تفسير سورة الجمعة

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الجمعة من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت سورة الجمعة بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت سورة الجمعة بالمدينة.
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون.
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون.
وأخرج البغوي في معجمه عن أبي عنبة الخولاني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في يوم الجمعة بالسورة التي يذكر فيها الجمعة، وإذا جاءك المنافقون.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم يوم الجمعة فقرأ بسورة الجمعة يحرض المؤمنين، وإذا جاءك المنافقون يوبخ بها المنافقين.
وأخرج ابن حبان والبيهقي في سننه عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة ﴿ قل يا أيها الكافرون ﴾ و ﴿ قل هو الله أحد ﴾ وكان يقرأ في صلاة العشاء الأخيرة ليلة الجمعة سورة الجمعة و المنافقين.

أخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن ميسرَة أَن هَذِه الْآيَة مَكْتُوبَة فِي التَّوْرَاة بسبعمائة آيَة ﴿يسبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض الْملك القدوس الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ أول سُورَة الْجُمُعَة
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم﴾ الْآيَة
أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم﴾ الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ من الْعَرَب أمة أُميَّة لَيْسَ فِيهَا كتاب يقرأونه فَبعث الله فيهم مُحَمَّدًا رَحْمَة وَهدى يهْدِيهم بِهِ
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّا أمة أُميَّة لَا نكتب وَلَا نحسب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم﴾ قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته﴾ قَالَ: الْقُرْآن ﴿وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين﴾ قَالَ: هُوَ الشّرك
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: ﴿هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم﴾ قَالَ: الْعَرَب ﴿وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم﴾ قَالَ: الْعَجم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزلت سُورَة الْجُمُعَة فَتَلَاهَا فَلَمَّا بلغ ﴿وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم﴾ قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله من هَؤُلَاءِ الَّذين لم يلْحقُوا بِنَا فَوضع يَده على
152
رَأس سلمَان الْفَارِسِي وَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو كَانَ الإِيمان بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من هَؤُلَاءِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن قيس بن سعد بن عبَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن الإِيمان بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من أهل فَارس
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أَصْحَابِي رجَالًا وَنسَاء يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ثمَّ قَرَأَ ﴿وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم﴾ قَالَ: من ردف الإِسلام من النَّاس كلهم
وَأخرج عبد الزراق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: ﴿وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم﴾ قَالَ: هم التابعون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم﴾ قَالَ: هم التابعون
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم﴾ يَعْنِي من أسلم من النَّاس وَعمل صَالحا من عَرَبِيّ وعجمي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء﴾ قَالَ: الدّين
الْآيَة ٥ - ٨
153
قوله تعالى :﴿ هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ﴾ الآية.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ﴾ الآية، قال : كان هذا الحي من العرب أمة أمية ليس فيها كتاب يقرؤونه فبعث الله فيهم محمداً رحمة وهدى يهديهم به.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ».
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله :﴿ هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ﴾ قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ يتلوا عليهم آياته ﴾ قال : القرآن ﴿ وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ﴾ قال : هو الشرك.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم ﴾ قال : العرب ﴿ وآخرين منهم لم يلحقوا بهم ﴾ قال : العجم.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن أبي هريرة قال :«كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها، فلما بلغ ﴿ وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ﴾ قال، له رجل : يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا ؟ فوضع يده على رأس سلمان الفارسي وقال :«والذي نفسي بيده لو كان الإِيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن قيس بن سعد بن عبادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«لو أن الإِيمان بالثريا لناله رجال من أهل فارس ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالاً ونساء يدخلون الجنة بغير حساب » ثم قرأ ﴿ وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ﴾ قال : من ردف الإِسلام من الناس كلهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله :﴿ وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ﴾ قال : هم التابعون.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله :﴿ وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ﴾ يعني من أسلم من الناس وعمل صالحاً من عربي وعجمي إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ﴾ قال : الدين.
أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس ﴿مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها﴾ قَالَ: الْيَهُود
153
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها﴾ قَالَ: أَمرهم أَن يَأْخُذُوا بِمَا فِيهَا فَلم يعملوا بِهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها كَمثل الْحمار يحمل أسفاراً﴾ قَالَ: كتبا لَا يدْرِي مَا فِيهَا وَلَا يدْرِي مَا هِيَ يضْرب الله لهَذِهِ الْأمة أَي وَأَنْتُم إِن لم تعملوا بِهَذَا الْكتاب كَانَ مثلكُمْ كمثلهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿يحمل أسفاراً﴾ قَالَ: كتبا لَا يعلم مَا فِيهَا وَلَا يَعْقِلهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿كَمثل الْحمار يحمل أسفاراً﴾ قَالَ: يحمل كتبا على ظَهره لَا يدْرِي مَاذَا عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿أسفاراً﴾ قَالَ: كتبا
