تفسير سورة الفاتحة

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الفاتحة من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
مكية أو مدنية.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني " سميت الفاتحة، لأنها يُفتح بها القرآن تلاوة وخطاً [ و ] أم القرآن :
لتقدمها عليه، وتبعه لها، كراية الحرب أم لتقدمها على الجيش، وما مضى من عمر الإنسان أم لتقدمه مكة أم القرى لتقدمها على سائر القرى، أو لأن الأرض دحيت عنها، وحدثت عنها كالولد يحدث عن أمه. وهي سبع آيات اتفاقاً.
[ وسميت ] المثاني [ لأنها ] تثنى في كل صلاة فرض أو تطوع.
١ - ﴿بسمِ اللَّهِ﴾ أبدأ بسم الله، أو بدأت بسم الله، الاسم صلة، أو ليس بصلة عند الجمهور، واشتق من السمة، وهي العلامة، أو من السمو.
﴿الله﴾ أخص أسماء الرب لم يتسم به غيره ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ [مريم: ٦٥] تسمى باسمه، أو شبيهاً. أبو حنيفة: " هو الاسم الأعظم " وهو علم إذ لا بد للذات من اسم علم يتبعه أسماء الصفات، أو هو مشتق من الوله لأنه يأله إليه العباد: أي يفزعون إليه في أمورهم، فالمألوه إليه إله، كما أن المأموم [به] إمام، أو اشتق من التأله وهو التعبد، تأله فلان: تعبد، واشتق من فعل العبادة فلا يتصف به في الأزل، أو من استحقاقها على الأصح فيتصف به أزلاً
88
﴿الرَّحْمَن الرَّحِيمِ﴾ الرحمن والرحيم الراحم، أو الرحمن أبلغ، وكانت الجاهلية تصرفه للرب سبحانه وتعالى الشنفري:
(إلا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا هدر الرحمن ربي يمينها)
ولما سُمي مسيلمة بالرحمن قُرن لله تعالى الرحمن الرحيم، / لأن أحداً [٢ / ب] لم يتسم بهما، واشتقا من رحمة واحدة، أو الرحمن من رحمته لجميع الخلق، والرحيم من رحمته لأهل طاعته، أو الرحمن من رحمته لأهل الدنيا والرحيم من
89
رحمته لأهل [الآخرة]، أو الرحمن من الرحمة التي يختص بها، والرحيم من الرحمة التي يوجد في العباد مثلها.
90
٢ - ﴿الْحَمْدُ﴾ ﴿الثناء بجميل الصفات والأفعال والشكر والثناء بالإنعام، فالحمد أعم، الرب: المالك كرب الدار أو السيد، أو المدبر كربة البيت، الربانيون يدبرون الناس بعلمهم، أو المربى، ومنه الربيبة ابنة الزوجة، {العالمين﴾ } جمع عالم لا واحد له من لفظه، كرهط وقوم، أُخذ من العلم، فيعبر به عمن يعقل من الجن والإنس والملائكة، أو من العلامة، فيكون لكل مخلوق، أو هو الدنيا وما فيها، أو كل ذي روح من عاقل وبهيم، وأهل كل زمان عالم.
٤ - ﴿مُلْكِ﴾ ﴿ {مالك﴾ } أُخذا من الشدة، ملكت العجين عجنته بشدة، أو من القدرة.
(ملكت بها كفي فأنهرت فتقها)
90
فالمالك من اختص ملكه، والملك من عمَّ ملكه، وملك يختص بنفوذ الأمر، والمالك يختص بملك الملوك، والملك أبلغ لنفوذ أمره على المالك، ولأن كل ملك مالك ولا عكس، أو المالك أبلغ لأنه لا يكون إلا على ما يملكه، والملك يكون على من لا يملكه كملك الروم والعرب، ولأن الملك يكون على الناس وحدهم والمالك يكون مالكاً للناس وغيرهم، أو المالك أبلغ في حق الله تعالى من ملك، وملك أبلغ في الخلق من مالك، إذ المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك بخلاف الرب سبحانه وتعالى. ﴿يَوْمَ﴾ أوله الفجر، وآخره غروب الشمس، أو هو ضوء يدوم إلى انقضاء الحساب. ﴿الدِّينِ﴾ الجزاء أو الحساب، ويستعمل الدين في العادة والطاعة، وخص المُلْك بذلك اليوم إذ لا مَلِك فيه سواء، أو لأنه قصد ملكه للدنيا بقوله ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فذكر ملك الآخر ليجمع بينهما.
91
٥ - ﴿إِيَّاكَ﴾ الخليل: إيا: اسم مضاف إلى الكاف، الأخفش إياك: كلمة واحدة، لأن الضمير لا يضاف. ﴿نَعْبُدُ﴾ العبادة: أعلى مراتب الخضوع تقرباً، ولا يستحقها إلا الله - تعالى -، لإنعامه بأعظم النعم، كالحياة والعقل
91
والسمع والبصر، أو هي لزوم الطاعة، أو التقرب بالطاعة، أو المعنى " إياك نؤمل ونرجوا " مأثور والأول أظهر ﴿نَسْتَعِينُ﴾ على عبادتك أو هدايتك أمروا بذلك كما أمروا بالحمد له، أو أخبروا. [٣ / أ]
92
٦ - / ﴿اهْدِنَا﴾ : دلنا، أو وفقنا ﴿الصِّرَاطَ﴾ السبيل المستقيم أو الطريق الواضح، مأخوذ من مسرط الطعام وهو ممره في الحلق، طلبوا دوام الهداية، أو زيادتها، أو الهداية إلى طريق الجنة في الآخرة، أو طلبوها إخلاصاً للرغبة، ورجاء ثواب الدعاء، فالصراط: القرآن، أو الإسلام أو الطريق الهادي إلى دين الله، أو رسول الله ﷺ وأبو بكر وعمر [رضي الله عنهما] أو طريق الحج أو طريق الحق. ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ : الملائكة أو الأنبياء، أو المؤمنون بالكتب السالفة أو المسلمون أو النبي ومن معه.
٧ - ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ : اليهود، والضالون: النصارى. اتفاقاً خُصت اليهود بالغضب لشدة عداوتها، والغضب هو المعروف من العباد، أو إرادة الانتقام، أو ذمه لهم، أو نوع من العقاب سماه غضباً كما سمى نعمته رحمة.
92
(سورة البقرة)
مدنية اتفاقاً إلا آية ﴿واتقوا يوما ترجعون فيه﴾ ﴿ [٢٨١] نزلت يوم النحر بمنى في حجة الوداع. {بسم الله الرحمن الرحيم﴾ } ﴿الم﴾ !
93
Icon