تفسير سورة مريم

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة مريم من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سورة مريم مكية اتفاقاً.

١ - كهيعص} اسم للسورة أو للقرآن أو لله - تعالى - أو استفتاح للسورة أو تفسير " لا إله إلا الله " من حروف الجُمَّل، الكاف عشرون، والهاء خمسة والياء عشرة، والعين سبعون، والصاد تسعون، كذلك عدد / حروف لا
267
إله إلا الله، أو حروف من حروف أسماء الرب، الكاف من كبير أو كافٍ أو كريم، والهاء من هادٍ، والياء من حكيم أو يمين أو أمين أو يا من يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه، أو يا من يجير ولا يجار عليه، قاله الربيع بن أنس، والعين من عزيز أو عالم أو عدل، والصاد من صادق.
268
٣ - ﴿خَفِيّاً﴾ لا رياء فيه، أو أخفاه لئلا يستهزأ به لبعد ما طلبه.
٤ - ﴿وَهَنَ﴾ ضعف وإذا وهن العظم مع قوته فوهن اللحم والجلد أولى، أو شكا ضعف البطش الذي يقع بالعظم دون اللحم ﴿وَاشْتَعَلَ﴾ شبه انتشار الشيب في الرأس بانتشار النار في الحطب. ﴿شَقِيّاً﴾ خائباً، كنت لا تخيبني إذا دعوتك.
٥ - خِفْتُ الْمَوَالِىَ} العصبة، أو الكلالة، أو بنو العم وكانوا شرار بني إسرائيل، سموا موالي لأنهم يلونه في النسب بعد الصلب، أو الأولياء أن يرثوا علمي دون نسلي، وخافهم على الفساد في الأرض، أو على نفسه في حياته، وعلى أسبابه بعد موته ﴿ورائي﴾ قدامي، أو بعد موتي.
٦ - ﴿يرثني) {مالي﴾ (ويرث من آل يَعْقُوبَ} النبوة، أو يرثهما العلم والنبوة، أو منه النبوة ومن آل يعقوب الأخلاق، أو يرث مني العلم ومن آل يعقوب الملك، فأجيب إلى وراثة العلم دون الملك، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - روي الرسول [صلى الله عليه وسلم] قال: " يرحم الله زكريا ما كان عليه من ورثة ". ﴿رَضِيّاً﴾ مرضي الأخلاق والأفعال، أو راضياً بقضائك وقدرك.
269
﴿يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب إنّى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً وقد بلغت من الكبر عتياً قال كذلك قال ربّك هو عليّ هينٌ وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً قال ربِّ اجعل لي ءايةً قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سويّا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحّوا بكرةً وعشياً﴾
270
٧ - ﴿نُبَشِّرُكَ﴾ بإجابة الدعوة، وإعطاء الولد، وتفرد الرب - عز وجل - بتسميته اختصاصاً له واصطفاء، سمي يحيى، لأنه حَيَ بين شيخ وعجوز. ﴿سَمِيّاً﴾ لم تلد العواقر مثله فلا مثل له ولا نظير، أو لم نجعل لزكريا قبل يحيى ولداً، أو لم نُسمِّ أحداً قبله باسمه.
٨ - ﴿عَاقِراً﴾ لا تلد؛ لأنها تعقر النسل أي تقطعه، أو لعقر رحمها للمني وإفساده وسأل عن أن الولد يأتيهما شابين أو شيخين. ﴿عتيا﴾ يبساً وجفافاً، أو نحول العظم، أو سناً. قال:
١٠ - ﴿أيه﴾ دالة على الحمل، أو على أن البُشرى من الله دون إبليس
270
لأن الشيطان أوهمه ذلك، قال الضحاك ﴿ثَلاثَ لَيَالٍ﴾ اعتقل لسانه ثلاثاً من غير مرض ولا خرس عن كلام الناس دون ذكر الله - تعالى - ﴿سَوِيّاً﴾ صحيحاً من غير خرس، أو يرجع إلى الليالي أي متتابعات.
