تفسير سورة القصص

تفسير ابن عباس
تفسير سورة سورة القصص من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس المعروف بـتفسير ابن عباس .
لمؤلفه الفيروزآبادي . المتوفي سنة 817 هـ

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿طسم﴾ ط طوله وَقدرته وسين سناؤه ورفعته وَمِيم ملكه وَيُقَال قسم أقسم بِهِ
﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكتاب الْمُبين﴾ إِن هَذِه السُّورَة آيَات الْقُرْآن الْمُبين بالحلال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي
﴿نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ﴾ بِالْقُرْآنِ ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يصدقون بك وَبِالْقُرْآنِ
﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ﴾ خَالف وتجبر وَكفر ﴿فِي الأَرْض﴾ أَرض مصر ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً﴾ فرقا فرقا ﴿يَسْتَضْعِفُ﴾ يقهر ﴿طَآئِفَةً مِّنْهُمْ﴾ من بني إِسْرَائِيل ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَآءَهُمْ﴾ صغَارًا ﴿وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ يستخدمهم كبارًا ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ المفسدين﴾ فِي كفره بِالْقَتْلِ وَالدُّعَاء إِلَى غير عبَادَة الله
﴿وَنُرِيدُ﴾ بإرسال مُوسَى إِلَيْهِم وهلاكهم ﴿أَن نَّمُنَّ﴾ تنزلهم بالنجاة ﴿عَلَى الَّذين استضعفوا﴾ قهروا وهم بَنو إِسْرَائِيل ﴿فِي الأَرْض﴾ أَرض مصر ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ قادة فِي الْخَيْر ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثين﴾ وارثي أَرض مصر
﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ﴾ ونملكهم ﴿فِي الأَرْض﴾ أَرض مصر ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا﴾ جموعهما ﴿مِنْهُمْ﴾ من مُوسَى وَبني إِسْرَائِيل ﴿مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ﴾ من ذهَاب الْملك
﴿وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ مُوسَى﴾ ألهمنا أم مُوسَى يوحانذ بنت لاوي بن يَعْقُوب ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ أَن أرضعي هَذَا الصَّبِي ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾ أَن يضيع ﴿فَأَلْقِيهِ فِي اليم﴾ فاطرحيه فِي التابوت والتابوت فِي الْبَحْر ﴿وَلاَ تَخَافِي﴾ من الْغَرق ﴿وَلاَ تحزني﴾ من الضَّيْعَة أَن لَا يرد إِلَيْك ﴿إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسلين﴾ إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه
﴿فالتقطه﴾ فرفعه ﴿آلُ فِرْعَوْنَ﴾ جواري فِرْعَوْن من بَين المَاء وَالشَّجر فَأَخَذته وذهبن بِهِ إِلَى امْرَأَة فِرْعَوْن ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً﴾ من بعد مَا يَجِيء إِلَيْهِم بالرسالة ﴿وَحَزَناً﴾ بذهاب ملكهم ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ﴾ مُشْرِكين
﴿وَقَالَتِ امْرَأَة فِرْعَوْنَ﴾ آسِيَة بنت مُزَاحم وَكَانَت عمَّة مُوسَى ﴿قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي﴾ هَذَا الْغُلَام ﴿وَلَكَ﴾ يَا فِرْعَوْن ﴿لاَ تَقْتُلُوهُ عَسى أَن ينفعنآ﴾ فِي ضيعتنا ﴿أَو نتخذه ولدا﴾ أَو نتبناه ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ بَنو إِسْرَائِيل لَا يعلمُونَ أَنه لَيْسَ منا وَيُقَال وهم لَا يَشْعُرُونَ أَن هلاكهم على يَدَيْهِ
﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى﴾ صَار قلب أم مُوسَى يوحانذ ﴿فَارِغاً﴾ من كل همّ وَذكر إِلَّا همّ مُوسَى وَذكر مُوسَى ﴿إِن كَادَتْ﴾ قد كَادَت ﴿لَتُبْدِي بِهِ﴾ لتظهر بِهِ تَقول هَذَا ابْني بعد مَا انتسب بِهِ إِلَى فِرْعَوْن
323
﴿لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا﴾ حفظنا ﴿على قَلْبِهَا﴾ بِالصبرِ ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤمنِينَ﴾ من المصدقين بوعد الله أَن يكون من الْمُرْسلين
324
﴿وَقَالَتْ﴾ يَعْنِي أم مُوسَى ﴿لأُخْتِهِ﴾ لأخت مُوسَى تسمى مَرْيَم ﴿قُصِّيهِ﴾ اتبعي أَثَره ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ﴾ بالغلام ﴿عَن جُنُبٍ﴾ عَن بعد ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ لَا يعلمُونَ أَنَّهَا أُخْت مُوسَى
﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ﴾ على مُوسَى ﴿المراضع﴾ ألبان النِّسَاء ﴿مِن قَبْلُ﴾ من قبل مَجِيء أمه ﴿فَقَالَتْ﴾ أُخْت مُوسَى لآل فِرْعَوْن ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ على أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ يرضعون لكم هَذَا الْغُلَام ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ حافظون بالتربية فدلت على أمه
﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا﴾ تطيب نَفسهَا بمُوسَى ﴿وَلاَ تَحْزَنَ﴾ على مُوسَى ﴿وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ الله﴾ فِي رده إِلَيْهَا ﴿حَقٌّ﴾ صدق ﴿وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ﴾ يَعْنِي أهل مصر ﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك وَلَا يصدقون
﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ ثَمَان عشرَة سنة ﴿واستوى﴾ خلقه أَرْبَعِينَ سنة ﴿آتَيْنَاهُ﴾ أعطيناه ﴿حُكْماً﴾ فهما ﴿وَعِلْماً﴾ نبوة ﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ النَّبِيين بالفهم والنبوة وَيُقَال الصَّالِحين بِالْعلمِ وَالْحكمَة
﴿وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة﴾ اشْتِغَال اشْتِغَال ﴿مِّنْ أَهْلِهَا﴾ عِنْد القيلولة وَيُقَال بعد صَلَاة الْمغرب ﴿فَوَجَدَ فِيهَا﴾ فِي الْمَدِينَة ﴿رَجُلَيْنِ﴾ إِسْرَائِيلِيًّا وقبطياً ﴿يَقْتَتِلاَنِ﴾ يتنازعان ويتحاربان بَينهمَا ﴿هَذَا مِن شِيعَتِهِ﴾ من شيعَة مُوسَى الإسرائيلي ﴿وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ﴾ من عَدو مُوسَى القبطي ﴿فاستغاثه الَّذِي مِن شِيعَتِهِ﴾ من شيعَة مُوسَى ﴿عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ من عَدو مُوسَى ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى﴾ فَجمع مُوسَى أَصَابِعه وَقبض عَلَيْهَا فلكزه لكزة ﴿فَقضى عَلَيْهِ﴾ الْمَوْت فَخر مَيتا ﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان﴾ بِأَمْر الشَّيْطَان ﴿إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ﴾ ظَاهر الْعَدَاوَة وَنَدم على قَتله
﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ بقتل النَّفس ﴿فَاغْفِر لِي﴾ ذَنبي تجَاوز عني ﴿فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الغفور﴾ المتجاوز ﴿الرَّحِيم﴾ لمن تَابَ
﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ﴾ مننت عَليّ بالمعرفة والتوحيد وَالْمَغْفِرَة ﴿فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ فَلَا تجعلني عوناً للْمُشْرِكين لفرعون وَقَومه
﴿فَأَصْبَحَ﴾ فَصَارَ ﴿فِي الْمَدِينَة خَآئِفاً﴾ من قتل القبطي ﴿يَتَرَقَّبُ﴾ ينْتَظر مَتى يُؤْخَذ بِهِ ﴿فَإِذَا الَّذِي استنصره﴾ اسْتَعَانَ بِهِ ﴿بالْأَمْس﴾ على القبطي ﴿يَسْتَصْرِخُهُ﴾ يستغيثه على آخر من القبط ﴿قَالَ لَهُ﴾ للإسرائيلي ﴿مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ﴾ مجادل بيّن الْجِدَال وَأَقْبل عَلَيْهِ بالعون
﴿فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ﴾ أَن يَأْخُذ ﴿بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا﴾ القبطي ظن الإسرائيلي أَنه يُريدهُ ﴿قَالَ﴾ أى الإسرائيلى ﴿يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي﴾ الْيَوْم ﴿كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً﴾ قبطياً ﴿بالْأَمْس إِن تُرِيدُ﴾ مَا تُرِيدُ ﴿إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً﴾ قتالاً ﴿فِي الأَرْض﴾ فِي أَرض مصر ﴿وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ المصلحين﴾
324
من المتورعين الآمرين بِالْمَعْرُوفِ والناهين عَن الْمُنكر
325
﴿وَجَآءَ رَجُلٌ﴾ وَهُوَ حزقيل ﴿مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَة﴾ من أَسْفَل الْمَدِينَة وَيُقَال من وسط الْمَدِينَة ﴿يسْعَى﴾ يسْرع ويشتد فى مَشْيه ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأ﴾ أَوْلِيَاء الْمَقْتُول ﴿يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ اتَّفقُوا عَلَيْك ﴿لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُج﴾ من الْمَدِينَة ﴿إِنِّي لَكَ مِنَ الناصحين﴾ من المشفقين
﴿فَخَرَجَ﴾ مُوسَى ﴿مِنْهَا﴾ من الْمَدِينَة ﴿خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ ينْتَظر ويلتفت مَتى يلْحق وَيُؤْخَذ بِهِ ﴿قَالَ﴾ عِنْد ذَلِك ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ أهل مصر
﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ﴾ سَار نَحْو مَدين خَافَ أَن يخطىء الطَّرِيق ﴿قَالَ عَسى﴾ لَعَلَّ ﴿رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي﴾ أَن يرشدني ﴿سَوَآءَ السَّبِيل﴾ قصد الطَّرِيق نَحْو مَدين
﴿وَلَمَّا وَرَدَ﴾ بلغ ﴿مَآءَ مَدْيَنَ﴾ وَهُوَ بِئْر ﴿وَجَدَ عَلَيْهِ﴾ على المَاء ﴿أُمَّةً﴾ جمَاعَة ﴿مِّنَ النَّاس﴾ أَرْبَعِينَ رجلا ﴿يَسْقُونَ﴾ غَنمهمْ ﴿وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ﴾ من ورائهم ﴿امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ﴾ تحبسان غنمهما عَن المَاء من ضعفهما حَتَّى يفرغ الْقَوْم ﴿قَالَ﴾ لَهما مُوسَى ﴿مَا خَطْبُكُمَا﴾ مَا بالكما لَا تسقيان غنمكما ﴿قَالَتَا لاَ نَسْقِي﴾ لَا نقدر أَن نسقي غنمنا ﴿حَتَّى يُصْدِرَ الرعآء﴾ حَتَّى يفرغ الْقَوْم ثمَّ نسقي ﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ لَيْسَ لَهُ أحد يُعينهُ غَيرنَا