وَأخرج الْخَطِيب عَن عَطاء بن أبي رَبَاح مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿أسفاراً﴾ قَالَ: كتبا وَالْكتاب بالنبطية يُسمى سفرا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من تكلم يَوْم الْجُمُعَة والإِمام يخْطب فَهُوَ كالحمار يحمل أسفاراً وَالَّذِي يَقُول لَهُ أنصت لَيست لَهُ جُمُعَة
الْآيَة ٩ - ١١
154
أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: ﴿إِن زعمتم أَنكُمْ أَوْلِيَاء لله﴾ قَالُوا: نَحن أَبنَاء الله واحباؤه وَفِي قَوْله: ﴿وَلَا يتمنونه أبدا بِمَا قدمت أَيْديهم﴾ قَالَ: عرفُوا أَن مُحَمَّدًا نَبِي الله فَكَتَمُوهُ وَقَالُوا: نَحن أَبنَاء الله وأحباؤه
154
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿وَلَا يتمنونه أبدا بِمَا قدمت أَيْديهم﴾ قَالَ: إِن سوء الْعَمَل يكره الْمَوْت شَدِيدا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن معمر قَالَ: تَلا قَتَادَة ﴿ثمَّ تردون إِلَى عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة﴾ قَالَ: إِن الله أذلّ ابْن آدم بِالْمَوْتِ لَا أعلمهُ إِلَّا رَفعه
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة﴾ الْآيَة
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قلت يَا نَبِي الله لأي شَيْء سمي يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: لِأَن فِيهَا جمعت طِينَة أبيكم آدم وفيهَا الصعقة والبعثة وَفِي آخر ثَلَاث سَاعَات مِنْهَا سَاعَة من دَعَا فِيهَا بدعوة اسْتَجَابَ لَهُ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرِي مَا يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم
قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ: فِي الثَّالِثَة هُوَ الْيَوْم الَّذِي جمع فِيهِ أبوكم آدم أَفلا أحدثكُم عَن يَوْم الْجُمُعَة لَا يتَطَهَّر رجل فَيحسن طهوره ويلبس أحسن ثِيَابه ويصيب من طيب أَهله إِن كَانَ لَهُم طيب وَإِلَّا فالماء ثمَّ يَأْتِي الْمَسْجِد فيجلس وينصت حَتَّى يقْضِي الإِمام صلَاته إِلَّا كَانَت كَفَّارَة مَا بَين الْجُمُعَة مَا اجتنيت الْكَبَائِر وَذَلِكَ الدَّهْر كُله
وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير يَوْم طلعت فِيهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق آدم وَفِيه أَدخل الْجنَّة وَفِيه أخرج مِنْهَا وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَوْم الْجُمُعَة سيد الْأَيَّام وَأَعْظَمهَا عِنْد الله وَأعظم عِنْد الله من يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى وَفِيه خمس خصار: خلق الله فِيهِ آدم وأهبطه فِيهِ إِلَى الأَرْض وَفِيه توفّي الله آدم وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ الله مَا لم يسْأَل حَرَامًا وَفِيه تقوم السَّاعَة مَا من ملك وَلَا أَرض وَلَا سَمَاء وَلَا ريَاح وَلَا جبال وَلَا بَحر إِلَّا وَهن يشفقن من يَوْم الْجُمُعَة أَن تقوم فِيهِ السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن عبَادَة أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى رَسُول االله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أخبرنَا عَن يَوْم الْجُمُعَة مَاذَا فِيهِ من الْخَيْر قَالَ: فِيهِ خمس
155
خِصَال: فِيهِ خلق آدم وَفِيه أهبط آدم وَفِيه توفى الله آدم وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا آتَاهُ إِيَّاه مَا لم يسْأَل مأثماً أَو قطيعة رحم وَفِيه تقوم السَّاعَة مَا من ملك مقرب وَلَا سَمَاء وَلَا أَرض وَلَا جبل وَلَا ريح إِلَّا يشفقن من يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي سَبْعَة أَيَّام يَوْم اخْتَارَهُ الله على الْأَيَّام كلهَا يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَفِيه قضى الله خَلقهنَّ وَفِيه خلق الله الْجنَّة وَالنَّار وَفِيه خلق آدم وَفِيه أهبطه من الْجنَّة وَتَابَ عَلَيْهِ وَفِيه تقوم السَّاعَة لَيْسَ شَيْء من خلق إِلَّا وَهُوَ يفزع من ذَلِك الْيَوْم شَفَقَة أَن تقوم السَّاعَة إِلَّا الْجِنّ والانس
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يبْعَث الْأَيَّام يَوْم الْقِيَامَة على هيئاتها وَيبْعَث الْجُمُعَة زهراء منيرة لأَهْلهَا يحفونَ بهَا كالعروس يهدي إِلَى كريمها تضيء لَهُم يَمْشُونَ فِي ضوئها ألوانها كالثلج بياضهم رياحهم تسطع كالمسك يَخُوضُونَ فِي جبال الكافور ينظر إِلَيْهِم الثَّقَلَان مَا يطرفون تَعَجبا حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة لَا يخالطهم أحد إِلَّا المؤذنون المحتسبون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة والدارمي وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أَوْس بن أَوْس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق آدم وَفِيه النفخة وَفِيه الصعقة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: لم تطلع الشَّمْس فِي يَوْم هُوَ أعظم من يَوْم الْجُمُعَة إِنَّهَا إِذا طلعت فزع لَهَا كل شَيْء إِلَّا الثَّقَلَان اللَّذَان عَلَيْهِمَا الْحساب وَالْعَذَاب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: إِن يَوْم الْجُمُعَة لتفزع لَهُ الْخَلَائق إِلَّا الْجِنّ والإِنس وَأَنه ليضاعف فِيهِ الْحَسَنَة والسيئة وَإنَّهُ ليَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: الْحَسَنَة تضَاعف يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر قَالَ: نزل جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَده شبه مرْآة فِيهَا نُكْتَة سَوْدَاء فَقَالَ يَا جِبْرِيل: مَا هَذِه قَالَ: هَذِه الْجُمُعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل وَفِي يَده كالمرآة الْبَيْضَاء فِيهَا كالنكتة السَّوْدَاء فَقلت يَا جِبْرِيل: مَا هَذِه قَالَ: هَذِه
156
الْجُمُعَة قلت وَمَا الْجُمُعَة قَالَ: لكم فِيهِ خير قلت: وَمَا لنا فِيهَا قَالَ: تكون عيداً لَك ولقومك من بعْدك وَتَكون الْيَهُود وَالنَّصَارَى تبعا لَك
