ﰡ
مدنية وآياتها إحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)شرح الكلمات:
يسبح لله ما في السموات: أي ينزه الله تعالى عما لا يليق به ما في السموات وما في الأرض من سائر
وما في الأرض الكائنات بلسان القال والحال، ولم يقل (من) بدل (ما) تغليباً لغير العاقل لكثرته على العاقل.
في الأميين: أي العرب لندرة من كان يقرأ منهم ويكتب.
رسولاً منهم: أي محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ هو عربي قرشي هاشمي.
ويزكيهم: أي يطهرهم أرواحاً وأخلاقاً.
ويعلمهم الكتاب والحكمة: أي هدى الكتاب وأسرار هدايته.
وإن كانوا من قبل لفي ضلال: أي وإن كانوا من قبل بعثة الرسول في ضلال الشرك والجاهلية.
مبين
وآخرين منهم لما يلحقوا بهم: أي وآخرين مؤمنين صالحين لما يلحقوا أي لم يحضروا حياة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يعلم الكتاب والحكمة، وسيلحقون بهم وهم
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء: أي كون الصحابة حازوا فضل السبق هذا فضل يؤتيه من يشاء فلا اعتراض ولكن الرضا وسؤال الله من فضله فإنه ذو فضل عظيم.
معنى الآيات:
قوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ يخبر تعالى عن نفسه أنه يسبحه بمعنى ينزهه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله من سائر مظاهر العجز والنقص ويقدسه كذلك وذلك بلسان القال والحال وهذا كقوله من سورة الإسراء وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم. ومع هذا شرع لنا ذكره وتسبيحه وتعبدنا به، وجعله عونا لنا على تحمل المشاق واجتياز الصعاب فكم أرشد رسوله له في مثل قوله: سبح اسم ربك، وسبحه بكرة وأصيلا، وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً. وواعد على لسانه رسوله بالجزاء العظيم على التسبيح في مثل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر" ورغب فيه مثل قوله: "كلمتان ثقيلتان في الميزان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم".
وقوله ﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ﴾ أي المالك الحاكم المتصرف في سائر خلقه لا حكم إلا له. ومرد الأمور كلها إليه المنزه عن كل ما لا يليق بجماله وكماله من سائر النقائص والحوادث.
وقوله تعالى ﴿وهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ أي كل خلقه ينزهه ويقدسه وهو العزيز الغالب على أمره الذي لا يحال بينه وبين مراده الحكيم في صنعه وتدبيره لأوليائه وفي ملكه وملكوته. وقوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي١ بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ٢﴾ أي بعث في الأمة العربية الأمية رسولا منهم وهو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ هو عربي قرشي هاشمي معروف النسب الي جده الأعلى عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل.
وقوله: ﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ أي آيات الله التي تضمنها كتابه القرآن الكريم وذلك لهدايتهم وإصلاحهم، وقوله ويزكيهم أي ويطهرهم أرواحاً وأخلاقاً وأجساماً من كل ما يدنس الجسم
(رسولاً منهم) قال ابن اسحق: ما من حي من أحياء العرب إلا ولرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم قرابة وقد ولدوه إلا حي تغلب فإن الله تعالى طهر نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم لنصرانيتهم، فلم يجعل لهم عليه ولادة.
وقوله تعالى: وآخرين ٢منهم لما يلحقوا بهم أي وآخرين من العرب والعجم جاءوا من بعدهم وهم التابعون وتابعوا التابعين٣ إلى يوم القيامة آمنوا وتعلموا الكتاب والحكمة التي ورثها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهم لما يلحقوا بهم في الفضل لأنهم فازوا بالسبق إلى الإيمان وبصحبة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير التوحيد.
٢- تقرير النبوة المحمدية.
٣- بيان فضل الصحابة على غيرهم.
٤- شرف الإيمان والمتابعة للرسول وأصحابه رضي الله عنهم.
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ
٢ روى مسلم عن أبي هريرة قال: كنا جلوساً عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً قال: وفينا سلمان الفارسي قال فوضع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على سلمان ثم قال: "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء" نعم فقد دخلت فارس في الإسلام بعد الفتح العمري وآمن رجال فوفوا وكانوا من أفاضل الرجال وصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أن الحزب الوطني الذي تكون في الظلام للانتقام من الإسلام فعل العجب في إفساد أمة الإسلام ومن ذلك ضرب الأمة بالمذهب الرافضي الذي فرق المسلمين ودمرهم أيما تدمير.
٣ من العرب وغيرهم من سائر العجم كبعض الفرس والروم والبربر والسودان والترك والمغول والأكراد والصين والهنود وغيرهم وفي هذا معجزة قرآنية إذ صدق قوله {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) وقد لحقوا فآمنوا وتعلموا وزكوا.