271
١١ - ﴿فَخَرَجَ﴾ أشرف على قومه. ﴿مِنَ الْمِحْرَابِ﴾ المصلى، أو ما ينصب ليصلى بإزائه لأن المصلي كالمحارب للشيطان، أو من مجلس الأشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلي ذباً عنه. ﴿فَأَوْحَى﴾ أومى، أو أشار، أو كتب على الأرض، والوحي الكتابة قال:
(إنما يعذر الوليد ولا يعذر من كان الزمان عتيا)
(كأن أخا اليهود يخط وحياً بكاف من منازلها ولام)
﴿سَبِّحُواْ﴾ صلوا سميت به لاشتمالها على التسبيح. {ييحيى خذ الكتاب بقوة وءاتينه الحكم صبياً وحنانا من لدنا وزكوة وكان
271
تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصياً وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً}
272
١٢ - ﴿خذ الكتاب﴾ قاله زكريا - عليه الصلاة والسلام - ليحيى حين نشأ، أو قاله الله - تعالى - حين بلغ، والكتاب: التوراة، أو صحف إبراهيم. ﴿بقوة﴾ بجد واجتهاد، أو بامتثال الأوامر واجتناب المناهي. ﴿الْحُكْمَ﴾ اللب، أو الفهم، أو العلم أو الحكمة، قال له الصبيان: اذهب بنا نلعب فقال: ما للعب خُلقت قيل كان ابن ثلاث سنين.
١٣ - ﴿وَحَنَاناً﴾ رحمة قال:
(أبا منذر فاستبق بعضنا حنانيك بعض الشر أهون من بعض)
أو تعطفاً، أو محبة، أو بركة أو تعظيماً، أو آتيناه تحنناً على العباد. ﴿وَزَكَاةً﴾ عملاً زاكياً، أو صدقة به على والديه، أو زكيناه بثنائنا عليه. ﴿تَقِيّاً﴾ مطيعاً، أو براً بوالديه. {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقياً فاتخذت من دونهم
272
حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال إنمّا أنا رسول ربّك لأهب لك غلاماً زكياً قالت أنى يكون لي غلامٌ ولم يمسسني بشرٌ ولم أك بغياً قال كذلك قال ربّك هو علّي هيّنٌ ولنجعله ءايةً للناس ورحمةٌ منّا وكان أمراً مقضيّا}
273
١٦ - ﴿انتّبَذَتْ﴾ انفردت، أو اتخذت، ﴿شَرْقِيّاً﴾ جهة المشرق فاتخذتها النصارى قبلة أو مشرقة الدار التي تظلها الشمس، أو مكاناً بعيداً. ١٧ - ﴿حِجَاباً﴾ من الجدران، أو من الشمس جعله الله - تعالى - لها ساتراً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو حجاباً من الناس، انفردت في ذلك المكان للعبادة، أو كانت تعتزل فيه أيام حيضها. ﴿رُوحَنَا﴾ الروح الذي خُلق منها المسيح حتى تمثل بشراً، أو جبريل - عليه السلام - لأنه روحاني لا يشوبه غير الروح، أو لحياة الأرواح به، فنفخ جبريل - عليه السلام - في جيب درعها وكمها فحملت، أو ما كان إلا أن حملته فولدته، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وكان حملها تسعة أشهر، أو ستة أشهر، أو يوماً واحداً، أو ثمانية أشهر، ولم يعش لثمانية سواه آية له.
﴿ حِجاباً ﴾ من الجدران، أو من الشمس جعله الله -تعالى- لها ساتراً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو حجاباً من الناس، انفردت في ذلك المكان للعبادة، أو كانت تعتزل فيه أيام حيضها. ﴿ روحَنا ﴾ الروح الذي خُلق منها المسيح حتى تمثل بشراً، أو جبريل - عليه السلام - لأنه روحاني لا يشوبه غير الروح، أو لحياة الأرواح به، فنفخ جبريل - عليه السلام - في جيب درعها وكمها فحملت، أو ما كان إلا أن حملته فولدته، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - وكان حملها تسعة أشهر، أو ستة أشهر، أو يوماً واحداً، أو ثمانية أشهر، ولم يعش لثمانية سواه آية له.
