ﰡ
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن زيد بن أرقم قال : غزونا مع رسول الله ﷺ، وكان معنا ناس من الأعراب، فكنا نبتدر الماء، وكان الأعراب يسبقونا إليه، فيسبق الأعرابي أصحابه، فيملأ الحوض، ويجعل حوله حجارة، ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه، فأتى من الأنصار أعرابياً فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه، فانتزع حجراً فغاض الماء، فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه، فأتى عبدالله بن أبيّ رأس المنافقين فأخبره، وكان من أصحابه فغضب، وقال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفض من حوله يعني الأعراب، وكانوا يحضرون رسول الله ﷺ عند الطعام، وقال عبدالله لأصحابه : إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمداً بالطعام فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه : إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل، قال زيد : وأنا ردف عمي، فسمعت، وكنا أخواله عبدالله فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول الله ﷺ، فأرسل إليه رسول الله، فحلف وجحد فصدقه رسول الله ﷺ وكذبني، فجاء إلى عمي فقال : ما أردت إلى أن مقتك رسول الله ﷺ، وكذبك المسلمون، فوقع عليّ من الهم ما لم يقع على أحد قط، فبينما أنا أسير، وقد خففت برأسي من الهم إذا آتاني رسول الله ﷺ فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد أو الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني فقال : ما قال لك رسول الله ﷺ ؟ قلت : ما قال لي شيئاً إلا أنه عَرَكَ أذني وضحك في وجهي، فقال : ابشر ثم لحقني عمر، فقلت له مثل قولي لأبي بكر، فلما أصبحنا قرأ رسول الله ﷺ ﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ﴾ حتى بلغ ﴿ ليخرجن الأعز منها الأذل ﴾.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال : لما قال ابن أبيّ ما قال أتيت النبي ﷺ فأخبرته فجاء فحلف ما قال، فجعل ناس يقولون : جاء رسول الله ﷺ بالكذب حتى جلست في البيت مخافة إذا رأوني قالوا : هذا الذي يكذب، حتى أنزل الله ﴿ هم الذين يقولون ﴾ الآية.
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال : كنت جالساً مع عبدالله بن أبيّ فمر رسول الله ﷺ في ناس من أصحابه فقال عبدالله بن أبيّ : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت سعد بن عبادة فأخبرته، فأتى رسول الله ﷺ، فذكر ذلك له فأرسل رسول الله ﷺ إلى عبدالله بن أبيّ، فحلف له عبدالله بن أُبيّ بالله ما تكلم بهذا، فنظر رسول الله ﷺ إلى سعد بن عبادة، فقال سعد : يا رسول الله إنما أخبرنيه الغلام زيد بن أرقم، فجاء سعد فأخذ بيدي، فانطلق بي، فقال : هذا حدثني، فانتهرني عبدالله بن أبيّ، فانتهيت إلى رسول الله ﷺ وبكيت وقلت : أي والذي أنزل النور عليك لقد قاله، وانصرف عنه النبي ﷺ فأنزل الله ﴿ إذا جاءك المنافقون ﴾ إلى آخر السورة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما سماهم الله منافقين لأنهم كتموا الشرك وأظهروا الإِيمان.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ اتخذوا أيمانهم جنة ﴾ قال : حلفهم بالله إنهم لمنكم اجنوا بأيمانهم من القتل والحرب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله :﴿ اتخذوا أيمانهم جنة ﴾ قال : اتخذوا حلفهم جنة ليعصموا بها دماءهم وأموالهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن النبي ﷺ كان إذا سافر كان مع كل رجل من أغنياء المؤمنين رجل من الفقراء يحمل له زاده وماءه، فكانوا إذا دنوا من الماء تقدم الفقراء فاستقوا لأصحابهم، فسبقهم أصحاب عبدالله بن أبيّ، فأبوا أن يخلوا عن المؤمنين، فحصرهم المؤمنون، فلما جاء عبدالله بن أبيّ نظر إلى أصحابه فقال : والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وقال : امسكوا عنهم البيع لا تبايعوهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله :﴿ ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم ﴾ قال : أقروا بلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وقلوبهم تأبى ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :﴿ كأنهم خشب مسندة ﴾ قال : نخل قيام.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ﴾ قال : عبدالله بن أبيّ بن سلول، قيل له : تعال يستغفر لك رسول الله ﷺ فلوى رأسه وقال : ماذا قلت؟