﴿فسقى لَهما﴾ فسقى مُوسَى غنمهما وذهبتا إِلَى أَبِيهِمَا فأخبرتا أباهما عَن خبر مُوسَى ﴿ثُمَّ تولى﴾ مُوسَى ﴿إِلَى الظل﴾ ظلّ الشَّجَرَة وَيُقَال ظلّ حَائِط وَيُقَال كن ﴿فَقَالَ﴾ مُوسَى ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ﴾ مَا قدرت لي ﴿مِنْ خَيْرٍ﴾ من طَعَام ﴿فَقِيرٌ﴾ مُحْتَاج
﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهمَا﴾ وهى الصُّغْرَى وسمها صفورا ﴿تَمْشِي عَلَى استحيآء﴾ مُعْتَرضَة رَافِعَة كمها على وَجههَا كمشي العذارى وَاضِعَة يَدهَا على وَجههَا ﴿قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ﴾ ليعطيك ﴿أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ عوض مَا سقيت لنا غنمنا ﴿فَلَمَّا جَآءَهُ﴾ مُوسَى إِلَى أَبِيهَا يثرون بن أخي شُعَيْب وَقد مَاتَ شُعَيْب قبل ذَلِك ﴿وَقَصَّ عَلَيْهِ﴾ على يثرون ﴿الْقَصَص﴾ فراره من فِرْعَوْن وَغير ذَلِك ﴿قَالَ﴾ لَهُ يثرون ﴿لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ أهل مصر
﴿قَالَت إِحْدَاهمَا﴾ وهى الصُّغْرَى ﴿يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرت﴾ من الأجراء هُوَ ﴿الْقوي﴾ على الْحمل الثقيل ﴿الْأمين﴾ على الْأَمَانَة ثمَّ
﴿قَالَ﴾ يثرون لمُوسَى ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ﴾ أزَوجك يَا مُوسَى ﴿إِحْدَى ابْنَتي هَاتَيْنِ على أَن تَأْجُرَنِي﴾ تعْمل لي فِي غنمي ﴿ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ ثَمَان سِنِين ﴿فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً﴾ عشر سِنِين ﴿فَمِنْ عِندِكَ﴾ الزِّيَادَة ﴿وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾ فِي الزِّيَادَة ﴿سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ بِالْوَفَاءِ
﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿ذَلِكَ﴾ الشَّرْط ﴿بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَليْنِ قَضَيْتُ﴾ الثمان أَو الْعشْر ﴿فَلاَ عُدْوَانَ عَليّ﴾ فَلَا سَبِيل لَك وعَلى ﴿وَالله على مَا نَقُولُ﴾ من الشَّرْط وَالْوَفَاء ﴿وَكيل﴾ شَهِيد
﴿فَلَمَّا قضى مُوسَى الْأَجَل﴾
325
عشر سِنِين ﴿وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾ نَحْو مصر ﴿آنَسَ مِن جَانِبِ الطّور نَاراً﴾ رأى عَن يسَار الطَّرِيق نَارا ﴿قَالَ لأَهله امكثوا﴾ أنزلوا هَهُنَا ﴿إِنِّي آنَسْتُ﴾ رَأَيْت ﴿نَاراً لعَلي آتِيكُمْ مِّنْهَا﴾ من عِنْد النَّار ﴿بِخَبَرٍ﴾ عَن الطَّرِيق وَقد كَانَ تحير فِي الطَّرِيق ﴿أَوْ جَذْوَةٍ﴾ قِطْعَة ﴿من النَّار لَعَلَّكُمْ تصطلون﴾ لكى تدنؤا بهَا وَكَانُوا فِي شدَّة من الشتَاء
326
﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودي من شاطئ الْوَادي الْأَيْمن﴾ عَن يَمِين مُوسَى ﴿فِي الْبقْعَة الْمُبَارَكَة﴾ بِالْمَاءِ وَالشَّجر ﴿مِنَ الشَّجَرَة﴾ من نَحْو الشّجر ﴿أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا الله رَبُّ الْعَالمين﴾ سيد الْجِنّ وَالْإِنْس
﴿وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ﴾ من يدك ﴿فَلَمَّا رَآهَا﴾ بَعْدَمَا أَلْقَاهَا ﴿تَهْتَزُّ﴾ تتحرك رَافِعَة رَأسهَا ﴿كَأَنَّهَا جَآنٌّ﴾ حَيَّة لَا صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة ﴿ولى مُدْبِراً﴾ هَارِبا مِنْهَا ﴿وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾ وَلم يلْتَفت إِلَيْهَا قَالَ الله ﴿يَا مُوسَى أَقْبِلْ﴾ إِلَيْهَا ﴿وَلاَ تَخَفْ﴾ مِنْهَا ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمنينَ﴾ من شَرها فَأَخذهَا مُوسَى فَإِذا هِيَ عَصا كَمَا كَانَت قَالَ الله لَهُ
﴿اسلك﴾ أَدخل ﴿يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ فِي إبطك يَا مُوسَى ﴿تَخْرُجْ بَيْضَآءَ﴾ لَهَا ضوء كضوء الشَّمْس ﴿من غير سوء﴾ من غير برص ﴿واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ﴾ أَدخل يدك فِي إبطك بعد ذَلِك ﴿مِنَ الرهب﴾ من الْفرق إِذا أرهبت بهَا النَّاس ﴿فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ﴾ فهاتان حجتان ﴿مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ﴾ قومه ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ كَافِرين مفسدين فِي شركهم
﴿قَالَ﴾ مُوسَى ﴿رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ﴾ بدلهَا
﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً﴾ أبين مني كلَاما وَكَانَ على لِسَان مُوسَى رتة ﴿فَأَرْسِلْهِ مَعِيَ رِدْءاً﴾ معينا ﴿يُصَدِّقُنِي﴾ يعبر عني كَلَامي وَيصدق قولي ﴿إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾ بالرسالة
﴿قَالَ﴾ الله ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ﴾ سنقوي ظهرك ﴿بِأَخِيكَ﴾ هرون ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً﴾ عذرا وَحجَّة مقدم ومؤخر ﴿فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَآ﴾ إِلَى قتلكما ﴿أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما﴾ بِالْإِيمَان والآيات ﴿الغالبون﴾ على فِرْعَوْن وَقَومه
