ﰡ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المائدة (٥) : آية ١]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١)١- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ:
بِالْعُقُودِ العقود، جمع عقد، وهو العهد الموثق، شبه بعقد الحبل. وهى عقود الله التي عقدها على عباده وألزمها إياهم من مواجب التكليف.
وقيل: هى ما يعقدون بينهم من عقود الأمانات ويتحالفون عليه ويتماسحون من المبايعات ونحوها.
بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ البهيمة: كل ذات أربع، وإضافتها إلى الأنعام للبيان وهى الإضافة التي بمعنى (من). والمعنى: البهيمة من الأنعام.
وبهيمة الأنعام: الأزواج الثمانية.
إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ إلا ما حرم ما يتلى عليكم من القرآن، وإلا ما يتلى عليكم آية تحريمه. وقيل: بهيمة الأنعام: الظباء، وبقر الوحش، ونحوها. كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس البهائم فى الاجترار وعدم الأنياب، فأضيفت إلى الأنعام لملابسة الشبه.
غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ نصب على الحال من الضمير فى لَكُمْ. أي أحلت لكم هذه الأشياء لا محلين الصيد.
وَأَنْتُمْ حُرُمٌ حال عن مُحِلِّي الصَّيْدِ كأنه قيل: أحللنا لكم بعض الأنعام فى حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون لئلا تحرج عليكم.
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ من الأحكام ويعلم أنه حكمة ومصلحة.
[سورة المائدة (٥) : آية ٢]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢)٢- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ:
لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ الشعائر جمع شعيرة، وهى اسم ما أشعر، أي جعل شعارا وعلما للنسك من مواقف الحج، ومرامى الجمار والمطاف، والمسعى والأفعال التي هى علامات لحج يعرف بها، من الإحرام، والطواف، والسعى، والحلق، والنحر.
وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ الشهر الحرام: شهر الحج.
وَلَا الْهَدْيَ الهدى: ما أهدى إلى البيت وتقرب به إلى الله من النسك.
وَلَا الْقَلائِدَ القلائد، جمع قلادة، وهى ما قلد به الهدى من نعل أو عروة مزادة أو لحاء شجر أو غيره.
والمراد ذوات القلائد من الهدى، وهى البدن وتعطف على الهدى للاختصاص، وزيادة التوصية بها لأنها أشرف الهدى. وقد يكون المراد النهى عن التعرض لقلائد الهدى مبالغة فى النهى عن التعرض للهدى، على معنى: ولا تحلوا قلائدها فضلا عن أن تحلوها.
وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ ولا قاصدين المسجد الحرام، وهم الحجاج والعمار. أي ولا تحلوا قوما قاصدين المسجد الحرام. وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمة الشعائر وأن يحال بينها وبين المتنسكين بها، وأن يحدثوا فى أشهر الحج ما يصدون به الناس عن الحج، وأن يتعرض الهدى بالغصب، أو بالمنع من بلوغ محله.
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وهو الثواب.
وَرِضْواناً وأن يرضى عنهم.
وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا إباحة للاصطياد بعد حظر. كأنه قيل:
وإذا حللتم فلا جناح عليكم أن تصطادوا.
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ لا يحملنكم.
شَنَآنُ قَوْمٍ بعض قوم.
أَنْ صَدُّوكُمْ بفتح الهمزة، ويكون متعلقا بالشنئان. أي ولا يكسبنكم بغض قوم لأن صدوكم ولا يحملنكم عليه.
وقرىء (إن صدوكم) على (إن) شرطية.
أَنْ تَعْتَدُوا على الاعتداء عليهم.
وَتَعاوَنُوا وليتعاون بعضكم مع بعض.
عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى على الخير وجميع الطاعات.
عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ على المعاصي ومجاوزة حدود الله.
وَاتَّقُوا اللَّهَ واخشوا عقاب الله وبطشه.
إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لمن خالفه.
[سورة المائدة (٥) : آية ٣]
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣)
٣- حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ حرم الله عليكم أيها المؤمنون.
الْمَيْتَةُ أكل لحم الميتة، وهى ما فارقته الروح من غير ذبح شرعى.
وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ وما ذكر اسم غير الله عليه عند ذبحه.
وَالْمُنْخَنِقَةُ وما مات خنقا، أو التي ضربت حتى ماتت.
وَالْمَوْقُوذَةُ التي أثخنوها ضربا بعصا أو حجر حتى ماتت.
وَالْمُتَرَدِّيَةُ أو ما سقط من علو فمات.
وَالنَّطِيحَةُ وما مات بسبب نطح غيره له.
وَما أَكَلَ السَّبُعُ وما مات بسبب أكل حيوان مفترس منه.
إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وأما ما أدركتموه وفيه حياة، مما يحل لكم أكله، وذبحتموه، فهو حلال لكم بالذبح.
وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وحرم الله عليكم ما ذبح قربة للأصنام.
وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ وحرم عليكم أن تطلبوا معرفة ما كتب فى الغيب بواسطة القرعة بالأقداح.
ذلِكُمْ أي تناولكم شيئا مما سبق تحريمه.
فِسْقٌ ذنب عظيم وخروج عن طاعة الله.
الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ من الآن انقطع رجاء الكفار فى القضاء على دينكم.
فَلا تَخْشَوْهُمْ فلا تخافوا أن يتغلبوا عليكم.
وَاخْشَوْنِ واتقوا مخالفة أو امرى.
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ اليوم أكملت لكم أحكام دينكم.
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بإعزازكم وتثبيت أقدامكم.
وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً واخترت لكم الإسلام دينا.
فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ فمن ألجأته ضرورة جوع إلى تناول شىء من المحرمات السابقة ففعل لدفع الهلاك عن نفسه.
غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ غير منحرف إلى المعصية.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٤ الى ٥]
يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٥)
٤- يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ:
يَسْئَلُونَكَ يسألك المؤمنون أيها الرسول.
ماذا أُحِلَّ لَهُمْ من طعام وغيره.
قُلْ قل لهم.
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ أحل الله لكم كل طيب تستطيبه النفوس السليمة.
وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ وأحل لكم ما تصطاده الجوارح التي علمتموها الصيد بالتدريب.
مُكَلِّبِينَ على الحال من عَلَّمْتُمْ، والمكلب: مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد لصاحبها.
تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ مستمدين ذلك مما علمكم الله.
فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ من صيدها الذي أرسلتموه إليه وأمسكنه عليكم.
وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ واذكروا اسم الله عند إرسالها.
وَاتَّقُوا اللَّهَ بالتزام ما شرع لكم ولا تتجاوزوه واحذروا مخالفة الله فيه.
٥- الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ:
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ أحل الله لكم كل طيب تستطيبه النفوس السليمة.
وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وأحل لكم طعام أهل الكتاب وذبائحهم مما لم يرد نص بتحريمه.
وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ كما أحل لهم طعامكم.
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وأحل لكم زواج الحرائر العفائف من المؤمنات ومن أهل الكتاب.
إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ إذا أديتم لهن مهورهن قاصدين الزواج.
غَيْرَ مُسافِحِينَ غير مستبيحين العلاقات غير الشرعية علانية.
وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ أو بطريق اتخاذ الخلائل.
وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ومن يجحد الدين فقد ضاع ثواب عمله الذي كان يظن أنه قربى.
وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ الهالكين.
[سورة المائدة (٥) : آية ٦]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)
٦- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إذا أردتم القيام إلى الصلاة ولم تكونوا متوضئين.
وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً عند القيام إلى الصلاة بسبب ملامسة أزواجكم.
فَاطَّهَّرُوا بغسل أبدانكم بالماء.
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى مرضا يمنع من استعمال الماء.
أَوْ عَلى سَفَرٍ أو كنتم مسافرين يتعسر عليكم وجود الماء.
أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أو عند رجوعكم من مكان قضاء الحاجة.
أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ جامعتموهن.
فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فعليكم بالتيمم بالتراب الطهور.
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ بمسح وجوهكم وأيديكم به.
ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ما يريد الله فيما أمركم به أن يضيق عليكم.
وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ولكنه شرع ذلك لتطهيركم ظاهرا وباطنا.
وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ بالهداية والبيان والتيسير.
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لتشكروا الله على هدايته وتمام نعمته بالمداومة على طاعته.
[سورة المائدة (٥) : آية ٧]
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧)
٧- وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ:
نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بهدايتكم إلى الإسلام.
وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ وحافظوا على تنفيذ عهده الذي عاهدكم عليه.
وَاتَّقُوا اللَّهَ بالمحافظة على هذه العهود.
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ فإنه سبحانه عليم بخفيات قلوبكم فمجازيكم عليها.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٨ الى ٩]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩)
٨- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يا أيها المؤمنون.
كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ حافظوا محافظة تامة على أداء حقوق الله.
شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وأدوا الشهادة بين الناس على وجهها الحق.
وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا ولا يحملنكم بغضكم الشديد لقوم على أن تجانبوا العدل معهم.
اعْدِلُوا بل التزموا العدل.
هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى فهو أقرب سبيل إلى خشية الله والبعد عن غضبه.
وَاتَّقُوا اللَّهَ واخشوا الله فى كل أموركم.
إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ فإنه سبحانه عليم بكل ما تفعلون، ومجازيكم عليه.
٩- وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ:
الَّذِينَ آمَنُوا صدقوا بدينه.
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وعملوا الأعمال الصالحة.
لَهُمْ مَغْفِرَةٌ أن يعفو عن ذنوبهم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)
١٠- وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا جحدوا دينه.
وَكَذَّبُوا بِآياتِنا بآياته الدالة على وحدانيته، وصدق رسالته.
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ فأولئك هم أهل جهنم المخلدون فيها.
١١- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يا أيها المؤمنون.
اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ تذكروا نعمة الله عليكم فى وقت الشدة.
إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ حين هم جماعة من المشركين أن يفتكوا بكم وبرسولكم صلّى الله عليه وآله وسلم.
فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ فمنع أذاهم عنكم ونجاكم منه.
وَاتَّقُوا اللَّهَ والزموا تقوى الله.
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ واعتمدوا عليه وحده فى أموركم فهو كافيكم. وشأن المؤمن أن يكون اعتماده على الله وحده دائما.
والآية الكريمة تشير إلى ما كان من المشركين حين رأوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وأصحابه قاموا إلى صلاة الظهر يصلون معا، وذلك بعسفان فى غزوة ذى أنمار. فلما صلى المسلمون ندم المشركون أن كانوا أكبوا عليهم.
وقيل: إنها تشير إلى ما كان من بنى قريظة حين أتاهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ومعه الشيخان وعلى رضى الله عنهم يستقرضهم دية مسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ يحسبهما مشركين، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، اجلس حتى نطعمك ونقرضك، فأجلسوه فى صفة وهموا بالفتك به، فجاء جبريل فأخبره، فخرج.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٢ الى ١٣]
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٢) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)١٢- وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ:
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ إن الله أخذ العهد على بنى إسرائيل بالسمع والطاعة.
وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً فأقام عليهم اثنى عشر رئيسا منهم لتنفيذ العهد.
وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ووعدهم الله وعدا مؤكدا بأن يكون معهم بالعون.
لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ أن أدوا الصلاة على وجهها.
وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وآتوا الزكاة المفروضة عليهم.
وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وصدقوا برسله جميعا.
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ونصروهم.
وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وأنفقوا فى سبيل الخير.
لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ إذا ما فعلوا ذلك تجاوز عن ذنوبهم.
وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وأدخلهم جناته التي تجرى من تحتها الأنهار.
فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فمن كفر ونقض العهد منهم بعد ذلك.
فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ فقد حاد عن الطريق السوي المستقيم.
١٣- فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ:
لَعَنَّاهُمْ استحقوا الطرد من رحمة الله.
وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً وصارت قلوبهم صلبة لا تلين لقبول الحق.
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وأخذوا يصرفون كلام الله فى التوراة عن معناه إلى ما يوافق أهواءهم.
وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وتركوا نصيبا وافيا مما أمروا به فى التوراة.
وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ وستظل أيها الرسول ترى منهم ألوانا من الغدر ونقض العهد.
إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ إلا نفرا قليلا منهم آمنوا بك فلم يخونوا ولم يغدروا.
فَاعْفُ عَنْهُمْ فتجاوز أيها الرسول عما فرط من هؤلاء.
وَاصْفَحْ وأحسن إليهم.
[سورة المائدة (٥) : آية ١٤]
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)
١٤- وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ:
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى بالإيمان بالإنجيل.
أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ العهد عليهم.
فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فتركوا نصيبا مما أمروا به فى الإنجيل.
فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ فعاقبهم الله على ذلك بإثارة العداوة والخصومة بينهم فصاروا فرقا متعادية إلى يوم القيامة.
وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وسوف يخبرهم الله يومئذ بما كانوا يعملون ويجازيهم عليه.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٥ الى ١٧]
يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)١٥- يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ:
قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا محمد صلّى الله عليه وآله وسلم.
يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ يظهر لكم كثيرا مما كنتم تكتمونه من التوراة والإنجيل.
وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ويدع كثيرا مما أخفيتموه لم تدع الحاجة إلى إظهاره.
قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ قد جاءكم من عند الله شريعة كاملة هى نور فى ذاتها.
وَكِتابٌ مُبِينٌ يبينها كتاب واضح.
١٦- يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ:
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ يهدى الله بهذا الكتاب.
مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ من اتجه إلى مرضاته.
سُبُلَ السَّلامِ إلى سبيل النجاة.
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ من ظلمات الكفر إلى الإيمان بتوفيقه.
وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ويرشدهم إلى طريق الحق.
١٧- لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ الذين زعموا باطلا أن الله هو المسيح ابن مريم.
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ويهلك جميع من فى الأرض.
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فإن لله وحده ملك السماوات والأرض وما بينهما.
يَخْلُقُ ما يَشاءُ على أي مثال أراد.
وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والله عظيم القدرة لا يعجزه شىء.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٨ الى ١٩]
وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩)
١٨- وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ:
نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ إننا المفضلون لأننا أبناء الله والمحببون إليه.
قُلْ فقل لهم أيها الرسول.
فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ فلماذا يعذبكم بذنوبكم ويصليكم نار جهنم.
بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ لقد كذبتم لأنكم كسائر البشر مخلوقون ومحاسبون على أعمالكم.
يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وبيد الله وحده المغفرة لمن يشاء أن يغفر له، والعذاب لمن شاء أن يعذبه.
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فإن لله ملك السماوات والأرض وما بينهما.
وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ وإليه المنتهى.
١٩- يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ بعد إذ توقفت الرسالات فترة من الزمن.
أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ حتى لا تعتذروا عن كفركم بأن الله لم يبعث إليكم مبشرا ولا منذرا.
فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ها هو ذا قد أتاكم بشير ونذير.
وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والله هو القادر على كل أمر، ومنه إنزال الرسالات ومحاسبكم على ما كان منكم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١)
٢٠- وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ:
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ أي واذكر أيها الرسول حينما قال موسى لقومه.
يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ اذكروا بالشكر والطاعة نعم الله عليكم.
إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ حيث اختار منكم أنبياء كثيرين.
وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وجعلكم أعزة كالملوك بعد أن كنتم أذلة فى مملكة فرعون.
وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ ومنحكم من النعم الأخرى ما لم يؤت أحدا غيركم من العالمين.
٢١- يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ:
ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ وهى بيت المقدس. وقيل: فلسطين.
الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ التي قدر الله عليكم دخولها.
فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ فتعودوا خاسرين نصر الله ورضوانه.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٢٢ الى ٢٥]
قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (٢٢) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤) قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥)
٢٢- قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ:
إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ إن فى هذه الأرض جبابرة لا طاقة لنا بهم.
٢٣- قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ:
مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ من الذين يخشون الله.
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بالإيمان والطاعة.
ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ مفاجئين.
فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فإذا فعلتم ذلك.
فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ فإنكم منتصرون عليهم.
وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وتوكلوا على الله وحده فى كل أموركم إن كنتم صادقى الإيمان.
٢٤- قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ:
لَنْ نَدْخُلَها نفى لدخولهم فى المستقبل على وجه التأكيد المؤيس.
أَبَداً تعليق للنفى المؤكد بالدهر المتطاول.
ما دامُوا فِيها بيان للأبد.
فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ استهانة بالله ورسوله وقلة مبالاة بهما.
٢٥- قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ:
إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي لا سلطان لى إلا على نفسى وأخى.
فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فاقض بعدلك بيننا، وبين هؤلاء المعاندين.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٢٦ الى ٢٧]
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)
٢٦- قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ:
فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً حرم على هؤلاء المخالفين دخول هذه الأرض طيلة أربعين سنة.
يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ يضلون فى الصحراء لا يهتدون إلى جهة.
فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ لا تحزن على ما أصابهم فإنهم فاسقون خارجون عن أمر الله.
٢٧- وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ اقرأ أيها النبي على اليهود.
نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ خبر هابيل وقابيل ابني آدم.
بِالْحَقِّ وأنت صادق.
إِذْ قَرَّبا قُرْباناً حين تقرب كل منهما إلى الله بشىء.
فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما فتقبل الله قربان أحدهما لإخلاصه.
وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ ولم يتقبل من الآخر لعدم إخلاصه.
قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ فحسد أخاه وتوعده بالقتل حقدا عليه.
قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فرد عليه أخوه مبينا له أن الله لا يتقبل العمل إلا من الأتقياء المخلصين فى تقربهم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٢٨ الى ٣٢]
لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (٢٨) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (٣٠) فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١) مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢)٢٨- لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ:
لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي لئن أغواك الشيطان فمددت يدك نحوى لتقتلنى.
ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ فلن أعاملك بالمثل ولن أمد يدى إليك لأقتلك.
إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ لأنى أخاف عذاب ربى، وهو رب العالمين.
٢٩- إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ:
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ لتحمل ذنب قتلك لى مع ذنبك فى عدم إخلاصك لله من قبل.
٣٠- فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ:
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ فسهلت له نفسه أن يخالف الفطرة وأن يقتل أخاه.
٣١- فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ:
يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ ينبش تراب الأرض ليدفن غرابا ميتا.
سَوْأَةَ أَخِيهِ جثة أخيه.
٣٢- مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ:
مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ بغير ما يوجب القصاص.
أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ أو بغير فساد منها فى الأرض.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]
إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥)
٣٣- إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ:
إِنَّما جَزاءُ إنما عقاب.
الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ بخروجهم على نظام الحكم وأحكام الشرع.
أَنْ يُقَتَّلُوا بمن قتل.
أَوْ يُصَلَّبُوا إذا قتلوا وغصبوا المال.
أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ إذا قطعوا الطريق وغصبوا المال ولم يقتلوا.
أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ إذا لم يزيدوا على الإخافة.
٣٤- إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
إِلَّا الَّذِينَ تابُوا من هؤلاء المحاربين للنظام وقطاع الطريق.
مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ من قبل أن تتمكنوا منهم.
فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فإن عقوبة الله المذكورة تسقط عنهم وتبقى عليهم حقوق العباد.
٣٥- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ:
اتَّقُوا اللَّهَ خافوا الله باجتناب نواهيه وإطاعة أوامره.
وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ وجاهدوا فى سبيله وإعلاء دينه.
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ لعلكم تفوزون بكرامته وثوابه.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٣٦ الى ٣٩]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٣٦) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧) وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩)
٣٦- إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً لو كان عندهم ما فى الأرض جميعا.
وَمِثْلَهُ مَعَهُ أي مثل ما فى الأرض.
لِيَفْتَدُوا بِهِ وأرادوا أن يجعلوه فدية لأنفسهم.
ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ ما نفعهم الافتداء بهذا كله.
٣٧- يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ:
عَذابٌ مُقِيمٌ دائم مستمر.
٣٨- وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ:
بِما كَسَبا بما ارتكبا.
نَكالًا مِنَ اللَّهِ عقوبة لهما، وزجرا وردعا. لغيرهما.
٣٩- فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ من بعد اعتدائه.
وَأَصْلَحَ عمله واستقام.
فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ فإن الله يتقبل توبته.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٤٠ الى ٤١]
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠) يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١)٤٠- أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ تعذيبه بحكمته وقدرته.
وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ أن يغفر له بحكمته ورحمته.
٤١- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ:
مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ من هؤلاء المخادعين الذين قالوا آمنا بألسنتهم.
وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا ومن اليهود.
لَمْ يَأْتُوكَ لم يحضروا مجلسك تكبرا وبغضا.
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ يبدلون ما جاء فى التوراة.
مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ من بعد أن أقامه الله، وأحكمه فى مواضعه.
إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ إن أوتيتم هذا الكلام المحرف المبدل فاقبلوه.
وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ وإن لم يأتكم.
فَاحْذَرُوا أن تقبلوا غيره.
وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ ومن يرد الله ضلاله لانغلاق قلبه.
فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً فلن تستطيع أن تهديه أو تنفعه بشىء لم يرده الله له.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤)٤٢- سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ:
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ كثيرو الاستماع للافتراء.
أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ كثيرو الأكل للمال الحرام الذي لا بركة فيه.
بِالْقِسْطِ بالعدل.
الْمُقْسِطِينَ العادلين.
