تفسير سورة مريم

أسباب نزول القرآن - الواحدي
تفسير سورة سورة مريم من كتاب أسباب نزول القرآن - الواحدي .
لمؤلفه .

قوله تعالى: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ...﴾ الآية. [٦٤].
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن حمويه، أخبرنا أبو بكر محمد بن معمر الشامي، أخبرنا إسحاق بن محمد بن إسحاق الرُّسْعَنِيُّ قال: حدثنا جدي، قال: حدّثنا المغيره قال: حدثنا عمر بن ذر، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريلُ، ما يمنعُك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟ قال فنزلت: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ الآية كلها. قال: كان هذا الجواب لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاري عن أبي نعيم عن [عمر بن] ذر.
وقال مجاهد: أبطأ المَلَكُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه فقال: لعلِّي أبطأتُ، قال: قد فعلتَ، قال: ولم لا أفعلُ، وأنتم لا تَتَسوَّكُون، ولا تَقُصُّون أظفاركم، ولا تُنَقُّونَ بَرَاجِمُكُم؟ قال: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ قال مجاهد: فنزلت هذه الآية.
وقال عكرمة، والضّحاك، وقتادة، ومقاتل، والكلبي: احتبس جبريل عليه السلام [عن النبي صلى الله عليه وسلم]، حين سأله قومه عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والرُّوح، فلم يدر ما يجيبهم، ورجا أن يأتيه جبريل عليه السلام بجواب [ما سألوه] فأبطا عليه، فشقَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشقّة شديدة، فلما نزل جبريل عليه السلام، قال له: أبطأت عليَّ حتى ساء ظني. واشتقت إليك. فقال جبريل عليه السلام: إني كنت إليك اشْوَق ولكني عبد مأمورٌ: إذا بُعثتُ نزلتُ، وإذا حُبِستُ احتَبَستُ، فأنزل الله تعالى: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ ٱلإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً...﴾ الآيات. [٦٦].
قال الكلبي: نزلت في أبيّ بن خَلَف. حين أخذ عِظاماً بالية يفتها بيده، ويقول: زعم لكم محمد أنا نبعث بعد ما نموت.
قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا...﴾ الآيات. [٧٧].
أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي، قال: أخبرنا عبد الله بن حامد، قال: أخبرنا مكي بن عبدان، قال: حدثنا عبد الله بن هاشم، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن أبي الضُّحَى، عن مَسْرُوق، عن خَبَّاب بن الأرَت، قال:
كان لي دين على العاص بن وائل: فأتيته أتقاضاه، فقال: لا والله حتى تكفر بمحمد. فقلت: لا والله، لا أكفر بمحمدٍ حتى تموتَ ثم تبعث. قال: إني إذا مِتُّ ثم بُعثتُ، جئتني وسيكون لي ثمَّ مالٌ وولدٌ فأعطيك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الله محمد الزاهد، قال: أخبرنا البَغَوِيّ قال: حدثنا أبو خَيْثَمَة، وعلي بن مسلم، قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا الأعمش، عن أبي الضُّحى، عن مسروق، عن خبَّاب، قال:
كنت رجلاً قَيْناً، وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه، فقال [لي]: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد عليه السلام. فقلت: لا أكفر حتى تموتَ وتُبعثَ. فقال: وإني لمبعوث بعد الموت؟ فسوف أقضيك إذا رَجَعْتُ إلى مالي. قال: فنزلت فيه: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً﴾.
رواه البخاري عن الحُمَيْدِي، عن سُفْيان.
ورواه مسلم عن الأشَجِّ، عن وكيع، كلاهما عن الأعمش.
وقال الكلبي ومقاتل:
كان خبَّاب بن الأرَتِّ قيْناً، وكان يعمل للعاص بن وائل السهمي، وكان العاص يُؤخِّرُ حقه، فأتاه يتقاضاه، فقال العاص: ما عندي اليوم ما أقضيك. فقال [خباب]: لست بمفارقك حتى تقضيني، فقال العاص: يا خباب، مالك؟ ما كنت هكذا! وإن كنت لحسن الطلب. قال خباب: ذاك أني كنت على دينك، فأما اليوم فأنا على الإسلام مفارقٌ لدينك! قال: أو لستم تزعمون أن في الجنة ذهباً وفضة وحريراً؟ قال خباب: بلى، قال: فأخرني حتى أقضيك في الجنة - استهزاء - فوالله لئن كان ما تقول حقاً إني لأفْضَلُ فيها نَصِيباً منك. فأنزل الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا﴾ يعني العاص، الآيات.
Icon