تفسير سورة سورة الأعلى من كتاب روح البيان
المعروف بـروح البيان
.
لمؤلفه
إسماعيل حقي
.
المتوفي سنة 1127 هـ
ﰡ
دعوه حتى يموت فلما أفاق امر له بجائزة فقيل له انه قال كذا فسأله الرشيد عن ذلك فقال يا أمير المؤمنين اى شىء أحسن من ان يقال ان أمير المؤمنين مات من خشية الله فاستحسن كلامه واحترمه (قال الحافظ)
فطوبى لمن قصر أمله وطال عمره وحسن عمله والله نسأل ان لا يجعلنا من المغترين تمت سورة الطارق باعانة خالق النجوم البوارق يوم الأحد الرابع عشر من شهر ربيع الاول من سنة سبع عشرة ومائة وألف
تفسير سورة الأعلى
تسع عشرة آية مكية عند الجمهور بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى التسبيح التنزيه واسم الله لا يصح أن يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من أفعاله كالخالق ولكنها توقيفية عند بعض العلماء وقد سبق والأعلى صفة للرب ويجوز أن يكون صفة للاسم والاول أظهر ومعنى علوه تعالى أن يعلو عن أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين ومعنى أعلويته ان له الزيادة المطلقة فى العلو قال بعضهم ليس علوه علو جهة ولا كبره كبر جثة سبحانه عن ذلك بل علو استحقاق لنعوت الجلال والكبرياء فمن عرف علوه وكبرياءه تواضع وتذلل بين يديه عباده الصالحين والمعنى نزه اسمه عن الإلحاد فيه بالتأويلات الزائغة نحو أن يجعل الأعلى من العلو فى المكان لا من العلو فى الكمال وأن يؤخذ الاستواء بمعنى الاستقرار لا بمعنى الاستيلاء وكذا نزهه عن إطلاقه على غيره بوجه يشعر بتشاركهما فيه كان يسمى الصنم والوثن بالرب والإله ومنه تسمية العرب مسيلمة الكذاب برحمان اليمامة وكذا نرهه عن ذكره لا على وجه الإعظام والإجلال ويدخل فيه أن يذكر اسمه عند التثاؤب وحال الغائط وكذا بالغفلة وعدم الوقوف على معناه وحقيقته ومنه إكثار القسم بذكر اسمه من غير مبالاة وقال جرير فى الآية ارفع صوتك بذكره اى بذكر اسمه فان ذكر المدلول انما هو بذكر الاسم الدال عليه فظهر من هذا التقرير أن الاسم غير مقحم وقال بعضهم الاسم والمسمى هنا واحد اى نزه ذاته عما يدخل فى الوهم والخيال وفى الحديث لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال عليه السلام اجعلوها فى ركوعكم فلما نزل سبح اسم ربك الأعلى قال اجعلوها فى سجودكم وكانوا يقولون فى الركوع اللهم لك ركعت وفى السجود اللهم لك سجدت وفى الحديث دلالة على ان لفظ الاسم مقحم قاله سعدى المفتى وعلى ان الامتثال بالأمر يحصل بأن يقول سبحان ربى العظيم والأعلى بدون قراءة النظم ولذا قرأ على وابن عمر رضى الله عنهم سبحان ربى الأعلى الذي إلخ فان قوله سبح أمر بالتسبيح فلا بد وأن يذكر ذلك التسبيح وما هو إلا قول سبحان ربى الأعلى ومثله سبحان ربك العزة فان معناه نزه ربك العزة فيحصل الامتثال بان يقول سبحان ربنا رب العزة على معنى
بمهلتى كه سپهرت دهد زراره مرو | ترا كه كفت كه اين زال ترك دستان كرد |
تفسير سورة الأعلى
تسع عشرة آية مكية عند الجمهور بسم الله الرحمن الرحيم