٤٣- وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ:
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ كيف يطلبون حكمك.
وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ مع أن حكم الله منصوص عليه عندهم فى التوراة.
ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ثم يعرضون عن حكمك إذا لم يوافق هواهم مع أنه الموافق لما فى كتابهم.
وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ الذين يدعون للحق.
٤٤- إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ:
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ على موسى.
فِيها هُدىً فيها هداية إلى الحق.
وَنُورٌ وبيان منير يبين ما استبهم من الأحكام.
يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ يحكم بأحكام التوراة النبيون بين موسى، وعيسى.
لِلَّذِينَ هادُوا لليهود.
وَالرَّبَّانِيُّونَ والزهاد.
وَالْأَحْبارُ والعلماء.
بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ بما سألهم أنبياءهم حفظه من التوراة، أي بسبب سؤال أنبيائهم إياهم أن يحفظوه من التغيير والتبديل.
مِنْ كِتابِ اللَّهِ من، للتبيين.
وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ رقباء لئلا يبدل.
فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ نهى للحكام عن خشيتهم غير الله فى حكوماتهم.
وَلا تَشْتَرُوا ولا تستعيضوا.
وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مستهينا به.
[سورة المائدة (٥) : آية ٤٥]
وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)
٤٥- وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ:
أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلتها بغير حق.
وَالْعَيْنَ مفقوءة.
وَالْأَنْفَ مجدوع.
وَالْأُذُنَ مصلومة.
وَالسِّنَّ مقلوعة.
وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ذات قصاص، وهو المقاصة.
فَمَنْ تَصَدَّقَ من أصحاب الحق.
بِهِ بالقصاص وعفا عنه.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٤٦ الى ٤٨]
وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤٧) وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨)
٤٦- وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ:
وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ وأرسلنا بعد هؤلاء الأنبياء.
مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ متبعا طريقهم لما سبقه من التوراة.
٤٧- وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ:
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وأمرنا أتباع عيسى وأصحاب الإنجيل بأن يحكموا بما أنزل الله فيه من أحكام.
٤٨- وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ:
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ أي القرآن الكريم، فالتعريف هنا للعهد.
مِنَ الْكِتابِ أي: الكتب المنزلة، والتعريف هنا للجنس.
وَمُهَيْمِناً ورقيبا على سائر الكتب لأنه يشهد لها بالصحة والثبات.
وقرىء وَمُهَيْمِناً بفتح الميم، أي هو من عليه بأن حفظ من التغيير والتبديل والذي هيمن عليه الله عز وجل.
وَلا تَتَّبِعْ ولا تنحرف، فلذلك عدى بالحرف (عن) كأنه قيل:
ولا تنحرف عما جاء من الحق متبعا أهواءهم.
لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ أيها الناس.
وَمِنْهاجاً وطريقا واضحا فى الدين تجرون عليه.
لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً جماعة متفقة على شريعة واحدة، أو ذوى أمة واحدة، أي دين واحد لا اختلاف فيه.
وَلكِنْ أراد.
لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ من الشرائع المختلفة، هل تعملون بها مذعنين معتقدين أنها مصالح قد اختلفت على حسب الأحوال والأوقات، معترفين بأن الله لم يقصد باختلافها إلا ما اقتضته الحكمة، أم تتبعون الشبه وتفرطون فى العمل؟.
فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ فابتدروها وتسابقوا نحوها.
إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ استئناف فى معنى التعليل لاستباق الخيرات.
فَيُنَبِّئُكُمْ فيخبركم بما لا تشكون معه من الجزاء الفاصل بين محقكم ومبطلكم وعاملكم ومفرطكم فى العمل.
[سورة المائدة (٥) : آية ٤٩]
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (٤٩)
٤٩- وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ:
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ معطوف على الْكِتابَ فى قوله وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ كأنه قيل: وأنزلنا إليك أن احكم.
ويجوز أن يكون معطوفا على بِالْحَقِّ أي أنزلناه بالحق وبأن احكم.
أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ أن يضلوك عنه ويستزلوك.
فَإِنْ تَوَلَّوْا عن الحكم بما أنزل الله إليك وأرادوا غيره.
فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ يعنى بذنب التولي عن حكم الله وإرادة خلافه.
لَفاسِقُونَ الفاسقون، المتمردون فى الكفر المعتدون فيه. يعنى أن التولي عن حكم الله من التمرد العظيم والاعتداء فى الكفر.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٠ الى ٥٢]
أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢)
٥٠- أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ:
أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ قيل: إن قريظة والنضير طلبوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: القتلى بواء. فقال بنو النضير:
نحن لا نرضى بذلك، فنزلت.
لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ اللام للبيان.
٥١- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ:
لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ تنصرونهم وتستنصرونهم وتؤاخونهم وتصادقونهم وتعاشرونهم معاشرة المؤمنين.
بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ تعليل، أي إنما يوالى بعضهم بعضا لاتحاد ملتهم واجتماعهم فى الكفر.
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ من جملتهم وحكمه حكمهم.
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يعنى الذين ظلموا أنفسهم بموالاة الكفر، يمنعهم الله ألطافه ويخذلهم بقتالهم.
٥٢- فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ:
فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم على أعدائه وإظهار المسلمين.
أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ بقطع شأفة اليهود، ويجليهم عن بلادهم.
فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ فيصبح المنافقون نادمين على ما حدثوا به أنفسهم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٣ الى ٥٤]
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)
٥٣- وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ:
أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا لكم بأغلاظ الأيمان أنهم أولياؤكم ومعاضدوكم على الكفار.
حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ من جملة قول المؤمنين، أي بطلت أعمالهم التي كانوا يتكلفونها فى رأى عين الناس، وفيه معنى التعجب، كأنه قيل:
ما أحبط أعمالهم فما أخسرهم.
٥٤- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ:
مَنْ يَرْتَدَّ وقرىء: من يرتدد.
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته، وألا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه. ومحبة الله لعباده أن يثيبهم أحسن ثواب على طاعتهم ويثنى عليهم ويرضى عنهم.
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فيهم تواضع ورحمة بإخوانهم المؤمنين.
لَوْمَةَ لائِمٍ اللومة، المرة من اللوم.
ذلِكَ إشارة إلى ما وصف به القوم من المحبة والذلة والعزة، والمجاهدة، وانتفاء خوف اللومة.
يُؤْتِيهِ يوفق له.
مَنْ يَشاءُ ممن يعلم أن له لطفا.
واسِعٌ كثير الفواضل والألطاف.
عَلِيمٌ بمن هو من أهلها.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٥ الى ٥٨]
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (٥٨)
٥٥- إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ:
إِنَّما وجواب اختصاص بالموالاة.
الَّذِينَ يُقِيمُونَ بالرفع على البدل من الَّذِينَ آمَنُوا، أو على:
هم الذين يقيمون، أو النصب على المدح.
وَهُمْ راكِعُونَ الواو، فيه للحال.
٥٦- وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ:
فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ من إقامة الظاهر مقام المضمر، والمعنى: وأنهم هم الغالبون.
٥٧- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ:
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ حقا، لأن الإيمان حقا يأبى موالاة أعداء الدين.