﴿فَلَمَّا جَآءَهُم مُوسَى بِآيَاتِنَا﴾ الْيَد والعصا ﴿بَيِّنَاتٍ﴾ مبينات ﴿قَالُوا﴾ يَا مُوسَى ﴿مَا هَذَا﴾ الَّذِي جئتنا بِهِ ﴿إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى﴾ كذب مختلق من تِلْقَاء نَفسك ﴿وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا﴾ الَّذِي تَقول يَا مُوسَى ﴿فِي آبَآئِنَا الْأَوَّلين﴾ من آبَائِنَا الماضين
﴿وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَآءَ بِالْهدى﴾ بالرسالة والتوحيد ﴿مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّار﴾ الْجنَّة فِي الْآخِرَة ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ﴾ لَا يَأْمَن وَلَا ينجو ﴿الظَّالِمُونَ﴾ الْمُشْركُونَ من عَذَاب الله
﴿وَقَالَ فِرْعَوْن يَا أَيهَا الْمَلأ﴾ يَا رجال أهل مصر ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ﴾ مَا عرفت لكم ﴿مِّنْ إِلَه﴾ إِلَهًا ﴿غَيْرِي﴾ فَلَا تطيعوا مُوسَى ﴿فَأَوْقِدْ لِي﴾ أَي النَّار ﴿يَا هامان عَلَى الطين﴾ فاطبخ لي يَا هامان من الطين آجراً ﴿فَاجْعَلْ لِّي صَرْحاً﴾ قصراً ﴿لعَلي أَطَّلِعُ﴾ أصعد وَأنْظر ﴿إِلَى إِلَه مُوسَى﴾ الَّذِي يزْعم أَنه فِي السَّمَاء وأرسله إِلَيّ ﴿وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبين﴾ لَيْسَ فِي السَّمَاء من إِلَه
﴿واستكبر﴾ تعظم عَن الْإِيمَان ﴿هُوَ﴾ فِرْعَوْن ﴿وَجُنُودُهُ﴾ جموعه القبط ﴿فِي الأَرْض﴾ فِي أَرض مصر ﴿بِغَيْرِ الْحق﴾ بِغَيْر أَن كَانَ لَهُم ذَلِك ﴿وظنوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ﴾ فِي الْآخِرَة
﴿فَأَخَذْنَاهُ﴾ يَعْنِي فِرْعَوْن بكلمته الأولى أَنا ربكُم الْأَعْلَى وَالْأُخْرَى مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي ﴿وَجُنُودَهُ﴾ جموعه القبط ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليم﴾ فألقيناهم فطرحانهم فِي الْبَحْر ﴿فَانْظُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمين﴾ آخر أَمر الْمُشْركين فِرْعَوْن وَقَومه
﴿وَجَعَلْنَاهُمْ﴾ خذلناهم ﴿أَئِمَّةً﴾ قادة إِلَى الْكفَّار والضلال ﴿يَدْعُونَ إِلَى النَّار﴾ إِلَى الْكفْر والشرك وَعبادَة الْأَوْثَان ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَة لاَ يُنصَرُونَ﴾ لَا يمْنَعُونَ من عَذَاب الله
﴿وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً﴾ أهلكناهم فِي الدُّنْيَا بِالْغَرَقِ ﴿وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ المقبوحين﴾ سود الْوُجُوه وزرق الْأَعْين
﴿وَلَقَد آتَيْنَا﴾ أعطينا ﴿مُوسَى الْكتاب﴾ يَعْنِي التَّوْرَاة ﴿مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا الْقُرُون الأولى﴾ من قبل مُوسَى ﴿بَصَآئِرَ﴾ بَيَانا ﴿لِلنَّاسِ﴾ لبني إِسْرَائِيل ﴿وَهدى﴾ من الضَّلَالَة ﴿وَرَحْمَة﴾ لمن آمن بِهِ ﴿لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ لكَي يتعظوا فيؤمنوا بِهِ
﴿وَمَا كُنتَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِجَانِبِ الغربي﴾ الْجَبَل ﴿إِذْ قَضَيْنَآ إِلَى مُوسَى الْأَمر﴾ حَيْثُ أمرنَا مُوسَى الْإِتْيَان إِلَى فِرْعَوْن ﴿وَمَا كنتَ مِنَ الشَّاهِدين﴾ من الْحَاضِرين هُنَاكَ
﴿وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا﴾ خلقنَا ﴿قُرُوناً﴾ قرنا بعد قرن وبيّنا قصَّة الأول للْآخر كَمَا بيّنا لَك ﴿فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمر﴾ الْأَجَل فَلم يُؤمنُوا فأهلكناهم قرنا بعد قرن ﴿وَمَا كُنتَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿ثاويا﴾ مُقيما ﴿فِي أهل مَدين تتلو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ تقْرَأ على قَوْمك أياتنا الْقُرْآن تخبرهم ﴿وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ الرُّسُل إِلَى الْقُرُون الأولى وبيّنا قصَّة الأول للْآخر كَمَا بيّنا لَك قصَّة الْأَوَّلين
﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطّور﴾ جبل زبير ﴿إِذْ نَادَيْنَا﴾ حَيْثُ كلمنا مُوسَى وَيُقَال إِذْ نادينا أمتك ﴿وَلَكِن﴾ علمناك وأرسلناك ﴿رَّحْمَةً﴾ نعْمَة ومنة ﴿مِّن رَّبِّكَ﴾ إِذْ أرسل إِلَيْك جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ بأخبار الْأُمَم ﴿لِتُنذِرَ قَوْماً﴾ لكَي تخوف قوما بِالْقُرْآنِ ﴿مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ﴾ لم يَأْتهمْ رَسُول مخوف ﴿مِّن قَبْلِكَ﴾ يَعْنِي قُريْشًا ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ لكَي يتعظوا فيؤمنوا
﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ﴾ وَلَوْلَا أَن يُصِيب قَوْمك قُريْشًا عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ بِمَا اكتسبوا فِي كفرهم ﴿فَيَقُولُواْ﴾ عِنْد نزُول الْعَذَاب بهم يَوْم الْقِيَامَة ﴿رَبَّنَا﴾ يَا رَبنَا ﴿لَوْلَا﴾ هلا ﴿أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً﴾ مَعَ الْكتاب قبل الْعَذَاب ﴿فَنَتِّبِعَ آيَاتِكَ﴾ كتابك وَرَسُولك ﴿وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤمنِينَ﴾
