ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١ الى ٥]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤)وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥)
١- كهيعص:
كهيعص قرىء بفتح الهاء وكسر الياء، وبكسرهما، وبضمهما.
وهى حروف صوتية لبيان أن القرآن المعجز من هذه الحروف.
٢- ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا:
ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ أي هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك.
عَبْدَهُ منصوب، والناصب له قوله ذِكْرُ.
زَكَرِيَّا بدل من قوله عَبْدَهُ.
٣- إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا:
خَفِيًّا لا جهر فيه، لأنه أبعد من الرياء وأدخل فى الإخلاص.
٤- قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا:
وَهَنَ ضعف.
وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً شاع الشيب فيه وعم.
بِدُعائِكَ أي بدعائى إياك.
شَقِيًّا غير مستجاب الدعوة.
٥- وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا:
الْمَوالِيَ عصبته واخوته وبنو عمه.
مِنْ وَرائِي بعد موتى.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦ الى ٩]
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦) يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (٩)
٦- يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا:
رَضِيًّا مرضيا فى أخلاقه وأفعاله.
٧- يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا:
سَمِيًّا أي لم يسم أحد بيحيى قبله.
٨- قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا:
أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ على التعجب لا على الإنكار.
عِتِيًّا يعنى النهاية فى الكبر.
٩- قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً:
كَذلِكَ أي الأمر كذلك، تصديق له.
هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ أي خلقه على هين.
مِنْ قَبْلُ أي من قبل يحيى.
وَلَمْ تَكُ شَيْئاً أي كما خلقك الله تعالى بعد العدم ولم تك شيئا موجودا، فهو القادر على خلق يحيى وإيجاده.
[سورة مريم (١٩) : آية ١٠]
قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (١٠)
١٠- قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا:
آيَةً أي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به.
قالَ آيَتُكَ أي علامتك أن تمنع من الكلام فلا تنطقه.
ثَلاثَ لَيالٍ أي ثلاثة أيام ولياليهن.
سَوِيًّا وأنت سليم الجوارح سوى الخلق ما بك خرس ولا بكم.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١١ الى ١٤]
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا (١٤)١١- فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا:
فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فأشرف عليهم.
مِنَ الْمِحْرابِ من المصلى. والمحراب أرفع المواضع، وكانوا يتخذون المحاريب فيما ارتفع من الأرض.
فَأَوْحى إِلَيْهِمْ فأشار.
سَبِّحُوا صلوا.
بُكْرَةً وَعَشِيًّا صباحا ومساء.
١٢- يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا:
الْكِتابَ التوراة.
بِقُوَّةٍ بجد واستظهار بالتوفيق والتأييد.
الْحُكْمَ الحكمة، وهى الفهم للتوراة والفقه فى الدين.
وقيل: العقل، لأن الله أحكم عقله فى صباه.
وقيل: النبوة، لأن الله أوحى اليه وهو صبى.
١٣- وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا:
وَحَناناً ورحمة لأبويه وغيرهما، وتعطفا وشفقة.
مِنْ لَدُنَّا من منن الله عليه.
وَزَكاةً أي طهارة. وقيل: الزكاة: الصدقة، أي يتصدق على الناس.
وَكانَ تَقِيًّا يخشى الله فى كل ما يفعل.
١٤- وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا
وَبَرًّا
أي بارا، كثير البر.
وَبَرًّا
أي بارا، كثير البر. جَبَّاراً متكبرا.
عَصِيًّا
غير لين الجانب.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ١٥ الى ٢٠]
وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩)قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠)
١٥- وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
سلم الله عليه فى هذه الأحوال الثلاث لأنها أوحش المواطن.
١٦- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا
إِذِ
بدل من مَرْيَمَ
بدل اشتمال، لأن الأحيان مشتملة على ما فيها.
انْتَبَذَتْ
تنحت وتباعدت.
مِنْ أَهْلِها
أي ممن كان معها.
مَكاناً شَرْقِيًّا
أي مكانا من جانب الشرق.
١٧- فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
رُوحَنا
أي جبريل عليه السلام.
فَتَمَثَّلَ لَها
أي تمثل الملك لها.
بَشَراً
تفسير، أو حال.
سَوِيًّا
أي مستوى الخلقة.
