تفسير سورة القدر

الدر المنثور
تفسير سورة سورة القدر من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة ﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾ بمكة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وعائشة مثله.

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ بِمَكَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة مثله
وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ قَالَ: أنزل الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر جملَة وَاحِدَة من الذّكر الَّذِي عِنْد رب الْعِزَّة حَتَّى وضع فِي بَيت الْعِزَّة فِي السَّمَاء الدُّنْيَا ثمَّ جعل جِبْرِيل ينزل على مُحَمَّد بحراء بِجَوَاب كَلَام الْعباد وأعمالهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ قَالَ: أنزل الله الْقُرْآن جملَة فِي لَيْلَة الْقدر كُله ﴿لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾ يَقُول: خير من عمل ألف شهر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن
567
الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ قَالَ: لَيْلَة الحكم
وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس قَالَ: الْعَمَل فِي لَيْلَة الْقدر وَالصَّدَََقَة وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة أفضل من ألف شهر
وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي فِي قَوْله: ﴿لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾ قَالَ: عمل فِيهَا خير من عمل فِي ألف شهر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾ قَالَ: خير من ألف شهر لَيْسَ فِيهَا لَيْلَة الْقدر وَفِي قَوْله: ﴿تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا بِإِذن رَبهم من كل أَمر﴾ قَالَ: يقْضِي فِيهَا مَا يكون فِي السّنة إِلَى مثلهَا ﴿سَلام هِيَ﴾ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ بركَة كلهَا وَخير ﴿حَتَّى مطلع الْفجْر﴾ يَقُول: إِلَى مطلع الْفجْر
وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَنهُ أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرِي أَعمال النَّاس قبله أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك فَكَأَنَّهُ تقاصر أَعمار أمته أَن لَا يبلغُوا من الْعَمَل مثل مَا بلغ غَيرهم فِي طول الْعُمر فَأعْطَاهُ الله لَيْلَة الْقدر خيرا من ألف شهر
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل يقوم اللَّيْل حَتَّى يصبح ثمَّ يُجَاهد العدوّ بِالنَّهَارِ حَتَّى يُمْسِي فَفعل ذَلِك ألف شهر فَأنْزل الله ﴿لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾ قيام تِلْكَ اللَّيْلَة خير من عمل ذَلِك الرجل ألف شهر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رجلا من بَين إِسْرَائِيل لبس السِّلَاح فِي سَبِيل الله ألف شهر فَعجب الْمُسلمُونَ من ذَلِك فَأنْزل الله ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾ الَّتِي لبس فِيهَا ذَلِك الرجل السِّلَاح فِي سَبِيل الله ألف شهر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن عُرْوَة قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا أَرْبَعَة من بني إِسْرَائِيل عبدُوا الله ثَمَانِينَ عَاما لم يعصوه طرفه عين فَذكر أَيُّوب وزَكَرِيا وحزقيل بن الْعَجُوز ويوشع بن نون فَعجب أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد عجبت أمتك من عبَادَة هَؤُلَاءِ النَّفر ثَمَانِينَ سنة فقد أنزل الله خيرا من ذَلِك فَقَرَأَ عَلَيْهِ ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾
568
هَذَا أفضل مِمَّا عجبت أَنْت وَأمتك فسر بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس مَعَه
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني أُميَّة على منبره فساءه ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ ملك يصيبونه وَنزلت ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾
وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْت بني أُميَّة يصعدون منبري فشق ذَلِك عليّ فَأنْزل الله ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن يُوسُف بن مَازِن الرُّؤَاسِي قَالَ: قَامَ رجل إِلَى الْحسن بن عَليّ بعد مَا بَايع مُعَاوِيَة فَقَالَ: سوّدت وُجُوه الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: لَا تؤنبني رَحِمك الله فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى بني أُميَّة يخطبون على منبره فساءه ذَلِك فَنزلت (إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر) (سُورَة الْكَوْثَر الْآيَة ١) يَا مُحَمَّد يَعْنِي نَهرا فِي الْجنَّة وَنزلت ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾ يملكهَا بعْدك بَنو أُميَّة يَا مُحَمَّد: قَالَ الْقَاسِم: فعددنا فَإِذا هِيَ ألف شهر لَا تزيد يَوْمًا وَلَا تنقص يَوْمًا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ قَالَ: لَيْلَة الحكم ﴿وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر﴾ قَالَ: لَيْلَة الحكم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر﴾ قَالَ: خير من ألف شهر عَملهَا أَو صيامها وقيامها وَلَيْسَ فِي تِلْكَ الشُّهُور لَيْلَة الْقدر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: مَا أعلم ليَوْم فضلا على يَوْم وَلَا لَيْلَة إِلَّا لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا خير من ألف شهر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا﴾ قَالَ: الرّوح جِبْرِيل ﴿من كل أَمر سَلام﴾ قَالَ: لَا يحل لكوكب أَن يرْجم بِهِ فِيهَا حَتَّى يصبح