١٨ - ﴿تَقِيّاً﴾ اسم رجل إسرائيلي مشهور بالعهر، لما دنا منها - جبريل عليه السلام - خافت فاستعاذت من ذلك العاهر، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -، أو إن كنت تقياً لله امتنعت خوفاً من استعاذتي به. ﴿فحملته فانتبذت به مكاناً قصيّاً فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياّ فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً وهزى إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيّا ٥ فكلي واشربي وقرى عيناً فإمّا ترينّ من البشر أحداً فقولي إنّى نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً﴾
٢٣ - ﴿فأجاءها﴾ ألجأها، أو جاء بها. ﴿ليتني مِتُّ﴾ تمنت الموت حياء من التهمة، أو لئلا يأثم الناس بقدفها، أو لأنها لم تر في قومها رشيداً ذا فراسة يبرئها من السوء. ﴿نسياً منسياً﴾ لم أخلق، أو لا يدري من أنا، أو سقطاً، أو إذا ذكرت لم أُطلب، والنسي ما أُغفل من شيء حقير.
٢٤ - ﴿فَنَادَاهَا﴾ جبريل، أو عيسى ﴿مِن تَحْتِهَآ﴾ من مكان أسفل من
274
مكانها، أو من بطنها بالقبطية ﴿سَرِيّاً﴾ عيسى، السروات: الأشراف، أو السري النهر بالنبطية أو العربية من السراية لأن الماء يسري فيه، قيل يطلق السري على ما يعبره الناس من الأنهار وثباً.
275
٢٥ - ﴿النَّخْلَةِ﴾ برنية، أو عجوة، أو صرفانة أو قريناً ولم يكن لها رأس وكان الشتاء فجعلت آية، قيل اخضرت وحملت ونضجت وهي تنظر ﴿جَنِيّاً﴾ مترطب البسر، أو الذي لم يتغير، أو الطري بغبار.
٢٦ - ﴿فَكُلِى﴾ الجني ﴿وَاشْرَبِى﴾ من السري ﴿وَقَرِّى عَيْناً﴾ بالولد، طيبي نفساً، أو لتسكن عينك سروراً أو لتبرد عينك سروراً، دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ﴿صَوْماً﴾ صمتاً أو صوماً عن الطعام والشراب / [١٠٧ / أ] وصمتاً عن الكلام، تركت الكلام ليتكلم عنها ولدها ببرءاتها، أو كان من صام لا يكلم الناس فأُذن لها في هذا القدر من الكلام. ﴿فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئاً فريّا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوءٍ وما كانت أمك بغياً فأشارت إليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبياً قال إني عبد الله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيّا وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا وبرّا بوالدتي ولم يجعلني جبّاراً شقياً والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا﴾
٢٧ - ﴿فَرِيّاً﴾ قبيحاً من الافتراء، أو عجيباً، أو عظيماً، أو باطلاً، أو متصنعاً من الفرية وهي الكذب.
٢٨ - ﴿أُخْتَ هَارُونَ﴾ لأبويه أو نسبت إلى رجل صالح كان أسمه هارون تنسب إليه من تعرف بالصلاح مروي عن الرسول [صلى الله عليه وسلم] أو نسبت إلى هارون أخي موسى لأنها من ولده كما يقال: يا أخا فلان أو كان رجلاً معلناً بالفسق فنسبت إليه.
٢٩ - ﴿فأشارت﴾ إلى الله - تعالى - فلم يفهموا إشاراتها، أو إلى عيسى على الأظهر ألهمهما الله - تعالى - ذلك بأنه سيبرئها، أو أمرها به ﴿مَن كَانَ﴾ صلة، أو بمعنى يكون ﴿المهد﴾ سرير الطفل، أو حجرها غضبوا لما أشارت إليه وقالوا: لسخريتها بنا أعظم من زناها، فلما تكلم قالوا: إن هذا لأمر
276
عظيم.
277
٣٠ - ﴿آتاني﴾ سيؤتيني ﴿وجعلني﴾ سيجعلني، أو كان وقت كلامه في المهد نبياً كامل العقل، قاله الحسن - رضي الله تعالى عنه - وكلمهم وهو ابن أربعين يوماً.
