تفسير سورة الجاثية

تفسير العز بن عبد السلام
تفسير سورة سورة الجاثية من كتاب تفسير العز بن عبد السلام المعروف بـتفسير العز بن عبد السلام .
لمؤلفه عز الدين بن عبد السلام . المتوفي سنة 660 هـ
سُورَةُ الجَاثِيةِ مكية، أو إلا آية ﴿ قل للذين آمنوا ﴾ [ ١٤ ] نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه -.

٢ - ﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ أضافه إليه تعظيماً لشأنه، أو افتتح بأنه كتاب منه كما يفتتح الكاتب كتابه بذكر اسمه والوجهان يجريان في أمثال هذه.
٥ - ﴿وتصريف الرياح﴾ ينقل الشمال جنوباً والجنوب شمالاً، أو إرسالها حيث شاء، أو تارة رحمة وتارة نقمة.
﴿تلك ءاياتُ الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وءاياته يؤمنون (٦) ويل لكل أفاكٍ أثيم (٧) يسمعُ ءاياتِ الله تتلى عليهم ثم يصر مستكبراً كأن لم يسمعها فبشرهُ بعذابٍ أليم (٨) وإذا علم من ءاياتنا شيئاً اتخذها هزواً أولئك لهم عذابٌ مهين (٩) من ورائهم جهنم ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذابٌ عظيم (١٠) هذا هدىً والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذابٌ من رجزٍ أليم (١١) ﴾
٧ - ﴿أَفَّاكٍ﴾ كذاب، أو مكذب بربه، أو كاهن.
٨ - ﴿يُصِرُّ﴾ يقيم على الشرك مستكبراً عن الطاعة، أو الإصرار عقد العزم على الشيء من عقد الصرة إذا شدها ﴿كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ في عدم الاتعاظ بها والقبول لها، نزلت في النضر بن الحارث.
﴿الله الذي سخر لكم البحر لتجريَ الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون (١٢) وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون (١٣) قل للذين ءامنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوماً بما كانوا يكسبون (١٤) من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون (١٥) ﴾
١٤ - ﴿لا يرجون﴾ لا يبالون نعم الله أولا يخشون عقاباً ولا يطعمون في نصره في الدنيا ولا في الآخرة وأراد بالأيام أيام النعم والنقم في الدنيا إذ ليس في الآخرة ليل ولا نهار، أو أيام ثواب الآخرة وعقابها فعبّر عن الوقت بالأيام ﴿يَغْفِرُواْ﴾ تقديره " قل اغفروا " يغفر بالعفو وترك المجازاة على الأذى نزلت في عمر - رضي الله تعالى عنه - سبّه مشرك فهمَّ أن يبطش به فلما نزلت كف عنه وهي محكمة في العفو عن الأذى في غير الدين، أو نسختها آية السيف، أو قوله ﴿أذن للذين يقاتلون﴾ [الحج: ٣٩].
{ولقد ءاتينا بني إسرائيل الكتاب والحكمَ والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين (١٦) وءاتيناهم بيناتٍ من الأمرِ فما اختلفوا إلا من بعدِ ما جاءهمُ العلمُ بغياً بينهم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (١٧) ثم
175
جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (١٨) إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياءُ بعضٍ والله وليُّ المتقين (١٩) هذا بصائرُ للناس وهدىً ورحمةٌ لقومٍ يوقنون (٢) }
176
١٧ - ﴿بيناتٍ مِّنَ الأَمْرِ﴾ ذكر الرسول [صلى الله عليه وسلم] وشواهد نبوته، أو بيان الحلال والحرام ﴿مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ﴾ من بعد يوشع بن نون فآمن بعضهم وكفر بعض، أو من بعد علمهم بما في التوراة ﴿بَغْياً﴾ طلبا للرياسة وأنفة من اتباع الحق، أو بغياً على الرسول [صلى الله عليه وسلم] بجحد صفته في كتابهم، أو أرادوا رخاء الدنيا فأحلوا من كتابهم ما شاءوا وحرموا ما شاءوا.
١٨ - ﴿شريعةٍ﴾ طريقة كالشريعة التي هي طريق الماء والشارع طريق إلى المقصد ﴿مِّنَ الأَمْرِ﴾ الدين لأنه طريق النجاة. أو الفرائض والحدود والأمر والنهي، أو السنة، أو البينة لأنها طريق إلى الحق أو السنة بمن تقدمه.