قلت: وَمَا لنا فِيهَا قَالَ: لكم فِيهَا سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد مُسلم يسْأَل الله فِيهَا شَيْئا من الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هُوَ لكم قسم إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَلَيْسَ لَهُ قسم إِلَّا ادخر لَهُ عِنْده مَا هُوَ أفضل مِنْهُ أَو يتعوّذ بِهِ من شَرّ هُوَ عَلَيْهِ مَكْتُوب إِلَّا صرف عَنهُ من الْبلَاء مَا هُوَ أعظم مِنْهُ قلت لَهُ: وَمَا هَذِه النُّكْتَة فِيهَا قَالَ: هِيَ السَّاعَة وَهِي تقوم يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ عندنَا سيد الْأَيَّام وَنحن نَدْعُوهُ يَوْم الْقِيَامَة يَوْم الْمَزِيد قلت: مِم ذَاك قَالَ: لِأَن رَبك اتخذ فِي الْجنَّة وَاديا من مسك أَبيض فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة هَبَط من عليين على كرسيه ثمَّ حف الْكُرْسِيّ بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر ثمَّ يَجِيء النَّبِيُّونَ حَتَّى يجلسوا عَلَيْهَا وَينزل أهل الغرف حَتَّى يجلسوا على ذَلِك الْكَثِيب ثمَّ يتجلى لَهُم رَبهم تبَارك وَتَعَالَى ثمَّ يَقُول: سلوني أعطكم فيسألونه الرِّضَا فَيَقُول: رضاي أحلكم دَاري وَأَنا لكم كريم مَتى تَسْأَلُونِي أعطكم فيسألونه الرِّضَا فيشهدهم أَنِّي قد رضيت عَنْهُم فَيفتح لَهُم مَا لم ترَ عين وَلم تسمع أذن وَلم يخْطر على قلب بشر وذلكم مِقْدَار انصرافكم من يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ يرْتَفع ويرتفع مَعَه النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء وَيرجع أهل الغرف إِلَى غرفهم وَهِي درة بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا وصم وَلَا فَصم أَو درة حَمْرَاء أَو زبرجدة خضراء فِيهَا غرفها وأبوابها مطروزة وفيهَا أنهارها وثمارها متدلية قَالَ: فليسوا إِلَى شَيْء أحْوج مِنْهُم إِلَى يَوْم الْجُمُعَة ليزدادوا إِلَى رَبهم نظرا وليزدادوا مِنْهُ كَرَامَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجُمُعَة لساعة مَا دَعَا الله فِيهَا عبد مُسلم بِشَيْء إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كثير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي الْجُمُعَة سَاعَة من النَّهَار لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا شَيْئا إِلَّا أعطي سؤله قيل: أَي سَاعَة هِيَ قَالَ: هِيَ أَن تُقَام الصَّلَاة إِلَى الِانْصِرَاف فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِن يَوْم الْجُمُعَة مثل يَوْم عَرَفَة تفتح فِيهِ أَبْوَاب الرَّحْمَة وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل الله العَبْد شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ قيل وَأي سَاعَة قَالَ: إِذا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْغَدَاة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من وَجه آخر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِن يَوْم
157
الْجُمُعَة مثل يَوْم عَرَفَة وَإِن فِيهِ لساعة تفتح أَبْوَاب الرَّحْمَة فَقيل: أَي سَاعَة قَالَت: حِين يُنَادي بِالصَّلَاةِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم قَالَا: السَّاعَة الَّتِي تذكر فِي الْجُمُعَة قَالَ: فَقلت: هِيَ السَّاعَة اخْتَار الله لَهَا أوفى فِيهَا الصَّلَاة قَالَ: فَمسح رَأْسِي وبرك عليّ وَأَعْجَبهُ مَا قلت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أُمَامَة قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن تكون السَّاعَة الَّتِي فِي الْجُمُعَة إِحْدَى هَذِه السَّاعَات إِذا أذن الْمُؤَذّن أَو جلس الإِمام على الْمِنْبَر أَو عِنْد الإِقامة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هِيَ عِنْد زَوَال الشَّمْس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: هِيَ مَا بَين أَن يحرم البيع إِلَى أَن يحل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بردة قَالَ: إِن السَّاعَة الَّتِي يُسْتَجَاب فِيهَا الدُّعَاء يَوْم الْجُمُعَة حِين يقوم الإِمام فِي الصَّلَاة حَتَّى ينْصَرف مِنْهَا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَوْف بن حصيرة فِي السَّاعَة الَّتِي ترجى فِي الْجُمُعَة مَا بَين خُرُوج الإِمام إِلَى أَن تقضى الصَّلَاة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوُوس قَالَ: إِن السَّاعَة الَّتِي ترجى فِي الْجُمُعَة بعد الْعَصْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: هِيَ بعد الْعَصْر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هِلَال بن يسَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجُمُعَة لساعة لَا يُوَافِقهَا رجل مُسلم يسْأَل الله فِيهَا خيرا إِلَّا أعطَاهُ فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَاذَا أسأله قَالَ: سل الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يغْتَسل رجل يَوْم الْجُمُعَة ويتطهر بِمَا اسْتَطَاعَ من طهوره وادهن من دهنه أَو مس طيبا من بَيته ثمَّ رَاح فَلم يفرق بَين اثْنَيْنِ ثمَّ صلى مَا كتب الله لَهُ ثمَّ أنصت إِذا تكلم الإِمَام إِلَّا غفر لَهما بَينه إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: كَانَ النداء الَّذِي ذكر الله فِي الْقُرْآن يَوْم الْجُمُعَة فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعَامة خلَافَة عُثْمَان أَن يُنَادي الْمُنَادِي إِذا جلس الإِمام على الْمِنْبَر فَلَمَّا تَبَاعَدت
158
المساكن وَكثر النَّاس أحدث النداء الأول فَلم يعب النَّاس ذَلِك عَلَيْهِ وَقد عابوا عَلَيْهِ حِين أتم الصَّلَاة بمنى قَالَ: فَكُنَّا فِي زمَان عمر نصلي فَإِذا خرج عمر وَجلسَ على الْمِنْبَر قَطعنَا الصَّلَاة وتحدثنا فَرُبمَا أقبل عمر على بعض من يَلِيهِ فَسَأَلَهُمْ عَن سوقهم وَقد أمّهم والمؤذن يُؤذن فَإِذا سكت الْمُؤَذّن قَامَ عمر فَتكلم وَلم يتَكَلَّم حَتَّى يفرغ من خطبَته
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة﴾ قَالَ: هُوَ الْوَقْت
