تفسير سورة الفاتحة

جهود الإمام الغزالي في التفسير
تفسير سورة سورة الفاتحة من كتاب جهود الإمام الغزالي في التفسير .
لمؤلفه أبو حامد الغزالي . المتوفي سنة 505 هـ
١- التعوذ ( م )١ بعده٢، من غير جهر، مستحب٣. [ الوجيز في فقه الإمام الشافعي : ٤٢ ].
سورة الفاتحة٤
٢- إن هذه السورة، فاتحة الكتاب ومفتاح الجنة، وإنما كانت مفتاحا لأن أبواب الجنة ثمانية، ومعاني الفاتحة ترجع إلى ثمانية، فاعلم قطعا أن كل قسم منها مفتاح باب من أبواب الجنة، تشهد به الأخبار. فإن كنت لا تصادف في قلبك الإيمان والتصديق به، وطلبت فيه المناسبة فدع عنك ما فهمته من ظاهر الجنة، فلا يخف عليك أن كل قسم يفتح باب بستان من بساتين المعرفة، كما أشرنا إليها في آثار رحمة الله تعالى وعجائب صنعه وغيرها٥. [ جواهر القرآن ودرره : ٥٦ ].
٣- قال صلى الله عليه وسلم :( فاتحة الكتاب أفضل القرآن )٦. [ نفسه : ٤٨ ].
٤- السر في هذا التخصيص أن الجامع بين فنون الفضل وأنواعها الكثيرة يسمى فاضلا، فالذي يجمع أنواعا أكثر يسمى أفضل، فإن الفضل هو الزيادة، فالأفضل هو الأزيد، وأما السؤدد : فهو عبارة عن رسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويأبى التبعية، وإذا راجعت المعاني التي ذكرناها في السورتين٧ علمت أن الفاتحة تتضمن التنبيه على معاني كثيرة ومعان مختلفة، فكانت أفضل. [ نفسه : ٦٤ ].
١ - قال الإمام الغزالي في مقدمة الوجيز: "اكتفيت عن نقل المذاهب والوجوه البعيدة بنقل الظاهر من مذهب الإمام الشافعي المطلبي رحمه الله، ثم عرفتك مذهب مالك وأبي حنيفة والمزني والوجوه البعيدة للأصحاب بالعلامات والرقوم المرسومة بالحمرة فوق الكلمات.
فالميم علامة مالك، والحاء علامة أبي حنيفة، والزاي علامة المزني، فأستدل بإثبات هذه العلامات على مخالفتهم في تلك المسائل، وبالواو بالحمرة فوق الكلمة على وجه أو قول بعيد مخرج للأصحاب.. كل ذلك حذرا من الإطناب وتنحية للقشر عن اللباب". ص: ٣-٤.
هذا، وقد استبدل طابع كتاب الوجيز بالعلامات الحمراء رسم كل من الميم والحاء والزاي والواو بين قوسين بعد الكلمة لا فوقها..

٢ - أي بعد التكبير للإحرام..
٣ - قال القرطبي: "أبو حنيفة والشافعي يتعوذان في الركعة الأولى من الصلاة، ويريان قراءة الصلاة كلها كقراءة واحدة، ومالك لا يرى التعوذ في الصلاة المفروضة، ويراه في قيام رمضان". الجامع لأحكام القرآن: ١/٨٦..
٤ - قال العلامة مرتضي الزبيدي في كتابه "الإتحاف" عند حديثه عن الشعر المنسوب إلى الغزالي قال: "ومما ينسب إليه هذه الأبيات في أسرار الفاتحة رحمة الله عليه.
إذا ما كنت ملتمسا لرزق *** ونيل القصد من عبد وحر
وتظفر بالذي ترجو سريعا *** وتأمن من مخالفة وغدر
ففاتحة الكتاب فإن فيهــا *** لما أملت سرا أي سر
فالزم ذكرها عقبى مساء *** وفي صبح وفي ظهر وعصر
وتمسي قارئا في كل ليل *** إلى التسعين تتبعها بعشر
تنل ما شئت من عز وجاه *** وعظم مهابة وعلو قدر
وستر لا تغيره الليالــي *** بحادثة من النقصان تجري
وتوقير وأفراح دوامــا *** وتأمن من مخاوف كل شر
ومن عري وجوع وانقطاع *** ومن بطش لذي نهي وأمر.
ن. الإتحاف: ١/٣٤..

٥ - ن: تفسير قوله تعالى: ﴿الرحمان الرحيم﴾ من سورة الفاتحة ص: ١٠..