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ﴾ قال : حركوها استهزاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية، قال : نزلت في عبدالله بن أبيّ وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى النبي ﷺ بحديث وتكذيب شديد، فدعاه رسول الله ﷺ، فإذا هو يحلف ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعذلوه، وقيل لعبدالله رضي الله عنه : لو أتيت رسول الله ﷺ فاستغفر لك فجعل يلوي رأسه، ويقول : لست فاعلاً وكذب علي، فأنزل الله ما تسمعون.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الحكم عن عكرمة « أن عبدالله بن أبيّ بن سلول كان له ابن يقال له حباب، فسماه رسول الله ﷺ عبدالله، فقال يا رسول الله : إن والدي يؤذي الله ورسوله، فذرني حتى أقتله، فقال له رسول الله ﷺ :» لا تقتل أباك « ثم جاءه أيضاً، فقال له : يا رسول الله إن والدي يؤذي الله ورسوله، فذرني حتى أقتله، فقال له رسو ل الله ﷺ :» لا تقتل أباك « ثم جاءه أيضا فقال : يا رسول الله إن والدي يؤذي الله ورسوله، فذرني أقتله، فقال له رسول الله ﷺ :» لا تقتل أباك « فقال : يا رسول الله فذرني حتى أسقيه من وضوئك لعل قلبه يلين، فتوضأ رسول الله ﷺ وأعطاه، فذهب به إلى أبيه فسقاه ثم قال له : هل تدري ما سقيتك؟ قال له والده : سقيتني بول أمك، فقال له ابنه : والله ولكن سقيتك وضوء رسول الله ﷺ »
. وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال : كان لعبدالله بن أبيّ مقام يقومه كل جمعة لا يتركه شرفاً له في نفسه وفي قومه، فكان إذا جلس رسول الله ﷺ يوم الجمعة يخطب قام فقال : أيها الناس هذا رسو ل الله بين أظهركم أكرمكم الله به، وأعزكم به فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا، ثم يجلس، فلما قدم رسول الله ﷺ من أحد وصنع المنافق ما صنع في أحد، فقام يفعل كما كان يفعل، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه، وقالوا : اجلس يا عدو الله، لست لهذا المقام بأهل. قد صنعت ما صنعت. فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأني قلت هجراً أن قمت أسدد أمره، فقال له رجل : ويحك ارجع يستغفر لك رسول الله ﷺ، فقال المنافق : والله لا أبغي أن يستغفر لي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال :« لما نزلت آية براءة ﴿ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ﴾ [ التوبة : ٨٠ ] قال النبي ﷺ :» اسمع ربي قد رخص لي فيهم، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم « فنزلت ﴿ سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن عروة قال :« لما نزلت ﴿ استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ﴾ [ التوبة : ٨٠ ] قال النبي ﷺ :» لأزيدن على السبعين « فأنزل الله ﴿ سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ﴾ الآية ».
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : نزلت هذه الأية ﴿ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ﴾ في عسيف لعمر بن الخطاب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله :﴿ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله ﴾ قال : إن عبدالله بن أبيّ قال لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله، فإنكم لو لم تنفقوا عليهم قد انفضوا، وفي قوله :﴿ يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ﴾ قال : قد قالها منافق عظيم النفاق في رجلين اقتتلا أحدهما غفاري والآخر جهني، فظهر الغفاري على الجهني، وكان بين جهينة وبين الأنصار حلف، فقال رجل من المنافقين : وهو عبدالله بن أبيّ، يا بني الأوس والخزرج، عليكم صاحبكم وحليفكم. ثم قال : والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك. والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فسعى بها بعضهم إلى نبي الله ﷺ فقال عمر : يا نبي الله مر معاذاً أن يضرب عنق هذا المنافق. فقال : لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه. وذكر لنا أنه كثر على رجلين من المنافقين عنده فقال عمر : هل يصلي؟ قالوا : نعم ولا خير في صلاته. قال نهيت عن المصلين، نهيت عن المصلين، نهيت عن المصلين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ﴾ يقول : لا تطعموا محمداً وأصحابه حتى تصيبهم مجاعة فيتركوا نبيهم وفي قوله :﴿ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ﴾ قال : قال ذلك عبدالله بن أبيّ رأس المنافقين وأناس معه من المنافقين.
