تفسير سورة القصص

الدر المنثور
تفسير سورة سورة القصص من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان من شأن فرعون أنه رأى رؤيا في منامه : أن ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى إذا اشتملت على بيوت مصر أحرقت القبط، وتركت بني إسرائيل، فدعا السحرة، والكهنة، والعافة، والزجرة. وهم العافة الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له : يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر. فأمر بني إسرائيل أن لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه، ولا يولد لهم جارية إلا تركت، وقال للقبط : انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجاً فادخلوهم، واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة، فجعلوا بني إسرائيل في أعمال غلمانهم، وادخلوا غلمانهم. فذلك حين يقول ﴿ إن فرعون علا في الأرض ﴾ يقول : تجبر في الأرض ﴿ وجعل أهلها شيعاً ﴾ يعني بني إسرائيل ﴿ يستضعف طائفة منهم ﴾ حين جعلهم في الأعمال القذرة، وجعل لا يولد لبني إسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير.
وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت، فأسرع فيهم. فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا : إن هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت، فيوشك أن يقع العمل على غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار، فلو أنك كنت تبقي من أولادهم. فأمر أن يذبحوا سنة، ويتركوا سنة، فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هرون عليه السلام. فترك، فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى ﷺ، فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه، فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجاراً وجعلت له تابوتاً، وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه، وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون، فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن، فوجدن التابوت، فادخلنه إلى آسية وظنن أن فيه مالاً، فلما تحرك الغلام رأته آسية صبياً، فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته.
فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه، فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال : إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل، وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكنا. فبينما هي ترقصه وتلعب به إذ ناولته فرعون وقالت : خذه ﴿ قرة عين لي ولك ﴾ [ القصص : ٩ ] قال فرعون : هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس : ولو قال هو قرة عين لي إذاً لآمن به، ولكنه أبى - فلما أخذه إليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال فرعون : عليَّ بالذباحين هو ذا.
قالت آسية : لا تقتله ﴿ عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ﴾ [ القصص : ٩ ] إنما هو صبي لا يعقل وإنما صنع هذا من صباه، أنا أضع له حلياً من الياقوت، وأضع له جمراً فإن أخذ الياقوت فهو يعقل اذبحه، وإن أخذ الجمر فإنما هو صبي، فاخرجت له ياقوتاً، ووضعت له طستاً من جمر، فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده جمرة، فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه، فارادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء، وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى أن يأخذ.
468
فجاءت أخته فقالت :﴿ هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ﴾ فأخذوها فقالوا : إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت : ما أعرفه ولكن إنما هم للملك ناصحون. فلما جاءته أمه أخذ منها. وكادت تقول : هو ابني. فعصمها الله فذلك قوله ﴿ إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ﴾ قال : قد كانت من المؤمنين ولكن بقول :﴿ إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ﴾ قال السدي : وإنما سمي موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو الشجر سى.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون ﴾ يقول : في هذا القرآن نبؤهم ﴿ إن فرعون علا في الأرض ﴾ أي بغى في الأرض ﴿ وجعل أهلها شيعاً ﴾ أي فرقاً.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وجعل أهلها شيعاً ﴾ قال : فرق بينهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وجعل أهلها شيعاً ﴾ قال : يتعبد طائفة، ويقتل طائفة، ويستحيي طائفة.
أما قوله تعالى :﴿ إنه كان من المفسدين ﴾.
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لقد ذكر لنا أنه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار، ثم يصف بعضه إلى بعض، ثم يؤتى بحبالى من بني إسرائيل فيوقفن عليه، فيجز أقدامهن حتى أن المرأة منهم لتضع بولدها، فيقع بين رجليها، فتظل تطؤه وتتقي به حد القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها. حتى أسرف في ذلك وكان يفنيهم قيل له : أفنيت الناس، وقطعت النسل، وإنما هم خولك وعمالك، فتأمر أن يقتلوا الغلمان عاماً، ويستحيوا عاماً، فولد هرون عليه السلام في السنة التي يستحيي فيها الغلمان، وولد موسى عليه السلام في السنة التي فيها يقتلون، وكان هرون عليه السلام أكبر منه بسنة، فلما أراد الله بموسى عليه السلام ما أراد واستنقاذ بني إسرائيل مما هم فيه من البلاء، أوحى الله إلى أم موسى حين تقارب ولادها ﴿ أن أرضعيه ﴾ [ القصص : ٧ ].
469
أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله ﴿ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ﴾ قال : يوسف وولده.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ﴾ قال : هم بنو إسرائيل ﴿ ونجعلهم أئمة ﴾ أي هم ولاة الأمر ﴿ ونجعلهم الوارثين ﴾ أي يرثون الأرض بعد فرعون وقومه ﴿ ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ﴾ قال : ما كان القوم حذروه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله :﴿ ونجعلهم الوارثين ﴾ قال : يرثون الأرض بعد آل فرعون، وفي قوله ﴿ ونري فرعون ﴾ الآية قال : كان حاز يحزي لفرعون فقال : إنه يولد في هذا العام غلام يذهب بملككم وكان فرعون ﴿ يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ﴾ حذراً لقول الحازي فذلك قوله ﴿ ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله قال : قال عمر رضي الله عنه : إني استعملت عمالاً لقول الله ﴿ ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ﴾.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وأوحينا إلى أم موسى ﴾ يقول : ألهمناها الذي صنعت بموسى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وأوحينا إلى أم موسى ﴾ قال : قذف في نفسها.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ﴾ قال : وحي جاءها عن الله قذف في قلبها، وليس بوحي نبوة ﴿ فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ﴾ قال : فجعلته في تابوت فقذفته في البحر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : إن الله أوحى إلى أم موسى حين وضعت ﴿ أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ﴾ فلما خافت عليه جعلته في التابوت، وجعلت المفتاح مع التابوت وطرحته في البحر، وخرجت امرأة فرعون إلى البحر وابنة لفرعون برصاء، فرأوا سواداً في البحر، فأخرج التابوت إليهم، فبدرت ابنة فرعون وهي برصاء إلى التابوت، فوجدت موسى في التابوت وهو مولود، فأخذته فبرأت من برصها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : في قوله ﴿ فإذا خفت عليه ﴾ قال : أن يسمع جيرانك صوته.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ﴾ قال : فجعلته في بستان فكانت تأتيه في كل يوم مره فترضعه، وتأتيه في كل ليله فترضعه فيكفيه ذلك ﴿ فإذا خفت عليه ﴾ قال : إذا بلغ أربعة أشهر وصاح وابتغى من الرضاع أكثر من ذلك. فذلك قوله ﴿ فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا تخافي ﴾ قال : لا تخافي عليه البحر ﴿ ولا تحزني ﴾ يقول : ولا تحزني لفراقه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً ﴾ قال : في دينهم ﴿ وحزناً ﴾ قال : لما يأتيهم به.
أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال : قالت امرأة فرعون ﴿ قرة عين لي ولك لا تقتلوه ﴾ قال فرعون : قرة عين لك، أما لي فلا قال محمد بن قيس : قال رسول الله ﷺ « لو قال فرعون قرة عين لي ولك لكان لهما جميعاً ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك ﴾ تعني بذلك : موسى عليه السلام ﴿ عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ﴾ قال : ألقيت عليه رحمتها حين ابصرته ﴿ وهم لا يشعرون ﴾ إن هلاكهم على يديه وفي زمانه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وهم لا يشعرون ﴾ قال : آل فرعون أنه عدوّ لهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ وهم لا يشعرون ﴾ قال : ما يصيبهم من عاقبة أمره.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : لا يشعرون أن هلاكهم على يديه والله تعالى أعلم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ﴾ قال : فرغ من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ﴾ قال : خالياً من كل شيء غير ذكر موسى عليه السلام، وفي قوله ﴿ إن كادت لتبدي به ﴾ قال : تقول يا ابناه.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ﴾ قال : من كل شيء غير هم موسى عليه السلام.
وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ﴾ قال : من كل شيء من أمر الدنيا والآخرة إلا من هم موسى.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً ﴾ قال : من كل شيء إلا من ذكر موسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيث بن سمي أو عن أبي عبيدة في قوله ﴿ إن كادت لتبدي به ﴾ أي لتنبىء أنه ابنها من شدة وجدها ﴿ لولا أن ربطنا على قلبها ﴾ قال : ربط الله على قلبها بالإِيمان.
أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وقالت لأخته قصيه ﴾ أي اتبعي أثره ﴿ فبصرت به عن جنب ﴾ قال : عن جانب.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وقالت لأخته قصيه ﴾ أي اتبعي أثره كيف يصنع به؟ ﴿ فبصرت به عن جنب ﴾ قال عن بعد ﴿ وهم لا يشعرون ﴾ قال : آل فرعون انه عدو لهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وقالت لأخته قصيه ﴾ قال : قصي أثره ﴿ فبصرت به عن جنب ﴾ يقول : بصرت به وهي مجانبة لهم ﴿ وهم لا يشعرون ﴾ انها أخته قال : جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : اسم أخت موسى يواخيد، وأمه يحانذ.
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي رواد رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لخديجة رضي الله عنها « اما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثوم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون، قالت : وقد فعل الله ذلك يا رسول الله قال : نعم. قالت : بالرفاه والبنين ».
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « ما شعرت أن الله زوجني مريم بنت عمران، وكلثوم أخت موسى، وامرأة فرعون فقلت : هنيئاً لك يا رسول الله ».
أخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وحرمنا عليه المراضع من قبل ﴾ قال : لا يؤتى بمرضع فيقبلها.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ وحرمنا عليه المراضع من قبل ﴾ قال : لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حين قالت ﴿ هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون ﴾ قالوا : قد عرفتيه فقالت : إنما أردت الملك، هم للملك ناصحون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وحرمنا عليه المراضع ﴾ قال : جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها وفي قوله ﴿ ولتعلم أن وعد الله حق ﴾ قال : وعدها أنه راده إليها وجاعله من المرسلين ففعل الله بها ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : كان فرعون يعطي أم موسى على رضاع موسى كل يوم ديناراً.
وأخرج أبو داود في المراسيل عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يعني : يتقوّون على عدوهم؛ مثل أم موسى، ترضع ولدها وتأخذ أجرها ».