٦ - روى ابن حبان في صحيحه عن أنس بن مالك قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرة فنزل فمشى رجل من أصحابه إلى جانبه، فالتفت إليه فقال: [[ألا أخبرك بأفضل القرآن]] قال: فتلا عليه: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ ن. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان٢/٧٤-٧٥ باب قراءة القرآن حديث رقم ٧٧١..
٧ - أي سورة الفاتحة وآية الكرسي. ن جواهر القرآن: ٦٤..
﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾
- ٥آية [ ح. م ]١ منها٢، وهي آية من كل سورة، إما مع الآية الأولى أو مستقلة بنفسها على أحد القولين. [ الوجيز في فقه الإمام الشافعي : ٤٢ ].
٦- عندنا : آية من كل سورة كتبت فيها، ولكنها آية مستقلة أم هي مع أول سورة آية ؟ في قولان، وذكر الصيدلاني٣ القولين في أنه هل هي من القرآن في أول سورة – سورة الفاتحة - ؟ والمشهور هو الأول. [ الوسيط في المذهب : ٢/ ٦١٠ ].
٧ - وميل الشافعي رحمه الله إلى أنها آية من كل سورة، " الحمد " وسائر السور. لكنها في أول كل سورة آية برأسها، أو هي مع أول آية في سائر السور آية ؟ هذا مما نقل عن الشافعي رحمه الله فيه تردد، وهذا أصح من قول من حمل تردد قول الشافعي على أنها هل هي من القرآن في أول كل سورة ؟ بل الذي يصح أنها حيث كتبت مع القرآن بخط القرآن فهي من القرآن.
فإن قيل : القرآن لا يثبت إلا بطريق قاطع متواتر، فإن كان هذا قاطعا فكيف اختلفوا فيه ؟ وإن كان مظنونا فكيف يثبت القرآن بالظن، ولو جاز هذا لجاز إيجاب التتابع في صوم كفارة اليمين لقول ابن مسعود، ولجاز للروافض٤ أن يقولوا : قد ثبتت إمامة علي رضي الله عنه بنص القرآن، ونزلت فيه آيات أخفاها الصحابة بالتعصب، وإنما طريقنا في الرد عليهم أنا نقول :
نزل القرآن معجزة للرسول عليه السلام، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإظهاره مع قوم تقوم الحجة بقولهم، وهم أهل التواتر، فلا يظن بهم التطابق على الإخفاء ولا مناجاة الآحاد به حتى لا يتحدث أحد بالإنكار، فكانوا يبالغون في حفظ القرآن حتى كانوا يضايقون في الحروف ويمنعون من كتبة٥ أسامي الصور مع القرآن، ومن التعاشير٦ والنقط كيلا يختلط بالقرآن غيره، فالعادة تحيل الإخفاء.
فيجب أن يكون طريق ثبوت القرآن القطع، وعن هذا المعنى قطع القاضي٧ رحمه الله بخطإ من جعل البسملة من القرآن إلا في سورة " النمل "، فقال : لو كانت من القرآن لوجب على رسول الله عليه السلام أن يبين أنها من القرآن بيانا قاطعا للشك والاحتمال. إلا أنه قال : أخطئ القائل به ولأكفره لأن نفيها من القرآن لم يثبت أيضا بنص صريح متواتر، فصاحبه مخطئ، وليس بكافر. واعترف بأن البسملة منزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أول كل سورة، وأنها كتبت مع القرآن بخط القرآن بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم سورة وابتداء أخرى حتى ينزل عليه جبريل ببسم الله الرحمان الرحيم " ٨.
لكنه لا يستحيل أن ينزل عليه ما ليس بقرآن وأنكر قول من نسب عثمان رضي الله عنه إلى البدعة في كتبه :﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾ في أول كل سورة، وقال : لو أبدع لاستحال في العادة سكوت أهل الدين عنه، مع تصلبهم في الدين، كيف وقد أنكروا على من أثبت أسامي السور والنقط والتعشير ؟ فما بالهم لم يجيبوا بأنا أبدعنا ذلك كما أبدع عثمان رضي الله عنه كتبة البسملة، لاسيما واسم السور يكتب بخط آخر متميز عن القرآن، والبسملة مكتوبة بخط القرآن متصلة به بحيث لا تتميز عنه، فتحيل العادة السكوت على من يبدعها لولا أنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والجواب أنا نقول : لا وجه لقطع القاضي بتخطئة الشافعي رحمه الله، لأن إلحاق ما ليس بقرآن بالقرآن كفر، كما أنه من أحلق القنوت أو التشهد أو التعوذ بالقرآن فقد كفر، فمن ألحق البسملة لم لا يكفر ؟ ولا سبب له إلا أنه يقال : لم يثبت انتفاؤه من القرآن بنص متواتر. فنقول : لو لم يكن من القرآن لوجب على الرسول صلى الله عليه وسلم التصريح بأنه ليس من القرآن، وإشاعة ذلك على وجه يقطع الشك كما في التعوذ والتشهد. فإن قيل : ما ليس من القرآن لا حصر له حتى ينفي، إنما الذي يجب التنصيص عليه ما هو من القرآن. قلنا : هذا صحيح لو لم تكتب البسملة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القرآن بخط القرآن ولو لم يكن منزلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أول كل سورة، وذلك يوهم قطعا أنه من القرآن، ولا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم مع أول كل سورة، وذلك يوهم قطعا أنه من القرآن، ولا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يعرف كونه موهما ولا جواز السكوت عن نفيه مع توهم إلحاقه.