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة﴾ قَالَ: النداء عِنْد الذّكر عَزمَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الْأَذَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَذَان نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ فرض الصَّلَاة ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: جمع أهل الْمَدِينَة قبل أَن يقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقبل أَن تنزل الْجُمُعَة قَالَت الْأَنْصَار: للْيَهُود يَوْم تجمعون فِيهِ كل سَبْعَة أَيَّام وَالنَّصَارَى مثل ذَلِك فَهَلُمَّ فلنجعل يَوْمًا نَجْتَمِع فِيهِ فَنَذْكُر الله ونشكره فَقَالُوا: يَوْم السبت للْيَهُود وَيَوْم الْأَحَد لليصارى فَاجْعَلُوهُ يَوْم الْعرُوبَة وَكَانُوا يسمون الْجُمُعَة يَوْم الْعرُوبَة فَاجْتمعُوا إِلَى أسعد بن زُرَارَة فصلى بهم يَوْمئِذٍ رَكْعَتَيْنِ وَذكرهمْ فَسَموهُ الْجُمُعَة حِين اجْتَمعُوا إِلَيْهِ فذبح لَهُم شَاة فتغدوا وتعشوا مِنْهَا وَذَلِكَ لقلتهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك بعد ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ الْآيَة
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة قبل أَن يُهَاجر وَلم يسْتَطع أَن يجمع بِمَكَّة فَكتب إِلَى مُصعب بن عُمَيْر أما بعد فَأنْظر الْيَوْم الَّذِي تجْهر فِيهِ الْيَهُود بالزبور فَأَجْمعُوا نِسَائِكُم وأبناءكم فَإِذا مَال النَّهَار عَن شطره عِنْد الزَّوَال من يَوْم الْجُمُعَة فتقربوا إِلَى الله بِرَكْعَتَيْنِ قَالَ: فَهُوَ أول من جمع حَتَّى قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَجمع بعد الزَّوَال من الظّهْر وَأظْهر ذَلِك
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك أَن أَبَاهُ كَانَ إِذا سمع النداء يَوْم الْجُمُعَة ترحم على أسعد بن زُرَارَة فَقلت لَهُ يَا
159
أبتاه أَرَأَيْت اسغفارك لأسعد بن زُرَارَة كلما سَمِعت الآذان للْجُمُعَة مَا هُوَ قَالَ: إِنَّه أَو من جمع بِنَا فِي نَقِيع يُقَال لَهُ نَقِيع الْخضمات من حرَّة بني بياضة
قلت: كم كُنْتُم يومئذٍ قَالَ: أَرْبَعُونَ رجلا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: أول من قدم من الْمُهَاجِرين الْمَدِينَة مُصعب بن عُمَيْر وَهُوَ أول من جمع بهَا يَوْم الْجُمُعَة بهم قبل أَن يقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم اثْنَا عشر رجلا
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن ابْن شهَاب قَالَ: ركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة من قبَاء فَمر على بني سَالم فصلى فيهم الْجُمُعَة ببني سَالم وَهُوَ الْمَسْجِد الَّذِي فِي بطن الْوَادي وَكَانَت أول جُمُعَة صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَقَالَ: إِن الله افْترض عَلَيْكُم الْجُمُعَة فِي مقَامي هَذَا فِي يومي هَذَا فِي شَهْري هَذَا فِي عَامي هَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن تَركهَا اسْتِخْفَافًا بهَا أَو جحُودًا لَهَا فَلَا جمع الله لَهُ شَمله وَلَا بَارك لَهُ فِي أمره أَلا وَلَا صَلَاة لَهُ وَلَا زَكَاة لَهُ وَلَا حج لَهُ وَلَا صَوْم لَهُ وَلَا بركَة لَهُ حَتَّى يَتُوب فَمن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على أَعْوَاد الْمِنْبَر: لينتهين أَقوام عَن ترك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات أَو ليطمسن الله على قُلُوبهم وليكتبن من الغافلين
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَمُرَة بن جُنْدُب مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة من غير عذر طمس على قلبه
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن أبي قَتَادَة مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير ضَرُورَة طبع الله على قلبه
وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة من حَدِيث جَابر مثله
وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن أبي الْجَعْد الضمرِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من ترك الْجُمُعَة ثَلَاثًا من غير عذر فَهُوَ مُنَافِق
وَأخرج أَبُو يعلى والمروزي من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة عَن عَمه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد الْأَيَّام عِنْد الله يَوْم الْجُمُعَة أعظم من يَوْم النَّحْر وَالْفطر وَفِيه خمس خلال: خلق آدم فِيهِ وَفِيه أهبط من الْجنَّة إِلَى
160
الأَرْض وَتُوفِّي فِيهِ آدم وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا ربه إِلَّا أعطَاهُ مَا لم يسْأَل حَرَامًا وَفِيه تقوم السَّاعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن أبي شُعَيْب قَالَ: أردْت الْجُمُعَة فِي زمن الْحجَّاج فتهيأت للذهاب ثمَّ قلت: أَيْن أذهب أُصَلِّي خلف هَذَا فَقلت مرّة أذهب وَمرَّة لَا أذهب فأجمع رَأْيِي على الذّهاب فناداني منادٍ من جَانب الْبَيْت ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ الْآيَة
أخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن خَرشَة بن الْحر قَالَ: رأى معي عمر بن الْخطاب لوحاً مَكْتُوبًا فِيهِ ﴿إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ فَقَالَ: من أمْلى عَلَيْك هَذَا قلت: أبيّ بن كَعْب
قَالَ: إِن أَبَيَا أقرؤنا للمنسوخ قَرَأَهَا فامضوا إِلَى ذكر الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قيل لعمر: إِن أَبَيَا يقْرَأ ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ قَالَ عمر: أبيّ أعلمنَا بالمنسوخ وَكَانَ يقْرؤهَا فامضوا إِلَى ذكر الله
وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ وَفِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ: مَا سَمِعت عمر يقْرؤهَا قطّ إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي لَا مصاحف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ: مَا سَمِعت عمر يقْرؤهَا قطّ إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: لقد توفّي عمر وَمَا يَقُول هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْجُمُعَة إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي وَالطَّبَرَانِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ فامضوا إِلَى ذكر الله قَالَ: وَلَو كَانَت فَاسْعَوْا لسعيت حَتَّى يسْقط رِدَائي
161
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة قَالَ فِي حرف ابْن مَسْعُود: فامضوا إِلَى ذكر الله وَهُوَ كَقَوْلِه: (إِن سعيكم لشتى) (سُورَة اللَّيْل الْآيَة ٤)
وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن أبيّ بن كَعْب وَابْن مَسْعُود أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن فامضوا إِلَى ذكر الله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الزبير أَنه كَانَ يقرأوها فامضوا إِلَى ذكر الله
