ومعنى (آمين) : اللهم استجب لنا، وضع موضع الدعاء.
وفى (آمين) لغتان:
١- المد، على وزن (فاعيل) مثل: ياسين.
٢- القصر، على وزن (يمين).
[سورة الفاتحة (١) : آية ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١)
١- (بسم الله الرحمن الرحيم) :
قسم أنزله تعالى عند رأس كل سورة، يقسم لعباده: أن هذا حق.
وعن العلماء:
١- أنها ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها، وهو قول مالك.
٢- أنها آية من كل سورة، وهو قول عبد الله بن المبارك.
٣- أنها ليست بآية الا فى الفاتحة وحدها، وهو قول الشافعي.
ولا خلاف بينهم فى أنها آية من سورة النمل.
ويقال لمن قال: (بسم الله) : بسمل، وبسمل الرجل، إذا قال:
بسم الله، ومعنى (بسم الله)، أي بالله، ومعنى بالله، أي بعون الله وتوفيقه وبركته، وعلى هذا فاسم، صلة زائدة، وزيدت لإجلال ذكره تعالى وتعظيمه.
ودخول الباء على (اسم)، اما:
١- على معنى الأمر، ويكون التقدير: ابدأ بسم الله.
٢- على معنى الخبر، ويكون التقدير: ابتدأت بسم الله.
وقيل: المعنى:
١- ابتدائى بسم الله، فهى فى موضع رفع خبر الابتداء.
٢- أو ابتدائى مستتر، فيكون الخبر محذوف.
واختصت باء الجر بالكسر:
١- ليناسب لفظها عملها.
٢- لأنها لا تدخل إلا على الأسماء التي خصت بالخفض.
٣- للتفرقة بينها وبين ما يكون من الحروف اسما، مثل الكاف.
و (اسم)، وزنه: افع، والذاهب منه الواو، لأنه من: سموت.
وجمعه: أسماء: وتصغيره: سمى.
وألفه، ألف وصل، وقد تقطع فى الشعر.
(الله) هذا الاسم الأكبر من أسمائه تعالى وأجمعها، لذا قيل:
انه اسم الله الأعظم، ولم يسم به غيره، لذلك لم يثن ولم يجمع.
والأكثرون على أنه مشتق، لا علم موضوع للذات (إلاه) فأدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة. وقيل: انه مشتق من إله الرجل، إذا تعبد، والله سبحانه، على هذا، معناه: المقصود بالعبادة، والألف واللام لازمة له لا يجوز حذفهما منه، وبدليل دخول حرف النداء عليه، تقول: يا الله وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام للتعريف، وهذا يعنى أنه علم موضوع للذات.
(الرحمن) : قيل: لا اشتقاق له، لأنه من الأسماء المختصة به سبحانه، ولو كان مشتقا من الرحمة، لا تصل بذكر المرحوم، وجاز أن يقال: الله رحمن بعباده.
وقيل: انه مشتق من الرحمة، يعنى على المبالغة، ومعناه ذو الرحمة الذي لا نظير له فيها. وهو لا يثنى ولا يجمع، كما يثنى (الرحيم) ويجمع.
الرَّحِيمِ صفة مطلقة للمخلوقين، ولما فى الرَّحْمنِ من العموم قدم على الرَّحِيمِ.
وقيل: الرحيم، أي بالرحيم، يعنى محمدا صلّى الله عليه وآله وسلم، والتقدير: بسم الله الرحمن وبالرحيم، أي وبمحمد، صلّى الله عليه وآله وسلم، وصلتم الى، أي باتباعه.
وقد وصفه الله تعالى بهذا الوصف، وذلك حيث يقول تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ.
[سورة الفاتحة (١) : آية ٢]
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)
٢- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الحمد: الثناء الكامل، والألف واللام لاستغراق الجنس من المحامد، فهو سبحانه يستحق الحمد بأجمعه.
والفرق بين الحمد والشكر:
أن الحمد ثناء على الممدوح بصفاته من غير سبق إحسان.
والشكر ثناء على المشكور بما أولى من الإحسان.
وأجمع القراء على رفع الدال من الْحَمْدُ لِلَّهِ.
وروى عن سفيان بن عيينة: الحمد لله بنصب الدال، على إضمار فعل.
وروى عن الحسن بن أبى الحسن، وزيد بن على: الحمد لله، بكسر الدال، على اتباع الأول الثاني.
رَبِّ الْعالَمِينَ أي مالكهم، وكل من ملك شيئا فهو ربه، فالرب:
المالك.
والعالمون، بفتح اللام، جمع عالم، بفتح اللام أيضا، وهو كل موجود سوى الله تعالى، ولا واحد له من لفظه.
[سورة الفاتحة (١) : الآيات ٣ الى ٤]
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)
٣- الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وصف نفسه تعالى بعد رَبِّ الْعالَمِينَ بأنه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لأنه لما كان فى اتصافه برب العالمين ترهيب قرنه بالرحمن الرحيم لما تضمن من الترغيب، ليجمع فى صفاته بين الرهبة منه، والرغبة اليه، ليكون أعون على طاعته وأمنع.
٤- مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وقرأ محمد بن السميقع بنصب مالِكِ.
وفى مالك لغات أربع: مالك، وملك بفتح فكسر، وملك بفتح فسكون، ومليك.
وقرىء: مالك، وملك، بفتح فكسر.
وقيل: ان ملك، أعم وأبلغ من مالِكِ، إذ كل ملك مالك، وليس كل مالك ملكا.
واليوم: عبارة عن وقت طلوع الفجر الى وقت غروب الشمس، فاستعير فيما بين مبتدأ القيامة الى وقت استقرار أهل الدارين فيهما.
والدين: الجزاء على الأعمال والحساب بهما.
ورب قائل يقول: كيف قال: مالك يوم الدين، ويوم الدين لم يوجد بعد، فكيف وصف نفسه بملك ما لم يوجده؟
قيل: ان مالكا، اسم فاعل، من ملك يملك، واسم الفاعل فى كل العرب قد يضاف الى ما بعده، وهو بمعنى الفعل المستقبل.
وقد يكون تأويل المالك راجعا الى القدرة، أي انه قادر فى يوم الدين، أو على يوم الدين واحداثه.
[سورة الفاتحة (١) : الآيات ٥ الى ٧]
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧)
٥- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ:
إِيَّاكَ نَعْبُدُ رجع من الغيبة الى الخطاب على التلوين.
ونعبد: نطيع، والعبادة: الطاعة والتذلل.
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أي نطلب العون والتأييد والتوفيق.
وقرىء: نستعين، بكسر النون، وهى لغة تميم وأسد وقيس وربيعة.
٦- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ:
اهدنا، دعاء ورغبة من المربوب الى الرب، والمعنى: دلنا على الصراط المستقيم وأرشدنا إليه.
والصراط المستقيم: دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره.
والصراط: الطريق، وقرىء: السراط، بالسين، من الاستراط، وهو الابتلاع، كأن الطريق يسترط من يسلكه.
والمستقيم، صفة للصراط، أي الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف.
٧- صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ:
صراط، بدل من الأول، بدل الشيء من الشيء.
ولغة القرآن الَّذِينَ فى الرفع والنصب والجر. وهذيل تقول:
اللذون فى الرفع.
وأنعمت عليهم، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ:
المغضوب عليهم، هم اليهود، والضالون: النصارى.
وقيل: المغضوب عليهم: المشركون. والضالون: المنافقون.
وعليهم، فى موضع رفع، لأن المعنى: غضب عليهم.