327
بِالْكتاب وَالرَّسُول لأهلكناهم قبلك وَلَكِن أَرْسَلْنَاك إِلَيْهِم بِالْقُرْآنِ لكَي لَا يكون لَهُم حجَّة علينا
328
﴿فَلَمَّا جَاءَهُم الْحق﴾ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ ﴿مِنْ عِندِنَا قَالُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿لَوْلَا أُوتِيَ﴾ هلا أعْطى مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَعْنِي الْيَد والعصا والمن والسلوى وَالْقُرْآن جملَة ﴿مثل مَا أُوتِيَ﴾ أعْطى ﴿مُوسَى﴾ بِزَعْمِهِ ﴿أَو لم يَكْفُرُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿بِمَآ أُوتِيَ مُوسَى﴾ أعطي مُوسَى ﴿من قبل﴾ من قبل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي التَّوْرَاة ﴿قَالُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿سِحْرَانِ﴾ يَعْنِي التَّوْرَاة وَالْقُرْآن ﴿تَظَاهَرَا﴾ تعاونا ﴿وَقَالُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿إِنَّا بِكُلٍّ﴾ بِالتَّوْرَاةِ وَالْقُرْآن ﴿كَافِرُونَ﴾ جاحدون
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ الله هُوَ أهْدى﴾ أصوب ﴿مِنْهُمَآ﴾ من التَّوْرَاة وَالْقُرْآن ﴿أَتَّبِعْهُ﴾ أعمل بِهِ ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَن التَّوْرَاة وَالْقُرْآن سحران تظاهرا فَلم يقدروا أَن يَأْتُوا
قَالَ الله ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ﴾ فَإِن لم يجيبوك الظلمَة بِمَا سَأَلتهمْ ﴿فَاعْلَم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ﴾ بالْكفْر والشرك وَعبادَة الْأَوْثَان ﴿وَمَنْ أَضَلُّ﴾ أكفر عَن الْحق وَالْهدى ﴿مِمَّنْ اتبع هَوَاهُ﴾ بالْكفْر والشرك وَعبادَة الْأَوْثَان ﴿بِغَيْرِ هُدىً مِّنَ الله﴾ بِغَيْر حجَّة وَبَيَان من الله ﴿إِنَّ الله لاَ يَهْدِي﴾ لَا يرشد إِلَى دينه ﴿الْقَوْم الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين أَبَا جهل وَأَصْحَابه
﴿وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل﴾ بَينا لَهُم الْقُرْآن بِالتَّوْحِيدِ ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ لكَي يتعظوا بِالْقُرْآنِ فيؤمنوا
﴿الَّذين آتَيْنَاهُمُ الْكتاب﴾ أعطيناهم علم التَّوْرَاة ﴿مِن قبله﴾ من قبل مجىء مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن يَعْنِي عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه نَحْو أَرْبَعِينَ رجلا مِنْهُم من جَاءَ من الشَّام وَمِنْهُم من جَاءَ من الْيمن ﴿هُم بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ يوقنون
﴿وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ يقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن بنعت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصفته ﴿قَالُوا آمنا بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿إِنَّهُ الْحق مِن رَّبِّنَآ إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ﴾ من قبل قِرَاءَة الْقُرْآن علينا ﴿مُسلمين﴾ مقرين بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿أُولَئِكَ﴾ أهل هَذِه الصّفة ﴿يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ﴾ يُعْطون ثوابهم ضعفين ﴿بِمَا صَبَرُواْ﴾ على أَذَى الْكفَّار وطعنهم مَتى بينوا صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعته فِي كِتَابهمْ ودخلوا فِي دين مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ﴿ويدرؤون بِالْحَسَنَة السَّيئَة﴾ يدْفَعُونَ بالْكلَام الْحسن بِلَا إِلَه إِلَّا الله الْكَلَام الْقَبِيح الشّرك من غَيرهم ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ أعطيناهم من الْأَمْوَال ﴿يُنفِقُونَ﴾ يتصدقون
﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللَّغْو﴾ الْبَاطِل يَعْنِي طعنة الْكفَّار عَلَيْهِم ﴿أَعْرَضُواْ عَنْهُ﴾ كراماً ﴿وَقَالُواْ﴾ مَعْرُوفا ﴿لَنَآ أَعْمَالُنَا﴾ عبَادَة الله وَدين الْإِسْلَام ﴿وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ﴾ عَلَيْكُم أَعمالكُم عبَادَة الْأَوْثَان وَدين الشَّيْطَان الشّرك بِاللَّه ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾ هدَاكُمْ الله ﴿لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلين﴾ لَا نطلب دين الْمُشْركين بِاللَّه
﴿إِنَّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لاَ تَهْدِي﴾ لَا تعرف ﴿مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ إيمَانه يَعْنِي أَبَا طَالب ﴿وَلَكِن الله يَهْدِي﴾ يوفق ويرشد وَيعرف ﴿مَن يَشَآءُ﴾ لدينِهِ أَبَا بكر وَعمر وأصحابهما ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين﴾ لدينِهِ
