قال أبو النجم:

كأن في أذنابهن الشُّوَّلِ من عبس الصيف قرون الإجَّل١
يريد: الإيَّل.
فقد يجوز أن تكون الجيم في شِجرَة بدلًا من الياء في شيرة لفشو شيرة، وقلة شِجرة.
ومن ذلك قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي الطفيل٢، وعبد الله بن أبي إسحاق، وعاصم الجحدري، وعيسى بن عمر الثقفي: "هُدَيَّ"٣.
قال أبو الفتح: هذه لغة فاشية في هذيل وغيرهم؛ أن يقلبوا الألف من آخر المقصور إذا أضيف إلى ياء المتكلم ياء. قال الهذلي٤:
سبقوا هَوَيَّ وأعنقوا لهواهم فتُخِرِّمُوا ولكل جنب مَصْرَعُ
وروينا عن قطرب قول الشاعر٥:
يطوف بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ ويطعن بالصُّمُلَّة في قَفَيَّا
فإن لم تَثْأَرَا لي من عِكَبٍّ فلا أرويتما أبدًا صَدَيَّا
قال لي أبو علي: وجه قلب هذه الألف "١٤ظ" لوقوع ياء ضمير المتكلم بعدها، أنه موضع ينكسر فيه الصحيح، نحو: هذا غلامي، ورأيت صاحبي، فلما لم يتمكنوا من كسر الألف قلبوها ياء، فقالوا: هذه عَصَيّ، وهذا فتيّ؛ أي: عصاي وفتاي، وشبهوا ذلك بقولك: مررت بالزيدين، لما لم يتمكنوا من كسر الألف للجر قلبوها ياء، ولا يجوز على هذا أن تقلب ألف التثنية لهذه الياء، فتقول: هذان غلاميّ؛ لما فيه من زوال علم الرفع، ولو كانت ألف عصا ونحوها علمًا للرفع لم يجز فيها عصَيّ.
١ انظر الصفحة ٦١ من هذا الجزء.
٢ أبو الطفيل: ذكره ابن الجزري في طبقات القراء في ترجمة بكار بن عبد الله الذي روى عن هارون بن موسى عن إسماعيل المكي عن أبي الطفيل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ: "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَيَّ". طبقات القراء: ١/ ٧٧ س٢٤، وذكره كذلك في ترجمة محمد بن مسلم بن عبيد الله أبي بكر الزهري، الذي روى عن أبي الطفيل وآخرين. الطبقات: ٢/ ٢٦٢، س٢٢.
٣ من قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ سورة البقرة: ٣٨.
٤ هو أبو ذؤيب يرثي أبناء له خمسة هلكوا بالطاعون في يوم واحد.
ويروى "لسبيلهم" مكان "لهواهم"، ورُوي "ففقدتهم" مكان "فتخرموا".
أعنقوا: أسرعوا، من العنق وهو السير الفسيح، وتخرموا: تخطفهم الموت. وانظر ديوان الهذليين: ١/ ٢.
٥ هو المنخل اليشكري. وعكبه: هو عكب اللخمي صاحب سجن النعمان بن المنذر، الضملة: الحربة أو العصا. انظر: الخصائص: ١/ ١٧٧ واللسان: "عكب".


الصفحة التالية
Icon