فإذا القاضي رحمه الله يقول : لو كان من القرآن لقطع الشك بنص متواتر تقوم الحجة به، ونحن نقول : لو لم يكن من القرآن لوجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم التصريح بأنه ليس من القرآن وإشاعته، ولنفاه بنص متواتر بعد أن أمر بكتبه بخط القرآن، إذ لا عذر في السكوت عن قطع هذا التوهم. فأما عدم التصريح بأنه من القرآن، فإنه كان اعتمادا على قرائن الأحوال ؛ إذ كان يملي على الكاتب مع القرآن، وكان الرسول عليه السلام في أثناء إملائه لا يكرر مع كل كلمة وآية أنها من القرآن بل كان جلوسه له، وقرائن أحواله، تدل عليه، وكان يعرف كل ذلك قطعا.
ثم لما كانت البسملة أمر بها في أول كل أمر ذي بال، ووجد ذلك في أوائل السور، ظن قوم أنه كتب على سبيل التبرك، وهذا الظن خطأ، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما : تسرق الشياطين من الناس آية من القرآن. لما ترك بعضهم قراءة البسملة في أول السورة، فقطع بأنها آية ولم ينكر عليه، كما ينكر على من ألحق التعوذ والتشهد بالقرآن. فدل على أن ذلك كان مقطوعا به وحدث الوهم بعده.
فإن قيل : بعد حدوث الوهم والظن صارت " البسملة " اجتهادية وخرجت عن مظنة القطع، فكيف يثبت القرآن بالاجتهاد ؟ ! قلنا : جوز القاضي رحمه الله الخلاف في عدد الآيات ومقاديرها، وأقر بأن ذلك منوط باجتهاد القراء وأنه لم يبين بيانا شافيا قاطعا للشك.
" والبسملة " من القرآن في سورة " النمل "، فهي مقطوع بكونها من القرآن. وإنما الخلاف في أنها من القرآن مرة واحدة أو مرات كما كتبت ؟. فهذا يجوز أن يقع الشك فيه ويعلم بالاجتهاد، لأنه نظر في تعيين موضع الآية بعد كونها مكتوبة بخط القرآن. فهذا جائز وقوعه، والدليل على إمكان الوقوع وأن الاجتهاد قد تطرق إليه أن النافي لم يكفر الملحق، والملحق لم يكفر النافي، بخلاف القنوت والتشهد. فصارت البسملة نظرية، وكتبها بخط القرآن مع القرآن مع صلابة الصحابة وتشددهم في حفظ القرآن عن الزيادة قاطع، أو كالقاطع في أنها من القرآن. فإن قيل : فالمسألة صارت نظرية وخرجت من أن تكون معلومة بالتواتر علما ضروريا فهي قطعية أو ظنية. قلنا الإنصاف أنها ليس قطعية بل هي اجتهادية، ودليل جواز الاجتهاد فيها وقوع الخلاف في زمن الصحابة رضي الله عنهم، حتى قال ابن عباس رضي الله عنهما : تسرق الشياطين من الناس آية. ولم يكفر بإلحاقها بالقرآن ولا أنكر عليه، ونعلم أنه لو نقل الصديق رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " البسملة من سورة " الحمد " وأوائل السور المكتوبة معها "، لقبل ذلك بسبب كونها مكتوبة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو نقل : " أن القنوت من القرآن " لعلم بطلان ذلك بطريق قاطع لا يشك فيه.
وعلى الجملة، إذا أنصفنا وجدنا أنفسنا شاكين في مسألة البسملة قاطعين في مسألة التعوذ والقنوت، وإذا نظرنا في كتبها مع القرآن بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سكوته عن التصريح بنفي كونها من القرآن بعد تحقق سبب الوهم كان ذلك دليلا ظاهرا كالقطع في كونها من القرآن، فدل أن الاجتهاد لا يتطرق إلى أصل القرآن، أما ما هو من القرآن وهو مكتوب بخطه فالاجتهاد فيه يتطرق إلى تعيين موضعه، وأنه من القرآن مرة أو مرات، وقد أوردنا ذلك في كتاب " حقيقة القرآن " ٩ وتأويل ما طعن به على الشافعي رحمه الله في ترديده القول في هذه المسألة.
