وإنما قُدّم في قوله :«إقرأ باسم ربك » للاهتمام بالقرآن، لأن ذلك أوّل سورة نزلت.
فإن قلتَ : الرحمن أبلغ من الرحيم فكيف قدّمه ؟ وعادة العرب في صفات المدح الترقّي من " الأدنى " إلى " الأعلى " كقولهم : فلان عالم نِحرير.. لأن ذكر الأعلى أولا، ثم الأدنى، لم يتجدد بذكر الأدنى فائدة، بخلاف عكسه ؟ !
قلت : إن كانا بمعنى واحد كندمان ونديم، كما قال الجوهري وغيره فلا إشكال، أو بأن " الرحمن " أبلغ كما عليه الأكثر( ١ )، فإنما قدّمه لأنه اسم خاص بالله تعالى كلفظ " الله ".
فإن قلتَ : إذا كان " نستعينك " مفيدا لقطع الاشتراك بين العامِلَين، فلِمَ عدَل عنه مع أنه أخصر، إلى " وإيّاك نستعين " ؟
قلتُ : عدل إليه ليفيد الحصر بين العاملين مع أنه أخصر.
فإن قلتَ : فلِم قدّم العبادة على الاستعانة، مع أن الاستعانة مقدمة، لأن العبد يستعين الله على العبادة ليعينه عليها ؟
قلتُ : الواو لا تقتضي الترتيب، أو المراد بالعبادة التوحيد( ١ ) وهو مقدّم على الاستعانة على سائر العبادات.
فإن قلتَ : المراد " بالصراط المستقيم " الإسلام، أو القرآن، أو طريق الجنة كما قيل.. والمؤمنون مهتدون إلى ذلك، فما معنى طلب الهداية له، إذ فيه تحصيل الحاصل ؟
قلتُ : معناه ثبّتنا وأدمنا عليه مع الاستقامة كما في قوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ ﴾ ( ١ ) [ النساء : ١٣٦ ].
فإن قلتَ : ما فائدة دخول " لا " في قوله ﴿ ولا الضّالين ﴾ [ الفاتحة : ٧ ] مع أن الكلام بدونها كاف في المقصود ؟
قلتُ : فائدته توكيد النفي المفاد من " غير ".