تفسير سورة الكوثر

مختصر تفسير ابن كثير
تفسير سورة سورة الكوثر من كتاب مختصر تفسير ابن كثير المعروف بـمختصر تفسير ابن كثير .
لمؤلفه محمد علي الصابوني .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- ١ - إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ
- ٢ - فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ
- ٣ - إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
روى مسلم عَنْ أنَس بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أظهرنا في المسجد إذا أغفى إغفاءة، ثم رفع مُبْتَسِمًا قُلْنَا: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: «لقد أُنْزِلَتْ عليَّ آنِفًا سُورَةٌ» فَقَرَأَ: ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فصلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾، ثُمَّ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟» قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قال: فإنه نهر في الجنة وَعَدَنِيهِ رَبِّي عزَّ وجلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنيته عدد النجوم في السماء فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ بعدك" (أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي)، وقد استدل كَثِيرٌ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مدنية، فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ فَقَدْ
682
تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الجنة، وقد رواه الإمام أحمد عَنْ أنَس أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ فَإِذَا هُوَ نَهَرٌ يَجْرِي وَلَمْ يُشَقَّ شَقًّا، وَإِذَا حَافَّتَاهُ قباب الؤلؤ فضربت بيدي في تربته، فإذا مسك أذفر، وإذا حصباؤه اللؤلؤ» (أخرجه الإمام أحمد). وعن أنَس ابن مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ: "أَتَيْتُ عَلَى نَهْرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ الْمُجَوَّفِ فَقُلْتُ: مَا هذا يا جبريل؟ فقال: هذا الكوثر" (أخرجه البخاري). وروى ابن جرير، عن أنَس بن مالك قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضَى بِهِ جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا هُوَ بِنَهْرٍ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ اللؤلؤ وَزَبَرْجَدٍ، فَذَهَبَ يَشُمُّ تُرَابَهُ، فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ، قَالَ: «يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا النَّهْرُ؟» قَالَ: هو الكوثر الذي خبأ لك ربك؛ وفي رواية عَنْ أنَس قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْكَوْثَرِ؟ فَقَالَ: «هُوَ نهر أعطانيه الله تعالى في الجنة ترابه مسك، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، تَرِدُهُ طير أعناقها مثل أعناق الجزر»، قال أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا لِنَاعِمَةٌ؟ قال: «آكلها أنعم منها». وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حدَّثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عبيدة عن عائشة رضي الله عنها قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكوثر﴾ قالت: نهر أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاطِئَاهُ عليه در مجوف آنيته كعدد النجوم" (أخرجه البخاري). وعن عَائِشَةَ قَالَتِ: الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ شَاطِئَاهُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ عليه من الآنية عدد نجوم السماء، وعن مَسْرُوقٍ قَالَ، قُلْتُ لِعَائِشَةَ: يَا أُم الْمُؤْمِنِينَ حدِّثيني عَنِ الْكَوْثَرِ؟ قَالَتْ: نَهْرٌ فِي بُطْنَانِ الْجَنَّةِ، قُلْتُ: وَمَا بُطْنَانُ الْجَنَّةِ؟ قَالَتْ: وَسَطُهَا، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت، ترابه المسك، وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت (أخرجه ابن جرير).
وقال البخاري، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ فِي الْكَوْثَرِ: هُوَ الْخَيْرُ الَّذِي أعطاه الله إياه، قال أبو البشر: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهْرُ الَّذِي فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ الله إياه (أخرجه البخاري). وروى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْكَوْثَرُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَعُمُّ النَّهْرَ وَغَيْرَهُ، لِأَنَّ الْكَوْثَرَ مِنَ الْكَثْرَةِ وَهُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، وَمِنْ ذَلِكَ النَّهْرُ كَمَا قَالَ ابْنُ عباس وعكرمة ومجاهد، حَتَّى قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ النُّبُوَّةُ وَالْقُرْآنُ وَثَوَابُ الْآخِرَةِ، وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِالنَّهْرِ أَيْضًا، فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، يَجْرِي عَلَى الْيَاقُوتِ وَالدُّرِّ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَحْلَى مِنَ العسل». وعن ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، يَجْرِي عَلَى الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، مَاؤُهُ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ (أخرجه الترمذي مَوْقُوفًا). وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَالْمَاءُ يَجْرِي عَلَى اللُّؤْلُؤِ، وَمَاؤُهُ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ» (رواه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي: حسن صحيح). وروى ابن جرير عن عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: قَالَ لِي مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي الْكَوْثَرِ. قُلْتُ: حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، فَقَالَ:
683
صدق الله إِنَّهُ لِلْخَيْرُ الْكَثِيرُ؛ وَلَكِنْ حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَوْثَرُ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ حَافَّتَاهُ مِنْ ذَهَبٍ يَجْرِي على الدر والياقوت». وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أنَس وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ الْكَوْثَرَ نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ حَوْضٌ فِي الجنة.
وقوله تعالى: ﴿فصلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ أَيْ كَمَا أَعْطَيْنَاكَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ ذَلِكَ النَّهْرُ الَّذِي تَقَدَّمَ صِفَتُهُ، فَأَخْلِصْ لِرَبِّكَ صَلَاتَكَ الْمَكْتُوبَةَ وَالنَّافِلَةَ، وَنَحْرَكَ فَاعْبُدْهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَانْحَرْ عَلَى اسْمِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين﴾ قال ابن عباس: يعني بذلك نحر البدن ونحوها، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَانْحَرْ﴾ وَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى على اليسرى تحت النحر، وقيل: ﴿وانحر﴾ أي استقبل بنحرك القبلة، وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّحْرِ ذَبْحُ الْمَنَاسِكِ، وَلِهَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِيدَ ثُمَّ يَنْحَرُ نُسُكَهُ وَيَقُولُ: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَا نسك له» الحديث. قال ابن جرير: والصواب قول من قال: إن مَعْنَى ذَلِكَ فَاجْعَلْ صَلَاتَكَ كُلَّهَا لِرَبِّكَ خَالِصًا، دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، وَكَذَلِكَ نَحْرَكَ اجْعَلْهُ لَهُ دُونَ الْأَوْثَانِ، شُكْرًا لَهُ عَلَى مَا أَعْطَاكَ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالْخَيْرِ الَّذِي لَا كِفَاءَ لَهُ وَخَصَّكَ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي قاله في غاية الحسن، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ أَيْ إِنَّ مُبْغِضَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَمُبْغِضَ مَا جِئْتَ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْحَقِّ، وَالْبُرْهَانِ السَّاطِعِ وَالنُّورِ الْمُبِينِ ﴿هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ الْأَقَلُّ الْأَذَلُّ الْمُنْقَطِعُ ذِكْرُهُ، قَالَ ابْنُ عباس ومجاهد: نزلت في العاص بن وائل، وقال يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: قَالَ، كَانَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ إِذَا ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: دَعُوهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، فَإِذَا هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ، فأنزل الله هذه السورة، وقيل: نزلت في عقبة ابن أبي معيط، وقال عَطَاءٍ: نَزَلَتْ فِي (أَبِي لَهَبٍ) وَذَلِكَ حِينَ مات ابن لرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ أَبُو لهب إلى المشركين، فقال: بُتِرَ مُحَمَّدٌ اللَّيْلَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ
هُوَ الْأَبْتَرُ﴾
، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي (أَبِي جَهْلٍ) وَعَنْهُ ﴿إِنَّ شَانِئَكَ﴾ يَعْنِي عَدُّوَّكَ، وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ مِمَّنْ ذُكِرَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْأَبْتَرُ الْفَرْدُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانُوا إِذَا مَاتَ ذُكُورُ الرَّجُلِ، قَالُوا: بُتِرَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبْنَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: بُتِرَ مُحَمَّدٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾، وهذا يرجع إلى ماقلناه مِنْ أَنَّ الْأَبْتَرَ الَّذِي إِذَا مَاتَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ، فَتَوَهَّمُوا لِجَهْلِهِمْ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ بَنُوهُ انقطع ذِكْرُهُ، وَحَاشَا وَكَلَّا، بَلْ قَدْ أَبْقَى اللَّهُ ذكره على رؤوس الْأَشْهَادِ، وَأَوْجَبَ شَرْعَهُ عَلَى رِقَابِ الْعِبَادِ، مُسْتَمِرًّا على دوام الآباد، إلى يوم المحشر وَالْمَعَادِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ التناد.
684
- ١٠٩ - سورة الكافرون.
685

[مقدمة]

ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بهذه السورة، وبقل هُوَ الله أَحَدٌ، في ركعتي الطواف (أخرجه مسلم)، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قرأ بهما في ركعتي الفجر، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا تَعْدِلُ رُبْعَ القرآن، وروى الطبراني أن رسول الله ﷺ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَرَأَ ﴿قُلْ يَا أيها الكافرون﴾ حتى يختمها (أخرجه الطبراني)، وعن الْحَارِثِ بْنِ جَبَلَةَ قَالَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ عِنْدَ مَنَامِي، قَالَ: «إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ ﴿يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ» (أخرجه الإمام أحمد)، والله أعلم.
685
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
685
Icon