فإن قيل : قد أوجبتم قراءة البسملة في الصلاة وهو مبني على كونها قرآنا، وكونه قرآنا لا يثبت بالظن، فإن الظن علامة وجوب العمل في المجتهدات، وإلا فهو جهل أي ليس بعلم، فليكن كالتتابع في قراءة ابن مسعود.
قلنا : وردت أخبار صحيحة في وجوب قراءة البسملة وكونها قرآنا متواترا معلوما، وإنما المشكوك فيه، أنها قرآن مرة في سورة " النمل " أو مرات كثيرة في أول كل سورة ؟ فكيف تساوي قراءة ابن مسعود ؟ ولا يثبت بها القرآن ولا هي خبر، وههنا صحت أخبار في وجوب البسملة، وصح التواتر أنها من القرآن.
وعلى الجملة فالفرق بين المسألتين ظاهر.
٨- قوله تعالى :﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾ نبأ عن الذات، وقوله :﴿ الرحمان الرحيم ﴾ نبأ عن صفة من صفات خاصة، وخاصيتها أنها تستدعي سائر الصفات من العلم والقدرة وغيرهما ثم تتعلق بالخلق- وهم المرحومون- تعلقا يؤنسهم به، ويشوقهم إليه ويرغبهم في طاعته، لا كوصف الغضب لو ذكره بدلا عن الرحمة، فإن ذلك يحزن ويخوف ويقبض القلب ولا يشرحه. [ جواهر القرآن ودرره : ٤٩ ]
٩- المراد بالاسم ههنا هو المسمى. [ الإحياء : ١/١٩٧ ].
١ - قال ابن العربي: "اتفق الناس على أنها آية من كتاب الله تعالى في سورة النمل، واختلفوا في كونها في أول كل سورة، فقال مالك وأبو حنيفة: ليست في أوائل السور بآية، وإنما هي استفتاح ليعلم بها مبتدأها. "أحكام القرآن": ١/٥..
٢ -أي من سورة الفاتحة..
٣ - هو الشيخ الفقيه الأديب المسند أبو صادق محمد بن أحمد بن أحمد بن شاذان النيسابوري الصيدلاني، سمع من أبي العباس الأصم وغيره، وحدث عنه البيهقي وغيره، وحدث عنه البيهقي وغيره، توفي سنة ٤١٥هـ. ن. سير أعلام النبلاء: ١٧/٤٠١..
٤ - قوم من الشيعة سموا بذلك لأنهم تركوا زيد بن علي، وكانوا قد ظهروا في زمان علي، وافترقوا بعده إلى أربعة أنصاف: زيدية وإيمامية وكيسائية وغلاة. ن الفرق بين الفرق للبغدادي: ١٥ واللسان (رفض) والقاموس (رفض)..
٥ -الكتبة بالكسر اكتتابك كتابا تنسخه. ن اللسان (كتب)..
٦ - التعاشير: جم تعشير، وهو الزيادة والتمام. ن اللسان (عشر)..
٧ - هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعف الباقلاني أبو بكر: ولد سنة ٣٣٨هـ قاض من كبار علماء التوحيد، انتهت إليه الرياسة في مذهب الأشاعرة، كان جيد الاستنباط سريع الجواب، من كتبه "إعجاز القرآن" و"الإنصاف" (ت: ٤٠٣هـ) ن وفيات الأعيان ١/٦٨١ وتاريخ بغداد ٥/٣٧٩ والوافي بالوفيات ٣/١٧٧..
٨ - أخرجه أبو داود في سننه بلفظ : "كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه: بسم الله الرحمان الرحيم، باب من جهر ببسم الله الرحمان الرحيم ١/٢٠٩ حديث رقم ٧٨٨ ون: تفسير ابن كثير ١/٢٥..
٩ - هذا الكتاب أورده عبد الرحمان بدوي ضمن الكتب المقطوع بصحة نسبتها إلى الغزالي، وأشار إلى أنه كتاب مستقل قائم برأسه بعنوان: "حقيقة القرآن" ن مؤلفات الغزالي لعبد الرحمان بدوي: ٢١٥..
﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾١
١٠- ﴿ الحمد لله ﴾ ومعناه : أن الشكر لله، إذ النعم من الله. ومن يرى من غير الله نعمة أو يقصد غير الله سبحانه بشكر- لا من حيث إنه مسخر من الله عز وجل- ففي تسميته وتحميده نقصان بقدر التفاته إلى غير الله تعالى. [ نفسه : ١/١٩٧ ].