٥٨- وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ:
لا يَعْقِلُونَ لأن لعبهم وهزؤهم من أفعال السفهاء والجهلة، فكأنه لا عقل لهم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٩ الى ٦٠]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (٥٩) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠)
٥٩- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ:
وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ عطف على أَنْ آمَنَّا، والمعنى: وما تنقمون منا إلا الجمع بين إيمانكم وبين تمردكم وخروجكم عن الإيمان.
ويجوز أن يكون على تقدير حذف مضاف، أي واعتقاد أنكم فاسقون.
ويجوز أن يعطف على المجرور، أي وما تنقمون منا إلا الايمان بالله وما أنزل وبأن أكثركم فاسقون.
ويجوز أن تكون (الواو) بمعنى (مع) أي وما تنقمون منا إلا الإيمان مع أن أكثركم فاسقون.
ويجوز أن يكون تعليلا معطوفا على تعليل محذوف، كأنه قيل: وما تنقمون منا إلا الإيمان لقلة إنصافكم، وفسقكم واتباعكم الشهوات.
٦٠- قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ:
ذلِكَ إشارة إلى المنقوم، ولا بد من حذف مضاف قبله، أو قبل مِنْ تقديره: بشر من أهل ذلك.
مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فى محل الرفع على قولك: هو من لعنه الله.
أو فى محل الجر على البدل من (شر).
وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ عطف على صلة مِنْ كأنه قيل: ومن عبد الطاغوت.
شَرٌّ مَكاناً جعلت الشرارة للمكان وهى لأهله.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦١ الى ٦٤]
وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١) وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣) وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)
٦١- وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ:
بِالْكُفْرِ حال، أي دخلوا كافرين.
بِهِ حال، أي وخرجوا كافرين، وتقديره ملتبسين بالكفر.
٦٢- وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ:
الْإِثْمِ الكذب.
وَالْعُدْوانِ الظلم.
٦٣- لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ:
أي أما كان ينبغى أن ينهاهم علماؤهم وأحبارهم عن قول الكذب، وأكل الحرام. ولبئس ما كانوا يصنعون من ترك النصيحة، والنهى عن المعصية.
وكل عامل لا يسمى صانعا، ولا كل عمل يسمى صناعة، حتى يتمكن فيه ويتدرب.
٦٤- وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ:
يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ مقبوضة لا تبسط بالعطاء.
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ قبض الله أيديهم وأبعدهم من رحمته.
طُغْياناً وَكُفْراً جحودا وكفرا بآيات الله لحسدهم.
وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ أي وأثرنا بينهم العداوة والبغضاء.
وَيَسْعَوْنَ ويجتهدون فى الكيد للإسلام.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (٦٦)
٦٥- وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ مع ما عددنا من سيئاتهم.
آمَنُوا برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وبما جاء به.
وَاتَّقَوْا وقرنوا إيمانهم بالتقوى، التي هى الشريطة فى الفوز بالإيمان.
لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ تلك السيئات ولم نؤاخذهم بها.
وَلَأَدْخَلْناهُمْ مع المسلمين الجنة.
٦٦- وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ:
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ أقاموا أحكامهما وحدودهما، وما فيهما من نعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ من سائر كتب الله، لأنهم مكلفون بالإيمان بجميعها، فكأنها أنزلت إليهم.
لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ عبارة من التوسعة.
مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ حالها أمم- يسير- فى عداوة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٦٧ الى ٦٩]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٦٧) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٦٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩)
٦٧- يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ:
بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ جميع ما أنزل إليك.
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وإن لم تبلغ جميعه كما أمرتك.
فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ فلم تبلغ إذا ما كلفت من أداء الرسالات، ولم تؤد منها شيئا قط، وذلك أن بعضها ليس بأولى بالأداء من بعض، وان لم تؤد بعضها فكأنك أغفلت أداءها جميعا.
وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ عدة من الله بالحفظ والكلاءة. أي والله يضمن لك العصمة من أعدائك فما عذرك فى مراقبتهم؟
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ أي إنه لا يمكنهم مما يريدون من إنزاله بك من الهلاك.
٦٨- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ:
لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ أي على دين يعتد به حتى يسمى شيئا لفساده وبطلانه.
فَلا تَأْسَ فلا تتأسف عليهم لزيادة طغيانهم وكفرهم، فإن ضرر ذلك راجع إليهم لا إليك.
٦٩- إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ:
وَالصَّابِئُونَ رفع على الابتداء وخبره محذوف، والنية به التأخر عما فى حيز إِنَّ من اسمها وخبرها، كأنه قيل: إن الذين آمنوا والذين
وقرىء: والصابون، من صبوت، لأنهم صبوا ومالوا إلى اتباع الهوى والشهوات، ولم يتبعوا أدلة السمع والعقل.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٧٠ الى ٧١]
لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١)
٧٠- لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ:
لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ ميثاقهم بالتوحيد.
وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ليقفوهم على ما يأتون وما يذرون فى دينهم.
كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ جملة شرطية وقعت صفة لقوله رُسُلًا والراجع محذوف، أي رسول منهم.
بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ بما يخالف هواهم ويضاد شهواتهم من مشاق التكليف والعمل بالشرائع.
فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ناب عن جواب الشرط أو دل عليه كأن قيل: كلما جاءهم رسول منهم ناصبوه.
وقوله فَرِيقاً كَذَّبُوا جواب مستأنف لقائل يقول: كيف فعلوا برسلهم.
٧١- وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ:
وَحَسِبُوا نزل حسبانهم لقوته فى صدورهم منزلة العلم. ومفعولا (حسب) سد ما يشتمل عليه صلة (أن) من المسند والمسند إليه مسدهما.
والمعنى: وحسب بنو إسرائيل أنه لا يصيبهم من الله فتنة، أي بلاء وعذاب فى الدنيا والآخرة.
فَعَمُوا عن الدين.
كَثِيرٌ مِنْهُمْ بدل من الضمير، أو هو خبر مبتدأ محذوف، أي أولئك كثير منهم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٧٢ الى ٧٥]
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥)
٧٢- لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ:
إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فى عبادته، أو فيما هو مختص به من صفاته، أو أفعاله.
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ التي هى دار الموحدين، أي حرمه دخولها، ومنعه منها.
وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ من كلام الله، على معنى أنهم ظلموا وعدلوا عن سبيل الحق.
٧٣- لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ:
وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ للاستغراق. والمعنى: وما إله قط فى الوجود إلا إله موصوف بالوحدانية لا ثانى له، وهو الله وحده لا شريك له.
مِنْهُمْ من النصارى.
٧٤- أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
أَفَلا يَتُوبُونَ ألا يتوبون بعد هذه الشهادة المكررة عليهم بالكفر.
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر لهؤلاء وإن تابوا، ولغيرهم.
٧٥- مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ:
وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ أي وما أمه أيضا إلا كصديقة كبعض النساء المصدقات للأنبياء المؤمنات بهم.
كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ لأن من احتجاج إلى الاغتذاء بالطعام لم يكن إلا جسما مركبا من عظم ولحم وعروق وأعصاب وأخلاط وأمزجة، وغير ذلك مما يدل على أنه مصنوع مؤلف مدبر كغيره من الأجسام.
كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ أي الأدلة الظاهرة على بطلان قولهم.
