ﰡ
١٨٤ - قال الله تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن جابر بن عبد اللَّه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: أقبلت عِيرٌ يوم الجمعة، ونحن مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فثار الناس إلا اثني عشر رجلاً فأنزل اللَّه: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد ذكر جمهور المفسرين هذا الحديث سببًا لها كالطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسعدي وابن عاشور.
قال ابن كثير: (يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذٍ فقال تعالى: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا) أي على المنبر تخطب هكذا ذكره غير واحد من التابعين منهم أبو العالية والحسن وزيد بن أسلم وقتادة، وزعم مقاتل بن حيان أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم، وكان معها طبل فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قائماً على المنبر إلا القليل منهم وقد صح بذلك الخبر). اهـ.
وقال السعدي: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا) أي: خرجوا من المسجد حرصاً على ذلك اللهو وتلك التجارة، وتركوا الخير وتركوك قائماً تخطب الناس وذلك في يوم الجمعة، بينما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب الناس إذ قدم المدينة عير تحمل تجارة، فلما سمع الناس بها وهم في المسجد انفضوا من المسجد وتركوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب استعجالاً لما لا ينبغي أن يستعجل له وترك أدب) اهـ.
وقال ابن حجر: (قوله: (فنزلت هذه الآية): ظاهر فى أنها نزلت بسب قدوم العير المذكورة) اهـ.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا سبب نزول الآية الكريمة لصحة سنده، وتصريحه بالنزول، وموافقته لسياق القرآن، وإجماع المفسرين عليه. والله أعلم.