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والمحاملي في أماليه من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولما بلغ أشدّه ﴾ قال : ثلاثاً وثلاثين سنة ﴿ واستوى ﴾ قال : أربعين سنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المعمرين من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولما بلغ اشدّه واستوى ﴾ قال : الاشد ما بين الثماني عشرة إلى الثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين والأربعين، فإذا زاد على الأربعين أخذ في النقصان.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ ولما بلغ أشدّه ﴾ قال : ثلاثاً وثلاثين سنة ﴿ واستوى ﴾ قال : أربعين سنة ﴿ آتيناه حكماً وعلماً ﴾ قال : الحكم الفقه والعقل، والعلم قال : النبوّة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قبيصة رضي الله عنه في الآية قال : يعني بالاستواء : خروج لحيته.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ولما بلغ أشدّه ﴾ قال : ثلاثاً وثلاثين سنة ﴿ واستوى ﴾ قال : أربعين سنة.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي : إن فرعون ركب مركباً وليس عنده موسى، فلما جاء موسى عليه السلام قيل له : إن فرعون قد ركب. فركب في أثره. فأدركه المقيل بأرض يقال لها منف، فدخلها نصف النهار وقد تغلقت أسواقها، وليس في طرقها أحد. وهي التي يقول الله تعالى ﴿ ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ ودخل المدينة على حين غفلة ﴾ قال : نصف النهار.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ ودخل المدينة على حين غفلة ﴾ قال : نصف النهار والناس قائلون.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : دخلها عند القائلة بالظهيرة والناس نائمون. وذلك أغفل ما يكون الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ حين غفلة ﴾ قال : ما بين المغرب والعشاء.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ على حين غفلة ﴾ قال : ما بين المغرب والعشاء عن أناس، وقال آخرون : نصف النهار، وقال ابن عباس : أحدهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته ﴾ قال : اسرائيلي ﴿ وهذا من عدوّه ﴾ قال : قبطي ﴿ فاستغاثه الذي من شيعته ﴾ الاسرائيلي ﴿ على الذي من عدوّه ﴾ القبطي ﴿ فوكزه موسى فقضى عليه ﴾ قال : فمات قال : فكبر ذلك على موسى ﷺ.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ فاستغاثه الذي من شيعته ﴾ قال : من قومه من بني إسرائيل. وكان فرعون من فارس من اصطخر ﴿ فوكزه موسى ﴾ قال : بجمع كفه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فوكزه موسى ﴾ قال : بعصا، ولم يتعمد قتله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الذي وكزه موسى كان خبازاً لفرعون.
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال : قال الله تعالى « بعزتي يا ابن عمران لو أن هذه النفس التي وكزت فقتلت، اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار بأني لها خالق أو رازق، لأذقتك فيها طعم العذاب. ولكني عفوت عنك في أمرها انها لم تعترف لي ساعة من ليل أو نهار إني لها خالق أو رازق ».
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ إني ظلمت نفسي ﴾ قال : بلغني أنه من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر. فقتله ولم يؤمر.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ قال رب إني ظلمت نفسي ﴾ قال : عرف نبي الله عليه السلام من أين المخرج. فأراد المخرج فلم يلق ذنبه على ربه. قال بعض الناس : أي من جهة المقدور.
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ فلن أكون ظهيراً للمجرمين ﴾ قال : معيناً للمجرمين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فلن أكون ظهيراً للمجرمين ﴾ قال : إن أعين بعدها ظالماً على فجره.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيد الله بن الوليد الرصافي رضي الله عنه؛ أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن أخ له كاتب ليس يلي من أمور السلطان شيئاً، إلا أنه يكتب لهم بقلم ما يدخل وما يخرج، فإن ترك قلمه صار عليه دين واحتجاج، وإن أخذ به كان له فيه غنى قال : يكتب لمن؟ قال : لخالد بن عبد الله القسري قال : ألم تسمع إلى ما قال العبد الصالح ﴿ رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ﴾ ؟ فلا يهتم بشيء وليرم بقلمه فإن الله سيأتيه برزق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حنظلة جابر بن حنظلة الكاتب الضبي قال : قال رجل لعامر : يا أبا عمرو أني رجل كاتب، أكتب ما يدخل وما يخرج، آخذ ورقاً استغني به أنا وعيالي قال : فلعلك تكتب في دم يسفك؟ قال : لا. قال : فلعلك تكتب في مال يؤخذ؟ قال : لا. قال : فلعلك تكتب في دار تهدم؟ قال : لا. قال : أسمعت بما قال موسى ﷺ ﴿ رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ﴾ قال : رضي الله عنه قال : صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما العصر، فسمعته يقول في ركوعه ﴿ رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سلمة بن نبيط رضي الله عنه قال : بعث عبد الرحمن بن مسلم إلى الضحاك فقال : اذهب بعطاء أهل بخارى فاعطهم فقال : اعفني فلم يزل يستعفيه حتى أعفاه فقال له بعض أصحابه : ما عليك أن تذهب فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم شيئاً؟ فقال : لا أحب أن أعين الظلمة على شيء من أمرهم.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ فأصبح في المدينة خائفاً ﴾ قال : خائفاً أن يؤخذ.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ يترقب ﴾ قال : يتلفت.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ يترقب ﴾ قال : يتوحش.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه ﴾ قال : هو صاحب موسى الذي استنصره بالأمس.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الذي استنصره : هو الذي استصرخه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ﴿ فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه ﴾ قال : الاستصراخ : الاستغاثة. قال : والاستنصار والاستصراخ واحد. ﴿ قال له موسى إنك لغوي مبين ﴾ فاقبل عليه موسى عليه السلام فظن الرجل أنه يريد قتله فقال : يا موسى ﴿ أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ﴾ قال : قبطي قريب منهما يسمعهما فافشى عليهما.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ فلما أن أراد أن يبطش ﴾ قال : ظن الذي من شيعته إنما يريده فذلك قوله ﴿ أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ﴾ أنه لم يظهر على قتله أحد غيره. فسمع قوله ﴿ أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس ﴾ عدوّهما فأخبر عليه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي قال : من قتل رجلين فهو جبار، ثم تلا هذه الآية ﴿ أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا يكون الرجل جباراً حتى يقتل نفسين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني قال : آية الجبابرة القتل بغير حق. والله أعلم.
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ﴿ وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ﴾ قال : مؤمن آل فرعون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الذي قال لموسى ﴿ إن الملأ يأتمرون بك ﴾ شمعون.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ﴾ قال : يعمل، ليس بالسيد؛ اسمه حزقيل.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : ذهب القبطي فافشى عليه : أن موسى هو الذي قتل الرجل فطلبه فرعون وقال : خذوه فإنه الذي قتل صاحبنا وقال الذين يطلبونه : اطلبوه في ثنيات الطريق، فإن موسى غلام لا يهتدي للطريق.
وأخذ موسى عليه السلام في ثنيات الطريق، وقد جاءه الرجل فأخبره ﴿ إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج... ، فخرج منها خائفاً يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ﴾ فلما أخذ في ثنيات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنزة، فلما رآه موسى عليه السلام سجد له من الفرق. فقال : لا تسجد لي، ولكن اتبعني، فتبعه وهداه نحو مدين.
فانطلق الملك حتى انتهى به إلى المدين، فلما أتى الشيخ، وقص عليه القصص ﴿ قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ﴾ [ القصص : ٢٥ ] فأمر احدى ابنتيه أن تأتيه بعصا. وكانت تلك العصا عصا استودعه إياها ملك في صورة رجل فدفعها إليه، فدخلت الجاريه فأخذت العصا فأتته بها، فلما رآها الشيخ قال لابنته : ائتيه بغيرها. فألقتها وأخذت تريد غيرها، فلا يقع في يدها إلا هي، وجعل يرددها وكل ذلك لا يخرج في يدها غيرها، فلما رآى ذلك عهد إليه فأخرجها معه فرعى بها، ثم إن الشيخ ندم وقال : كانت وديعة فخرج يتلقى موسى عليه السلام فلما رآه قال : أعطني العصا. فقال موسى عليه السلام : هي عصاي! فأبى أن يعطيه، فاختصما، فرضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما.
فاتاهما ملك يمشي، فقضى بينهما فقال : ضعوها في الأرض فمن حملها فهي له. فعالجها الشيخ فلم يطقها، وأخذها موسى عليه السلام بيده فرفعها، فتركها له الشيخ، فرعى له عشر سنين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ﴾ قال : هو مؤمن آل فرعون جاء يسعى وفي قوله ﴿ فخرج منها خائفاً يترقب ﴾ قال : أن يأخذه الطلب.
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ ولما توجه تلقاء مدين ﴾ قال : عرضت لموسى عليه السلام أربعة طرق فلم يدر أيتها يسلك، فقال ﴿ عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ﴾ فأخذ طريق مدين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ تلقاء مدين ﴾ قال : مدين ماء كان عليه شعيب.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ﴾ قال : قصد السبيل : الطريق إلى مدين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ﴾ قال : الطريق المستقيم. قال : فالتقى والله يومئذ خير أهل الأرض. شعيب وموسى بن عمران.
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب بن علقمة رضي الله عنه قال : أن موسى عليه السلام لما خرج هارباً من فرعون قال : رب أوصني قال « أوصيك أن لا تعدل بي شيئاً أبداً إلا اخترتني عليه، فإني لا أرحم ولا أزكي من لم يكن كذلك قال : وبماذا يا رب؟ قال : بأمك فانها حملتك وهناً على وهن قال : ثم بماذا يا رب؟ قال : إن أوليتك شيئاً من أمر عبادي فلا تعيهم إليك في حوائجهم، فإنك إنما تعي روحي فإني مبصر ومسمع ومشهد ».
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه السلام خائفاً جائعاً ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون، وامرأتان جالستان بشياههما، فسألهما ما خطبكما؟ ﴿ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير ﴾ قال : فهل قربكما ماء قالتا : لا... إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال : فانطلقا فأريانيها. فانطلقتا معه فقلب بالصخرة بيده، فنحاها ثم استقى لهما سجلاً واحداً فسقى الغنم، ثم أعاد الصخرة إلى مكانها، ثم تولى إلى الظل فقال :﴿ رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير ﴾ فسمعتا ما قال، فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما، فسألهما فاخبرتاه فقال لإِحداهما : انطلقي فادعيه فأتته فقالت :﴿ إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ﴾ فمشت بين يديه فقال لها : امشي خلفي، فإني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي، وارشديني الطريق.
﴿ فلما جاءه وقص عليه القصص... ، قالت إحداهما : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾ قال لها أبوها : ما رأيت من قوّته وأمانته؟ فأخبرته بالأمر الذي كان قالت : أما قوّته فإنه قلب الحجر وحده، وكان لا يقلبه إلا النفر. وأما أمانته فإنه قال : امشي خلفي وارشديني الطريق، لأني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام، لا يحل لي منك ما حرمه الله تعالى. قيل لابن عباس رضي الله عنهما. أي الأجلين قضى موسى عليه السلام؟ قال : أبرهما وأوفاهما.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون، فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين ﴿ قال ما خطبكما ﴾ فحدثتاه. فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استسقى، فلم يستق إلا دلواً واحداً حتى رويت الغنم.
فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه، وتولى موسى عليه السلام إلى الظل ﴿ فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾ قال :﴿ فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ﴾ واضعة ثوبها على وجهه ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة ﴿ قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ﴾ فقام معها موسى عليه السلام فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك. فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما ﴿ يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين ﴾ قال : يا بنية ما علمك بأمانته وقوته؟ قالت : أما قوّته : فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال، وأما أمانته، فقال : امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك.
483
فزاده ذلك رغبة فيه فقال ﴿ إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ﴾ إلى قوله ﴿ ستجدني إن شاء الله من الصالحين ﴾ أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام ﴿ ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي ﴾ قال : نعم. ﴿ قال الله على ما نقول وكيل ﴾ فزوّجه وأقام معه يكفيه، ويعمل له في رعاية غنمه وما يحتاج إليه، وزوّجه صفورا، وأختها شرفا، وهما التي كانتا تذودان.
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولما ورد ماء مدين ﴾ قال : ورد الماء حيث ورد وأنه لتتراءى خضرة البقل من بطنه من الهزال.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه السلام من مصر إلى مدين وبينه وبينها ثمان ليال، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر، وخرج إليها حافياً فما وصل حتى وقع خف قدمه.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ﴿ ولما ورد ماء مدين ﴾ قال : كان مسيره خمسة وثلاثين يوماً.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ أمة من الناس يسقون ﴾ قال : أناساً. وفي قوله ﴿ إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير ﴾ قال : من طعام.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ووجد من دونهم امرأتين ﴾ قال : أسماؤهما : ليا، وصفورا، ولهما أربع أخوات صغار يسقين الغنم في الصحاف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ﴿ تذودان ﴾ قال : تحبسان.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ﴿ تذودان ﴾ قال : تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس وتخلو لهما البئر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء ﴾ قال : تنتظران أن تسقيا من فضول ما في حياضهم.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ حتى يصدر الرعاء ﴾ برفع الياء وكسر الراء في الرعاء.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد قال موسى عليه السلام ﴿ رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير ﴾ وهو أكرم خلقه عليه ولقد افتقر إلى شق تمرة، ولقد لصق بطنه بظهره من شدة الجوع.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير ﴾ قال : سأل فلقاً من الخبز يشد بها صلبه من الجوع.
484
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما هرب موسى عليه السلام من فرعون أصابه جوع، كانت ترى أمعاؤه من ظاهر الثياب ﴿ قال : رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ﷺ « لما سقى موسى للجاريتين ﴿ ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير ﴾ قال : إنه يومئذ فقير إلى كف من تمر ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾ قال : شبعه يومئذ.
وأخرج الفريابي وأحمد عن مجاهد قال : ما سأل إلا طعاماً يأكله.
وأخرج الفريابي وأحمد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه ﴿ إني لما أنزلت إلي من خير فقير ﴾ قال : ما كان معه رغيف ولا درهم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن أبي الهذيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله ﴿ تمشي على استحياء ﴾ قال : جاءت مستترة بكم درعها على وجهها.
وأخرجه ابن المنذر عن ابن أبي الهذيل موقوفاً عليه.
وأخرج أحمد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه قال : أما والله لو كان عند نبي الله شيء ما تبع مذقتها، ولكن حمله على ذلك الجهد.
وأخرج ابن عساكر عن أبي حازم قال : لما دخل موسى عليه السلام على شعيب عليه السلام إذا هو بالعشاء فقال له شعيب عليه السلام : كل. قال موسى عليه السلام : أعوذ بالله! قال ولم... ؟! ألست بجائع؟ قال : بلى. ولكن أخاف أن يكون هذا عوضاً لما سقيت لهما، وأنا من أهل بيت لا نبتغي شيئاً من عمل الآخرة بملء الأرض ذهباً قال : لا والله... ولكنها عادتي وعادة آبائي، نقري الضيف، ونطعم الطعام. فجلس موسى عليه السلام فأكل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس رضي الله عنه أنه بلغه : أن شعيباً عليه السلام هو الذي قص على موسى القصص.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : يقول ناس : أنه شعيب. وليس بشعيب ولكن سيد الماء يومئذ.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال : كان صاحب موسى عليه السلام أثرون ابن أخي شعيب عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان اسم ختن موسى يثربي.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذي استأجر موسى عليه السلام يثرب صاحب مدين.
485
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه كان يكره الكنية بأبي مرة، وكانت كنية فرعون، وكانت صاحبة موسى صفيرا بنت يثرون.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ القوي ﴾ قال : قوته فتح لهما عن بئر حجراً على فيها فسقى لهما ﴿ الأمين ﴾ قال : غض بصره عنهما حين سقى لهما.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال : لما قالت صاحبة موسى ﴿ يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾ قال : غض بصره عنهما حين سقى لهما.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال : لما قالت صاحبة موسى ﴿ يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾ قال : وما رأيت من قوته. قالت : جاء إلى البئر وعليه صخرة لا يقلها كذا وكذا فرفعها قال : وما رأيت من أمانته؟ قالت : كنت أمشي أمامه فجعلني خلفه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ﴾ قال : بلغني أنه نكح الكبيرة التي دعته واسمها صفورا، وأبوها ابن أخي شعيب، واسمه رعاويل. وقد أخبرني من أصدق : أن إسمه في الكتاب يثرون كاهن مدين. والكاهن حبر.
وأخرج ابن المنذر عن نوف الشامي قال : ولدت المرأة لموسى عليه السلام غلاماً، فسماه جرثمة.
وأخرج ابن ماجة والبزار وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عقبة بن المنذر السلمي رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله ﷺ فقرأ ﴿ طس ﴾ حتى بلغ قصة موسى عليه السلام قال :« إن موسى أجر نفسه ثماني سنين أو عشراً على عفة فرجه، وطعام بطنه، فلما وفى الأجل قيل : يا رسول الله أي الأجلين قضى موسى؟ قال : أبرهما وأوفاهما، فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت من غنمه قالب لون من ذلك العام، وكانت غنمه سوداء حسناء، فانطلق موسى إلى عصاه فسماها من طرفها، ثم وضعها في أدنى الحوض، ثم أوردها فسقاها، ووقف موسى بازاء الحوض فلم يصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة قال : فأنمت وأثلثت ووضعت كلها قوالب الوان. إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش، ولا ضبوب، ولا غزور، ولا ثفول، ولا كمشة تفوت الكف. قال النبي ﷺ : فلو افتتحتم الشام وجدتم بقايا تلك الغنم. وهي السامرية » قال ابن لهيعة : الفشوش : التي تفش بلبنها واسعة الشخب، والضبوب : الطويلة الضرع مجترة، والغزور : الضيقة الشخب، والثفول : التي ليس لها ضرع إلا كهيئة حلمتين، والكمشة : الصغيرة الضرع لا يدركه الكف.
486
وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال : لما دعا موسى عليه السلام صاحبه إلى الأجل الذي كان بينهما قال له صاحبه : كل شاة ولدت على لونها فلك لونها. فعمد فرفع خيالاً على الماء، فلما رأيت الخيال فزعت، فجالت جولة فولدت كلهن بلقاء، إلا شاة واحدة. فذهب بألوانهن ذلك العام.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل أي الأجلين قضى موسى؟ فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما. أن رسول الله إذا قال فعل.
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ سأل جبريل أي الأجلين قضى موسى؟ قال : أتمهما وأكملهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يوسف بن سرح « أن رسول الله ﷺ سئل أي الأجلين قضى موسى؟ فسأل جبريل فقال : لا علم لي. فسأل جبريل ملكاً فوقه فقال : لا علم لي. فسأل ذلك الملك ربه فقال الرب تعالى » أبرهما وأتقاهما وأزكاهما « ».
وأخرج ابن مردويه من طريق علي بن عاصم عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :« أن رجلاً سأله أي الأجلين قضى موسى؟ فقال : لا أدري حتى أسأل رسول الله ﷺ فقال : لا أدري حتى أسأل جبريل فقال : لا أدري حتى أسأل ميكائيل، فسأل ميكائيل فقال : لا أدري حتى أسأل الرفيع، فسأل الرفيع فقال : لا أدري حتى أسأل اسرافيل، فسأل إسرافيل فقال : لا أدري حتى أسأل ذا العزة، فنادى إسرافيل بصوته الأشد : يا ذا العزة أي الأجلين قضى موسى؟ قال :» أتم الأجلين وأطيبهما عشر سنين « قال علي بن عاصم : فكان أبو هرون إذا حدث بهذا الحديث يقول : حدثني أبو سعيد الخدري، عن النبي ﷺ، عن جبريل، عن ميكائيل، عن الرفيع، عن إسرافيل، عن ذي العزة تبارك وتعالى » أن موسى قضى أتم الأجلين وأطيبه، عشر سنين « ».
وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه « قال : سئل رسول الله ﷺ أي الأجلين قضى موسى؟ قال : أوفاهما ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال « قال رسول الله ﷺ قال لي جبريل : يا محمد إن سألك اليهود أي الأجلين قضى موسى؟ فقل أوفاهما، وإن سألوك أيهما تزوج؟ فقال الصغرى منهما ».
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي ذر رضي الله عنه قال « قال لي رسول الله ﷺ : إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى؟ فقل خيرهما وأبرهما، وإذا سئلت أي المرأتين تزوج؟ فقل الصغرى منهما، وهي التي جاءت فقالت ﴿ يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾ فقال : ما رأيت من قوته؟ قالت : أخذ حجراً ثقيلاً فألقاه على البئر قال : وما الذي رأيت من أمانته؟ قالت : قال لي امشي خلفي ولا تمشي امامي ».
487
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « سئل رسول الله ﷺ أي الأجلين قضى موسى؟ قال : أبعدهما وأطيبهما ».
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي ذر رضي الله عنه « أن النبي ﷺ أي الأجلين قضى موسى؟ قال : أبرهما وأوفاهما. قال : وإن سئلت أي المرأتين تزوج؟ فقل الصغرى منهما ».
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال « سئل رسول الله ﷺ أي الأجلين قضى موسى؟ قال : سوف أسأل جبريل، فسأل قال : سوف أسأل ميكائيل، فسأله قال : سوف أسأل إسرافيل، فسأله فقال : سوف أسأل الرب، فسأله فقال : أبرهما وأوفاهما ».
وأخرج ابن مردويه عن مقسم قال : لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقلت له : أي الأجلين قضى موسى. الأول أو الآخر؟ قال : الآخر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ والله على ما نقول وكيل ﴾ قال : على قول موسى وختنه.