أَنَّى يُؤْفَكُونَ كيف يصرفون عن استماع الحق وتأمله.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٧٦ الى ٧٧]
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧)
٧٦- قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ:
ما لا يَمْلِكُ هو عيسى.
وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ متعلق بقوله أَتَعْبُدُونَ أي تشكرون بالله ولا تخشونه وهو الذي يسمع ما تقولون ويعلم ما تعتقدون.
أو تعبدون العاجز والله هو السميع العليم الذي يصح أن يسمع ويعلم كل معلوم، ولن يكون كذلك إلا وهو حى قادر.
٧٧- قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ:
غَيْرَ الْحَقِّ صفة للمصدر، أي لا تغلوا فى دينكم غلوا غير الحق، أي غلوا باطلا، لأن الغلو فى الدين غلوان:
غلو حق، وهو أن يفحص عن حقائقه ويفتش عن أباعد معانيه، ويجتهد فى تحصيل حجته كما يفعل المتكلمون من أهل العدل والتوحيد.
وغلو باطل، وهو أن يتجاوز الحق ويتخطاه بالإعراض عن الأدلة واتباع الشبه، كما يفعل أهل الأهواء والبدع.
وَأَضَلُّوا كَثِيراً ممن شايعهم على التثليث.
وَضَلُّوا لما بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم.
عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ حين كذبوه وحسدوه وبغوا عليه.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٧٨ الى ٨٠]
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٧٩) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (٨٠)
٧٨- لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ:
عَلى لِسانِ داوُدَ فى الزبور.
وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فى الإنجيل.
وقيل: إن أهل أيلة لما اعتدوا فى السبت قال داود عليه السّلام:
اللهم العنهم. ولما كفر أصحاب عيسى عليه السّلام بعد المائدة قال عيسى عليه السّلام: اللهم عذب من كفر بعد ما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين والعنهم كما لعنت أصحاب السبت.
ذلِكَ بِما عَصَوْا أي لم يكن ذلك اللعن إلا لأجل المعصية والاعتداء.
٧٩- كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ:
كانُوا لا يَتَناهَوْنَ تفسير للمعصية والاعتداء، أي لا ينهى بعضهم بعضا.
لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ للتعجب من سوء فعلهم مؤكد لذلك بالقسم.
٨٠- تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ:
تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ هم منافقو أهل الكتاب كانوا يوالون المشركين ويصافونهم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٨١ الى ٨٣]
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٨١) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)
٨١- وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ:
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ إيمانا خالصا غير نفاق.
مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ ما اتخذوا المشركين أولياء، يعنى أن موالاة المشركين كفى بها دليلا على نفاقهم وأن إيمانهم ليس بايمان.
وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ متمردون فى كفرهم ونفاقهم.
وقيل: ولو كانوا يؤمنون بالله وموسى كما يدعون ما اتخذوا المشركين أولياء كما لم يوالهم المسلمون.
٨٢- لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ:
بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً أي علماء وعبادا.
وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ وأنهم قوم فيهم تواضع واستكانة ولا كبر فيهم، واليهود على خلاف ذلك.
٨٣- وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ:
تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ أي تمتلىء من الدمع حتى تفيض، فوضع الفيض الذي هو الامتلاء، موضع الامتلاء، وهو من إقامة المسبب مقام السبب.
مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ من، الأولى، لابتداء الغاية، على أن فيض الدمع ابتداء ونشأ من معرفة الحق. ومِنَ الثانية لتبيين الموصول الذي هو مِمَّا عَرَفُوا.
رَبَّنا آمَنَّا المراد به إنشاء الإيمان والدخول فيه.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٨٤ الى ٨٨]
وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨)
٨٤- وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ:
وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ إنكار استبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام موجبه، وهو الطمع فى إنعام الله عليهم بصحبة الصالحين.
نُؤْمِنُ فى محل النصب على الحال بمعنى: غير مؤمنين.
وَنَطْمَعُ واو الحال.
٨٥- فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ:
بِما قالُوا بما تكلموا به عن اعتقاد وإخلاص.
٨٦- وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ:
والذين جحدوا بالله ورسله، وأنكروا أدلته التي أنزلها عليهم هداية للحق، هم وحدهم الملازمون للعذاب الشديد فى جهنم.
٨٧- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ:
طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ما طاب ولذ من الحلال.
٨٨- وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ:
وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ أي من الوجوه الطيبة التي تسمى رزقا.
حَلالًا حال مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ.
وَاتَّقُوا اللَّهَ تأكيد للتوصية بما أمر به.
الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ زيادة فى التوكيد، لأن الإيمان به يوجب التقوى فى الانتهاء إلى ما أمر وعما نهى عنه.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٨٩ الى ٩٠]
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)٨٩- لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ:
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ اللغو: الساقط الذي لا يتعلق به حكم، وهو أن يحلف الرجل على الشيء أنه كذلك وليس كما ظن.
بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ بتعقيدكم الأيمان، وهو توثيقها بالقصد والنية.
فَكَفَّارَتُهُ فكفارة نكثه. والكفارة: الفعلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة، أي تسترها.
مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ من أقصده، لأن منهم من يسرف فى إطعام أهله، ومنهم من يقتر.
أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ: إخراجها من الرق.
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ إحداها.
فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ متتابعات.
ذلِكَ المذكور.
إِذا حَلَفْتُمْ وحنثتم.
وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ فبروا بها ولا تحنثوا.
كَذلِكَ مثل ذلك البيان.
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ شريعته وأحكامه.
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نعمته فيما يعلمكم ويسهل عليكم المخرج منه.
٩٠- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ:
وَالْأَزْلامُ الحصى ونحوه مما كانوا يقضون به فى مغيبات أمورهم.
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ مما يزينه الشيطان من أباطيله.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩١ الى ٩٣]
إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢) لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣)
٩١- إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ:
وَعَنِ الصَّلاةِ اختصاص للصلاة من بين الذكر، كأنه قيل: وعن الصلاة خصوصا.
٩٢- وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ:
وَاحْذَرُوا وكونوا حذرين خاشين، لأنهم إذا حذروا دعاهم الحذر إلى اتقاء كل سيئة وعمل كل حسنة.
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أي أعرضتم.
فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ فاعلموا أنكم لم تضروا بتوليكم الرسول، لأن الرسول ما كلف إلا البلاغ المبين، وإنما ضررتم أنفسكم حين أعرضتم عما كلفتم.
٩٣- لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ:
إِذا مَا اتَّقَوْا ما حرم عليهم منها.
وَآمَنُوا وثبتوا على الإيمان والعمل الصالح وازدادوه.
ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثم ثبتوا على التقوى والإيمان.
ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا ثم ثبتوا على اتقاء المعاصي وأحسنوا أعمالهم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٤ الى ٩٥]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٩٥)
٩٤- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ:
نزلت عام الحديبية ابتلاهم الله بالصيد وهم محرمون، وكثر عندهم حتى كان يغشاهم فى رحالهم فيتمكنون من صيده، أخذا بأيديهم وطعنا برماحهم.
لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ ليتميز من يخاف عقاب الله وهو غائب منتظر فى الآخرة فيتقى الصيد، ممن لا يخافه فيقدم عليه.
فَمَنِ اعْتَدى فصاد.
بَعْدَ ذلِكَ الابتلاء فالوعيد لاحق به.
