى قَول عَائِشَة، وَالْحسن، وَعَمْرو بن شُرَحْبِيل. وَقَالُوا: الْمَائِدَة آخر مَا نزل-: من الْقُرْآن.-: لم ينْسَخ مِنْهَا شىء.»
وَلم يرتض فى آخر كَلَامه (ص ١٧٣) القَوْل بالنسخ. وَانْظُر تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ص ٣٥٠) وَالْفَتْح (ص ٢٦٨- ٢٦٩).
(٦) أَي: (فى السّنَن الْكُبْرَى ص ١٦٥). وَكَذَلِكَ: رَوَاهُ عَنهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّار قطنى (على مَا فى تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ: ص ٣٤٦) والطبري (ص ٧٥)، والنحاس (ص ١٣٣)، والواحدي فى أَسبَاب النُّزُول (ص ١٥٩).
(٧) قَالَ فى السّنَن الْكُبْرَى- بعد أَن ذكر نَحْو ذَلِك-: «إِلَّا أَنه لم يحفظ فِيهِ دَعْوَى تَمِيم وعدى: أَنَّهُمَا اشترياه وَحفظه مقَاتل».
مِنْ الْخِيَانَةِ. ثُمَّ قَالَ: (أَوْ «٣» آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) يَعْنِي: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِينَ:
مِنْكُمْ بَيِّنَةٌ-: فَآخَرَانِ: مِنْ غَيْرِكُمْ يَعْنِي: فَالدَّارِيَّانِ-. اللَّذَانِ اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا.- يُحْبَسَانِ مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ. (فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ) يَعْنِي. يَحْلِفَانِ عَلَى إنْكَارِ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا حَكَاهُ مُقَاتِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «٤».
(٢) فى الأَصْل زِيَادَة: «ان» وهى من النَّاسِخ.
(٣) فى الأَصْل: بِالْوَاو فَقَط وَالنَّقْص من النَّاسِخ.
(٤) وَذكر الْخطابِيّ: أَن بعض من قَالَ: بِعَدَمِ النّسخ، وبعدم جَوَاز شَهَادَة الذِّمِّيّ مُطلقًا ذهب: إِلَى أَن المُرَاد بِالشَّهَادَةِ- فى الْآيَة-: الْوَصِيَّة «لِأَن نزُول الْآيَة إِنَّمَا كَانَ: فى الْوَصِيَّة وَتَمِيم وعدى إِنَّمَا كَانَا: وصيين لَا: شَاهِدين وَالشُّهُود لَا يحلفُونَ وَقد حلفهما رَسُول الله. وَإِنَّمَا عبر بِالشَّهَادَةِ: عَن الْأَمَانَة الَّتِي تجملاها وَهُوَ معنى قَوْله:
(وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ) أَي: أَمَانَة الله. وَقَوله: (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) مَعْنَاهُ: من غير قبيلتكم وَذَلِكَ: أَن الْغَالِب فى الْوَصِيَّة: أَن الْمُوصى يشْهد: أقرباءه وعشيرتة دون الْأَجَانِب والأباعد.» انْتهى بِبَعْض تصرف واختصار. وَهُوَ مَذْهَب الْحسن وَغَيره كَمَا ذكرنَا (ص ١٤٥). وَقيل: إِن المُرَاد بِالشَّهَادَةِ: الْحُضُور للْوَصِيَّة. انْظُر النَّاسِخ الْمَنْسُوخ للنحاس (ص ١٣٢)، وَتَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ص ٣٤٨). وراجع الطَّبَقَات (ج ٢ ص ٩٣).
مِمَّا «٤» كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ إلَّا كَذَا.»
«وَقَالَ تَعَالَى: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ: حَلالًا طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ: إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ: الْمَيْتَةَ، وَالدَّمَ، وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ: ١٦- ١١٥). وَهَذِهِ الْآيَةُ: فِي مِثْلِ مَعْنَى الْآيَةِ قَبْلَهَا «٥» ».
قَالَ الشَّافِعِيُّ- فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ-: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ، حِلٌّ لَكُمْ: ٥- ٥). فَاحْتَمَلَ ذَلِكَ:
الذَّبَائِحَ، وَمَا سِوَاهَا: مِنْ طَعَامِهِمْ الَّذِي لَمْ نَعْتَقِدْهُ «٦» : مُحَرَّمًا عَلَيْنَا. فَآنِيَتُهُمْ أَوْلَى: أَنْ لَا يَكُونَ فِي النَّفْسِ مِنْهَا، شَيْءٌ: إذَا غُسِلَتْ.».
ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ: فِي إبَاحَةِ طَعَامِهِمْ الَّذِي يَغِيبُونَ عَلَى صَنْعَتِهِ: إذَا لَمْ
(٢) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم
(٣) أَي: بَهِيمَة الْأَنْعَام.
(٤) فى الْأُم: «مَا». وَعبارَة الأَصْل أولى: لِأَن عبارَة الْأُم توهم: أَن الْمَفْعُول مَا بعد «إِلَّا» مَعَ أَنه ضمير مَحْذُوف عَائِد إِلَى «مَا» وَالتَّقْدِير: «تأكلونه».
وَهَذَا القَوْل هُوَ مَا ذكره عَن بعض أهل الْعلم وَالتَّفْسِير، فِيمَا سبق (ص ٨٨).
(٥) يحسن فى هَذَا الْمقَام: أَن تراجع فى الْفَتْح (ج ٨ ص ١٩١)، مَا روى عَن ابْن عَبَّاس: فى سَبَب نزُول قَوْله تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ: ٥- ٨٧).
(٦) فى الأَصْل كلمة غير بَيِّنَة وهى: «معصب» وَالظَّاهِر أَنَّهَا محرفة عَمَّا ذكرنَا، أَو عَن: «نظنه».