١٨- قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
ممن يتقى الله ويخشاه وتحفل بالاستعاذة به.
١٩- قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
من استعذت به.
لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً
لأكون سببا فى هبة الغلام.
زَكِيًّا
طاهرا خيرا.
٢٠- قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا:
وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ المس: النكاح الحلال.
وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا أي زانية.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢١ الى ٢٥]
قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا (٢١) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (٢٢) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (٢٣) فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥)٢١- قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا:
وَلِنَجْعَلَهُ أي ونخلقه لنجعله.
آيَةً دلالة على قدرتنا.
وَرَحْمَةً أي لمن آمن به.
مَقْضِيًّا مقدرا.
٢٢- فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا:
فَحَمَلَتْهُ أي فاطمأنت الى قوله فنفخ فى جيب درعها فحملت.
فَانْتَبَذَتْ بِهِ أي اعتزلت وهو فى بطنها.
قَصِيًّا بعيدا من أهلها.
٢٣- فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا:
فَأَجاءَهَا أي اضطرها.
إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ كأنها طلبت شيئا تستند اليه وتتعلق به.
يا لَيْتَنِي مِتُّ تمنت الموت مخافة أن يظن بها شر.
نَسْياً النسى، الشيء الحقير الذي شأنه أن ينسى ولا يتألم لفقده.
٢٤- فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا:
فَناداها جبريل عليه السلام.
مِنْ تَحْتِها أسفل مكانها.
سَرِيًّا جدولا.
٢٥- وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا:
وَهُزِّي إِلَيْكِ أمرها بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى فى أحياء موات الجذع.
جَنِيًّا لم يذو.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٢٦ الى ٣١]
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠)
وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١)
٢٦- فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا:
وَقَرِّي عَيْناً أي وطيبى نفسا ولا تغتمى.
صَوْماً صمتا.
إِنْسِيًّا من الإنس.
٢٧- فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا:
فَرِيًّا أي بأمر عظيم.
٢٨- يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا:
يا أُخْتَ هارُونَ كان أخاها من أبيها.
امْرَأَ سَوْءٍ فاسد الأخلاق.
بَغِيًّا فاجرة.
٢٩- فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا:
فَأَشارَتْ إِلَيْهِ أي هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه.
كَيْفَ نُكَلِّمُ أي كيف عهد قبل عيسى أن يكلم الناس صبيا فى المهد فيما سلف من الزمان حتى نكلم هذا.
٣٠- قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا:
وَجَعَلَنِي نَبِيًّا جعل الآتي لا محالة كأنه قد جاء.
الْكِتابَ الإنجيل.
٣١- وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا:
مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ نفاعا حيث كنت، أو معلما للخير.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٢ الى ٣٧]
وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦)فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧)
٣٢- وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا:
وَبَرًّا جعل ذاته برا لفرط بره.
جَبَّاراً متعظما متكبرا.
شَقِيًّا خائبا من الخير.
٣٣- وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا:
وَالسَّلامُ عَلَيَّ أي السلامة على من الله تعالى.
يَوْمَ وُلِدْتُ فى الدنيا.
وَيَوْمَ أَمُوتُ فى القبر.
وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا فى الآخرة.
٣٤- ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ:
قَوْلَ الْحَقِّ بالنصب، مصدر مؤكد لمضمون الجملة.
الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ يشكون. أي ذلك عيسى ابن مريم الذي فيه يمترون القول الحق.
٣٥- ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ:
ما كانَ لِلَّهِ ما ينبغى لله ولا يجوز.
مِنْ وَلَدٍ من، صلة للكلام، أي أن يتخذ ولدا.
سُبْحانَهُ أن يكون له ولد، أي تنزه عن أن يكون له ولد.
٣٦- وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ:
هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ أي دين قويم لا اعوجاج فيه.
٣٧- فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ:
الْأَحْزابُ النصارى لتحزبهم ثلاث فرق: نسطورية، ويعقوبية، وملكانية.
مِنْ مَشْهَدِ من مشهود.
يَوْمٍ عَظِيمٍ يوم القيامة، أي من شهودهم هول الحساب والجزاء فى يوم القيامة.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٣٨ الى ٤١]
أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨) وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٩) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٤١)
٣٨- أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ:
أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يقال هذا فى موضع التعجب.
الْيَوْمَ فى الدنيا.
فِي ضَلالٍ مُبِينٍ لقولهم عيسى ابن الله. والضلال المبين: إغفالهم النظر والاستماع.
٣٩- وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ:
يَوْمَ الْحَسْرَةِ يوم يتحسرون على ما فاتهم.
إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ إذ فرغ من الحساب.
وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وقد كانوا فى الدنيا غافلين عن ذلك اليوم.
وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ لا يصدقون بالبعث والجزاء.
٤٠- إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ:
أي فليعلم الناس أن الله هو الوارث لهذا الكون وما فيه، ومرجعهم اليه فيحاسبهم على ما فعلوا.
٤١- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا:
وَاذْكُرْ أيها الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم للناس.
فِي الْكِتابِ ما فى القرآن من قصة ابراهيم.
إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً عظيم الصدق قولا وعملا.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٤٢ الى ٤٦]
إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً (٤٢) يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣) يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا (٤٤) يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (٤٥) قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦)
٤٢- إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً
إِذْ
أي واذكر إذ.
قالَ لِأَبِيهِ
قال ابراهيم لأبيه.
لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ
كيف تعبد أصناما لا تسمع ولا تبصر.
وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً
لا تجلب لك خيرا، ولا تدفع عنك شرا.
٤٣- يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا:
قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ من طريق الوحى الإلهى.
ما لَمْ يَأْتِكَ من العلم بالله والمعرفة بما يلزم الإنسان نحو ربه.
فَاتَّبِعْنِي فيما أدعوك إليه من الإيمان.
أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا أدلك على الصراط المستقيم.
٤٤- يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا:
لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ لا تطع الشيطان فيما يزين لك من عبادة الأصنام.
عَصِيًّا دائبا على معصية الرحمن.
٤٥- يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا:
أي إنى أخاف إن أصررت على الكفر أن يصيبك عذاب شديد من الرحمن، فتكون قرينا للشيطان فى النار ومن أوليائه.
٤٦- قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا:
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لئن لم تكف عن سبها.
لَأَرْجُمَنَّكَ لأرمينك بلساني، يريد الشتم والذم، أو لأقتلنك رجما بالحجارة.
مَلِيًّا زمانا طويلا، أو مليا بالذهاب عنى، قبل أن أثخنك بالضرب فلا تقدر أن تبرح، يقال: فلان ملى بكذا، إذا كان مطيقا له مضطلعا به.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٤٧ الى ٥١]
قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١)
٤٧- قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا:
سَلامٌ عَلَيْكَ سلام توديع ومتاركة، ويجوز أن يكون دعاء له بالسلامة استمالة له.
سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي سأدعوه لك بالهداية لتكون ممن يغفر لهم.
إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا الحفي: الواسع البر.
٤٨- وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا:
وَأَعْتَزِلُكُمْ وأترككم وما أنتم عليه من عبادة الأصنام.
وَأَدْعُوا رَبِّي وأعبد ربى.
عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا رجاء أن يقبل الله عبادتى.
٤٩- فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا:
جَعَلْنا نَبِيًّا اصطفيناه نبيا.
٥٠- وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا:
وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا من كل خير دنيوى.
وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا من ثناء حسن سام.
٥١- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا:
رَسُولًا نَبِيًّا أي نبيا مرسلا يحمل من الله رسالة.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥٢ الى ٥٨]
وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦)
وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧) أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨)
٥٢- وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا:
الْأَيْمَنِ أي من ناحيته اليمنى.
وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا كلمناه دون ملك.
٥٣- وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا:
مِنْ رَحْمَتِنا من أجل رحمتنا وترأفنا عليه، أو بعض رحمتنا.
هارُونَ عطف بيان.
٥٤- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا:
صادِقَ الْوَعْدِ حين وعد أباه بالصبر على الذبح فوفىّ.
٥٥- وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا:
أَهْلَهُ أمته.
مَرْضِيًّا أي رضيا زاكيا صالحا.
٥٦- وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا:
صِدِّيقاً يصدق قولا وفعلا.
٥٧- وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا:
مَكاناً عَلِيًّا مكانا ساميا.
٥٨- أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا:
أُولئِكَ اشارة الى المذكورين فى السورة من لدن زكريا الى إدريس.
سُجَّداً وَبُكِيًّا ساجدين باكين من خشية الله.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥٩ الى ٦٤]
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلاَّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (٦٠) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (٦١) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاَّ سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (٦٢) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (٦٣)
وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤)
٥٩- فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا:
غَيًّا ضلالا عن طريق الرشاد.
٦٠- إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً:
وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً لا ينقصون شيئا من جزاء أعمالهم.
٦١- جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا:
بِالْغَيْبِ وعدهم إياها وهى غائبة عنهم غير حاضرة، أو وهم غائبون عنها لا يشاهدونها، أو بتصديق الغيب والإيمان به.
مَأْتِيًّا آتيا، مفعول بمعنى فاعل.
٦٢- لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا:
لَغْواً اللغو: فضول الكلام وما لا طائل تحته.
إِلَّا سَلاماً تسليم بعضهم على بعض، أو تسليم الملائكة عليهم.
٦٣- تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا:
الَّتِي نُورِثُ أي نبقى عليه الجنة كما نبقى على الوارث مال الموروث.
مَنْ كانَ تَقِيًّا من خشى الله وأطاعه.
٦٤- وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا:
وَما خَلْفَنا من الجهات والأماكن.
وَما بَيْنَ ذلِكَ وما نحن فيه فلا نتمالك أن ننتقل من جهة الى جهة الا بأمر المليك ومشيئته.
وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وما كان تاركا لك.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٥ الى ٦٨]
رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥) وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨)
٦٥- رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا:
رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بدل من قوله رَبِّكَ.
هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا أي لم يسم شىء بالله قط.
٦٦- وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا:
لَسَوْفَ أُخْرَجُ من الأرض، أو من حال الفناء.
٦٧- أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً:
أَوَلا يَذْكُرُ الواو، عطف لا يَذْكُرُ على يَقُولُ ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف. والمعنى: أيقول ذاك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى.
مِنْ قَبْلُ من قبل الحالة التي هو فيها، وهى حالة بقائه.
٦٨- فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا:
فَوَ رَبِّكَ فى إقسام الله تعالى باسمه مضافا الى رسوله، تفخيم لشأن الرسول ورفع منه.
وَالشَّياطِينَ الواو، للعطف، أو بمعنى: مع، وهو الوجه، والمعنى: أنهم يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٦٩ الى ٧٣]
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣)
٦٩- ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا:
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ أي لنستخرجن.
مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ من كل أمة وأهل دين.
أَيُّهُمْ بالرفع على الحكاية، أي لننزعن من كل شيعة الذي يقال من أجل عتوه: أيهم أشد على الرحمن عتيا.
وقيل الرفع على الابتداء، والجملة مستأنفة.
أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا أي الأعتى فالأعتى، كأنه يبتدأ بالتعذيب بأشدهم عتيا ثم الذي يليه.
٧٠- ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا:
أَوْلى بِها صِلِيًّا أي أحق بدخول النار يصطلون نارها.
٧١- وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا:
وَإِنْ مِنْكُمْ قسم، والواو يتضمنه.
وارِدُها مار بها.
حَتْماً موجبا.
مَقْضِيًّا سبق به قضاء الله.
٧٢- ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا:
جِثِيًّا جاثين على ركبهم.
٧٣- وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا:
بَيِّناتٍ أي: بينات المقاصد.
مَقاماً المقام، بالفتح: موضع القيام. وقرىء بالضم، ومعناه: الإقامة.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٤ الى ٧٧]
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤) قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (٧٧)
٧٤- وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً:
وَكَمْ مفعول للفعل أَهْلَكْنا.
مِنْ قَرْنٍ من، تبيين لما فى كَمْ من إبهام، أي كثيرا من القرون أهلكنا.
هُمْ أَحْسَنُ فى محل النصب صفة لقوله كَمْ.
أَثاثاً متاعا.
وَرِءْياً منظرا وهيئة.
٧٥- قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً:
فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا أي يمهله ويملى له فى العمر.
إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ أي إلى أن يشاهدوا الموعد رأى عين.
إِمَّا الْعَذابَ فى الدنيا.
وَإِمَّا السَّاعَةَ أو يشاهدوا الساعة ومقدماتها.
٧٦- وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا:
وَيَزِيدُ معطوف على موضع فَلْيَمْدُدْ لأنه واقع موقع الخبر.
الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً أي ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه.
وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ أعمال الآخرة كلها.
خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً من مفاخرات الكفار.
وَخَيْرٌ مَرَدًّا أي مرجعا وعاقبة.
٧٧- أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً:
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٨ الى ٨٢]
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)
٧٨- أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً:
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أي أرتقى الى علم الغيب الذي توحد به الواحد القهار.
أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً أي وإما عهد من عالم الغيب.
٧٩- كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا:
كَلَّا ردع وتنبيه على الخطأ، أي هو مخطئ فيما تصوره لنفسه ويتمناه فليرتدع عنه.
وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا أي نطول له من العذاب ما يستأهل، أو نزيده من العذاب ونضاعف له من المدد.
٨٠- وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً:
وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ أي ونزوى عنه ما زعم أنه يناله فى الآخرة ونعطيه من يستحقه. والمعنى: مسمّى ما يقول، وهو المال والولد.
وَيَأْتِينا فَرْداً أي هب أنا أعطيناه ما اشتهاه فإنا نرثه منه فى العاقبة ويأتينا فردا غدا بلا مال ولا ولد.
٨١- وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا:
لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا أي ليتعززوا بهم حيث يكونون لهم عند الله شفعاء وأنصارا ينقذونهم من العذاب.
٨٢- كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا:
كَلَّا ردع لهم وانكار لتعززهم بالآلهة.
سَيَكْفُرُونَ الضمير للآلهة، أي سيجحدون عبادتهم وينكرونها ويقولون: والله ما عبدتمونا وأنتم كاذبون.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨٣ الى ٨٧]
أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٨٧)
٨٣- أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا:
تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أي تغريهم على المعاصي وتهيجهم لها بالوساوس والتسويلات.
٨٤- فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا:
فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ أي لا تعجل عليهم بأن يهلكوا ويبيدوا حتى تستريح أنت والمسلمون من شرورهم.
إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا أي فليس بينك وبين ما تطلب من هلاكهم الا أيام محصورة وأنفاس معدودة، كأنها فى سرعة تقضيها الساعة التي تعد فيها لو عدت.
٨٥- يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً:
يَوْمَ منصوب بمضمر، أي اذكر يوم.
نَحْشُرُ نجمع.
وَفْداً كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين للكرامة عندهم.
٨٦- وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً:
وَنَسُوقُ ندفع كما تدفع النعم العطاش.
وِرْداً أي واردين. والأصل فيه للورود لأن من يرد الماء لا يرده الا لعطش.
٨٧- لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً:
لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ أي لا يملكون أن يشفع لهم.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨٨ الى ٩٥]
وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢)
إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥)
٨٨- وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً:
يعنى قول النصارى حين جعلوا عيسى ابنا لله.
٨٩- لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا:
إِدًّا أمرا منكرا.
٩٠- تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا:
يَتَفَطَّرْنَ يتشققن.
٩١- أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً:
أَنْ دَعَوْا فى محل جرّ بدلا من الهاء فى مِنْهُ أو فى محل نصب على تقدير سقوط اللام وإفضاء الفعل، أي هذا لأن دعوا.
٩٢- وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً:
وَما يَنْبَغِي أي لا يستقيم عقلا، فاتخاذ الولد من صفات المحدث، والله تعالى قديم.
٩٣- إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً:
عَبْداً خاضعا لألوهيته.
٩٤- لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا:
أَحْصاهُمْ أحاط بهم علمه وعلم عددهم.
وَعَدَّهُمْ عَدًّا تأكيد، أي فلا يخفى عليه أحد منهم.
٩٥- وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً:
فَرْداً أي واحدا لا ناصر له.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٩٦ الى ٩٨]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨)٩٦- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا:
وُدًّا أي حبا فى قلوب عباده.
٩٧- فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا:
يَسَّرْناهُ أي القرآن الكريم.
بِلِسانِكَ أي بلغتك، وهو اللسان العربي المبين.
لُدًّا شداد الخصومة بالباطل.
٩٨- وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً:
رِكْزاً صوتا خفيفا.