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ قَالَ: فامضوا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ قَالَ: مَا هُوَ بالسعي على الْأَقْدَام وَلَقَد نهوا أَن يَأْتُوا الصَّلَاة إِلَّا وَعَلَيْهِم السكينَة وَالْوَقار وَلَكِن بالقلوب وَالنِّيَّة والخشوع
وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة فِي قَوْله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ قَالَ: السَّعْي أَن تسْعَى بلبك وعملك وَهُوَ الْمُضِيّ إِلَيْهَا
قَالَ الله: (فَلَمَّا بلغ مَعَه السَّعْي) (سُورَة الصافات الْآيَة ١٠٢) قَالَ: لما مَشى مَعَ أَبِيه
وَأخرج عبد بن حميد عَن ثَابت قَالَ: كُنَّا مَعَ أنس بن مَالك يَوْم الْجُمُعَة فَسمع النداء بِالصَّلَاةِ فَقَالَ: قُم لنسعى إِلَيْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ قَالَ: الذّهاب وَالْمَشْي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا السَّعْي الْعَمَل وَلَيْسَ السَّعْي على الْأَقْدَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: السَّعْي الْعَمَل
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة مثله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن الصَّامِت قَالَ: خرجت إِلَى الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة فَلَقِيت أَبَا ذَر فَبينا أَنا أَمْشِي إِذا سَمِعت النداء فَرفعت فِي الْمَشْي لقَوْل الله: ﴿إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ فجذبني جذبة فَقَالَ: أولسنا فِي سعي
162
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله﴾ قَالَ: موعظة الإِمَام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حرمت التِّجَارَة يَوْم الْجُمُعَة مَا بَين الْأَذَان الأول إِلَى الإِقامة إِلَى انصراف الإِمام لِأَن الله يَقُول: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر﴾ إِلَى ﴿وذروا البيع﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب أَن رجلَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَا يَخْتَلِفَانِ فِي تجارتهما إِلَى الشَّام فَرُبمَا قدما يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فيدعونه ويقومون فِيمَا هم إِلَّا بيعا حَتَّى تُقَام الصَّلَاة فَأنْزل الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله وذروا البيع﴾ قَالَ: فَحرم عَلَيْهِم مَا كَانَ قبل ذَلِك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: الْأَذَان الَّذِي يحرم فِيهِ البيع هُوَ الْأَذَان الَّذِي عِنْد خُرُوج الإِمام
قَالَ: وَأرى أَن يتْرك البيع الْآن عِنْد الْأَذَان الأول
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة حرم الشِّرَاء وَالْبيع
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِذا زَالَت الشمش من يَوْم الْجُمُعَة حرم البيع وَالتِّجَارَة حَتَّى تقضى الصَّلَاة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء وَالْحسن أَنَّهُمَا قَالَا: ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد عَن أَيُّوب قَالَ: لأهل الْمَدِينَة سَاعَة يَوْم الْجُمُعَة ينادون: حرم البيع وَذَلِكَ عِنْد خُرُوج الإِمام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ إِذا أذن الْمُؤَذّن من يَوْم الْجُمُعَة ينادون فِي الْأَسْوَاق: حرم البيع حرم البيع
وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم أَن الْقَاسِم دخل على أَهله فِي يَوْم الْجُمُعَة وَعِنْدهم عطار يبايعونه فاشتروا مِنْهُ وَخرج الْقَاسِم إِلَى الْجُمُعَة فَوجدَ الإِمام قد خرج فَأَمرهمْ أَن يناقضوه البيع
163
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: من بَاعَ شَيْئا بعد الزَّوَال يَوْم الْجُمُعَة فَإِن بَيْعه مَرْدُود لِأَن الله تَعَالَى نهى عَن البيع إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: هَل تعلم من شَيْء يحرم إِذا أذن بِالْأولَى سوى البيع قَالَ عَطاء: إِذا نُودي بِالْأولَى حرم اللَّهْو وَالْبيع والصناعات كلهَا هِيَ بمنزلت البيع والرقاد وَأَن يَأْتِي الرجل أَهله وَأَن يكْتب كتابا قلت: إِذا نُودي بِالْأولَى وَجب الرواح حِينَئِذٍ قَالَ: نعم
قلت: من أجل قَوْله إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: نعم فَليدع حِينَئِذٍ كل شَيْء وليرح
أخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن بسر الْحَرَّانِي قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن بشر الْمَازِني صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الْجُمُعَة خرج فدار فِي السُّوق سَاعَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَسْجِد فصلى مَا شَاءَ الله أَن يُصَلِّي فَقيل لَهُ: لأي شَيْء تصنع هَذَا قَالَ: لِأَنِّي رَأَيْت سيد الْمُرْسلين هَكَذَا يصنع وتلا هَذِه الْآيَة ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله﴾
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِذا انصرفت يَوْم الْجُمُعَة فَاخْرُج إِلَى بَاب الْمَسْجِد فساوم بالشَّيْء وَإِن لم تشتره
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْوَلِيد بن رَبَاح أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَة فَإِذا سلم صَاح ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله واذْكُرُوا الله﴾ فيبتدر النَّاس الْأَبْوَاب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَعَطَاء ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض﴾ قَالَا: إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ لم يفعل
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض﴾ قَالَ: هُوَ إِذن من الله فَإِذا فرغ فَإِن شَاءَ خرج وَإِن شَاءَ قعد فِي الْمَسْجِد
وَأخرج ابْن جرير عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله﴾ قَالَ: لَيْسَ لطلب دنيا وَلَكِن عبَادَة مَرِيض وَحُضُور جَنَازَة وزيارة أَخ فِي الله
164
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله﴾ قَالَ: لم يؤمروا بِشَيْء من طلب الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ عِيَادَة مَرِيض وَحُضُور جَنَازَة وزيارة أَخ فِي الله
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صلى الْجُمُعَة فصَام يَوْمه وَعَاد مَرِيضا وَشهد جَنَازَة وَشهد نِكَاحا وَجَبت لَهُ الْجنَّة