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى التسبيح التنزيه واسم الله لا يصح أن يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من أفعاله كالخالق ولكنها توقيفية عند بعض العلماء وقد سبق والأعلى صفة للرب ويجوز أن يكون صفة للاسم والاول أظهر ومعنى علوه تعالى أن يعلو عن أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين ومعنى أعلويته ان له الزيادة المطلقة فى العلو قال بعضهم ليس علوه علو جهة ولا كبره كبر جثة سبحانه عن ذلك بل علو استحقاق لنعوت الجلال والكبرياء فمن عرف علوه وكبرياءه تواضع وتذلل بين يديه عباده الصالحين والمعنى نزه اسمه عن الإلحاد فيه بالتأويلات الزائغة نحو أن يجعل الأعلى من العلو فى المكان لا من العلو فى الكمال وأن يؤخذ الاستواء بمعنى الاستقرار لا بمعنى الاستيلاء وكذا نزهه عن إطلاقه على غيره بوجه يشعر بتشاركهما فيه كان يسمى الصنم والوثن بالرب والإله ومنه تسمية العرب مسيلمة الكذاب برحمان اليمامة وكذا نرهه عن ذكره لا على وجه الإعظام والإجلال ويدخل فيه أن يذكر اسمه عند التثاؤب وحال الغائط وكذا بالغفلة وعدم الوقوف على معناه وحقيقته ومنه إكثار القسم بذكر اسمه من غير مبالاة وقال جرير فى الآية ارفع صوتك بذكره اى بذكر اسمه فان ذكر المدلول انما هو بذكر الاسم الدال عليه فظهر من هذا التقرير أن الاسم غير مقحم وقال بعضهم الاسم والمسمى هنا واحد اى نزه ذاته عما يدخل فى الوهم والخيال وفى الحديث لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال عليه السلام اجعلوها فى ركوعكم فلما نزل سبح اسم ربك الأعلى قال اجعلوها فى سجودكم وكانوا يقولون فى الركوع اللهم لك ركعت وفى السجود اللهم لك سجدت وفى الحديث دلالة على ان لفظ الاسم مقحم قاله سعدى المفتى وعلى ان الامتثال بالأمر يحصل بأن يقول سبحان ربى العظيم والأعلى بدون قراءة النظم ولذا قرأ على وابن عمر رضى الله عنهم سبحان ربى الأعلى الذي إلخ فان قوله سبح أمر بالتسبيح فلا بد وأن يذكر ذلك التسبيح وما هو إلا قول سبحان ربى الأعلى ومثله سبحان ربك العزة فان معناه نزه ربك العزة فيحصل الامتثال بان يقول سبحان ربنا رب العزة على معنى
اگر چهـ خرم وتازه است كلبن دنيا | ولى بنكبت باد خزان نمى ارزد |
بكرده خورى وقرص قمر ز جاى مرو | كه خوان چرخ نيك تاى نان نمى ارزد |
قال القاشاني أجمل فى قوله ان نفعت الذي ثم فصل بقوله سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى اى سيتذكر بتذكيرك يعنى زود باشد كه پند پذيرد. من من شأنه أن يخشى الله حق خشيته او من يخشى الله فى الجملة فيزداد ذلك بالتذكير فيتفكر فى امر ما تذكر به فيقف على حقيقته فيؤمن به وفى التفسير الكبير الناس فى أمر المعاد على ثلاثة أقسام منهم من قطع بصحته ومنهم من جوز وجوده ولكنه غير قاطع فيه لا بالنفي ولا بالاثبات ومنهم من أصر على إنكاره والقسمان الأولان ينتفعون بالتذكير بخلاف الثالث يَتَجَنَّبُهَا
اى يتبعد من الذكرى ولا يسمعها سماع القبولْ َشْقَى