﴿أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواءٌ محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (٢١) وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفسٍ بما كسبت وهم لا يظلمون (٢٢) أفرءيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غِشاوةً فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون (٢٣) ﴾
٢١ - ﴿اجْتَرَحُواْ السَّيِّئَاتِ﴾ اكتسبوا الشرك يريد عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة ﴿كالذين آمنوا﴾ علي وحمزة وعبيدة بن الحارث حين [١٧٧ / ب] /
176
برزوا لهم يوم بدر فقتلوهم.
177
٢٣ - ﴿إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ لا يهوى شيئاً إلا ركبه " ع "، أو يعبد ما يهواه ويستحسنه كان أحدهم يعبد الحجر فإذا رأى أحسن منه رماه وعبد الآخر، أو أرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ﴾ وجده ضالاً، أو ضل عن الله.
قال الشاعر:
(هَبُوني امْرَأ منكُمْ أضلَّ بَعيرَهُ له ذِمَّةٌ إِنَّ الذِّمَامَ كَبِيرُ)
ضل عنه بعيره.
177
﴿عَلَى عِلْمٍ﴾ منه أنه ضال، أو عِلِم الله - تعالى - في سابق علمه أنه سيضل ﴿وَخَتَمَ علَىَ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ﴾ فلا يسمع الوعظ ولا يفقه الهدى وغشي بصره فلا يبصر الرشد أخبر عنهم بذلك، أو دعا به عليهم نزلت في الحارث بن قيس، أو في الحارث بن نوفل.
﴿وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) ٢٤) وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بيناتٍ ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين (٢٥) ﴾
178
٢٤ - ﴿نَمُوتُ﴾ نحن ويحيا أولادنا، أو يموت بعضنا ويحيا بعضنا، أو تقديره نحيا ونموت ﴿إِلا الدَّهْرُ﴾ العمر، أو الزمان، أو الموت.
(................................ والدهرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ)
أو وما يهلكنا إلا الله. قال عكرمة.
﴿ولله ملك السموات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون (٢٧) وترى كل أمة جاثيةً كل أمةٍ تدعى إلى كتابها اليومَ تجزون ما كنتم تعملون (٢٨) هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون (٢٩) ﴾
٢٨ - ﴿كل أمة﴾ كل أهلة ملة ﴿جَاثِيَةً﴾ مستوفزة والمستوفز الذي لا يصيب الأرض إلا ركبتاه وأطراف أنامله أو مجتمعة " ع "، أو متميزة، أو خاضعة بلغة قريش، أو باركة على الركب " ح " للكفار خاصة، أو عامة فيهم وفي المؤمنين انتظاراً للحساب. قال الرسول [صلى الله عليه وسلم] " كأني أراكم بالكوم جاثين دون جهنم " ﴿كِتَابِهَا﴾ حسابها، أو المنزل على رسولها، أو الذي كان يستنسخ لها فيه ما علمت من شر أو خير.
٢٩ - ﴿هَذَا كِتَابُنَا﴾ القرآن يدلكم على ما فيه من الحق فكأنه شاهد عليكم، أو اللوح المحفوظ يشهد بما فيه من شقاوة وسعادة أو كتاب أعمالهم يشهد عليكم بما تضمنه من صدق أعمالكم. ﴿نَسْتَنسِخُ﴾ يستكتب الحفظة أعمالهم في الدنيا، أو الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدون عندها من أحوال العباد. أو ما حفظته عليكم الحفظة لأن الحفظة ترفع إلى الخزنة صحائف الأعمال.
﴿فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين (٣٠) وأما الذين كفروا أفلم تكن ءاياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوماً مجرمين (٣١) وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين (٣٢) وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون (٣٣) وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين (٣٤) ذلكم بأنكم اتخذتم ءايتِ الله هزواً وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون (٣٥) فلله﴾
179
﴿الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين (٣٦) وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم (٣٧) ﴾
180
٣٤ - ﴿نَنسَاكُمْ﴾ نترككم في النار كما تركتم أمري، أو نترككم من الخير كما تركتم العمل، أو نترككم من الرحمة كما تركتم الطاعة.
٣٧ - ﴿الْكِبْرِيَآءُ﴾ العظمة، أو السلطان، أو الشرف، أو البقاء ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ في انتقامه ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيره.
180
سورة الأحقاف
مكية أو إلا آية ﴿قل أرأيتم إن كان من عند الله) شاذ، أو قوله {وشهد شاهد من بني إسرائيل﴾ الآية: ١٠.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿حم (١) تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم (٢) ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفورا عما أنذروا معرضون (٣) قل أرءيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شركٌ في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علمٍ إن كنتم صادقين (٤) ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون (٥) وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) ﴾
١ -،
181
Icon