488
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ فلما قضى موسى الأجل ﴾ قال : عشر سنين، ثم مكث بعد ذلك عشراً أخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي قال عبد الله بن عباس. لما قضى موسى الأجل سار بأهله فضل عن الطريق، وكان في الشتاء. ورفعت له نار، فلما رآها ظن أنها نار، وكانت من نور الله فقال لأهله ﴿ امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر ﴾ فإن لم أجد خبراً آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون من البرد.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ آنس ﴾ قال : أحس وفي قوله ﴿ إني آنست ناراً ﴾ قال : أحسست.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لعلي آتيكم منها بخبر ﴾ قال : لعلي أجد من يدلني على الطريق. وكانوا قد ضلوا الطريق.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ جذوة ﴾ قال : شهاب.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ جذوة ﴾ قال : أصل شجرة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ جذوة ﴾ قال : أصل شجرة في طرفها نار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال ﴿ الجذوة ﴾ عود من حطب فيه النار.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ « أو جذوة » بنصب الجيم.
وأخرج أبو عبيد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي المليح قال : أتيت ميمون بن مهران لأودعه عند خروجي في تجارة فقال : لا تيأس أن تصيب في وجهك هذا في أمر دينك أفضل مما ترجو أن تصيب في أمر دنياك، فإن صاحبة سبأ خرجت وليس شيء أحب إليها من ملكها، فأخرجها الله إلى ما هو خير من ذلك، فهداها إلى الإِسلام، وأن موسى عليه السلام خرج يريد أن يقتبس لأهله ناراً، فأخرجه الله إلى ما هو خير من ذلك : كلمه الله تعالى.
وأخرج الخطيب عن عائشة رضي الله عنها قالت : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس ناراً فرجع بالنبوّة.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ نودي من شاطئ الواد الأيمن ﴾ قال : كان النداء من السماء الدنيا.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ من شاطئ الواد الأيمن ﴾ قال : الأيمن عن يمين موسى عليه السلام عند الطور.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في الآية قال : كان النداء من أيمن الشجرة. والنداء من السماء. وذلك في التقديم والتأخير.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : نودي عن يمين الشجرة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ من الشجرة ﴾ قال : أخبرت أنها عوسجة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الكلبي ﴿ من الشجرة ﴾ قال : شجرة العوسج.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ذكرت لي الشجرة التي أوى إليها موسى عليه السلام، فسرت إليها يومي وليلتي حتى صبحتها، فإذا هي سمرة خضراء ترف، فصليت على النبي ﷺ فاهوى إليها بعيري وهو جائع، فأخذ منها ملء فيه فلاكه فلم يستطع أن يسيغه فلفظه، فصليت على النبي وسلمت، ثم انصرفت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نوف البكالي : أن موسى عليه السلام لما نودي من شاطئ الوادي الأيمن قال : ومن أنت الذي تنادي؟ قال : أنا ربك الأعلى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الثقفي قال : أتى موسى عليه السلام الشجرة ليلاً وهي خضراء والنار تتردد فيها، فذهب يتناول النار فمالت عنه، فذعر وفزع، فنودي من شاطئ الوادي الأيمن قال : عن يمين الشجرة فاستأنس بالصوت، فقال : أين أنت. أين أنت؟ قيل : الصوت.. أنا فوقك قال : ربي؟! قال : نعم.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ ولى مدبراً.. من الرهب ﴾ قال : هذا من تقديم القرآن.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ واضمم إليك جناحك ﴾ قال : يدك.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ واضمم إليك جناحك ﴾ قال : كفه تحت عضده ﴿ من الرهب ﴾ قال : من الفرق ﴿ فذانك برهانان ﴾ قال : العصا، واليد. وفي قوله ﴿ ردءاً ﴾ قال : عوناً وفي قوله ﴿ ونجعل لكما سلطاناً ﴾ قال : الحجة.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ولم يعقب ﴾ قال : لم يلتفت من الفرق وفي قوله ﴿ اسلك يدك في جيبك ﴾ قال : في جيب قميصك ﴿ تخرج بيضاء من غير سوء ﴾ قال : من غير برص ﴿ واضمم إليك جناحك من الرهب ﴾ قال : من الرعب ﴿ فذانك برهانان ﴾ قال : آيتان من ربك... ﴿ فأرسله معي ردءاً ﴾ قال : عوناً لي.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ﴿ من الرهب ﴾ مخففة مرفوعة الراء وقرأ « فذنك » مخففة.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن كثير وقيس أنهما كانا يقرآن ﴿ فذنك برهانان ﴾ مثقلة النون.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ردءاً يصدقني ﴾ كي يصدقني.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب نبأنا نافع بن أبي نعيم قال : سألت مسلم بن جندب رضي الله عنه عن قوله ﴿ ردءاً يصدقني ﴾ قال : الردء الزيادة أما سمعت قول الشاعر :
واسمر خطى كأن كعوبه نوى القصب قد اردى ذراعاً على عشر
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ سنشد عضدك بأخيك ﴾ قال : العضد : المعين الناصر قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول النابغة :
في ذمة من أبي قابوس منقذة للخائفين ومن ليست له عضد
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان موسى عليه السلام قد ملىء قلبه رعباً من فرعون، فكان إذا رآه قال : اللهم أدرأ بك في نحره، وأعوذ بك من شره، ففزع الله تعالى ما كان في قلب موسى وجعله في قلب فرعون، فكان إذا رآه بال كما يبول الحمار.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الضحاك رضي الله عنه قال : دعاء موسى حين توجه إلى فرعون، ودعاء النبي عليه السلام يوم حنين، ودعاء كل مكروب « كنت وتكون وأنت حي لا تموت، تنام العيون وتكدر النجوم وأنت حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، يا حي يا قيوم ».
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قال فرعون ﴿ يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري ﴾ قال جبريل عليه السلام : يا رب طغى عبدك فائذن لي في هلاكه قال : يا جبريل هو عبدي ولن يسبقني له أجل قد اجلته حتى يجيء ذلك الأجل. فلما قال ﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ [ النازعات : ٢٤ ] قال : يا جبريل قد سكنت روعتك. بغى عبدي وقد جاء أوان هلاكه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ « كلمتان قالهما فرعون ﴿ ما علمت لكم من إله غيري ﴾ وقوله ﴿ أنا ربكم الأعلى ﴾ قال : كان بينهما أربعون عاماً ﴿ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ﴾ [ النازعات : ٢٦ ] ».
أما قوله تعالى :﴿ فأوقد لي يا هامان ﴾ الآية.
أخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر قال : حدثنا أسد عن خالد بن عبد الله عن محدث حدثه قال : كان هامان نبطياً.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ فأوقد لي يا هامان على الطين ﴾ قال على المدر يكون لبناً مطبوخاً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : بلغني أن فرعون أول من طبخ الآجر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان فرعون أول من طبخ الآجر، وصنع له الصرح.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : فرعون أول من صنع الآجر وبنى به.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ فأوقد لي يا هامان على الطين ﴾ قال : أوقد على الطين حتى يكون آجراً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما بنوا له الصرح ارتقى فوقه، فأمر بنشابة فرمى بها نحو السماء، فردت إليه وهي متلطخة دماً فقال : قتلت إله موسى.
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فنبذناهم في اليم ﴾ قال : في البحر. بحر يقال له ساف من وراء مصر غرقهم الله فيه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ﴾ قال : جعلهم الله أئمة يدعون إلى المعاصي.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ﴾ لعنة أخرى، ثم استقبل فقال ﴿ هم من المقبوحين ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ﴾ قال : لعنوا في الدنيا والآخرة هو كقوله ﴿ وأتبعناهم في الدنيا لعنة ويوم القيامة ﴾.
أخرج البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « ما أهلك الله قوماً ولا قرناً ولا أمة، ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير القرية التي مسخت قردة. ألم تر إلى قوله تعالى ﴿ ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ﴾ وأخرجه البزار وابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سعيد موقوفاً ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ بصائر للناس ﴾ قال : بَيِّنَةٌ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : البصائر، الهدى. بصائر ما في قلوبهم لذنوبهم.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وما كنت بجانب الغربي ﴾ قال : جانب غربي الجبل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ وما كنت ثاوياً ﴾ قال : الثاوي، المقيم.
أخرج الفريابي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله ﴿ وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ﴾ قال : نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني، واستجبت لكم قبل أن تدعوني. وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال « إن رب العزة نادى يا أمة محمد إن رحمتي سبقت غضبي » ثم أنزل هذه الآية في سورة موسى وفرعون ﴿ وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ﴾.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وأبو نصر السجزي في الابانة والديلمي عن عمرو بن عبسة قال : سألت النبي ﷺ عن قوله ﴿ وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك ﴾ ما كان النداء؟ وما كانت الرحمة؟ قال « كتاب كتبه الله قبل أن يخلق خلقه بألفي عام، ثم وضعه على عرشه، ثم نادى : يا أمة محمد سبقت رحمتي غضبي، أعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني، فمن لقيني منكم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدي ورسولي صادقاً أدخلته الجنة ».
وأخرج الحلي في الديباج عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعاً، مثله.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن حذيفة قال : قال رسول الله ﷺ « من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني. وذلك في قوله ﴿ وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ﴾ قال : نودوا يا أمة محمد ما دعوتمونا إلا استجبنا لكم، ولا سألتمونا إلا أعطيناكم ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال « لما قرب الله موسى إلى طور سينا نجينا قال : أي رب هل أحد أكرم عليك مني؟ قربتني نجيا، وكلمتني تكليماً، قال : نعم. محمد أكرم علي منك. قال : فإن كان محمد أكرم عليك مني فهل أمة محمد أكرم من بني إسرائيل؟ فلقت لهم البحر، وأنجيتهم من فرعون وعمله، وأطعمتهم المن والسلوى. قال : نعم. أمة محمد أكرم علي من بني إسرائيل. قال : إلهي أرنيهم قال : إنك لن تراهم، وإن شئت أسمعتك صوتهم. قال : نعم. إلهي فنادى ربنا : أمة محمد أجيبوا ربكم، فاجابوا وهم في أصلاب آبائهم، وأرحام امهاتهم إلى يوم القيامة. فقالوا : لبيك... أنت ربنا حقاً، ونحن عبيدك حقاً، قال : صدقتم، وأنا ربكم وأنتم عبيدي حقاً قد غفرت لكم قبل أن تدعوني، وأعطيتكم قبل أن تسألوني، فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة. قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلما بعث الله محمداً ﷺ أراد أن يمن عليه بما اعطاه وبما أعطى امته فقال : يا محمد ﴿ وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ﴾ ».