١١- وهي مشتملة على إثبات ضروب الكمال لذاته وصفاته سبحانه وتعالى، فما كان من أسماءه متضمنا الإثبات كالعليم والقدير والسميع والبصير فهو مندرج تحتها، فنفينا بسبحان الله كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه، وأثبتنا بالحمد لله كل كمال عرفناه، وكل جلال أدركناه، وراء ما نفيناه وأثبتناه شأن عظيم، قد غاب عنا وجهلناه، فنحققه من جهة الإجمال بقولنا الله أكبر. [ روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم٢ ص : ٦٦-٦٧ ].
١٢- لو أدرجت الباقيات الصالحات٢ في كلمة على سبيل الإجمال وهي :﴿ الحمد لله ﴾ لاندرجت فيها، كما قال السيد الجليل والإمام الحفيل٣ علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " لو شئت أن أوقر بعيرا من قول ﴿ الحمد لله ﴾ لفعلت " فإن ﴿ الحمد لله ﴾ : هو الثناء، والثناء يكون بإثبات الكمال تارة وسلب النقص أخرى، وتارة بالاعتراف بالعجز عن إدراك الإدراك، وتارة بإثبات التفرد بالكمال، والتفرد والكمال من أعلى مراتب المدح والكمال. [ نفسه : ٦٧-٦٨ ].
وقد اشتملت هذه الكلمة على ما ذكرناه في الباقيات الصالحات لأن الألف واللام فيها لاستغراق جنس المدح، والحمد ما علمناه وجهلناه، ولا خروج للمدح عن شيء مما ذكرناه، ولا يستحق الإلهية إلا من اتصف بجميع ما ذكرناه، ولا يخرج عن هذا الاعتقاد ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا أحد من أهل الملك، إلا من خذله الله واتبع هواه وكان أمره فرطا، وعصا مولاه أولائك قوم قد غمرهم ذل الحجاب وطردوا عن الباب، وأبعدوا عن ذلك الجناب، وحق لمن حجب في الدنيا عن إجلاله ومعرفته أن يحجب في الآخرة عن إكرامه ورؤيته.
١٣- وقوله :﴿ الحمد لله رب العالمين ﴾ يشتمل على شيئين :
أحدهما : أصل الحمد وهو الشكر، وذلك أول الصراط المستقيم، وكأنه شطره. فإن الإيمان العملي نصفان : نصف صبر، ونصف شكر، كما تعرف حقيقية ذلك إن أردت معرفة ذلك باليقين من كتاب " إحياء علوم الدين "، لاسيما من كتاب " الشكر " و " الصبر " منه٤. وفضل الشكر على الصبر، كفضل الرحمة على الغضب، فإن هذا يصدر عن الارتياح وهزة الشوق وروح المحبة، وأما الصبر على قضاء الله فيصدر عن الخوف والرهبة، ولا يخلو عن الكرب والضيق. وسلوك الصراط المستقيم إلى الله تعالى بطريق المحبة وأعمالها أفضل كثيرا من سلوك طريق الخوف، وإنما يعلم سر ذلك من كتاب " المحبة والشوق " ٥ من جملة كتاب " الإحياء " ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول ما يدعى إلى الجنة الحمادون لله على كل حال " ٦.
والثاني : قوله تعالى :﴿ رب العالمين ﴾ إشارة إلى الأفعال كلها، وإضافتها إليها بأوجز لفظ وأئمة إحاطة بأصناف الأفعال لفظ ﴿ رب العالمين ﴾. وأفضل النسبة من الفعل إليه نسبة الربوبية، فإن ذلك أتم وأكمل في التعظيم من قولك : " أعلى العالمين " " وخالق العالمين ".
١ - ن. تفسير قوله تعالى: ﴿الرحمان الرحيم﴾ من سورة الفاتحة ص: ١٠..
٢ - الباقيات الصالحات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ن روضة الطالبين وعمدة السالكين ضمن مجموعة رسائل الإمام الغزالي رقم٢ ص ٦٦..
٣ - يقال : ذو حفيل في أمره أي ذو اجتهاد. اللسان (حفل)..
٤ - ن الإحياء: ٤/٦٣ وما بعدها و ٤/ ٨٦ وما بعدها..
٥ - نفسه: ٤/٣١١ وما بعدها..
٦ -أخرجه الطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في "الشعب" من حديث ابن عباس وفيه قيس بن الربيع ضعفه الجمهور. ن المغني بهامش الإحياء ٤/ ٨٦..