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي
569
حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿سَلام هِيَ﴾ قَالَ: سَالِمَة لَا يَسْتَطِيع الشَّيْطَان أَن يعْمل فِيهَا سوءا أَو يعْمل فِيهَا أَذَى
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ﴿من كل أَمر سَلام﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مَنْصُور بن زَاذَان قَالَ: ﴿تنزل الْمَلَائِكَة﴾ من حِين تغيب الشَّمْس إِلَى أَن يطلع الْفجْر يَمرونَ على كل مُؤمن يَقُولُونَ: السَّلَام عَلَيْك يَا مُؤمن
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: ﴿سَلام﴾ قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر لم تزل الْمَلَائِكَة تخفق بأجنحتها بِالسَّلَامِ من الله وَالرَّحْمَة من لدن صَلَاة الْمغرب إِلَى طُلُوع الْفجْر
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿سَلام﴾ قَالَ: تِلْكَ اللَّيْلَة تصعد مَرَدَة الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وعفاريت الْجِنّ وتفتح فِيهَا أَبْوَاب السَّمَاء كلهَا وَيقبل الله فِيهَا التَّوْبَة لكل تائب فَلِذَا قَالَ: ﴿سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر﴾ قَالَ: وَذَلِكَ من غرُوب الشَّمْس إِلَى أَن يطلع الْفجْر
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن سعيد بن الْمسيب أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر أَهِي شَيْء كَانَ فَذهب أم هِيَ فِي كل عَام فَقَالَ: بل هِيَ لأمة مُحَمَّد مَا بَقِي مِنْهُم اثْنَان
وَأخرج الديلمي عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله وهب لأمتي لَيْلَة الْقدر وَلم يُعْطهَا من كَانَ قبلهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مكانس مولى مُعَاوِيَة قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: زَعَمُوا أَن لَيْلَة الْقدر قد رفعت قَالَ: كذب من قَالَ ذَلِك
قلت: هِيَ فِي كل رَمَضَان أستقبله قَالَ: نعم
قلت: زَعَمُوا أَن السَّاعَة الَّتِي فِي الْجُمُعَة لَا يَدْعُو فِيهَا مُسلم إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ قد رفعت
قَالَ: كذب من قَالَ ذَلِك قلت: هِيَ فِي كل جُمُعَة اسْتَقْبلهَا قَالَ: نعم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر أَفِي كل رَمَضَان وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه: أَفِي رَمَضَان هِيَ قَالَ: نعم ألم تسمع إِلَى قَول الله تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ وَقَوله: (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة ١٨٥)
570
أخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أسمع عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: هِيَ فِي كل رَمَضَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه اطْلُبُوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الفلتان بن عَاصِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي رَأَيْت لَيْلَة الْقدر ثمَّ نسيتهَا فاطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس أَنهم كَانُوا قعُودا فِي الْمجْلس حِين أقبل إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيعا حَتَّى فزعنا لسرعته فَلَمَّا انْتهى إِلَيْنَا ثمَّ سلم قَالَ: جِئْت إِلَيْكُم مسرعاً لكيما أخْبركُم بليلة الْقدر فنسيتها فِيمَا بيني وَبَيْنكُم وَلَكِن التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر
وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: فِي رَمَضَان فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَإِنَّهُمَا فِي لَيْلَة وتر فِي إِحْدَى وَعشْرين أَو ثَلَاث وَعشْرين أوخمس وَعشْرين أَو سبع وَعشْرين أَو تسع وَعشْرين أَو آخر لَيْلَة من رَمَضَان من قامها إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمن أماراتها أَنَّهَا لَيْلَة بلجة صَافِيَة سَاكِنة ساجية لَا حارة وَلَا بَارِدَة كَأَن فِيهَا قمراً ساطعاً وَلَا يحل لنجم أَن يرْمى بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى الصَّباح وَمن أماراتها أَن الشَّمْس تطلع صبيحتها لَا شُعَاع لَهَا مستوية كَأَنَّهَا الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَحرم الله على الشَّيْطَان أَن يخرج مَعهَا يَوْمئِذٍ
وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي كنت رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة وَهِي فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي الْوتر وَهِي لَيْلَة طَلْقَة بلجة لَا حارة وَلَا بَارِدَة كَأَن فِيهَا قمراً لَا يخرج شيطانها حَتَّى يضيء فجرها