٣١ - ﴿مُبَارَكاً﴾ نفّاعاً، أو معلماً للخير، أو عارفاً بالله - تعالى - داعياً إليه، أو آمراً بالعُرْف ناهياً عن المنكر. ﴿بِالْصَّلاةِ﴾ ذات الركوع والسجود، أو الدعاء ﴿وَالزَّكَاةِ﴾ للمال، أو التطهير من الذنوب.
٣٢ - ﴿جَبَّاراً﴾ جاهلاً بأحكامه ﴿شَقِيّاً﴾ متكبراً عن عبادته، أو الجبار الذي لا ينصح والشقي الذي لا يقبل النصح.
٣٣ - ﴿وَالْسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ) السلامة لي في الدنيا وفي القبر وفي البعث، لأن له أحوالاً ثلاثة: حياة الدنيا والموت مقبوراً والبعث فسلم في هذه من الأحزان، أو سلم في الولادة من همزة الشيطان إذ لا مولود إلا يهمزه {وَيَوْمَ أَمُوتُ﴾ سلامته من ضغطة القبر لأنه غير مدفون في الأرض، ويوم البعث: يحتمل سلامته من العرض والحساب. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - ثم انقطع كلامه حتى بلغ مبلغ الغلمان. {ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولدٍ سبحانه إذا قضى أمراً فإنمّا يقول له كن فيكون وإنّ الله ربي وربّكم فاعبدوه هذا صراطٌ
277
مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويلٌ للذين كفروا من مشهد يومٍ عظيم}
278
٣٤ - ﴿الْحَقِّ﴾ الله، أو عيسى سماه حقاً، لأنه جاء بالحق، أو القول الذي قاله عيسى من قبل ﴿يَمْتَرُونَ﴾ يشكون، أو يختلفون فتقول فرقة هو الله وأخرى هو ابن الله وأخرى هو ثالث ثلاثة هذا قول النصارى، وقال المسلمون: عبد الله ورسوله، وقالت اليهود: لغير رشدة عند من قرأ تمترون. ﴿أَسْمِعْ بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلالٍ مبين ٥ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم في غفلةٍ وهم لا يؤمنون إنّا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون﴾
٣٨ - ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ﴾ اليوم كيف يصنع بهم يوم القيامة، أو عجبه من سماعهم وإبصارهم في الآخرة.
٣٩ - ﴿قضي الأمر﴾ بعذابهم يوم البعث، أو قضي بانقطاع توبتهم وتحقق الوعيد يوم الموت. {واذكر في الكتاب إبراهيم أنه كان صديقاً نبياً إذ قال لأبيه يا أبتٍ لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئاً يا أبت إنّي قد جآءني من العلم ما لم يأتك فاتّبعنى أهدك صراطاً سوياً يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيّا يا أبت إني
278
أخاف أن يمسّك عذابٌ من الرحمن فتكون للشيطان ولياً قال أراغبٌ أنت عن ءالهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنّك واهجرني مليّا قال سلامٌ عليك سأستغفر لك ربي إنّه كان بي حفيّاً وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربّى عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيّا}
279
٤٦ - ﴿لأَرْجُمَنَّكَ﴾ بالذم والسب، أو بالأحجار لتبعد عني. ﴿مَلِيّاً﴾ دهراً طويلاً مؤبداً، أو سوياً سليماً من عقوبتي، أو غنياً.