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة﴾ الْآيَة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة قَائِما إِذا قدمت عير الْمَدِينَة فَابْتَدَرَهَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا اثْنَا عشر رجلا أَنا فيهم وَأَبُو بكر وَعمر فَأنْزل الله ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ إِلَى آخر السُّورَة
وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فَقدم دحْيَة بن خَليفَة يَبِيع سلْعَة لَهُ فَمَا بَقِي فِي الْمَسْجِد أحد إِلَّا نفر وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم فَأنْزل الله ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما﴾ قَالَ: قدم دحْيَة الْكَلْبِيّ بِتِجَارَة فَخَرجُوا ينظرُونَ إِلَّا سَبْعَة نفر
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما﴾ قَالَ: جَاءَت عير عبد الرَّحْمَن بن عَوْف تحمل الطَّعَام فَخَرجُوا من الْجُمُعَة بَعضهم يُرِيد أَن يَشْتَرِي وَبَعْضهمْ يُرِيد أَن ينظر إِلَى دحْيَة وَتركُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما على الْمِنْبَر وَبَقِي فِي الْمَسْجِد اثْنَا عشر رجلا وَسبع نسْوَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو خَرجُوا كلهم لاضطرم الْمَسْجِد عَلَيْهِم نَارا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قدمت عير الْمَدِينَة يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم على الْمِنْبَر يخْطب فانفض أَكثر من كَانَ فِي الْمَسْجِد فَأنْزل الله فِي هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
165
يُصَلِّي الْجُمُعَة قبل الْخطْبَة مثل الْعِيدَيْنِ حَتَّى كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب وَقد صلى الْجُمُعَة فَدخل رجل فَقَالَ: إِن دحْيَة بن خَليفَة قد قدم بِتِجَارَة وَكَانَ دحْيَة إِذا قدم تَلقاهُ أَهله بالدفاف فَخرج النَّاس وَلم يَظُنُّوا إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي ترك الْخطْبَة شَيْء فَأنْزل الله ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ فَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة وَأخر الصَّلَاة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة وَيقوم قَائِما وَإِن دحْيَة الْكَلْبِيّ كَانَ رجلا تَاجِرًا وَكَانَ قبل أَن يسلم: قدم بتجارته إِلَى الْمَدِينَة خرج النَّاس ينظرُونَ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ ويشترون مِنْهُ فَقدم ذَات يَوْم وَوَافَقَ الْجُمُعَة وَالنَّاس عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد وَهُوَ قَائِم يخْطب فَاسْتقْبل أهل دحْيَة العير حِين دخل الْمَدِينَة بالطبل وَاللَّهْو فَذَلِك اللَّهْو الَّذِي ذكر الله فَسمع النَّاس فِي الْمَسْجِد أَن دحْيَة قد نزل بِتِجَارَة عِنْد أَحْجَار الزَّيْت وَهُوَ مَكَان فِي سوق الْمَدِينَة وسمعوا أصواتاً فَخرج عَامَّة النَّاس إِلَى دحْيَة ينظرُونَ إِلَى تِجَارَته وَإِلَى اللَّهْو وَتركُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما لَيْسَ مَعَه كَبِير عدَّة أحد فبلغني وَالله أعلم أَنهم فعلوا ذَلِك ثَلَاث مَرَّات وبلغنا أَن الْعدة الَّتِي بقيت فِي الْمَسْجِد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدَّة قَليلَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك: لَوْلَا هَؤُلَاءِ يَعْنِي الَّذين بقوا فِي الْمَسْجِد عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقصدت إِلَيْهِم الْحِجَارَة من السَّمَاء وَنزل ﴿قل مَا عِنْد الله خير من اللَّهْو وَمن التِّجَارَة وَالله خير الرازقين﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَإِذا كَانَ نِكَاح لعب أَهله وعزفوا ومروا باللهو على الْمَسْجِد وَإِذا نزل بالبطحاء جلب قَالَ: وَكَانَت الْبَطْحَاء مَجْلِسا بِفنَاء الْمَسْجِد الَّذِي يَلِي بَقِيع الْغَرْقَد وَكَانَت الْأَعْرَاب إِذا جلبوا الْخَيل والإِبل وَالْغنم وبضائع الْأَعْرَاب نزلُوا الْبَطْحَاء فَإِذا سمع ذَلِك من يقْعد للخطبة قَامُوا للهو وَالتِّجَارَة وتركوه قَائِما فعاتب الله الْمُؤمنِينَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ قَالَ: رجال يقومُونَ إِلَى نواضحهم وَإِلَى السّفر يقدمُونَ يَبْتَغُونَ التِّجَارَة وَاللَّهْو
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة
166
إِذْ قدمت عير الْمَدِينَة فَانْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتركُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يبْق مَعَه إِلَّا رَهْط مِنْهُم أَبُو بكر وَعمر فَنزلت هَذِه الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَا يبْقى معي أحد مِنْكُم لَسَالَ بكم الْوَادي نَارا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ يَوْم الْجُمُعَة فخطبهم ووعظهم وَذكرهمْ فَقيل: جَاءَت عير فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت عِصَابَة مِنْهُم فَقَالَ: كم أَنْتُم فعدوا أَنفسكُم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة ثمَّ قَامَ الْجُمُعَة الثَّانِيَة فخطبهم ووعظهم وَذكرهمْ فَقيل: جَاءَت عير فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت عِصَابَة مِنْهُم فَقَالَ: كم أَنْتُم فعدوا أَنفسكُم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة فَقَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو أتبع آخركم أولكم لَالْتَهَبَ الْوَادي عَلَيْكُم نَارا وَأنزل الله فِيهَا ﴿وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: ﴿أَو لهواً﴾ قَالَ: هُوَ الضَّرْب الطبل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان قَالَ: بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة أقبل شَاءَ وَشَيْء من سمن فَجعل النَّاس يقومُونَ إِلَيْهِ حَتَّى لم يبْق إِلَّا قَلِيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو تَتَابَعْتُمْ لتأجج الْوَادي نَارا
وَأخرج ان أبي شيبَة وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ: أَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب قَائِما أَو قَاعِدا قَالَ: أما تقْرَأ ﴿وَتَرَكُوك قَائِما﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن مرديه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن كَعْب بن عجْرَة أَنه دخل الْمَسْجِد وَعبد الرَّحْمَن بن أم الحكم يخْطب قَاعِدا فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبيث يخْطب قَاعِدا وَقد قَالَ الله: ﴿وَتَرَكُوك قَائِما﴾
وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وان مرْدَوَيْه عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب قَائِما
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطبتان يجلس بَينهمَا يقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر النَّاس
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب خطبتين يجلس بَينهمَا
167
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب يَوْم الْجُمُعَة قَائِما ثمَّ يقْعد ثمَّ يقوم فيخطب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ ﴿وَتَرَكُوك قَائِما﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَأَلت أَبَا عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ عَن الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ ﴿وَتَرَكُوك قَائِما﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوُوس قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَإِن أوّل من جلس على الْمِنْبَر مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوُوس قَالَ: الْجُلُوس على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة بِدعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِنَّمَا خطب مُعَاوِيَة قَاعِدا حِين كثر شَحم بَطْنه ولحمه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صعد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة اسْتقْبل النَّاس بِوَجْهِهِ الْكَرِيم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ وَيقْرَأ سُورَة ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيخطب ثمَّ ينزل وَكَانَ أَبُو بكر وَعمر يفعلانه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَت خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصراً وَصلَاته قصراً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَكْحُول قَالَ: إِنَّمَا قصرت صَلَاة الْجُمُعَة من أجل الْخطْبَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ ﴿وَتَرَكُوك قَائِما﴾
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي شعب الإِيمان والديلمي عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: طلبت خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجُمُعَة فأعيتني فلزمت رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: كَانَ يخْطب فَيَقُول فِي خطبَته يَوْم الْجُمُعَة: يَا أَيهَا النَّاس إِن لكم علما فَانْتَهوا إِلَى علمكُم وَإِن لكم نِهَايَة فَانْتَهوا إِلَى نهايتكم فَإِن الْمُؤمن بَين مخافتين بَين أجل قد مضى لَا يدْرِي كَيفَ صنع الله فِيهِ وَبَين أجل قد بَقِي لَا يدْرِي كَيفَ الله بصانع فِيهِ فليتزوّد الْمُؤمن من نَفسه لنَفسِهِ وَمن دُنْيَاهُ لآخرته
168
وَمن الشَّبَاب قبل الْهَرم وَمن الصِّحَّة قبل السقم فَإِنَّكُم خلقْتُمْ للآخرة وَالدُّنْيَا خلقت لكم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا بعد الْمَوْت من مستعتب وَمَا بعد الدُّنْيَا دَار إِلَّا الْجنَّة وَالنَّار وَأَسْتَغْفِر الله لي وَلكم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن شهَاب قَالَ: بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول إِذا خطب: كل مَا هُوَ آتٍ قريب لَا بعد لما هُوَ آتٍ لَا يعجل الله لعجلة أحد وَلَا يخف لأمر النَّاس مَا شَاءَ الله لَا مَا شَاءَ النَّاس يُرِيد النَّاس أمرا وَيُرِيد الله أمرا وَمَا شَاءَ الله كَانَ وَلَو كره النَّاس لامبعد لما قرب الله وَلَا مقرب لما بعد الله وَلَا يكون شَيْء إِلَّا بِإِذن الله
169

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

٦٣
سُورَة المُنَافِقُونَ
مَدَنِيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة
مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْمُنَافِقين بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي صَلَاة الْجُمُعَة فيحرض بهَا الْمُؤمنِينَ وَفِي الثَّانِيَة سُورَة الْمُنَافِقين فيقرع بهَا الْمُنَافِقين
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي عُيَيْنَة الْخَولَانِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة وَالسورَة الَّتِي يذكر فِيهَا المُنَافِقُونَ وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
الْآيَة ١ - ٤
170
أخرج أبو عبيد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن عبدالله بن بسر الحراني قال : رأيت عبدالله بن بشر المازني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة خرج فدار في السوق ساعة، ثم رجع إلى المسجد، فصلى ما شاء الله أن يصلي، فقيل له : لأي شيء تصنع هذا ؟ قال : لأني رأيت سيد المرسلين هكذا يصنع، وتلا هذه الآية ﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : إذا انصرفت يوم الجمعة فاخرج إلى باب المسجد فساوم بالشيء وإن لم تشتره.
وأخرج ابن المنذر عن الوليد بن رباح أن أبا هريرة كان يصلي بالناس الجمعة، فإذا سلم صاح ﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله ﴾ فيبتدر الناس الأبواب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وعطاء ﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ﴾ قالا : إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في قوله :﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ﴾ قال : هو إذن من الله، فإذا فرغ فإن شاء خرج، وإن شاء قعد في المسجد.
وأخرج ابن جرير عن أنس قال :«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ﴾ قال :«ليس لطلب دنيا ولكن عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله ﴾ قال : لم يؤمروا بشيء من طلب الدنيا، إنما هو عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«من صلى الجمعة فصام يومه وعاد مريضاً وشهد جنازة وشهد نكاحاً وجبت له الجنة ».
قوله تعالى :﴿ وإذا رأوا تجارة ﴾ الآية.
أخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن جابر بن عبدالله قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً إذ قدمت عير المدينة، فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق منهم إلا اثنا عشر رجلاً أنا فيهم وأبو بكر وعمر، فأنزل الله ﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ﴾ إلى آخر السورة.