496
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نصر السجزي في الابانة عن مقاتل ﴿ وما كنت بجانب الطور ﴾ يقول : وما كنت أنت يا محمد بجانب الطور إذ نادينا أمتك وهم في أصلاب آبائهم أن يؤمنوا بك إذا بعثت.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ﴾ قال : إذ نادينا موسى ﴿ ولكن رحمة من ربك ﴾ أي مما قصصنا عليك.
497
أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « » الهالك في الفترة يقول : رب لم يأتني كتاب ولا رسول. ثم قرأ هذه الآية ﴿ ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ﴾ «.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون ﴾ قال : هم أهل الكتاب. يقول بالكتابين التوراة والفرقان فقال الله ﴿ قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ﴾.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ﴾ قال : يهود تأمر قريشاً أن تسأل محمداً ﴿ مثل ما أوتي موسى... من قبل ﴾ يقول الله لمحمد : قل لقريش يقولون لهم ﴿ أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران تظاهرا ﴾ قال : قول يهود لموسى وهارون ﴿ وقالوا إنا بكل كافرون ﴾ قال : يهود تكفر أيضاً بما أوتي محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ﴾ قال : من قبل أن يبعث محمد ﷺ.
وأخرج الطبراني عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه كان يقرأ ﴿ قالوا ساحران تظاهرا ﴾.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ ﴿ قالوا ساحران تظاهرا ﴾ قال : موسى وهارون.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ »
ساحران تظاهرا « بالألف قال : يعني موسى ومحمداً عليهما السلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه كان يقرأ ﴿ سحران تظاهرا ﴾ قال : هما كتابان.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه ﴿ قالوا ساحران تظاهرا ﴾ يقول : التوراة والفرقان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه ﴿ قالوا ساحران تظاهرا ﴾ قال : التوراة والفرقان حين صدق كل واحد منهما صاحبه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري أنه كان يقرأ ﴿ سحران تظاهرا ﴾ يقول : كتابان التوراة والفرقان. ألا تراه يقول ﴿ فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : لو كان يريد النبي ﷺ لم يقل ﴿ فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه ﴾ إنما أراد الكتابين.
498
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي رزين رضي الله عنه أنه كان يقرأها ﴿ سحران تظاهرا ﴾ يقول : كتابان التوراة والإِنجيل.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ قالوا سحران تظاهرا ﴾ قال : ذلك اعداء الله اليهود للإِنجيل والقرآن قال : ومن قرأها « ساحران » يقول : محمد وعيسى.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الكريم أبي أمية قال : سمعت عكرمة يقول ﴿ سحران ﴾ فذكرت ذلك لمجاهد فقال : كذب العبد قرأتها على ابن عباس « ساحران » فلم يُعِبْ علي.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن مجاهد قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما وهو بين الركن والباب والملتزم وهو متكىء على يدي عكرمة فقلت : أسحران تظاهرا، أم ساحران؟ فقلت ذلك مراراً فقال عكرمة « ساحران تظاهرا » اذهب أيها الرجل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه ﴿ وقالوا إنا بكل كافرون ﴾ يقول : بالتوراة والقرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد ﴿ وقالوا إنا بكل كافرون ﴾ قال : الذي جاء به موسى، والذي جاء به عيسى.
499
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو القاسم البغوي في معجمه والباوردي وابن قانع الثلاثة في معاجم الصحابة والطبراني وابن مردويه بسند جيد عن رفاعة القرظي رضي الله عنه قال : نزلت ﴿ ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ﴾ إلى قوله ﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ﴾ في عشرة رهط : انا أحدهم.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ ولقد وصلنا لهم ﴾ قال : لقريش ﴿ القول ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه ﴿ ولقد وصلنا لهم القول ﴾ قال : بَيَّنا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ولقد وصلنا لهم القول ﴾ قال : وصل الله لهم القول في هذا القرآن يخبرهم كيف يصنع بمن مضى، وكيف صنعوا، وكيف هو صانع.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي رفاعة رضي الله عنه قال : خرج عشرة رهط من أهل الكتاب - منهم أبو رفاعة - إلى النبي ﷺ فآمنوا، فأوذوا، فنزلت ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ﴾.
وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر عن علي بن رفاعة رضي الله عنه قال : كان أبي من الذين آمنوا بالنبي ﷺ من أهل الكتاب، وكانوا عشرة، فلما جاؤوا جعل الناس يستهزئون بهم، ويضحكون منهم، فأنزل الله ﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ﴾.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ الذين آتيناهم الكتاب ﴾ إلى قوله ﴿ لا نبتغي الجاهلين ﴾ قال : في مسلمة أهل الكتاب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ﴾ قال : كنا نحدث أنها أنزلت في أناس من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق يأخذون بها، وينتهون إليها، حتى بعث الله محمداً ﷺ وصبرهم على ذلك قال : وذكر لنا أن منهم سلمان، وعبد الله بن سلام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ﴾ قال : يعني من آمن بمحمد ﷺ من أهل الكتاب.
وأخرج ابن مردويه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : تداولتني الموالي حتى وقعت بيثرب، فلما يكن في الأرض قوم أحب إلي من النصارى، ولا دين أحب إلي من النصرانية، لما رأيت من اجتهادهم، فبينا أنا كذلك إذ قالوا : قد بعث في العرب نبي، ثم قالوا : قدم المدينة فاتيته فجعلت أسأله عن النصارى قال : لا خير في النصارى، ولا أحب النصارى قال : فاخبرته أن صاحبي قال : لو أدركته فأمرني أن أقع النار لوقعتها قال : وكنت قد استهترت بحب النصارى، فحدثت نفسي بالهرب، وقد جرد رسول الله ﷺ السيف، فأتاني آتٍ فقال : إن رسول الله ﷺ يدعوك فقلت : اذهب حتى أجيء وأنا أحدث نفسي بالهرب قال لي : لن افارقك حتى أذهب بك إليه، فانطلقت به فلما رآني قال : يا سلمان قد أنزل الله عذرك ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ﴾.
500
وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : أنا رجل من أهل رام هرمز، كنا قوماً مجوساً، فأتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة، فنزل فينا واتخذ فينا ديراً، وكنت في كتاب في الفارسية، وكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروباً يبكي قد ضربه أبواه.
فقلت له يوماً : ما يبكيك؟ قال : يضربني أبواي قلت : ولم يضربانك؟ قال : آتي صاحب هذا الدير، فإذا علما ذلك ضرباني، وأنت لو أتيته سمعت منه حديثاً عجيباً قلت : فاذهب بي معك، فاتيناه فحدثنا عن بدء الخلق، وعن بدء مغلق السموات والأرض، وعن الجنة والنار. فحدثنا باحاديث عجب، وكنت أختلف إليه معه، ففطن لنا غلمان من الكتاب، فجعلوا يجيئون معنا.
فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه فقالوا : يا هذا إنك قد جاورتنا فلم نر من جوارك إلا الحسن، وإننا لنا غلماننا يختلفون إليك، ونحن نخاف أن تفسدهم علينا، أخرج عنا قال : نعم. فقال لذلك الغلام الذي كان يأتيه : اخرج معي. قال : لا أستطيع ذلك قد علمت شدة أبوي علي قلت : لكنني أخرج معك، وكنت يتيماً لا أب لي، فخرجت معه فأخذنا جبل رام هرمز، فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من ثمر الشجر حتى قدمنا الجزيرة، فقدمنا نصيبين فقال لي صاحبي : يا سلمان ان ههنا قوماً عباد الأرض، وأنا أحب أن ألقاهم.
فجئنا إليهم يوم الأحد وقد اجتمعوا، فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به وقالوا : أين كان غيبتك؟ قال : كنت في اخوان لي من قبل فارس، فتحدثنا ما تحدثنا ثم قال لي صاحبي : قم يا سلمان انطلق قلت : لا، دعني مع هؤلاء قال : إنك لا تطيق ما يطيق هؤلاء، يصومون الأحد إلى الأحد، ولا ينامون هذا الليل، فإذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الْمُلْكَ ودخل في العبادة، فكنت فيهم حتى أمسينا، فجعلوا يذهبون واحداً واحداً إلى غاره الذي يكون فيه، فلما أمسينا قال : ذاك الذي من أبناء الملوك هذا الغلام ما تصنعونه؟ ليأخذه رجل منكم فقالوا : خذه أنت.
فقال لي : قم يا سلمان فذهب بي حتى أتى غاره الذي يكون فيه فقال لي : يا سلمان هذا خبز، وهذا أدم، فكل إذ غرثت، وصم إذا نشطت، وصَلِ ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم قام في صلاته فلم يكلمني ولم ينظر الي، فأخذني الغم تلك السبعة الأيام لا يكلمني أحد، حتى كان الأحد فانصرف إلي، فذهبت إلى مكانهم الذي كانوا يجتمعون، وهم يجتمعون كل أحد يفطرون فيه، فيلقى بعضهم بعضاً، فيسلم بعضهم على بعض، ثم لا يلتقون إلى مثله.
1
فرجعت إلى منزلنا فقال لي : مثل ما قال لي أول مرة : هذا خبز وهذا أدم فكل منه إذا غرثت، وصم إذا نشطت، وصلِّ ما بدا لك، ونم إذا كسلت، ثم دخل في صلاته فلم يلتفت إلي ولم يكلمني إلى الأحد الآخر، فاخذني غم، وحدثت نفسي بالفرار، فقلت : اصبر أحدين أو ثلاثة، فلما كان الأحد رجعنا إليهم، فافطروا واجتمعوا فقال لهم : إني أريد بيت المقدس. فقالوا له : وما تريد إلى ذاك؟ قال : لا عهد به قالوا : إنا نخاف أن يحدث بك حدث فيليك غيرنا، وكنا نحب أن نليك قال : لا عهد به.
فلما سمعته يذكر ذاك فرحت قلت : نسافر ونلقى الناس فيذهب عني الغم الذي كنت أجد، فخرجت أنا وهو وكان يصوم من الأحد إلى الأحد، ويصلي الليل كله، ويمشي بالنهار، فإذا نزلنا قام يصلي. فلم يزل ذاك دأبه حتى نزلنا بيت المقدس، وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس فقال : اعطني. فقال : ما معي شيء، فدخلنا بيت المقدس، فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا به واستبشروا به فقال لهم : غلامي هذا فاستوصوا به، فانطلقوا بي فاطعموني خبزاً ولحماً، ودخل في الصلاة فلم ينصرف إلي حتى كان يوم الأحد الآخر، ثم انصرف فقال لي : يا سلمان إني أريد أن أضع رأسي، فإذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فايقظني. فبلغ الظل الذي قال فلم أوقظه رحمة له مما رأيت من اجتهاده ونصبه، فاستيقظ مذعوراً فقال : يا سلمان ألم أكن قلت لك إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني؟ قلت : بلى. ولكن إنما منعني رحمة لك لما رأيت من دأبك قال : ويحك يا سلمان.. ! إني أكره أن يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيراً.