٤٧ - ﴿سَلامٌ﴾ توديع وهجر، أو سلام: إكرام وبر، قابل جفوته بالإحسان رعاية لحق الأبوة وهو أظهر ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ﴾ إن تركت عبادة الأوثان، أو أدعو لك بالهدى المقتضي للغفران / [١٠٧ / ب] ﴿حَفِيّاً﴾ مقرباً، أو مكرماً، أو رحيماً، أو عليماً، أو متعهداً. ﴿فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيّاً ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدقٍ عليّاً﴾
٥٠ - ﴿لِسَانَ صِدْقٍ﴾ ثناء جميلاً، أو جعلناهم كراماً على الله - تعالى - اللسان بمعنى الرسالة. قال:
279
(أتتني لسان بني عامر أحاديثها بعد قول نكر)
﴿واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا﴾
280
٥٢ - ﴿الطُّورِ الأَيْمَنِ﴾ جبل بالشام نودي من يمين الجبل، أو من يمين موسى ﴿وَقَرِّبْنَاهُ نَجِيّاً﴾ قرب من المكان الذي شرفه فيه وعظمه ليسمع كلامه، أو قربه من أعلى الحجب حتى سمع صريف القلم، قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - وقال غيره سمع صريف القلم الذي كتبت به التوراة، أو قربه باصطفائه واجتبائه ﴿نَجِيّاً﴾ ناجاه من النجوى التي لا يكون إلا في خلوة، أو رفعه بعد التقريب من النجوة وهي الارتفاع، أو نجاه بصدقه مأخوذ من النجاة. قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - لم يبلِّغ موسى من الكلام الذي ناجاه به شيئاً. {واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّاً وكان يأمر أهله
280
بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً}
281
٥٤ - ﴿صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ وعد رجلاً أن ينتظره فانتظره ثلاثة أيام أو اثنين وعشرين يوماً أو حولاً كاملاً قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -. ٥٥ - ﴿أَهْلَهُ﴾، قومه، أو أهله يبدأ بهم، وهو إسماعيل بن إبراهيم عند الجمهور، أو إسماعيل بن حزقيل بعثه الله - تعالى - إلى قومه فسلخوا جلدة رأسه فخيره الله - تعالى - فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته لأن إسماعيل مات قبل أبيه إبراهيم. ﴿واذكر في الكتاب إدريس إنّه كان صدّيقاً نبّيّاً ورفعناه مكاناً عليّاً أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبين من ذرية ءادم وممّن حملنا مع نوحٍ ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممّن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم ءايات الرحمن خرّوا سجّداً وبكياً﴾
﴿ أهله ﴾، قومه، أو أهله يبدأ بهم، وهو إسماعيل بن إبراهيم عند الجمهور، أو إسماعيل بن حزقيل بعثه الله -تعالى- إلى قومه فسلخوا جلدة رأسه فخيره الله -تعالى- فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته لأن إسماعيل مات قبل أبيه إبراهيم.
٥٦ - ﴿إدريس﴾ أول من أعطي النبوة وأول من خط بالقلم.
٥٧ - ﴿وَرَفَعْنَاهُ﴾ إلى السماء الرابعة، أو السادسة وهو في السماء حي لم يمت كعيسى، أو مات في السماء وهو فيها ميت، أو مات بين الرابعة والخامسة وهو أول من اتخذ السلاح، وجاهد في سبيل الله - تعالى - وقتل بني قابيل وأول من وضع الوزن والكيل وأثار علم النجوم، وأول من لبس الثياب وإنما كانوا يلبسون الجلود.
٥٨ - ﴿وبكيا﴾ سجودهم رغبة وبكاؤهم رهبة. {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا إلا من
282
تاب وءامن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتياً لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشياً تلك الجنّة التي نورث من عبادنا من كان تقياً}
283
٥٩ - ﴿خَلْفٌ﴾ بالسكون إذا خلفه من ليس من أهله وبالفتح إذا كان من أهله، أو بالسكون في الذم وبالفتح في الحمد ﴿مِن بَعْدِهِمْ﴾ اليهود بعد متقدمي الأنبياء، أو المسلمون بعد النبي [صلى الله عليه وسلم] من عصر الصحابة إلى قيام الساعة، أو من بعد عصر الصحابة قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] :" يكون بعد الستين خلف أضاعوا الصلاة " الآية ﴿أَضَاعُواْ الصَّلاةَ﴾ بتركها، أو تأخيرها عن وقتها ﴿غَيّاً﴾ وادٍ في جهنم أو خسراناً، أو ضلالاً عن الجنة، أو شراً أو خيبة.
(................................. ومن يغوِ لا يعدم.................)
أي يخب.