﴿وَقَالُوا﴾ حَارِث بن عَمْرو النوفلى وَأَصْحَابه ﴿إِن نَّتَّبِعِ الْهدى﴾ التَّوْحِيد ﴿مَعَكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿نتخطف﴾ نطرد ﴿من أَرْضنَا﴾ مَكَّة ﴿أَو لم نُمَكِّن لَّهُمْ﴾ ننزلهم ونجعل لَهُم ﴿حَرَماً آمِناً﴾ من أَن يهاج فِيهِ ﴿يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كل شَيْء﴾ يحمل إِلَيْهِ ألون كل شىء مِمَّن الثمرات ﴿رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا﴾ طَعَاما لَهُم من عندنَا فَكيف أسلط عَلَيْهِم الْكفَّار إِن آمنُوا ﴿وَلَكِن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك وَلَا يصدقون
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ﴾ من أهل قَرْيَة
328
﴿بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ كفرت بمعيشتها ﴿فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ﴾ مَنَازِلهمْ ﴿لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد هلاكهم ﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ مِنْهَا يسكنهَا المسافرون وسائرها خراب ﴿وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثين﴾ المالكين على مَا ملكوا وَتركُوا بعد هلاكهم
329
﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقرى﴾ أهل الْقرى ﴿حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا﴾ فِي أعظمها مَكَّة وَيُقَال إِلَى عظمائها وكبرائها ﴿رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقرى﴾ أهل الْقرى ﴿إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ مشركون
﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ﴾ مَا أعطيتم من المَال والخدم يَا معشر قُرَيْش ﴿فَمَتَاعُ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ كمتاع الْحَيَاة الدُّنْيَا الخزف والزجاج ﴿وَزِينَتُهَا﴾ زهرتها لَا تبقى هَذِه الزهرة ﴿وَمَا عِندَ الله﴾ لمُحَمد وَأَصْحَابه فِي الْجنَّة ﴿خَيْرٌ﴾ أفضل ﴿وَأبقى﴾ أدوم لكم فِي الدُّنْيَا ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ أفليس لكم ذهن الإنسانية إِن الدُّنْيَا فانية وَالْآخِرَة بَاقِيَة
﴿أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً﴾ يَعْنِي الْجنَّة وَهُوَ مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأَصْحَابه وَيُقَال هُوَ عُثْمَان بن عَفَّان ﴿فَهُوَ لاَقِيهِ﴾ معاينه فِي الْآخِرَة ﴿كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أعطيناه المَال والخدم فِي الدُّنْيَا يَعْنِي أَبَا جهل بن هِشَام ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَة مِنَ المحضرين﴾ من الْمُعَذَّبين فِي النَّار
﴿وَيَوْمَ﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿يُنَادِيهِمْ﴾ الله يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه ﴿فَيَقُول﴾ الله عز وَجل ﴿أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ تَعْبدُونَ وتقولون إِنَّهُم شركائى
﴿قَالَ الَّذين حَقَّ عَلَيْهِمُ﴾ وَجب عَلَيْهِم ﴿القَوْل﴾ بالسخط وَالْعَذَاب وهم الرؤساء ﴿رَبَّنَا﴾ يَا رَبنَا ﴿هَؤُلَاءِ﴾ السفلة ﴿الَّذين أَغْوَيْنَآ﴾ أضللنا ﴿أَغْوَيْنَاهُمْ﴾ أضللناهم عَن الْحق وَالْهدى ﴿كَمَا غَوَيْنَا﴾ ضللنا عَن الْحق وَالْهدى ﴿تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ﴾ مِنْهُم ﴿مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ﴾ بأمرنا
﴿وَقِيلَ ادعوا شُرَكَآءَكُمْ﴾ آلِهَتكُم حَتَّى يمنعوكم من عَذَاب الله ﴿فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ﴾ فَلم يجيبوهم بِرَفْع عَذَاب الله عَنْهُم ﴿وَرَأَوُاْ الْعَذَاب﴾ القادة والسفلة ﴿لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ﴾ تمنوا لَو أَنهم كَانُوا فِي الدُّنْيَا على الْحق وَالْهدى
﴿وَيَوْمَ﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿يُنَادِيهِمْ﴾ الْكفَّار ﴿فَيَقُولُ﴾ الله لَهُم ﴿مَاذَآ أَجَبْتُمُ الْمُرْسلين﴾ بِمَا دعوكم
﴿فَعَمِيَتْ﴾ فالتبست ﴿عَلَيْهِمُ الأنبآء﴾ الْأَخْبَار والإجابة ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ﴾ لَا يجيبون
﴿فَأَمَّا مَن تَابَ﴾ من الْكفْر ﴿وَآمَنَ﴾ بِاللَّه ﴿وَعمل صَالحا﴾ خَالِصا فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿فَعَسَى﴾ وَعَسَى من الله وَاجِب ﴿أَن يَكُونَ مِنَ المفلحين﴾ من الناجين من السخط وَالْعَذَاب
﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ﴾ كَمَا يَشَاء ﴿وَيَخْتَارُ﴾ من خلقه بِالنُّبُوَّةِ من يَشَاء يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿مَا كَانَ لَهُمُ﴾ لأهل مَكَّة ﴿الْخيرَة﴾ الِاخْتِيَار ﴿سُبْحَانَ الله﴾ نزه نَفسه ﴿وَتَعَالَى﴾ تَبرأ ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ بِهِ من الْأَوْثَان
﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ﴾ مَا تضمر قُلُوبهم من البغض والعداوة ﴿وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ مَا يظهرون من الْمعاصِي
﴿وَهُوَ الله لَا إِلَه إِلاَّ هُوَ﴾ لَا ولد لَهُ وَلَا شريك لَهُ
329