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقدم دحية بن خليفة يبيع سلعة له، فما بقي في المسجد أحد إلا نفر، والنبي صلى الله عليه وسلم قائم، فأنزل الله ﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله :﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً ﴾ قال : قدم دحية الكلبي بتجارة، فخرجوا ينظرون إلا سبعة نفر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً ﴾ قال : جاءت عير عبد الرحمن بن عوف تحمل الطعام، فخرجوا من الجمعة، بعضهم يريد أن يشتري، وبعضهم يريد أن ينظر إلى دحية، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر، وبقي في المسجد اثنا عشر رجلاً وسبع نسوة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لو خرجوا كلهم لاضطرم المسجد عليهم ناراً ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قدمت عير المدينة يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب، فانفض أكثر من كان في المسجد، فأنزل الله فيهم هذه الآية ﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ﴾.
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل بن حيان قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين، حتى كان يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وقد صلى الجمعة، فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة، وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف، فخرج الناس ولم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء، فأنزل الله ﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ﴾ فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن مقاتل بن حيان قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقوم قائماً، وإن دحية الكلبي كان رجلاً تاجراً، وكان قبل أن يسلم : قدم بتجارته إلى المدينة خرج الناس ينظرون إلى ما جاء به ويشترون منه، فقدم ذات يوم ووافق الجمعة، والناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، وهو قائم يخطب، فاستقبل أهل دحية العير حين دخل المدينة بالطبل واللهو، فذلك اللهو الذي ذكر الله، فسمع الناس في المسجد أن دحية قد نزل بتجارة عند أحجار الزيت، وهو مكان في سوق المدينة، وسمعوا أصواتاً، فخرج عامة الناس إلى دحية ينظرون إلى تجارته وإلى اللهو، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً ليس معه كبير عدة أحد، فبلغني والله أعلم أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات، وبلغنا أن العدة التي بقيت في المسجد مع النبي صلى الله عليه وسلم عدة قليلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك :«لولا هؤلاء، يعني الذين بقوا في المسجد ؛ عند النبي صلى الله عليه وسلم : لقصدت إليهم الحجارة من السماء » ونزل ﴿ قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس يوم الجمعة، فإذا كان نكاح لعب أهله وعزفوا ومروا باللهو على المسجد، وإذا نزل بالبطحاء جلب قال : وكانت البطحاء مجلساً بفناء المسجد الذي يلي بقيع الغرقد، وكانت الأعراب إذا جلبوا الخيل والإِبل والغنم وبضائع الأعراب نزلوا البطحاء، فإذا سمع ذلك من يقعد للخطبة قاموا للهو والتجارة وتركوه قائماً، فعاتب الله المؤمنين لنبيه صلى الله عليه وسلم فقال :﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله :﴿ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها ﴾ قال : رجال يقومون إلى نواضحهم وإلى السفر يقدمون يبتغون التجارة واللهو.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، إذ قدمت عير المدينة فانفضوا إليها وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبق معه إلا رهط منهم أبو بكر وعمر، فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى معي أحد منكم لسال بكم الوادي ناراً ».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قام يوم الجمعة فخطبهم ووعظهم وذكرهم، فقيل : جاءت عير، فجعلوا يقومون حتى بقيت عصابة منهم فقال :«كم أنتم فعدوا أنفسكم » فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة، ثم قام الجمعة الثانية فخطبهم ووعظهم وذكرهم، فقيل : جاءت عير، فجعلوا يقومون حتى بقيت عصابة منهم، فقال :«كم أنتم فعدوا أنفسكم »، فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال :«والذي نفس محمد بيده لو أتبع آخركم أولكم لالتهب الوادي عليكم ناراً » وأنزل الله فيها ﴿ وإذا رأوا تجارة ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله :﴿ أو لهواً ﴾ قال : هو الضرب بالطبل.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة أقبل شاء وشيء من سمن، فجعل الناس يقومون إليه، حتى لم يبق إلا قليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لو تتابعتم لتأجج الوادي ناراً ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود أنه سئل : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً أو قاعداً ؟ قال : أما تقرأ ﴿ وتركوك قائماً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن مرديه والبيهقي في سننه عن كعب بن عجرة أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعداً فقال : انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً وقد قال الله :﴿ وتركوك قائماً ﴾.
وأخرج أحمد وابن ماجة وابن مردويه عن جابر بن سمرة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً.
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن جابر بن سمرة قال : كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن، ويذكر الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يخطب خطبتين يجلس بينهما.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة قائماً، ثم يقعد، ثم يقوم فيخطب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه سئل عن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقرأ ﴿ وتركوك قائماً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن مرة قال : سألت أبا عبيدة رضي الله عنه عن الخطبة يوم الجمعة، فقرأ ﴿ وتركوك قائماً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً وأبو بكر وعمر وعثمان، وإن أوّل من جلس على المنبر معاوية بن أبي سفيان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : الجلوس على المنبر يوم الجمعة بدعة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : إنما خطب معاوية قاعداً حين كثر شحم بطنه ولحمه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه الكريم، فقال : السلام عليكم، ويحمد الله ويثني عليه، ويقرأ سورة ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب، ثم ينزل، وكان أبو بكر وعمر يفعلانه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن سمرة قال : كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم قصراً وصلاته قصراً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول قال : إنما قصرت صلاة الجمعة من أجل الخطبة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه سئل عن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقرأ ﴿ وتركوك قائماً ﴾.
وأخرج ابن أبي الدنيا في شعب الإِيمان والديلمي عن الحسن البصري قال : طلبت خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة فأعيتني، فلزمت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فقال : كان يخطب فيقول في خطبته يوم الجمعة :«يا أيها الناس إن لكم علماً فانتهوا إلى علمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، فإن المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري كيف صنع الله فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري كيف الله بصانع فيه، فليتزوّد المؤمن من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشباب قبل الهرم، ومن الصحة قبل السقم، فإنكم خلقتم للآخرة، والدنيا خلقت لكم والذي نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار، وأستغفر الله لي ولكم ».
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن شهاب قال : بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا خطب :«كل ما هو آت قريب، لا بعد لما هو آت، لا يعجل الله لعجلة أحد، ولا يخف لأمر الناس، ما شاء الله لا ما شاء الناس، يريد الناس أمراً ويريد الله أمراً، وما شاء الله كان، ولو كره الناس، لا مبعد لما قرب الله، ولا مقرب لما بعد الله ولا يكون شيء إلا بإذن الله ».
Icon