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبدالله قال :« كنا مع النبي ﷺ في غزاة، قال سفيان : يرون أنها غزوة بني المصطلق، فكسع رجل من المنافقين رجلاً من الأنصار فسمع ذلك النبي ﷺ، فقال : ما بال دعوى الجاهلية؟ قالوا : رجل من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار. فقال النبي ﷺ :» دعوها فإنها منتنة « فسمع ذلك عبدالله بن أبيّ، فقال : أو قد فعلوها، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فبلغ النبي ﷺ، فقال عمر : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي ﷺ :» دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه « زاد الترمذي، فقال له ابن عبدالله : والله لا تنقلب حتى تَقِرَّ أنك الذليل، ورسول الله ﷺ العزيز ففعل ».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان بين غلام من الأنصار وغلام من بني غفار في الطريق كلام، فقال عبدالله بن أبيّ : هنيئاً، لكم بأس، هنيئاً جمعتم سوّاق الحجيج من مزينة وجهينة فغلبوكم على ثماركم، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
وأخرج الحميدي في مسنده عن أبي هارون المدني قال : قال عبدالله بن عبدالله بن أبيّ لأبيه : والله لا تدخل المدينة أبداً حتى تقول رسول الله ﷺ الأعز وأنا الأذل.
وأخرج الطبراني عن أسامة بن زيد رضي الله عنه : لما رجع رسول الله ﷺ من بني المصطلق قام عبدالله بن عبدالله بن أبيّ فسلّ على أبيه السيف، وقال : والله عليّ أن لا أغمده حتى تقول : محمد الأعز وأنا الأذل. فقال : ويلك محمد الأعز وأنا الأذل. فبلغت رسول الله ﷺ فأعجبته، وشكرها له.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما قدموا المدينة سلّ عبدالله بن عبدالله بن أبيّ على أبيه السيف وقال : لأضربنك أو تقول : أنا الأذل ومحمد الأعز. فلم يبرح حتى قال ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة بن الزبير رضي الله عنه « أن أصحاب رسول الله ﷺ في غزوة بني المصطلق لما أتوا المنزل كان بين غلمان من المهاجرين وغلمان من الأنصار، فقال غلمان من المهاجرين : يا للمهاجرين، وقال غلمان من الأنصار : يا للأنصار، فبلغ ذلك عبدالله بن أبيّ بن سلول فقال : أما والله لو أنهم لم ينفقوا عليهم انفضوا من حوله، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فبلغ ذلك النبي ﷺ، فأمر بالرحيل، فأدرك ركباً من بني عبد الأشهل في المسير، فقال لهم :» ألم تعلموا ما قال المنافق عبدالله بن أبي؟ « قالوا : وماذا قال : يا رسول الله؟ قال :» قال أما والله لو لم تنفقوا عليهم لانفضوا من حوله، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل « قالوا : صدق يا رسول الله، فأنت والله الأعز العزيز وهو الذليل ».
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ :« » من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه الزكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت «. فقال له رجل : يا ابن عباس اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكفار، فقال : سأتلو عليكم بذلك قرآناً ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ﴾ إلى آخر السورة ».
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ﴾ الآية قال : هو الرجل المؤمن إذا نزل به الموت وله مال لم يزكه، ولم يحج منه، ولم يعط حق الله منه يسأل الرجعة عند الموت ليتصدق من ماله ويزكي، قال الله :﴿ ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك في قوله :﴿ لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ﴾ قال : عن الصلوات الخمس وفي قوله :﴿ وانفقوا مما رزقناكم ﴾ قال : يعني الزكاة والنفقة في الحج.
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن عطاء في قوله :﴿ لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ﴾ قال : الصلاة المفروضة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ فأصدق ﴾ قال : أزكي ﴿ وأكون من الصالحين ﴾ قال : أحج.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن عن عاصم أنه قرأ ﴿ فأصدق « وأكون » من الصالحين ﴾ قال : أحج.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن عن عاصم أنه قرأ ﴿ فاصدق « وأكون » من الصالحن ﴾ بالواو.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن ثابت قال : القراءة سنة من السنن فاقرؤوا القرآن كما اقرئتموه ﴿ إن هذان لساحران ﴾ [ طه : ٦٣ ] ﴿ فأصدق وأكن من الصالحين ﴾.