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر قَالَ: قد كنت علمتها ثمَّ اختلست مني وَإِنَّهَا فِي رَمَضَان فاطلبوها فِي تسع يبْقين
571
أَو سبع يبْقين أَو ثَلَاث يبْقين وَآيَة ذك أَن الشَّمْس تطلع لَيْسَ لَهَا شُعَاع وَمن قَامَ السّنة سقط عَلَيْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن زنجوية وَابْن نصر عَن أبي عقرب الْأَسدي قَالَ: أَتَيْنَا ابْن مَسْعُود فِي دَاره فسمعناه يَقُول: صدق الله وَرَسُوله فَسَأَلته فَأخْبرنَا أَن لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع من النّصْف الْأَخير وَذَلِكَ أَن الشَّمْس تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا فَنَظَرت إِلَى السَّمَاء فَإِذا هِيَ كَمَا حدثت فكبرت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق الْأسود عَن عبد الله قَالَ: تحروا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع تبقى تحروها لتسْع تبقى تحروها لإِحدى عشرَة تبقى صَبِيحَة بدر فَإِن الشَّمْس تطلع كل يَوْم بَين قَرْني شَيْطَان إِلَّا صَبِيحَة لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَيْسَ لَهَا شُعَاع
وَأخرج ابْن زنجوية وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ذكرنَا لَيْلَة الْقدر عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كم بَقِي من الشَّهْر قُلْنَا: مَضَت اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَبَقِي ثَمَان
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَضَت اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَبقيت سبع التمسوها اللَّيْلَة الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي أول لَيْلَة من رَمَضَان وَفِي تِسْعَة وَفِي إِحْدَى عشرَة وَفِي أحدى وَعشْرين وَفِي آخر لَيْلَة من رَمَضَان
وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة الْقدر إِنَّهَا آخر لَيْلَة
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر آخر لَيْلَة من رَمَضَان
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: أَخْبرنِي عَن لَيْلَة الْقدر أَي شَيْء تكون فِي زمَان الْأَنْبِيَاء ينزل عَلَيْهِم فِيهَا الْوَحْي فَإِذا قبضوا رفعت أم هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: بل هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
قلت يَا رَسُول الله: فِي أَي رَمَضَان هِيَ قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الأول وَفِي الْعشْر الْأَوَاخِر
قَالَ: ثمَّ حدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحدث فاهتبلت غفلته فَقلت: يَا رَسُول الله أَقْسَمت عَلَيْك تُخبرنِي أَو لما أَخْبَرتنِي فِي أَي الْعشْر هِيَ فَغَضب عليّ غَضبا مَا غضب عليّ مثله لَا قبله وَلَا بعده
572
فَقَالَ: إِن الله لَو شَاءَ لأطلعكم عَلَيْهَا التمسوها فِي السَّبع الْأَوَاخِر لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء بعْدهَا
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْوتر من الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان
وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالطَّيَالِسِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوْسَط من شهر رَمَضَان فاعتكف عَاما حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج من اعْتِكَافه فَقَالَ: من اعْتكف معي فليعتكف الْعشْر الْأَوَاخِر وَقد رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة ثمَّ أنسيتها وَقد رَأَيْتنِي أَسجد من صبيحتها فِي مَاء وطين فالتمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر والتمسوها فِي كل وتر
قَالَ أَبُو سعيد: فمطرت السَّمَاء من تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَ الْمَسْجِد على عَرِيش فوكف الْمَسْجِد
قَالَ أَبُو سعيد: فَأَبْصَرت عَيْنَايَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى جَبهته وَأَنْفه أثر المَاء والطين من صَبِيحَة إِحْدَى وَعشْرين
وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن زَنْجوَيْه والطَّحَاوِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أنيس أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: التمسوها اللَّيْلَة وَتلك اللَّيْلَة وَلَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين
وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبد الله بن أنس الْجُهَنِيّ قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل شاسع الدَّار فمرني بليلة أنزلهَا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنزل لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين من رَمَضَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قلت لضمرة بن عبد الله بن أنيس مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَبِيك لَيْلَة الْقدر قَالَ: كَانَ أبي صَاحب بادية قَالَ: فَقلت يَا رَسُول الله مرني بليلة أنزل فِيهَا قَالَ: انْزِلْ لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين
قَالَ: فَلَمَّا تولى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر
وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَوْا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي أرى
573
رؤياكم قد توطأت فِي السَّبع الْأَوَاخِر فَمن كَانَ متحريها فليتحرها فِي السَّبع الْأَوَاخِر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: خرج نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُرِيد أَن يخبرنا بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين قَالَ: خرجت لأخبركم بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين فلَان وَفُلَان فَرفعت وَعَسَى أَن يكون خيرا لكم فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج وَهُوَ يُرِيد أَن يخبر أَصْحَابه بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خرجت وَأَنا أُرِيد أَن أخْبركُم بليلة الْقدر فتلاحى رجالن فاختلجت مني فاطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تاسعة تبقى أَو سابعة تبقى أَو خَامِسَة تبقى
وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان فِي تاسعة تبقى وَفِي سابعة تبقى وَفِي خَامِسَة تبقى
وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تاسعة وسابعة وخامسة
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن جوشن قَالَ: ذكرت لَيْلَة الْقدر عِنْد أبي بكرَة فَقَالَ: أما أَنا فلست بملتمسها إِلَّا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر بعد حَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر لتاسعة تبقى أَو سابعة تبقى أَو ثَالِثَة تبقى أَو آخر لَيْلَة فَكَانَ أَبُو بكرَة رَضِي الله عَنهُ يُصَلِّي فِي عشْرين من رَمَضَان كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي سَائِر السّنة فَإِذا دخل الْعشْر اجْتهد
وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي نَضرة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قلت يَا أَبَا سعيد إِنَّكُم أعلم بِالْعدَدِ
574
منا
قَالَ: أجل قلت: مَا التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قَالَ: إِذا مَضَت وَاحِدَة وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا التَّاسِعَة وَإِذا مضى الثَّلَاث وَالْعشْرُونَ فالتي تَلِيهَا السَّابِعَة وَإِذا مضى خمس وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا الْخَامِسَة
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة الْقدر أَربع وَعِشْرُونَ
وَأخرج أَحْمد والطَّحَاوِي وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بِلَال رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة أَربع وَعشْرين
وَأخرج ابْن سعد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن عسلة الصنَابحِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا فَاتَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِخمْس لَيَال توفّي وَأَنا بِالْجُحْفَةِ فَقدمت على أَصْحَابه متوافرين فَسَأَلت بِلَالًا رَضِي الله عَنهُ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي أَربع وَعشْرين
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن زَنْجوَيْه وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقم بِنَا شَيْئا من الشَّهْر حَتَّى إِذا كَانَت لَيْلَة أَربع وَعشْرين السَّابِع مِمَّا يبْقى صلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يذهب ثلث اللَّيْل فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة خمس وَعشْرين لم يصل بِنَا فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة سِتّ وَعشْرين السَّابِع مِمَّا بَقِي صلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يتأطر اللَّيْل فَقلت يَا رَسُول الله: لَو نفلتنا بَقِيَّة ليلتنا فَقَالَ: لَا إِن الرجل إِذا صلى مَعَ الإِمام حَتَّى ينْصَرف كتب لَهُ قيام لَيْلَة فلماكانت لَيْلَة سبع وَعشْرين لم يصل بِنَا فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة ثَمَان وَعشْرين جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاجْتمعَ لَهُ النَّاس فصلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يفوتنا الْفَلاح ثمَّ لم يصل بِنَا شَيْئا من الشَّهْر والفلاح السّحُور
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن زَنْجوَيْه وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن زر بن حُبَيْش
575
قَالَ: سَأَلت أبيّ بن كَعْب عَن لَيْلَة الْقدر قلت: إِن أَخَاك عبد الله بن مَسْعُود يَقُول: من يقم الْحول يصب لَيْلَة الْقدر فَحلف لَا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين
قلت: بِمَ تَقول ذَلِك أَبَا الْمُنْذر قَالَ: بِالْآيَةِ والعلامة الَّتِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهَا تصبح من ذَلِك الْيَوْم تطلع الشَّمْس لَيْسَ لَهَا شُعَاع
وَلَفظ ابْن حبَان: بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا كَأَنَّهَا طست
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَاصِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يدعوني مَعَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول: لَا تَتَكَلَّم حَتَّى يتكلموا فَدَعَاهُمْ فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: أَرَأَيْتُم قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة الْقدر: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا أَي لَيْلَة ترونها فَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة ثَلَاث وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة خمس وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة سبع
فَقَالُوا: وَأَنا سَاكِت
فَقَالَ: مَالك لَا تَتَكَلَّم فَقلت: إِنَّك أَمرتنِي أَن لَا أَتكَلّم حَتَّى يتكلموا
فَقَالَ: مَا أرْسلت إِلَيْك إِلَّا لتكلم فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يذكر السَّبع فَذكر سبع سموات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ وَخلق الإِنسان من سبع وَنبت الأَرْض سبع
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: هَذَا أَخْبَرتنِي بِمَا أعلم أَرَأَيْت مَا لَا أعلم فَذَلِك نبت الأَرْض سبع
قلت: قَالَ الله عز وَجل (شققنا الأَرْض فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِق غلبا وَفَاكِهَة وَأَبا) (سُورَة عبس الْآيَة ٢٦) قَالَ: فالحدائق غلبا الْحِيطَان من النّخل وَالشَّجر (وَفَاكِهَة وَأَبا) فالأب مَا أنبتت الأَرْض مِمَّا تَأْكُله الدَّوَابّ والأنعام وَلَا تَأْكُله النَّاس
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لأَصْحَابه: أعجزتم أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ هَذَا الْغُلَام الَّذِي لم يجْتَمع شؤون رَأسه وَالله إِنِّي لأرى القَوْل كَمَا قلت وَقد أَمرتك أَن لَا تَتَكَلَّم مَعَهم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دَعَا عمر رَضِي الله عَنهُ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُمْ عَن لَيْلَة الْقدر فَاجْتمعُوا أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَقلت لعمر: إِنِّي لأعْلم
576
وَإِنِّي لأَظُن أَي لَيْلَة هِيَ قَالَ: وَأي لَيْلَة هِيَ قَالَ: سابعة تبقى من الْعشْر الْأَوَاخِر قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: وَمن أَيْن علمت ذَلِك قلت: خلق الله سبع سموات وَسبع أَرضين وَسبع أَيَّام وَإِن الدَّهْر يَدُور فِي سبع وَخلق الإِنسان من سبع وَيَأْكُل من سبع وَيسْجد على سَبْعَة أَعْضَاء وَالطّواف بِالْبَيْتِ سبع والجمار سبع لِأَشْيَاء ذكرهَا
فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لقد فطنت لأمر مَا فطنا لَهُ وَكَانَ قَتَادَة يزِيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: وَيَأْكُل من سبع
قَالَ: هُوَ قَول الله تَعَالَى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا) الْآيَة
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يدني ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَكَانَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكأنهم وجدوا فِي أنفسهم فَقَالَ: لَأَرَيْتُكُمْ الْيَوْم مِنْهُ شَيْئا تعرفُون فَضله فَسَأَلَهُمْ عَن هَذِه السُّورَة (إِذا جَاءَ نصر الله) (سُورَة النَّصْر) فَقَالُوا: أَمر نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى مسارعة النَّاس فِي الإِسلام ودخولهم فِيهِ أَن يحمد الله ويستغفره فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: يَا ابْن عَبَّاس مَالك لَا تَتَكَلَّم فَقَالَ: أعلمهُ مَتى يَمُوت
قَالَ: (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا) فَهِيَ آيتك من الْمَوْت فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: صدق وَالَّذِي نفس عمر بِيَدِهِ مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا علمت
قَالَ: وسألهم عَن لَيْلَة الْقدر فَأَكْثرُوا فِيهَا فَقَالُوا: كُنَّا نرى أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوْسَط ثمَّ بلغنَا أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَأَكْثرُوا فِيهَا فَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: ثَلَاث وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: سبع وَعشْرين
فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ مَالك يَا ابْن عَبَّاس لَا تَتَكَلَّم قَالَ: الله أعلم
قَالَ: قد نعلم أَن الله أعلم وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَسأَلك عَن علمك فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن الله وتر يحب الْوتر خلق سبع سموات وَجعل عدد الْأَيَّام سبعا وَجعل الطّواف بِالْبَيْتِ سبعا وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة سبعا وَرمي الْجمار سبعا وَخلق الإِنسان من سبع وَجعل رزقه من سبع
قَالَ: كَيفَ خلق الإِنسان من سبع وَجعل رزقه
577