ثم قال لي : يا سلمان اعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية. قلت : ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية؟ كلمة ألقيت على لساني. قال : نعم. يوشك أن يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، وبين كتفيه خاتم النبوة، فإذا أدركته فاتبعه وصدقه قلت : وإن أمرني أن أدع النصرانية؟ قال : نعم. فإنه نبي الله لا يأمر إلا بالحق، ولا يقول إلا حقاً، والله لو أدركته ثم أمرني أن أقع في النار لوقعتها.
ثم خرجنا من بيت المقدس، فمررنا على ذلك المقعد فقال له : دخلت فلم تعطني وهذا تخرج فاعطني.
2
فالتفت فلم ير حوله أحداً قال : فاعطني يدك، فأخذ بيده فقال : قم باذن الله. فقام صحيحاً سوياً، فتوجه نحو أهله، فاتبعته بصري تعجباً مما رأيت، وخرج صاحبي فأسرع المشي، وتبعته فتلقاني رفقة من كلب اعراب، فسبوني فحملوني على بعير، وشدوني وثاقاً فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة، فاشتراني رجل من الأنصار، فجعلني في حائط له من نخل، فكنت فيه ومن ثم تعلمت الخوص، أشتري خوصاً بدرهم فاعلمه فابيعه بدرهمين، فأرد درهماً إلى الخوص واستنفق درهماً أحب أن آكل من عمل يدي، « فبلغنا ونحن بالمدينة أن رجلاً خرج بمكة يزعم أن الله أرسله، فمكثنا ما شاء الله أن نمكث، فهاجر إلينا وقدم علينا فقلت : والله لأجربنه فذهبت إلى السوق، فاشتريت لحم جزور ثم طحنته، فجعلت قصعة من ثريد، فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه فقال : ما هذه.. أصدقة أم هدية؟قلت : بل صدقة فقال لأصحابه : كلوا بسم الله. وأمسك ولم يأكل، فمكثت أيام، ثم اشتريت لحماً أيضاً بدرهم، فاصنع مثلها فاحتملتها حتى أتيته بها، فوضعتها بين يديه فقال : ما هذه... صدقة أم هدية؟ فقلت : بل هدية. فقال لأصحابه : كلوا بسم الله وأكل معهم. قلت : هذا - والله - يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، فرأيت بين كتفيه خاتم النبوّة مثل بيضة الحمامة، فاسلمت.
فقلت له ذات يوم : يا رسول الله أي قوم النصارى؟ قال : لا خير فيهم ولا فيمن يحبهم قلت في نفسي : أنا - والله - أحبهم. قال : وذاك حين بعث السرايا وجرد السيف. فسرية تخرج وسرية تدخل والسيف يقطر قلت : يحدث بي الآن أني أحبهم، فيبعث إلي فيضرب عنقي، فقعدت في البيت فجاءني الرسول ذات يوم فقال : يا سلمان أجب رسول الله قلت : هذا - والله - الذي كنت أحذر قلت : نعم. اذهب حتى ألحقك قال : لا والله حتى تجيء، وأنا أحدث نفسي أن لو ذهب فأفر.
فانطلق بي حتى انتهيت إليه، فلما رآني تبسم وقال لي : يا سلمان ابشر فقد فرج الله عنك، ثم تلا على هؤلاء الآيات ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ﴾ إلى قوله ﴿ لا نبتغي الجاهلين ﴾ قلت : يا رسول الله - والذي بعثك بالحق - سمعته يقول : لو أدركته فأمرني أن أقع في النار لوقعتها، إنه نبي لا يقول إلا حقاً، ولا يأمر إلا بالحق »
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ﴾ قال :« نزلت في عبد الله بن سلام لما أسلم أحب أن يخبر النبي ﷺ بعظمته في اليهود، ومنزلته فيهم، وقد ستر بينه وبينهم ستراً فكلمهم ودعاهم فأبوا فقال : أخبروني عن عبد الله بن سلام كيف هو فيكم؟ قالوا : ذاك سيدنا وأعلمنا قال : أرأيتم إن آمن بي وصدقني أتؤمنون بي وتصدقوني؟ قالوا : لا يفعل ذاك. هو أفقه فينا من أن يدع دينه ويتبعك، قال أرأيتم إن فعل؟ قالوا : لا يفعل قال : أرأيتم إن فعل؟ قالوا إذاً نفعل.. قال : أخرج يا عبد الله بن سلام فخرج فقال : أبسط يدك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فبايعه، فوقعوا به وشتموه وقالوا : والله ما فينا أحد أقل علماً منه، ولا أجهل بكتاب الله منه قال : ألم تثنوا عليه آنفاً؟ قالوا : انا استحينا أن تقول اغتبتم صاحبكم من خلفه. فجعلوه يشتمونه فقام إليه أمين بن يامين فقال : أشهد أن عبد الله بن سلام صادق، فابسط يدك فبايعه، فأنزل الله فيهم ﴿ الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون، وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ﴾ يعني إبراهيم واسمعيل وموسى وعيسى وتلك الأمم وكانوا على دين محمد ﷺ ».
3
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنيس رضي الله عنه في قوله ﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ﴾ قال : هؤلاء قوم كانوا في زمان الفترة متمسكين بالإِسلام، مقيمين عليه، صابرين على ما أوذوا، حتى أدرك رجال منهم النبي ﷺ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما أتى جعفر وأصحابه النجاشي أنزلهم، واحسن إليهم، فلما أرادوا أن يرجعوا قال من آمن من أهل مملكته : ائذن لنا فلنصحب هؤلاء في البحر، ونأتي هذا النبي فنحدث به عهداً، فانطلقوا فقدموا على رسول الله ﷺ، فشهدوا معه أحداً وخيبر ولم يصب أحد منهم فقالوا للنبي ﷺ : ائذن لنا فلنأت أرضنا فإن لنا أموالاً فنجيء بها فننفقها على المهاجرين، فانا نرى بهم جهداً، فأذن لهم فانطلقوا، فجاؤوا بأموالهم فانفقوها على المهاجرين، فأنزلت فيهم الآية ﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون ﴾.
وأخرج ابن ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن قوماً من المشركين أسلموا فكانوا يؤذونهم، فنزلت هذه الآية فيهم ﴿ أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه... ﴾ قال : أناس من أهل الكتاب أسلموا فكان أناس من اليهود إذا مروا عليهم سبوهم، فأنزل الله هذه الآية فيهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ﴾ قال : لا يجاورون أهل الجهل والباطل في باطلهم، أتاهم من الله ما وقذهم عن ذلك.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بالكتاب الأول والكتاب الآخر. ورجل كانت له أمة فأدبها وأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها. وعبد مملوك أحسن عبادة ربه، ونصح لسيده ».
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين ».
4
أخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه النبي ﷺ فقال » يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله يوم القيامة «. فقال : لولا أن تعيرني قريش يقولون : ما حمله عليها إلا جزعه من الموت لأقررت بها عينك فأنزل الله عليك ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ﴾ ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن ابن المسيب نحوه، وتقدم في سورة براءة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ قال : نزلت هذه الآية في أبي طالب.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود في القدر والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد بن رافع قال : قلت لابن عمر ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ أفي أبي طالب نزلت؟ قال : نعم.
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد بن رافع قال : سألت ابن عمر رضي الله عنهما ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ أفي أبي جهل وأبي طالب؟ قال : نعم.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ قال :« قال النبي ﷺ لأبي طالب : قل كلمة الاخلاص أجادل عنك بها يوم القيامة قال : يا ابن أخي ملة الأشياخ ﴿ وهو أعلم بالمهتدين ﴾ قال : ممن قدر الهدى والضلالة ».
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ قال :« ذكر لنا أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله ﷺ قال : التمس منه عند موته أن يقول لا إله إلا الله كيما تحل له الشفاعة، فأبى عليه ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ يعني أبا طالب ﴿ ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ قال : العباس.
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري في الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ قال : نزلت في أبي طالب. ألح عليه النبي ﷺ أن يسلم فأبى. فأنزل الله ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ أي لا تقدر تلزمه الهدى وهو كاره له إنما أنت نذير ﴿ ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ للايمان.
5
وأخرج أيضاً من طريق عبد القدوس عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ قال :« نزلت في أبي طالب عند موته، والنبي ﷺ عند رأسه وهو يقول : يا عم قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة. قال أبو طالب : لا. يعيرني نساء قريش بعدي إني جزعت عند موتي، فأنزل الله ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ يعني لا تقدر أن تلزمه الهدى وهو يهوى الشرك، ولا تقدر تدخله الإِسلام كرهاً حتى يهواه ﴿ ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ أن يقهره على الهدى كرهاً لفعل وليس بفاعل حتى يكون ذلك منه. فاخبر الله بقدرته وهو كقوله ﴿ لعلك باخع نفسك أَلاَّ يكونوا مؤمنين، إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ﴾ [ الشعراء : ٣-٤ ] فأخبر بقدرته أنه لا يعجزه شيء ».
وأخرج العقيلي وابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر وابن النجار عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « بعثت داعياً ومبلغاً وليس الي من الهدى شيء، وخلق إبليس مزيناً ومبلغاً وليس إليه من الضلالة شيء ».
6
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن ناساً من قريش قالوا للنبي ﷺ : إن نتبعك يتخطفنا الناس، فأنزل الله تعالى ﴿ وقالوا إن نتبع الهدى معك... ﴾ الآية.
وأخرج النسائي وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن الحارث بن عامر بن نوفل الذي قال :﴿ إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ أو لم نمكن لهم حرماً آمنا ﴾ قال : كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا فإذا خرج أحدهم قال : إنا من أهل الحرم لم يعرض له أحد، وكان غيرهم من الناس إذا خرج أحدهم قتل وسلب.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ أو لم نمكن لهم حرماً آمناً ﴾ قال : أو لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزون فيه، ولا يخافون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ نتخطف ﴾ قال : كان بعضهم يغير على بعض.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ يجبى إليه ثمرات كل شيء ﴾ قال : ثمرات الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه ﴿ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً ﴾ قال : في أوائلها.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً ﴾ قال : أم القرى : مكة. بعث الله إليهم رسولاً محمداً ﷺ.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ﴾ قال : قال الله لم نهلك قرية بايمان، ولكنه أهلك القرى بظلم إذا ظلم أهلها، ولو كانت مكة آمنوا لم يهلكوا مع من هلك، ولكنهم كذبوا وظلموا فبذلك هلكوا.
أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ﴾ قال : نزلت في النبي ﷺ وفي أبي جهل.
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ أفمن وعدناه... ﴾ الآية. قال : نزلت في حمزة. وأبي جهل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه ﴾ قال : حمزة بن عبد المطلب ﴿ كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ﴾ قال : أبو جهل بن هشام.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه ﴾ قال : هو المؤمن. سمع كتاب الله فصدق به، وآمن بما وعد فيه من الخير والجنة ﴿ كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ﴾ قال : هو الكافر. ليس كالمؤمن ﴿ ثم هو يوم القيامة من المحضرين ﴾ قال : من المحضرين في عذاب الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ﴿ أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيها ﴾.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ من المحضرين ﴾ قال : أهل النار أحضروها.
وأخرج البخاري في تاريخه عن عطاء بن السائب قال : كان ميمون بن مهران إذا قدم ينزل على سالم البراد، فقدم قدمة فلم يلقه فقالت له امرأته : إن أخاك قرأ ﴿ أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه ﴾ قالت : فشغل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من استطاع منكم أن يضع كنزه حيث لا يأكله السوس فليفعل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه قال : مكتوب في التوراة : ابن آدم ضع كنزك عندي فلا غرق، ولا حرق، أدفعه إليك أفقر ما تكون إليه يوم القيامة.
وأخرج مسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :« يقول الله تعالى يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، فيقول : رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ فيقول : أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، فأما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده، ويقول : يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، فيقول : رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ فيقول تبارك وتعالى : أما علمت أن عبدي فلاناً استسقاك فلم تسقه، أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي. قال : ويقول : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني : فيقول : أي رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ فيقول : أما علمت أن عبدي فلاناً استطعمك فلم تطعمه، أما أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ».
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال :« يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا، وأعطش ما كانوا، وأعرى ما كانوا، فمن أطعم لله تعالى أطعمه الله، ومن كسا لله تعالىّ كساه الله، ومن سقى لله تعالىّ سقاه الله، ومن كان في رضا الله كان الله على رضاه أقدر ».
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ﴾ قال : هؤلاء بنو آدم ﴿ قال الذين حق عليهم القول ﴾ قال : هم الجن ﴿ ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم... ﴾ الآية. وقيل لبني آدم ﴿ ادعو شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ﴾ ولم يردوا عليهم خيراً.
أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« ما من أحد إلا سيخلو الله به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي، يا ابن آدم ماذا عملت فيما عملت؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟ ».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فعميت عليهم الأنباء ﴾ قال : الحجج ﴿ يومئذ فهم لا يتساءلون ﴾ قال : بالأنساب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أرطاة قال : ذكرت لأبي عون الحمصي شيئاً من قول القدر فقال : ما تقرأون كتاب الله تعالى ﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ﴾ ؟.
وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمر كما يعلمنا السورة من القرآن. يقول :« إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، وعاجل أمري وآجله، فاقدره لي، ويسره لي. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، وعاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، وأرضني به. ويسمى حاجته باسمها ».
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إن جعل الله عليكم الليل سرمداً ﴾ قال : دائماً.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ سرمداً ﴾ قال : دائماً لا ينقطع.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ سرمداً إلى يوم القيامة ﴾ قال : دائماً ﴿ من إله غير الله يأتيكم بضياء ﴾ قال. بنهار.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ ومن رحمته جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ﴾ قال : في الليل ﴿ ولتبتغوا من فضله ﴾ قال : في النهار.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ونزعنا من كل أمة شهيداً ﴾ قال : رسولاً ﴿ فقلنا هاتوا برهانكم ﴾ قال : هاتوا حجتكم بما كنتم تعبدون وتقولون.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ونزعنا من كل أمة شهيداً ﴾ قال : شهيدها : نبيها. ليشهد عليها أنه قد بلغ رسالات ربه ﴿ فقلنا هاتوا برهانكم ﴾ قال : بَيّنَتَكُمْ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وضلّ عنهم ﴾ في القيامة ﴿ ما كانوا يفترون ﴾ يكذبون في الدنيا.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ إن قارون كان من قوم موسى ﴾ قال : كان ابن عمه، وكان يبتغي العلم حتى جمع علماً، فلم يزل في أمره ذلك حتى بغى على موسى وحسده. فقال له موسى عليه السلام : إن الله أمرني أن آخذ الزكاة، فأبى فقال : إن موسى عليه السلام يريد أن يأكل أموالكم. جاءكم بالصلاة، وجاءكم بأشياء فاحتملتموها، فتحملوه أن تعطوه أموالكم؟ قالوا : لا نحتمل فما ترى فقال لهم : أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، فنرسلها إليه فترميه بأنه أرادها على نفسها.
فارسلوا إليها فقالوا لها : نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنه فجر بك. قالت : نعم. فجاء قارون إلى موسى عليه السلام قال : اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربك قال : نعم. فجمعهم فقالوا له : بم أمرك ربك؟ قال : أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وأن تصلوا الرحم، وكذا وكذا، وقد أمرني في الزاني إذا زنى وقد أحصن أن يرجم. قالوا : وإن كنت أنت قال : نعم. قالوا : فإنك قد زنيت قال : أنا. فأرسلوا إلى المرأة، فجاءت فقالوا : ما تشهدين على موسى؟ فقال لها موسى عليه السلام : أنشدك بالله إلا ما صدقت قالت : أما إذ نشدتني بالله فإنهم دعوني وجعلوا لي جعلاً على أن أقذفك بنفسي، وأنا أشهد أنك بريء، وأنك رسول الله، فخر موسى عليه السلام ساجداً يبكي، فأوحى الله إليه : ما يبكيك؟ قد سلطناك على الأرض، فمرها فتطيعك.
فرفع رأسه فقال : خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم، فجعلوا يقولون : يا موسى... يا موسى... فقال : خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم، فجعلوا يقولون : يا موسى... يا موسى... فقال : خذيهم فغيبتهم فأوحى الله يا موسى : سألك عبادي وتضرعوا إليك فلم تجبهم، وعزتي لو أنهم دعوني لأجبتهم. قال ابن عباس : وذلك قوله تعالى ﴿ فخسفنا به وبداره الأرض ﴾ وخسف به إلى الأرض السفلى.
وأخرج الفريابي عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كان قارون ابن عم موسى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ إن قارون كان من قوم موسى ﴾ قال : كان ابن عمه أخي أبي قارون بن مصر بن فاهث أو قاهث، وموسى بن عرمرم بن فاهث أو قاهث، وعرمرم بالعربية عمران.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله قال : كان قارون ابن عم موسى أخي أبيه، وكان قطع البحر مع بني إسرائيل، وكان يسمى النور من حسن صوته بالتوراة، ولكن عدوّ الله نافق كما نافق السامري، فأهلكه الله ببغيه.
13
وإنما بغى لكثرة ماله وولده.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ﴿ فبغى عليهم ﴾ قال : فعلا عليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله ﴿ إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم ﴾ قال : زاد عليهم في طول ثيابه شبراً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله ﴿ وآتيناه من الكنوز ﴾ قال : أصاب كنزاً من كنوز يوسف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الوليد بن زوران رضي الله عنه في قوله ﴿ وآتيناه من الكنوز ﴾ قال : كان قارون يعلم الكيمياء.
وأخرج ابن مردويه عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « كانت أرض دار قارون من فضة، وأساسها من ذهب ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن خيثمة رضي الله عنه قال : وجدت في الإِنجيل أن مفاتيح خزائن قارون كانت وقر ستين بغلاً غراً محجلةً، ما يزيد منها مفتاح على أصبع، لكل مفتاح كنز.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن خيثمة رضي الله عنه قال : كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود كل مفتاح على خزانة على حدة، فإذا ركب حملت المفاتيح على سبعين بغلاً أغر محجلاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : كانت المفاتيح من جلود الإِبل.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لتنوء بالعصبة ﴾ يقول : لا يرفعها العصبة من الرجال ﴿ أولي القوّة ﴾.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ لتنوء بالعصبة ﴾ قال : لتثقل قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول امرىء القيس إذ يقول :
تمشي فتثقلها عجيزتها مشي الضعيف ينوء بالوسق
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال ﴿ العصبة ﴾ ما بين العشرة إلى الخمسة عشر ﴿ أولوا القوّة ﴾ خمسة عشر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي قال ﴿ العصبة ﴾ ما بين الخمس عشرة إلى الأربعين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ﴿ العصبة ﴾ أربعون رجلاً.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : كنا نحدث أن ﴿ العصبة ﴾ ما فوق العشرة إلى الأربعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح مولى أم هانىء قال ﴿ العصبة ﴾ سبعون رجلاً. قال : وكانت خزانته تُحْمَلُ على أربعين بغلاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ إذ قال له قومه لا تفرح ﴾ قال : هم المؤمنون منهم قالوا : يا قارون لا تفرح بما أوليت فتبطر.
14
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إن الله لا يحب الفرحين ﴾ قال : المرحين، الأشرين، البطرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم.
وأخرج الحاكم وصححه والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الشعب والخرائطي في اعتلال القلوب عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إن الله يحب كل قلب حزين ».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان وقال : هذا متن منكر، عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « زُرِ القبور تَذْكُر بها الآخرة، واغسل الموتى فإن معالجة جسد خاو موعظة بليغة، وصل على الجنائز لعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل الله يوم القيامة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إن الله لا يحب الفرحين ﴾ قال : الفرح هنا البغي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ إن الله لا يحب الفرحين ﴾ قال : إن الله لا يحب الفرح بطراً ﴿ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ﴾ قال : تصدق، وقرب الله تعالى، وصل الرحم.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إن الله لا يحب الفرحين ﴾ قال : المرحين. وفي قوله ﴿ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ﴾ يقول : لا تترك أن تعمل لله في الدنيا.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ و لا تنس نصيبك من الدنيا ﴾ قال : أن تعمل فيها لآخرتك.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا تنس نصيبك من الدنيا ﴾ قال : العمل بطاعة الله نصيبه من الدنيا الذي يثاب عليه في الآخرة.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ ولا تنس نصيبك ﴾ قال : قدم الفضل، وأمسك ما يبلغك - وفي لفظ - قال : امسك قوت سنة، وتصدق بما بقي.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ولا تنس نصيبك من الدنيا ﴾ قال : أن تأخذ من الدنيا ما أحل الله لك، فإن لك فيه غنى وكفاية.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن منصور رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا تنس نصيبك من الدنيا ﴾ قال : ليس هو عرض من عرض الدنيا، ولكن هو نصيبك عمرك أن تقدم فيه لآخرتك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ قال إنما أوتيته على علم عندي ﴾ يقول على خير عندي، وعلم عندي.