﴿ الرحمان الرحيم ﴾١
إشارة إلى الصفة مرة أخرى، ولا تظن أنه مكرر، فلا تكرر في القرآن، إذ حد المكرر ما لا ينطوي على مزيد فائدة. وذكر الرحمة بعد ذكر العالمين وقبل ذكر ﴿ ملك يوم الدين ﴾ ينطوي على فائدتين عظمتين في تفصيل مجاري الرحمة :
إحداهما : تلتفت إلى خلق رب العالمين : فإنه خلق كل واحد منهم على أكمل أنواعه وأفضلها، وآتاه كل ما يحتاج إليه. فأحد العوالم التي خلقها عالم البهائم، وأصغرها البعوض والذباب والعنكبوت والنحل.
فانظر إلى البعوض : كيف خلق أعضاءها، فقد خلق عليها كل عضو خلقه على الفيل، حتى خلق له خرطوما مستطيلا حاد الرأس ثم هداه إلى غذائه إلى أني مص دم الآدمي، فتراه يغرز فيه خرطومه ويمص من ذلك التجويف غذاء، وخلق له جناحين ليكون له آلة الهرب إذا قصد دفعه.
وانظر إلى الذباب كيف خلق أعضاءه، وخلق حدقتيه مكشوفتين بلا أجفان، إذ لا يحتمل رأسه الصغير الأجفان، والأجفان يحتاج إليها لتصقيل الحدقة مما يلحقها من الأقذاء والغبار، وانظر كيف خلق له بدلا عن الأجفان يدين زائدتين، فله سوى الأرجل الأربع يدان زائدتان، تراه إذا وقع على الأرض لا يزال يمسح حدقتيه بيديه يصقلها عن الغبار.
وانظر إلى العنكبوت : كيف خلق أطرافها وعلمها حيلة النسج، وكيف علمها حيلة الصيد بغير جناحين، إذ خلق لها لعابا لزجا تعلق نفسها به في زاوية، وتترصد طيران الذباب بالقرب منها، فترمي إليه نفسها فتأخذ وتقيده بخيطها الممدود من لعابها، فتعجزه عن الإفلات حتى تأكله أو تدخره.
وانظر إلى نسج العنكبوت لبيتها، كيف هداها الله نسجه على التناسب الهندسي في ترتيب السدي واللحمة.
وانظر إلى النحل وعجائبها التي لا تحصى ؛ في جمع الشهد والشمع، وننبهك على هندستها في بناء بيتها فإنها تبني على شكل المسدس، كي لا يضيق المكان على رفقائها، لأنها تزدحم في موضع واحد على كثرتها، ولو بنت البيوت مستديرة لبقي خارج المستديرات فرج ضائعة، فإن الدوائر لا تراص، وكذلك سائر الأشكال، وأما المربعات فتراص، ولكن شكل النحل يميل إلى الاستدارة فيبقى داخل البيت زوايا ضائعة، كما يبقى في المستدير خارج البيت فرج ضائعة، فلا شكل من الأشكال يقرب من المستدير في التراص غير المسدس، وذلك يعرف بالبرهان الهندسي.
فانظر كيف هداه الله خاصية هذا الشكل، وهذا أنموذج من عجائب صنع الله ولطفه ورحمته بخلقه، فإن الأدنى ينبه على الأعلى، وهذه الغرائب لا يمكن أن تستقصي في أعمار طويلة، أعني : ما انكشف للآدميين منها، وأنه ليسير بالإضافة إلى ما لا ينكشف، أو استأثر هو والملائكة بعلمه، وربما تجد تلويحات من هذا الجنس في كتاب " الشكر " وكتاب " المحبة " فاطلبه إن كنت له أهلا، وإلا فغض بصرك عن آثار رحمة الله ولا تنظر إليها، ولا تسرح في ميدان معرفة الصنع ولا تتفرج فيه، واشتغل بأشعار المتنبي وغرائب النحو لسيبويه وفروع ابن الحداد٢ في نوادر الطلاق وحيل المجادلة في الكلام، فذلك أليق بك، فإن قيمتك على قدر همتك ﴿ ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ﴾٣ و﴿ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ﴾٤. ولنرجع إلى الغرض، والمقصود التنبيه على أنموذج من رحمة الله في خلق العالمين.
وثانيهما : تعلقها بقول :﴿ ملك يوم الدين ﴾٥ فيشير إلى الرحمة في المعاد يوم الجزاء عند الإنعام بالملك المؤبد في مقابلة كلمة وعبادة، وشرح ذلك يطول.
والمقصود : أنه لا مكرر في القرآن، فإن رأيت شيئا مكررا من حيث الظاهر، فانظر في سوابقه ولواحقه لينكشف لك مزيد في إعادته.
١٤- الرحمة ترجع إلى الإرادة مضافة إلى قضاء حاجة المحتاج الضعيف. [ روضة الطالبين ضمن المجموعة رقم ٢ ص : ٦٦ ].