﴿لَهُ الْحَمد﴾ لَهُ الشُّكْر ﴿فِي الأولى وَالْآخِرَة﴾ على أهل الأَرْض وَالسَّمَاء وَيُقَال لَهُ الْحَمد والْمنَّة وَالْفضل وَالْإِحْسَان فِي الأولى وَالْآخِرَة على أهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ﴿وَلَهُ الحكم﴾ الْقَضَاء بَينهم ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بعد الْمَوْت
330
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ مَا تَقولُونَ يَا معشر الْكفَّار ﴿إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اللَّيْل﴾ إِن ترك الله عَلَيْكُم اللَّيْل مظلماً ﴿سَرْمَداً﴾ دَائِما ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة﴾ لَا نَهَار فِيهِ ﴿مَنْ إِلَه غَيْرُ الله﴾ سوى الله ﴿يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ﴾ بنهار ﴿أَفَلاَ تَسْمَعُونَ﴾ أَفلا تطيعون من جعل لكم اللَّيْل وَالنَّهَار
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد أَيْضا ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ مَا تَقولُونَ ﴿إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ﴾ إِن ترك الله عَلَيْكُم ﴿النَّهَار سَرْمَداً﴾ دَائِما ﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة﴾ لَا ليل فِيهِ ﴿مَنْ إِلَه غَيْرُ الله﴾ سوى الله ﴿يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ﴾ تستقرون فِيهِ ﴿أَفلاَ تُبْصِرُونَ﴾ أَفلا تصدقُونَ من جعل لكم خلق اللَّيْل وَالنَّهَار
﴿وَمِن رَّحْمَتِهِ﴾ نعْمَته ﴿جَعَلَ لَكُمُ﴾ خلق لكم ﴿اللَّيْل وَالنَّهَار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ لتستقروا فِي اللَّيْل ﴿وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ لكَي تَطْلُبُوا بِالنَّهَارِ فَضله بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ لكَي تشكروا نعْمَته عَلَيْكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار
﴿وَيَوْمَ﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ تَقولُونَ إِنَّهُم شركائي
﴿وَنَزَعْنَا﴾ أخرجنَا ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً﴾ نَبيا يشْهد عَلَيْهِم بالبلاغ وَهُوَ نَبِيّهم الَّذِي كَانَ فيهم فِي الدُّنْيَا ﴿فَقُلْنَا هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ﴾ حجتكم لماذا رددتم على الرُّسُل ﴿فَعَلمُوا﴾ علم كل أمة ﴿أَنَّ الْحق لِلَّهِ﴾ أَن عبَادَة الله وَدين الله الْحق وَأَن الْقَضَاء فيهم لله ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ﴾ اشْتغل عَنْهُم بِأَنْفسِهِم ﴿مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ يعْبدُونَ بِالْكَذِبِ
﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى﴾ ابْن عَم مُوسَى ﴿فبغى عَلَيْهِمْ﴾ فتطاول على مُوسَى وَهَارُون وقومهما فَقَالَ لمُوسَى الرسَالَة ولهارون الحبورة وَلست فِي شَيْء لَا أرْضى بِهَذَا ورد على مُوسَى نبوته ﴿وَآتَيْنَاهُ﴾ أعطيناه ﴿مِنَ الْكُنُوز﴾ يَعْنِي الْأَمْوَال ﴿مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ﴾ مَفَاتِيح خزائنه ﴿لَتَنُوءُ بالعصبة﴾ لتثقل بِالْجَمَاعَة ﴿أُوْلِي الْقُوَّة﴾ ذَوي الْقُوَّة وهم أَرْبَعُونَ رجلا يحملون مَفَاتِيح خزانته ﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ﴾ قوم مُوسَى ﴿لاَ تَفْرَحْ﴾ لَا تبطر بِالْمَالِ وتشرك ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين﴾ البطرين فِي المَال
﴿وابتغ﴾ اطلب ﴿فِيمَآ آتَاكَ الله﴾ بِمَا أَعْطَاك الله بِالْمَالِ ﴿الدَّار الْآخِرَة﴾ يَعْنِي الْجنَّة ﴿وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ لَا تتْرك نصيبك من الْآخِرَة بنصيبك من الدُّنْيَا وَيُقَال لَا تنقص نصيبك من الدُّنْيَا بِمَا أنفقت وَأعْطيت للآخرة ﴿وَأَحْسِن﴾ إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ﴿كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ﴾ بِالْمَالِ ﴿وَلاَ تَبْغِ الْفساد فِي الأَرْض﴾ لَا تعْمل بِالْمَعَاصِي وَخلاف أَمر الرَّسُول مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المفسدين﴾ بِالْمَعَاصِي
﴿قَالَ﴾ قَارون ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ﴾ أَعْطَيْت هَذَا المَال الذى أَعْطَيْت ﴿على علم عِنْدِي﴾ على مَا علم الله أَنِّي أهل لذَلِك وَيُقَال يصنع الذَّهَب بالكيمياء ﴿أَو لم يَعْلَمْ﴾ قَارون ﴿أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُون﴾ الْمَاضِيَة ﴿مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً﴾ بِالْبدنِ ﴿وَأَكْثَرُ جَمْعاً﴾ مَالا ورجالاً ﴿وَلَا يسْأَل عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون﴾ الْمُشْركُونَ يَوْم الْقِيَامَة كل يعرف بسيماه
﴿فَخَرَجَ﴾ قَارون ﴿على قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾
330
الَّتِي كَانَت لَهُ من الْخَيل وَالْبِغَال والغلمان والجواري وحلي الذَّهَب وَالْفِضَّة وألوان السِّلَاح وَالثيَاب ﴿قَالَ الَّذين يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ وهم الراغبون ﴿يَا لَيْت لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ﴾ أعطي ﴿قَارُونُ﴾ من المَال ﴿إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ نصيب كثير