شرح الكلمات:
حملوا التوراة: أي كلفوا بالعمل بها عقائد وعبادات وقضاء وآداباً وأخلاقاً.
ثم لم يحملوها: أي لم يعملوا بما فيها، ومن ذلك نعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمر بالإيمان فجحدوا نعته وحرفوه ولم يؤمنوا به وحاربوه.
بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله: أي المصدقة للنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا المثل الذي ضربه الله لليهود هو كمثل الحمار يحمل أسفاراً أي كتباً من العلم وهو لا يدري ما فيها.
قل يا أيها الذين هادوا: أي اليهود المتدينون باليهودية.
إن زعمتم أنكم أولياء لله من: أي وأنكم أبناء الله وأحباؤه وأن الجنة خاصة بكم.
دون الناس
فتمنوا الموت إن كنتم صادقين: أي إن كنتم صادقين في أنكم أولياء الله فتمنوا الموت مؤثرين الآخرة على الدنيا ومبدأ الآخرة الموت فتمنوه إذاً.
بما قدمت أيديهم: أي بسبب ما قدموه من الكفر والتكذيب بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يتمنون.
والله عليم بالظالمين: أي المشركين ولازم علمه بهم أنه يجزيهم بظلمهم العذاب الأليم.
تفرون منه: أي لأنكم لا تتمنونه أبداً وذلك عين الفرار منه.
فإنه ملاقيكم: أي حيثما اتجهتم فإنه ملاقيكم وجهاً لوجه.
ثم تردون إلى عالم الغيب: أي إلى الله تعالى يوم القيامة.
والشهادة
قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ﴾ أي كلفوا بالعمل بها من اليهود والنصارى ثم لم يحملوها أي ثم لم يعملوا بما فيها من أحكام وشرائع ومن ذلك جحدهم لنعوت النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمر بالإيمان به واتباعه عند ظهوره. وقوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً١﴾ أي كمثل حمار يحمل على ظهره أسفاراً من كتب العلم النافع وهو لا يعقل ما يحمل ولا يدري ماذا على ظهره من الخير، وذلك لأنه لا يقرأ ولا يفهم٢. وقوله تعالى ﴿بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ﴾ أي المصدقة للنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا المثل الذي ضربه تعالى لأهل الكتاب من يهود ونصارى. وقوله والله لا يهدي القوم الظالمين، ولهذا ما هداهم إلى الإسلام. لتوغلهم في الظلم والكفر والشر والفساد لم يكونوا أهلاً لهداية الله تعالى.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا﴾ أي قل يا رسولنا يا أيها الذين هادوا أي يا من هم يدعون أنهم على الملة اليهودية، إن زعمتم أنكم أولياء الله من دون الناس حيث ادعيتم أنكم أبناء الله وأحباؤه، وأن الجنة لكم دون غيركم إلى غير ذلك من دعاويكم فتمنوا الموت إن٣ كنتم صادقين في دعاويكم إذ الموت طريق الدار الآخرة فتمنوه لتموتوا فتستريحوا من كروب الدنيا وأتعابها.
وقوله تعالى: ﴿وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً﴾ أخبر تعالى وهو العليم أنهم لا يتمنونه في يوم من الأيام أبداً، وبين تعالى علة ذلك بقوله: بما قدمت أيديهم من الذنوب والآثام الموجبة للعذاب. وقوله ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ أي من أمثال هؤلاء اليهود وسيجزيهم بظلمهم عذاب الجحيم. وقوله تعالى ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ٤﴾ أي قل لهم يا رسولنا إن الموت الذي تفرون منه ولا تتمنونه فراراً وخوفاً
٢ أنشد بعضهم عائباً بعض من يحمل رواية الحديث وهو لا يفهم المراد منها:
إن الرواة على جهل بما حملوا
مثل الجمال عليها يحمل الودع
لا الودع ينفعه حمل الجمال له
ولا الجمال بحمل الودع تنتفع
الودع والواحدة ودعة مناقيف صغار تخرج من قاع البحر.
٣ الأمر في قوله تعالى: (فتمنوا الموت) للتعجيز فلذا لم يفعلوا ولو فعلوا لما بقيت فيهم عين تطرف؛ لأنهم كاذبون.
٤ جملة (الذي تفرون منه) صفة للموت، وفيه إشارة إلى خطإهم في الهلع والخوف من الموت ولا تعارض بين هذه الآية وهي تدعو إلى تمني الموت، وبين النهي عنه في الحديث الصحيح: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به" لأن طلب التمني من اليهود كان لتحديهم، والنهي عن تمني الموت كان بسبب الجزع من الضر حيث يجب الصبر لما في المرض من تكفير الذنوب، وفي الحديث: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" وهذا الحديث يفسر ما تقدم فإن العبد الصالح إذا كان في سياقات الموت يحب الموت للقاء الله تعالى، والعبد غير الصالح يكره لقاء الله كراهية اليهود لما يعلم من ذنوبه وعظيم آثامه فهو يخاف الموت لذلك.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- ذم من يحفظ كتاب الله ولم يعمل بما فيه.