٩٥- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ:
حُرُمٌ محرمون.
مُتَعَمِّداً أن يقتله وهو ذاكر لإحرامه، أو عالم أن ما يقتله مما يحرم عليه قتله.
فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ أي فعليه جزاء يماثل ما قتل من الصيد.
مِنَ النَّعَمِ تفسير للمثل، أي نظيره من النعم.
يَحْكُمُ بِهِ بمثل ما قتل.
ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ حكمان عادلان من المسلمين.
بالِغَ الْكَعْبَةِ أي أن يذبح بالحرم.
ذلِكَ إشارة إلى الطعام.
صِياماً تمييز للعدل.
لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ ليذوق سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام.
والوبال: المكروه والضرر الذي يناله فى العاقبة من عمل يسوء لثقله عليه.
عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ لكم من الصيد فى حال الإحرام قبل أن تراجعوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وتسألوه عن جوازه.
وَمَنْ عادَ إلى قتل الصيد وهو محرم بعد نزول النهى.
فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ينتقم، خبر مبتدأ محذوف تقديره: فهو ينتقم الله منه، ولذلك دخلت الفاء.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٦ الى ٩٧]
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٩٧)
٩٦- أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ:
صَيْدُ الْبَحْرِ مصيدات البحر مما يؤكل ومما لا يؤكل.
وَطَعامُهُ وما يطعم من صيده.
والمعنى: أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد فى البحر، وأحل لكم أكل المأكول منه.
مَتاعاً لَكُمْ مفعول معه، أي أحل لكم تمتيعا لكم.
وَلِلسَّيَّارَةِ وللمسافرين يتزودونه قديدا.
صَيْدُ الْبَرِّ ما صيد فيه.
٩٧- جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ
الْبَيْتَ الْحَرامَ عطف بيان على جهة المدح لا على جهة التوضيح.
قِياماً لِلنَّاسِ انتعاشا لهم فى أمر دينهم ودنياهم ونهوضا إلى أغراضهم ومقاصدهم فى معاشهم ومعادهم، لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وتجارتهم وأنواع منافعهم.
وَالشَّهْرَ الْحَرامَ الشهر الذي يؤدى فيه الحج، وهو ذو الحجة.
وقيل: عنى جنس الأشهر الحرم.
وَالْهَدْيَ ما يساق إلى البيت من النعم.
وَالْقَلائِدَ والمقلد منه خصوصا، وهو البدن، لأن الثواب فيه أكثر وبهاء الحج معه أظهر.
ذلِكَ إشارة إلى جعل الكعبة قياما للناس، أو إلى ما ذكر من حفظ حرمة الإحرام بترك الصيد وغيره.
لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كل شىء.
وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وهو عالم بما يصلحكم وما ينعشكم مما أمركم به وكلفكم.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٨ الى ٩٩]
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨) ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (٩٩)
٩٨- اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ:
شَدِيدُ الْعِقابِ لمن انتهك محارمه.
غَفُورٌ رَحِيمٌ لمن حافظ عليها.
٩٩- ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ:
ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ تشديد فى إيجاب القيام بما أمر به، وأن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم قد فرغ مما وجب عليه من التبليغ.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٠٠ الى ١٠٢]
قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (١٠٢)
١٠٠- قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ:
البون بين الخبيث والطيب بعيد عند الله تعالى وإن كان قريبا عندكم، فلا تعجبوا بكثرة الخبيث حتى تؤثروه لكثرته على القليل الطيب، فإن ما تتوهمونه فى الكثرة من الفضل لا يوازى النقصان فى الخبيث وفوات الطيب.
فَاتَّقُوا اللَّهَ وآثروا الطيب وإن قل على الخبيث وإن كثر.
١٠١- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ:
إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ جملة شرطية.
أي لا تكثروا مساءلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم حتى تسألوا عن تكاليف شاقة عليكم إن أفتاكم بها وكلفكم إياها تغمكم وتشق عليكم وتندموا على السؤال عنها.
وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ جملة شرطية معطوفة على ما قبلها، أي وإن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة فى زمان الوحى، وهو ما دام الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بين أظهركم يوحى إليه، تبد لكم تلك التكاليف الصعبة التي تسؤكم وتؤمروا بتحملها، فتعرضوا أنفسكم لغضب الله بالتفريط فيها.
عَفَا اللَّهُ عَنْها عفا الله عما سلف من مساءلتكم فلا تعودوا إلى مثلها.
وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ لا يعاجلكم فيما فرط منكم بعقوبة.
١٠٢- قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ:
قَدْ سَأَلَها الضمير ليس براجع إلى أشياء حتى تجب تعديته
ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها أي بمرجوعها، أو سببها.
كافِرِينَ وذلك أن بنى إسرائيل كانوا يستنفتون أنبياءهم عن أشياء فإذا أمروا بها تركوها فهلكوا.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٠٣ الى ١٠٤]
ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٠٣) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٠٤)
١٠٣- ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ:
ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ كان أهل الجاهلية إذا نتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكرا بحروا أذنها، أي شقوها وحرموا ركوبها، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى، وإذا لقيها المعيى لا يركبها، واسمها البحيرة.
وكان الرجل يقول: إذا قدمت من سفرى أو برئت من مرضى فناقتى سائبة، وجعلها كالبحيرة فى تحريم الانتفاع بها.
وكانت الشاة إذا ولدت أنثى فهى لهم، وإن ولدت ذكرا فهو لآلهتهم، فإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم.
وإذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره، فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى.
وما جَعَلَ أي ما شرع ذلك ولا أمر بالتبحير والتسييب وغير ذلك.
وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ فلا ينسبون التحريم إلى الله حتى يفتروا ولكنهم يقلدون فى تحريمها كبارهم.
١٠٤- وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا
أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ الواو واو الحال، دخلت عليها همزة الإنكار.
أي إن الاقتداء إنما يصح بالعالم المهتدى، وإنما يعرف اهتداؤه بالحجة.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٠٥ الى ١٠٦]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)
١٠٥- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ:
عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ كان المؤمنون تذهب أنفسهم حسرة على أهل العتو والفساد من الكفرة يتمنون دخولهم فى الإسلام، فقيل لهم: عليكم أنفسكم، وما كلفتم من إصلاحها والمشي بها فى طرق الهدى.
يَضُرُّكُمْ الضلال عن دينكم.
إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إذا كنتم مهتدين.
١٠٦- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ:
اثْنانِ خبر للمبتدأ شَهادَةُ بَيْنِكُمْ على تقدير: شهادة بينكم شهادة اثنين، أو على أنه فاعل شَهادَةُ بَيْنِكُمْ على معنى: فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان.
إِذا حَضَرَ ظرف للشهادة.
حِينَ الْوَصِيَّةِ بدل من إِذا حَضَرَ وإبداله منه دليل على وجوب الوصية.
مِنْكُمْ من أقاربكم، أو من المسلمين.
إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ أي إن وقع الموت فى السفر ولم يكن معكم أحد من عشرتكم فاستشهدوا أجنبيين على الوصية.
تَحْبِسُونَهُما تقفونهما وتصبرونهما للحلف.
مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ من بعد صلاة العصر، لأنه وقت اجتماع الناس.