١ - الفاتحة: ٣.
٢ - هو الإمام العلامة الثبت شيخ الإسلام، عالم العصر، أبو بكر محمد بن الحداد بن محمد بن جعفر الكناني المصري الشافعي ابن الحداد صاحب كتاب "الفروع" في المذهب لازم النسائي كثيرا ولم يحدث عن غيره، (ت ٣٤٤هـ) ن وفيات الأعيان ٤/١٩٧-١٩٨ وشذرات الذهب ٢/٣٦٧-٣٦٨..
٣ - هود: ٣٤..
٤ - فاطر: ٢..
٥ - الفاتحة: ٣..
﴿ ملك يوم الدين ﴾١
١٥- الملك : هو الذات التي لا تحتاج إلى شيء، ويحتاج إليها كل شيء. [ نفسه : ٦٥ ]
١٦ – أما قوله :﴿ ملك يوم الدين ﴾ فإشارة إلى الآخر في المعاد، وهو أحد الأقسام من الأصول٢، مع الإشارة إلى معنى المُلك والمَِلك وذلك من صفات الجلال. [ جواهر القرآن ودرره : ٥٣ - ٥٤ ]
١٧- استثر٣ من قلبك التعظيم والخوف بقولك :﴿ ملك يوم الدين ﴾، أما العظمة : فلأن لا ملك إلا له، وأما الخوف : فلهول يوم الجزاء والحساب الذي هو مالكه. [ الإحياء : ١/١٩٧-١٩٨ ].
١ - ن الإحياء: ٤/٣٨١ وما بعدها..
٢ - ن: النص رقم ٢٦ من البحث..
٣ - ن الإحياء: ٤/٣٨١ وما بعدها..
﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾١
١٨- يشتمل على ركنين عظيمين :
أحدهما : العبادة مع الإخلاص بالإضافة إليه خاصة، وذلك هو روح الصراط المستقيم كما تعرفه في كتاب " الصدق والإخلاص " ٢ وكتاب " ذم الجاه والرياء " ٣ من كتاب " الإحياء ".
والثاني : اعتقاد أنه لا يستحق العبادة سواه، وهو لباب عقيدة التوحيد وذلك بالتبري عن الحول والقوة، ومعرفة أن الله منفرد بالأفعال كلها، وأن العبد لا يستقل بنفسه دون معونته.
فقوله :﴿ إياك نعبد ﴾ إشارة إلى تحلية النفس بالعبادة والإخلاص، وقوله :﴿ وإياك نستعين ﴾ إشارة إلى تزكيتها عن الشرك والالتفات إلى الحول والقوة.
وقد ذكرنا أن مدار سلوك الصراط المستقيم على قسمين :
أحدهما : التزكية بنفي ما ينبغي.
والثاني : التحلية بتحصيل ما لا ينبغي، وقد اشتمل عليهما كلمتان من جملة الفاتحة.
١ - نفسه ٣/٢١٩ وما بعدها..
٢ - ن الإحياء: ٤/ ٣٨١ وما بعدها..
٣ - نفسه ٣/٢١٩ وما بعدها..
﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾
١٩- أول دعاء علمه رب العالمين عباده المسلمين الذين اصطفاهم الله من بين خلقه : هذا الدعاء، قوله :﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ أي ثبتنا عليه وأدمه لنا [ منهاج العابدين : ٣٣٦ ]
٢٠- ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ سؤال ودعاء، وهو مخ العبادة كما تعرفه من الأذكار والدعوات١ من كتب " الإحياء : وهو تنبيه على حاجة الإنسان إلى التضرع والابتهال إلى الله تعالى، وهو روح العبودية، وتنبيه على أن أهم حاجة الهداية إلى الصراط المستقيم، إذ به السلوك إلى الله تعالى كما سبق ذكره. [ جواهر القرآن ودرره : ٥٤ ].
٢١- قال عليه السلام :( شيبتني هود وأخواتها )٢ وأراد به قوله تعالى :﴿ فاستقم كما أمرت ﴾٣، فإن الامتداد على الصراط المستقيم في طلب الوسط بين هذه الأطراف شديد، وهو أدق من الشعر وأحد من السيف كما وصف من حال الصراط في الدار الآخرة، بل يكون في الآخرة مستقيما، إذ يموت المرء على ما عاش عليه، ويحشر على ما مات عليه، ولذلك يجب في كل ركعة من الصلاة سورة " الفاتحة " المشتملة على قوله تعالى :﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ فإنه أعز الأمور وأعصاها على الطالب، ولو كلف ذلك في خلق واحد لطال العناء فيه، فكيف وقد كلفنا ذلك في جميع الأخلاق مع خروجها عن الحصر... ولا مخلص من هذه المخاطرات إلا بتوفيق الله ورحمته [ معارج القدس : ٨٨ وميزان العمل : ٢٦٨ ].