15
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ إنما أوتيته على علم عندي ﴾ يقول : علم الله أني أهل لذلك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ﴾ قال : المشركون. لا يسألون عن ذنوبهم، ولا يحاسبون لدخول النار بغير حساب.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون ﴾ قال : كقوله ﴿ يعرف المجرمون بسيماهم ﴾ [ الرحمن : ٤١ ] سود الوجوه، زرق العيون، الملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال : خرج على براذين بيض، عليها سرج من أرجوان، وعليها ثياب معصفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال : في ثوبين أحمرين.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الزبير رضي الله عنه قال : خرج قارون على قومه في ثوبين أحمرين بغير عصفر كالقرمز.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه في قوله ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال : في ثياب صفر وحمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال : خرج في سبعين ألفاً عليهم المعصفرات، وكان ذلك أول يوم في الأرض رؤيت المعصفرات فيها.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال : في حشمه. وذكر لنا أنهم خرجوا على أربعة الاف دابة، عليهم ثياب حمر، منها ألف بغلة بيضاء وعلى دوابهم قطائف الأرجوان.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال : خرج على بغلة شهباء عليها الأرجوان، وعليها ثلاثمائة جارية، على بغال شهب عليهن ثياب حمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال : خرج في جوار بيض، على سروج من ذهب، على قطف أرجوان، وهن على بغال بيض، عليهن ثياب حمر، وحلى ذهب.
وأخرج ابن مردويه عن أوس بن أوس الثقفي « عن النبي ﷺ ﴿ فخرج على قومه في زينته ﴾ قال » في أربعة آلاف بغل يعني عليه البزيون « ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة بن أبي لبابة رضي الله عنه قال : أول من صبغ بالسواد قارون.
16
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ قال الذين يريدون الحياة الدنيا ﴾ قال : أناس من أهل التوحيد قالوا :﴿ يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون ﴾ وفي قوله ﴿ ولا يلقاها إلا الصابرون ﴾ يعني لا يلقى ثواب الله، والصواب من القول.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ إنه لذو حظ عظيم ﴾ قال : ذو جد.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه؛ وهو ابن نوفل الهاشمي قال : بلغنا أن قارون أوتي من الكنوز والمال حتى جعل باب داره من ذهب، وجعل داره كلها من صفائح الذهب، وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون إليه ويروحون، يطعمهم الطعام ويتحدثون عنده، وكان مؤذياً لموسى ﷺ، فلم تدعه القسوة والهوى حتى أرسل إلى امرأة من بني إسرائيل مذكورة بالجمال كانت تذكر بريبة فقال لها : هل لك أن أموّلك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من إسرائيل عندي فتقولين : يا قارون ألا تنهي موسى عني؟ فقالت : بلى. فلمّا جاء أصحابه واجتمعوا عنده، دعا بها فقامت على رؤوسهم، فقلب الله قلبها ورزقها التوبة فقالت : ما أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله، وأبرىء رسول الله عليه السلام فقالت : إن قارون بعث إلي فقال : هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي، وتقولين : يا قارون ألا تنهي موسى عني، فإني لم أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله، وأبرىء رسول الله ﷺ، فنكس قارون رأسه وعرف أنه قد هلك.
وفشا الحديث في الناس حتى بلغ موسى عليه السلام، وكان موسى عليه السلام شديد الغضب. فلما بلغه توضأ، ثم صلى وسجد وبكى وقال : يا رب... عدوك قارون كان لي مؤذياً، فذكر أشياء ثم لم ينهاه حتى أراد فضيحتي. يا رب سلطني عليه. فأوحى الله إليه : أن مر الأرض بما شئت تطعك. فجاء موسى إلى قارون، فلما رآه قارون عرف الغضب في وجهه فقال : يا موسى ارحمني فقال موسى عليه السلام : يا أرض خذيهم، فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه حتى تغيبت أقدامهم، وساخت دارهم على قدر ذلك فقال قارون : يا موسى ارحمني فقال : يا أرض خذيهم، فخسف به وبداره وبأصحابه، فلما خسف به قيل له :« يا موسى ما أفظك أما وعزتي لو إياي دعا لرحمته » وقال أبو عمران الجوني : فقيل لموسى : لا أعبد في الأرض بعدك أحداً.
وأخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ فخسفنا به وبداره الأرض ﴾ قال : خسف به إلى الأرض السفلى.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن أبي ميمون عن سمرة بن جندب قال : يخسف بقارون وقومه في كل يوم قدر قامة، فلا يبلغ الأرض السفلى إلى يوم القيامة.
17
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أنه يخسف به كل يوم قامة، وأنه يتجلجل فيها لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه، مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : إن الله أمر الأرض أن تطيعه ساعة.
وأخرج عبد بن حميد عن مالك بن دينار رضي الله عنه : أن قارون يخسف به كل يوم قامة.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما خسف بقارون فهو يذهب وموسى قريب منه قال : يا موسى ادع ربك يرحمني. فلم يجبه موسى حتى ذهب. فأوحى الله إليه « استغاث بك فلم تغثه، وعزتي وجلالي لو قال : يا رب لرحمته ».
وأخرج أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله القاري عامل عمر بن عبد العزيز على ديوان فلسطين أنه بلغه : أن الله تعالى أمر الأرض أن تطيع موسى عليه السلام في قارون، فلما لقيه موسى قال للأرض : أطيعيني فأخذته إلى الركبتين، ثم قال : أطيعيني فوارته في جوفها، فأوحى الله إليه « يا موسى ما أشد قلبك، وعزتي وجلالي لو بي استغاث لأغثته » قال : رب غضباً لك فعلت.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ﴾ قال : ما كانت عنده منعة يمتنع بها من الله تعالى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ﴿ ويكأن الله ﴾ يقول : أو لا يعلم ﴿ أن الله يبسط الرزق ﴾ وفي قوله ﴿ ويكأنه لا يفلح الكافرون ﴾ يقول : أو لا يعلم ﴿ أنه لا يفلح الكافرون ﴾ والله أعلم.
18
أخرج المحاملي والديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه « عن رسول الله ﷺ في قوله ﴿ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ﴾ قال : التجبر في الأرض، والأخذ بغير الحق ».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسلم البطين رضي الله عنه في قوله ﴿ للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ﴾ قال : العلو التكبر في الأرض بغير الحق. والفساد الأخذ بغير الحق.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ لا يريدون علواً في الأرض ﴾ قال : بغيا.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ للذين لا يريدون علواً في الأرض ﴾ قال : تعظماً وتجبراً ﴿ ولا فساداً ﴾ قال : بالمعاصي.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ تلك الدار الآخرة... ﴾ قال : نجعل الدار الآخرة ﴿ للذين لا يريدون علواً في الأرض ﴾ قال : التكبر وطلب الشرف والمنزلة عند سلاطينها وملوكها ﴿ ولا فساداً ﴾ قال : لا يعملون بمعاصي الله، ولا يأخذون المال بغير حقه ﴿ والعاقبة للمتقين ﴾ قال : الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ لا يريدون علواً في الأرض ﴾ قال : الشرف والعز عند ذوي سلطانهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي معاوية الأسود في قوله ﴿ لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ﴾ قال : لم ينازعوا أهلها في عزها، ولا يجزعوا من ذلها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن الرجل ليحب أن يكون شسع نعله أفضل من شسع نعل صاحبه، فيدخل في هذه الآية ﴿ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ﴾.
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو وال، يرشد الضال، ويعين الضعيف، ويمر بالبقال والبيع فيفتح عليه القرآن، ويقرأ ﴿ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ﴾ ويقول : نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع، في الولاة وأهل القدرة من سائر الناس.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال :« لما دخل على النبي ﷺ ألقى إليه وسادة فجلس على الأرض فقال : أشهد أنك لا تبغي علواً في الأرض ولا فساداً فأسلم ».
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : لما خرج النبي ﷺ من مكة فبلغ الجحفة، اشتاق إلى مكة، فأنزل الله ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ﴾ إلى مكة.
وأخرج ابن مردويه عن علي بن الحسين بن واقد رضي الله عنه قال : كل القرآن مكي أو مدني غير قوله ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ﴾ فإنها أنزلت على رسول الله ﷺ بالجحفة حين خرج مهاجراً إلى المدينة. فلا هي مكية ولا مدنية، وكل آية نزلت على رسول الله ﷺ قبل الهجرة فهي مكية. فنزلت بمكة أو بغيرها من البلدان، وكل آية نزلت بالمدينة بعد الهجرة فإنها مدنية. نزلت بالمدينة أو بغيرها من البلدان.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إلى مكة. زاد ابن مردويه ﴿ كما أخرجك منها ﴾.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إلى مولدك؛ إلى مكة.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه، مثله.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : الموت.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : الموت.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وأبو يعلى وابن جرير عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إلى يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه، مثله.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ﴾ قال : يحييك يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إن له معاداً يبعثه الله يوم القيامة، ثم يدخله الجنة.
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن علي رضي الله عنه عن النبي ﷺ ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : معاده الجنة، وفي لفظ « معاده » آخرته.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إلى معدنك من الجنة.
20
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس ﴿ إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ﴾ قال : لرادك إلى الجنة، ثم سائلك عن القرآن.
وأخرج الفريابي عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إلى الجنة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : هذه مما كان يكتم ابن عباس رضي الله عنهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن نعيم القاري رضي الله عنه ﴿ لرادك إلى معاد ﴾ قال : إلى بيت المقدس.
21
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : لما نزلت ﴿ كل من عليها فان ﴾ [ الرحمن : ٢٦ ] قالت الملائكة : هلك أهل الأرض، فلما نزلت ﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾ [ آل عمران : ١٨ ] قالت الملائكة : هلك كل نفس، فلما نزلت ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ قالت الملائكة : هلك أهل السماء وأهل الأرض.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾ قال : لما نزلت قيل : يا رسول الله فما بال الملائكة؟ فنزلت ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ فبين في هذه الآية فناء الملائكة والثقلين من الجن والانس وسائر عالم الله، وبريته من الطير والوحش والسباع والأنعام، وكل ذي روح أنه هالك ميت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ يعني الحيوان خاصة من أهل السموات والملائكة ومن في الأرض وجميع الحيوان، ثم تهلك السماء والأرض بعد ذلك، ولا تهلك الجنة والنار وما فيهما، ولا العرش، ولا الكرسي.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ إلا ما يريد به وجهه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ قال : إلا ما أريد به وجهه.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن سفيان قال ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ قال : إلا ما أريد به وجهه من الأعمال الصالحة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر عن ابن عمر رضي الله عنهما. أنه كان إذا أراد أن يتعاهد قلبه، يأتي الخربة يقف على بابها فينادي بصوت حزين : أين أهلك؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾.
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال : لما مات موسى بن عمران ﷺ جالت الملائكة عليهم السلام في السموات يقولون : مات موسى عليه السلام فأي نفس لا تموت!
Icon