اى الزائد فى الشقاوة من الكفرة لتوغله فى عداوة النبي عليه السلام مثل الوليد بن المغيرة وأبى جهل ونحوهما او الأشقى هو الكافر مطلقا لانه أشقى من الفاسق وروى ان من يخشى هو عثمان بن عفان رضى الله عنه والأشقى رجل من المنافقين وذلك ان المنافق كانت له نخلة مائلة فى دار رجل من الأنصار فسقط ثمرها فى داره فذكر ذلك لرسول الله عليه السلام فارسل الى المنافق ولم يكن يعلم بنفاقه فسأله ان يعطى النخلة للانصارى على ان يعطيه نخلة فى الجنة فقال أبيع عاجلا بآجل لا افعل فأعطاه عثمان رضى الله عنه حائط نخل له فنزلت الآية كما فى التكملة ونظيره ان رجلا قضى للنبى عليه السلام حاجة فقال ائتنى بالمدينة فأتاه فقال أيما أحب إليك ثمانون من الضأن او أدعو الله ان يجعلك معى فى الجنة قال بل ثمانون من الضأن قال أعطوه إياها ثم قال ان صاحبة موسى عليه السلام كانت أعقل منك وذلك ان عجوزا دلته على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى أيما أحب إليك اسأل الله ان تكون معى فى الجنة او مائة من الغنم قالت الجنة
الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى اى يدخل الطبقة السفلى من طبقات النار. وآتش آن از آتش دركات ديكر تيزتر وسوزنده تر است وآن جاى آل فرعون ومنافقان ومنكران مائده عيسى عليه السلام باشد ونار صغرى در طبقه عليا كه چاى كنهكاران امت محمد مصطفاست عليه السلام. فالكبرى اسم تفصيل لانه تأنيث الأكبر والمفضل هو ما فى أسفل دركات جهنم من النار التي هى نصيب الكفار كما قال تعالى ان المنافقين فى الدرك الأسفل من النار والمفضل عليه ما فى الدركات التي فوقها فان لجهنم نيرانا ودركات متفاضلة كما ان فى الدنيا ذنوبا ومعاصى متفاضلة فكما ان الكفار أشقى العصاة كذلك يصلون أعظم النيران وقيل الكبرى نار جهنم والصغرى نار الدنيا يعنى ان المفضل نار الآخرة والمفصل عليه نار الدنيا لقوله عليه السلام ناركم هذه جزء من سبعين جزأ من نار جهنم وقد غمست فى ماء البحر مرتين ليدنى منها وينتفع بها ولولا ذلك ما دنوتم منها ويقال انها تتعوذ بالله من جهنم وان ترد إليها.
يقول الفقير الظاهر ان المراد بالنار الكبرى هو العذاب الأكبر فى قوله تعالى فيعذبه الله العذاب
اى يتبعد من الذكرى ولا يسمعها سماع القبولْ َشْقَى
اى الزائد فى الشقاوة من الكفرة لتوغله فى عداوة النبي عليه السلام مثل الوليد بن المغيرة وأبى جهل ونحوهما او الأشقى هو الكافر مطلقا لانه أشقى من الفاسق وروى ان من يخشى هو عثمان بن عفان رضى الله عنه والأشقى رجل من المنافقين وذلك ان المنافق كانت له نخلة مائلة فى دار رجل من الأنصار فسقط ثمرها فى داره فذكر ذلك لرسول الله عليه السلام فارسل الى المنافق ولم يكن يعلم بنفاقه فسأله ان يعطى النخلة للانصارى على ان يعطيه نخلة فى الجنة فقال أبيع عاجلا بآجل لا افعل فأعطاه عثمان رضى الله عنه حائط نخل له فنزلت الآية كما فى التكملة ونظيره ان رجلا قضى للنبى عليه السلام حاجة فقال ائتنى بالمدينة فأتاه فقال أيما أحب إليك ثمانون من الضأن او أدعو الله ان يجعلك معى فى الجنة قال بل ثمانون من الضأن قال أعطوه إياها ثم قال ان صاحبة موسى عليه السلام كانت أعقل منك وذلك ان عجوزا دلته على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى أيما أحب إليك اسأل الله ان تكون معى فى الجنة او مائة من الغنم قالت الجنة
هر كه بيند مر عطارا صد عوض | زود دربازد عطا را زين غرض |
آرزوى كل بود كل خواره را | كلشكر نكوارد آن بيچاره را |
يقول الفقير الظاهر ان المراد بالنار الكبرى هو العذاب الأكبر فى قوله تعالى فيعذبه الله العذاب
عليكم حيث زين ألسنتكم بالشهادة وقلوبكم بالمعرفة وأبدانكم بالعبادة (روى) عن رسول الله ﷺ عن الله تعالى قال الله سبحانه ان لى مع المصلين ثلاث شرائط احداها تنزل الرحمة من عنان السماء الى مفرق رأسه مادام فى صلاته والثانية حفته الملائكة بأجنحتها والثالثة أناجى معه كلما قال يا رب أقول لبيك ثم قال عليه السلام لو علم المصلى من يناجى ما التفت (وروى) عن ابن عمر رضى الله عنه ان المراد بالتزكى إخراج صدقة الفطر قبل المضي الى المصلى وبالذكر ان يكبر فى الطريق حين خروجه الى المصلى وبالصلاة ان يصلى صلاة العيد بعد ذلك مع الامام وهذه السورة وان كانت مكية بالإجماع ولم يكن بمكة عيد ولا صدقة فطر الا انه لما كان فى علمه ان ذلك سيكون اثنى الله على من فعل ذلك فانه تعالى قد يخبر عما سيكون وفى الآية اشارة الى تطهير النفس عن المخالفات الشرعية وتطهير القلب عن المحبة الدنيوية بل عن ملاحظة الغير والتوجه الى الله تعالى بقدر الاستعداد إذ لا يكلف الله نفسا الا وسعها بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا إضراب عن مقدر ينساق اليه الكلام كأنه قبل اثر بيان ما يؤدى الى الفلاح لا تفعلون ذلك بل تختارون اللذات العاجلة الفانية فتسعون لتحصيلها والخطاب اما للكفرة فالمراد بايثار الحياة الدنيا هو الرضى والاطمئنان بها والاعراض عن الآخرة بالكلية كما فى قوله تعالى وان الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها الآية او للكل فالمراد بايثارها ما هو أعم مما ذكر وما لا يخلو عنه الناس غالبا من ترجيح جانب الدنيا على الآخرة فى السعى وترتيب المبادي والالتفات على الاول لتشديد التوبيخ وعلى الثاني كذلك فى حق الكفرة ولتشديد العتاب فى حق المسلمين وفى فتح الرحمن فالكافر يؤثرها إيثار كفر يرى ان لا آخرة والمؤمن يؤثرها إيثار معصية وغلبة نفس الا من عصم الله وفى عين المعاني خطاب للامة إذ كل يميل الى الدنيا اما رغبة فيها او ادخار الثواب الآخرة (وفى كشف الاسرار) مصطفى عليه السلام أول قلم فتوى.
در حق دنيا اين راند كه حلالها حساب وحرامها عذاب آنكه برو لعنت كرد كه. الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى حال من فاعل تؤثرون مؤكدة للتوبيخ والعتاب اى تؤثرونها على الآخرة والحال ان الآخرة خير فى نفسها لما ان نعيمها مع كونه فى غاية ما يكون من اللذة خالص عن شائبة الغائلة أبدى لا انصرام له وعدم التعرض لبيان تكدر نعيم الدنيا بالمنغصات وانقطاعه عما قليل لغاية ظهوره وفيه اشارة الى ان ظواهر الأشياء بالنسبة الى حقائقها كالقشر بالنسبة الى اللب واللب خير من القشر وأبقى لان لب الحب يحفظ زمانا طويلا وقشره إذا سلخ من اللب يطرح فى النار او يرمى بالمزابل فيفنى بعد اليومين او اكثر فأرباب
در حق دنيا اين راند كه حلالها حساب وحرامها عذاب آنكه برو لعنت كرد كه. الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله
اگر دينت همى بايد زدنيا دار پى بگسل | ورت دنيا همى بايد بده دين وببر دنيا |
ور از دوزخ همى ترسى بمالى پس مشو غره | كه اينجا صورتش مالست وآنجا شكلش اژدرها |
چهـ مانى بهر مردارى چوزاغان اندرين پستى | قفص بشكن چوطاوسان يكى بر پر بزين بالا |