٢- التنديد بالظلم والظالمين.
٣- بيان كذب اليهود وتدجيلهم في أنهم أولياء الله وأن الجنة خالصة لهم.
٤- بيان أن ذوي الجرائم أكثر الناس خوفاً من الموت وفراراً منه.
يَا َيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)
شرح الكلمات:
إذا نودي للصلاة: أي إذا أذن المؤذن لها عند جلوس الإمام على المنبر.
من يوم الجمعة: أي في يوم الجمعة وذلك بعد الزوال.
فاسعوا إلى ذكر الله: أي امضوا إلى الصلاة.
وذروا البيع: أي اتركوه، وإذا لم يكن بيع لم يكن شراء.
وكفى بالموت فاعلم واعظاً
لمن الموت عليه قد قدر
فذكر الموت وحاذر تركه
إن في الموت لذي اللب عبر
كل شيء سوف يلقى حتفه
في مقام أو على ظهر سفر
والمنايا حوله ترصده
ليس ينجيه من الموت حذر
وقال زهير:
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
ولو رام أسباب السماء بسلم
تفلحون: أي تنجون من النار وتدخلون الجنة.
انفضوا إليها: أي إلى التجارة.
وتركوك قائماً: أي على المنبر تخطب يوم الجمعة.
ما عند الله خير من اللهو ومن: أي ما عند الله من الثواب في الدار الآخرة خير من اللهو ومن التجارة.
التجارة
والله خير الرازقين: أي فاطلبوا الرزق منه بطاعة وإتباع هداه.
معنى الآيات:
قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي يا من صدقتم الله ورسوله ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ ١الْجُمُعَةِ٢﴾ أي إذا أذن المؤذن بعد زوال يوم الجمعة وجلس الإمام على المنبر ﴿فَاسَعَوْا٣ إِلَى ذِكْرِ٤ اللهِ﴾ أي امضوا إلى ذكر الله الذي هو الصلاة والخطبة إذ بهما يذكر الله تعالى. وقوله ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ٥﴾ إذ هو الغالب من أعمال الناس، وإلا فسائر الأعمال يجب إيقافها والمضي إلى الصلاة.
وقوله ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ أي ترك الأعمال من بيع وشراء وغيرها والمضي إلى أداء صلاة الجمعة وسماع الخطبة خير ثوابا وعاقبة.
وقوله تعالى ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ﴾ أي أديت وفرغ منها فانتشروا في الأرض أي لكم بعد انقضاء الصلاة أن تتفرقوا حيث شئتم في أعمال الدين والدنيا. تبتغون فضل الله، ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً﴾ أي أثناء تفرقكم وانتشاركم في أعمالكم اذكروا الله ولا تنسوه واذكروه ذكراً كثيراً لعلكم تفلحون أي رجاء فلاحكم وفوزكم في دنياكم وآخرتكم.
٢ لفظ الجمعة: بضم كل من الجيم والميم، وبتسكين الميم، والجمع: جمع كغرفة وغرف وجمعات كغرفات وكان يومها يسمى العروبة بفتح العين وقيل أول من سماها الجمعة كعب بن لؤي وقيل: الأنصار، وأول جمعة صليت في الإسلام هي الجمعة التي جمع فيها أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير أهل المدينة وصلوها زكانوا اثني عشر رجلا: وأول جمعة صلاها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة هي جمعته في بني سالم بن عوف وهو في طريقه من قباء إلى المدينة، وأول جمعة بعدها كانت بجواثي: قرية من قرى البحرين.
٣ ليس المراد بالسعي الجري واشتداد العدو وإنما هو المشي والمضي لحديث صحيح: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ولكن أئتوها وعليكم السكينة" ومن إطلاق السعي والمراد المضي والعمل لا غير قول الشاعر:
أسعي على جل بني مالك
كل امرئ في شأنه ساعي
وفي القرآن: ﴿ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها﴾.
٤ ذكر الله: الصلاة والخطبة قبلها.
٥ لا خلاف في حرمة البيع والشراء عند الأذان الثاني.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- وجوب صلاة الجمعة ووجوب١ المضي إليها عند النداء الثاني الذي يكون والإمام على المنبر.
٢- حرمة البيع والشراء وسائر العقود إذا شرع المؤذن يؤذن الأذان الثاني.
٣- الترغيب في ذكر الله تعالى والإكثار منه والمرء يبيع ويشتري ويعمل ويصنع ولسانه ذاكر.
٤- ينبغي أن لا يقل المصلون الذين تصح صلاة الجمعة بهم عن اثني عشر رجلاً أخذاً من حادثة انفضاض الناس عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يخطب إلى القافلة حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً.