ﰡ
﴿ فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ ﴾؛ معناهُ: فجعل النبتَ بعد الْخُضرَةِ هَشيماً يابساً بَالياً كالغُثاء الذي يقذفهُ السَّيل على جنَبات الوادِي، وقولهُ تعالى: ﴿ أَحْوَىٰ ﴾ أي أسودَ، وقد يدخلُ النبت الأحوَى لحاجةِ البهائم إليه، وقد يكون حَطباً للناسِ، وهذا كلُّه إخبارٌ عن قدرةِ الله تعالى وإنعامِه على العبادِ.
﴿ فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ ﴾؛ أي عِظْ بالله إنْ نفعَتِ المواعظُ، وليس على وجه الشَّرط، فإنَّ الموعظةَ تنفعُ لا محالةَ.
﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى ﴾؛ أي يتجنبُ التذكُّر والعظَةَ ويتباعَدُ عنها الأشقى في علمِ الله فلا يتذكرُ ثواباً. وروي أن المرادَ بقوله ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ ﴾: عبدُالله بن أُمِّ مكتومٍ، ويدخلُ فيه كلٌّ مؤمنٍ، والمرادَ بالأشقَى الذي يتجنَّبُ الموعظةَ الوليدُ بن المغيرةِ، ويدخلُ فيه كلٌّ كافرٍ.
﴿ وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ﴾؛ أي وافتتحَ الصَّلاة بذكرِ اسم الله، وصلَّى الصلواتِ المفروضات، وكان ابنُ مسعودٍ يقولُ: ((رَحِمَ اللهُ امْرِءاً تَصَدَّقَ ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ)). وَقِيْلَ: معناهُ: قد أفلحَ من أدَّى زكاةَ الفطرِ ثم صلَّى صلاةَ العيدِ، ويستدلُّ بهذه الآية على جواز افتتاحِ الصَّلاة بغيرِ التَّكبيرِ؛ لأنه تعالَى ذكرَ الصَّلاة عُقيب اسمهِ، إذِ الفاءُ للتَّعقيب من غير تراخٍ، فلا فصلَ في الآيةِ بين التكبيرِ وبين سائرِ الأركان.