من سبع فقد فهمت من هَذَا شَيْئا لم أفهمهُ قَالَ: قَول الله: (لقد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين) إِلَى قَوْله: (فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ) (سُورَة الْمُؤمنِينَ الْآيَة ١٤) ثمَّ ذكر رزقه فَقَالَ: (إِنَّا صببنا المَاء صبا) (سُورَة عبس الْآيَة ٢٦) إِلَى قَوْله: (وَفَاكِهَة وَأَبا) فالأب مَا أنبتت الأَرْض للأنعام والسبعة رزق لبني آدم قَالَ: لَا أَرَاهَا وَالله أعلم إِلَّا لثلاث يمضين وَسبع يبْقين
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ جلس فِي رَهْط من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُهَاجِرين فَذكرُوا لَيْلَة الْقدر فَتكلم مِنْهُم من سمع فِيهَا بِشَيْء مِمَّا سمع فتراجع الْقَوْم فِيهَا الْكَلَام فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ مَالك يَا ابْن عَبَّاس صَامت لَا تَتَكَلَّم تكلم وَلَا يمنعك الحداثة
قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن الله تَعَالَى وتر يحب الْوتر فَجعل أَيَّام الدُّنْيَا تَدور على سبع وَخلق الإِنسان من سبع وَجعل فَوْقنَا سموات سبعا وَخلق تحتنا أَرضين سبعا وَأعْطى من المثاني سبعا وَنهى فِي كِتَابه عَن نِكَاح الْأَقْرَبين عَن سبع وَقسم الْمِيرَاث فِي كِتَابه على سبع ونقع فِي السُّجُود من أَجْسَادنَا على سبع وَطَاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكَعْبَةِ سبعا وَبَين الصَّفَا والمروة سبعا وَرمى الْجمار سبع لإِقامة ذكر الله فِي كِتَابه فأراها فِي السَّبع الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان وَالله أعلم قَالَ: فتعب عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: وَمَا وَافقنِي فِيهَا أحد إِلَّا هَذَا الْغُلَام الَّذِي لم يسر شؤون رَأسه إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر ثمَّ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ من يُؤَدِّي فِي هَذَا كأداء ابْن عَبَّاس
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع وَعشْرين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زر رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: كَانَ عمر وَحُذَيْفَة وناس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَشكونَ أَنَّهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين
578
وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير فِي تهذيبه عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي آخر لَيْلَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أتيت وَأَنا نَائِم فِي رَمَضَان فَقيل لي: إِن اللَّيْلَة لَيْلَة الْقدر فَقُمْت وَأَنا ناعس فتعلقت بِبَعْض أطناب فسطاط رَسُول الله الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَنَظَرت فِي اللَّيْلَة فَإِذا هِيَ لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِن الشَّيْطَان يطلع مَعَ الشَّمْس كل يَوْم إِلَّا لَيْلَة الْقدر وَذَلِكَ أَنَّهَا تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة خمس وَعشْرين إِلَى نصف اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة سبع وَعشْرين حَتَّى ظَنَنْت أَنا لَا ندرك الْفَلاح وَأَنْتُم تسمون السّحُور وَأَنت تَقولُونَ لَيْلَة سابعة ثَلَاث عشر وَنحن نقُول لَيْلَة سابعة سبع وَعشْرين أفنحن أصوب أم أَنْتُم
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْبَاقِيَات من شهر رَمَضَان فِي الْخَامِسَة وَالسَّابِعَة والتاسعة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ: سَأَلَ عمر رَضِي الله عَنهُ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن رَبِّي يحب السَّبع (وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني) (سُورَة الْحجر الْآيَة ٨٧) قَالَ البُخَارِيّ فِي إِسْنَاده نظر
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي لَيْلَة الْقدر: إِنَّهَا لَيْلَة سابعة أَو تاسعة وَعشْرين وَإِن الْمَلَائِكَة فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فِي الأَرْض أَكثر من عدد الْحَصَى
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر من طَرِيق أبي مَيْمُون عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
579
إِنَّهَا السَّابِعَة وتاسعة وَالْمَلَائِكَة مَعهَا أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء وَزعم أَنَّهَا فِي قَوْله: أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ لَيْلَة أَربع وَعشْرين
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِنِّي شيخ كَبِير يشق عليّ الْقيام فمرني بليلة لَعَلَّ الله أَن يوفقني فِيهَا لليلة الْقدر قَالَ: عَلَيْك بالسابعة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حوّة الْعَبْدي قَالَ: سُئِلَ زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: لَيْلَة سبع عشرَة مَا تشك وَلَا تستثن وَقَالَ: لَيْلَة نزل الْقُرْآن وَيَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ
وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هِيَ اللَّيْلَة الَّتِي لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْمهَا أهل بدر يَقُول الله: (وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ) (سُورَة الْأَنْفَال الْآيَة ٤١) قَالَ جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ: بَلغنِي أَنَّهَا لَيْلَة سِتّ عشرَة أَو سبع عشرَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر لسبع عشرَة خلت من رَمَضَان فَإِنَّهَا صَبِيحَة يَوْم بدر الَّتِي قَالَ الله: (وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ) وَفِي إِحْدَى وَعشْرين وَفِي ثَلَاث وَعشْرين فَإِنَّهَا لَا تكون إِلَّا فِي وتر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اطلبوها لَيْلَة سبع عشرَة من رَمَضَان وَلَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَلَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين ثمَّ سكت
وَأخرج الطَّحَاوِيّ عَن عبد الله بن أنيس رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: تحروها فِي النّصْف الْأَخير ثمَّ عَاد فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِلَى ثَلَاث وَعشْرين
580
وَأخرج أَحْمد وَمُحَمّد بن نصر عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: هِيَ فِي الْعشْر الْأَوَاخِر أَو فِي الثَّالِثَة أَو فِي الْخَامِسَة
وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اطلبو لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تسع يبْقين وَسبع يبْقين وَخمْس يبْقين وَثَلَاث يبْقين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْلَة الْقدر تنْتَقل فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي كل وتر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَرْث بن هِشَام قَالَ: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع عشرَة لَيْلَة جُمُعَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن حويرث قَالَ: إِنَّمَا أرى أَن لَيْلَة الْقدر لسبع عشرَة لَيْلَة الْفرْقَان
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن خَارِجَة بن زيد رَضِي الله عَنهُ بن [عَن] ثَابت عَن أَبِيه أَنه كَانَ يحيي لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين من شهر رَمَضَان وَلَيْلَة سبع وَعشْرين وَلَا [] كإحياء لَيْلَة سبع عشرَة فَقيل لَهُ: كَيفَ تحيي لَيْلَة سبع عشرَة قَالَ: إِن فِيهَا نزل الْقُرْآن وَفِي صبيحتها فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل
وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي لَيْلَة الْقدر: تحروها لاحدى عشرَة يبْقين صبيحتها يَوْم بدر لتسْع يبْقين ولسبع يبْقين فَإِن الشَّمْس تطلع كل يَوْم بَين قَرْني الشَّيْطَان إِلَّا صَبِيحَة لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا تطلع لَيْسَ لَهَا شُعَاع
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي لَيْلَة الْقدر: لَيْلَة سَمْحَة طَلْقَة لَا حارة وَلَا بَارِدَة تصبح شمس صبيحتها ضَعِيفَة حَمْرَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة بلجة سَمْحَة تطلع شمسها لَيْسَ لَهَا شُعَاع
وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْلَة الْقدر تجول فِي ليَالِي الْعشْر كلهَا
581
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الشَّهْر أيقظ أَهله وَرفع مِئْزَره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله يجْتَهد فِي الْعشْر اجْتِهَادًا لَا يجْتَهد فِي غَيره
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أَنا وَالله حرضت عمر على الْقيام فِي شهر رَمَضَان قيل: وَكَيف ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أخْبرته أَن فِي السَّمَاء السَّابِعَة حَظِيرَة يُقَال لَهَا حَظِيرَة الْقُدس فِيهَا مَلَائِكَة يُقَال لَهُم الرّوح وَفِي لفظ الروحانيون فَإِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر اسْتَأْذنُوا رَبهم فِي النُّزُول إِلَى الدُّنْيَا فَيَأْذَن لَهُم فَلَا يَمرونَ على مَسْجِد يصلى فِيهِ وَلَا يستقبلون أحدا فِي طَرِيق إِلَّا دعوا لَهُ فَأَصَابَهُ مِنْهُم بركَة
فَقَالَ لَهُ عمر: يَا أَبَا الْحسن فنحرض النَّاس على الصَّلَاة حَتَّى تصيبهم الْبركَة فَأمر النَّاس بِالْقيامِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى الْمغرب وَالْعشَاء فِي جمَاعَة حَتَّى يَنْقَضِي شهر رَمَضَان فقد أصَاب من لَيْلَة الْقدر بحظ والفر
وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى الْعشَاء الْأَخِيرَة فِي جمَاعَة فِي رَمَضَان فقد أدْرك لَيْلَة الْقدر
وَأخرج ابْن زَنْجوَيْه عَن ابْن عَمْرو قَالَ: من صلى الْعشَاء الْأَخِيرَة فِي جمَاعَة فِي رَمَضَان أصَاب لَيْلَة الْقدر
وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَابْن زَنْجوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: من شهد الْعشَاء لَيْلَة الْقدر فِي جمَاعَة فقد أَخذ بحظه مِنْهَا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عليّ قَالَ: من صلى الْعشَاء كل لَيْلَة فِي شهر رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ فقد قامه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر قَالَ: يَوْمهَا كليلتها وليلتها كيومها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن بن الْحر قَالَ: بَلغنِي أَن الْعَمَل فِي يَوْم الْقدر كالعمل فِي لَيْلَتهَا
582
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت يَا رَسُول الله: إِن وَافَقت لَيْلَة الْقدر فَمَا أَقُول قَالَ: قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فاعفُ عني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لَو عرفت أَي لَيْلَة الْقدر مَا سَأَلت الله فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: لَو علمت أَي لَيْلَة الْقدر كَانَ أَكثر دعائي فِيهَا أسأَل الله الْعَفو والعافية
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي يحيى بن أبي مرّة قَالَ: طفت لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان فَرَأَيْت الْمَلَائِكَة تَطوف فِي الهواجر إِلَى الْبَيْت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن عَبدة بن أبي لبَابَة قَالَ: ذقت مَاء الْبَحْر لَيْلَة سبع وَعشْرين من شهر رَمَضَان فَإِذا هُوَ عذب
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَيُّوب بن خَالِد قَالَ: كنت فِي الْبَحْر فأجنبت لَيْلَة ثَلَاثًا وَعشْرين من شهر رَمَضَان فاغتسلت من مَاء الْبَحْر فَوَجَدته عذباً فراتا
وَأخرج بن زَنْجوَيْه وَمُحَمّد بن نصر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: نجد هَذِه اللَّيْلَة فِي الْكتب حطوطاً تحط الذُّنُوب يُرِيد لَيْلَة الْقدر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر نزل جِبْرِيل فِي كبكبة من الْمَلَائِكَة يصلونَ على كل عبد قَائِم أَو قَاعد يذكر الله تَعَالَى فَإِذا كَانَ يَوْم عيدهم باهى بهم الْمَلَائِكَة فَقَالَ: يَا ملائكتي مَا جَزَاء أجِير وفى عمله قَالُوا: رَبنَا جَزَاؤُهُ أَن يُؤْتى أجره
قَالَ: يَا ملائكتي عَبِيدِي وإمائي قضوا فريضتي عَلَيْهِم ثمَّ خَرجُوا يعجون إليّ بِالدُّعَاءِ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وكرمي وعلوي وارتفاع مَكَاني لأجيبنهم فَيَقُول: ارْجعُوا فقد عفرت لكم وبدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات فيرجعون مغفوراً لَهُم
وَأخرج الزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا أَتَى أحدكُم الْحَاجة فليبكر فِي طلبَهَا يَوْم الْخَمِيس فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها يَوْم الْخَمِيس
وليقرأ إِذا خرج من منزله آخر سُورَة آل عمرَان و ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾
583
وَأم الْكتاب فَإِن فِيهِنَّ قَضَاء حوائج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بتسع سور فِي ثَلَاث رَكْعَات (أَلْهَاكُم التكاثر) و ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ و (إِذا زلزلت الأَرْض) فِي رَكْعَة وَفِي الثَّانِيَة (وَالْعصر) و (إِذا جَاءَ نصر الله) و (إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر) وَفِي الثَّالِثَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (وتبت يدا أبي لَهب) (وَقل هُوَ الله أحد) وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر﴾ عدلت بِربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (إِذا زلزلت) عدلت بِنصْف الْقُرْآن (وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) تعدل ربع الْقُرْآن (وَقل هُوَ الله أحد) تعدل ثلث الْقُرْآن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

584
٩٨
سُورَة الْبَيِّنَة
مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان
الْآيَة ١ - ٧
585
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ليلة القدر خير من ألف شهر ﴾ قال : خير من ألف شهر عملها أو صيامها وقيامها، وليس في تلك الشهور ليلة القدر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : ما أعلم ليوم فضلاً على يوم، ولا ليلة إلا ليلة القدر، فإنها خير من ألف شهر.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله :﴿ تنزل الملائكة والروح فيها ﴾ قال : الروح جبريل ﴿ من كل أمر سلام ﴾ قال : لا يحل لكوكب أن يرجم به فيها حتى يصبح.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في قوله :﴿ سلام هي ﴾ قال : سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل فيها أذى.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ ﴿ من كل أمر سلام ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن منصور بن زاذان قال :﴿ تنزل الملائكة ﴾ من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرون على كل مؤمن، يقولون : السلام عليك يا مؤمن.
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله :﴿ سلام ﴾ قال : إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر.
وأخرج محمد بن نصر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ سلام ﴾ قال : تلك الليلة تصعد مردة الجن والشياطين وعفاريت الجن، وتفتح فيها أبواب السماء كلها، ويقبل الله فيها التوبة لكل تائب، فلذا قال :﴿ سلام هي حتى مطلع الفجر ﴾ قال : وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر.
Icon