٢٢- الصراط المستقيم : عبارة عن الوسط الحقيقي بين الأخلاق المتضادة، لذلك قد بين الله بهذا الدعاء في سورة " الفاتحة " حيث قال :﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾... مثال ذلك : السخاوة بين التبذير والبخل، والشجاعة بين التهور والجبن، والاقتصاد بين الإسراف والإقتار، والتواضع بين التكبر والدناءة، والعفة بين الشهوة والخمود. فهذه الأخلاق لها طرف إفراط وطرف تقصير، فهو على غاية البعد من كل طرف، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :«خير الأمور أوساطها »٤...
الصراط المستقيم هو الوسط الحق بين الطرفين الذين لا ميل له إلى أحد الجانبين وهو أدق من الشعر، فالذي يطلب غاية البعد من الطرفين يكون على الوسط، ولو فرضنا حلقة حديد محماة بالنار وقعت نملة فيها وهي تهرب بطبعها من الحرارة فلا تموت إلا على المركز، لأنه الوسط الذي هو غاية البعد من المحيط المحرق، وتلك النقطة لا عرض لها.
فإن الصراط المستقيم هو الوسط بين الطرفين ولا عرض له، فهو أدق من الشعر.
ولذلك خرج عن القدرة البشرية الوقوف عليه، فلا جرم يورد أمثالنا النار بقدر ميله عنه، كما قال تعالى :﴿ وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ﴾٥. [ المضنون به على غير أهله ضمن مجموع رسائل الإمام الغزالي رقم ٤ ص : ١٥٧-١٥٨ ].
٢٣- لأجل الاستقامة، وجب على كل عبد أن يدعو الله تعالى في كل يوم سبع عشرة مرة في قوله :﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ إذ وجب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
١ - ن الإحياء ١/٣٤٩ وما بعدها..
٢ - ذكر السيوطي في الجامع الصغير هذا الحديث ٢/٨١ مع زياداته فبلغت ثمانية أحاديث بروايات ومصادر عدة وقد حسنها جميعها من رقم (٤٩١١ إلى ٤٩١٨)
أما هذا الحديث فرواه الطبراني في المعجم الكبير عن عقبة بن عامر وعن أبي جحيفة ورمز السيوطي إلى صحته. ن فيض القدير للمناوي ٤/١٦٨-١٦٩ وكنز العمال الحديث رقم ٨٥٨٦..

٣ - هود : ١١٢..
٤ - رواه البيهقي في شعب الإيمان من رواية مطرف بن عبد الله معضلا، ورواه الحافظ أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني في الأربعين العلوية من طرق أهل البيت، من حديث علي ولا يصح. ن. المغني بهامش الإحياء ٣/٦٢.
وقال الزبيدي: رواه ابن السمعاني في ذيل تاريخ بغداد بسند مجهول عن علي مرفوعا، وهو عند ابن جرير في التفسير من قول مطرف بن عبد الله ويزيد بن مرة الجعفي. ن إتحاف السادة المتقين: ٨/٢٤٦.
وقد أورد القرطبي هذا الحديث في تفسيره ٢/١٥٤ و ٦/٢٧٦..

٥ - مريم : ٧١..
﴿ صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ﴾ [ الإحياء : ٣/٦٩ ].
٢٤- ﴿ صراط الذين أنعمت عليهم ﴾ إلى آخر السورة : فهو تذكير بنعمته على أوليائه، ونقمت وغضبه على أعدائه، لستثير الرغبة والرهبة من صميم الفؤاد.
وقد ذكرنا أن ذكر قصص الأنبياء والأعداء قسمان من أقسم القرآن عظيمان١. [ جواهر القرآن ودرره : ٥٤ ].
٢٥- إذا فرغت من التعوذ ومن قولك ﴿ بسم الله الرحمان الرحيم ﴾، ومن التحميد، ومن إظهار الحاجة إلى الإعانة مطلقا، فعين سؤالك ولا تطلب إلا أهم حاجاتك، وقل :﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾٢ الذي يسوقنا إلى جوارك ويفضي بنا إلى مراضاتك، وزده شرحا وتفصيلا وتأكيدا واستشهادا بالذين أفاض عليهم نعمة الهداية من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، دون الذين غضب عليهم من الكفار والزائغين من اليهود والنصارى والصائبين، ثم التمس الإجابة وقل ﴿ آمين ﴾.
١ - ن. النص رقم: ١٦..
٢ الفاتحة : ٥..
Icon