331
﴿وَقَالَ الَّذين أُوتُواْ الْعلم﴾ أعْطوا علم الزّهْد والتوكل وهم الزاهدون قَالُوا للراغبين ﴿وَيْلَكُمْ﴾ ضيق الله عَلَيْكُم الدُّنْيَا ﴿ثَوَابُ الله خَيْرٌ﴾ فِي الْجنَّة أفضل ﴿لِّمَنْ آمَنَ﴾ بِاللَّه وبموسى ﴿وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ خَالِصا فِيمَا بَينه وَبَين ربه ﴿وَلاَ يُلَقَّاهَآ﴾ لَا يعْطى الْجنَّة ﴿إِلاَّ الصَّابِرُونَ﴾ على أَمر الله والمرازي وَيُقَال لَا يوفق للكلمة الطّيبَة الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر إِلاَّ الصَّابِرُونَ على أَمر الله والمرازي
﴿فَخَسَفْنَا بِهِ﴾ بقارون ﴿وَبِدَارِهِ﴾ بمنزله ﴿الأَرْض﴾ غارت بِهِ الأَرْض ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ﴾ من جمَاعَة وجند ﴿يَنصُرُونَهُ﴾ يمنعونه ﴿مِن دُونِ الله﴾ من عَذَاب الله حِين نزل بِهِ ﴿وَمَا كَانَ مِنَ المنتصرين﴾ الممتنعين بِنَفسِهِ من عَذَاب الله
﴿وَأَصْبَحَ﴾ صَار ﴿الَّذين تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ﴾ قدره ومنزلته وَمَاله ﴿بالْأَمْس يَقُولُونَ﴾ بَعضهم لبَعض ﴿وَيْكَأَنَّ الله﴾ لَيْسَ كَمَا قَالَ قَارون إِن هَذَا المَال بصنعي وَلَكِن الله ﴿يَبْسُطُ﴾ يُوسع ﴿الرزق﴾ المَال ﴿لمن يشآء﴾ على من يَشَاء ﴿من عباده﴾ وَهُوَ مكر مِنْهُ كَمَا كَانَ لقارون ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يقتر على من يَشَاء وَهُوَ نظر مِنْهُ ﴿لَوْلَا أَن مَّنَّ الله عَلَيْنَا﴾ فَمنع عَنَّا مَا أعطَاهُ ﴿لَخَسَفَ بِنَا﴾ غارت بِنَا الأَرْض كَمَا خسف بقارون ﴿وَيْكَأَنَّهُ﴾ وَأَنه وَالْيَاء وَالْكَاف صلَة فِي الْكَلَام ﴿لاَ يُفْلِحُ﴾ لَا ينجو وَلَا يَأْمَن ﴿الْكَافِرُونَ﴾ من عَذَاب الله
﴿تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة﴾ الْجنَّة ﴿نَجْعَلُهَا﴾ نعطيها ﴿لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً﴾ عتواً وتكبراً ﴿فِي الأَرْض﴾ بِالْمَالِ ﴿وَلاَ فَسَاداً﴾ بالنقش والتصاوير والمعاصي ﴿وَالْعَاقبَة﴾ الْجنَّة ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ الْكفْر والشرك والعلو وَالْفساد فِي الأَرْض
﴿مَن جَآءَ بِالْحَسَنَة﴾ بِلَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً بهَا ﴿فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا﴾ فَلهُ مِنْهَا خير ﴿وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ﴾ بالشرك بِاللَّه ﴿فَلاَ يُجْزَى الَّذين عَمِلُواْ السَّيِّئَات﴾ فِي الشّرك بِاللَّه ﴿إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ النَّار
﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآن﴾ نزل عَلَيْك جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ ﴿لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ إِلَى مَكَّة وَيُقَال الْجنَّة ﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿رَبِّي أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِالْهدى﴾ بِالتَّوْحِيدِ وَالْقُرْآن ﴿وَمَنْ هُوَ فِي ضلال مُبين﴾ فِي كفر بَين وَخطأ بَين
﴿وَمَا كنت﴾ يَا مُحَمَّد ﴿ترجو أَن يلقى إِلَيْكَ الْكتاب﴾ أَن ينزل عَلَيْك جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ وَتَكون نَبيا ﴿إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ وَلَكِن منَّة وكرامة من رَبك إِذْ أرسل عَلَيْك جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ وجعلك نَبيا ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهيراً﴾ عوناً ﴿لِّلْكَافِرِينَ﴾ بالْكفْر
﴿وَلاَ يَصُدُّنَّكَ﴾ لَا يصرفنك ﴿عَنْ آيَاتِ الله﴾ الْقُرْآن ﴿بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ﴾ جِبْرِيل بهَا ﴿وادع إِلَى رَبِّكَ﴾ إِلَى تَوْحِيد رَبك وَكتاب رَبك ﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْركين﴾ مَعَ الْمُشْركين على دينهم مِنْهُم
﴿وَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ﴾ لَا تعبد من دون الله أحدا وَلَا تدع الْخلق إِلَى أحد دون الله ﴿لاَ إِلَه إِلاَّ هُوَ﴾ وَحده لَا شريك لَهُ ﴿كُلُّ شَيْءٍ﴾ كل عمل لغير وَجه الله ﴿هَالِكٌ﴾ مَرْدُود ﴿إِلاَّ وَجْهَهُ﴾ إِلَّا مَا ابْتغى بِهِ وَجهه وَيُقَال كل وَجه متغير إِلَّا وَجهه وكل ملك زائل إِلَّا ملكه ﴿لَهُ الحكم﴾ الْقَضَاء بَين خلقه ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بعد الْمَوْت فيجازيكم بأعمالكم
331
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا العنكبوت وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها سبع وَسَبْعُونَ آيَة وكلماتها سَبْعمِائة وَثَمَانُونَ كلمة وحروفها أَرْبَعَة آلَاف وَمِائَة وَخَمْسَة وَأَرْبَعُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
332
Icon