٦٢ - ﴿لَغْواً﴾ كلاماً فاسداً، أو خُلفاً ﴿سَلاماً﴾ سلامة، أو تسليم الملائكة عليهم ﴿بُكْرَةً وَعَشِيّاً﴾ كان يعجبهم إصابة الغداء والعشاء فأُخبروا أن ذلك في الجنة، أو أراد مقدار البكرة والعشي من أيام الدنيا، قيل: يعرفون مقدار الليل
283
بإرخاء الحجب وغلق الأبواب، ومقدار النهار برفع الحجب / [١٠٨ / أ] وفتح الأبواب. ﴿وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا﴾
284
٦٤ - ﴿ومانتنزل﴾ موضعاً من الجنة إلا بأمر الله - تعالى - من كلام أهل الجنة أو نزلت لما أبطأ جبريل - عليه السلام - على الرسول [صلى الله عليه وسلم] اثنتي عشرة ليلة فلما أتاه قال: " لقد غبت حتى ظن المشركون كل ظن "، ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾ الدنيا ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ الآخرة ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ ما بين النفختين، أو ما مضى من الدنيا ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾ ما يكون بعدنا من الدنيا والآخرة ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ ما بين ما مضى من قبل وما يكون من بعد ﴿نَسِيّاً﴾ ذا نسيان، أو ما نسيك.
٦٥ - ﴿سَمِيّاً﴾ مثلاً من المساماة، أو من يُسمى الله أو لا يستحق اسم
284
الإله غيره، أو ولداً. ﴿ويقول الإنسان أءذا ما متّ لسوف أخرج حيّاً أولا يذكر الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يكن شيئاً فوربك لنحشرنّهم والشياطين ثمّ لنحضرنّهم حول جهنم جثيا ثم لننزعنّ من كل شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتيّاً ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليّاً وإن منّكم إلا واردها كان على ربّك حتماً مقضيّاً ثمّ ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيّاً﴾
285
٦٨ - ﴿جَهَنَّمَ﴾ اسم للنار أو لأعمق موضع فيها كالفردوس اسم لأعلى الجنة ﴿جِثِيّاً﴾ جماعات، أو بروكاً على الركب.
٦٩ - ﴿شِيعَةٍ﴾ الشيعة: الجماعة المتعاونون، الأمة شيعة لاجتماعهم وتعاونهم. ﴿لنزعن﴾ لنبدأن أو لنستخرجن ﴿عِتِيّاً﴾ افتراء بلغة تميم، أو جرأة أو كفراً، أو تمرداً، أو معصية.
٧٠ - ﴿صِلِيّاً﴾ دخولاً أو لزوماً.
٧١ - ﴿واردها﴾ الحمى والأمراض، عاد الرسول [صلى الله عليه وسلم] رجلاً ثم قال: " إن الله - تعالى - يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار
285
في الآخرة "، أو جهنم يردها الكفار خاصة، انتقل من معاتبتهم إلى خطابهم، أو عامة في المؤمن والكافر يردانها فتمس الكافر دون البر، أو يردها المؤمن بمروره عليها ونظره إليها سروراً بما أنجاه الله - تعالى - منه ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ﴾ [القصص: ٢٣] ﴿حَتْماً﴾ قضاء مقضياً، أو قسماً واجباً. ﴿وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بيّنات قال الذين كفروا للذين ءامنوا أي الفريقين خيرٌ مقاماً وأحسن نديّاً وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هم أحسن أثاثاً ورءياً قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مداً حتى إذا رأوا ما يوعدون إمّا العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شرٌ مكاناً وأضعف جنداً ويزيد الله الذين اهتدوا هدىً والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ مرداً﴾
286
٧٣ - ﴿مَّقَاماً﴾ منزل إقامة في الجنة أو النار، أو كلاماً قائماً بحجة معناه، من فلجت حجته خير أم من دحضت حجته. ﴿نَدِيّاً﴾ أفضل مجلساً أو أوسع عيشاً.
٧٤ - ﴿أثاثا﴾ متاعاً ﴿ورئيا﴾ منظراً " ع "، أو الجديد من ثياب البيت
286
والريّ الارتواء من النعمة، أو ما لا يراه الناس والرئي ما يرونه، أو أكثر أموالاً وأحسن صوراً.