وقيل: بعد صلاة العصر أو الظهر لأن أهل الحجاز كانوا يقعدون للحكومة بعدهما.
إِنِ ارْتَبْتُمْ اعتراض بين القسم والمقسم عليه. أي ان ارتبتم فى شأنهما واتهمتموهما فحلفوهما.
بِهِ الضمير للقسم.
وَلَوْ كانَ الضمير للمقسم له. يعنى: لا نستبدل بصحة القسم بالله عرضا من الدنيا. أي لا نحلف كاذبين لأجل المال، ولو كان من نقسم له قريبا منا.
[سورة المائدة (٥) : آية ١٠٧]
فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧)
١٠٧- فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ:
فَإِنْ عُثِرَ فإن اطلع.
عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً أي فعلا ما أوجب إثما، واستوجب أن يقال إنهما لمن الآثمين.
فَآخَرانِ فشاهدان آخران.
يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ أي من الذين استحق عليهم الإثم. أي من الذين جنى عليهم، وهم أهل الميت وعشيرته.
الْأَوْلَيانِ الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما. والرفع على تقدير: هما الأوليان. أو بدل من الضمير فى يَقُومانِ أو فَآخَرانِ.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١٠٨ الى ١١٠]
ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (١٠٨) يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (١٠٩) إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١١٠)١٠٨- ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ:
ذلِكَ الذي تقدم من بيان الحكم.
أَدْنى أن يأتى الشهداء على نحو تلك الحادثة.
بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ أن نكر أيمان شهود آخرين بعد أيمانهم، فيفتضحوا بظهور كذبهم.
وَاسْمَعُوا سمع إجابة وقبول.
١٠٩- يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ:
يَوْمَ يَجْمَعُ بدل من المنصوب فى قوله وَاتَّقُوا اللَّهَ وهو بدل اشتمال، كأنه قيل: واتقوا الله يوم جمعه، أو ظرف لقوله لا يَهْدِي أي لا يهديهم طريق الجنة يومئذ كما يفعل بغيرهم.
أو ينصب على إضمار: اذكر.
ماذا أُجِبْتُمْ ماذا، انتصب بقوله: أجبتم، انتصاب مصدره، على معنى: أي إجابة أجبتم.
لا عِلْمَ لَنا إذ كان الغرض بالسؤال توبيخ أعدائهم، وكلوا الأمر إلى علمه وإحاطته بما منوا به منهم وكابدوا من سوء إجابتهم، إظهارا للتشكى واللجأ إلى ربهم فى الانتقام منهم.
إِنَّكَ أَنْتَ أي إنك الموصوف بأوصافك المعروفة من العلم وغيره.
١١٠- إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ
إِذْ قالَ اللَّهُ بدل من قوله يَوْمَ يَجْمَعُ.
أَيَّدْتُكَ قويتك.
بِرُوحِ الْقُدُسِ بالكلام الذي يحيا به الدين، وأضافه إلى القدس، لأنه سبب الطهر من أوضار الآثام.
فِي الْمَهْدِ فى موضع الحال، أي تكلمهم طفلا.
وَكَهْلًا أي تكلمهم فى هاتين الحالتين غير أنه يتفاوت كلامك فى حين الطفولة وحين الكهولة الذي هو وقت كمال العقل.
الْكِتابَ الخط.
وَالْحِكْمَةَ الكلام المحكم الصواب.
وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ خصا بالذكر مما تناوله الكتاب والحكمة، لأن المراد بهما جنس الكتاب والحكمة.
كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ هيئة مثل هيئة الطير.
بِإِذْنِي بتسهيلى.
فَتَنْفُخُ فِيها الضمير للكاف، لأنها صفة الهيئة التي كان يخلقها عيسى عليه السّلام وينفخ فيها.
تُخْرِجُ الْمَوْتى من القبور وتبعثهم.
وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ يعنى اليهود حين هموا بقتله.
[سورة المائدة (٥) : آية ١١١]
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (١١١)
١١١- وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ:
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أمرتهم على ألسنة الرسل.
مُسْلِمُونَ مخلصون.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١١٢ الى ١١٦]
إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ (١١٣) قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١٤) قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (١١٥) وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (١١٦)١١٢- إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ:
هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ كلام لا يرد مثله عن مؤمنين معظمين لربهم.
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إن كانت دعواكم للإيمان صحيحة.
١١٣- قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ:
وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بنى إسرائيل.
١١٤- قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ:
اللَّهُمَّ أصله: يا الله، فحذف حرف النداء وعوض منه الميم.
رَبَّنا نداء ثان.
تَكُونُ لَنا عِيداً أي يكون يوم نزولها عيدا.
لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا بدل من (لنا) بتكرير العامل، أي لمن فى زماننا من أهل ديننا، ولمن يأتى بعدنا.
١١٥- قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ:
عَذاباً تعذيبا.
لا أُعَذِّبُهُ الضمير للمصدر، ولو أريد بالعذاب ما يعذب به لم يكن بد من الباء.
١١٦- وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي
سُبْحانَكَ من أن يكون لك شريك.
ما يَكُونُ لِي ما ينبغى لى.
أَنْ أَقُولَ قولا لا يحق لى أن أقوله.
فِي نَفْسِي فى قلبى.
وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ أي تعلم معلومى ولا أعلم معلومك.
إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ تقرير للجملتين معا، لأن ما انطوت عليه النفوس من جملة الغيوب ولأن ما يعلمه علام الغيوب لا ينتهى إليه علم أحد.
[سورة المائدة (٥) : آية ١١٧]
ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧)
١١٧- ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ:
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ أن، إن جعلتها مفسرة لم يكن لها بد من مفسر، والمفسر: إما فعل القول، وإما فعل الأمر، وكلاهما لا وجه له.
أما فعل القول فيحكى بعده الكلام من غير أن يتوسط بينهما حرف التفسير.
وأما فعل الأمر، فمسند إلى ضمير الله عز وجل.
وان جعلتها موصولة بالفعل، لم تخل من أن تكون:
بدلا من ما أَمَرْتَنِي بِهِ، أو من الهاء فى (به) وكلاهما غير مستقيم.
والوجه أن يحمل فعل القول على معناه، لأن معنى ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ: ما أمرتهم إلا ما أمرتنى به.
فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ تمنعهم من القول به بما نصبت لهم من الأدلة وأنزلت عليهم من البينات وأرسلت إليهم الرسل.
[سورة المائدة (٥) : الآيات ١١٨ الى ١٢٠]
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨) قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١١٩) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٢٠)
١١٨- إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ:
فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ الذين عرفتهم عاصين جاحدين لآياتك مكذبين لأنبيائك.
الْعَزِيزُ القوى القادر على الثواب والعقاب.
الْحَكِيمُ الذي لا يثيب ولا يعاقب إلا عن حكمة وصواب.
١١٩- قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ:
(يوم) بالرفع والإضافة.
وقرىء بالنصب:
إما على أنه ظرف للفعل قالَ: وإما على أن هذا مبتدأ، والظرف خبر. والمعنى: هذا الذي ذكرنا من كلام عيسى واقع يوم ينفع.
١٢٠- لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ:
وَما فِيهِنَّ ما، يتناول الأجناس كلها تناولا عاما.