287
٧٦ - ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ﴾ يزيدهم هدى بالمعونة على الطاعة والتوفيق لمرضاته، أو الإيمان بالناسخ والمنسوخ. ﴿أفرءيت الذي كفر بئاياتنا وقال لأوتينّ مالاً وولداً أطلع الغيب أم أتخذ عند الرحمن عهداً كلا سنكتب ما يقول ونمدّ له من العذاب مدّاً ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً﴾
٧٧ - ﴿لأُوتَيَنَّ مَالاً﴾ نزلت في العاص بن وائل، أو في الوليد بن المغيرة، ﴿لأُوتَيَنَّ﴾ في الدنيا على قول الجمهور، أو في الجنة استهزاء
287
منه ﴿وَوَلَداً﴾ وُوْلدا واحد كعُدْم وَعَدم، أو بالضم جمع وبالفتح واحد لغة قيس.
288
٧٨ - ﴿عَهْداً﴾ عملاً صالحاً، أو قولاً عهد به الله إليه.
٨٠ - ﴿وَنَرِثُهُ﴾ نسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد، أو نحرمه ما تمناه منهما في الآخرة ﴿فَرْداً﴾ بلا مال ولا ولد، أو بلا ولي ولا ناصر. ﴿واتّخذوا من دون الله ءالهةً ليكونا لهم عزّاً كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدّاً ألم تر أنّا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزّاً فلا تعجل عليهم إنّما نعدّلهم عدّا﴾
٨٢ - ﴿سيكفرون﴾ سيجحد العابدون عبادتها لما رأوا من سوء عاقبتها، أو يكفر المعبود بالعابد ويكذبه ﴿ضدا﴾ عوناً من الخصومة، أو بلاء أو أعداء
288
أو قرناء في النار يلعنونهم، أو على ضد ما أمّلوه فيهم " ح ".
289
٨٣ - ﴿تؤزهم﴾ / [١٠٨ / ب] تزعجهم إلى المعاصي، أو تغويهم أو تغريهم بالشر.
٨٤ - ﴿نَعُدُّ لَهُمْ﴾ أعمالهم، أو أيام حياتهم، أو مدة انتظارهم إلى الانتقام منهم بالسيف والجهاد. {يوم نحشر المتّقين إلى الرحمن وفداً ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً لا يملكون الشفاعة إلا من اتخّذ عند الرحمن عهداً وقالوا أتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدّاً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخرّ الجبال هدّاً أن دعوا للرّحمن ولداً وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً ٦ إن كل من في السموات والأرض إلا ءاتى الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدّهم عدّا وكلّهم ءاتيه يوم القيامة
289
فرداً}
290
٨٥ - ﴿وَفْداً﴾ ركباناً، أو جماعة، أو زواراً.
٨٦ - ﴿وِرْداً﴾ مشاة، أو عطاشاً من ورود الإبل عطاشاً، أو أفراداً.
٨٧ - ﴿عَهْداً﴾ وعداً من الله - تعالى -، أو إيماناً به.
٨٩ - ﴿إدّاً﴾ منكراً، أو عظيماً. ﴿إنّ الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً فإنما يسّرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدّاً وكم أهلكنا قبلهم من قرنٍ هل تحسّ منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً﴾
٩٦ - ﴿وُدّاً﴾ محبة في الدنيا من الأبرار وهيبة عند الفجار، أو يحبهم الله - تعالى - ويحببهم إلى الناس، قال " ع " نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه -.
290
٩٧ - (لُّدّاً} فجاراً، أو أهل لجاج وخصام من اللدود للزومهم الخصام كما يحصل اللدود في الأفواه أو الجدل في الباطل من اللدد وهو شدة الخصومة.
291
﴿ لُدّاً ﴾ فجاراً، أو أهل لجاج وخصام من اللدود للزومهم الخصام كما يحصل اللدود في الأفواه أو الجدل في الباطل من اللدد وهو شدة الخصومة.
٩٨ - ﴿رِكْزاً﴾ صوتاً، أو حساً، أو ما لا يفهم من صوت أو حركة.
291
سورة طه
مكية اتفاقاً.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى إلا تذكرةً لمن يخشى تنزيلاً ممّن خلق الأرض والسموات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى﴾
292
Icon